For anyone who hurt my mother - 06
هل يعلم أحدكم أن أسوأ شعور هو الندم؟ …
أجل هذه الحقيقة… ندمت لأني لم أهرب من مصيري في حين كنت قادرة على ذلك..
والأسوأ هو ندمي على شيء أنا موقنة بأني لم أقترفه ولكنني أُكَبِلُ نفسي بسلسلة الأكاذيب…
إيزيل 🍁🍁🍁
💠💠💠💠💠
كم شخصا استطاع اخفاء مشاعر الخوف لديه؟ وكم شخصا ارتدى أقنعة اللامبالاة مخبئا خوفا يأكل دواخله؟ … لماذا؟؟؟… لماذا على الفرد أن يتهرب من حقيقته وراء أقنعة كاذبة؟ لماذا عليه أن يقف على حافة الأكاذيب؟ … تلك الفئة كانت تتهرب من ضعفها…وفي الحقيقة هو ليس ضعفا بل قوة …. إظهار الخوف لخصمك يعد خسارة في معركة لم تبدأ حتى الآن… ليس الجميع قادرا على وضع قناع البرود والتمسك بالقوة وهو يتحدث بثقة وإنش في قلبه يعد خوفا من القادم….
كل فرد يملك في داخله جزء من الخوف …ويكذب من قال بأنه ليس له خوف في الحياة… ربما يظنون ذلك ليظهر لهم في النهاية مركز خوفهم …. لكن هي لم تخف من الموت…ولم تخف من قول كلام خاطئ لشخص ذو مكانة… ولم تخف من وحش شيطاني كاد يبتلعها…ولم تخف من والدها الذي كان يعذبها …. فخوفها مختلف …. تخاف أن يحدث ما حدث لوالدتها مجددا… تخاف أن يموت أحد آخر ويتركها وحيدة… ربما الوحدة هي مركز الهمّ…. لكن ما هي متأكدة منه أنها خائفة من موت من تحبهم….
إيميلي الأخت الكبرى بالنسبة لها… آخر من تبقى لها من عائلتها …ربما لم تدرك ذلك إلا مؤخرا لكن ابتسامتها تحل بعض الدفء والطمأنينة على قلبها… كانت طفلة ولكنها حملت كمّا عظيما من المشاعر وهي تركض الآن بكل ما أوتيت من قوة للأمام … تساؤلات أطلت عليها لم تعلم جوابها …. كيف حالها؟ هل هي بخير؟ هل هي تتألم؟ …
لقد سمعت من الجميع أنها بخير وأكد هيروك لها ذلك لكن الآن ورغم ردودها الباردة وتعابيرها التي بدت وكأنها لا تهتم لأحد.. لكنها الآن تملئها مشاعر كبيرة… وجهها الآن كان يحمل ألف كلمة يقولها على مرأى الخدم الذين ينظرون إليها تهرول للأمام غير مبالية بهم وبنظراتهم، لكن بالنسبة لهم بدت ردة فعلها طبيعية جدا…. لم تستمع للكلمات المحذرة لليز والخادمة الأخرى التي كانت تقودها…. لم تصغي لهم بل لم تستطع تميز كلماتهم من شرودها الكبير في أفكارها السلبية ومنها ما هو إيجابي..
ما إن وصلت للغرفة المقصودة حتى دفعت الباب على عجل، كان على مرئ من عينيها بعض الخدم الواقفين ينظرون بنظرات مصدومة ورجل في منتصف العمر بنظرات طبية يحمل حقيبة معه ثم سيلفيا التي كانت بجانب إيميلي على السرير…. لم تهتم لأحد فقط نظرت لإيميلي بصمت…. ولم تركز في هويتهم هي فقط ركزت لمن جاءت لأجله إلى هنا….
“إيزي ، هل أنت بخير؟”
سألت سيلفيا بقلق وهي تنظر لإيزيل التي كان العرق ينصب من على جبينها…. لم تكن تدرك في البداية ما معنى منظر إيزيل الذي كان مبعثرا والعرق مغطى على جبهتها سامحا لبعض خصلات شعرها أن يلتصق على جبينها… عيونها القرمزية الحمراء تنظر للجميع بتمعن إلى أن وصلت لإيميلي لترتجف فور رؤيتها على السرير… في النهاية التزمت صمتا لقراءتها الوضع ورقت عينيها تنتظر ردة فعلها…
“آنسـ…”
لم يهم كيف ولكنها اندفعت نحوها تخرسها بعناق قوي وجسدها يرتجف… لا أحد يفهم ما يجري… ولا أحد يعلم ما تخبئه هاته الطفلة من مشاعر… هي فقط طفلة صغيرة ولكنها غامضة…. وكما تعلمون دائما ما يكون هذا الكلام متبوعا بلكن…. وكما يصيغ الشخص أحاسيس الفرد عن طريق شيء يدعى الفلسفة… فإن ما يوقن به المشاهد في هاته الحالة أن الخوف تغلب على طفلة بدت باردة المشاعر….. هي لطالما كانت هادئة وباردة أحيانا ولم تبك يوما في أحلك أيام حياتها حينما كانت في ذلك المكان لكنها الآن أصبحت هشة… ربما فكرة الفقدان هي ما جعلتها هكذا … لكنها انفجرت الآن…انفجرت بمشاعر كبيرة لا تليق بطفل كان عليه تجربة فصل من البراءة …. مشاعر وبكاء صامت لم يسمع أحد شهقة أو حتى صوت نحيب رقيق …فقط الدموع هي ما سمحت لإيميلي بالتعرف على ذلك …دموع إيزيل التي بللت ملابسها… لم تعلم ما تقول فبادلتها عناقا كمثلها…. وهمست بصوت لا تسمعه سوى الأخرى ولم يخفى ذلك على سيلفيا القريبة منها:
“أنا آسفة آنستي”
كلماتها كانت كفيلة بجعل إيزيل تتوقف عن البكاء تماما، وأمسكتها من أكتافها سريعا ولتبتعد عنها قليلا ثم نظرت الى عينيها وقالت بصرامة بين دموعها التي بللت وجهها ورموشها السوداء الطويلة جاعلة من بشرتها تتلألأ وسط سطوع الشمس على الغرفة:
“إياك و التفكير بشيء غبي مرة أخرى و تضحي بنفسك من أجلي أبدا”
كلماتها الصارمة …
نبرتها القوية …
وعبارتها المعاتبة …أذهل كل هذا جميع المتفرجين في الغرفة على منظر الاثنتين …بدت كلمات نهائية للجميع كأمر وانتهى لكن الأمر لم يكن هكذا لإيميلي التي قالت والجدية بين عينيها:
“من واجبي حمايتكِ كأخت كبر-….”
“ليس على حساب حياتك”
صراخ صدح في المكان جاعلا من الجميع يتوقف عن التنفس لوهلة، والأمر نفسه ينطبق على إيميلي التي اندهشت قليلا لتغمض عينيها بقوة وتسمع كلمات إيزيل التالية والتي لم تقل نبرة صوتها عن سابقتها:
“ألا يكفيني كون أمي قد رحلت بالفعل ، أنا لا أتحمل أن أراك ترحلين بعدها ، لا أريد أن أبقى وحيدة تعيسة الحظ ، لا أريد من الموجودين حولي أن يموتوا”
تنفست قليلا لتبلع الغصة التي تراكمت في حلقها وأضافت تقول بعتاب شديد:
“ايميلي ، تذكري جيدا أنك و هيروك فقط من بقيتم بجانبي ، أنتما عائلتي المتبقية”
انفتحت عينا إيميلي على نطاق واسع وأخفضت نظرها للأسفل…كانت تعلم بأن ما فعلته كان خاطئا وكانت تعلم جيدا بأن ما فعلته قد يدمر الأخرى بدل أن ينقذها.. لكنها لم تستطع أن تراها تقتل أمام عينيها ولا تفعل شيئا.. عضت شفتها السفلى محاولة ابعاد الألم الذي تشكل في حلقها لتحاول بجهدها أن تخرج صوتا ثابتا قائلة:
“آسفة…. أنا آسفة حقا.. في تلك اللحظة التي رأيت فيها أولئك الملثمين الشيء الوحيد الذي فكرت به هو حمايتك “
امتلأت عيناها بالدموع وها هي الآن تثبت فشلها بالتحكم في مشاعرها مضيفة باستسلام لنبرتها المرتجفة:
“كنت خائفة من فقدانك في تلك اللحظة ، كرهت اللحظة التي أحسست بالظلام يطغى على عيني ، كرهت فكرة أن أغادر هذه الحياة و لم أنفعك بشيء … أنا آسفة…أنا حقا آسفة …سامحيني أرجوكِ… “
تدفقت الدموع سامحة للعبَرَات أن تلمس وجنتيها… سامحة لمشاعرها بالتدفق كما يحلوا لها …شعرت إيزيل بمرارة في فمها لمنظر الأخرى الذي أمامها فاحتضنتها في وسط بكائها… وكان هذا الحضن دافعا ليجعل شهقات إيميلي تصل لمسامع الجميع …
أما هي مسحت دموعها وعينيها تلمع كحدة السيف.. وغاب الشعور عنها في الأزل.. توقفت حصونها بتدمير صفاءها… بكاء الأعزاء وألم من نحبهم جعلها تدرك بأن الثأر واجب ولا جدَلْ …. تجمعت ألف خطة في خيالها …لتدمير من سببوا دمعة أثمن من الذهب …ابتسامة رُسِمَتْ وخَلْفَهَا أَلَمْ …لَمْ تدرك إلا ورأتها بأعينها تمحى لتغلف وجهها بألم منكسر…أدركت أن قسما عليها بطلب قوة شاءت أم أبت …الثأر أولى من حياة تم أخذها كالعبر …
أبعدتها ومسحت دموع الألم مناظرة إياها بعيون تخلت المشاعر عن مكان فيها:
“ايميلي ، لا تبكي أبدا ، نحن سنرد لهم أضعافا مضاعفة ، حسنا؟”
“…. حسنا …. سنفعل”
مشهد كان كالمسرح العتيق مؤثرا على المُشَاهِد في مشهد الذروة …لكن المصيبة أن هؤلاء لم يكونوا ممثلين بل كانوا أطفالا عاشوا واقعا قاسي لا يستحقون منه شيئا….
“بالتأكيد سوف ننتقم منهم”
“خالتي جيون أنت هنا؟؟؟”
التفتت حيث الصوت المؤيد والحازم مدركة بأنها غفلت عن الأفراد المجتمعين بينهم…لتلاحظ وجود خالتها أخيرا…. ضحكت سيلفيا بخفة وأردفت:
“كنت هنا منذ البداية و لكنك لم تشعري بي”
شعرت إيزيل ببعض الحرج وأبعدت وجهها بعيدا عنها …لم تحتمل سيلفيا لطافتها لتبتسم بخفة والتفتت إلى بقية الخدم لتحدثهم بلطف:
“أتركونا وحدنا”
“حاضر سيدتي”
ما إن سمعوا الأمر حتى التزموا به والتفتوا للمغادرة واحدة تلو الأخرى ….. بعد خروجهن بقي الطبيب فقط الغريب بينهم… اتصلت سيلفيا به بالأعين وأردفت:
“إذا يا حضرة الطبيب ، متى يمكن أن تشفى؟”
“…أ… أوه، نعم… المعذرة…”
تحدث الطبيب الذي كان شاردا ينظر إليهم وعاد لرشده سريعا ثم أضاف بعد صمت قصير:
“بالرغم من استخدام سحر الشفاء الى أن الطاقة الحيوية الخاصة بها لا تزال فاشلة ، بالإضافة لجسدها المليء بالندوب و أثار التعذيب… في النهاية جسمها لا يزال ضعيفا، يمكن القول بعد ثلاثة أسابيع كحد أدنى تستطيع أن تشفى ، عليها التغذية بشكل كامل لأن ما يجعل شفائها بطيئا هو قلة التغذية ، يمكنني القول بأنها لم تأكل جيدا من بشرتها الشاحبة و جسمها النحيل…”
“روج”
“نعم؟”
نادت سيلفيا على الرجل الذي كان طبيب الدوقية الخاص وفور مناداتها باسمه أجاب فورا بفزع
“اذهب الى ستيفن و أخبره بأن يحضر الأوراق اللازمة و سوف تساعده”
تجعدت حواجب روج باستغراب كأنه لا يفهم ما تعنيه كلماتها فأردفت سيلفيا مجيبة إياه لملء فضوله:
“اذهب اليه و سيشرح الأمر لك”
“حاضر”
لم يكن الطبيب روج رجلا وقحا ليستجوب الدوقة فتفهم مستأذنا وغادر…. التفتت سيلفيا ناحية الاثنتين
“لقد بقينا لوحدنا الآن”
“حضرة الدوقة هل هناك أمر خاص تريدينا أن تخبرينا به؟”
امتلئ وجه إيميلي حيرةً واستغرابا جاعلة من نفسها تدور في حلقة من الاستفهام لحركة الدوقة …كلماتها للطبيب كانت غامضة جعلت إيزيل تحول عيونها نحوها لتردف بنبرة هادئة جعلت الانتباه ينصب نحوها:
“الأمر متعلق بالكفالة”
“كفالة؟”
عقدت إيميلي حاجبيها بشكل طفيف لتنظر للاثنتين وهما تناظران بعضهما بنظرات كل واحدة تحمل كمًّا من الكلام ولم تلبث أن تسأل حتى وجدت إيزيل تتحدث سائلة بتعابيرها الباردة:
“أليس كذلك؟”
كان سؤالا والجواب لديها ولكن مع ذلك ابتسامة سيلفيا ليست لهذا وإنما لتخمينها الصحيح:
“أنت ذكية جدا ،إيزي”
“كلا لا يعتبر ذلك ذكاء…. أنا أعيد ما قاله الدوق هذا الصباح”
قد يبدوا تواضعا بالنسبة لسيلفيا وهي تستمع لكلماتها …لكن لإيزيل رأي آخر فالأمر كان بديهيا جدا، ولم تلبث سيلفيا قليلا إلا وقالت والابتسامة لم تفارق محياها:
“الأمر يبقى نفسه ، هذا يبين ذكاءك لأن حضرة زوجي لم يقل شيئا عن الكفالة و انما قال أن تصبحي عضوا في الدوقية”
النظام الامبراطوري في الكفالة معقد نوعا ما، فدوقية سبينسر كأحد المؤسسين للبلد تحمل كفالة العديد من العائلات سواء كانت نبيلة أو من العامة …مسؤولة عن أعمالهم وتصرفاتهم …كحاكم يحمي شعبه ويسيّره… ويتضمن ذلك أيضا الكفالة كعمل في نطاق منطقة الدوق…. هي تعلم هذا القانون جيدا وتعلم أن كلمة كفالة كبيرة جدا لما تحمله من معنى …فمثلا إيميلي طفلة تم كفالتها من قبل موريانا رغم أن ذلك كان قبل مجيئها لكارتا… لكن ما يخمن فيه الدوق وسيلفيا أمر آخر لتتحدث جاعلة الدهشة تعلوا ملامحهما:
“لكن رغم ذلك الأمر ليس كفالة و إنما تبني يا إيزي”
“تبني ؟”
أذهلت إيميلي مرددة بغير تصديق لتردف تاليا وباستفهام واضح:
“تريدون تبني آنستي ، كـ’أميرة دوقية سبينسر’؟؟؟”
“أجل ، هذا ما نريده”
تحدثت سيلفيا والجدية تعلوا ملامحها رغم الابتسامة الخفيفة التي تشكلت بطرف من شفاهها.. وصمتت تناظر الأخرى منتظرة منها ردا قائلة:
“إذا ما رأيك ، إيزي؟”
ربما الأمر أكبر من أن تقول أجل …
فهذا القرار ليس متعلقا بحياتها فقط وإنما تعلقت بحياة الكثيرين منهم إيميلي وهيروك ومن جهة الدوقية بأكملها …صمتت لوقت طويل لتنظر لمن بجانبها.. أختها الكبرى… ربما قرابة الدم لا شيء مقارنة بعلاقتها مع إيميلي.. فرغم أن إيميلي اعتادت على جعلها فوق كل شيء …هي لم تتخل يوما عنها لطالما كانت الأولى وستكون كذلك… بعد أن فكرت قليلا تحدثت بسؤال موجه إليها
“ما رأيك ، ايميلي”
لم تدرك في البداية أن تلك النظرات كانت سؤالا خفيا وما إن نطق به لسانها حتى تأكدت شكوكها متوترة من ذلك …ولم تجد نفسها إلا وهي تهذي بتردد بارز للعيان:
“…في الحقيقة …أعتقد أنه… “
“لا بأس قولي ما عندك ، لن أغضب أبدا من رأيك”
هي متأكدة من ذلك ومتأكدة أنها لن تغضب ولكن القرار قرارها فالتبني ليس لأجلها وإنما لإيزيل ولأنها أرادت الجيد لها تحدثت ما إن لملمت شتات نفسها متحولة لملامح جدية وكان ذلك تحت أنظار الاثنتين:
“أعتقد أن اقتراح الدوقة جيد جدا”
“ايميلي؟!”
ربما تكون دهشة صغيرة ولكن جوابها الجاد جعل الأخرى تمحي تعابيرها اللامبالية إلى أخرى مندهشة ولم تكتفي إيميلي بذلك بل أضافت قائلة بحزم:
“في ذلك المكان لن تجدي سوى المذلة و الاضطهاد…لن تستطيعي العيش في ذلك القصر المظلم، ألم نتعهد بالانتقام؟ …ثم أليست الدوقية أكثر مكان آمن لنا؟ أنا متأكدة أن الدوقة ستساعدنا وكذلك الدوق في محاربة الامبراطورة وكل من له علاقة بموت الأم”
ربما يجب على المرء أن يخشى من أذية أبرياء لا دخل لهم بثأرنا …لكن الأمر لا يتضمن الدوق سبينسر لأن عمليته الآن وسط حرب باردة مرادها العرش من أجل ولي العهد و الانتقام لقريبته التي فقدها …أجل كلاهما لهم هدف واحد الثأر لموت الحبيب… أحدها والدتها و الأخر الامبراطورة السابقة والدة ولي العهد… و الأجمل في هذا أن العدو واحد … أدركت تلك الحقيقة أيضا عندما ذكرتها إيميلي في هاته اللحظة و التي نسيتها من شدة تركيزها على ما يهمها…و بهذا أدركت أيضا أنه الخيار الأنسب لها لكن جزء منها يحاول رفض الفكرة التي تلوح في الأفق…
ربما هي لا تهتم لطريقة عيشها ولكنها تريد من إيميلي أن تعيش بسعادة سواء بجانبها أم في مكان آخر… ولكن السؤال الآن هو كيف؟ كيف يمكنها أن تقرر هذا القرار من أجل نفسها متجاهلة أختها الكبرى؟ وماذا سيحصل لإيميلي حين تعطي الاجابة المتبوعة بموافقتها؟؟…
صحيح أن الأمر لا يهم إيميلي لكنها تهتم وستفعل دائما وأبدا… وجهت نفسها لسيلفيا المنتبهة لكل ردات فعلها لتردف قائلة:
“من فضلك دعيني أفكر بالأمر أولا”
ابتسمت سيلفيا مدركة بأن الأمر يحتاج وقتا وليس في يوم واحد يمكن أن تقبل مجيبة إياها بهدوء:
“لا بأس فلتأخذي وقتك”
*****************
ليال مرت على استيقاظها من النوم و ما زلت إجابتها حول طلب الدوق والدوقة معلقة حتى الآن…تجولت في أنحاء الدوقية.. استكشفت الأماكن الجديدة وتعرفت على بعض الأشخاص ومنهم من يعتني بالطبيعة التي خلفتها الدوقية من منظر جميل بأيدِ موهوبة … هي تعلم جيدا بأن في أي منزل هناك كبيرة خدم وأدركت غيابها ما إن لاحظت نقص الخدم وجدت فقط سيباستيان هو من يلقي الأوامر عليهم لتكتشف أن كبيرة الخدم استقالت قبل مجيئها بوقت قصير… وكان ذلك راجع لكبر سنها…
تعرفت جيدا على الفارس لين الذي كان أحد الأشخاص الذين كانوا مع الدوق ليلة الحادثة …وراقبت تدريبات الفرسان من حين لآخر.. جلست مع إيميلي في بعض الأوقات وتحدثت مع سيلفيا وزين في وقت آخر…لاحظت أن الدوق مشغول كثيرا ولا يُرى إلا في أوقات الغداء أو العشاء…رغم جلوسها معه في النفس الطاولة إلا أنه لم يسألها وأعطاها حقها في التفكير… لم يستعجل بل جعلها تأخذ مهلها في تدبير أفكارها…
ربما مرت ثلاث ليال و ها هي الليلة الرابعة فيها الآن …تجلس على الشرفة و تناظر بعينيها القرمزيتين للقمر الذي بدا شكله أقرب لهلال و النجوم المتناثرة في السماء… سكون الهواء جعل أنفاسها تهدأ و رائحة الأشجار ملأت صدرها…كانت تستمع لأصوات حشرات الليل بينما تجلس على حافة الدرابزين… رغم أنها في المرة السابقة كادت تقع إلا أنها تعلم جيدا أن سبب فقدان توازنها المرة الماضية هو نتيجة تشنج جسدها لكن الآن هي متيقنة أنها لن تسقط كالسابق …أجل إنها الثقة …لكن ثقتها الحقيقية في وجود هيروك الجالس على أحد أغصان الأشجار في الأسفل ينظر أيضا لحيث تنظر عينيها ..يحرس من بعيد دون الاقتراب منها …و لطالما كان هكذا…
أفكارها العميقة حرمتها من منظر كان أجمل من أن يرى في يوم آخر…. تساؤلات ملأت رأسها كعادتها أولها وضع إيميلي ثم هيروك …. كيف يمكنها العيش تحت لقب المكانة وهما أسفلها …لطالما كانا معها واعتبرتهما في نفس مكانتها …صحيح أن هيروك لا يهتم لمكانات البشر وطريقة تتبعهم للسلم الهرمي …لكن إيميلي بشرية وحياتها لن تكون سهلة… لا يمكنها أبدا أن تتخلّ عنها…
ربما تبنيها ليس سوى هدف لحمايتها من الكونت الذي يكون الوصي عليها بعد موت والدتها …. ولا ننسى أن ايميلي لا تربط الكونت بأي شيء فقرارها بالخروج من مكانه راجع إليها، سبب بقائها هناك كان فقط من أجل إيزيل… هي الآن تدرك جيدا بأنه لو لم يكن من أجلها لما تعرضت إيميلي للموت…
ـ هل أنت والسيد هيروك فقط من تملكون المانا؟
ـ تقصد إيميلي … إيميلي تمتلك مانا مختلفة عني وعن هيروك …
لوهلة توقفت عن التنفس ولمعت عيناها بفكرة عندما عادت بها ذكرى ليوم استيقاظها … واستدعت ذاكرتها سؤال زين عن مانا إيميلي …
“أجل هذه هي … ربما تستطيع إيميلي العيش بهذه الطريقة بجانبي“
قد يكون أنانية منها ولكنها أرادت من إيميلي أن تبقى معها دائما … وما إن لمعت فكرة ممتازة داخل عقلها حتى شعرت ببعض الارتياح … وأخيرا بقي هيروك…لا تريد منه أن يعيش وراء أغصان الأشجار وجميع من في الدوقية ينظرون إليه كشخص دخيل.. أرادت وضعه في مكان ملائم لما يستطيع فعله…
“أمي ، أخبريني ماذا أفعل؟”
عيونها الباردة رقت وملامح الانكسار امتلأت على تقاسيم وجهها… هي تفتقدها في أي وقت… لم يلبث يوما ونسيت فيه والدتها …تذكرتها في كل الأوقات… اعتقدت بأنها يمكن أن تمحى الذكريات المؤلمة من عينيها بعد أن غادرت عينيها وجوه الأشخاص الذين تسببوا بمحو الابتسامة من وجهها البريء… كلا لم يعد به أي نوع من البراءة فقد امتلأ قلبها بالحقد على الأشخاص الذين دمروا سعادتها… ربما والدها ليس سوى بيدق… لكن ماذا عن الإمبراطورة؟ … لماذا أرادت قتل والدتها؟ ما كان الغرض من فعل ذلك؟ أم أن هناك من طلب منها ذلك من خارج البلاد؟ … في داخلها تتمنى ألا يكون الأمر صحيحا… لا تريد أن يكون الأمر أكبر من ذلك …لكن حتى وإن كان كذلك بالتأكيد ستنتقم …وستنتقم من جدها أيضا ذلك الامبراطور اللعين…
ولعل الإمبراطورة الحالية هي من خطط لكل هذا.. لقد سمعت من هيروك عن مكرها وبشاعة وجهها …وكم كان هيروك يتقزز في كل مرة يذكر وجهها …لقد رأى الامبراطورة الحالية والامبراطورة السابقة …كان دائما يقارن الاثنتين ببعضهما قائلا بأن الامبراطور بعقل متعفن يملئه الدود لكي يجعل تلك المرأة زوجته… إيزيل لم تراها وكما تعرف دائما أن هيروك إذا كره شخصا يبالغ في وصفه ويزيده بشاعة مضيفا وصفا من عنده قائلا بأنه يشك بكونها شيطانة بجسد بشري… لأن أكثر ما يكرهه هيروك هم الشياطين ولأن الشياطين منفصلين عن البشر منذ مئات السنين فلديهم عالم وحدهم.. فلا يعلم أحد شكل الشياطين الحقيقي …وبحكم كلام هيروك في التحدث عنهم فهي تشعر بالغموض من كونه رأى بعضهم في السابق… تدرك بأن هيروك يخفي عنها بعض الأمور وتستطيع بأمر واحد أن تخرج كل شيء من شفاهه ولكن هناك شيء واحد يمنعها … وذلك المانع هو ما حذرتها منه والدتها وكان من أجل هيروك أيضا لذا فضلت أن تعلم بطريقتها على أن تجعله يتحدث بلهجة آمرة..
استدركت لأفكراها بأنها ذهبت بعيدا لتعود للتفكير بالإمبراطورة الحالية التي حيرها أمرها …سمعت أن لديها صبيان و فتاة… الابن الأول هو الأمير الثاني الذي تم ترشيحه من قبل بعض النبلاء لخلافة العرش رغم شرعية ولي العهد الأصلية، لا يملك مانا أو قوة سحرية بجسده… بعبارة أصح ولد معدوما منها ،حتى أن أفضل الأخصائيين من السحرة حاولوا استخدام طريقة لاكتساب جسده المانا لكنهم لم يستطيعوا… لم تحتمل الامبراطورة فكرة كون ابنها لا يملك مانا لذا استخدمت العديد من الطرق لكي يصل ابنها للعرش و منها موت الإمبراطورة السابقة…
الاشاعات لم تقل أي شيء عن هذا ولكن الأمر واضح بالنسبة لإيزيل … وكان بديهيا لكل شخص يعرف سير أمور نزاع العرش… مكرها جعلها تطلب ما ليس لها …العرش الذي كان أحقيته لولي العهد الأمير الأول …تدخلت في عائلة صغيرة وحطمت قلوب العديد من الأشخاص وأكثرهم كان قلب الامبراطورة السابقة …رقت عيناها لتذكرها أمرها فهي لحد ما تشبه والدتها …ربما لو لم تكن أمها زوجة الكونت هازل كانت لتصبح صديقتها بشكل أوضح للجميع… كيف استطاعت امرأة تحطيم قلب امرأة غيرها …. ربما الغيرة السبب …السبب الذي جعل الكثيرين يتيهون في متاهة الظلام ليدخلوا بابا لا رجعة منه ….
يقال بأن عامة الشعب أحب الامبراطورة السابقة… فصدقها جعلها مركز اهتمام لشعب أعانته من قلبها وكأم لهذا الشعب أنجزت عملها حتى آخر نفس في حياتها … وعلى عكسها الامبراطورة الحالية لم تستطع أخذ نفس المجد الذي أخذته الامبراطورة السابقة لذا لجئت لقوى خارجية…. تقول المعلومات التي أخذتها من هيروك بأن الامبراطورة أخذت دعما من “مملكة كوران”…. إلى الآن لم تتوصل لنوع الدعم ….. وبالرغم من هذا الدعم الخفي الذي تملكه إلا أن شرعية ولي العهد أقوى من ذلك لكونه سليل الضوء وممتلك نفس قدر السحر الذي امتلكه المؤسس وكما تم الاعتراف به من قبل سيف الامبراطورية الذي كان ملكا للمؤسس باسم سيف “لوكس” يقال إنه سيف يمتلك روحا، إنه شبيه بـ “الآلجين” لامتلاكهم روحا ذكية شبيهة للبشر….
جعدت إيزيل حواجبها حين تفكيرها بالأمير الرابع…كان الأمير الرابع الذي بمثل عمرها ممتلك سحر الرياح يقال بأن المانا خاصته قوية رغم صغر سنه… وأن هذا السحر من أسطورة التأسيس تابع لإحدى المملكتين اللتين توحدتا معا، لكن …لما؟ … لما الامبراطورة مصرة على أن يكون ابنها الأول هو خليفة العرش رغم امتلاكها لابن يملك سحر قوي؟ …. هناك أمر غريب في الأمر… وهي متأكدة منه… عليها الغوص حول هذا الموضوع أكثر…
-إيزيل لويان هازل ، أنا أعطيك خيارا لكي تصبحي فردا من عائلة سبينسر
مسحت على وجهها بينما تسترجع ذكرياتها لعرض الدوق …في حقيقة الأمر كان العرض مغريا جدا ورغم ذلك اعتقدت بأنها قد تكون عالة عليهم لا أكثر لأن مشاكلها ليست هينة أبدا…
-هل أستطيع أن أكون فارسة؟
ها هي الآن تسترجع شيئا آخر من ذكرياتها.. السؤال الذي لطالما حيرها حينما بقيت في ذلك المكان… لكن لم تلبث قليلا حتى تذكرت رد زين الذي أعجبها..
-أعتقد أن من حق أي شخص الحصول على حرية عيشه ، ألست تريدين العيش من أجل تحقيق أهدافك
جزء كبير منها بدا راضيا عما قاله …وكانت تريد وبشدة شخصا يعزيها بهذا …في أعماقها هي ممتنة حقا للسانه الذي كان حرا في التعبير عن آرائه …
وقفت بعد أن تنهدت لوقت طويل.. وقفت على الدرابزين ونظرها للأسفل حيث الحديقة التي استمتعت بالتجول فيها في الصباح لتنادي ببرود:
“هيروك”
ما إن نطقت اسمه حتى ظهر من العدم راكعا على قدم واحدة ونظره للأسفل مردفا بطاعة:
“هل استدعيتني سيدتي؟”
صمتت لوقت طفيف جامعة بأفكارها لتقول:
“هيروك ، أخبرني الصراحة و لا تكذب”
رفع هيروك رأسه وقال بنبرة جدية:
“سأكون تحت أمرك”
نبرته الجدية والصادقة جعلتها تلتفت نحوه تنظر إليه ولتعابيره لتتحدث في اللحظة التالية جاعلة من هيروك يندهش قليلا:
“ماذا ستفعل إن قبلت عرض الدوق؟”
ربما الدهشة ليست في الموضوع بل في سؤالها ويعلم الآن جيدا ما هو قرارها ناحية الموضوع ليتنهد ويتحدث بجدية:
“سأكون بجوارك سيدتي أينما كنت و متى أردت؟”
“لكن هيروك أنا لا أريدك أن تكون في الظلام دائما”
ابتسم هيروك لعباراتها التي دخلت أعماقه دون أن تدري ليردف قائلا:
“لكن مهما تطلّب الأمر سواء بالظلام أو في الضوء سأقف بجانبك و أحميك”
ربما ولاءه فاق رابط عقد الدم الذي بينهما …صِدقُه جعلها تغمض عينيها قليلا تتحاشى النظر إليه …لا تعلم ما سبب الولاء الكبير اتجاهها لتلك الدرجة.. لقد كانت كتلة مشاكل منذ ولادتها وتسببت بالقلق لوالدتها في الكثير من الأمور وهيروك هو من يحميها في كل تلك اللحظات وإلى الآن لم تفهم سبب ولاءه الشديد دون ذكر أمر العقد الذي تم فرضه عليها منذ ولادتها… فلو كانت بعقلها لما سمحت لوالدتها بإنشاء هذا العقد…
ربما تفكيرها مضى عليه وقت كثير حتى تحدثت لتكسر الصمت:
“هل ستقبل أيا كان مما قررتُه؟”
أومأ بسرعة وكانت إماءة تعني الكثير فهو سيفعل أي شيء ليضيء سيدته…
*****************************
“كيف كانت ليلتك إيزي”
سألت سيلفيا كعادة صارت لديها كل يوم حتى ترى استحسان الأخرى في النوم براحة أم لا …ولم يدم الأمر طويلا حتى تحدثت هي مجيبة بملامحها المعتادة:
“لا بأس بها”
تعابير إيزيل الجامدة لم تزعج سيلفيا وإنما ابتسمت لذلك …على أية حال هي معتادة على رجل بارد كبرود الصخر مثل زوجها …ولا ننسى رؤيتها لشخص آخر يملك نفس التعابير.. ولي العهد الذي لم يختلف تعبيره عن تعبير معلمه.. كلا، بل لنقل إنه أسوء…
دعنا فقط لا نذكر أن ستيفن ليس مثل مخيلة سيلفيا فهي لم ترى أبدا زوجها وهو في أوج بروده.. فهو لم يتجرأ على ذلك يوما.. لأنه لطالما اعتقد بأن سيلفيا هي مصدر الدفء في حياته ولا يجب تلويثها بنظراته…
“ما هو العمل الكبير الذي لدى أبي؟”
سأل زين حينما رأى غياب والده عن طاولة الفطور… وكلماته جعلت ابتسامة سيلفيا تتسع أكثر تجيبه بغموض جعل زين يعقد حاجبيه:
“هناك أمر وجب عليه اتمامه”
في البداية كان استغرابا لكنه لاحظ نظرات والدته نحو إيزيل بمغزى ليفهم الآن ما تعنيه …ولكن لم يسعه ليتحدث حتى سمع صوتا ساخرا:
“أتساءل لما شخص ذكي كذلك الدوق الجليدي لديه ابن مثلك؟”
“هيروك”
صاحت إيزيل نحوه بحدة بعد كلماته الفظة لزين …هل تعلمون ما كانت ردة فعل زين؟ …تصوروا.. هو فقط رفع له حاجبا وابتسامة خفيفة ارتسمت على محياه يرى هيروك يتحدث بتسرع أخيرا مستلما لسيدته:
“سأخرس، لن أقول شيئا بعد الآن”
“هذا أفضل”
اجابة كانت قاسية على هيروك.. هو فقط من شعر هكذا.. لم يعتقد بأنه ارتكب خطأ هو فقط قال الحقيقة… هل هذه مشكلة؟ وسيدته لا تأبه لمشاعره …زم شفتيه بانزعاج شديد وهو يأكل يحشر الخبز بقوة يشفي غليله بتلك الطريقة… شعر زين أنه على وشك الضحك بصوت عال وهو يرى منظر الآخر…
إيزيل التي انهت وجبتها وقفت مستأذنة:
“أريد أن أستأذن”
” هل هناك خطب؟”
رمشت الدوقة وهي ترى الأخرى تغادر مبكرا على غير عادتها وسألت بقلق:
“لا أبدا ، كل ما في الأمر أني أريد محادثة الدوق حول أمر ما إن كان متفرغا”
أجابت إيزيل فور ما إن رأت تعبير خالتها يذبل…
تفهم جميعهم ما أرادته إيزيل أو لنقل فهموا مقصدها من المطالبة برؤية الدوق… جزء من سيلفيا يخشى معرفة الجواب وأردفت سريعا مجيبة إياها بابتسامة ليست صادقة تماما:
“لا تقلقي ستجدينه متفرغا لك، اذهبي ستدلك ليز الى مكتبه”
“إذا المعذرة”
غادرت ما إن استأذنت من الجميع لتبقى فقط سيلفيا تحدق في ظهرها وهي تغادر ووجهها يدل على بعض التردد من الشيء القادم..
***************************
أجل.. لقد كان منشغلا ومكتبه في حالة فوضى تماما …الأوراق مكدسة في كل مكان والدفاتر تغزو جميع الطاولات.. كان المكان الوحيد الذي بقي نظيفا هو مكان اصطفاف الأرائك على جانب الغرفة …كانت الأوراق تنتظر توقيعه أو لإعادة النظر فيها …لم يكن وحده في المكان فقد كان سيباستيان معه يدقق في جميع الملفات التي تحتاج إعادة النظر دون ذكر الأخرى… كان يعمل هكذا دون توقف منذ الأمس.. ربما نام قليلا فقط ليعود لعمله في الصباح قبل طلوع النهار… ليتنهد سيباستيان ويتحدث قائلا:
“سيدي ، ما رأيك براحة قصيرة لشرب الشاي أو كأس من القهوة على الأقل”
تنهد ستيفن وهو لا زال منشغلا بالأوراق لم يرفع رأسه نحوه وتحدث مكملا النظر للوثائق التي بيده:
“انتظر حتى أنهي هذه المجموعة على الأقل”
لم يعجب ذلك سيباستيان ليرد قائلا بقلق:
“لكن سيدي أنت تقول نفس الشيء في كل وقت”
“سيباستيان”
صاح ستيفن بتعبير حاد ونظرة باردة منعت الآخر من التنفس وتابع بعد رؤية تردد الآخر:
“أنت تعلم بأن هذه الأوراق مهمة…إذا علم الكونت هازل فلا أدري أي حيلة من الممكن سوف يفعلها”
ربما لم يتدارك سيباستيان خطورة الوضع لكن الأمر يتعلق أكثر بطفلة حياتها مهددة بالخطر…أراد اتخاذها كابنته قبل أن يعلم الكونت هازل بالأمر لتفادي أي مكيدة مدبرة…رغم أنه يدرك أن الكونت هازل ليس ندا لسلطته في الامبراطورية …و لأنه من المعروف لدى المجتمع النبيل أن تبني أي طفل عامي لهو أمر سهل جدا لكن تبني طفل من عائلة نبيلة أمر مختلف بالإضافة أن الأمر سيصبح سهلا لو كان الكونت هازل سيترك إيزيل فورا… لكن الأمر أصعب من ذلك إذا كان الكونت هازل يريد موت إيزيل فهو بالطبع لن يتركها تذهب من يده …ستيفن بالتأكيد لن يسمح بذلك…
“تفهم الأمر”
“…أمرك”
تنهد سيباستيان باستسلام لذلك لا يستطيع الفوز ضد سيده المخيف… تنهد بيأس وعاد لعمله أيضا … رغم أنه متعب لكنه لا يستطيع ترك سيده والذهاب…
في لحظة صمت دامت في الغرفة صدر صوت من الباب نتج عنه طرق لشخص ما جعل ذلك من انتباه الاثنان يصبوا نحو الباب
“سيباستيان ، ألم تخبر الجميع أنني مشغول”
“بلى ، أخبرتهم و أعلمت الدوقة بأن تعلم الجميع بأن لا يزعجوك”
تجعدت حواجب الدوق بعبوس ليردف والانزعاج لم يفارق محياه:
“أدخل”
دخل الخادم وانحنى سريعا مبعدا عينيه عن أنظار الدوق المخيف
“سيدي الدوق ، الآنسة إيزيل تريد مقابلتك”
ما إن سمع الاسم حتى ارتخت معالم وجهه ربما أتته دهشة طفيفة ولكنه محاها، ولم يكن سيباستيان مختلفا عنه الذي بقي ساكنا مكانه ومتجمدا ينظر للخادم كأنه يخبره أن يعيد ما قاله لكنه فزع في صوت الدوق مخرجا إياه من شروده:
“سيباستيان ، أطلب بعض الشاي”
ربما دهشة أخرى حلت على ملامحه لأنه لم يلبث لحظات حتى طلب منه ذلك ولكنه رفض ليبتسم براحة ويشكر الصغيرة التي حضرت في وقتها وقال براحة:
“من دواعي سروري سيادتك “
لم يبالي ستيفن بنظرات سيباستيان ليعيد أنظاره ناحية الخادم الواقف آمرا إياه:
“دعها تدخل”
“حاضر”
**************************
انتهى الفصل
***
فصل آخر يحوي أكثر من 4200 كلمة…
أولا البداية حكمة الفصل فيها كلمات مبطنة و أقصد به ما عانته إيزيل من شاعر سلبية…
فما رأيكم بها؟ أو تحليلكم بشأنها؟
إيميلي..
منذ البداية لم تكن خادمة لكن بسبب الإساءة و المعاملة القاسية أصبحت كلمة الآنسة في لسانها لا تفارقها فهي و إيزيل أختين لا يربطهما دم…
شخصية إيميلي قوية و في رأيي الشخصي أراها في بعض المواطن قد تتفوق على إيزيل…
فنقطة ضعف إيزيل هي مشاعرها السلبية أما إيميلي فلديها طابع خفيف يسمى “بالمضي قدما مهما كان الذي يحصل” فابتسامتها الدائمة و المتفائلة تشعر الفرد بالانتعاش و قد ذكرتُ أن إيزيل كانت تحب رؤية ابتسامتها رغم برودة تعابير وجهها…
فما رأيكم أنتم بشخصية إيميلي هل تجدونها ضعيفة أم قوية؟
رأيكم بتشبيه هيروك للإمبراطورة الحالية؟
***
يتبع….
حساب الرواية على الواتباد:
حسابي على الأنستغرام: