For anyone who hurt my mother - 05
- الصفحة الرئيسية
- جميع القصص
- For anyone who hurt my mother
- 05 - هل أستطيع أن أكون فارسة؟
الثأر عبارة عن اعتراف بالألم…
أجل لا أنكر، أنا أتألم.. لكن ألمي الحقيقي لأنني لم أثأر حتى الآن..
فأردت القوة لأنها السلاح الوحيد للانتقام..
⚜️⚜️⚜️⚜️⚜️⚜️⚜️
القوة شيء أرادته حينما كانت والدتها تُنهَش بحكم الظلم تحت أيادي والدها …أرادتها حينما رأت عيون والدتها تذبل أمام ناظريها… أرادتها حين تم سجنها في مكان مظلم حيث يتم تهديدها بمن بقي معها… هل من المبالغة أن يريد الطفل شيئا بهذا الكبر… هل من المبالغة أن يفكر الطفل بتفكير أكبر منه… لم يفكر الطفل يوما أكبر من عمره ما لم يتم دهس براءته … دعسوا على قلبها الصغير عندما قتلوا أغلى ما تملك… طفلة رأت ما لم يراه أحد غيرها… ربما لهذا عيونها بدت تنظر للمجتمع نظرة أخرى… لم ترى في حياتها إلا الأشياء الفاسدة… وبالأشياء الفاسدة أعني بها الكونت وعشيقته… دعنا لا نتذكر بأنها زوجته منذ ثلاثة أشهر فقط….
ربما لأنه مجرد احساس لكنها أرادت القوة… أرادت شخصا يحميها لكنها لم ترد استغلال شخص ما… والأهم لم ترد استغلال منقذها.. ولم ترد استغلال صديقة والدتها الوحيدة… كانت تعي جيدا ما يقوله أمام مسمعيها لكنها شعرت بالخدر في كل أجزاء من جسدها
“إيزيل …هل تقبلين أن تستقلي عن الكونت لتصبحي فردا منا؟ “
كان الدوق يعيد ما تلاه سابقا بجدية أكبر ليوضح بأنه جاد ولا يمزح… لكنها بقيت تنظر إليه وتشعر بأن ما تسمعه كان مجرد وهم… شعرت ببعض المشاعر الغامضة… جزء منها لا يريد ذلك… لا تريد إقحام الدوق وعائلته في مشكلتها… انتقامها لم يكن شيئا بسيط فهو لا يقتصر على الكونت فقط هناك أطراف أخرى تريد الاقتصاص منها لما فعلوه بوالدتها… أرادت قول لا في هاته اللحظة كجواب ولكن لسانها عجز عن التحرك… لم ينطق بأيٍ مما أرادته… لم تستطع التحدث وتبرير موقفها…
والدها الذي حاول قتلها… الإمبراطورة ولا شك أنها أمرت بذلك.. إمبراطور لوان الذي باع والدتها… وأشخاص آخرون أذلوا والدتها وجعلوا حياتها أتعس من حياة عصفور فقد بيته…. كانت القائمة بطولها وبها أشخاص من دولة أخرى… هي فقط ستسبب المشاكل للدوق فقط …. كانت تفكر في نتائج موافقتها إن حدثت… مشكلتها أنها تفكر بسلبية أكثر من الإيجابية…
في هاته اللحظة نسيت أن الدوق أمامها لم يكن دوقا عاديا… فقط سماع اسمه في أي مكان في القارة تجعلهم يهابونه… لقد كان بطلا ذات يوم… وذاع صيته كدوق لهذه القارة …قوته كانت على نطاق واسع وكان قادرا على مساعدة إيزيل متى أرادت… كان جانبها الإنساني من يتحدث في هاته اللحظة… لأنها لا تريد أن تؤذي أحدا بانتقامها الشخصي… كانت أمنية والدتها ألا تتدخل في الأمر وأن تعيش سعيدة وأن تحتفظ ببريق عينيها… لكن لا… لم يحدث هذا… ولم تستطع أن تفعله.. لأنه كان أصعب من أن يُطلَب منها أن تقتل نفسها…
لم تستطع الاستجابة لأمنية والدتها…لأنها بالإضافة لدم موريانا النقي والطيب هناك أيضا دم آخر يغلي من شدة الغضب… كرهت كونها ضعيفة… كرهت كونها فتاة عاجزة… حتى وإن كانت تمتلك سحرا قويا فهذا لا يعني بأن لديها قوة كبيرة… تريد القوة من أجل معرفة الخفايا وراء ماضي والدتها ولماذا أرادوا موتها؟ …
“هل سؤالي غير واضح؟“
سأل الدوق مع عبوس طفيف على ملامحه لأنه اعتقد أنها بقيت صامتة لوقت طويل بينما كانت تفكر… هزت رأسها نفيا لتدحض كلماته وقالت مجيبة:
“لا ، كلا الأمر ليس كذلك ، فقط… انه غريب جدا“
ثواني صمتت مرة أخرى لتتحدث مضيفة:
“دعني أفكر في الأمر“
“لا بأس خذي وقتك“
ابتسم بخفة وهو يسمع جوابا مرضيا …كان يعلم بأن الوقت لا يزال مبكرا لتجيب عليه… لقد سألها على غفلة منها ولا بد أن تحتاج وقتا لتفكر فيه
بعد وقت الفطور انشغل الدوق بأعماله وبقي الأربعة في غرفة المعيشة يتمتعون بالشاي…تحدثوا بكل شيء عدا عما مرت به في قصر الكونت.. وكأنهم متفقون بشكل صامت على عدم ذكر الموضوع …موضوع قد يثقل كاهل مستمعه سواء كان الضحية أو غيره في هذه المجموعة… بقي هيروك صامتا بأمر من إيزيل وهو يحمل تعابير تشعرك بأنه مظلوم….. ظل يتدخل في كل محادثة تجريها مع زين خاصة، قائلا بأنه يجب عليه أن يترك مسافة أمان بينهم…كان مهووسا بأن يبعد كل الذكور عنها…لأنه اعتقد بأن الرجال من البشر يتصفون بالغدر…هكذا كان تفكير هيروك لأنه ليس جميع البشر هكذا لكنه فقط يحب تضخيم الأمور بسبب كرهه للبشر.. باستثناء إيميلي….
بعيدا عن تفكير هيروك المملوء بالهراء، بالنسبة لإيزيل فالأمر لا يستحق…لأنها لن ترتبط بأي أحد في سن صغيرة إضافة لأنها غير مهتمة بذلك الآن….زين استمتع بالمنظر الذي يراه …مناوشات إيزيل و هيروك في التحدث بدا الأمر جميلا له…شخصية هيروك الممتعة تروق له …الآن يفهم لما والده يحب استفزاز الآخر …و سيلفيا تضحك باستمتاع بينما تحاول تهدئة هيروك الذي يحتج على سيدته….كانت تتحدث معها و كأنها تتحدث مع صديقتها… شعرت بشيء حميم بينهما منذ أن التقت بها أول مرة في عمرها العامين….منذ ذلك الوقت أرادت أن تنجب فتاة مثلها لكن شاء القدر أن تنجب الأولاد فقط… في النهاية اقترحت عليها موريانا أن تصبح عرابتها…. وقبلت فورا لأنها اعتقدت بأنه من الجميل أن تكون والدتها الثانية..
تحدثت سيلفيا مع إيزيل عن أبناءها وعن كيف أرادت ابنة مثلها منذ أن رأتها أول مرة …. صحيح أن تعبير إيزيل أبرز عدم مبالاتها الى أنها لا تنكر كونها استمتعت قليلا بالمحادثة…
“بالمناسبة أين هو الأصغر؟“
تساءلت إيزيل عندما تذكرت عدم وجود الابن الأصغر في المائدة مسبقا
“انه ليس موجودا في الدوقية حاليا ، لقد أراد رؤيتك منذ قدومك الى الدوقية لكن للأسف قمنا ببعثه الى قصر الإقطاعية حيث الأجداد هناك لبعض الأسباب“
أومأت ببطء متفهمة لتسأل مرة أخرى:
“ماذا كان اسمه؟“
“يدعى إلين روف سبينسر“
أجاب زين هذه المرة بابتسامة خفيفة:
“.. فهمت“
تمتمت بفهم عندما أجابها زين… تذكر زين أمرا مهما فنظر لساعة الجيب التي يملكها ووقف مستأذنا جعلا الأنظار تصبوا نحوه:
“اسمحوا لي ، حان وقت التدرب مع الفرسان“
“هل أتى الوقت حقا ؟“
عبست سيلفيا التي أدركت الوقت أخيرا لتنظر إلى ساعتها أيضا وحين تأكدت تحدثت بعبوس على وجهها:
“يبدو أننا لم نشعر بالوقت و نحن نتحدث “
صمتت قليلا لتنظر بأسف ناحية إيزيل وتقول مع اعتذار صغير:
“آسفة إيزي لدي أعمال يجب علي اتمامها ، بإمكانك التجول في الحديقة“
“لا بأس ، ليس هنالك مشكلة في الأمر“
هزت رأسها نفيا متفهمة …توقفت قليلا عن الكلام لتضيف وبعض التوتر يحتل ملامحها:
“…ب….بدلا من ذلك…هل… هل يمكنني الذهاب مع زين الى منطقة تدريب الفرسان….”
شعرت سيلفيا بالسعادة عندما طلبت إيزيل أمرا ما… رغم أن مكان الفرسان ليس أي شخص يذهب إليه.. لتنظر إلى زين لتسأل:
“زين هل هناك مشكل؟“
“لا بأس بإمكان ليدي إيزيل مرافقتي ان أرادت“
رد زين بلطف عنما شعر ما قصدته والدته …فهو أيضا سعيد لأنها لم تشعر بأنها ثقل كبير على المكان…. وقفت إيزيل فورا بعد أن شعرت بالارتياح وقالت بامتنان شديد:
“شكرا لك زين ، شيء آخر ، يمكنك الاتصال بي إيزيل فقط ، لا داعي للرسميات“
رمش زين عدة مرات ونظر سريعا إلى هيروك الذي كان يقطب حاجبيه بانزعاج لكنه ظل صامتا ثم أردفت إيزيل لإراحته:
“لا تقلق ، لا علاقة لهيروك بهذا و لن يتدخل في الأمر“
اندهش زين من معرفتها بما يفكر فيه ثم أومأ بابتسامة مستمتعة…لأنه يشعر بأن نظرات الآخر تكاد تخترقه من شدة قوتها..
ابتسمت سيلفيا بينما تنظر إليهم…وشعرت بمتعة في الأمر.. تعتقد بأن الدوقية ستعيش أياما ضجيج غير عادي…
************
ستيفن الذي كان في مكتبه بينما أوراق مكدسة على جانبه تنتظر موافقته والتي أجلها لموعد آخر…كان الموضوع الذي يتحدثون عنه أكثر أهمية …. وقف مساعده سيباستيان مقابلا له ليتحدث من بجانبه عن المشكلة التي يغوصون فيها الآن الفارس الذي كان يتجول معهم في الرواق قبل ساعات والذي كان اسمه لين:
“جميع الجثث كانت لهم ميتة واحدة“
كان فحوى الموضوع عن الجثث التي كانت ملقاة بجانب إيزيل و إيميلي تلك الليلة… موت غامض بطريقة غامضة …طفلتان لم تكادان تقوى إحداهما على النجاة وسط مجموعة من الملثمين…كان الدوق يدرك جيدا بأن الجاني الذي فعل ذلك بالملثمين كان موجودا في قصره… طفلة صغيرة لم تبلغ العاشرة سوى مؤخرا…لكن يبقى التأكد أمرا جيدا…تحدث الفارس مرة أخرى ليضيف:
“يبدوا الأمر و كأن شيئا اخترق أجسادهم و أفقدهم حياتهم“
“أثبت تشريح الجثث أن له علاقة بقوة كبيرة للمانا“
تحدث سيباستيان ليضيف عند انتهاء نقطة لين… صمت ثلاثتهم في اللحظة التالية …كان الدوق يفكر وهما فقط ينتظران تعليماته…شك مريب دخل أعماق الدوق وهو يفضل أن تكون شكوكه خاطئة ليردف هامسا:
“مانا كبيرة يمكنها قتل مجموعة من الرجال في مرة واحدة؟؟“
صمت مرة أخرى وأغمض عينيه لبعض الوقت…ثم عاد ونظر إليهما ليسأل ما كان يشك بأمره:
“هل علمت نوع السحر المستخدم ؟“
تردد كل من سيباستيان ولين ونظرا لبعضهما …شعر ستيفن بأن الأمر لم يكن خيرا أبدا إلا أن نظراته الباردة لم تظهر ما كان يخشاه ليقول لين ببعض الارتباك:
“…في الحقيقة …هناك شك في الأمر“
“شك؟“
نظر إليهم ستيفن بعيون ضيقة تحمل من الجدية ما جعل الاجابة تعلق في حلقهم ليرفع حاجبه ويضيف:
“المعنى؟“
“في الحقيقة … الأمر لا يصدق قليلا“
تلعثم سيباستيان في القائه لإجابته… فالأمر حقا لا يحتمل التصديق…يعلمون جيدا بأنها ابنة الأميرة موريانا ولكنهم يدركون جيدا من هو والدها …لم يصدقوا أن والدها يمكن أن ينجب ابنة تحمل هذا النوع من السحر، وأخيرا تحدث لين بسرعة قائلا ما كان في عقله:
“سيدي ، ليس قليلا بل هو لا يصدق حقا“
“ما الذي لا يصدق؟ أي نوع من السحر هذا الذي جعلكما مترددين في إخباري؟“
سأل الدوق والارتياب لم يفارق وجهه البارد…. بلل سيباستيان شفتيه وبلع ريقه ليتحدث جاعلا من عبوس ستيفن يبرز للجميع
“سيدي ، إن هذا الأمر ، إن علمت به الامبراطورة فلا شك بأنها سوف تتخلص من الآنسة….”
توقف سيباستيان ليتم لين مجيبا جاعلا من صوته يبدوا كصدى في المكان:
“سيدي، نوع السحر هو ذلك النوع المنقرض“
للحظة بقي متجمدا مكانه …أكثر ما كان يخشاه الآن يسمع بين أذنيه وعلى شفاه خادمه الموثوق …. لم يكن يرجوا أن تتحمل تلك الطفلة عبئا كهذا …كان يكفيها ما مرت به ليكون لديها تهديد كهذا…. مشكلته لم تكن معرفة الإمبراطورة بل طرف آخر.. يعلم جيدا بأن ذلك الطرف لن يترك الطفلة حية إذا ما سمع عن هذا النوع….اتسعت عيناه و انفتحت على مصرعيها و لم يخفى على الاثنين ارتجاف حدقتيه من هول الصدمة… لم يلوماه لأنهما أيضا شعرا بنفس الشيء …لم يصدقا ذلك حتى مع تأكيد الخبراء…لكن صدمتهم من ناحية و صدمة ستيفن من ناحية أخرى ..فلطالما كان تفكيره أبعد من أن يفكر فيه الشخص العادي و ها هو الآن يغمض عينيه يتكأ بذقنه على يديه المتشابكتان يضع بثقله فوق مكتبه …كان يفكر …يفكر بالنتائج …يفكر كيف عليه حماية طفلة لم ترى شيئا من العالم سوى الظلم و الاستبداد…يفكر كيف يمكنه تحرير الطفلة من عذاب كهذا… ليس خطأها أن والدتها توفيت …و ليس خطأها أنها ولدت في عائلة كتلك…و ليس خطأها أن تملك سحرا كهذا…
صمت لوقت طويل في ظله نظر لين وسيباستيان نحو بعضهما بارتباك ينتظران أوامر سيدهما …إلا أن كانت أول حركة قام بها …وقف…. وقف الدوق من مكتبه بهيبته وتقدم نحو النافذة التي خلف المكتب والمطلة على حديقة الدوقية …وقف هناك متأملا في كل شيء رغم أن عقله كان يملك ألف تخمين وتفكير حول الموضوع.. وقف ويديه يشبكهما معا خلف ظهره يشعر بأن عليه فعل ما يجب من أجل تلك الطفلة …. ليتحدث أخيرا جاعلا من الأخرين يجفلان فزعا:
“اذهب و نادي ذلك الأسود“
ارتبك سيباستيان ولين ولم يعلما من هذا الأخير…
“كنت أعلم أنك ستناديني؟“
بسماع صوت مألوف قليلا التفتوا الى ناحية الشرفة حيث يقف هيروك في ملامح باردة وجادة تطغى عليها الهيبة والوقار…. أمزح.. من قال إن هيروك يتصف بشيء كالوقار …لا وألف لا …شخصيته أبعد من ّأن تكون كذلك…في هاته اللحظة بدا مختلف تماما عما كان عليه مع إيزيل….
“لما أنت هنا؟“
“ألم تقم باستدعائي للتو و ها أنا أتيت“
سأل الدوق بحاجب مرفوع وهو يكتف يديه فوق صدره ليلقى اجابة مزدرية للآخر:
“هل طردتك سيدتك؟“
نقطة ….
لقد كانت النقطة المصابة في هاته اللحظة…
داس ستيفن بالفعل على الوتر الحساس حيث من كلماته أصبحت هالة الآخر سوداء قاتلة دليلا على غضبه…ولم يهتم ستيفن ليضيف بنبرة مستمتعة:
“كلامي صحيح“
“تحدث في الموضوع مباشرة قبل أن أهدم قصرك هذا فوقك“
تكلم هيروك سريعا بنظرة قاتلة مهددة إلا أن الآخر بدا له سخيفا ليقول ما يزعج هيروك أكثر شيء وهو ذكر سيدته:
“هل ستفعل هذا في عيون سيدتك؟“
انزعج هيروك وصرخ قائلا:
“توقف عن إصابة المركز في كل مرة“
في صراخه أحس ببعض الخجل من اقتراحه المتذمر
بقي ستيفن ينظر إليه بحاجب مرفوع بينما الآخر يكاد ينقض عليه …بدوا أمام الاثنين الآخرين وكأنهما في مسابقة تحديق…كان أول من قطع التواصل هو هيروك الذي شتم داخليا ليتحدث ستيفن أخيرا عن الموضوع الأساسي:
“إذا أتعرف لما استدعيتك؟“
“من أجل سحر سيدتي “
“إذا أتعرف ما هو سحرها بالضبط؟ نحن لسنا متأكدين بعد“
سأل لين في عجلة لأنه لا زال غير مصدق بوجود شيء كهذا …نظر اليه هيروك بطرف عين ثم تقدم وفي ملامح وجهه جدية كبيرة ونظر الى ستيفن وتحدث مجيبا:
“سيدتي تمتلك سحر الختم“
لم يستطع أي من سيباستيان أو حتى لين ألا ينصدما من هذا الخبر…لقد علموا بالأمر ولكنهم لم يصدقوا …كانوا يعتقدون أن التشريح خاطئ لكن هيروك الآن دحض شكوكهم وألقاها في بئر ليس له قاع…
من جهة أخرى بقي وجه ستيفن جادا لأنه أدرك ذلك منذ أن رأى قوتها وتأكدت شكوكه الآن …ليتحدث موجها سؤلا لهيروك:
“لهذا الإمبراطورة تحاول التخلص منها“
“كلا ، الأمر له علاقة بوالدتها“
عقد حاجبيه بغير فهم ليضيف هيروك:
“يمكنك القول بأن موت سيادتها له مؤامرة كبيرة داخل و خارج كارتا“
انصدم الاثنان اللذان كانا جانبا مرة أخرى هذا اليوم …لأنه وكما تعلمون تصريحات هيروك التي يلقي بها بسهولة كانت صعبة ليتم تشفيرها داخل عقليهما …
“لماذا؟“
السؤال كان من طرف الدوق في هاته اللحظة …ولم يبخل الآخر قائلا:
“لأن سيادتها كانت تمتلك سحر الطبيعة بقوة كبيرة و بقوتها تلك كانت الأقرب للعرش في امبراطورية لوان…. لديها العديد من الأطراف المعادية في لوان“
من المعترف جيدا بأن هناك تنازعات على العرش وبحكم لوان دولة في آخر الترتيب بين الإمبراطوريات الثلاثة فإن السبب الرئيسي لضعف حكامها هو نوعية سحر ورثة العرش.. إذا نظرنا بشكل منطقي من جهة كارتا التي تملك ساحر الضوء ومن جهة أخرى هيريون التي تملك أقوى سحر في الترتيب…كان الأمر مغايرا عند لوان فسحر الأرض الذي تملكه العائلة الامبراطورية يعد أضعف أنواع السحر من ناحية العناصر الأساسية … ضوء، ظلام، رياح، نار، ماء، أرض …كان هذا ترتيب العناصر المعروف في القارة….
ولأن موريانا امتلكت سحر من أندر الأنواع والذي في العادة لا يمتلكه سوى الإيليف لحبهم للطبيعة… لم يقتصر الأمر على كون موريانا تمتلك هذا النوع بل شدة وقوة هذا النوع …لأنها وصلت لمستوى تستطيع بها تطهير السحر الأسود وحتى الإليف يجدون صعوبة في ذلك…
هيروك يعرف ان هذا ما هو إلا سبب سطحي لموت موريانا ولكنه لأنه بحث واستنتج أن الأمر أكبر من أن يكون لعبة على الفوز بالعرش لأن وريث العرش الآن هو شخص أوكلته هي بنفسها قبل مغادرة لوان…
طرف لم يُحِب كون موريانا تمتلك سحرا قويا…
لم تكن كلماته غريبة على الأطراف المستمعة لأنهم كانوا يعلمون عن معارك العرش ليس وكأنهم في مكان لا يوجد فيه حروب باردة بين فصائل تتقاتل على العرش
“إذا ما علاقة هذا بسيدتك“
سأل الدوق بنظرات غامضة… لينظر إليه هيروك بجدية وكان ذلك مطولا جدا حتى تحدث في النهاية:
“في الحقيقة قبل وفاة سيادتها أخبرتني أمرا و حتى الآن سيدتي لا تعلم به“
عقد الدوق حاجبيه مستفسرا ليسأل سريعا:
“ما ذلك؟“
تقدم هيروك من مكتبه ووضع علبة صغيرة بحجم كف يده قائلا في ذلك:
“أخبرتني إن حدث و التقت سيدتي بك أن أعطيك هذا الشيء“
زاد عبوس ستيفن لينظر بينه وبين العلبة جاعلا من الاثنان الآخرين ينظران إليها والفضول يملؤهما …
بقي مكانه دون حراك ليحرك هيروك ذقنه مشيرا للعلبة كإشارة لفتحها…
تقدم ستيفن ناحية الصندوق الصغير…وما إن حمله حتى فتحه لتعتلي الدهشة تقاسيم وجهه ليغلقه في الثانية التالية وضعا إياه على المكتب بقوة محدثا صوتا قويا شاتما بن أنفاسه
“ما اللعنة؟؟؟؟؟؟“
فزع سيباستيان ولين معا من هول الصوت لكنه لم يكن أشد سوء من انتشار هالة الدوق في الأرجاء.. هنا والآن كانوا يرون الدوق سبينسر الذي عاش في زمن الحرب…الرجل البارد الذي جمد نصف المحيط… رجل حمل على أكتافه حماية العالم يوما عندما كان يافعا… لكنه الآن شارد …أجل شارد بالعديد من الأفكار الذي لم تسرَّه أبدا
أجل …ظنونه تتحقق مرة أخرى… وها هو الآن يشعر بالأسف مرة أخرى على الطفلة التي يرعاها في بيته…انه الآن يدرك بأن لعبة كبرى تجري في أنحاء كارتا وهو كان جاهلا لما يحصل… كيف يخبر زوجته بأن صديقتها ماتت بطريقة فضيعة …لا يعلم …لكن نقطة ضعفه بدأت تشتغل الآن…وأنتم تدركون من هي نقطة ضعف الدوق…
يشعر بأن الأمر أصبح ثقيلا ليستطيع التمسك به… موت الأميرة موريانا لا بد بأنه قد يجعل القارة بأكملها تهتز وها هو الآن يمسك بأكبر دليل على ذلك… ولا ننسى انتشار السحر الأسود الذي يفتك ببعض المناطق من اليابسة… بعد الأميرة موريانا لم يوجد أحد يستطيع تطهير السحر الأسود إلا شخص واحد…وبالطبع لا أحد يعلم إن كان قد وصل الآن لمستوى الأميرة موريانا أم لا…
“هناك أمر آخر لم تعلمه سيدتي“
تحدث هيروك مخرجا إياه من شروده ليضيف تاليا دون سماع رده:
“أخبرتني سيادتها أن سيدتي من الممكن أن تملك سحرا مزدوجا“
“مـ… مزدوج؟؟؟“
تلعثم لين في كلماته وهو يعيد ما سمعه ….. لم يكن الوحيد الذي شعر بالصدمة ليسأل سيباستيان ونظراته توحي كأنه فقدَ سمعه لوهلة:
“أنت لا تقصد أن يكون لها نوعين من السحر …صحيح؟“
رفع هيروك له حاجبا مؤكدا له صحة الأمر …أثبتت بذلك الشكوك التي لدى الآخر…لم يستطع سيباستيان مضغ كل تلك المعلومات في مرة واحدة لذا تنفس بعمق مرة …مرتين…ثلاث مرات…أربع…. هو يعتقد الآن أنه حتى إذا تنفس ألف مرة لن يستطيع هضم كل ما سمعته أذنه…. وتحدث لين عندما وجد أن الأمر غير منطقي:
“لكن لا يمكن أن يستطيع جسد بشري على استيعاب هذه المانا“
“أجل ، انه على حق“
كما وافق سيباستيان كحجة لدحض الهراء الذي يعتقد أنه سمعه…. المعذرة أقصد لدحض ما سمعه والذي يعتقده أنه مجرد هراء…
“يوجد“
تحدث طرف رابع ليكسر عنادهم والذي جعلهما يصمتان بكلمة واحدة منه …من تتوقعون …أجل إنه الدوق الذي أجاب وهو ينظر لهيروك وأضاف أيضا:
“يوجد بالفعل من يستطيعون احتواء هذه المانا الكبيرة، كما يطلق عليهم ، بأفراد الأوردة المزدوجة“
توقف قليلا ملقيا ناظريه أخيرا عليهما مضيفا مرة أخرى:
“اضافة لأن هذه الصغيرة ليست الوحيدة من هذا النوع ، ولي العهد أيضا يمتلك سحرا مزدوجا ، لماذا شعرتم بالغرابة من هذه الطفلة بالرغم من أن لديكم مثالا“
كان معروفا لدى الجميع أن قوة ولي العهد لم تتمثل في سحر الضوء فقط بل كان يحمل سحرا آخر وذلك السحر ورثه من والدته المتوفاة…
في النهاية كان على سيباستيان ولين أن يقتنعا سواء أحبا ذلك أم كرها الأمر ليتحدث سيباستيان في النهاية متسائلا عن الأمر الأهم:
“لكن ماذا سنفعل بأمر الطفلة…لا يمكننا تركها تعود الى حِجر ذلك الرجل الذي خطط لاغتيالها بواسطة قتلة مأجورين“
“أجل ، من الصعب على طفلة في العاشرة أن تبقى حية في مكان يتم تعذيبها فيه“
نظر ستيفن نحو سيباستيان ثم إلين اللذين تحدثا بالتتابع ثم حدق بهيروك الذي كان ينتظر جوابا منه
“و أنت ما رأيك؟“
“ما تقرره سيدتي هو ما سأفعله“
كان جوابا متوقعا منه لكن الأمر لم يعجب ستيفن لذا أردف قائلا:
“ألست مطيعا أكثر من اللزوم“
ما إن قال كلماته حتى برز عبوس في وجه الآخر ليضيف ستيفن مردفا:
“ألا تريد أن تعيش سيدتك في مكان آمن“
“ألا تلاحظ بأن خروج سيدتي من قصر الكونت قد يسبب لها خطرا أكبر“
تحدث هيروك بما لم ينطقه من قبل… أجل يدرك أن قصر الكونت مكان خطر لكن إذا خرجت منه فهي بالتأكيد ستكون في خطر أكبر…بالرغم من أنه سيحميها بحياته لكن لا يعلم إن كان ما حصل في الغابة سيعاد يوما ما…
“الدوقية هي من أكثر الأماكن أمانا في الامبراطورية لحمايتها“
رد عليه ستيفن بصرامة ورده جعل من الاثنين جانبا يقشعران رعبا:
“ماذا تريد أن تفعل إن وافقتُ على طلبك“
سأل باهتمام شديد ليقابله صمت قصير فقط ليجيب الآخر أخيرا:
“سأجعلها ابنتي “
اتسعت عينا وسيباستيان ولين على التوالي.. أما هيروك بقي ينظر إليه بتركيز شديد ليسأل بجدية:
“هل أنت جاد؟“
“أجل أنا جاد“
أجل… لا يمكن أن يكون مجرد مزح.. الدوق لا يقول شيئا مازحا بوجه كهذا… لقد وعد زوجته وسيفي بوعده… تحدث هيروك قائلا بنبرة تحذيرية:
“تذكر بأن أي شيء يؤذيها لن أسامحك عليه“
هو يهدد؟ أجل.. من؟؟…الدوق…كيف ذلك؟؟؟ لا أحد يعلم جرأة هذا الشاب الأسود…لم يخف من نظراته ولم يرتعب من هالته ولم يتأثر بأي مما فعله… كان الدوق متأكدا بأنه ليس عاديا …بلاكي …اسم أخذه له منذ الآن…تتساءلون ماذا ستكون ردة فعل الدوق من تهديد كهذا …. ابتسم …وكما قلت فهو ابتسم بخفة مجيبا الآخر بنبرة مستفزة:
“لا تقلق ، لست أبا بلا قلب… بلاكي“
تجمد هيروك مكانه في اللقب الذي تم اعطاءه إياه على حين غرة… ماذا يفعل …هل يقتله …لكن سيدته ستغضب…. هو فقط لا يحب هذا الرجل الذي يحاول جعل شياطين عقله تدور …. جزء كبير منه يقول اقتله …. هذا الرجل الوغد لقد سماه على اسم جرو لعين…هل ينظر إليه كأنه مهزلة…. كان الحل هو الذهاب من هنا لأنه لا يريد إغضاب سيدته أكثر من ذلك وتجاهل الدوق اللعين …كما يسميه هو…. وغادر من الشرفة مثلما أتى…
***********
بينما الجميع في المكتب هناك يخططون لمستقبلها ويتحدثون عن أسرار لا تعلمها كانت الآن تنظر ناحية الفرسان الذي يتدربون بالسيوف… كانوا مقسمين لمتدربين الذين يستخدمون سيوفا خشبية والفرسان الرسميين فيستخدمون سيوفا حقيقية… أعجبت إيزيل التي ظلت جالسة على طاولة في الجانب تركز على كل حركة يقومون بها وكل خطأ حدث في حركتهم …لقد اكتسبت من هيروك النظرة الثاقبة فلقد علمها ملاحظة لغة جسد الخصم رغم أنها لم تتعلم كيفية استخدام السيف حتى الآن.. إلى أن هيروك علمها مراقبة الناس ورؤية حركاتهم وما يحدث من خطأ في تحركهم … كانت معجبة بصوت السيوف حين التقائها … لمعت عيناها من المنظر لأجل ذلك… أرادت أن تحمل سيفا هي أيضا… في داخلها تعتقد أن ذلك سببه ارادة امتلاك القوة لكن جزء منها كان يحب السيف يحب كيف يتم التلويح به …لمعانه حينما تنعكس الشمس …بدا جميلا لناظريها…..
كان تفكر ولم تخرج من شرودها …حتى مع تقدم زين ناحيتها وانتشار الفرسان للراحة … تقدم وجلس على المقعد الذي أمامها ليلتفت للخادمة التي وراء إيزيل …
“أريد بعض الماء“
تقدمت الخادمة ليز خادمة إيزيل الحالية وسكبت بعضا من الماء من أجله …
“تفضل ، سيدي الشاب“
أخذ الكأس يرتشف بعضا منه وألقى ناظريه ناحية إيزيل…نظر إليها ورأى شرودها في المكان ليتحدث سائلا:
“هل هناك خطب؟“
“…هاا؟ ماذا؟“
لم تلحظ قدومه ولم تلحظ متى جلس أمامها كلماته التي أيقظتها جعلتها تفزع وتنظر إليه باستفهام …ابتسم زين مقابل ذلك ليتحدث بلطف:
“لقد سألتك إن كان هناك خطب ما“
“لا ، لا كلا لا يوجد“
عقد حاجبيه مع ابتسامة خفيفة ترتسم على شفتيه وسأل عن سبب ترددها في الحديث:
“هل أنت تفكرين في كلام أبي على مائدة الفطور؟“
تذكرت إيزيل للتو ما ذكره الدوق على مائدة القطور هذا الصباح لتتنهد من حمقها لغفلتها على أمر مهم كهذا
“الأمر شبيه بذلك“
“كيف؟“
ترددت قليلا وصمتت لم تكن تعلم كيف تقول له ما كانت تخمن فيه وناظريها ملقاة نحو الفرسان الذين يستريحون …حمل السيف… ربما مجرد حلم.. ولكنها عازمة على المضي قدما…شعرت بنظراتها ترق عندما تنظر لسيف من السيوف لتتحدث بدون وعي منها:
“هل أستطيع أن أصبح فارسة؟“
لاحظت إيزيل أنها تكلمت دون وعي ولكنها لم تندم وانما تنفست بارتياح لشعور ببعض العقد داخلها تنحل ببطء…
تجمد كل من ليز وزين في كلماتها وصمت زين ينتظرها لتتابع وأكملت دون أن تنظر اليه:
“الأمر صعب قليلا للتصديق…بأن تفكر فتاة نبيلة في أن تصبح فارسة… كل ما أردته هو القوة من أجل أن أتخطى أعدائي“
توقفت قليلا وهي تستجمع نفسا لتلقي التالي من كلامها:
“أردت القوة من أجل حماية من أحب…في بعض المرات كنت أفكر أنه ما كانت أمي لتموت لو أنني كنت قوية جدا…”
ربما لا يدرك أحد ذلك ولا أحد يشعر بما تشعر به الآن…في هذه اللحظة تشكلت غصة داخلها جعلتها تتوقف قليلا عن الكلام…وبإجهاد عظيم حاولت أن تخرج صوتا ثابتا لتقول:
“احساسي بالذنب منذ ذلك الوقت مازال لم يفارقني ، لم يكن مجرد ذنب بداخلي بل هو ممتلئ بالغضب و الكراهية من جذورها……في الحقيقة علي أن أشكر عائلة الكونت لأنهم هم من أيقضوا قوتي“
ربما في هاته اللحظة شعر بالعديد من المشاعر و هو ينظر لطفلة لم تستطع حتى الابتسام لتعبر عن شعورها بالفرح… كان يعلم أنه إذا كان شعوره الشفقة فلن يكون ذلك إلا إهانة لها… لكن رغم ذلك كان يشعر بالإعجاز في تعبير ما يغمر دواخله…كلماته انقطعت ..و لا يعلم كيف يعيد صياغة الأمر…كلمات تشكلت في حلقه الآن و لكنه لم يستطع قولها ..لإنه إن قالها سيكون كسخرية لمشاعرها… أراد قول بأنها مذهلة… قوية ….ذات عزم كبير… ربما طفل آخر ما كان قد صبر على كل تلك المحنات التي مرت بها و التي كان يجهلها… لكنه متأكد من شيء واحد …شعور واحد متأكد منه و الآن يشعر به… الفخر… لا يدري لكن هذه الكلمة لا تقال إلا للأشخاص المقربين و لكن هذا ما شعره في هذا الحين…
شعر بها ترفع عينيها نحوه لتلتقي نظراتهما في الهواء…لكنه لم يفلتها.. لم يتحاشى النظر إليها وانتظر كلماتها التالية التي بدورها لم تخن ثقته وقالت بنبرة سائلة:
“هل تعتقد أن هناك مشكلة في حلمي هذا؟“
لم تكن إيزيل تنتظر رده بل كان مجرد سؤال كان من صميم قلبها.. هي تسأل نفسها قبل سؤاله هو …كانت تسأل هل هناك مشكلة فيما تفكر به؟ في الانتقام؟؟؟…في بحثها لاكتساب القوة…. كانت تعي بأنها ستفعل ذلك سواء أكان جيدا كمستقبل لها أم لا…. تنهدت معيدة ظهرها لظهر المقعد لتتكئ عليه …ولم تلبث للحظة حتى توقفت وسط كلامه الذي باغتها:
“لا أعتقد ذلك“
اندهشت من كلماته وحدقت فيه مطولا تنتظر مزيدا من الشرح وبجدية ترتسم على وجهه تحدث مفسرا:
“أعتقد أن من حق أي شخص الحصول على حرية عيشه ،ألست تريدين العيش من أجل تحقيق أهدافك؟“
ابتسم في نهاية كلامه وأضاف بعد صمت قصير:
“أنا أحترم حلمك هذا و لك الحق في تحقيقه ، ليس عيبا على المرأة أن تكون فارسة ، هناك العديد من النساء كانوا أبطال الحروب، لذا لا ضير في ذلك“
في العادة هي من تدهش الناس ولكنها الآن كانت تندهش من كلماته …لم تنتظر جوابا وها هو الجواب أتى إليها بقدميه حافيا دون مقابل… تحفيزه الكبير كان قادرا على جعل ابتسامة طفيفة صغيرة جدا ترتسم على ملامحها الحادة التي بدت كقطة شرسة وأردفت بعد أن عدلت وجهها تبعد نظراتها عنه دليلا على خجلها:
“شكرا على كلماتك الصادقة“
ربما لم يلحظ زين خجلها لكنه لاحظ تلك الابتسامة الصغيرة جدا على وجهها الصغير…بدت كشخص قليل الكلام فظل يتحدث معها جاعلا من نفسه يستكشف بعضا من شخصيتها…ليندهش من كلماتها الصريحة…لقد كانت تتحدث بكل شيء و لا تلعب لعبة اللف حول الملعب… أحب ذلك فيها و جعله ذلك يركض لتعلم المزيد عنها… بينما ليز كانت تنظر إليهما يتحدثان بانسجام… مشهد بدا لعينيها كحديث أخوي أكثر من كونه لغرباء… تمنت أن تكون إيزيل ابنة الدوق و لكن للأسف القدر ليس جيدا لكل الناس… فالحياة تختبرنا بالصعوبات في بعض الأحيان… و هذه الطفلة محنتها منذ طفولتها.. تمنت ليز أن تخرج من محنتها عمّ قريب… ربما أفكارها ذهبت بعيدا لدرجة أنها ارتبكت ما إن وجهت إيزيل نظراتها نحوها لتقول:
“بالمناسبة ،هل استيقظت إيميلي؟“
“ليس بعد ، لقد طلبت من الخادمة التي تعتني بها أن تخبرني حين استيقاظها“
“شكرا لك“
أومأت بفهم وشكرت بامتنان على عملها لتُشعِر ليز بالحرج وتتحدث فورا بسرعة:
“لا داعي للشكر فهذا عملي لا أكثر “
“لدي سؤال لك“
تكلم زين ليجعل إيزيل تستدير نحوه وتعطيه كامل تركيزها كموافقة على ذلك ليتحدث قائلا:
“هل أنت والسيد هيروك فقط من تملكان مانا في أجسادكم؟“
“هل تقصد إيميلي؟“
‘فقط’ كلمة فهمت مقصدها منذ أن قالها…
سأل ما إذا كانت إيميلي تملك مانا مثلهما … رغم أن السؤال كان مباشرا وغير مباشر في نفس الوقت… إلا أنه أدرك جيدا بأنها ستفهمه ما إن يقولها…. وبالطبع لم تخن ثقته عندما ذكرت اسم إيميلي ليومئ إجابة عليها… لتتم مجيبة:
“إيميلي لديها مانا مختلفة عني و عن هيروك ، السحر الخاص بي و بهيروك هجومي أما الخاص بإيميلي فيتعلق بأمور أخرى“
“ما هو نوعها؟“
ربما مجرد فضول انتابه في هاته اللحظة ولكن شعر بأنه ليس إيزيل وهيروك المميزين الوحيدين… لا بد أن الطفلة الأخرى تملك شيئا مميزا… لا يعلم ما السبب ولكنه مجرد شعور…
فتحت فمها للتحدث فقاطعها صوت من بعيد لتعقد حاجبيها…
التفتت إيزيل ناحية الصوت لتظهر خادمة بنفس عمر ليز على ملتقى عينيها… توقفت ما إن صارت أمامهم وهي تلهث وتلتقط أنفاسها فسأل زين بعبوس طفيف:
“ما المشكلة؟“
بعدما هدّأت الخادمة نفسها وأخذت نفسا عميقا لتتحدث بنبرة معتذرة:
“أعتذر على المقاطعة و لكن الآنسة إيزيل كانت تنتظر وقت استيقاظ الآنسة ايميلي“
وقفت في آخر كلام الخادمة جاعلة من أنظار الجميع تلحقها والدهشة تعلوا ملامحهم… نظروا إلى وجهها المرتبك الذي يملؤه الكثير من المشاعر المختلطة.. ربما غبطة وحزن… ربما غضب وألم… لا تعلم ولكنها الآن تحدثت بصوت يرتجف:
“هل استيقظت؟“
“…أ… أجل…”
إجابة قصيرة من الخادمة جعلتها تنظر سريعا نحو زين معتذرة:
“زين ، آسفة علي الذهاب الآن“
“لا بأس ، اسرعي اليها“
في كلماته الأخيرة مع ابتسامة صغيرة على شفتيه اندفعت إيزيل بسرعة تحمل ثوبها الذي يصل لركبتها متتبعة الخادمة ووراءها ليز …. نظر زين إلى ظهرها الذي يبتعد بابتسامة وتساءل فقط… فقط لو كان لديه أخت مثلها…
*************************
انتهى الفصل
فصل انتهى بأكثر من 4400 كلمة…
يبقى تعديله في سرده المختلف عن السابق…
و أيضا أضفت شيئا لم يكن في النسخة السابقة و العلبة التي قدمها هيروك لستيفن و ذلك ما جعل معالم وجهه تتغير…
في البداية لم أكن أنوي أن يكون هكذا على أن تكون هذه العلبة بحوزة إيزيل لكن وجدت أن الحبكة ستضحى أفضل هكذا و أكثر منطقية…
ففي رأيكم ما هو الموجود بهذه العلبة؟
و من هو العدو الخفي الذي يخشى الدوق ذكره و الذي من الممكن أن يهدد حياة الطفلة الصغيرة؟
بلاكي…😍
الاسم الجديد لهيروك على لسان الدوق😂…
حبيته و شفت انه يليق بيه🥰…
***
يتبع…
الرواية على الوتباد:
حسابي على الأنستغرام: