For anyone who hurt my mother - 04
- الصفحة الرئيسية
- جميع القصص
- For anyone who hurt my mother
- 04 - الدوق سبنسر -الجزء الثاني-
يعتقد البعض أن الحل الوحيد لتحرير الحزن الداخلي هو البكاء
لذلك يخبرونني أن أبكي كي يتحرر ما في قلبي …لكن هل أستطيع فعل ذلك الآن؟
هل إذا بكيت من الممكن أن أتحرر من عذاب الضمير الذي أمر به؟
⚜️⚜️⚜️⚜️⚜️⚜️⚜️
ربما مشكلتها لا تخص أحد… ربما ما تمر به لا يعلمه أحد… لكن هل يعرف البالغون ما يشعر به أطفال مثلنا؟؟… هل يعلمون أننا نعاني بطريقة ما في داخلنا لكننا لا نستطيع إخبارهم… ربما هناك فئة من الأطفال لا يتحملون الألم ويبقون يذرفون الدموع أو الشكوى لأي شخص أمامه…. هذه الفئة من السهل التعامل معها… بينما الفئة الأصعب كانت أن يحمل الطفل على أكتافه عبء العالم… أكثر ما تكرهه هذه الفئة أن تكون مثيرًا للشفقة.. كبريائهم ما يجعل تعابيرهم تعبر عن نضجهم المبكر… أطفال تم إهمالهم.. أو أطفال تم تدمير حلمهم… أو أطفال تم سلبهم دفئهم..
إن كانت تريد أن تصنف نفسها من فئة فستكون الأولى والأخيرة… لقد تم إهمالها من قبل والدها.. وسلبوا الدفء الذي كان يغطي حياتها… كانت طفلة ميتة.. تنفسها هو ما يثبت أنها على قيد الحياة… وما يحزنها أكثر هو ذكر سحر الطبيعة… فقط ذكره لمسامعها يجعل عيونها تذبل تدريجيا…
كانت أمام عينه الآن تحاول وبكل جهد ألا تنظر إلى وجهه.. لكن لم يغب عنه نظراتها التي تحاول إخفاءها عن العالم… منظرها وهي تفعل هذا كان يذكره بذلك الشخص… لتردف قائلة مجيبة على سؤاله السابق:
“الأمر ليس كذلك”
“ما الذي تقصدينه؟”
كانت تملك صفات سحر الطبيعة… سحر تعريفه في اسمه… ما يتعلق بالطبيعة.. أرض، غابة، أشجار، نباتات حيوانات وطيور…. عندما نذكر الطبيعة ماذا يجول في خاطرك…الأخضر.. حقل من الزهور …أو الهدوء… سحر يجلب الراحة إذا تم استخدامه.. التواصل مع الحيوانات كانت إحدى مميزات سحر الطبيعة…. ردها جعل من الدوق يعبس بغير فهم لتنظر إليه أخيرا بعد أن استطاعت كبت مشاعرها الداخلية:
“سحر الطبيعة ، هو سحر الخاص بأمي ، لقد ورثت بعض منه فقط”
رغم محاولاتها استطاع رؤية الألم عند ذكر والدتها…. فأردف وهو يتابع طريقه للأمام
“آسف لأني ذكرتك بوالدتك المتوفاة حديثا”
اتسعت عينا إيزيل ونظرت اليه بدهشة وحيرة واستفهام …والدتها المتوفاة كانت معروفة لدى الجميع… لكن كيف عرف بأنها ابنة الأميرة موريانا ….’كيف عرف ذلك؟’…
لم تخرج يوما برفقة والدتها… لطالما كانت محروسة من قبل هيروك ولم تسمح لها والدتها بالخروج ليعرفها العالم وكأنها تحاول حمايتها من شيء كان أهم من حمايتها من الكونت بحد ذاته… بالطبع لا هيروك ولا هي ولا إيميلي يعلمون ذلك.. كانت حدودهم فقط الجلوس في الغابة الشرقية معا… أو ربما حينما تسللت مرة أو مرتين برفقة إيميلي وهيروك عندما كانت والدتها تقابل أحدهم…
استشعر بنظراتها المندهشة التي تطلب تفسيرا ليجيب وناظريه للأمام
“تابعك الذي في الخلف هو من قام بإخباري بالكونت هازل و الامبراطورة”
“هيروك؟”
تلقائيا نظرت إيزيل لهيروك الذي في الخلف والذي أدار وجهه بسرعة لينظر إليها وتلتقي نظراتهما في الهواء.. كانت تنظر لعينيه وتفهم جيدا ما يقوله… نظراته كانت تتكلم وفقط وحدها من تستطيع فهمها.. لطالما أراد قتل الكونت، لكن بسبب الأمر الذي قيدته به أشعره ذلك بالعجز من مساعدتها… إنه يفهمها ويفهم أنها تحاول حمايته من الأذى لكنه أيضا لا يتحمل كيف يتم إيذاءها أمامه ولا يستطيع فعل شيء…
“لا تقلقي ، لن يلمسوك ما دمت في قصري”
…لم يكن مجرد لطف… كان يعتقد بأنها تحتاج هذا الأمان… و ربما لأنه لطالما فكر في هذا الأمر… رغم إنها لم تكن فكرته في البداية بل فكرة زوجته التي طلبت منه أن يقتحم قصر الكونت و يختطفها… قد تتساءلون كيف لزوجة الدوق أن تحمل عقلا إجراميا… لكن لا… بما أن الدوق رجل ليس بعادي فلا بد أن زوجته ليست بشخص عادي أبدا…… من جهة أخرى كانت تعتقد أن كل هذا كثير عليها و أن عليها الرفض… و لأنه قرأ أفكارها قال مضيفا:
” ثم إن والدتك كانت أفضل صديقة لزوجتي ،لذا بإمكانك أن تريحي نفسك في القصر أو تعتبريه منزلك”
ربما في هاته اللحظة شعرت ببعض الدهشة من جملته الأولى التي يخبرها بأن زوجته هي صديقة والدتها المقربة ولكن كان لثواني حتى تحدث عن المنزل… هل يمكنها أن تعتبر هذا المكان منزلها؟ … لربما تشعر بالثقل من البقاء في مكان ليس مكانها… في النهاية تحدثت بأمر لم تكن تعتقد بأنها ستقوله
“أردت الهروب من قصر الكونت منذ وفاة أمي”
اندهش الدوق منها وخفض وتيرة مشيه لينظر إليها ويردف متسائلا:
“و لكن إلى أين كنت ستهربين؟”
تنفست بعمق لتترك نفسها تهدأ ثم تحدثت عما كان يجول بخاطرها… تحدثت وهي لا تعلم لم عليها اخباره بما أرادت فعله… تشعر بالغرابة من نفسها وتشعر بالغرابة من مدى ارتياحها لهذا الرجل:
“كانت هذه خطتي في البداية و لكن…”
صمتت قليلا لتأخذ بعض الهدوء.. كان يعلم أن كلامها لم ينتهي بحد ‘لكن’ لتعود قائلة وقبضتها الصغيرة تضغطها على بعضها بقوة:
“لكن لن يحصل ذلك قبل الانتقام لأمي”
نظرت إليه… وقالتها بينما تقابل عينيه… لم تكن تشعر بالحرج لقول هذا… لكنه فقط بادلها بنظرات غامضة نظرات لم تميزها هي…. لم تكن نظرات الشفقة التي كرِهَتها ولم تكن كرها مثلما اعتادت أن يُنظر لها.. كما لم تكن سخرية لعزمها.. فقط كان صامتا… صمته كان دليلا على احترامه لقرارها.. نظرته التي وأخيرا فهمت معانيها جعلت من تعابيرها ترق.. لا تدري ولكن تلك النظرات جعلت من شعور داخلي غريب يجتاحها… كان شخصا ارتاحت له.. وتساءلت عن ارتياحها لشخص غريب… نظراته الصادقة التي لم تكن شبيهة بالنظرات التي كرهتها جعلتها تشعر بشعور غاب عنها لمدة ثلاثة أشهر… في هاته اللحظة لم تعرف ماذا تفعل لتخفي وجهها.. فدفنت وجهها في عنقه تخفي كيف لتعابيرها التي لم تخف عليه كيف رقت وشعر بارتياحها معه… ابتسم بخفة وهو يراها تتهرب من نظراته.. وابتسم مرة أخرى يشعر بها تعانقه بيديها تلف يديها حول رقبته وتدفن وجهها تشتم رائحة عطره.. بدت كقطة تحتمي بدفء صاحبها
بينما في الخلف كان هناك اثنان تجمدا لسماع كلمة الانتقام من طفلة بعمر العاشرة.. ابن الدوق والفارس كانا جاهلان لما مرت به هذه الطفلة ووالدتها لتطالب بالانتقام… في الإمبراطورية بأكملها لا يوجد أحد لا يعرف عن نذالة الكونت هازل لكن ما الذي فعله بزوجته التي حملت في دماءها سحر الطبيعة التي لا يتأثر بالسموم وتستطيع علاج نفسها به حتى جعلها تموت… كان اليوم الذي ماتت فيه الأميرة موريانا يوما عاصفا حزينا حتى الطبيعة لم تترك مكانا إلا وأقامت طقوسا كحزن على فراقها… في ذلك اليوم بقيت السماء تمطر لأسبوع كامل.. والرياح العاصفة التي خلفت الكثير من الحوادث…. لكن إلى الآن مازال الجميع يجهل سبب وفاتها…
التفكير منعكس لدى الجميع… بينما الاثنان يحاولان جاهدان تخمين ما حصل مع الأم وابنتها كان هناك شخص ثالث يرسل شرارات بعينيه ناحية الدوق وكأنه يحاول ثقب رأسه… كانت نظرته الحادة مرسلة منذ أن رأى إيزيل تعانق الآخر… كان على وشك اختطافها من يديه لكنه توقف لأمر سيدته…
الدوق الذي شعر بنظراته لم يلق له بالا وإنما أردف قائلا يتابع سيره بوتيرة معتدلة:
“سنتحدث فيما بعد عن هذا ، عليك أولا بالاستحمام و تغيير ثيابك”
رمشت إيزيل عدة ونظرت لنفسها لتجد أنها مرتدية ملابس النوم… ماذا؟؟؟ هل كانت ترتدي ثياب النوم منذ البداية؟ … احمر وجهها بالكامل ودفنت وجهها بصدر الدوق فورا… تحاول بذلك أن تختفي من الوجود…. ابتسم لخجلها متابعا سيره للأمام..
ما إن وصلوا لداخل القصر حتى كُشِف لناظريها تلك القاعة الكبيرة… لقد كان مدخل القصر فقط ولكن بالنسبة لها بدا مبهرا… كان قصرا واسعا جدا من الداخل مزينا بشكل لطيف وأنيق.. حتى الزخرفة متنوعة ومتناسقة …أسلوب يمثل الهدوء…
انحنى الخدم لسيدهم فور رؤيته واندهشوا برؤية إيزيل بين أحضان الدوق.. والتي كانت تنظر للثرية ببعض الاهتمام … الثرية التي تتوسط المكان أكثر ما لفت نظرها هو ضخامة حجمها… كانت كبيرة جدا.. تتساءل كيف استطاعوا وضعها هناك… رأى الدوق كيف تنظر للثرية بنظرة غريبة ليسأل:
“هل هناك خطب؟”
لم تنظر إليه وإنما عبست تقول ما يوجد داخل عقلها:
“أراهن بأنها إن سقطت على أحد سيموت فورا”
في البداية نظر بينها وبين الثرية وبعد رؤية اهتمامها الصادق ابتسم بخفة ليقول بلطف:
“لا تقلقي ،هذا منزل الدوق سبينسر و لن يحدث مثل هذا الشيء… ثم انه تم تركيبها جيدا بأداة سحرية…إذا حدث و انكسر شيئا فيها ستحدث ضوضاء”
التفتت إليه أخيرا لتشعر ببعض الراحة… راحة؟ … لما هي مرتاحة لشيء كهذا… رمشت عدة مرات ولكنها لم تجد ضالتها لتعود وتنظر للدوق بعبوسها السابق ليختفي تمام عندما تراه يبادلها ابتسامة خفيفة… ربما الآن فهمت… القلق بشأن منقذها ليس شيئا يمكن أن تخجل منه.. اعتقدت نفسها سيئة لكنها في النهاية لم تتعلم أن تكون سيئة مع الأشخاص الجيدين… شعرت بالحرج مرة أخرى لتدفن رأسها مرة أخرى على رقبته.. جعله ذلك يشعر بإحراجها الذي بدا لطفلة حقا… اندهش الخدم الذين كانوا يناظرون الدوق والطفلة التي بين يديه.. كانت المرة الأولى التي يحمل فيها طفلا آخر باستثناء أطفاله… كان هذا في السابق لأن الآن السيد الصغير ابنه الثاني والذي يكون أصغر من إيزيل يرفض دائما أن يحمله والده… كان فتى عنيدا وكان يدعي القوة أينما ذهب… حتى الأميرة إبينيا لم يحملها يوما والآن هو يحمل طفلة لا يعلمون من أين أتت.. وأكثر ما جمد حركتهم هي عينيها التي بدت بارزة مع شعرها الأسود عيونها النادرة التي لا تتواجد في أي مكان في كارتا… وأكثر من ذلك كانوا يتساءلون كيف نزلت من الطابق الرابع…
من بين جميع الخدم أسرعت احدى الخدم ووقفت أمام الدوق وانحنت للاعتذار:
“آسفة ، حضرة الدوق ، لم أقم بعملي بشكل جيد”
كانت خادمة وفية وتقوم بعملها وإذا أخطأت ستعتذر.. لم تكن غير مسؤولة لأفعالها، لكن ورغم قوة إرادتها مازالت واقفة أمام الدوق وهي تعلم جيدا ذلك:
“ارفعي رأسك”
تكلم الدوق بصوته البارد الذي بدا غريبا لإيزيل.. لقد رأت نظراته الباردة سابقا والآن تسمع صوته البارد.. لقد كان يتحدث معها بهدوء ونبرة دافئة قبل لحظات…
رفعت الخادمة رأسها بتوتر ونظرت لعيون الدوق الباردة… ارتجفت في لحظة حين تلاقي عيونها بعيونه لتنزل رأسها فورا بتوتر وعصبية… اقترب أكثر ليتحدث بصوت جعل الجميع يرتعد خوفا:
“أجبيني … لو لم أكن هناك ماذا كان سيحصل؟”
كلمات باردة كانت تجعل من مستمعها يشعر بالرعب… ولكن أكثر من تضرر هي الخادمة التي كانت أرنبا صغيرا أمام ملك الغابة…
نظر إليه هيروك باهتمام شديد.. لقد كان يعتقد منذ البداية أن هذا الرجل ليس ضعيفا… فيبدوا أنه كما تقال عنه الشائعات…
“لا بأس …فهو ليس خطأها”
تحدثت إيزيل لتزيل هالة الدوق المتجمدة على الجميع باستثنائها طبعا… لم يخن الدوق توقعها لأنه ما إن تحدثت حتى أزال هالته ببطء لتضيف موضحة:
“أنا السبب في السقوط ، لو أنني استمعت لها منذ البداية لما حصل هذا”
نظرت للخادمة التي ترتجف وجعل ذلك من وجهها شاحبا أكثر مما كان عليه عندما سقطت.. لا بد أن هالة الدوق هي ما جعلتها بمثل هذه الحالة لتقول بأدب:
“أنا آسفة لتسببي بالمشاكل لك”
انفتحت عيون جميع الخدم على مصرعيها… كان من الغريب أن يتصرف بعض النبلاء بنبل ولكن يبدوا أنه ليس فقط زوجة الدوق كريمة في أفعالها.. لا زال هناك أناس ذو قلوب طيبة… من تكون هذه الطفلة بالضبط؟ … كانت تملك قبا نقيا… كما لاحظوا جمالها والذي زاد في عيونهم الآن… ‘لــطــيــفــة!!’ …بصوت واحد…. جميع الخدم فكروا في نفس الشيء معا…. رغم ملامحها الباردة وكونها طفلة في العاشرة إلى أنها كانت جميلة في عيونهم… طبعا السبب كان واضحا… الدوق في العادة لا يرحم أي أخطاء لو لم تكن زوجته من تعانده في هذا…كانت زوجته هي ملاكهم في قصر الدوق بدونها يصبح القصر كبيْت الرعب… ثم ظهرت هذه الحسناء اللطيفة …إيزيل لم تكن لطيفة ولكنها بدت كذلك بالنسبة إليهم…
“لما تعتذرين؟”
تحدث الدوق مع عقدة صغيرة زينت ملامحه لتجيبه بهدوء:
“لأنني المخطئة”
فتح فمه ليتحدث فقطعه فتح باب القصر ليدير رأسه ناحيته… دخلت امرأة حسناء.. ذات منظر جميل
.. وابتسامة جميلة تعلوا وجهها.. كان شعرها الأرجواني الذي ينتهي بتموجات لطيفة ينسدل خلفها بحرية وعينيها اللامعتين لا تخالفها في اللون… كان مظهرها النبيل ومشيتها الراقية يبرز علو مكانتها… دخلت وتركت وراءها الخدم الذين يمسكون ببعض الأغراض.. بدا الأمر وكأنها قد عادت من التسوق، نظرت الى المشهد وسألت باستغراب:
“ماذا يحصل هنا؟”
“هل عدت أخيرا من التسوق؟ سيلفيا”
سأل الدوق المرأة المدعوة سيلفيا بوجه أبدى اعتراضا لبعض الأشياء… لكن يبدوا أن الأخرى لم تميز نظراته تلك وأجابته بعيونه اللامعة
“لقد أحضرت بعض الفساتين لعزيزتي إيزي”
ماذا؟؟؟؟
إيزي؟؟؟؟؟؟
رمشت إيزيل عدة مرات في كلامها …هل قالت إيزي للتو…
أعادت سيلفيا نظرها للدوق وبالتحديد إلى إيزيل مباشرة حيث يحملها بيد واحدة ولمعت عيناها مرة أخرى بفرحة كبير وانطلقت نحوها متوقفة عندها قائلة بسرعة:
“لقد استيقظتِ أخيرا عزيزتي ، هل أنت بخير الآن ؟ هل تشعرين بأي ألم في أي مكان؟ هل أنت مرتاحة في هذا المكان؟ هل أزعجك زوجي الغبي؟ أعلم فهو بارد جدا ومن الصعب ترويضه”
ارتبكت إيزيل من هجوم الأسئلة الذي تلقته نحوها من قبل المرأة الغريبة التي تقف أمامها…لم تستطع نطق حرف واحد في ظل هذا الظرف… ثم هل قالت عن الدوق الأكثر شراسة في الامبراطورية أنه غبي؟ …. مهلا، انتظر هل قالت “زوجي” للتو… هل يمكن؟ عند إدراكها لهوية المرأة نظرت إليها بغير تصديق سمعت صوت الدوق قائلا:
“توقفي سيلفيا ، لقد أربكت الطفلة بتصرفك هذا”
“صحيح أمي ، ألا ترين بأنه يجب عليها الراحة الآن”
تحدث الفتى الذي دخل أخيرا وبجانبه الفارس اللذان كانا يتحدثان قليلا في الخارج باستثناء هيروك الذي ظل يلاحق الدوق وكأنه طفل يحاول استرجاع حلواه التي سرقت…
“صحيح ، آسفة لقد كنت متحمسة لرؤية ابنة صديقتي المقربة”
نظرت لإيزيل بابتسامة مشرقة …لقد شعرت بالدفء مرة أخرى هذا اليوم …هذه المرأة التي بدت مألوفة والتي علمت اليوم أنها كانت صديقة والدتها …نظرت إليها بحنان ودفء كبير.. شعرت بالحرارة تجتاح دواخلها…مرة أخرى ها هي عينها ترق من جديد هذا اليوم تشعر بالراحة بين هاذين الزوجين…
من ناحية أخرى كان الدوق لا يزال ينظر لزوجته بتقضيبة بين حاجبيه…كان يرى سعادتها الحقيقية وأخيرا بعد وقت طويل … كانت تهتم للطفلة جيدا أكثر من اهتمامها لنفسها…
كانت بجانب إيزيل منذ أن أحضرها واليوم فقط بعد أن أقنعها لتفعل شيئا يسليها دون البقاء والنظر للنائمة فقامت وذهبت للتسوق من أجل ابنة صديقتها.. مرة أخرى من أجل ابنة صديقتها.. لم تنتظر جوابه إلا ووجدها تركب عربتها للخروج…كان هذا ما جعل عبوسه يزين وجهه الوسيم والحاد.. لكنه كان يعلم جيدا بأنه لن يستطيع البقاء هكذا لذا تنهد بخفة تاركا عبوسه يذهب مع التنهيدة …لقد كانت زوجة الدوق نقطة ضعف حقا.. إذا كان هناك أحد لم يستطع السيطرة عليه فهو سيكون زوجته.. لقد كانت حيوية ومرحة.. وهذا ما أحبه فيها.. عليه أن يكون شاكرا لوجودها..
“ليز ، اذهبي و جهزي الحمام من أجل إيزي ، عليك تحميمها و تجهيزها من أجل الافطار، يجب أن تتغذى جيدا …أفهمت”
أمرت الدوقة الخادمة التي كانت أمام الدوق مباشرة والتي كانت خادمة إيزيل منذ مجيئها للقصر
“حاضر سيدتي”
موالية لأوامر الدوقة انحنت الخادمة بطاعة، ونظرت الى الدوق بعيون ترتعد خوفا… لم تستغرب سيلفيا من تصرف الخادمة لأنها تعرف جيدا بأن زوجها لا يرحم…لتدرك بأنه قد كاد أن يفعل شيئا ما للخادمة.. بالطبع طردها أو معاقبتها.. بالنسبة لخدم الدوقية نظراته وحدها تعد عقابا….
لتتحدث أخيرا ونظرات الشك تعلوا وجهها:
“عزيزي ستيفن ، لما لا تسمح لها بحمل إيزي الى غرفتها”
ألقى الدوق ناظريه نحو زوجته و ما إن فعل حتى رفع حاجبا من نظراتها …هل كانت تحذره من طريقة معاملته للخدم؟…لطالما كانت هكذا لكنه لا يستمع لما تقول ..لأنه منذ صغره كره ارتكاب الأخطاء و يعاقب كل من فعلها …بالرغم من نظرتها تعني أن يصبح رؤوفا بهم قليلا… تنهد الدوق مستسلما لنظراتها و قدمها للخادمة التي حملتها على الفور… ارتبكت إيزيل من مرورها بين أحضان الغرباء و كأنها قطة صغيرة مكسورة القدم …أرادت قول ‘بإمكاني المشي وحدي’ لكنها لم تستطع اخراج هذه الكلمات من فمها …بالنسبة لهيروك فهو لم يقل شيئا بل أصبح مرتاحا أكثر ، بعد رؤية أنها بين يدي امرأة فلا مزيد من الاحتجاج…الآن أصبح الجميع يدرك لماذا لم يحب الدوق؟… هذا فقط أحد الأسباب لأن قائمة هيروك طويلة جدا…
*******************
“إذا يا سيد هيروك ، لما لا تخبرنا أكثر عن إيزي”
سألت سيلفيا بعد طول مناقشة داخل عقلها…كان السؤال حساسا ..و كانت تعلم أنها سوف تتأثر أكثر من أي شخص آخر في هذه الغرفة …معرفتها ما عاشته طفلة موريانا كان مهما رغم أن ذلك ربما يجرحها …كان وجهها معقدا و هي تسأل هيروك بشيء تدرك أن جوابه سلبي أكثر من الإيجابي… كان أربعتهم يجلسون حول طاولة الفطور ينتظرون إيزيل لتنظم إليهم… كانت صامتة لمدة طويلة إلى أن شعرت بالشجاعة للسؤال أخيرا ..لم تنظر لهيروك عندما فعلت بل بقيت تنظر ليديها تلعب بهما بطريقة تجعل الناظر إليها يدرك بأنها متوترة…بقي الدوق ينظر لها و يدرك جيدا بأنها تحتاج وقتا مطولا لتشعر بالراحة لما حصل …كانت صديقتها موريانا كالأخت بالنسبة لها ..لقد عاشوا طفولتهم سويا… و كانت دائما ما تتحدث عنها عندما يأتون على سيرتها ببساطة و كأنها فخورة بصديقتها…لم يرى يوما نظرة الغيرة على ذلك لأنه و لطالما اعتقد بأن زوجته الجميلة لديها قلب كبير يملك من البساطة ما يسع العالم …
“صحيح … أريد أن أسأل لما الآنسة إيزيل لديها ذلك التعبير”
تحدث الدوق الشاب الذي كان يجلس أمام هيروك.. ابن الدوق والذي يشبهه باستثناء لون الشعر الذي أخذه من والدته… لقد كان يعلم أن هذا الموضوع حساس لوالدته لكنه حقا لم يستطع ألا يكون فضوليا وهو قد رأى نظرات لا تخص طفلا بعمر العاشرة في عينيها …كانت تشبه شخصا يعرفه …عيونها تبدوا حزينة، غاضبة ومتألمة… بدت كطفل كره العالم وأراد الاختفاء للأبد…
هيروك الذي سمع السؤالين وبقي ينظر للاثنين بدون إجابة…لاحظ ملامح كلاهما.. ولاحظ أن الدوقة تنتظر الإجابة رغم علمها أن الأمر لن يكون سارا.. لقد كان يعرف كل شيء عن سيدته …يعلم متى ولدت ومتى بدأت تحبو ومتى بدأت التكلم أول مرة ومتى كانت أول مرة تمشي على قدميها إلى غاية الآن.. كان يعرف طريقة تنفسها ورائحتها.. ماذا تحب وماذا تكره …. لكنه لم يستطع الإجابة.. لم يستطيع أن يقول بعجز أنه رغم ما حصل لها لم يستطع قتل الكونت ورمي جثته للكلاب…لم يستطع إخبارهم أن ما مرت به في الآونة الأخيرة لم يعلم عنه شيئا سوى بعد تحررها…كان يكبح نفسه بسبب الأمر المرتبط بالعقد وإلا لكان فعل فعلته وانتهى …
“آنستي فتاة عاقلة و ذكية”
حسنا وكما ترون لم يخرج من شفاهه سوى شيء أحمق…ليس من عادته تلطيف الجو ولكن الآن أراد تلطيف قلبه الذي يغلي من الداخل لأنه لا يستطيع فعل ما يريد…
“إذا؟”
سخرية أطلقت من لسان الدوق على طريقته السخيفة في جعل الجو لطيفا.. بالطبع اندهش الاثنان الآخران على ما خرج من فم هيروك…شعر هيروك بالانزعاج من نبرة الآخر ليردف بسرعة:
“ماذا؟؟؟…. هل تريدني أن أخبرك بطريقة معاملة والدها لها …ذلك اللعين الذي أريد اطعامه للكلاب الذي لم يتركها يوما تعيش بسعادة…كانت تعيش وسط ازدراء الخدم وطريقة معاملتهم المتدنية “
ضاقت عينا الدوق وهو يستمع لما يقوله بينما شعرت سيلفيا بغصة في حلقها الآن…كانت تعلم جيدا أن صديقتها لم تعش بسعادة في ذلك المنزل والآن تدرك بأن طفلتها عانت بعد رحيلها…لم تعلم إلى أي مدى عانت ولكنها متأكدة بأن الأمر لم يكن بسيطا لمجرد قوله على الأفواه…رتبت تعابيرها وسألت بنبرة جادة:
“ماذا فعلوا لها؟؟”
قبض على قبضته عند السؤال الذي حاول التهرب منه.. إنه أكثر سؤال أراد تجنبه لكن نظرة الدوقة التي كانت عازمة على سماع ذلك …أغمض عينيه ونظر بعيدا ليجيب:
“بعد موت سيادتها …. تم…. تم حبسها في الزنزانة لمدة شهرين”
شهقت سيلفيا وهي تضع يدها لتغطي به فاهها.. كانت الصدمة وملامح الانكسار تعلوا وجهها… كلمات تخرج من شفاهه بصعوبة وبدا أنه لم يستطع معرفة كيف يقولها لها… أظلمت عينا الدوق وامتلأتا بالبرودة القاتلة …لقد كان يعلم عن حقارة الكونت ولكن لم يعتقد أن يصل لهذا الحد.. كان التساؤل هنا… ما الذي فعله لها في الزنزانة المظلمة التي عاشت بها شهرين دون أن ترى ضوء الشمس؟ …لم يقتصر الأمر على الدوق والدوقة فقط فقد تجمد ابنهما لأنه لم يعتقد بأن الأمر كان سيئا لهاته الدرجة… لم يستطع هيروك أن يتوقف لذا أكمل دون النظر لأحد منهم:
“لم أعلم شيئا مما حصل لها سوى عند خروجها أي قبل شهر … عندها كدت أن أذهب و أقتله لو لم توقفني أوامرها…”
توقف للحظات ثم تنفس وأضاف:
“كنت أعلم أنها تريد حمايتي من مكره لكنني لم أستطع المشاهدة…كان العقد الذي بيننا هو الغطاء الذي قيدني…لو لم يكن هذا العقد كنت قتلت ذلك الحثالة منذ مدة طويلة”
… صمت ثقيل انتشر أرجاء الغرفة …كانت سيلفيا تغطي وجهها بيديها تحاول التهرب من النظر لأي أحد …بينما هيروك يشعر بالغضب الذي حاول كل هذه المدة أن يغطيه لكنه يرجع و يعود… انقبض فك الدوق بينما عقدة اعتلت حاجبيه …و لا ننسى الفتى الذي كان يستمع لحقائق صادمة للعقل… لم يعتقد أبدا أن أبا سيفعل هذا لابنته… شعر الآن بأنه لا زال لا يعرف شيئا عن فساد العالم…
“لكن سيدتي كانت قوية حقا… رغم ما أصابها إلا أنها استطاعت الخروج من هناك بطريقة ما…مع أنني أجهل طريقة فعلها ذلك”
تحدث هيروك بعد تنفسه الذي يحاول أن يهدأ نفسه به… وقال متذكرا سيدته في ذلك اليوم الذي خرجت به قوية ولم يستطع الكونت لمسها منذ ذلك اليوم… رفعت سيلفيا رأسها لتنظر لتعبير هيروك الذي طمأنها قليلا وتأكدت من كلامه أن إيزيل لم تستسلم لذلك الرجل…
“لما أنت وفي لها هكذا”
رفع أنظاره ناحية الفتى الشاب …ليجيب بابتسامة:
“لأنها سيدتي و التي لا يمكن أن أخونها بحياتي ، فلتنطبق السماء مع الأرض إن فعلت ذلك”
“أضف لأنه غير بشري”
في كلمات الدوق التفت ثلاثتهم إليه كل واحد منهم ينظر إليه بطريقة مختلفة …ليتحدث ابنه يرفع أحد حاجبيه:
“ماذا تقصد بـ’غير بشري’؟”
“كيف علمت ذلك؟ “
سأل هيروك الدوق بشك وارتياب …هل استطاع معرفته من النظر إليه فقط؟ ما حجم قوة الدوق الذي يشاع عنه؟ توقعاته ممكنة وكان يعتقد بأن الآخر سيجيب بنفس الطريقة إلا أن رده كان مغايرا:
“لدي طرقي في معرفة من هذا و من ذاك”
عبس هيروك وشتمه في داخله…هو متأكد بأن الرجل الذي أمامه فعلها عمدا…كان يستطيع الإجابة على قدر السؤال لكنه يحاول أن يجعل من نفسه غامضا …لمعة الاستمتاع في عيني الآخر لم تغب عن هيروك أبدا …كان يشعر بأن الرجل الذي أمامه يعتقده تسلية لنفسه
“مهلا سيد هيروك هل أنت من الآلجين؟”
سألت سيلفيا ما كان يخطر على بالها ليردف الآخر مجيبا على قدر السؤال:
” أجل أنا كذلك “
“حقا ؟؟”
رفع الدوق الشاب حاجبيه بدهشة ليفكر قليلا وأردف موجها حديثه ناحية هيروك صائغا كلامه بنبرة هادئة:
“أنت من تلك المخلوقات السحرية المعروفة بوفائها ؟”
“أجل ، أنا كذلك”
أجاب هيروك بإيجاز رغم أن العقد الذي بينه وبين إيزيل كان مميزا…. ليسأل الآخر مرة أخرى باهتمام مع ابتسامة على وجهه:
“إذا أي نوع أنت؟ أعني أي شكل هي هيئتك الأخرى؟ لقد سمعت أنكم تأخذون شكل الحيوانات العادية”
“لا تشبهنا بمجردة حيوانات عادية”
نظر إليه هيروك بازدراء وهو يشعر بالإهانة مما قاله:
“آسف و لكن لم أجد وصفا جيدا”
“أنا حصان أسود ، سحري هو سحر الظلام ذو النوع النقي بصنف الظلال”
تحدث هيروك ليجيب عندما أحس بصدق الفتى الذي أمامه
” أنت ذلك الحصان الذي أحضرته ميري من بلدها؟”
هنا كان دور سيلفيا لتندهش لأنها ولطالما شعرت بأن ذلك الحصان الذي أحضرته صديقتها معها من لوان لم يكن عاديا …وها هو الآن يجلس أمام عينيها
“أجل ، الأمر كذلك؟”
” إذا لما لم تأخذ الأميرة موريانا على أنها سيدتك”
لم يكن الأمر منطقيا بالنسبة للسائل…وأقصد بذلك الدوق الذي شعر بأن الّأمر غريبا …كان يستطيع إنشاء عقد مع موريانا لحمايتها قبل أن تولد طفلتها
” كان طلب فخامتها هو حماية ابنتها و أن أكون تحت رعايتها”
عبس ستيفن عند هذه النقطة …لا يعلم ولكن شعر بأن الأمر ينقصه تفسير آخر …كان يعتقد بأن أمر الأميرة موريانا غامض دائما …وها هي إحدى الأمور التي تؤكد له ذلك…
صمت جميع من في الغرفة لوقت مطول ثم سألت الدوقة وعينيها تذرفان حزنا:
“إذا المسكينة إيزي أصبحت هكذا منذ وفاة والدتها”
“يمكنك قول أنه منذ ذلك الوقت لم أراها تبتسم مطلقا ، حتى عينيها فقدت بريقها كليا”
تحدث هيروك بجدية تامة متذكرا ما جرى في السابق
“يا لها من طفلة مسكينة”
صمت الجميع كل واحد منهم يفكر في شيء رغم أن المحور واحد إلا أنه الطرق كثرت.. وما نهش أفكارهم وتركها تتوقف الغوص في أعماق البحر هو طرق لباب القاعة بإذن من الدوق دخلت الخادمة ليز وانحنت متحدثة بنبرة هادئة:
” الآنسة جاهزة الآن”
ابتسمت سيلفيا وأخيرا بعد تذكرها لانتظارها إيزيل في هذا المكان …كانت تنتظر رؤيتها منذ استيقاظها وها هي الآن ستكون أمامها.. لذا تحدثت تأمر الخادمة التي أمامها
“أحضريها الى هنا”
بعد لحظات دخلت إيزيل ترتدي فستانا جميلا أبيض مع بعض الرتوش الحمراء …كان اللون الأبيض المزين بالأحمر معاكسا تماما للون شعرها الحالك لكنه بدا مبهرا الآن عندما ارتدته.. أبرز جمال إيزيل الغير عادي…بشرتها الشاحبة كانت ملائمة للون كهذا.. عيونها الحمراء القرمزية الواسعة التي كانت الأكثر بروزا.. كما أضاف المشبك المزين بالياقوت في شعرها الفحمي شكلا أروع …كانت أشبه بدمية في نظر الجميع …
“واااااو ، جميلة”
أعربت سيلفيا عن رأيها بفرح واعجاب… كانت تعتقد أنها تشبه موريانا عندما كانت صغيرة… باستثناء عيونها القرمزية.. فكل شيء فيها يشبه موريانا.. دعونا فقط لا نذكر النظرة التي تنظر بها لأن الأمر مختلف حقا من هذه الناحية فموريانا لم تكن لديها نظرة كتلك…أبعدت إيزيل ناظريها عن الجميع تبعد وجهها عن مرئ العيون.. كانت طريقتها في التعبير عن حرجها وهذا ما جعل الدوق يبتسم لتتحدث سيلفيا بنبرة حنونة:
“تقدمي إيزي و اجلسي مكانك”
شعرت بالغرابة من هذه المرأة الجميلة ذات البشرة الشاحبة والعيون الأرجوانية الواسعة ذات لمعان جميل مع شعر أرجواني لحدود خصرها… كانت مألوفة ولكن لم تعرف من تكون …حاولت أن تتذكرها لكنها لم تستطع… من أين تعرفها؟ … لقد نادتها باسمها مختصرا والذي كانت والدتها فقط من تناديها به…
هل قابلتها مسبقا حقا؟ …
لما هي لطيفة هكذا؟؟؟…
انتظر لقد قال الدوق بأن زوجته كانت صديقة أمي…
هل هذا يعني أن…؟؟؟ ……
ربطت إيزيل الأشياء مع بعضها لتفهم مغزى ما يحصل لكن من تكون هذه الصديقة التي ساعدتها، لقد اعتقدت دائما بأن والدتها تمتلك فقط صديقة واحدة… لكنها يوما ما اكتشفت بأن لديها صديقة أخرى غيرها لكن تلك الصديقة ماتت قبل موت والدتها وكان تذكر الأمر فقط يزعجها…
“ليز ، اذهبي و استدعيهم من أجل احضار الغداء”
تحدثت سيلفيا بعد جلوس إيزيل على المائدة وكان مقعدها على مقربة من الدوق الذي كان على رأس المائدة لتقابلها الدوقة:
“أمرك سيادة الدوقة”
قالت ليز بانحناءة صغيرة لتغادر بعد لحظات
بعد مغادرة ليز نظرت إيزيل الى دوق وسألت أهم ما تريده:
“بالمناسبة أين ايميلي الآن؟”
“انها تستريح في غرفة خاصة مجهزة لها “
بعد إجابة الدوق الصادقة تنهدت براحة …لتتحول أنظارها ناحية الموجودين وتسأل مرة أخرى:
“إذا يا حضرة الدوق ألا يمكنني أن أتعرف عليكم؟”
ابتسم الدوق بخفة وهو يرى عفويتها في التحدث.. لم تخف ولم تشعر بالارتباك كانت تتحدث معه مثلما تتحدث مع من بمثل سنها فأقبل متحدثا باستمتاع:
“أنت متشوقة لمعرفة من أكون؟”
عبست إيزيل بشكل طفيف لتجيب بجدية ليبدوا منظرها لطيفا لديه
“أليس من حقي معرفة الأشخاص الذين أنقذوا حياتي و حياة أختي”
“دعك منه سأخبرك أنا”
تحدثت سيلفيا لتجعل أنظار إيزيل تتجه نحوها وهي تحدق بها بابتسامة جميلة لتقول
“هذا زوجي الدوق ستيفن أثال سبينسر…و أنا يا عزيزتي إيزي ربما لا تتذكرينني لأن عمرك كان عامين في آخر مرة رأيتك فيها”
توقفت سيلفيا لبعض الوقت لتضيف من جديد
“أنا صديقة والدتك اسمي الكامل سيلفيا جيون سبينسر”
اتسعت عينا إيزيل في لحظة سماعها للاسم ثم أردفت بصدمة:
“أنت الخالة جيون؟”
هذه المرأة التي كانت أمام إيزيل لم تكن سوى عرابتها التي كانت بمثابة أمها… التقت بها قبل سنوات عديدة حتى نسيت أمرها ومنذ مرض والدتها لم تعد تفكر في أمرها بل وراح تفكيرها عنها… الآن تذكرت أنها نفسها المرأة التي كانت دائما ما تحمي والدتها وكانتا معا أقرب صديقتين… في هذه الحالة أحست إيزيل بالاطمئنان التام …لقد كانت في مأمن هنا …شعرت بالراحة أكثر لمعرفتها هذا الأمر…
ما إن سمعت سيلفيا بهذا الأمر اعتلت ابتسامة واسعة وجهها من شدة الفرحة لتقول سريعا:
“أتتذكرينني ؟؟؟”
“لدي قليل من الذكريات عنك …لكن أمي ذكرتك في أحد وصاياها”
“وصايا؟؟؟”
تحدث طرف آخر في هاته اللحظة لتنظر إليه إيزيل مستذكرة بأنه نفس الفتى في السابق كما يشبه الدوق.. رغم أنه مجرد نسخة مصغرة…نظرت إليه باستفهام ليدرك خطأه وتحدث قائلا:
“المعذرة لم أقدم نفسي ، أدعى زين يونهو سبينسر”
“تشرفت بلقائك سيد زين”
“لا بأس بإمكانك مناداتي زين فقط”
ابتسم زين بينما يعرض عليها مناداته دون تشريف… بينما هي أمالت رأسها بحيرة:
“أيمكنني ذلك؟”
“أجل يمكنك ذلك”
“لا يمكن ذلك”
تدخل هيروك في منتصف المحادثة وقد بدا عليه الانزعاج من هذا…لطالما كان هكذا حينما تكون إيزيل مع الفتيان… للإضافة لم تخالط إيزيل شخصا غريبا إلا إذا تسللوا دون إذن والدتها للمنتصف المدينة…
“يا سيد زين ، تذكر جيدا بأنه لا يجب على فتاة نبيلة أن تنادي فتى نبيلا باسمه مجردا ، ألا يعد هذا وقحا”
“يفضل لك عدم التدخل هيروك”
نظرت إليه بعيون حادة تحذره من ارتكاب وقاحته تلك..
كتمت سيلفيا ضحكتها على تصرف هيروك الذي يتصف بالغيرة، كما أصاب زين الذهول من هذا الشخص وابتسم الدوق ابتسامة ذات معنى… أحس هيروك بالظلم من كلام سيدته فأراد أن يبرر قائلا:
“لكن سيدتي ماذا سيقول عنك النبلاء الأغبياء إن علموا هذا؟”
“منذ متى تهتم لأمر نميمة المجتمع الأرستقراطي الغبي؟”
عبست إيزيل وهي تجد أن ما يحاول تبريره كان سخيفا حقا وأضافت بنظرات محذرة:
“هيروك تصرف بعقلانية و لا تظهر وقاحتك ، حسنا؟”
تخبط هيروك في عقله وأراد أن يهرب في هذه اللحظة لكنه لم يستطع لأن عيون سيدته تقيده في هذه اللحظة
“…حسنا”
كلمة غير صادقة خرجت من شفاهه..
…كما لو أن الأمر انتهى… انه هيروك… حتى إيزيل لن تستطيع تقييد تصرفاته الوقحة أمام النبلاء أو أي شخص آخر، صحيح أن الأمر انتهى الآن لكنه سيفتح الموضوع بطريقة مختلفة في مرة أخرى… هي تعرف هذا جيدا فهذا الجزء من شخصية هيروك مزعج لحد اللعنة..
عادت لتنظر إلى زين المصدوم من طريقة هيروك في تبرير المواقف لتعتذر قائلة:
“أعتذر على وقاحته”
هز زين يده بنفي وقال بابتسامة مستمتعة …يدرك جيدا أنه يصبح مثل والده عندما ينظر إلى الأشخاص هكذا ولكن هيروك حقا شخص مثير للاهتمام:
“لا أبدا لم أنزعج من الأمر”
“لكن يظل يجب علي الاعتذار “
“حسنا”
استسلم زين مع بإلحاحها ولم يستطع ألا يقبل ذلك..
عادت وألقت نظراتها للدوق الذي كان يبتسم ابتسامة ذات مغزى.. وتحدث ما إن رأى انتباهها موجه نحوه:
“إيزيل لويان ، أليس كذلك؟”
لم يذكر المقطع الأخير من اسمها والذي يجب أن يخص والدها…لقد كرهت ذلك الاسم دائما وأرادت محوه من سجلها.. أو بتعبير أدق أرادت محو نفسها من سجل عائلة هازل…لقد كان يراعي مشاعرها… كان يعلم بأن الاسم حساس لديها فمحاه بطريقة جعلتها مرتبكة…
أومأت إجابة على كلماته وهي تنتظر كلماته القادمة ليقول:
“ما رأيك أن تصبحي فردا من دوقية سبينسر؟”
“هاه؟؟”
كلمة صغيرة ما خرجت من شفاهها.. كانت في حيرة من أمرها.. إما أنها لم تفهم شيئا أو أن ما يقصده كان مغايرا لما فهمته… نظر اليه البقية باستفهام… باستثناء سيلفيا التي فهمت ما الذي كان يرمي اليه لذلك ابتسمت وتركته يتحدث متابعا…
لم يدم الأمر طويلا ليتحدث جاعلا منها ومن هيروك وزين مصدومين تحت كلماته المصرحة:
“إيزيل لويان هازل ، أنا أعطيك خيارا لكي تصبحي فردا من عائلة سبينسر”
تجمدت مكانها رغم نطقه للاسم الذي كرهته إلا أن هذا لا شيء بالنسبة لما تلاه بعده.. ليقول موضحا بطريقة أفضل:
“سأوضح الأمر…. هل تريدين أن تستقلي عن الكونت هازل لتصبحي منا؟”
****************************
انتهى الفصل
فصل آخر أصبح بـأأكثر من 4600 كلمة…
المشاعر، العيون التي تذرف حزنا، الابتسامات الكئيبة… جميعها لم أستطع صياغتها في السابق لكن الآن أصبحت قادرة قليلا على صياغتها بطريقة أفضل من السابق…
غيرت بعض الأمور و منها طريقة تعذيب الكونت لإيزيل هيروك صرح بأن إيزيل تعم تعذيبها و علامات التعذيب اختفت
أجل علامات التعذيب اختفت و لكن لها سبب لذلك لكنني صرحت الآن بأن الكونت قام بسجنها لأجل مصالحه الشخصية..
في رأيكم أين كان هيروك في ذلك الوقت.. و كيف لم يعلم بأمر سجنها إلا مؤخرا؟
مشاعر سيلفيا الحقيقية اتجاه ابنة صديقتها المقربة و كيف أنها تنتظر الوقت الذي تأخذها من الكونت؟
أفكارها الإجرامية باختطاف إيزيل؟…
الحقيقة الفكرة عجبتني لهيك أضفتها بالاضافة إلى أن شخصية سيلفيا الحقيقية متهورة جدا…
و في النهاية كلمات الدوق الصادمة…
في الحقيقة مو صادمة لهاي الدرجة لأنه أغلبكم رح يفهمها منذ بداية الفصل…
****
و الآن أخبركم بانتهاء هذا الفصل…
يتبع……
رابط الرواية على الواتباد:
رابط حسابي على الأنستغرام: