For anyone who hurt my mother - 02
كن موقنا أنه لن ينتهي كره أعداءك لك ……..إلا برؤية جثتك أمام أعينهم
اكتفيتُ من ضعفي…
واكتفيت من أن يتم حمايتي…
لقد مللت هذه الحياة…
بلا حول ولا قوة أنظر للجميع يختفون لأبقى وحيدة…
أهو كابوس…
إذا كان كذلك أريد الاستيقاظ… فقد سئمت العيش في المذلة……
إيزيل 🍁🍁🍁
❄❄❄❄❄❄❄❄❄
ربما لا يدري المرء متى وأين قد تبدأ خطورة العيش في مكان لا يتقبل إلا القوي سواء كان مالا، مكانة، أو حتى قوة كساحر.. حياتها دائما تكون في خطر منذ رحيل والدتها ولأنها مازالت طفلة حتى مع قوتها الغير الطبيعية كطفل في مثل سنها إلا أنها لا تزال ضعيفة خاصة وأن عدوها نصف مجهول ونصف معروف لديها..
تعرف جيدا أن الكونت لم يفعل ذلك إلا بأمر من الإمبراطورة.. كلاهما تآمرا معا وهما الآن في أول القائمة.. ولا ننسى إمبراطور لوان.. الذي باع والدتها وكأنها بضاعة في سوق الماشية..
ناسيا أن الفضل الذي لعبته موريانا في استقرار لوان كبلد.. باعتبار لوان أضعف الإمبراطوريات الثلاثة إلا أنها تملك من الثروات الطبيعية ما يؤهلها لتقف بجانب الاثنين الآخرين.. وكل ذلك بفضل موريانا الأميرة التي تم بيعها في سوق الزواج …
إيزيل تعلم كل ذلك جيدا والآن هي تحاول فقط ألا تقفز وتذهب إلى لوان وتقتل جدها اللعين بيديها.. حسنا سيحدث هذا في الأخير لأنها لن تسمح لأحد بأن يقتله غيرها وإن سبق وفعلها أحد فستقتله هو بدلا عنه ليشفي غليلها..
لكن في الوقت الحالي عليها العمل بجد لفعل ذلك وهدفها الأول سيكون رأس الكونت.. والدها… يل السخرية.. أنظروا كيف أصبحت علاقة الأب وابنته بهذا الشكل.. تعتقدون أنها من الممكن أن تغفر له..
كلا.. لا ولا وألف لا.. لقد انتهى وقت الغفران منذ وقت طويل.. لم يعد هناك مجال للصفح في هذا الحين.. لن تنسى عذابها الذي تلقته منه بعيونه الجشعة … لقد كان يرى المال عندما يرى دمها … شخص مثله دفنته في التراب منذ زمن طويل…
هي الآن تحاول ألا تفكر في أمرهم.. تركز على تدريبها بهدوء فالأفكار السابقة غزت عقلها لتسقط في الماء في هاته اللحظة بسبب شرودها … لنعد قليلا للوراء …
هي الآن كانت تتدرب على استشعار الشخص دون رؤيته.. استشعار طاقته شيئا فشيئا … وقفت على صخرة تقع في منتصف النهر على جانب الشلال وكانت على استعداد للتدريب … بينما هيروك يبسط يديه لتظهر العديد من الكرات ذات اللون الظلامي … سوداء لا يمكن رؤية داخلها وكأنها ثقب أسود على وشك سحبك إذا ركزت نظراتك عليها …
أغمضت عينيها وهي تنتظر القادم … ثواني حتى عقدت حاجبيها.. لماذا؟ … لأنها ورغم أن هيروك يستخدم طاقته الآن لم تستشعر شيئا منها..
كانت تسمع لأصوات الطبيعة من كل مكان… زقزقة تبرر للسامع شجارا صغيرا بين فئة العصافير … صوت الرياح الخفيفة التي تداعب وجهها وتسمح لأذنيها بالتطرق لحفيف الأشجار.. ولا ننسى الأجيج الذي تلي مسامعها من الخلف … كان المكان بأصواته الطبيعية مهدئا للنفس … وهو المكان المفضل لديها من بين جميع الأماكن.. لطالما كان الهدوء والسكينة ما ّأرادته …
لكن في هاته اللحظات كانت تعبس بلطف وهي تبحث عن مكان هيروك الذي تحرك من مكانه دون فتح عينيها ليردف أخيرا بصوت خشن يدل على قوته:
“سيدتي سأبدأ“
كان بإمكانها تخمين مكانه بعد سماع صوته خلفها لكن هذا لم يطل كثيرا.. لأنها لاحظت اختفاءه منذ أومأت بإيجاب معلنة بدأ … ثانيتين حتى شعرت بشيء يتجه نحوها لتنحني بخفة جاعلة الكرة السوداء تضرب الشلال خلفها … جعلت من الصوت يشوش تركيزها…
انتظرت ثواني إضافية حتى شعرت بكرة أخرى لتقفز وتبتعد عن مسارها … ولم تلبث لتتنفس بهدوء مستشعرة بثانية تاليها لتتحرك في الهواء مغيرة حركتها …كل هذا وهي مغمضة العينين …
ابتسم هيروك وهو يقفز من صخرة لصخرة ملقيا إليها بالكرات واحدة بواحدة في كل مرة يغير مكانه …ابتسم بفخر من سرعة تعلمها …كانت تملك حركات رشيقة وليونة في جسدها مما سمح لها بالتحرك بحرية في مكان كصغرة صغيرة كتلك …
كان يعلم جيدا ما تعانيه سيدته في ذلك المكان …وكم يود قتل ذلك الكونت بنفسه فقط..
تعتقدون أن هيروك شخصية لطيفة ومحترمة … فلتمت كلمة احترام إن كان ما ترونه فيه احتراما …
إنه فقط هادئ من أجل سيدته.. طبعه عنيد وعنيف جدا يقتل كلمتي الأدب والاحترام معا.. لا يهتم لمن ومن يكون وما هي مكانته..
هو حتما سيقتله إن تحتم الأمر لكن القيود لزمته أن يبقى ساكنا.. بسبب عقد الدم اللعين ذاك… لو كان يعلم أن الأمور ستصبح هكذا لرفض الأمر بالكامل وبقي يحميها دون قيد أو شرط…
أخرجه من تفكيره هو صوت سقوط أحد في الماء ليعيد تركيزه ناحية إيزيل مرة أخرى … لقد رأى جيدا بأنه لم يكن بوعيه لدرجة جعلته يقذف ثلاث كرات معا … لم تستطع هي أو هو إدراكها
“سيدتي؟!”
“آنستي؟!”
إيميلي التي كانت تلعب بالسكاكين في يدها تتدرب عليهم صرخت بقلق بجانب صياحه هو أيضا ليكتشف أمرها أكانت بخير أم لا؟
بهدوء عادت والماء يقطر من بين فستانها الرقيق … ولم يكن شعرها استثناء إلا أنها شعرت به يزعجها بسبب التصاقه بوجهها فأخذت تجمعه للخلف بربطة صغيرة قائلة:
“أنا بخير“
تنهد كلاهما بارتياح بينما هي أخذت تعصر ملابسها بقوة وأردفت بحدة وتحذير ناظرة لهيروك الذي تعلم يقينا بأنه قد بدا يلين داخله:
“هيروك ، إياك و أن تتساهل أبدا، أفهمت؟“
هيروك الذي لم يتردد على شيء يوما ما كان دائما وأبدا كالخروف أمامها ولا يستطيع ضبط نفسه الحادة أمام الآخرين.. لكنه الآن أجاب بتردد:
“حاضر“
أكملت إيزيل تدريبها بعينين مغمضتين …في البداية كان الأمر صعبا ثم بدأت بالاعتياد شيئا فشيئا بحركات رشيقة وليونة في حركات جسمها سمحت لها حتى بالقفز بين صخرة وأخرى…
رغم صغر سنها إلا أنها كانت تملك موهبة فعلية في القتال والمبارزة…كفانا تبجحا في هذا هي فقط مجتهدة في الأمور التي تحبها لا أكثر ولا أقل …لا تحب إتعاب نفسها بشيء لم يلق اهتمامها …لكن لا ننكر جزئية أن لديها بعض الموهبة…
واصلت ايميلي تدريبها على رمي السكاكين نحو صخرة الكبيرة التي بها علامة وهي تتحرك وتقفز بين شجرة وأخرى من مسافة بعيدة لـ تركز على الهدف… تتساءلون كيف يمكنها استهداف صخرة دون شجرة …
الجواب بسيط.. عندما يكون لك معلم مثل هيروك فإنه بالتأكيد سيحضر لك أصعب الاختبارات لتستطيع التدرب بشكل جيدا … لم تكن إيميلي لتصدق بأنه من الممكن أن يحدث لو لم يفعله أمام عينيها…
لكن هي الآن أصبحت قريبة من إنجاز هذا فالسكاكين التي تقذفها نحو الصخرة تغرس رأسها دون التعمق في ذلك …كان تقدما ملحوظا جدا …
*****************
احمرت السماء معلنة وقت الغروب حان معه وقت العودة…تجهز ثلاثتهم للعودة لكن الغابة كانت هادئة بشكل مريب…
شعرت إيزيل بنذير شؤم في هاته اللحظة وكذلك الأمر مع هيروك أما إيميلي فقد شعرت بوجود خطأ من ملامح الإثنين الآخرين….
كما أحس هيروك الأبرع بينهم بحركة سريعة تبعد أمتار من مكان الشلال … لم يلبث قليلا حتى شعر بها هنا موجودة حولهم … لم يكن واحد أو إثنين كان مجموعة كبيرة …
اتسعت عينا هيروك وأردف بهدوء حاد جاعلا إيزيل و إيميلي خلفه ليغطي عليهما:
“آنستي ، ابقي خلفي“
تأكدت إيزيل بالفعل بأن هناك خطبا ما واتجهت ايميلي ووقفت أمام إيزيل لحمايتها توقف صوت الذي أحس به هيروك ثم أردف بنظرات حادة وهالة قاتلة:
“هيا… هل تريدون لعب لعبة الفئران …فلتخرجوا حالا “
استدعاء للقتال … هل كان في مصلحتكم؟ … من يدري؟ كان يدرك هيروك جيدا بأنه لا مخرج له من هذا المكان سوى بالتخلص من العقبات التي أمامه …
لم يكلف الطرف الآخر عناء الاختباء بينما هدفهم علم بوجودهم، فخرج العديد من الملثمين كانت أعدادهم لا يمكن وصفها وكأن هذا الأمر كان مفروغا منه ومدبرا…تقدم أحدهم بخفة وقال بلهجة ساخرة:
“هل يمكنني قول مرحبا ؟“
“ما الذي تريدونه؟“
تحدثت ايميلي بحزم ورغم ثباتها الى أن قلبها يرتجف على التي خلفها أكثر من نفسها …هي تعرف الاجابة لكن لا تريد أن تكون حقيقة … عضت شفتها السفلى باستياء وسخط…
خرجت ضحكة هستيرية من الرجل الذي تكلم نيابة عن جماعته …عبس هيروك ونظر اليه بازدراء… ثواني حتى توقف الرجل الملثم عن الضحك وأجاب باستمتاع:
“أنت مسلية جدا ، سؤالك جوابه واضح فأنا ورجالي لم نأتي للعب“
أدرك ثلاثتهم الموقف الفعلي منذ البداية … بينما نظرت إليهم إيزيل بعيون باردة وحادة لا خوف فيها ونظر اليها قائد الملثمين قائلا بنبرة مسترخية:
“بالتفكير أنني أتيت لأقتل مخلوقا صغيرا مثل هذا…. أليست هذه خسارة كبيرة“
تحدث بهدوء مضيفا في النهاية بتقضيبة في جبينه تبين السخرية في الأمر
“اخرس“
رمش الرجل واستغرب من الصوت الحاد واستدار حيث يقف هيروك الذي اجتمعت حوله هالة سوداء قاتلة يتخللها اللون الأرجواني، انفتحت عينا الرجل على نطاق واسع مردفا بارتباك واضح:
“سحر الظلام؟؟؟“
ارتبك جميع ملثمين وتراجعوا للخلف خطوات حذرة…بسبب ما يمتلكه من سحر … السحر الذي حرم بعد السحر الأسود …
فسحر الظلام سحر محضور ليس جميع الناس يستطيعون السيطرة عليه …سلبيته في أنه يؤثر على جسم المستخدم إذا لم يتم التحكم به بشكل كامل…إما أن يصاب بالجنون أو يصاب بمرض عظال لا يعرف أصله.. في حالة إذا لم يكن الفرد غير مسيطر على سحر الظلام فإنه قد يتسبب بأذية من حوله دون قصد …
فقد اعتبر سحر الظلام من أصعب الأنواع تحكما فصعوبته جعلته من الصنف الأول في تلك الحالة …. كما أن هناك السبب الثاني الذي هو بدوره يحكي عن تشابه هذا الأخير بالسحر الأسود إلا أنهما ليسا نفس الشيء يمكن القول إنهما وجهان لعملة واحدة…
لكن هذا الكلام كله لا ينطبق على هيروك فهو من “الآلجين” ويستطيع التحكم بها بشكل خاص لأن سحره سحر نقي…. فتحكمه في سحره كسهولة شرب الماء ….
كما أنّ الآلجين لا يمكنهم أن يتملكوا تأثيرا سلبيا على أسيادهم…. حين يقدم المسمى بـكائنات “ألجين” مثل هيروك ولاءه لسيده فهو يمنحه درعا من أي اصابة بواسطة سحره الخاص وهيروك لا يختلف عنهم.
بعد وضع إيميلي وإيزيل في حاجز شفاف التفت إليهم ونظر بعيون قاتمة وحادة وهالة قاتلة تشكلت دائرة سحرية أرجوانية أمامهم واندفعت باتجاههم طاقة أرجوانية كبيرة جعل الفزع يظهر على أجسادهم وتتوتر ملامحهم أسفل الأقنعة …
جعل هجومه الكبير والذي كان بغتة على جميعهم إلا قليلا ممن أدرك الأمر مبتعدا… مخلفة أثارا على الأرض سقط من جراءها أكثر من عشرة أشخاص من القتلة مرميين على الأرض والدماء تنزف من كل مكان في أجسادهم…
كان الأمر مرعبا لناظري إيميلي التي التفتت للخلف محتضنة إيزيل بين يديها وقلبها يتسارع من شدة الخوف والرعب الذي نهش دواخلها
التفت زعيمهم الى عصابته وأردف بجدية:
“فلتهتموا بالفتاتين، سألتهي بأمر ذلك الظلامي“
لم ينتظر الاجابة وانما اندفع نحو هيروك بسرعة البرق مخلفا ضوءا أصفرا… أخرج خنجرا من ملابسه ووجهه نحو هيروك… بخفة هيروك من العدم أظهر سيفا قصيرا صد به السهم والتقى الخنجر والسيف مصدرا صوتا…
كان هيروك يرى أن الشخص الذي أمامه لم يكن ضعيفا.. كان قادرا على صد كل هجوم يصدر منه …وذلك جعله يلعن داخله بسخط كبير….
استمر قتالهم بتبادل الضربات لوقت طويل … تصادم سحر البرق الخاص بالرجل الملثم وسحر الظلام الخاص بهيروك… بطريقة ما انشغل كلاهما بقتال بعضهما…
أراد هيروك انهاء القتال سريعا من أجل الذهاب لإيزيل وتهريبها من هذا المكان فالسماء قد أظلمت تقريبا لكن لم يستطع أن يفعل بسبب قوة هذا الرجل المجهول الذي يقاتله…. صر على أسنانه بغضب وشتم هذا الرجل الغامض الذي أمامه
لكنه مع ذلك ما زال قلقا على إيزيل وايميلي …لوهلة انطلق وهج من البرق نحوه جعله يخرج من شروده القصير
“تبا…”
نقر هيروك لسانه بانزعاج وأطلق حاجزا لتصديه …. علم أنه في حالته هذه لن يستطيع الخروج من المكان بسرعة … شتم داخليا ألف شتيمة مرت على رأسه وواصل القتال بعنف شديد وأكثر جدية من السابق…
من ناحية أخرى غرق قلب إيزيل بخوف رغم أنها لا تظهره في ملامحها …هي ليست خائفة من الموت الذي جاء اليها، هي خائفة من خسارة هيروك و إيميلي مثلما خسرت والدتها قبل أشهر…
أمسكتها إيميلي بإحكام بيديها المرتعشتين…لاحظت إيزيل خوفها فتمسكت بها جيدا…رغم الحاجز الذي وضعه هيروك لحمايتهما إلا أنه قابل للكسر في أي وقت….
انتهز بقية الملثمين الفرصة واقتربوا من إيزيل و إيميلي وحاولوا الهجوم على الحاجز بالخناجر الخاصة بهم إلا أنهم ارتدوا للخلف لينغرسوا في الأرض، في الحقيقة لقد كان هذا الحاجز قوي جدا… لكن هل سيصمد حتى عودة هيروك؟ …
“سنكون بخير ، لا تقلقي“
همست إيميلي في أذن إيزيل وجسدها يرتجف هي كانت تحاول أن تزيل القلق من قلب الأخرى إلا أن الخوف باد عليها وحتى جسدها يظهر ذلك … كمقابل أمسكتها من يديها المرتعشين قائلة بملامح لا تبدي أي شيء من داخلها لتهدأ قلب الأخرى
“بالطبع سنكون بخير معا“
لوهلة اتسعت عينا ايميلي من كلامها وتسلل دفء قوي الى جسدها جعل الرعشة تتوقف… لكن هذا لم يكن سوى للحظات بسيطة …حين استمر الهجوم على الحاجز ولم يتوقف أحد منهم حتى أصابها الصدع صغير …
اتسعت عينا هيروك في تلك اللحظة وأدار رأسه بسرعة نحوهم لينظر الى عدة ملثمين يحوطون إيزيل وايميلي، يحاولون بجد تحطيم الحاجز الذي وضعه … سخط داخليا في نفسه واندفع الى هناك إلا أن الرجل الملثم ظهر أمامه في لمح البصر
“ابتعد عني أيها الوغد“
صاح هيروك بغضب متوجها اليها بهجوم مندفع وقوة أكبر من السابق، أحس الرجل بالارتباك الشديد وهو يحاول التصدي له …وجد نفسه لا يعرف جيدا قوة الذي أمامه..
لوهلة أحس بالرعب في دواخله وهو ينظر لعيني الآخر السوداوين …سوداء ما إن تنظر إليها حتى تشعر بأنها سوف تبتلك في الدقيقة الثانية…
وفي ذلك الوقت وجه أحد الملثمين كرة كبيرة من المانا باللون الأبيض نحو الحاجز ارتبك كل من إيزيل و إيميلي وهم ينظرون لتلك الكرة البيضاء
عجزت عن الحراك.. عجزت عن فعل أي شيء… هي الآن تحتضن أهم شخص لديها آملة أن يبقى الحاجز في قوته … لكن في داخلها تدرك جيدا بأنه لا يدوم طويلا..
تتمنى أن يعود هيروك سريعا قبل فوات الأوان …ماذا تفعل؟ كيف يمكنها أن تحمي من بجانبها؟ … وكيف يمكنها استعمال قوتها الضئيلة من أجلها؟
كلها أسئلة تبادرت إلى ذهنها في وقت قصير …هذه المرة الثالثة التي شعرت فيها بالضعف ولم تستطع حماية من تحبهم … لا تريد أن تجرب الخسارة مرة ثانية…. لذا قررت أن تفعل أكثر شيء قد تكرهه من بجانبها في هاته اللحظة …
أمسكت إيميلي بكتفي إيزيل وأبعدتها خلفها لتستغرب الأخرى من فعلها الغير متوقع وشعرت بنذير شؤم من ذلك …. في تلك اللحظة اندفعت الكرة البيضاء نحوهم واصطدمت بالحاجز جاعلا من أفكار كليهما تسقط للهاوية….
تفتت الحاجز وانكسر بعد شحنة من الخصام بين الحاجز المتضرر والكرة البيضاء المتوهجة من المانا …ارتبكت إيزيل أكثر بعد أن فهمت ما ترمي اليه ايميلي وأردفت صارخة:
“إيميلي ، لا تفعلي شيئا غبيا“
لم تنظر اليها إيميلي فهي تعلم إذا ما التفتت الآن فكل ما خططت إليه سيسقط …لذلك أجابت بصوت حازم معطية إياها بضهرها:
“اعذريني آنستي ، لقد تعهدت بحمايتك و سأفعل هذا دائما“
صرخت إيزيل باستياء متجاهلة الرجال الملثمين الذين يقتربون منها:
“إيميلي ، لا تفعلي أرجوك“
تقدمت ايميلي إليهم وقفزت للأعلى ولوحت بسكاكين نحو ثلاثة منهم أصابت أحدها شخصا على رقبته فارتمى أرضا يحتضر من عمق السكينة التي أصابته ليموت في الثانية الأخرى …
وارتدت السكنتين الباقيتين بواسطة اصطدامها بالخناجر الخاصة بهم… ارتبكت إيميلي وابتعدت عن السكاكين التي ارتدت اليها…
لتستمر برمي السكاكين بدقة لكنها لم تستطع إصابة جميعهم لإدراكهم الجيد بأمرها …وما قطع سلسلة تركيزها إلا شعورها بأحد خلفها ولم تلبث لتستدير حتى اتسعت عينها…
لوح الملثم بخنجر نحوها لتطعن على ظهرها فتسقط أرضا تمسك مكان السكين المغروسة …
“إيــــميـــــــلـــــــي….”
لم تنتظر إيزيل مكانها لما تراه واندفعت بصراخ وقلق متوجهة إليها …أمسك أحدهم بيدها ليمنعها من الذهاب إلا أنها حاولت سحب يدها ولكنها لم تستطع لقوة قبضة الآخر…
في تلك الثواني شعرت بالشخص الذي طعن إيميلي يقترب أكثر من السكينة المغروسة ويضغط عليها بعمق أكبر لتصرخ بقوة ألما جاعلة من حصونها تنهار في هاته اللحظة…..
تحركت إيزيل أكثر محاولة مقاومة الرجل الذي يحكم قبضته عليها لينزعج من كثرة حركتها المقاومة وصاح بها:
” أين تظنين نفسك ذاهبة؟“
صرخت إيزيل بحدة وهي تحاول بجهد الخروج من قبضته:
“أتركني بسرعة أيها الحقير“
لم يجب على كلامها ونظر الى صديقه الذي سحب إيميلي من شعرها وهي تتألم وقال بسخرية:
“كنت تحاولين اعتراضنا ……يال الأسف، أنت مجرد طفلة غبية تحمين طفلا ضعيفا”
إيميلي وهي تكافح بجد
“آنستي ليست كذلك“
“إيميلي….”
صرخت إيزيل وهي تكافح وتنظر لها بعيون يائسة…استوقفها صوت ضحك الرجل الساخر ليقول:
” أنت سخيفة جدا ، تعطين ولاءك لأشخاص لا يستحقون“
توقف قليلا ليعيد أنظاره ناحية إيزيل وهو يثبت بها:
“مجرد عبء ، لا يستحق العيش“
“لا تتحدث عن آنستي بهذه الطريقة أيها الوغد “
صرخت ايميلي في كلماتها التي تبرز غضبها الداخلي عن إهانة من تحب… كانت تدرك ضعفها جيدا لكنها لم تسمح لنفسها بالصمت بينما يتم إهانة أكثر من تعتز به في حياتها التعيسة ….
استنكر وجهه من صراخها القوي فرماها أرضا وكأنها شيء قذر… أحست بألم شديد من جراء هذا وأردف بنبرة حاقدة لم يكن لها مبررا:
” غبية حقيرة“
“تستحقين الموت“
قال ذلك وهو يغرس خنجره أكثر في أعماق جسدها…. شعرت ايميلي بألم وتقطع في أحشاءها وصرخت بألم:
“إيــــميـــلــــــــي“
صرخت إيزيل بأعلى صوتها… صرخت ولعل صوتها قد يفعل شيئا وينقذها … لكن لا لم يحصل أي من ذلك … لأنها الآن مقيدة بأياد جعلتها ترى ثاني شخص مهم لها يحتضر أمام عينيها…
شعرت إيميلي وهي تنظر لوجه الأخرى بأن كل شيء حولها بدا ضبابيا …هي تفقد رؤيتها شيئا فشيئا، كان حلمها دائما أن تبقى مع الشخص الذي اعتنى بها وكأنها ابنته مع أنها من أصل متواضع
بعد وفاة الأم التي ربتها… الأميرة موريانا… بقيت ابنتها التي اعتبرتها أختها الصغرى، هي الآن آنستها الوحيدة، لم تندم يوما على حبها لها، أرادت دائما وأبدا حمايتها، من الجيد أن يكون آخر ما تراه في حياتها هو ذلك الوجه الذي دائما ما أرادت أن تكون معه…
آخر أمنية تتمناها الآن وهي تفقد حياتها أن يأتي شخص ويحمي أختها …تتمنى أن تعيش في النهاية …. تلاشت الرؤية عنها وهي تسمع صوت إيزيل وهي تنادي عليها بصوت يائس مليء بالقلق والخوف من فقدان شخص عزيز:
“أنا آسفة… والخوف“
أغمضت عينيها وفقدت الشعور بالأجواء المحيطة بها.
“ا..يـمـ..ـلي!!”
تجمدت إيزيل مكانها فور رؤيتها لحالتها التي يرثى لها، حيث أصبحت جثة هامدة لا حراك فيها … كل شيء مظلم أمامها.. لم تستطع رؤية شيء سوى جثة إيميلي الملقية على الأرض …نسيت حتى الشعور باليد التي تمسكها بإحكام…
أعاد هذا المشهد ذكرا لم تكن تريد تذكرها، حين وفاة والدتها، تذكرت كيف بصقت والدتها الدماء في آخر لحظات حياتها لم تستطع فعل شيء جراء حالتها… لم تستطع حتى الذهاب لذلك الكونت الوغد وطلب التوسل اليه من أجل ايجاد حل لمرضها، هي كانت أميرة لكنها عوملت كقمامة…
كرهت إيزيل حياتها ككونها الابنة الكبرى للكونت هازل…كيف يسمح لنفسه أن يستغل الناس؟ شخص حقير مثله لم يكن ليقدم عونا لأمها، كان كما لو أنه ينتظر وفاتها بفارغ الصبر…
“كان يجب عليك ألا تولدي“
“أنت و أمك العا**ة لم تكونوا من عائلتي منذ البداية، لو كان الأمر بيدي لكنت طردتكم منذ وقت طويل“
“مثيرة للشفقة ، صحيح أن لديك جمال أمك إلا أنك لن تنفعي به شيئا بالمستقبل “
“لما …لما كان عليك أن تولدي أجمل مني ، حقيرة متدنية“
“أيتها الحقيرة من سمح لك بالتنمر على ابنتي العزيزة ، سأريك“
“لا تنظري الي بهذه الطريقة الغبية ، كان يجب عليك أن تموتي مع والدتك“
“أختي الكبرى العزيزة ، أنت ضعيفة جدا ، أرأيت كيف يتم معاملتك كقمامة و أنت حتى لم تستطيعي الرد“
تذكرت إيزيل جميع كلمات الاضطهاد والاساءة من قبل الكونت وزوجته وابنتاهما كما تذكرت الصور التي كان يتم تعذيبها فيها من الضرب والجلد أو حتى تجويعا
لم يتم تقديم لها الماء كأبسط شيء، كانوا يلقون الطعام أمامها على الأرضية ويطلبون أن تأكله كالكلب المتشرد، هنا تأكدت بأن هؤلاء القتلة أتوا بأمر من الكونت وعائلته فربطت الأحداث ببعضها
‘أمي لم تمت بالمرض و انما تم قتلها‘….
تأكدت بأن موت أمها كان مدبرا بعد الرسالة …
‘و ايميلي تموت الآن بسببهم‘…
‘هل أنا ضعيفة؟؟‘
همست بداخلها بيأس لتصبح عيناها أكثر قتامة مما سبق
‘لما أنا عديمة الجدوى؟‘
‘لما لا أستطيع استخدام قوة تحمي من حولي؟‘
كل مرة تنبع من رأسها فكرة يتغلب يأسها عليها ويعلوا تقاسيم وجهها
‘لما لا يمكنني العيش حياة طبيعية مليئة بالسعادة؟؟…لما؟… لما ذلك؟‘
شعور خافت داخلي كجمرة اشتعلت في منتصف صدرها
‘لما لا يمكنني الانتقام لأمي التي تم التآمر ضدها؟‘
ما الخطأ الذي ارتكبته ؟هل ولادتها بهذا السوء؟ … ألهذه الدرجة لم يكن يجب عليها أن تولد؟ … لقد كانت تعتقد هذا منذ البداية لكنها لم تستطع قتل نفسها …لكنها بدت الحقيقة في نظرها الآن…لقد كانت مصدر العذاب الذي خلفته للذين أحبتهم ….
أمسك الرجل المثلم إيزيل بإحكام غير عالم بثقل أفكارها في هاته اللحظة وثبتها بيده ناظرا للبقية:
“علينا متابعة العمل“
أومأ البقية له ونظر لإيزيل التي كانت خصلات شعرها الأمامية مغطية على ملامحها حتى أنها توقفت عن المقاومة
“لقد صدمت بموت خادمتها المخلصة“
سخر أحدهم من حالتها وهو ينظر إليها باستمتاع باد على عينيه ليبدأ بالضحك بهستيرية ليتبعه رفاقه بالمثل جاعلين من المكان صاخبا… لكن ذلك لم يمضي طويلا …….لوهلة أحس برجفة جعلته يسقط أرضا التفت اليه البقية ثم نظروا إلى حيث ينظر بعينين مرتجفتين…
نظرت اليه إيزيل بعيون قرمزية متوهجة جفل منها العديد منهم وتراجعوا بسرعة للخلف وسقط الشخص الذي أمسك بها تاركا اياها حرة…. تقدمت إيزيل بخطوات ثابتة في الظلام الذي حل على السماء…. تقدمت ناحية الرجل الذي طعن ايميلي وتراجع بخوف.
“بأي حق….”
كلمتين ….
فقط كلمتين كانتا قادرتين على بث الرعب داخل قلوب من أمامها …ارتجف الرجل من صوتها وتراجع للخلف متممة بصوت حاد بصورة مرعبة
“بأي حق تتجرأ على التعامل مع ايميلي بهذه الطريقة“
تراجع الرجل وهو يرتجف.. ليدرك أن من أمامه ليست سوى طفلة بدون أي قوة تذكر …وقف مستجمعا قوته وقال ناظر لرفاقه المثيرين للشفقة…متناسيا فكرة أنه للتو كان يزحف على التربة بشكل مزري…
“ماذا تفعلون إنها مجرد طفلة ، فلنقض عليها بسرعة؟“
استجمع الرجال هيبتهم التي سقطت محاولين التظاهر بالقوة …اقتربوا منها لإتمام مهمتهم سريعا إلا أن ضوء قرمزيا انتشر حول إيزيل وضع حاجزا بينهم ارتبك الرجال من المنظر ليردف أحدهم بارتباك:
“مـ …مـ …ما هذا؟“
“…. مستحيل …. طاقة مانا كبيركـ كـ.. كيف.. كيف يمكن لطفلة صغيرة امتلاك هذا القدر من المانا“
تساءل أحدهم بوجه شاحب وهو ينظر الى إيزيل بحقل من المانا…
فجأة ظهر العديد من الدوائر السحرية حولهم وامتلئ المكان بضوء قرمزي قوي يعمي العينين لم تسمح لهم فرصة للاندهاش من المشهد إلا ووجدوا أنفسهم يبصقون دما في وقت متتالي… خرجت سلاسل كبيرة اخترقت أجسادهم الواحد تلو الآخر
“كح كح…”
سعلوا بقوة منزلين دماء تتسرب بقوة لتجعل بشرتهم يغيب لونها الطبيعي عنها…بعد لحظات اختفى الضوء القرمزي من المكان وكما اختفت معه الدوائر السحرية والسلاسل….. سقط الرجال واحدا تلوى الآخر معلنا عن موت كل واحد منهم…
نظرت إليهم إيزيل بتعبير جامد وقالت:
“هذا ما تستحقونه“
ألقت نظراتها على جثة ايميلي وفتحت فمها لتهمس باسمها وكأنها تحاول مناداتها:
“إيميلي ….”
بعد لحظات سقطت على الأرض مغميا عليها بدون صوت اضافي …سقطت في ظلام تحاول بذلك نسيان كل العذاب الذي تلقاه قلبها في الآونة الأخيرة…
****************************
انتهى الفصل
مرحبا بالجميع مرة أخرى
هذا الفصل الثاني كانت كتابته مثل سابقه تعديله كبيرا فهو أيضا تحول من 2000 كلمة إلى 3500 كلمة… ربما يكون أقل من الآخر لكن سبب تفاوت عدد الكلمات يرجع إلى أنني لم أغير من حدود الفصول بمعنى أنني أبقيت على الفصل كما هو بإضافة تعديل عليه….
المتغير في هذا الفصل هو فقط طريقة السرد و وصف الأمر بطريقة تقريبية أكثر…. فأنا لم أزد أيا من المشاهد فكل ما قرأتموه هنا نفسه مثل سابقه لكن يبقى الشعور بالأحداث أفضال من السابق…
….