Falling to paradise - 8
──────────────────────────
🌷 الفصل الثامن –
──────────────────────────
إنجي، التي كادت أن تُهين تلك الملابس، صحّحت كلماتها على عجل ونظرت عن كثب إلى الفساتين في الخزانة.
بغض النظر عن مدى رغبتها في العثور على خطأ في الأشياء التي يقولها آيدن، إلا أنها لا تريد قول أي شيء سيء عن الوالدة المتوفاة لأي شخص كان.
هذا لأنها فقدت والدتها أيضًا في سن مبكرة.
“همم….”
تم تخزين الملابس المطوية بعناية، وكذلك التنانير القطنية والجوارب في السلة، بشكل أنيق وجاهز للارتداء.
بعد تفكير قصير، اختارت إنجي فستانًا باللون الأزرق الداكن من القماش القطني، وفي يدها الأخرى، حملت صندوقًا كان قد أخرجه آيدن من مكان ما من أحد الأدراج.
“الآن، غيّري ملابسكِ وضعي الدواء الأحمر الذي يوجد في هذا الصندوق على الخدش. آمل أنكِ تعرفين كيفية ارتداء ملابسكِ بمفردك.”
“هل تعتقدني حمقاء مثلك؟”
أشار آيدن إليها بسخرية، لذلك كادت إنجي أن تفقد أعصابها، لكنها أجابت بنفس موقفه البارد والساخر.
“على الأقل أنا أفضل منكَ، أنتَ الشخص الذي يطبخ ويصنع عصيدة غريبة لا يمكنك حتى أكلها.”
“هل تقصدين عصيدة الذرة؟”
بعد لحظة من الحيرة، أدرك آيدن ما كانت تتحدث عنه إنجي.
“بما أنكِ أكلتِ الطعام الذي صنعته قبل بضعة ساعات في الصباح الباكر، فبالطبع سوف يكون مذاقه غريباً أيتها الأميرة الكسولة.”
لا بد من أن العصيدة أصبحت باردة وقاسية بحلول هذا الوقت.
“هاهه .. لا توجد خادمة تساعدني في ارتداء ملابسي، فكيف يمكنني أن أتجهز بسرعة وأتناول الفطور في موعده؟”
ضحكت إنجي بعصبية ووضعت كلتا يديها خلف ظهرها لفكّ أشرطة التنورة خلف خصرها.
حدّق آيدن في تصرفاتها المفاجئة للحظة، ثم ابتعد على عجل عندما أدرك أنها على وشك تغيير ملابسها.
“سأقوم بتنظيف المطبخ الذي أصبح فوضوياً بسبب أحدهم.”
إذا لم يُنظّف الأرضية بسرعة، سوف يتسرب دبس السكر إلى الأرضية الخشبية ويترك علامات لزجة.
بمجرد أن يترك هذه العلامات، لن يكون من السهل محوها.
‘يا لها من امرأة تُسبّب الكثير من المتاعب.’
تذمر آدين داخلياً وتوجه إلى المطبخ.
***
بعد تغيير ملابسها، شعرت إنجي بتحسن طفيف.
لكن رغم ذلك، لم يعجبها شكل الفستان الذي أعطاه لها آيدن لترتديه.
‘لكنه مريح.’
كان الفستان العادي الذي يرتديه عامة الناس عادةً عند العمل فستانًا يتكون من قطعة واحدة فقط.
هو لم يكن يلتصق بالجسم من أجل سهولة الحركة، ولم يكن يحتوي على زخارف كالشرائط أو الأربطة.
حتى بدون ارتداء قماش قطني تحته، فإن طوله الذي يصل مباشرة إلى الكاحل جعل من السهل على إنجي تحريك جسمها.
وفوق كل شيء، كانت توجد أزرار أيضًا في الأمام عند الصدر، مما كان يُسَهِّل على المرء ارتدائه وخلعه بنفسه.
أحبّت إنجي بشكل خاص أنه لم يكن عليها أن تعاني من أجل ارتداء الفستان وخلعه كما حدث لها سابقًا.
‘لأنني لا أريد أن أطلب مساعدة ذلك الرجل مرة أخرى.’
تمتمت إنجي وهي تنظر إلى انعكاس صورتها في المرآة.
“ألا أبدو مثل الخادمات في هذا الفستان؟ ولكن بعد كل شيء، جمالي ونُبلي الأصليّان ما يزالان واضحان وضوح الشمس في النهار.”
كانت إنجي مفتونة تماماً بجمالها الملائكي الذي لا يُمكن إخفاؤه حتى بالملابس الرثة، لكنها عادت بعد ذلك إلى أرض الواقع.
‘الآن علي أن آكل تلك العصيدة الباردة مرة أخرى.’
عبست إنجي بشكل طبيعي، لكنها لم تستطع تحمل البقاء جائعة دون وضع أي شيء في فمها.
لو كانت تعلم أن الأمور ستسير على هذا النحو، لكانت قد أحضرت معها حقيبة واحدة على الأقل مليئة بالوجبات الخفيفة.
عندما دخلت المطبخ، شمّت إنجي رائحة شيء لذيذ.
‘ما هذه الرائحة اللذيذة؟’
بدت الرائحة مشابهة إلى حد ما للرائحة التي تنتشر في القصر عندما يخبز الطاهي في كثير من الأحيان كعكات الجبن.
أمالت إنجي رأسها وفتحت باب المطبخ، وسرعان ما اكتشفت ماهية رائحته.
تاك_ تاك_
داخل الموقد، الذي كان منطفئاً وباردًا حتى وقت قريب، كان الحطب يحترق بشكل مشرق.
“ها أنتِ ذا. أرجو منكِ الجلوس دون إسقاط أي شيء هذه المرة.”
آيدن، الذي كان يقطع شيئًا أمام المنضدة، أشار بطرف ذقنه نحو الطاولة.
“هل قمتِ بتطبيق الدواء على ركبتكِ؟”
“… نعم.”
في الواقع، لقد نسيت إنجي وضع الدواء لأن الألم اختفى أثناء محاولتها ارتداء الملابس، لكنها أومأت برأسها ببطء.
لقد أدركت أنها كانت متعجرفة للغاية عندما قالت أن ركبتها ربما تعرضت للانكسار.
جلست إنجي ثم اشتمّت الهواء مرة أخرى.
كانت رائحة الجبن الشهية تنبعث من الموقد، وبصورة أدق من المقلاة الموجودة فوقه.
بعد غسل وجهه ويديه، وضع آيدن الطعام الذي كان فوق الموقد على طبق ووضعه أمام إنجي.
“ما هذا؟”
حدّقت إنجي في ما تم وضعه على طبقها.
لقد كانت كعكة دائرة صغيرة ومسطحة ذات لون مشابه لعصيدة الذرة في وقت سابق …
هل هي من المخبوزات؟
أجاب آيدن، الذي قرأ علامات الاستفهام في عينيها، بإيجاز.
“إنها كعكة عصيدة الذرة.”
كان من الأفضل حشو العصيدة بالجبن بعد تقسيمها إلى قطع ثم قليها بدلاً من إعادة غلي العصيدة الباردة المتجمدة.
عندما يذوب الجبن الموجود في العصيدة، تنبعث منه رائحة عطرة.
لم يكن آيدن يريد أن يرمي الطعام الذي صُنع في أول يوم من زواجه، لذلك بذل قصارى جهده لتحويله إلى شيء لذيذ، لكن إنجي، التي لم تكن تعرف ما كان يفكر فيه، عبست بقوة.
“هل تقصد أنك قمتَ بإعادة تدوير بقايا الطعام؟”
كان مثل هذا الطعام غير مقبول البتة، على الأقل في منزل أبيها الدوق.
“يبدو أن هذا الطبق كثير جدًا بالنسبة لشخص يصعب إرضاءه مثلكِ أيتها الأميرة الكسولة. إذا كنتِ لا تريدين أن تأكليه، فسأعيده وأطعمه للخنازير.”
“اصمت.”
على أي حال، لم يكن لديها خيار.
أغمضت إنجي عينيها بإحكام وأخذت قضمة كبيرة من الكعكة على أمل أن تستمتع بهذا الطبق الغامض.
‘أوه؟’
فتحت إنجي عينيها، اللتين كانتا مغلقتين، دون أن تدرك ذلك.
لقد كانت الكعكة ذات قوام مختلف تمامًا عن العصيدة اللزجة التي رأتها سابقًا.
لقد كانت مقرمشة قليلاً من الخارج وطرية من الداخل، لقد كان طعمها يُذكّرها بالحلويات المفضلة لديها.
مضغت إنجي الطعام في فمها بلهفة وأخذت قضمة أخرى في صمت.
“هذا الطعام … ما اسمه؟”
“إنها تسمى كعكة عصيدة الذرة.”
كعكة عصيدة الذرة…
إنه اسم لم تسمع به إنجي من قبل.
آيدن، الذي كان مستمراً في إعداد بقية الطعام، نظر إليها.
“هل أعجبكِ طعمها؟”
“إنه جيد بما يكفي لتناوله.”
إنجي، التي أدخلت القطعة التي كانت على الطبق بأكملها في فمها، ابتلعت اللقمة قبل أن ترد عليه.
وضع آيدن طبقًا آخر أمامها دون أي تغيير في تعابيره، وكأنه لم يكن مهتماً برأيها من الأساس.
كان الطبق يحتوي على بيضة مسلوقة ناعمة تم إحضارها للتو من قن الدجاج.
“تناول الكعكة مع البيض المسلوق يجعل مذاقها أفضل قليلاً.”
إنه طبق يُصبح مذاقه أفضل مع صلصة الطماطم أو الخضار المتبّلة، ولكن كان من الصعب تحضيرها حالياً لنقص المكونات.
نظرًا إلى أن آيدن كان مضطراً إلى طبخ طبق آخر على الغداء على أي حال لأن إنجي قد أكلت حصته من الكعكة، لم يكن من الصعب عليه سلق بعض البيض وإضافته للطاولة.
قطعت إنجي البيضة نصف المسلوقة وخلطت الصفار مع كعكة عصيدة الذرة بالجبن.
كانت كلمات آيدن بأن أكل هذه الكعكة مع البيض المسلوق يجعل مذاقها أفضل صحيحة بشكل مدهش.
التهمت إنجي قطعة أخرى من الكعكة في لحظة.
‘لذيذ.’
لذيذ ولكن ….
بعد أن جعلت طاهي الدوقية يبكي عدة مرات بسبب ذوقها الانتقائي في الطعام، لم ترغب إنجي في إخبار أي شخص بأنها معجبة بطعام الناس العاديين.
كبحت إنجي عبارات التعجب داخليًا، وغرفت بالملعقة ما تبقى من البيضة المسلوقة التي قطّعتها إلى قطع سابقاً إلى أن تركت الصحن نظيفاً وكأنه جديد.
بمجرد أن أنهت إنجي طعامها، بدأت رائحة لذيذة أخرى تملأ المطبخ.
تحوّلت نظرتها قسراً نحو موقد الفرن.
برر_ برر_
كان صوت اللحم المُتبّل الذي يقوم آيدن بطهوه في القدر الحديدي يملأ المكان.
أضاف آيدن بعض الزيت على اللحم المُدَخّن والذي كان يُخطط لشوائه كما فعل يوم أمس من أجل أن يستمتع بأكله على الغداء.
‘من صوته أعتقد أنه سيكون لذيذًا للغاية.’
مستشعرًا نظرتها، أدار آيدن رأسه نحو إنجي، لذلك سرعان ما أعادت رأسها إلى وضعه الأصلي وكأنها لم تكن تنظر إليه البتة.
“هل تريدين بعض اللحم أيضًا؟”
“لا! لقد انتهيتُ الآن. أنا ممتلئة.”
في المجتمع الأرستقراطي، يُقال أن المرأة الشرهة تفتقر إلى النبل بين النبلاء.
على وجه الخصوص، كان من غير المألوف بالنسبة لإنجي أن تبدأ يومها بأكل لحوم دهنية مثل لحم الخنزير.
(م.م: لحم الخنزير محرّم شرعاً في الدين الاسلامي)
تجاهلت إنجي الفراغ الذي شعرت به في معدتها.
“إن كنتِ تقولين ذلك، فليكن الأمر كذلك.”
كان آيدن يُفكّر في أن قطعة صغيرة من كعكة عصيدة الذرة لن تكون كافية، لذلك قام بإحضار كمية سخية من اللحم، ولكن إذا قالت إنجي بأنها ممتلئة رغم أنها كانت تنظر إليه بتلك الطريقة، فلا داعي لمشاركتها بطعامه.
أزاح آيدن اللحم المُحمّر قليلاً وأضاف إليه بعض البصل المفروم والفطر.
تم طهي الخضار بسرعة بفضل حرارة القدر.
أخيرًا، قام آيدن بوضع بضع شرائح الخبز التي كان قد أعدّها مسبقًا في طبق مع بعض الزبدة، ووضع جميع الأطعمة التي أعدّها على طبق آخر وقام بإحضارها إلى المائدة.
حاولت إنجي ما بوسعها ألا تنظر إلى الرجل الجالس بجانبها.
لكن الرائحة…
هذه الرائحة….
بلع_
“….”
“هل أنتِ متأكدة من أ…”
“لقد شبعت-!”
لم يُصرّ آيدن بعدها على الأمر وقام بدهن خبزه بالزبدة بصمت.
بشكل غير متّسق مع كلماتها، كان وجه إنجي مليئًا بالجشع ويُظهر أنها كانت تشتهي قطعة اللحم تلك للغاية.
حسنًا، لقد تم صنع طبق اللحم هذا عن طريق ذبح خنزير قام آيدن بتربيته بعناية.
ثم قام بتدخين اللحم لعدة أيام باستخدام خشب الجوز المعطر.
“أيتها الأميرة.”
“نعم؟”
“إن الوضع محرج.”
“ما – ماذا؟”
“أنتِ تراقبينني وأنا آكل، كيف من المفترض ألا أشعر بالحرج؟”
“ماذا تقصد بأنني أراقبك؟!! الأمر وما فيه هو أنه لا يوجد شيء آخر لأراه هنا لذلك فأنا مضطرة للنظر إليك.”
صحيح أنه لا يوجد شيء يمكن رؤيته في المطبخ، لكن نظرات إنجي كانت ساطعة للغاية بحيث من المستحيل أن لا يفهم آيدن الرغبة المختبئة وراءها.
“لكنني ممتلئة.”
وضع آيدن شريحة كبيرة من اللحم على طبقها رغم كلمات الرفض خاصتها التي تمتمت بها بنبرة خجولة.
“توقفي عن الكذب، إن اللعاب يسيل من فمك.”
“ماذا؟”
بعد أن قال آيدن هذا، مسحت إنجي فمها على عجل بمنديل.
‘متى كانت آخر مرة أكلتُ فيها اللحم؟’
أعتقد أن المرة الأخيرة التي تناولتُ فيها حساءً باللحم كانت في حفلة قبل بضعة أشهر، وكان مذاقه لذيذاً للغاية.
في الأصل، كانت إنجي قلقة للغاية بشأن العناية بجسدها ووزنها.
لكن في الآونة الأخيرة، كانت تُقلّل من طعامها أكثر من المعتاد من أجل محاولة إغواء الإمبراطور ويليام.
عندما تذكرت إنجي المدة التي توقفت فيها عن أكل اللحوم، اختفى صبرها في لحظة.
كان الأمر كما لو أن شيطانًا بداخلها كان يهمس لها أنه لا بأس من تناول اللحم في هذه المرحلة.
حاولت إنجي استعادة رباطة جأشها وتعديل تعابير وجهها، ثم رفضت الطعام للمرة الأخيرة.
“لكن ليس من آداب السلوك الخاصة بالسيدات النبيلات أن تبدأن يومهن باللحم في الصباح.”
“لقد مرّ بالفعل بعض الوقت منذ الصباح، وحانت الظهيرة تقريبًا الآن، أليس كذلك؟”
“آه…”
نظرت إنجي إلى الشمس التي ارتفعت بالفعل في كبد السماء وأطلقت صوتًا مذهولًا.
لقد استيقظت إنجي مبكرًا، لكن استغرق منها الأمر بعض الوقت للاستعداد، وضيّعت المزيد من الوقت عندما غيّرت ملابسها مرة أخرى بعد سقوطها في المطبخ.
“إذن، بما أنك أعددتَ الكثير من الطعام أيها السيد ولن يكون باستطاعتك إنهاءه بمفردك، فيجب أن آكله معك لمساعدتكَ على إنهائه. سيكون ترك الطعام الثمين وراءنا إهدارًا جاحداً لنعمة الإله.”
رفع آيدن حاجبه في استنكار لعذر إنجي السخيف، لكن إنجي سعلت قليلاً لإخفاء إحراجها ورفعت الشوكة والسكين مرة أخرى.
في غضون ثوانٍ من تقطيع اللحم برشاقة وإدخاله في فمها، كادت إنجي أن تُسقط الشوكة على الأرض مرة أخرى.
‘ماذا …. لماذا هذا اللحم لذيذ جداً هكذا؟’
──────────────────────────