Falling to paradise - 15
──────────────────────────
🌷 الفصل الخامس عشر –
──────────────────────────
دخل الاثنان في جدال صغير حول مكان جلوس إنجي في الحديقة.
“هل تطلب مني أن أجلس على التراب؟”
“ألا ترين أن هناك بعض العشب؟ بالمعنى الدقيق للكلمة، أنا أطلب منكِ أن تجلسي على العشب.”
“هناك تراب بين العشب. كيف يمكنني الجلوس في مكان مثل هذا المكان القذر؟”
في النهاية، تمكن الاثنان من التوصل إلى اتفاق بأن تجلس إنجي على الأرض فوق كيس الدقيق الفارغ الذي أحضره آيدن معه.
“أتمنى أن تتصرفي بشكل جيد أيتها الأميرة.”
“ليس لدي خيار سوى التزام الصمت مع مثل هذا الكاحل الملتوي الذي لديّ.”
تذمرت إنجي ووضعت المنشفة المبللة في الدلو وعصرتها ثم وضعتها لتبريد كاحلها.
بعد التأكد من أن إنجي قد استطاعت وضع الكمادة الباردة فوق كاحلها بنفسها، غادر آيدن بسرعة نحو الحقل.
لقد بدأ شهر أبريل بالفعل، وهذا يعني أن هناك المزيد من العمل الذي يتعين عليه القيام به.
لقد خطط لقص العشب الذي ينمو في الحقل في الصباح وزراعة الكرنب والبصل الأخضر وغيرها من الخضروات الصغيرة في فترة ما بعد الظهر.
بقيت إنجي لوحدها، لذلك بدأت تنظر إلى السماء بهدوء.
كانت الشمس تشرق ببطء من وراء الأفق الأزرق السماوي، حيث كانت السحب البيضاء التي تشبه القطن الناعم متناثرة في كل الأرجاء.
ضغطت إنجي على القبعة البيضاء قدر الإمكان لمنع ضوء الشمس من أن يلفح وجهها.
عندما ضاق مجال رؤيتها بسبب القبعة، لم تستطع إنجي رؤية السماء الزرقاء بعد الآن.
‘أنا أشعر بالملل.’
الشيء الوحيد الذي كان يمكن مشاهدته في الحقل هو آيدن الذي كان يعمل بينما يتجول في الأرجاء، وينحني ويسحب الأشياء من الأرض.
‘لماذا يتعين عليه اقتلاع شيء عمل بجد لزراعته؟’
إنجي، التي لم تكن تعرف أي شيء عن الزراعة، حكّت خدها في حيرة.
هل يجب أن تسأله عن هذا لاحقًا عندما يأتي؟
هي لم تكن مهتمة بشكل خاص بالمحاصيل الزراعية، ولكن بعد مشاهدته وهو يعمل لفترة من الوقت، أصبح لديها فضول حول الأمر.
“هاااااممم~”
تثاءبت إنجي بصوت عالٍ واستندت على الشجرة خلفها.
نتيجة للنوم في وقت متأخر الليلة الماضية، كانت إنجي ما تزال تشعر بالنعاس قليلاً.
فوييش_
كانت الرياح تهب بلطف عبر الأشجار وتداعب شعرها الناعم بينما تُغني تهويدة لروح إنجي المنهكة بالفعل.
“إذا كانت الرياح لطيفة دائماً هكذا، أعتقد أن الأمر يستحق التعرض لأشعة الشمس من أجله.”
أغلقت إنجي عينيها بلطف.
ومع مرور عبير النسيم، كان بإمكانها سماع صوت الأغصان وهي تتمايل وحفيف العشب وهو يتراقص من خلف الشجرة التي كانت تتكئ عليها.
‘… دعنا ننام قليلاً.’
بعد أن غرقت في التفكير لفترة من الوقت، لم تتمكن إنجي في النهاية من التغلب على النعاس ولذلك استلقت على ظهرها على الكيس.
‘الاستلقاء على الأرض شيء لا يفعله إلا البرابرة يا فتاة.’
لو رأت معلمتها الثانية هذا، لكانت قد جرّتها على الفور إلى الداخل وبدأت في ضربها بالعصا على كفها لتأديبها.
ولكن الآن لا يوجد أحد يطلب منها أن تتصرف مثل أميرة چلاستير.
هناك شخصان فقط في هذا المكان:
هي وآيدن فيتزروي.
“هاااممم~”
كانت إنجي قلقة من أن الأرضية قد تكون صلبة وغير مريحة، لكنها كانت مريحة بشكل مدهش بفضل العشب الكثيف الذي كان تحتها.
اختفت مخاوف إنجي بشأن وصول ضوء الشمس إلى وجهها عندما تحرك ظل الشجرة ببطء فوق رأسها وغطاها بالكامل.
أدركت إنجي، التي كانت تُحدّق نحو الأمام بفراغ، حقيقة مثيرة للاهتمام.
‘عندما وصلتُ إلى هنا لأول مرة، كان كل شيء بني اللون.’
الآن أصبحت جميع فروع الأشجار محاطة بأوراق شجر خضراء فاتحة.
اعتقدت إنجي أن هذه الشجرة فقط هي التي كُسِيَت باللون الأخضر، ولكن عندما نهضت ونظرت حولها، رأت أن المكان بأكمله كان أخضراً.
‘متى تغيّر المكان بهذا الشكل؟’
بينما كانت إنجي تحبس نفسها في غرفتها وهي تُغلق الستائر والنوافذ بإحكام، كانت الأشجار والغابات المحيطة بالمنزل تتباهى جميعها ببراعمها الجديدة التي أزهرت في الربيع.
هل هي فقط البراعم الجديدة التي أزهرت؟
يبدو أن أشجار الحور قد أزهرت أيضًا بأغصانها الخضراء طويلة، وأزهار البرقوق البري بأزهار بيضاء لطيفة.
وكانت الزهور البرية التي نفد صبرها على الأرض تتباهى أيضًا ببتلاتها الصفراء والأرجوانية والوردية التي تم تجديدها حديثًا.
ومن بينهم، كانت إنجي مهتمة بزهرة واحدة فقط.
“أي نوع من الزهور هذا؟”
كثيرًا ما كانت إنجي ترى مختلف أصناف الزهور منذ صغرها.
لقد كان والدها يقوم دائمًا بإحضار الزهور إلى القصر للتودّد لعشيقاته، وكان النبلاء المقربون منها يرسلون لها سلالًا مليئة بورود الجوري الثمينة، وزهور الفاوانيا، والزهور الأجنبية التي تنمو خارج الإمبراطورية.
ولكن عندما يتعلق الأمر بالزهور البرية، كانت غير مألوفة بالنسبة لإنجي.
من بين الزهور المتفتحة هنا وهناك حول الشجرة، لم تتمكن إنجي من التعرف إلا على زهور الهندباء و زهور البنفسج.
مدّت إنجي يدها بعناية والتقطت بعض الزهور الأرجوانية الداكنة التي كانت تتفتح حولها.
‘إنها جميلة.’
الزهرة، ذات الخمس بتلات المنحنية على جانب واحد، كان لها نمط أبيض على شكل نجمة في المنتصف، مما جعلها تبدو وكأنها بروش متقن الصنع.
خلعت إنجي قبعتها ووضعت الزهرة بين شرائط القبعة البيضاء وابتسمت برضا.
‘همم، إنها تبدو جيدة أليس كذلك؟’
تماشت القبعة البيضاء مع الزهرة الأرجوانية بشكل جيد للغاية، تمامًا كما توقعت إنجي.
“أعتقد أنها سوف تبدو أجمل إذا قمتُ بوضع المزيد من الأزهار… أوتش-!”
حالة إنجي البدنية لم تكن جيدة بما يكفي لتنهض من أجل قطف المزيد من الزهور.
أعادت إنجي قبعتها إلى رأسها، بينما كانت تشعر بالرضا التام عن شكلها الحالي.
“عندما تُشفى قدمي، يجب أن أطلب من السيد آيدن أن يُحضرني إلى هنا من أجل قطف الزهور.”
ألن يكون المنزل أكثر إشراقًا إذا وضعت إنجي بعض الزهور البسيطة في غرفة المعيشة؟
فكرت إنجي في هذا بينما استلقت ببطء على الأرض مرة أخرى.
بعد فترة وجيزة، عندما بدأت إنجي تغفو مجدداً، ظهر شيء آخر أثار اهتمامها، على الرغم من أنه لم يكن شجرة أو زهرة هذه المرة.
‘ما هذا؟’
استدارت إنجي بسرعة وفحصت مرة أخرى هوية الشيء الذي مرّ أمام عينيها.
دحرجة-
لقد كانت هناك حشرة سوداء تُدحرج كرة بُنّيّة أكبر بكثير من جسمها.
والغريب في الأمر هو أن الحشرة كانت تدفع الكرة برجليها الخلفيتين، ورأسها مواجه للأرض، وكأنها واقفة على رأسها.
ربما كانت الحشرة، التي كانت تتحرك ببطء ولكن بثبات في اتجاه واحد، تحاول أخذ الكرة الطينية إلى جحرها.
‘هذا مدهش.’
عادةً ما تكره إنجي الحشرات، لكن هذه الحشرة كانت تبدو ودّيّة أكثر من أن أربعة وأربعين أو الذباب الذي كانت تراه في العاصمة.
راقبت إنجي رحلة الحشرة وذقنها مستندة على كلتا يديها.
حقيقة أن ذلك المخلوق الصغير كان يفعل شيئًا بكل ما لديه من قوة، بطريقة أو بأخرى، جعلت إنجي تصب كامل اهتمامها عليه وتراقبه بفضول.
لكن بعد بضعة لحظات، تشتت انتباه إنجي عن الحشرة.
‘هل هذا صديقها؟’
ظهرت حشرة مشابهة للّتي كانت تُدحرج كرة الطين في البداية، ولكنه ذو مظهر أكثر رجولية بقليل، لذلك اعتقدت إنجي أن هذا الفتى ربما ظهر لمساعدة صديقته الحشرة التي ربما قد تكون حبيبته أيضًا.
ولكن من المدهش أن الحشرة التي ظهرت حديثًا دفعت الحشرة التي كانت تملك كرة الطين في الأصل بعيدًا وسرقها لنفسه.
“لا!”
صرخت إنجي دون أن تدرك ذلك.
لحسن الحظ، فإن الحشرة، التي تعتبر المالكة الأصلية لكرة الطين، لم تستسلم لعدوان السارق واستعادت الكرة مرة أخرى.
حاول اللص انتزاعها مجدداً، لكن المالكة الأصلية كانت له بالمرصاد في كل مرة ودافعت عن كرتها مرة تلو مرة.
قبل أن تعلم إنجي ذلك، كانت الحشرتان تخوضان صراعًا شرسًا مع الكرة الطينية الموجودة بينهما.
دفع.
سحب.
تقليب.
دحرجة.
“أنتِ تبلين بلاءً حسناً، لا تخسري.”
كانت إنجي تعلم أنه لا فائدة من الهتاف، لكنها رغم ذلك شدّت قبضتيها وشجعت الحشرة التي اعتقدت أنها أنثى.
لقد تذكرت إنجي السيدة الشابة البغيضة التي سرقت قلادتها التي كانت تحبها، لذلك تعاطفت مع المالكة الأصلية للكرة الطينية.
إيمي كيندال …
هل كان هذا هو اسمها؟
لقد انتقمت إنجي منها فيما بعد بشكل مناسب من خلال الاستفادة من مكانة الدوق چلاستير، ولكن حتى بعد ذلك، استمرت السيدة إيمي في مضايقتها كلما وجدت فرصة لذلك.
لقد كانت إيمي كيندال امرأة جميلة للغاية، لكنها سمعت شائعات تقول بأنها كانت في المرتبة الثانية بعد إنجي، ولا بد من أنها شعرت بالغيرة لأنها فقدت منصب خطيبة ولي العهد الذي كانت تهدف إليه سرًا.
“هذا صحيح، اِدفعيه بعيدًا بتلك الطريقة. أيها اللص السيئ، إذا كنتَ تريد كرة الطين، عليك أن تبحث عنها بنفسك.”
“… ما الذي تنظرين إليه باهتمام شديد؟”
رفعت إنجي رأسها مندهشة من صوت آيدن.
بينما كانت تراقب الصراع بين الحشرات لعدة دقائق، لم تلاحظ اقتراب آيدن منها.
“لا شيء.”
ضغطت إنجي على حافة قبعتها للأسفل من أجل أن تغطي أكبر قدر من وجهها.
لسبب ما، شعرت وكأنها غالبًا ما كانت تتصرف بشكل محرج أمام هذا الرجل.
سعل آيدن في حرج قليلاً وأشار إلى ما كانت تفعله إنجي في وقت سابق.
“لا شيء؟ لكنني شعرتُ أنكِ كنتِ تراقبين خنافس الروث باهتمام وهي تتقاتل فيما بينها.”
لقد كانت إنجي تراقب الخنافس باهتمام كبير لدرجة أن آيدن شعر وكأنها كانت على وشك دعوتهم لتناول العشاء معها.
“لم أكن أراقب خنافـ …. مهلاً، أي نوع من الخنافس قلتَ؟”
“خنافس الروث.”
“……”
اهتزت عيون إنجي بلا حول ولا قوة عندما سمعت كلمات آيدن.
هل من الممكن أن تكون تلك الكرة، التي اعتقدت أنها كرة طين، كرة روث…؟
أومأ آيدن برأسه بهدوء.
“أجل. ذلك … إنه من بقرة … اممم … ذلك الشيء الذي تطرحه عندما تأكل … “
كان آيدن متردداّ بشأن العبارة التي يجب أن يصف بها روث البقر بطريقة تناسب النبلاء؟
بينما كان آيدن يفكر في الأمر، غطّت إنجي أذنيها في انفعال.
“آآآه، لا أريد سماعك!”
“يوجد حصان في هذا المنزل، لذا ربما قد تكون خاصة بالحصان …”
“لا تتحدث بهذه الطريقة القذرة أمام سيدة نبيلة.”
عبست إنجي وجعّدت أنفها.
لم تتمكن إنجي من شم أي شيء، لكنها شعرت وكأن رائحة الروث كانت تأتي من مكان ما.
على أية حال، القذارة تبقى قذارة، لكن كان لا يزال لدى إنجي أسئلة حول الخنفساء.
“لكن … لماذا تجمع الخنافس ‘هذا الشيء’؟”
“هي تأخذه إلى المنزل وتأكله.”
“يععع–“
ارتجفت إنجي بصمت.
يبدو أن الحشرات تأكل حقًا جميع أنواع الأشياء؛ من القمامة إلى الفضلات.
“لا أفهم لماذا ردّ فعلكِ هكذا. يجب أن تكوني ممتنة لأن هذه الخنافس تفعل أشياءً لا يتمكن البشر الآخرون من فعلها.”
“هل هذا صحيح؟”
“على الأقل هذه الخنافس تُساعد هذا المنزل والحقل أكثر منكِ يا أميرة.”
“لقد كنتُ أعتقد أنني سيئة الحظ، لكن يبدو أنه يوجد هنا مخلوق حظه أسوأ من حظي.”
نظرت إنجي مرة أخرى إلى الخنافس.
كانت خنفساء الروث لا تزال تتقاتل حتى الموت للحصول على كرة الروث.
ارتجفت شفتي إنجي للحظة، ثم انزلقت من فمها ضحكة غير إرادية.
“إذن هذان الاثنان يتقاتلان بهذه الطريقة للحصول على الفضلات؟”
عندما رأت آيدن يومئ برأسه بأدب، أمالت إنجي رأسها إلى الخلف وانفجرت في الضحك بصوت عالٍ إلى أن ظهرت لهاة حلقها.
لقد كانت إنجي تعلم جيدًا أن هذا السلوك غير مهذب وغير محتشم، لكنها لم تتمكن من السيطرة على نفسها.
لقد كان من المضحك أن تعرف أن السبب الذي يجعل هذه الخنافس تتقاتل بهذه الطريقة وتضع حياتها على المحك هو مجرد كرة من الروث القذر.
لقد كانت هذه هي المرة الأولى التي يرى فيها آيدن إنجي وهي تضحك بصوت عالٍ هكذا، أو بالأحرى كانت هذه المرة الأولى التي يراها فيها تضحك على الإطلاق، لذلك كان متفاجئًا للحظة.
ومع ذلك، ولأن الضحك معدي، سرعان ما انتشرت ابتسامة باهتة على شفتيه أيضًا.
لكن لسوء الحظ، تلك الابتسامة، التي كانت مثل الندى عند الفجر، اختفت بسرعة بينما كانت إنجي تمسح الدموع التي تشكلت حول عينيها من الضحك.
“آه~ لقد مرّ وقت طويل منذ أن ضحكتُ بهذه الطريقة. لقد كنتُ أعتقد أنها كرة طين تحتوي على نوع من الكنوز مثل الذهب أو الفضة.”
“البشر هم الوحيدون الذي يتقاتلون على أشياء لا يمكنهم تناولها، لكن الحشرات، بطريقة ما، أفضل بكثير منا.”
تمتم آيدن بصوت منخفض، والذي سرعان ما أصبح أكثر وضوحًا.
“إنه وقت الغداء. سوف تذهب هذه الحشرات لتأكل، لذلك فلنذهب نحن أيضًا.”
“ماذا يوجد على الغداء اليوم؟”
لفّت إنجي ذراعيها حول رقبة آيدن بينما كان يخفض الجزء العلوي من جسده ليحملها.
لقد حملها بين ذراعيه عدة مرات، لذلك أصبحت إنجي الآن اكثر ارتياحاً بين أحضانه.
“ما رأيكِ في كرات لحم مفروم تشبه كرات الروث التي يتقاتل عليها أصدقاؤكِ الخنافس؟”
“يعع … سيدي، هل تستمتع بتعذيبي؟”
داعبت رائحة التراب والعشب التي كانت عالقة في جسد آيدن أنف إنجي.
لقد كانت رائحة جديدة بالنسبة لها، هي التي اعتادت على الروائح الاصطناعية والعطور المركّبة، لكنها لم تكن سيئة.
‘عندما أعود إلى العاصمة، سأطلب من العطّار أن يصنع لي عطرًا مشابهًا لرائحة السيد آيدن.’
عادة، يطلب الناس رائحة ممزوجة بالورود أو الأعشاب عندما تتفتح الأزهار، ولكن قد تكون هذه الرائحة أكثر ملاءمة لتعكس روح موسم الربيع الحقيقية.
──────────────────────────