Escape - 3
ظهرت أضواء عدة في الخارج، لكن أيًا منها لم يكن واضحًا ماهيته. وساد صمت رهيب على الجو. بمجرد خروج الجميع، أعطى داميان الإشارة مجددًا، وقام الرجال بإغلاق البوابة خلفهم.
مشى عشرات الرجال معًا في الممر الضيق والعرق يتصبب منهم. رغم أن المشي لم يكن متعبًا، لم تكن 100 متر مسافةً طويلة، يمكن ركضها في حوالي 12 ثانية. ولكن ربما لكونه يسير معهم في مجموعة فقد بدا المتر الواحد ككيلو متر.
—الحكي من وجهة نظر روس للآن ع م يبدو.
بدا وكأن الوقت لا ينتهي.
شعر بالعرق يتصبب خلال ملابسه، ومع شعوره بحرارة زملائه في الممر، أحس أنه لا يستطيع الاستمرار في التقدم.
وأخيرًا، تقدم داميان الذي كان يقود المسيرة.
“هو ميت، أليس كذلك؟”
ولكن بدلًا من الإجابة على السؤال، سلط داميان الضوء على الأرض.
كان هناك حفرة عملاقة على بعد خطوات قليلة.
لقد وصلوا لما يسمى “الفخ الأول”.
كان الغرض من الفخ هو استدراج السربنت بالقرب من المدينة للحصول على فأر تجارب. فبمجرد سقوطهم في الفخ لن يتمكنوا من الخروج.
كانت الأرضية مبطنةً باللحم المتعفن.
طوق الرجال الحفرة، سُلِطت الأضواء عليها ورفع الرجال أسلحتهم بانسجام تام.
زمّ روس شفتيه.
“صوبوا على عينه حالما ترونه، استعدوا لإطلاق النار.”
في أي لحظةٍ الآن، سيُكشف شكله المقزز. تلك الحراشف الخضراء، الأرجل الأربعة المنحنية كأرجل العنكبوت. ثم سرعان ما يقومون بخنقه والعودة به لبر الأمان.
“انتظروا.”
رفع داميان يده فجأة وكتم الكل أنفاسهم.
لمَ؟ لمَ ينتظرون في هذا الموقف؟ نظر روس لداميان بحيرة.
كانت تعابير وجهه غريبة.
“….ليس سربنت.”
“ماذا؟”
التفت روس ونظر للحفرة. لم يكن سربنت؟ لا، لا يمكن حدوث ذلك، لا يوجد مخلوق يجوب “الممرات” غير السربنت…….
“…..إنسان؟”
….لا يمكن ذلك
كان سؤالًا غبيًا، كيف يمكن لإنسان أن يقع في الفخ؟ ولكن ما كان في الحفرة كان شخصًا حقًا. تمتم داميان وهو يحدق في الحفرة كما لو كان يتأمل شيئًا ما.
“جثة.”
خرج صوت داميان الخشن كتمتمة منخفضة.
جثة. جثة في فخ للسربنت. من المحال كون هذا منطقيًا.
“هل قرر السربنت استخدام فخنا كصندوق طعام؟”
ضحك روس بسخرية متعمدًا، لكن داميان لم يضحك.
“إنه فخ.”
تجمدت الابتسامة على وجه روس.
في نفس اللحظة.
صرخ أحدهم.
عاد روس للخلف ممسكاً بمسدسه في يده. استمر الصراخ.
“فوق، فوق، في السقف!!!!”
قام أحد الرجال بتسليط مصباحه الكهربي على السقف.
ثم تعالى صوت الصرخات.
“اااااااااه.”
صدى صوت طقطقة.
ثم دوّت الطلقات.
أطلق أحدهم صرخة رهيبة وسلّط الجميع مصابيحهم على السقف. وفي الوقت نفسه، ظهرت الوحوش.
حدقات صفراء، حراشف خضراء كالثعابين، أرجل قبيحة تأخذ شكلًا يشابه شكل رجل الإنسان ولكنها مبعثرة كأرجل العناكب. كانت السربنت.
وليس مجرد واحد أو اثنين.
“تبًا، لمَ هناك كل هذا العدد؟”
استمرت الطلقات.
بدا أن هناك المئات منهم، بل وأكثر.
كيف لم يلحظوهم وهم يسيرون؟ المشكلة كونهم تشبثوا بالسقف كالصراصير، لقد تفقدوا الجدران والأرضية جيدًا، ولكن لم يفكر أحد في النظر للسقف.
ومضت بعض الذكريات أمام عينيه. لم تكن هذه المرة الأولى يواجه فيها سربنت. ولكن كان هناك الكثير من الرجال وقتها. في ذلك الوقت كان يصوب مسدسه دون خوف.
لكنه روس وليس داميان. هو ليس بطلًا.
لقد شارك في هذه المهمة فقط لأنها كانت عملية بسيطة. لو علم أنه سيموت فيها لاعتذر عن المشاركة بأي عذر.
“اااه اااااه، أيها الملازم، هذا مؤلم، هذا مؤلم بشدة اااه.”
أمسكت يد مرتجفة بكاحله. نظر للأسفل ورأى الرجل ذو النمش الذي رفع يده وسأل سؤالًا في وقت سابق والدموع تنهمر على وجهه.
كان السربنت قد مزق نصفه السفلي بالفعل.
“تبًا، دع ال…….”
ودوّت صرخة.
قبل أن يتمكن من قول أي كلمة، قفز عليه سربنت آخر من الجانب.
قضمت أسنانه العملاقة رقبة الرجل. سالت الدماء وتمزقت حنجرته بقضمة واحدة كدمية قماشية.
كانت مذبحة، بل إبادة. لم يوجد سوى كلمات قلة يمكنها وصف شيء كهذا. ارتجف روزس ونظر حوله. وسط تلك المذبحة، لم يوجد من يقاتل سوى داميان وبعض الرجال. كانوا الوحيدين الذين “يقاتلون”.
كانت هذه ساحة معركة. لبدت رائعةً في لوحة معلقة في قاعة كبيرة، ربما كشيء مرموق.
لكن هذه لم تكن لوحة. كان هذا هو الواقع. أسلحة ملقاة وقتلى متناثرون في الأرجاء. لحمٌ ودمٌ في كل مكان. عظام مُلقاة، رائحة الدم الكثيفة التي تصر على جعل المنظر حقيقيًا.
وصوت طحن العظام وتكسيرها.
أمسك السربنت بشخص بشكل محموم كما لو كان يتلذذ بوجبته اللذيذة التي لم تمت بعد. لكن لا بأس، سيُبتلع كاملًا دون وقت للألم.
“كيف بحق خالق الجحيم، كيف……………..”
صوت أجش بالكاد خرج من فمه.
“لم يكن للتبغ فائدة.”
ثم، أعاده صوت طلق ناري بعيد لوعيه.
“روس!”
‘ما هذا الشعور، هل ابتلعتُ دمًا؟’
“روس!!!!”
صدى صوت عالٍ جعله ينظر تجاهه مذهولًا بينما دوّت طلقة أسقطت سربنت كان يقف أمامه.
وخلف السربنت الساقط، استطاع رؤية عيني داميان المتوهجتين وقد ثبتت نظراتها الهادئة على نفسه.
استيقظ كما لو أن ماءً باردًا قد سُكِب عليه.
“… داميان.”
“لا وقت للحديث، خذ بقية الرجال وعُد للبوابة حالًا.”
“ماذا….. عنك؟”
التوى فم داميان ليشكل ابتسامة رائعة كما لو أنه سمع نكتة مضحكة. ثم سرعان ما اختفت ورفع مسدسه ليطلق النار مجددًا.
مع كل طلقة، كام السربنت حول روس يصرخون ويسقطون أرضًا. أدرك بطريقة ما أن داميان كان يسهل عليه طريق التراجع.
“روس، أخبر أديلين من أجلي.”
أخبرها بماذا؟
“أني آسف لعدم تمكني من الإيفاء بوعدي.”
ماذا تقصد؟ هذا شيء يجب عليكَ أنتَ إخبارها به.
حاول روس قول شيء، لكن الكلمات لم تخرج من فمه. اصطكت أسنانه ببعضها وشعر بجسده يرتجف. ما الذي قاله داميان للتو؟ يجب أن يهرب أيضًا، وأديلين مهمة جدًا بالنسبة له، فلمَ يقول هذا الآن؟
رآه يصرخ بشيء ما لبقية الرجال.
لم يبقَ سوى عدد قليل ممن كان لديه الشجاعة للقتال. ثم بدأوا بالركض في نفس الاتجاه، وتبعهم روس تاركًا داميان. تعثر وكاد يسقط عدة مرات، لكنه لم يتوقف.
استمر دوي الطلقات، لكن الصوت كان يبتعد أكثر فأكثر.
كل ما استطاع سماعه كان صوت خطواته وأنفاسه المتقطعة.
ربما استطاع تحطيم رقم قياسي جديد.
كل ما حوله كان ظلامًا دامسًا والجري باتجاه واحد بدا أشبه بكابوس. شعر وكأن ساقاه لا تتحرك وكأنه يركض في مستنقع.
ثم حالما وصل لجدار صلب ضغط عليه بكل قوته. سمع صوت أحدهم يدفع هو الآخر، ثم صوت ارتطام مخيف بالخلف.
فُتِح الباب مجددًا.
ثم أُغلق.
فُتح.
ثم أُغلق.
فُتح.
ثم أُغلق.
من بين اثنين وخمسين شخصًا بدأوا بالمهمة، عاد خمسة رجال فقط على قيد الحياة من بينهم روس.
ولم يكن داميان واحدًا منهم.
***
العمل لمدة يومين في الأسبوع مناسب تمامًا للبشر الكسالى.
كانت أديلين في مزاج جيد هذا الصباح.
زحفت أديلين بتكاسل من السرير بعد النوم متأخرًا على غير العادة ووجدت شطيرة بيض في انتظارها على طاولة المطبخ.
“لم ينم جيدًا فكيف وجد وقتًا لصنع هذه؟”
تحدثت ببعض الضيق حيث لم تستطع هي تحضير الطعام له، لكنها كانت لا تزال تتوق للتباهي بزوجها الرائع.
ذاب البيض الطري الممزوج بالجبنة اللذيذة في فمها. فكرت في أنه يجب عليهما فتح مخبر بعد التقاعد. لا يمكنهما العمل في الجيش عندما يكبران، لذا إذا ادخرا بثبات فربما بعد 20 عامًا سيتمكنان من فتح متجر في الطابق الخامس العشر المزدحم بالناس.
“سأصبح على الأرجح خبازة تعمل بجد في خبز الخبز، رغم أنني دائمًا ما أقول أني لا أحب ذلك.”
ضحكت على أفكارها.
بعد تناول الطعام، فتحت الهدية التي اشتراها داميان بالأمس.
كان فستانًا أبيضًا نقيًا، يصل طوله إلى الركبة ما جعله سهلًا التحرك به.
“جميلة….”
نظرت في المرآة ولم يسعها سوى الإعجاب بنفسها.
شعر بني طويل، فستان أبيض نقي، مع قلادة تتدلى على عنقها.
امرأة شابة جميلة، بريئة، راقية، وأنيقة.
مهما كانت الكلمة التي تُصف بها فهي ملائمة لها.
ذكّرها الفستان الأبيض بالنظرة التي علت وجه داميان عندما ارتدت فستان زفافهما.
أدركت في اللحظة التي التقت فيها بعينيه السوداويتين أن الحب لا يخرج فقط من الفم.
كما أن داميان وسيم.
بطول يعادل حوالي 190 سنتيمترًا ومنكبين عريضين. شعر أسود غامق وملامح مثالية. يمكن لوجهه أن يكون باردًا بعض الشيء عندما لا يبدي أي تعابير. لكنه يعرف ذلك لذا غالبًا ما يبتسم ابتسامة رائعة.
عندما يبتسم بهدوء، لا يسعه إلا أن يبدو ساحرًا.
قالت السيدة التي تسكن في البيت المجاور أن كون الزوج وسيمًا فيمكنه حتى الإفلات من جريمة قتل، وبدا أن كلماتها صحيحة تمامًا.
حتى عندما تغضب أديلين فهي تتساءل عما إذا كانت هي المخطئة.
على أي حال، قررت الخروج اليوم، وهو يوم إجازتها لشراء هدية لزوجها. كان شيئًا كبيرًا بالنسبة لها أن تغادر المنزل في يوم غير يوم الدوام.
“يبدو أنكِ في عطلة اليوم، إلى أي طابق تريدين الذهاب؟”
‘آه صحيح، ما يجعلني أرغب بالبقاء في المنزل كان مواقف كهذه.’
أطلقت أديلين تنهيدة صغيرة ثم استدارت بعد أن رسمت أفضل ابتسامة اجتماعية تملكها. وكما توقعت، كانت عيون صاحب الصوت فارغة وهي تنظر لها بدون أي تعبير.
• ترجمة سما