Escape - 2
“ربط نفسكَ بامرأة مدى الحياة شيء لن أفعله أبدًا. لا أعتقد أن للحب تاريخ انتهاء صلاحية.”
أطلق داميان ضحكة عند سماعه هذا بينما يحدق في الخاتم.
هزّ روس رأسه لكن داميان كان يضحك بصدق. فكرة الارتباط بامرأة مدى الحياة كانت مرضية له.
لم يقل داميان شيئًا وظلّ يضحك، فشعر روس بالفضول. وعندما نظر لوجهه الوسيم، رأى ابتسامة أسعد رجل في العالم.
كان أفضل من أن تقيده امرأة معها، كانت النساء تلتف حوله.
لكن بدا أنه لم يلاحظ شيئًا.
“على أية حال فلتكن حذرًا.”
“ممَ أحذر؟”
“تعرف في الروايات، الزوج السعيد أو المتزوج حديثًا هو أول من يموت؟”
عبس روس وأطفأ داميان المبتسم سيجارته ثم تحدث.
“كف عن التحدث بالهراء وانهض، يبدو أن الجميع قد وصل.”
عند النظر للساعة بدا أن الفرقة بأكملها قد تجمعت بينما كانا يتحدثان.
كان هناك حوالي 50 رجلًا أو نحو ذلك، كانوا يبدون في حالة معنوية مرتفعة ووقفوا عند “الباب”. هدّأ روس من روعه.
‘لا مزيد من الحديث، حان وقت الجد.’
وبينما كانا يقتربان، اتجهت الأعين نحوهما.
“احم احم.”
سعل روس أولًا.
“أنا متأكد من أنكم جميعًا تعلمون ما هي مهمة اليوم، ولكنني سأختصر الأمر. في الليلة الماضية حوالي الساعة 2:30، علق شيء ما في الفخ.”
ظهر التوتر على وجوه أفراد الفرقة عند ذكر تلك المعلومات المروعة.
“بعد الفخ الأول، لا نملك وسيلة للتحقق من وجود السربنت بالقرب من المدينة أم لا، لذا سنذهب بأنفسنا لنرى ما الذي علق في الفخ.”
كان من السهل قول ذلك، كما كان من السهل القيام بذلك.
كان الأمر سهلًا لدرجة أن تم توكيله للمستجدين الذين لم يسبق لهم الخروج من قبل. ومن بينهم، كان داميان هو الوحيد الذي قاتل السربنت من قبل.
حسنًا ربما هذا متوقع.
من المستحيل تقريبًا النجاة من مواجهة السربنت، لذا فإن أخذ 50 رجلًا وملازمان لتفقد الفخاخ وإن بدا مبالغة فهو غير كذلك. لم يكن هذا ليحدث إن لم يكن هناك خطر حقيقي.
“لدي سؤال.”
رفع رجل ذو نمش يقف في الصف الثاني يده سائلًا. أومأ روس له ففتح الرجل فمه بحذر.
“هل ربما ما وقع في الفخ لم يكن سربنت؟”
كان وجه الرجل يعكس أملًا داخليًا. لا يريد أحد أن يواجه وحشًا قاتلًا وإن كانت نظرة من بعيد، ولكن….
“هذا ممكن، لكن هذا لم يحدث من قبل. لم يتم التأكيد على وجود حياة أخرى “هناك” غير السربنت.”
تردد روس وأجاب داميان بدلًا منه.
اسودّت وجوه الرجال على الفور عند إجابته. كانوا خائفين رغم تدريباتهم.
نُحِت الخوف في عظامهم دون أن يشعر أي منهم.
بالطبع لم يكن روس الوحيد الذي لاحظ ذلك.
“أأنتم خائفون؟”
صدى صمت موتر.
ابتسم داميان ابتسامته الهادئة المعهودة، كانت ابتسامة يمكنها إسقاط عدة نساء مرة واحدة. لكنه كان يعلم متى يرسمها.
“يمكنكم الخوف إن كان ذلك سيساعدك.”
كان هذا مثيرًا للاشمئزاز.
الهدف بالطبع ليس الجنود اليائسين، بل الوحوش القاتلة التي تعزل المدينة.
“ولكن إن تصرفتم كالفريسة، سيكون الطرف الآخر هو المفترس.”
تحدث داميان بهدوء وهو ينظر في عين كل منهم.
“تذكروا هذا، نحن لسنا الفريسة، نحن الصيادون الذين خرجنا لاصطيادهم.”
كان صوته واضحًا وكانت نبرته هادئة ومثالية. لم يكن صوته مرتفعًا، لكنه كان أكثر إقناعًا من صوت عالٍ يصرخ بلا هدف.
“لن أكذب عليكم بقول أنكم ستكونون بأمان. هذا ليس تدريباً، بل هي مهمة حقيقية. لربما ستموتون “هناك” اليوم.”
اتسعت عينا روس قليلًا من صراحته وشدّ على قبضته.
استطاع رؤية كلمة “الموت” معلقة في الهواء، وأصبح الجو أثقل.
“لذا حافظوا على رباطة جأشكم، إما أن تَصطادوا أو تُصطادوا.”
أشار داميان واقترب جنود يجرون مدافع ضخمة.
“فلينزع الجميع أسلحته.”
وضع الجنود بنادقهم وسكاكينهم وأسلحتهم بعيدًا. قام الجنود الذين يحملون المدافع بالدوران حولهم ونثر ما يشبه الرماد فوق رؤوسهم. كان غبار التبغ، والمادة الوحيدة التي يكرهها السربنت. لذا كان إلزاميًا على الرجال التدخين صباح يوم المهمة. بالإضافة إلى تأثيره، فقد ظهرت شائعة تقول أنه يجلب الحظ السعيد.
فرك الجنود الغبار على جسدهم كما لو كان ماءً مقدسًا. غمر داميان نفسه هو الآخر ثم أشرف على رجاله.
عرف روس لمَ بيّن داميان أن الأمر مخيفًا. كان مجرد فحص للفخ، ولكنه أراد أن يكون الجميع آمنين. لذا لم يطمئنهم، بل جعلهم متوترين ومتأهبين.
على النقيض من روس من كان منافقًا.
لهذا السبب لم يشعر بالراحة معه.
لم يكن الأمر أنه لم يحب داميان، كان صديقًا جيدًا. كل ما في الأمر أنه شعر بلحظات عدم ارتياح في بعض الأوقات.
قيل أن الناس عندما يجدون شيئًا غير محبب في شخص فهم يشعرون بالاشمئزاز منه، لكن روس اعتقد العكس.
ما كان لدى داميان كان شيئًا لم يملكه هو.
ما كان اسم المشاعر التي تجتاحه؟ غيرة؟ دونية؟
هل سيضع الآخرين في المرتبة الأولى حتى إن كانت حياته تعتمد على ذلك؟
بالطبع لا. كان داميان شخصًا طبيعيًا. شخصًا يملك من يحبه ويهتم بسعادته.
“روس.”
أيقظه نداء داميان.
ابتسم داميان له.
“إذا انتهيت من أفكارك فاذهب وافتح الباب.”
ألقى نظرة حوله ورأى الرجال كلهم مسلحين ينتظرون الإشارة للمغادرة والتوتر بادٍ على وجوههم. مشى روس ببطء نحو الباب. الباب الذي يؤدي إلى “الخارج”.
المدخل الوحيد للمنطقة 13 تحت الأرض.
يقال أن الممر قد يؤدي لمناطق أخرى، لكن أحدًا لم يذهب. لأن “الخارج” هو الجحيم حيث يتجول السربنت.
طفت شاشة مربعة طويلة بجانب الأبواب الضخمة. نقر روس على الساعة الموجودة على معصمه فظهرت رسالة بصوت ميكانيكي.
بييب.
تم تأكيد الهوية. الملازم روث غراديل من المنطقة 13. يرجى ذكر سبب خروجك.
“تم إرسالي للتحقق من الفخ الأول. تم منح الإذن مقدمًا الليلة الماضية.”
تم التحقق من الإذن، سيُفتح الباب خلال 5 ثوان.
“سيُفتح الباب” كانت عبارة كافية لإرسال قشعريرة.
رمش روس بعصبية.
كم ثانية مرّت؟
…. الجهاز ….
بعد لحظات، انفتحت الأبواب الحجرية الضخمة بضجة شديدة.
كان من الجيد أنه ضبط توقيت الرحيل قبل الفجر. سيثير الصوت العالي قلق المواطنين.
انفتحت البوابة على مصرعيها وبدأ الرجال يتدافعون. كانت المساحة أمام الباب وقبل المنطقة ملونة بلون أرجواني. امتلأت بضوء اصطناعي وتبغ.
‘إذا اشتعلت النيران هناك فليس فقط السربنت من سيموتون، بل وحتى البشر.’
في المنطقة 13 تستخدم كل التربة الثمينة في زراعة التبغ إن لم تكن للطعام. كما لا يوجد سوى مصدر واحد للتربة في المنطقة 13.
لا يستطيع سوى المقاولون المصرح لهم من قبل المنطقة بالزراعة. كانت التربة ثمينة لأن كميتها كانت تقل بمرور الوقت. اتسعت أعين الفرقة عندما رأوا الكم الهائل من التربة أمامهم.
وبمجرد أن خطى ما يزيد عن 50 رجلًا لتلك الأرض الوسطى، أُغلقت البوابة تلقائيًا.
كانوا الآن في المنطقة الوسطى بين الباب الأول والثاني.
من الواضح أنه لا يوجد باب واحد يؤدي “للخارج”.
هناك ثلاث أبواب، ولا تفتح أبدًا في نفس الوقت. إن حدث ذلك فكل السربنت المنتظرون في الخارج سيدخلون.
كان الباب الثاني بنفس المتانة والسمك. وبينما كان داميان واقفًا أمامه، رفع خنجرًا وشق يده. جعل الدم المنسال يلمس سطح الباب الثاني.
‘كان بوسعك جعل شخص آخر يفعل ذلك.’
كادت الكلمات تنساب من فم روس. على أية حال، لم يكن ليوجد شخص يريد إسالة دمه، وكان هذا هو الشيء الذي جعله غير مرتاح بشأن داميان حقًا.
يجب أن يكون من أنشأ الباب الثاني مريض. لا يستطيع فتح هذا الباب إلا البشر، فلا يفتح إلا إن مُرّر عليه دم بشري.
وهكذا انفتح الباب.
خطوا عبر الباب الثاني ووجدوا أنفسهم في قاعة فارغة. لا تبغ ولا أي شيء، فقط مساحة فارغة. أُغلق الباب الثاني بشكل تلقائي، ولم يتبقَ سوى باب واحد.
وهذا الباب…….
“تم التحقق من جميع الأسلحة، ابقوا متيقظين.”
يُفتح يدويًا.
انتشر الصمت كالطاعون. ثبتت الأسلحة لشن هجوم في أي لحظة.
لم يصدَ في كل أذن سوى صوت دقات القلب.
شعر روس وكأنه قلبه سيخرج من حلقه. شعر وكأنها ليست المرة الأولى له “هناك”. نظر إلى داميان ليرى وجهه خاليًا من أي تعابير.
كان تعبيره المعتاد.
تبًا، ألا يمكن لهذا الرجل أن يتوتر؟
رمق داميان الرجال بنظرة خاطفة وأشار إليهم.
تحرك رجلان ووقفا على جانبي البوابة لفتحها.
انفتح الباب بصوت عالٍ. قد يسمع السربنت الضجيج ويقتربون. ابتلع روس ريقه وحرك عينيه في المكان.
كان “الخارج” صامتًا بشكل مخيف.
• ترجمة سما