Epic spring - 2
فتحت عينيها ببطئ و هي تحاول تحريك راسها لتنظر لحولها برؤية ضبابية، اغمضت عينيها مرة اخرى لتتضح رؤيتها بشكل افضل من ذي قبل لوهلة شعرت بأنها غرقت في دوامة سوداء مع ذلك الكابوس برغم من انه قد حدث في الحقيقة لكن هذه الذكرى طاردتها الى احلامها لتحولها الى كوابيس قاتمة، شعرت بيد قد لامست كتفعا لتربت عليه برفق و ذلك الصوت المؤلوف يتردد في اذنها “نينا! نينااا! لقد انتهت فترة الغداء و نتي نائمة…. لقد غفوت على غير عادتك” رفعت نينا راسها الى الاعلى لتحدق في وجه صديقتها سومين القلق و عينيها الكرميتين متسعتين، ابتسمت نينا بتكلف لتخفف عن قلق صديقتها
” لم انم البارحة لذلك غططت في النوم كل هذه الفترة “
وضعت سومين يديها على خصرها و خاطبت نينا بعتاب
” هل تعلمين انتي تخطيتي حتى وجبة غداءك كيف سوف تركزين على الحصص القادمة سوف تتضورين جوعا في هذه الحالة “
اطلقت نينا ضحكتها الساخرة كتهرب من كلام سومين المعاتب و لتنظر الى ساعة يديها متجنبة النظر الى اعين صديقتها، لا تنوي سماع محاضرة منها الان، جلست سومين في مقعدها المعتاد الذي بجانب نينا و اخرجت من جعبة محفضتها كعك البسكويت المحلى ووضعته على طاولة نينا و اطلقت ابتسامة دافئة
” هيا كلي هذا البسكويت قبل ان تبدا الحصة…. لا اعرف الى اي مدى يفي ليجعلك تتحملين قليلا لكنه سوف يكون فعالا “
“شكرا سومين”
ادارت نينا راسها نحو النافدة التي بجانبها تحدق في السحب المنقشعة في السماء الزرقاء الفيروزية عادة حينما يحدق المرئ في السماء يغدقه شعور بالراحة و الانتعاش لكن قلب نينا كان له رايي اخر حيث شعرت بشيئ مريب يحوم في جو لكنها لا تدري ماهيته
في تلك الاثناء كان الجميع يتهامس و يتكلم على غير عادتهم
مما دفع نينا الى سؤال صديقتها بحيرة
“سومين…. لما الجميع يثرثرون على غير عادتهم”
” اوه.. صحيح يقال ان استاذ الانجليزية الجديد سيبدا بتدريسنا ابتداءا من اليوم فكما تعرفين استاذة الانجليزية السابقة اختفت في ظروف غامضة لذا اضظرو لملأ فرغاها…. انا اتطلع لرؤية الاستاذ الجديد”
وسط اصوات الجميع اقتطع ضججهم صوت الباب الذي فتح ببطئ مما جعل الجميع يغط في صمت عميق لتتحول انظارهم نحو الداخل، دخل بهدوء مريب و هادئ بشكل مرعب حيث وقف امام مكتبه و وضع محفضته ببطئ موجها نظره نحو الطلاب
رجل طويل القامة قد يصل طوله حوالي 1.88،ذو شعر اسود عاتم يصل تقريبا الى رقبته البارزة و الطويلة، تلك العيون السوداء عند النظر اليها كمن يغطس في ليل خالي من النجوم كآرعب الليالي في السنة، خطواته التي كانت بطيئة و هادئة مثل ملامحه لكنها بدت ثقيلة كمن يضرب اعماق الارض بالمطرقة
في تلك اللحظة و في تلك الثانية، توقف الزمن لدى نينا، دمها الذي كان يتدفق في عروقها قد تجمد، و عينيها اتسعتا بدهشة و رعب الى ان اختفى بريقهما و انفاسها قد تسارعت
كيف ذلك؟؟ الم يكن ميتا؟؟ كان هو
نفس الرجل. من تلك الليلة ، مازالت تلك الابتسامة تمر على ذهنها كشريط ذكرياتها القاتمة، تلك الهالة السوداء الاشبه بالموت كانت تحيط به، لم تكن على مرئ الجميع الا نينا التي كانت اختنقت من تلك الهالة
انه حي و يقف هنا، امامها ببضع امتار
“مرحبا”
قالها بصوت بدا كصوت الصخرة حينما ترميها في بئر عميق مظلم لتطلق صدى مرعبا
“انا الاستاذ ايجي… اتطلع لعام مليئ بالنشاطات معكم”
الطلاب صرخو حماسا بأستاذهم الجديد بينما نينا التي قد قطعت اي صلة بالعالم الخارجي في تلك الثانية المعدودة قد اصبحت اصواتهم في مسامعها تاتي من مسافة بعيدة كبعد الارض عن السماء
نينا التي ابقت بؤبؤ عينيها جامدا و لم تحركه لثانية بقيت تحدق به بصمت
بينما كان ينظر للجميع واحدا تلو الاخر تحولت نظراته الى نينا
تلك النظرات الثاقبة و. تابتة التي حدقت بها بتمعن
نفس تلك الابتسامة التي لقى بها حتفه من الشرفة في حفلة الكريسماس الملعونة مازالت مرسومة على وجهه المرعب لكن تلك الابتسامة كانت تعدها وعدا لا يمكن لاحد ان يفهمه الا نينا
“نينا؟ هل انت بخير؟ لما تتعرقين؟.”
همست سومين بحيرة على صديقتها التي بدت كمن راى شبحا، لكن نينا لم تستطع سماع صوت صديقتها القلق
شعرت بأنها محتجزة في غرفة داكنة الظلام و السواد لا يمدها صلة بما حولها
حاولت اخراج الكلمات من فمها لكنها لظ تستطع حتى ان تطلق زفيرا بشكل طبيعي، شعرت بشيئ شائك يلامس رقبتها، شيئ يتدفق عبر رقبتها و يبث الم فضيعا فيها، رفعت يديها لتلمس رقبتها ببطئ فشعرت بلزاجة ذلك الشيئ
مما جعلها تنظر الى يدها بسرعة لتجد تلك الدماء الحمراء الزاهية تغطي كف يدها و اصابعها
شهقت بقوة الى ان كادت رئتيها تخرج من مكانها و نظرت حولها بإرتعاب
لا يوجد شيئ مريب الكل متحمسون و يتصرفون على طبيعتهم لو كان الجميع يرى ما تراه نينا لصرخوا قطعا
حتى سومين التي كانت قلقة عليها قبل قبل قليل قد كانت تتصرف بشكل اعتيادي و تتبادل اطراف الحديث مع الشخص الذي يجلس امامها، بدا كل شيئ طبيعيا الا بنسبة لنينا التي بقيت لوحدها تعيش هذا الموقف المرعب
ادارت راسها الى السبورة تحدق بتعب واضح بإيجي الذي بدا يكتب بصمت
طقطق، صوت الطباشير الذي كان كالصراخ المعدني، الكلامات التي كان يكتبها بالإنجليزية لم تكن موجودة بل كانت كلمات بالاحرف الكورية التي تحولت الى وجوه مشوهة دامية ترقص برعب و تصرخ في الم رهيب ثم تلتصق ببطئ في السبورة و تسيل دماءا داكنا كالسيول الى ان يصل الى الارضية
التفت ايجي لينظر الى نينا بعيون ثاقبة
” هل ترين؟ هل تعتقدين انني مت حقا؟ هل تظنين انك ستفلتين بسهولة؟ بطبع لا؟ هذه بداية الحفلة مازال الوقت مبكرا على المغادرة”
بتلك الكلمات التي خرجت بنبرة هادئة و غامضة تملؤها الرعب قد جعلت وجه نينا يستحم عرقا مما كان عليه رمشت بصعوبة للحظة، لتجده فجاة ناصبا واقفا امامها بشموخ و مباشرة
لا احد في الصف قد القى بالا لذلك
لقد كان قريبا جدا
ابتسامته المرعبة العريضة التي كشفت اسنانه و كأنها انياب ذئب يحدق في في فريسته قبل ان يفترسها
هامسا بهدوء و روية
“اخبرتك انها البداية فقد لما تبدين هذا الوجه المرتعب؟”
في تلك اللحظة شعرت نينا بألم حارق يتدفق في يدها كوضع فولاد منصهر على يدها حركت بؤبؤ عينيها بصعوبة تنظر الى يدعا لترى جلد يدها ينقشر مثل البرتقال قد انسلخ بالكامل ثم ادارت لترى ظهر يدها حيث ظهرت كلمات واضحة
“انت التالية.”
شهقت بقوة، و نهضت بسرعة مبتعدة عن مقعدها للتتعثر بقوة و تسقط على الارض
التفت الجميغ ناظرا اليها بدهشة
لكن ايجي بقي متخدا نفس وضعيته لم يحرك ساكنا
يبتسم بهدوء و كأنه ينتظر المشهد بفارغ الصبر
” هل هناك خطب نينا؟ “
تلك النبرة ليست لشخص قلق يطمئن عليك بل لشخص يحمل وعدا بالمزيد من الالم المميت
في تلك اللحظة
شعرت نيناا و كأنها في ساحة اعدام
الطبول الجنائزية تقرع بحماس و قوة
الوجوه الفارغة تحدق بها، عيونهم هالية من الحياة
حاولت استجماع انفاسها لكن هواء الغرفة قد كان ثقيلا على رئتيها
بدت كشخص يجدف تحت الماء للوصول الى اليابسة لكن الماء يمنعه ليخنقه ببطئ
“نينا هل تحتاجين الى مساعدة؟”
صوت ايجي كسر ذلك الصمت
لقد بدا كمن يستمتع بمشاهدتها و هي تختنق في رعبها وحدها
مد يده نحوها و كأنها دعوة مباشرة للانهيار
زحفت نينا الى الخلف و هي هاربة من تلك اليد الممتدة لتساعدها و نهضت بصعوبة ،خطواتها الفوضوية
كل العيون تراقبها بما في ذلك سومين
نظرت نينا الى سومين كأمل لكن وجهها قد بدا خاليا نن الملامح للحظة، كأت الظلال قد التهمت تفاصيلها
“نينا هل انتي بخير؟”
صوتها بدا اعمق و ابرد من اي شخص اخر قد بدا مزدوجا
“انا…. انا…. بخي.. ر”
تمتمت نينا بصوت ضعيف و. منهار، كل شيئ فيها يصرخ ما عدا صوتها
هناك شيئ خطا في كل هذا
شعرت نينا ان الغرفة بدات تضيق عليها الجدرات تتقرب ببطئ و الارضية بدت و كأنها تنحني تحت قديمها
صوت الضحكات الاشبه بصوت النحيب قد عم، يتردد في اذنيها ضحكات مشوهة مليئة بالسخرية السوداء
كانت ايادي سوداء تقترب من نينا و تنبعث ببطئ و تلامس اجزاء جسدها تلك الايدي الدامية اللزجة
” هل ستبقين واقفة هكذا”
خطا ايجي نحوعا بخطوات متثاقلة
عيناه قد اصبحت اكثر سوادا و عتمة و كأنها ثقب اسود يسحب كل شيئ لا مهرب منه
” يجب ان تعودي الى مقعدك….. او ربما لا “
تراجعت نينا بتهور الى ان اصطدمت بالخزانة التي كانت خلفها قلبها يكاد ينفجر خوفا، شعرت بتلك الايادي تمسك كتفها التفت بسرعة لكنها لم ترى احدا فقد اياد تطبع على ملابسها اثار دماء داكنة تترك بصمتها عليها بصمت
” يكفي! “
صرخت نينا بكل ما لديها اخيرا، صوتها المرتعش المذعور، انفجرت الغرفة كلها بضحك، ضحكات مشوهة دامية مرعبة ترقص باذنها كمن يغني اغنية الموت
اقترب ايجي ببطئ لكن نينا بقيت مسمرة في مكانها ترتعش بصمت
اغمضت عينيها بقوة، محاولة طرد كل شيئ، عندما فتحتعا مجددا، كانت الغرفة كما هي فالعادة، الطلاب يتحدون سومين تجلس بجانبعا، و ايجي يكتب بوجه عادي، لكن نينا لم تكن مخطئة تلك الابتسامة الصغيرة التي ارتسمت على شفتيه
تخبرها في صمت
ذلك ليس وهما
ما راته هو الحقيقة
و الحقيقة بدات بالكشف عن وجهها البشع علنا
.
.
يتبع