Epic spring - 1
ترنيمة ناعمة ترن برعب محدق
***اضواء الكريسماس تلمع حولي و تدور***
لكن قلبي قد غرق في ظلامي الدامس
تلك الضحكات العالية ترقص وسط الحشد الغفير
و صدى الخوف يعزف اغنيتي
انا مراقبة و فأس الموت يراقبني في كل مكان
ليأخد راسي كهدية الكريسماس
ظلال الموت تحيط بي
وسط الزينة و الالوان الباهتة يناديني
صوتك يهمس في اذني
هذه البداية فقط، لا تفري فالليل سيكشف حقيقتك، الظلام آت ليبتلعك
ايادي سوداء تقبض ملتهمة وجهي
و ابتسامة الموت المأسوي تناديني و تهمس بصوتها المشؤوم في اذني تدعوني للبكاء كطفل التائه
تلك العيون السوداء الفتاكة تراقبني
تحت شجرة عيد الميلاد الملعونة
واحد، اثنان، ثلاثة
اهربي….. اهربي بأقصى سرعة…..عند سماع صوت الاجراس… لكن خطواتي تعيدني الى نقطة البداية، تلك الاجراس تخدعني برنينها
صوتها يرسم قدري المشؤوم
صرخات قلبي الملتهبة تختنق لتحرق اي امل يناديني
الظلام قد نال انتصاره مني و هنا تبدا حكايتي الملعونة
فالظلام قد رسم نهايتي بالفعل
.
.
.
.
25 ديسمبر 2012
بينما الكل يحتفلون تحت تلك الاضوء المعلقة التي تتلألا مثل النجوم فوق القاعة ذات السقف الدائري، اصوات الموسيقئ الراقية الفاخرة التي يهواها الاثرياء و اصحاب الترف
رائحة الشموع العطرية التي امتزجت في الهواء ترقص بمرونة مع صوت ضحكات ضيوف الشرف لهذه الحفلة.
تقدمت تلك الفتاة ذات الشعر الاحمر الداكن المائل للبني و لون عيونها المتطابق مع شعرها حيث برزت اضواء الحمراء و الخضراء للكريسماس في انعكاس عيونها البراقة الكريستالية. ارتدت هذه الفتاة الصغيرة فستانا حريؤسا فضفاضا بلون احمر مشع كأنه يعلن حضورها القوي وسط الجمع الغفير، تمشي بتثاقل واضح و هي متمسكة بتنورتها مقتربة الى جانب والدتها.
اخر ما تذكرته تلك الفتاة كلمات والدتها التهديدية قبل الحفلة ببضع ساعات
“سوف تحضرين هذه الحفلة، و لا اريد اي تصرفات صبيانية اثناء تواجدك، تذكري فأنت مراقبة حتى في طريقة تنفسك”.
وسط الجماهير الراقية، كان الجميع يتبادلون التهاني و الهدايا اللامعة و البارزة بينما تلك الفتاة لم تشعر بشيئ سوى النفور و تقزز، كانت عيناها تجوبان و تتفحصان كل زاوية في القاعة لتبحث عن منفد لتهرب اليه، بعيدا عن تلك الوجوه المقنعة المتكلفة،
لم تكن على دراية
هذه الليلة التي ستقلب حاضرها و مستقبلها راسا على عقب
بينما كانت تحوم حول المكان اصطدمت بقوة بكتف جعلها تتراجع بخطوات الى الخلف رفعت راسها بحيرة ليلفت نظرها ذلك الشاب ذو الشعر الاسود و عيون السوداء الحادة
ابتسم بودية و اخفض راسه نحوها قائلا
” اعتذر لانني ارتطمت بك بقوة هكذا “
لم ترد عليه تلك الفتاة فلقد وعدت والدتها بأنها لن تنطق بكلمة في هذه الحفلة سوى الاكتفاء بالصمت و مراقبة المكان
غادرت الفتاة على فور دون ان تستدير
بينما ذلك الشاب بقي يراقبها حتى اختفى ظلها ووضع يده على فمه ضاحكا
“سوف تبدا الاصوات الحقيقية في الانكشاف”
هذه الحفلة الفاخرة اشبه بمسرحية الماريونيت السخيفة، مليئة بالاقنعة المزيفة و الابتسامات المتكلفة، شعرت نينا بالاختناق و هي تسير بخطى متثاقلة زاحفة نحو الشرفة لتهرب من هذه المهزلة المهيمنة، لتستنشق الهواء البارد ليخفف عنها هذا العبئ و ينعش رئتيها من ثقل ذلك الجو، اسندت ذراعها على حافة الشرفة و اسندت خدها على يدها، مغمضة عينيها للحظة، بينما افكارها كانت تترتطم كالامواج مضربة الصارخة
” عيد ميلادي كان بالامس…. و لم يتذكره احد. هل انا غير مرئية الى هذا الحد؟ “
فجأة، قطع صمتها، صوت سقوط عنيف من الطابق الذي كان من فوقها لترى رجلا يهوى كأنه شهاب ليسقط في نحو الشارع السفلي اسفل القاعة ليصطدم جسده بالارض بقوة مروعة، فتحت عينيها بصدمة، الدماء تغمر الارضية كلها لتجعل جثته تغطس في بركة دامية، بينما جسده كان ملتوي بشكل مخيف بدا و كأنه قد ودع هذه الحياة للابد، ارتعدت اطرافها و ارتجفت انفاسها للتتسابق بسرعة عبر انفها و فمها من الارتعاب المهيمن بعد هذا المشهد المروع
هرعت نينا الى الداخل، راكضة نحو الحارس الشخصي الذي كان يقف بالجوار و هي تمسك ذراعه بقوة لتقوده نحو الشرفة بصوت يلهث و مزوع
“هناك شخص في الاسفل……… انه مييت!”
نظر الحارس الى الاسفل بحيرة ثم تحولت تعابيره الى الجمود و اجاب ببرود:
“آنستي.. الشارع فارغ، ربما توهمت ذلك بسبب الاجهاد”
“انتظر لحظة”
لكنها تراجعت فورا بعدما ادركت ان الحارس لن يصدقها مهما اخبرته من اعذار
عادت نينا الى الشرفة مجددا، انفاسها متسارعة و عقلها، يأبا التصديق. لكن ما راته للتو لم يكن بكذبة بينما شردت لثانية شعرت بشيئ لزج تتحسس به بين اصابعها اخفضت راسها لترى لكنها تجمدت مكانها……يداها……. كانتا ملطختين بالدماء القرمزية…… و فستانها الاحمر قد تشبع ببقع الدم الداكنة…. تثاقلت انفاسها لتشعر باختناق كأن الصخور قد وقعت على رئتيها لتمنعاها من التنفس، هذا غريب، مسحت يديها في فستانها بقوة و رفعت اصابعها لتلمس شفتيها، شعرت بذلك السائل دافئ الاحمر يخرج من فمها لتقول بإرتعاب
” هذا مستحيل ”
عادت للخلف لتمسك الحارس الذي كان يحدق بها بإستغراب لغرابة تصرفها
و تصرخ في وجهه بذهول
” سيدي هل ترى هل ترى دماء عليي….. انها دماء….. في كل مكان حتى انها تخرج من فمي “
تراجع الحارس الى الخلف بإستنفار واضح و هو يبدي الذهول على وجهه
“انستي انتي مجنونة….. لا ارى شيئا…. لابد ان خطبا ما بك”
ابتعد دون ان يلتفت و ترك نينا وسط افكارها الجامحة
مهما حاولت استدعاء احدهم فلن يصدقها احد، لم و لن يلاحظ احد شيئا
كانت وحدها وسط هذا الرعب المهيمن.
حاولت نينا تهدئة نفسها لكنها وجدت قدميها تقودانها ببطء الى حافة الشرفة مجددا، نظرت الى الاسفل، حيث الجثة التي راتها قبل قليل لا تزال كما هي عليه، كان المنظر اكثر رعب مما قد تتخيل، عندما نظرت بتفحص الى وجهه قد صدمت، لقد كان الرجل الذي ارتطمت به قبل برهة، بشعره الاسود المبلل بدماءه الذي يداعب رقبته، فجاة فتحت عيناه على مصراعيهما، لتنظرا اليها و كأنهما تخترقان كالسهم روحها مباشرة، تحول الامر الى الاسوا، فلقد ارتسمت على شفاهه الجافة ابتسامة مخيفة
و كأن موته…. بداية احتفال للحفلة دموية مأساوية.
“هذه البداية فقط”
همس ذلك الصوت المروع فجأة منه، مع ان شفتي الرجل لم تحركا ساكنا.
نينا التي تجمدت مكانها، شعرت بأنها سوف تتقيأ قلبها في اي ثانية من الخوف الرهاب الذي تراه بأم عينها
هل سمعت هذا حقا؟ أم ان عقلها يلعب ألعابا عليها؟
حاولت اقناع نفسها، انه مجرد وهم لا محالة، لكن عندما اغلقت عينيها للحظة لترمش، حدث مالم تتوقعه، امتدت يد سوداء مقطوعة ملطخة بالدماء اللزجة، انطلقت بسرعة من الجثة، لتمسك وجهها بقوة، اناملها الباردة تغلغلت في جلدها و كأنها تحاول اقتلاع جلد وجهها
تراجعت نينا بتهور لتقع على ظهرها و تصرخ بذعر، وهي تسحب راسها للخلف، لكن اليد لم تكن لتتملص من وجهها بسهولة، شعرت بالظلام يتسلل ليمسك كل زاوية. من جسدها و ينثر تلك البرودة المرعبة ليقشعر جسدها خوفا
بما في ذلك صوت ذلك الرجل يتردد مرارا و تكرارا في عقلها
” ألم اقل لك……. انها البداية فقط؟ “
- امسكت نينا شعرها بقوة تكاد ان تقتلع جلد راسها بقوة و هي تشد بكل قوتها و امسكت تضرب راسها دون توقف في حافة الشرفة الى ان ادمى راسها و اخر ما تذكرته انها اغمضت جفونها ببطئ بعد تلقيها للضربة حاسمة على راسها.