Encore - 2
الفصل 02
بعد لحظة، أستسلم قائلًا، “حسنًا، أنا في الواقع شبح.”
“شبح يُمكنه العزف على البيانو؟”
مددتُ يديّ في الهواء، لكن من الواضح أنني لم أستطع لمسه.
“هل تشعرين بالخوف الآن؟”
“لا، لا، على الإطلاق.”
“همف، تكذبين على شبح.”
يبدو أنهُ لم يكن يرى نفسه حقًا كـ ‘شبح’.
لا أحد لا يخاف من الأشباح؛ في الماضي، كنتُ سأكون مرعوبة بالتأكيد. لكن الآن، كان ذهني وقلبي مليئين بأدائه لسيمفونية الحلم، يثير في داخلي موجات لم تهدأ بعد، تجذب مشاعري.
لم يكن لديّ الوقت لأخاف.
“لقد عزفت ببراعة.”
أثنيتُ عليهِ.
“معلمي، ما رأيك أن تُعليمي قليلًا؟”
كنتُ صادقة.
أداؤه خلق مشهدًا جميلًا كالحلم، يجذب المستمع ويجعله لا يرغب في الاستيقاظ. حتى وإن كان شبحًا، فقد كان يتمتع بحيوية غير عادية وقوية.
“لماذا تتدربين على هذه المقطوعة كل يوم؟”
سأل.
“أريد أن أقدم في أختبار فرقة مسرح الأحلام، لأنها المقطوعة المطلوبة.”
“همف…….”
أطلق شخيرًا خفيفًا، وكانت نبرته مليئة بالازدراء.
“سأعزفها مرة أخرى. إذا لم تتمكني من معرفة خطأكِ، فأقترح عليكِ عدم التقدم للاختبار. عودي من حيث أتيتِ.”
بذلك، بدأ صوت البيانو من جديد.
لم يكن لديّ وقت للتفكير في فظاظته. حبستُ أنفاسي فورًا وتركيزي كله منصب على تمييز كل نغمة.
أدركتُ أخيرًا؛ كانت النوتة الموسيقية خاطئة بالفعل. تفسيره كان مختلفًا بمهارة عن النوتة، وكأن اللحن ينبع بشكلٍ طبيعي، ويصل إلى مستوى فني أستثنائي.
لم أشعر أبد بهذا النوع من التألق إلا من شياو لانغ.
عندما أنتهت المقطوعة، لم أتمالك نفسي وصفقتُ. لكنهُ قاطعني ببرود، قائلًا، “أيدينا للعزف على البيانو، وليسَ للتصفيق للآخرين.”
يا له من شبح متذمر، حقًا!
“أنتِ، عزفيها مرة أخرى.”
كانت نبرته آمرة.
أخذتُ نفسًا عميقًا وتخيلتُ كيفَ عزفها هو. كان له حضور مؤثر، ينقلني بسهولة. تدفق إصدار جديد من سيمفونية الحلم من أطراف أصابعي.
لم أكن قد عزفتُ بهذه الروعة من قبل. شعرتُ بإن أطراف أصابعي وكأنها مشحونة بالكهرباء، وكان قلبي ينبض بسرعة.
هذا الحلم بدّد سكون الليل وأحاطني تمامًا.
عندما تلاشت النغمة الأخيرة، ساد الصمت في الغرفة.
لم يكن هناك تصفيق.
حتى لو صفق، لم أكن لأسمعه.
لا، هو لن يصفق. لأنهُ قال إن يديه للعزف على البيانو، وليسَ للتصفيق للآخرين.
جمعتُ شجاعتي وسألته، “هل أنتَ شياو لانغ؟”
مع ذلك، كان الصمت هو الإجابة.
“مرحبًا! معلمي، هل رحلت؟”
يبدو أنهُ رحل حقًا؛ لم يكن هناك أي استجابة على الإطلاق.
مررتُ أطراف أصابعي بخفة، وكأنني استيقظتُ للتو من حلم.
* * *
في اليوم التالي في الفصل، فوجئ المعلم وقال إنني حققتُ تقدمًا ملحوظًا فجأةً. إذا استمريتُ في التحسن، فسوفَ تزداد فرصي في الانضمام إلى فرقة مسرح الأحلام بشكلٍ كبير.
قضيتُ معظم الليلة السابقة أفكر، وكنتُ شبه متأكدة أن الشبح المتذمر هو شياو لانغ.
كانت هناك العديد من الفيديوهات لعزف شياو لانغ على الإنترنت، وأسلوب عزفه كان مطابقًا تمامًا لذلك الشبح المتذمر. مع ذلك، كان شياو لانغ غامضًا بشكلٍ أستثنائي خارج المسرح، نادرًا ما يظهر في العلن. في المناسبات النادرة التي كان يتحدث فيها، كان صوته لطيفًا وخفيفًا، مما جعل من الصعب تمييز نبرته.
لكن الموسيقى لا تكذب، وصوت البيانو لا يُمكن أن يخدع أحدًا.
إضافةً على ذلك، كان صحيحًا أن شياو لانغ لم يعد حيًا، لذا من الممكن تمامًا أن يكون قد أصبح جاري في شقة الكولومباريوم.
عندما عدتُ إلى المنزل، كان حارس الأمن نائمًا. أيقظته وسألته عن أسم عائلة المقيم في الشقة 502.
تثاءب وهو يقلب السجل.
“شياو.”
قفزتُ بحماس.
“آه! إنهُ شياو بالفعل!”
نظر إليّ الحارس بريبة وقال، “ماذا بكِ؟”
ما المشكلة لو كنتُ أتصرف بجنون؟
أنا، فو وين شيا العادية تمامًا، قد تلقيتُ إرشادًا شخصيًا من عبقري البيانو شياو لانغ!
حدث ذلك بعد وفاته بستة أشهر!
يا له من منعطف مذهل للأقدار.
في هذا المبنى المكون من شقتين في كل طابق، كنتُ أعيش في الشقة 501، بينما كان شياو لانغ يعيش في الشقة 502. كانت حظوظي العجيبة هذه تتجاوز أبعد أحلامي.
عندما عدتُ إلى المنزل، مشيتُ متعمدة إلى باب الشقة 502 وطرقتُ بخفة.
“شياو لانغ، شكرًا لك.”
لم يكن هناك إجابة.
فجأةً تذكرتُ، كانت الشمس مشرقة في وضح النهار. ربما لم يكن هذا الوقت المناسب لظهوره.
لذا، أخرجتُ ورقة لاصقة من حقيبتي وكتبتُ عليها، ‘شكرًا لك’.
بعد لحظة من التفكير، أضفتُ بجرأة، ‘هل يُمكننا أن نلتقي مجددًا الليلة؟’
ثم دفعتُ الورقة تحت الباب.
في تلك الليلة، عزفتُ البيانو بحماس مضاعف. مجرد فكرة أن شياو لانغ قد يكون يستمع في الجوار ملأتني بالطاقة.
بعد كل مقطع موسيقي، كنتُ أنادي عليهِ.
“مرحبًا، هل وصلت الآن؟”
“هل أحرزتُ أي تقدم؟”
“شياو لانغ، أعلم أنهُ أنتَ. أظهر نفسك بسرعة.”
“أيها الشبح المتذمر، هل أنتَ هنا أم لا؟”
كنتُ أستمع باهتمام للصمت المحيط، متمنية لو كانت لديّ عينان تستطيعان رؤية ما وراء عالم الأحياء والأموات.
حسنًا، إن لم يكن سيأتي، فلن يأتي.
في النهاية، إنهُ شياو لانغ. العباقرة دائمًا ما يكون لديهم كبرياؤهم. بقلب مليء بشيء من الخيبة، غفوتُ في نوم عميق، ولم يظهر حتى في أحلامي.
يُتبع….