Don't tame the shrew - 68
بعد توقف المطر وبدء بزوغ فجر اليوم، وصل بوريس والفرسان في الصباح الباكر لأخذ الدوق والدوقة، ليجدوا أن الجسر قد انهار، فأبلغوا بذلك، ووصلت فرق الإنقاذ.
وفي الوقت ذاته، قام نيكولاي بتقديم بلاغ إلى قاضي الأمن للتحقيق في جريمة القتل التي وقعت الليلة الماضية وفي جريمة بارونة بورودين. أرسل القاضي المحققين إلى الفندق للتحقيق.
تم القبض على يوديت، تماماً مثل البارونة بورودين، لكن نيكولاي وعد بإرسال محامٍ ماهر من العاصمة للدفاع عنها. وبينما كان نيكولاي يتظاهر بأنه مواطن عادي ويتحدث مع المحقق، لامست كاتيا كتف المدير مينجانو الذي كان واقفاً شارداً.
[ما الأمر؟]
سألت كاتيا.
[اتبعني للحظة.]
أخذت كاتيا مينجانو إلى زاوية مكتب الاستقبال وأخرجت حقيبة الإسعافات الأولية. كانت قد لاحظت مكانها عندما أعطاها مينجانو دواءً للزكام في وقت سابق.
كانت يدا مينجانو مصابة بجروح وكدمات. كان ذلك نتيجة لاندفاعه بعربة الطعام إلى غرفة يوديت الليلة الماضية واصطدامه بالباب. لم يلاحظ أحد ذلك، إلا كاتيا.
[أوه، لا داعي للقلق. إنها مجرد إصابات بسيطة.]
قال مينجانو محاولاً تهدئتها.
لكن كاتيا لم تكترث لكلماته وبدأت في تنظيف جروحه بعناية. حتى لو كانت تفهم لغة آرشيتيا، لما اختلف الأمر. لم يكن أمام مينجانو خيار سوى أن يدعها تفعل ما تريد، مع أن التوتر قد تملكه قليلاً لأنه لم يعتد أن تمسك امرأة بيده من قبل.
“لقد بذلت جهداً كبيراً البارحة. أنا آسفة لأنني شككت بك نظراً للظروف. كمدير فندق، بذلت قصارى جهدك لتقديم أفضل تجربة ممكنة للضيوف.”
ظل مينجانو صامتاً.
[آه، ما الكلمة التي تعني ‘تجربة’ في لغة آرشيتيا؟]
عندما حاولت كاتيا، التي كانت تجيد التحدث بلغتها الأم، استخدام لغة آرشيتيا التي لم تكن تجيدها، وجدت نفسها متلعثمة.
[تجربة جيدة. شكراً لكِ.]
قال مينجانو وهو يبتسم بعد أن أخيراً تذكرت الكلمة.
نظر مينجانو إلى الضمادات التي لفّتها حول يديه بشكل غير متقن لكن بعناية. ثم نزع نظارته المغبشة ليقوم بتنظيفها بقطعة قماش ناعمة، لم يكن يرى وجهها بوضوح.
بعد أن أعاد النظارة النظيفة إلى عينيه، رأى وجهها بوضوح أكبر.
“أود أن أعود يوماً ما إلى هذا الفندق الذي تعمل فيه، فما هو اسمك الكامل؟ في حال انتقلت إلى مكان آخر، أود أن أتبعه.”
في الحقيقة، لم يكن من المستغرب أن ينتقل إلى فندق آخر بعد كل ما حدث في يومه الأول من العمل. كاتيا كانت ترغب بصدق في معرفة اسمه الكامل. كان مديراً شجاعاً ومخلصاً.
[اسمي.]
نظر إليها مينجانو بعيون مليئة بالتردد لكنه أخيراً قرر أن يخبرها باسمه، رغم أنه كان يميل إلى عدم الكشف عنه.
[اسمي هو فولانو مينجانو.]
أراد أن يخبرها، لكنه ابتلع الكلمات.
“تيا! أين أنتِ؟”
سمعت صوت زوجها يناديها، فقفزت كاتيا من مكانها.
“ارتاح هنا لبعض الوقت. حسناً؟”
أكدت كاتيا لمينجانو أن يبقى في مكانه قبل أن تغادر مكتب الاستقبال. وقف مينجانو يتأملها وهي تغادر.
يبدو أنه لن يستطيع الالتزام بآخر ما قالته.
“هل كنت تبحث عني؟”
“أين كنتِ؟”
أمسك نيكولاي يد زوجته بلطف وسألها بقلق.
“كنت في مكتب الاستقبال هناك.”
ألقى نيكولاي نظرة سريعة خلف كتفها.
“هل كنتِ وحدكِ؟”
“لا؟ كنت مع السيد مينجانو-“
عندما التفتت كاتيا، لم يكن مينجانو موجوداً، اختفى.
“أين ذهب؟”
تساءلت وهي تشعر بالحيرة.
بينما كانت كاتيا تحاول فهم ما حدث، اقترب المحققون من الزوجين.
“نريد التحدث إلى المدير الذي كان معكم بشأن القضية، أين هو الآن؟”
“لا أعلم، كان مع زوجتي قبل قليل، لكنه اختفى الآن.”
“حسناً، سنأخذ إفادة المدير لاحقاً. ما هو اسمه الكامل؟”
أخرج أحد المحققين دفتر ملاحظاته وبدأ في الكتابة بينما كان نيكولاي يجيب.
“اسمه مينجانو.”
“هل تعرف الاسم الكامل؟”
“لا، هذا كل ما أعرفه.”
“اسمه فولانو! سألت عنه قبل قليل.”
تدخلت كاتيا في المحادثة، سعيدة بأنها حصلت على اسمه.
“أوه، شكراً لكِ. فولانو مينجانو.”
كتب المحقق الاسم بينما مدده بنبرة استفهامية.
في تلك اللحظة، حدث شيء في عقل نيكولاي.
“انتظري، تيا. هل قال لكِ حقاً أن اسمه فولانو مينجانو؟”
“نعم! لماذا تسأل؟”
“في لغة آرشيتيا، ‘فولانو’ هو تعبير يستخدم للإشارة إلى شخص مجهول الهوية.”
*: مثل فلان في العربية .
أوضح نيكولاي أن هذا التعبير يُستخدم في الصحف للإشارة إلى المجرمين أو الجثث المجهولة الهوية. لم يكن من المعقول أن يكون اسمه الحقيقي، لذا فقد خدعها الرجل بسبب عدم إلمامها باللغة.
بعد أن سمع المحققون شرح نيكولاي، بدأوا بتفتيش الفندق بدقة. ولكن فولانو اختفى دون أن يترك أثراً.
وفي أثناء البحث، اكتشفوا شيئاً آخر: مجموعة من الرجال والنساء كانوا فاقدين الوعي في قبو النبيذ. لحسن الحظ، كانوا جميعاً على قيد الحياة وبدون إصابات. وعندما جلب المحققون طبيباً من القرية، قيل لهم إنهم كانوا فقط نائمين بعمق.
“انهضوا، استيقظوا!”
بدأ المحققون بإيقاظهم.
استيقظوا بتردد، متسائلين عن سبب وجودهم في هذا المكان.
“لماذا نحن هنا؟”
“هل كنتم نزلاء في الفندق؟”
هز الجميع رؤوسهم بالنفي.
اتضح أن الأشخاص النائمين كانوا المديرين الحقيقين لآرشيتيا وموظفي الفندق. تم حل اللغز المتعلق بغياب الموظفين الذين كان من المفترض أن يكونوا هناك.
صرح الموظفون بأنهم لا يتذكرون شيئاً بعد تناولهم الكعك الذي قدمه لهم أحد النزلاء.
أعد المحققون رسمًا تقريبيًا بناءً على الأوصاف التي قدمها لهم كاتيا ونيكولاي: النظارات، الأنف المعقوف، والشارب. وعندما عرضوا الرسم، تعرفوا عليه.
“نعم، هذا هو النزيل!”
اتضح أن مينجانو كان قد جعل الموظفين ينامون وأخذ مكان المدير لمدة يوم واحد. حدث ذلك قبل وصول يوديت والبارون لانزكوي والبارونة بورودين.
“ولكن لماذا قام بذلك؟”
سألت كاتيا زوجها.
“هل كان لديه ضغينة؟”
“ربما. أو ربما جاء لغرض آخر ووجد نفسه متورطاً في هذا الحدث بطريق الخطأ.”
الأموال في مكتب الاستقبال والزينة القيمة في الفندق لم تُمس.
لم يكن اللص الذي استهدف الفندق يسعى وراء سرقة أموال أو ممتلكات ثمينة.
“لو كان هدفه الوحيد إقصاء الموظفين وإغلاق الفندق، لكانت مهمته أكثر سهولة. ولكن إصراره على التظاهر بأنه المدير أمام النزلاء يشير إلى أنه كان لديه هدف خاص يتعلق بأحد هؤلاء الثلاثة.”
بينما كانوا يواجهون هذا اللغز الذي لم يجدوا له حلاً، كان هذا الرجل الغامض قد وصل إلى قلب مدينة باسنيتشوف.
بعد نزوله عن حصانه، لم يعد الرجل يشبه على الإطلاق مظهره السابق كمينجانو، الذي كان يتذكره الجميع. اختفت تمامًا تلك الملامح المصطنعة: الأنف المعقوف، والشارب، والشعر المتراجع عن جبهته، ولم يبقَ سوى رجل وسيم ذو جسد قوي.
لقد زال تأثير الجرعة السحرية التي كانت تخفي هويته الحقيقية بعد مرور 24 ساعة.
أزال الرجل نظارته التي كان يستخدمها للتنكر، وتذكر لحظة سابقة عندما شعر برغبة في رؤية وجه كاتيا بوضوح، فأزال نظارته الغائمة دون وعي.
كاد أن ينسى أنه كان يتظاهر بأن لديه ضعفًا في البصر، ولولا سرعة بديهته لكان قد ارتكب خطأً فادحًا عندما حاول أن ينظر إليها بعينيه المجردتين.
لم تلاحظ كاتيا ذلك، ولكن يديه كانت ترتجف عندما حاول تنظيف نظارته، إذ كان يشعر بارتباك شديد، ليس بسبب الخوف من كشف هويته، بل بسبب لمستها عندما أمسك بيده.
‘يا له من يوم طويل وشاق.’
في الحقيقة، كان استنتاج كاتيا صحيحًا.
كان هذا الرجل يتعقب البارون لانزوكي، الذي كان شاهدًا رئيسيًا في قضية كان يحقق فيها.
عندما اكتشف أن البارون كان قد حجز غرفة في الفندق، اعتبرها فرصة للقاءه دون إثارة الشكوك. تنكر بصفة المدير لكي يقترب منه ويستخرج المعلومات اللازمة، ولكن البارون قُتل على يد يوديت قبل أن يتمكن من ذلك.
بعد العثور على جثة البارون، تظاهر بأنه ينظف مسرح الجريمة، واستغل الفرصة لتفتيش الغرفة بحثًا عن الأدلة التي كان بحاجة إليها.
‘ولم أكن أتصور أنني سأصادف صاحب الجلالة أيضًا.’
في الواقع، كان قد تعرف على نيكولاي، رغم أنه كان نبيلًا هو الآخر، إلا أن نيكولاي كان قد غادر الأسرة قبل أن يصبح الدوق الأكبر، فلم يكن له فرصة لرؤيته عن قرب إلا مرة واحدة، وكانت ذكرياته عنه باهتة نظرًا لأنه لم يكن مهتمًا بالآخرين.
بالإضافة إلى ذلك، كان نيكولاي قد صبغ شعره، مما زاد من صعوبة التعرف عليه. ولكنه لم يدرك هويته إلا بعدما شاهد كيف تصرف نيكولاي بثقة وهدوء في موقع الجريمة، عندها فقط تذكر أنه الدوق الأكبر.
لكن، حتى في تلك اللحظة، لم يكن متأكدًا تمامًا، ولذلك لجأ إلى حيلة ليختبره أكثر.
“لماذا تقوم بهذه الجولة في هذا الوقت؟”
“لأتأكد من أن الأبواب مؤمّنة جيدًا، ربما هناك متسلل خارجي.”
في تلك اللحظة، كان يراقب نيكولاي من بعيد بينما كان يقدم له الشاي بحجة مراقبة الوضع في الممر.
“ماذا لو كان قد دس شيئًا في الشاي؟”
“ولكن لا يمكنني رفض استقباله بعد أن جاء بكل هذا الجهد. في النهاية، علينا أن نأخذ الأمور كما هي.”
“لا تشربي الشاي الذي أصنعه لكِ، ولكن تثقين بما يقدمه رجل غريب؟”
في تلك اللحظة، أدرك أن الرجل الذي يقف أمامه هو حقًا الدوق الأكبر. رغم أنه كان يحمل لقب “الدوق الأكبر الدموي” بسبب سمعته السيئة، إلا أنه بدا عاشقًا متيمًا.
كان نيكولاي يهتم بزوجته بدقة في كل لحظة، خاصة في الممر، حيث كان يسحب كاتيا برفق ويحتضنها، واضعًا ذقنه على رأسها، كما لو كان يحميها من أي اتصال مع الرجال الآخرين.
حتى أنه أشار إلى نفسه كزوجها، ولم يكن هناك داعٍ للكذب حول كونه زوجها أمام أرشيتي.
‘هل تزوجا دون إعلام العاصمة؟’
بعد أن ألقى الرجل تحية احترام في اتجاه الفندق، قال: “لقد كان لي الشرف بلقائكما.” ثم أضاف: “يا صاحب الجلالة الدوق الأكبر، ويا صاحبة الجلالة الدوقة الكبرى.”
كان اسمه بافيل بيتروتسكي، الأخ الأكبر لإيفان الذي قطع علاقته بعائلته منذ زمن بعيد، والفائز الأخير في البطولة الفروسية التي جعلت قلب كاتيا ينبض.
ربما كان هو الحب الأول لكاتيا. لو اكتشف نيكولاي ذلك، لكان قد فقد عقله من الغضب.
بعد أن أدى تحيته، استدار بافيل ليكمل رحلته إلى وجهته التالية.
* * *
وبما أن القضية أنتهت هنا ايه رأيكم فيها ، بصراحة كانت حركة حلوة أن المؤلفة تحط حوارات أكشن وقضايا وحمستني وآخر حاجة كانت صدمة أن مينجانو يطلع بافيل أخو إيفان بس عسول بصراحة 😭😭😂❤️❤