Don't let your husband know! - 99
في الحانة التي يقطن فيها فرسان جريبلاتا.
في غرفةٍ صغيرةٍ لم تُفتَح بعد للعمل، طوى إسكاليون ذراعيه واتّكأ على ظهر كرسيّه. نظر من أعلى إلى أسفل إلى الساحر العجوز الجالس أمامه، ولم يكلّف نفسه عناء إخفاء شكوكه وعدم ثقته.
“……”
تذكّر إسكاليون أن هذا الرجل العجوز هو الساحر الذي أنشأ سابقًا بوابةً إلى سيرلينيا. وفي ذلك اليوم، أمسك ببيلادونا وكان يتحدّث هراءً. يمكنه أن يتذكّر بوضوحٍ ارتعاشها من الصدمة.
“سيدي، ليس عليكَ أن تكون حذرًا للغاية.”
“ليش من شأنك. ما العمل الذي أتيتَ إليّ من أجله؟”
قطع إسكاليون كلمات فابيون وقال بحدّة. نظر فابيون حوله بابتسامةٍ مُحرَجةٍ من العداء الواضح.
“هل زوجتك …… لم تأتِ معك؟”
بمجرّد سماع نهاية كلماته، عبس إسكاليون إثر تصرّفه بالبحث عن بيلادونا.
“لماذا تسأل عن زوجتي؟”
“……”
“سألتُكَ لماذا.”
عندما زأر إسكاليون مرّةً أخرى بصوتٍ منخفض، فتح فابيون فمه وكأنه ليس لديه خيار.
“هذا الصباح، سمعتُ أن اللورد وزوجته جاءا إلى أستانيا على عجل. جئتُ إلى هنا لأن لديّ شيئًا لأخبرها به.”
“لماذا لا تتوقّف عن المراوغة وتتحدّث مباشرة؟ سألتُ ما الذي تحتاجه من زوجتي؟”
مسح فابيون إسكاليون ببطءٍ بعينيه المدفونتين في تجاعيده. لم يكن لديه أيّ فكرةٍ عن مقدار ما أخبرته زوجته له، أو ما هي الحقيقة التي ربما شاركتها معه.
تذكّر رسالةً تلقّاها من بيلادونا قبل بضعة أسابيع.
[فابيون، سأغادر أستانيا إلى جريبلاتا. أعتذر لعدم تمكّني من مواصلة التحقيق معك. لكن في الوقت الحالي، اعتقدتُ أن مغادرة هذا المكان أكثر أهميّةً من العثور على الحقيقة حول القديسة.
أنا آسفةٌ لمغادرتي فجأة. سأتصل بكَ بالتأكيد مرّةً أخرى عندما يكون لديّ الوقت لإخباركَ بما حدث.
– بيلادونا]
بصفته شخصًا رأى العلاقة بين القديسة بيلادونا والبابا منذ أن كانت صغيرةً جدًا، لم يكن من الصعب تخمين أن سيدة القلعة (بيلادونا الحالية) لابدّ أن يكون لديها صراعاتٌ مع البابا أيضًا. لم يكن هناك أيّ طريقةٍ يمكن أن تتحمّل بها الدوقة أستانيا، التي كانت مثل الجحيم للقديسة بيلادونا.
“إذا لم تكن هنا، فيجب أن أعود الآن.”
لم يكن أمام فابيون خيارٌ سوى الانتظار حتى المرّة القادمة ونهض.
وبينما استدار ببطءٍ للمغادرة، قام إسكاليون، الذي تحرّك بسرعةٍ كبيرةٍ لدرجة أنه كان من المستحيل معرفة متى وصل، بسدّ طريقه.
“لم أنتهِ من الحديث بعد، أيّها الساحر.”
“…….”
توقّف فابيون عن المشي ورفع رأسه. في قلبه، تساءل عمّا إذا كان من الصحيح أن تغادر تلك السيدة أستانيا وتذهب مع هذا الرجل المخيف، ولكن عندما رأى مدى اهتمامه بزوجته بشكلٍ رهيب، استنتج أن جانبه أفضل بكثيرٍ من هذا المكان لأجلها.
“لسوء الحظ، ليس لديّ ما أتحدّث عنه معك، سيدي.”
“أخبرني لماذا أتيتَ بحثًا عن زوجتي.”
“سيدي.”
“ربما.”
في تلك اللحظة، فتح إسكاليون فمه وأمسك به على حين غرّة.
“أنتَ ساحر الفاتيكان الذي يساعد بيلّا، فابيون؟”
عند كلماته، شدّ فابيون قبضته على عصاه. بدا أن الدوقة قد قالت له فعلاً
“ما مدى ما تعرفه، سيدي؟”
“أعتقد أنني أعرف كلّ ما تعرفه.”
“ماذا قالت السيدة عني؟”
ردًّا على سؤاله، تذكّر إسكاليون الليلة التي أخبرته فيها بيلادونا بالحقيقة كاملة.
أوضحت له بيلادونا ببساطةٍ أن هناك ساحرًا ينتمي إلى الفاتيكان كان يساعدها. لم يستطع أن يسأل بشكلٍ أكثر دقّةً عن هذا الجزء لأنه كان هناك الكثير لسماعه، لكنه بدا صحيحًا بالنظر إلى الظروف.
فتح إسكاليون فمه ببطء، ومسح وجه فابيون.
“قالت إن هناك ساحرًا ينتمي إلى الفاتيكان كان يساعدها. قالت إنها حصلت على مساعدةٍ من الخارج لأن تحرّكاتها كانت محدودة.”
“إذاً أعتقد أن هذا أنا.”
“……..”
“……..”
سرعان ما انقطعت محادثة فابيون وإسكاليون.
كان كلاهما مشغولاً باستكشاف بعضهما البعض، غير متأكّدٍ من مقدار ما يعرفه الآخر.
بعد فترة، وضع إسكاليون إحدى يديه على مؤخرة رقبته المتيبّسة وتنهّد.
“ذهبت بيلٍا للبحث عنكَ الآن. لكن عند رؤيتكَ أمامي، يبدو الأمر وكأن مساراتكما قد تقاطعت.”
“آه ……”
أطلق فابيون تأوّهًا مُحرَجًا.
عندما سمع الخبر، كان قد حزم كلّ أغراضه وغادر، وكان ينوي أن يتبعها إلى جريبلاتا إذا لزم الأمر، لكنه لم يعتقد أن مساره سيتقاطع مع الدوقة.
“إذا لم يكن ذلك وقحًا، هل يمكنني انتظارها هنا؟”
“افعل ما تريد. هاي! أحضِر له شيئًا ليشربه.”
بعد الانتهاء من كلماته، استدار إسكاليون وخرج، وسمعه يصيح لصاحب الحانة بكلمة.
أطلق فابيون، الذي تُرك فجأةً بمفرده في غرفةٍ أقيمت في أحد أركان الحانة، أطلق تنهيدةً صغيرةً وجلس على كرسيّه.
بعد التقاط أنفاسه للحظة، أدار رأسه ونظر إلى الحقيبة الصغيرة التي أحضرها.
‘اليوم الذي سيُكشَف فيه الستار عن حقيقة البابا بات قريبًا.’
قبل بضعة أيامٍ فقط، انتهى من ترجمة جميع الوثائق التي جلبتها له بيلادونا. الآن، حان الوقت لاستخدامها بشكلٍ جيد.
* * *
غربت الشمس، وخيّم الظلام تدريجيًا على المشهد خارج النافذة. ومع حلول المساء، بدأ الناس يتوافدون إلى الحانة التي فتحت أبوابها للعمل.
وسط الحشد، نظر جراهام إلى إسكاليون بوجهٍ قلق.
“قائد، لقد تأخّر الوقت كثيرًا، لماذا لا تعودا؟”
“دعنا ننتظر لفترةٍ أطول قليلاً.”
لم يُظهِر إسكاليون ذلك، لكن عقله وجسده لم يكونا في سلامٍ أيضًا.
عندما رنّ الجرس فوق باب الحانة مرّةً أخرى، أدار رأسه بسرعة. ومع ذلك، لم تكن بيلادونا أو هازل مَن دخلا، بل زبونٌ آخر.
“ربما ضلّوا طريقهم؟ أم أن عمل السيدة يستغرق وقتًا أطول؟”
تجوّل جراهام في المنطقة بقلق، وهو يتمتم.
“جراهام، من فضلكَ ابق ساكنًا.”
“هازل، لا أعتقد أن تلك الفتاة تعرّضت للضرب، أليس كذلك؟ على الرغم من أن تلك الفتاة لا يمكن هزّها حتى من قبل عدّة رجال. هاه؟ صحيح؟ في المرّة الأخيرة، قاتلت ثلاثة فرسانٍ وكانت بخير، أليس كذلك؟”
“ابقَ ساكنًا. أنتَ تجعلني أكثر انزعاجًا.”
مرّر إسكاليون يديه بعنفٍ في شعره.
في تلك اللحظة، فُتِح باب الحانة مرّةً أخرى ودخل شخصٌ ما. هذه المرّة، أدار رأسه بسرعة، ولكن مرّةً أخرى، لم يكن الوجه الذي يصبو إليه.
لا، كان وجهًا رآه في مكانٍ ما.
توقّف إسكاليون عن تحريك رأسه دون جدوى ونظر إلى الشخص الذي دخل.
اقترب منه رجلٌ يحمل فتاةً صغيرة، كانت في غير مكانها تمامًا في حانةٍ كهذه، دون تردّد.
“سعادتك ……!”
“هاي، ما خطبك؟ ماذا تفعل بقدومكَ إلى مكانٍ مثل هذا مع طفلة؟ هذا ليس جيدًا لتعليمها.”
أوقفه جراهام وقال.
أمال رأسه حين رأى وجه الرجل الذي أوقفه.
“هاه؟ انتظر لحظة. هل رأينا بعضنا البعض من قبل؟ إسكاليون، لماذا يبدو أنني أعرف هذا الشاب؟”
حدّق إسكاليون به بعينيه الذهبيتين دون أن يقول كلمةً واحدة. غرق قلبه عند رؤية عينيه القلقتين ووجهه المضطرب. لقد رأى هذا الوجه منذ وقتٍ قصيرٍ فقط.
في الفاتيكان، عندما انهارت بيلادونا، مقطوعة النفس.
“سعادتك! نحن في ورطة! لقد تم نقل القديسة إلى الفاتيكان!”
بصق تيموثي، متخلّصًا من يد جراهام التي كانت تسدّ طريقه. عند كلماته، فوجئ جراهام وأمسك بكتفه.
“مهلاً، أخبرني بشكلٍ صحيح. أين هي سيدتي؟”
“قد لا تُصدِّق ذلك، لكن هذا كل ما يمكنني قوله. إلى الفاتيكان … أخذ الكاردينال القديسة ….. ! فقدت الفارسة التي كانت معها وعيها …. كانت قد جاءت إلى منزلنا …….”
“لا تتوتّر وأخبرني بشكلٍ مفهوم.”
وقف إسكاليون، الذي كان يستمع بصمتٍ إلى هذيان تيموثي. بدا هادئًا من الخارج، لكن عينيه الذهبيتين كانتا مليئتين بالغضب.
نظر تيموثي إلى جسده الضخم وفتح فمه مرّةً أخرى بصوتٍ أقلّ اضطرابًا قدر الإمكان.
“رأيتُ القديسة بيلادونا في الأنحاء. بدا الأمر وكأنها تبحث عن شخصٍ آخر غيري، لكنني اعتقدتُ أنه من القدر أن نلتقي بهذه الطريقة، لذلك دعوتها إلى منزلي. خرجت الفارسة التي كانت معها للتحقّق من الجوار، وبينما كنّا نتحدّث، جاء الكاردينال الذي يزورنا بشكلٍ دوريٍّ إلى منزلنا كالمعتاد.”
“تقصد نيكولاس؟”
“نعم. لـ لكن …… ضرب الكاردينال الفارسة التي رافقت القديسة بهراوة ……”
عند كلمات تيموثي، وضع جراهام يده بشكلٍ انعكاسيٍّ تقريبًا على السيف الذي كان يحمله. تصلّب وجهه من الغضب.
“ثـ ثم أسر القديسة وأخذها إلى الفاتيكان. قاومت القديسة كثيرًا لدرجة أنني حاولتُ إيقافه …… كـ كان ذلك مستحيلًا بحيلتي.”
خفض تيموثي رأسه.
“كيف وجدتَ هذا المكان؟”
“كنتُ متأكّدًا من أنها لم تأتِ إلى هنا بمفردها، لذلك تجوّلتُ في المنطقة دون وجهةٍ فقط. ثم أخبرني أحدهم أن هناك أُناسٌ أتوا من جريبلاتا عبر بوابةٍ إلى أستانيا، لذا سألتهم أين يقيمون.”
وضع جراهام يده على كتف تيموثي.
“شكرًا لإخبارنا، أيها الشاب. أيها القائد، ماذا يجب أن نفعل؟ هؤلاء الرجال يستفزّوننا بجنون، لذا أليس من الأفضل أن نستحيب لهم بالطريقة التي يريدونها؟ هل نحشد الجميع ونهجم عليهم فورًا؟”
شدّ إسكاليون فكّه بدلاً من الإجابة.
كان غاضبًا لدرجة أن رأسه لم يعمل بشكلٍ صحيح. لقد تغلّبت عليه الرغبة في محو كلّ شيءٍ في طريقة، بما في ذلك الفاتيكان، والرغبة الشديدة في طعن البابا في رقبته على الفور.
“هذا مبرّرٌ كافٍ. لم يأخذ الفاتيكان أختكَ فحسب، بل أخذ زوجتكَ أيضًا.”
“أنا، أنا أعتذر عن المقاطعة، لكن … لم يُعِد البابا بعد الفرسان الإمبراطوريين الذين استدعاهم لسلامة الناس خلال الاحتفال بعيد ميلاد جلالته.”
“ماذا؟ اللعنة …… ”
عند كلمات تيموثي، لعن جراهام وهزّ رأسه.
“أوه ….. البابا أكثر مكرًا وذكاءً ممّا كنتُ أعتقد. كان يهدف إلى حقيقة أنه إذا دخلنا وواجهنا الفرسان الإمبراطوريين، فسنُتَهَم بالخيانة ضد الإمبراطورية.”
في تلك اللحظة، خطا إسكاليون خطوةً إلى الخارج، غير عابئٍ بكلامه. فوجئ جراهام، الذي رأى وجهه، وأمسك به بسرعة.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1