Don't let your husband know! - 87
“هل أستطيع المتابعة؟”
عندما سألت بيلادونا بحذر، أجاب إسكاليون.
“تابعي.”
“حسنًا، بعدها … في اليوم الذي اختُطِفتُ فيه من قِبَل مَن استهدفوا الحُلِيّ وفقدتُ الوعي، اكتسبتُ القوّة المقدّسة بدلاً من صوتي. تمامًا مثل القديسة الحقيقية بيلادونا.”
عند ذِكر ذلك اليوم، غابت تعابير وجه إسكاليون في هدوءٍ قاتم.
بدا وكأنه يستذكر أجواء قلعة جريبلاتا الكئيبة والمظلمة آنذاك والعلاقة المتوتّرة والباردة التي جمعت بينهما.
“إذًا في ذلك الوقت … كان صحيحًا أنكِ لم تستطيعي التحدّث.”
“نعم، وبعد أن فقدتُ الوعي مرّةً أخرى البارحة، عاد صوتي وأستطيع التحدّث جيدًا.”
“وهذا يعني …”
“نعم، يبدو أنني فقدتُ قوّتي المقدّسة الآن.”
قالت بيلادونا بينما تقلّد حركته برفع كتفيها بلا مبالاة.
ظلّ إسكاليون ينظر إليها، ولا تزال الحيرة تملأ وجهه. بدا وكأنه يتساءل بين تصديق ما تقوله أو رفضه باعتباره خرافة.
بعد قترة صمت، فتح فمه وتحدّث.
“لماذا تخبرينني بكلّ هذا الآن ….؟”
“لأنني لا أريد أن أخفي شيئًا عنك.”
عند كلماتها، التزم إسكاليون الصمت.
واصلت بيلادونا حديثها.
“عندما ودّعتُكَ وأنا عاجزةٌ عن النطق، شعرتُ بالكثير من الحزن. منذ ذلك الحين، كنتُ دائمًا أفكّر أنه إذا عاد لي صوتي يومًا ما، فسأخبركَ بكلّ شيء.”
“……”
“سواء كنتَ ستصدّقني أم لا، فهذا قرارك. أردتُ فقط … أن أقول ذلك، أردتُ أن أُخبِركَ قصتي بكلّ صدق. أعلم أن ذلك لن يغيّر شيئًا على أيّ حال.”
ساد الصمت في غرفة النوم.
رمشت بيلادونا بعينيها، شعرت ببعض الراحة في قلبها وقد كشفت عن كلّ شيء. بدا وكأنها …..
شعرت بالخفّة ممزوجةٌ بفراغٍ غريب. كأنها نزعت سنًّا كان يؤلمها لفترةٍ طويلة.
“بصراحة، لا أعرف ما الذي يجب أن أقوله …”
“أظن أنني سأشعر بنفس الطريقة لو كنتُ مكانك.”
“أشعر وكأنني أنا مَن يحلم الآن، وليس أنتِ.”
“وهذا أيضًا.”
تنهّد إسكاليون تنهيدةً قصيرةً كأنها زفرة يأس، ثم تحدّث بصوت منخفض.
“إذا كان كلّ هذا صحيحًا… فلماذا حدث لكِ ذلك؟ أين بحق خالق الجحيم هي القديسة الحقيقية؟”
“أبحث عن الإجابة عن ذلك الآن.”
“…….”
بعد حديثٍ قصير، خيّم الصمت بينهما مجددًا.
تحدّثت بيلادونا بشيءٍ من التوتر:
“إذا كنتَ تفكّر في طلب الطلاق بسبب ذلك …”
“ماذا؟”
رفع إسكاليون رأسه مباشرةً عندما سمع كلماتها، عبس وسأل سريعًا.
“لماذا ينحرف الحديث فجأةً في هذا الاتجاه مجددًا؟”
“هاه؟”
“كلّ شيء كان يسير على ما يرام، لماذا تتحدّثين عن الطلاق الآن؟”
“لـ لأنني … “
فتحت بيلادونا عينيها على اتساعهما وأغمضتهما بلا تعبير.
اعتقد إسكاليون أنني القديسة وتزوّجني، ولكن الآن بعد أن اتّضح أنني لستُ كذلك، ألن يكون طلب الطلاق ممكنًا ……؟
رفع إسكاليون إحدى يديه وشعّث شعره من الخلف، ونبس.
“أتوسّل إليكِ توقّفي عن الحديث عن الطلاق. قلبي ينقبض كلّما سمعتُ هذه الكلمة.”
“لكن هذا ما حدث، ألم تأتِ إلى هنا بأوراق الطلاق بنفسك؟ قلتَ إنه سيعطيها لي!”
“هذا ….”
هذه المرّة، كان لسانه عاجزًا عن الرّد وتوقّف عن الكلام.
“…….”
عبس لبرهة، ثم رفع رأسه ونظر إلى بيلادونا مجددًا.
“بيلادونا.”
ثبّت نظره في عينيها وتحدّث بصوتٍ واضح.
“لطالما كنتُ أحمقًا جاهلًا عندما يتعلّق الأمر بكِ. حتى قبل أن أسمع قصّتكِ هذه، سواء في أستانيا أو في جريبلاتا، كنتِ دائمًا قضيّةً معقّدةً بالنسبة لي.”
لم تستطع بيلادونا أن تنطق بكلمة.
“ما تقولينه الآن يصعب عليّ تصديقه بالطبع. أنتِ التي أمام ناظري لستِ قديسة أستانيا … يبدو وكأنكِ تضايقينني مرّةً أخرى، ومع ذلك، يبدو وكأنكِ تبوحين لي بحقيقةٍ لم تجرؤي على قولها لأيّ أحدٍ آخر، هاا.”
خفض إسكاليون، الذي كان يتحدّث بنبرةٍ منخفضة، رأسه وهمس.
شعرت بيلادونا بالأسف عليه وعضّت شفتها السفلى.
هل كان هذا مُربِكًا للغاية؟ حتى أنا لن أستطيع تصديق قصةٍ كهذه …
“لكن.”
رفع إسكاليون رأسه من جديدٍ ببطء، ناظرًا إليها بجديّة.
“هناك شيءٌ واحدٌ أنا متأكّدٌ منه، حتى في وسط هذه الفوضى التي لا أعرف عنها شيئًا.”
رفعت بيلادونا رأسها ببطءٍ وحدّقت في ذهبيّتيه، وبينما التقت عيناها بعينيه الحازمتين، شعرت بنبضات قلبها تتسارع.
“أنني أحبّكِ كثيرًا.”
حبست بيلادونا أنفاسها، وشعرت بالدوار للحظة.
“سواء كنتِ قديسة أستانيا أو ابنة مزارعٍ مجهولٍ من الريف، لا يهمّني هذا مطلقًا.”
“…….”
“أنا فقط أحبّ المرأة التي أمامي الآن.”
ارتجفت شفتاها.
أخفضت بيلادونا رأسها بسرعةٍ لإخفاء الدموع التي انهمرت دون علمها.
“حتى بعد سماع كلّ هذا الحديث الذي يبدو كضربٍ من الخيال، كلٍ ما أشعر به هو الامتنان لكونكِ هنا أمامي سالمةً وبخير.”
“…….”
أمسك إسكاليون بذقنها ورفعه بخفّة.
“لم أقصد أن أجعلكِ تبكين.”
“لكن كلماتكِ جعلتني أبكي كثيرًا.”
“لكنها الحقيقة. بغض النظر عن مظهركِ، وقعتُ في شباككِ. لهذا السبب تخلّيتُ عن كلّ كبريائي وجئتُ إلى هنا لأُعيدكِ.”
حرّك إسكاليون أصابعه ليمسح الدموع التي كانت تتدفّق على خديّ بيلادونا. كانت لمسته خشنة، لكنها كانت حنونة.
“لا بد أنكِ عانيتِ كثيرًا وحدكِ، وأنتِ تخفين سرًّا كبيرًا كهذا.”
أومأت بيلادونا برأسها، وهي تكبح دموعها التي استمرّت في الانهمار.
ضحك إسكاليون وهو يراقبها.
“يبدو أنكِ مررتِ عانيتِ كثيرًا حقًا. لقد مررتِ بوقتٍ عصيب.”
احتضن بيلادونا وجذبها بين ذراعيه. لفّت بيلادونا ظهره العريض مباشرة، وتقبّلت دفئه كما هو.
رنّ صوتٌ منخفضٌ هادئٌ بين أجسادهما المُحتَضَنة.
“ماذا تريدينني أن أفعل من أجلكِ؟ مهما كان الأمر، سأفعل ما تريدين.”
استنشقت بيلادونا بدلاً من الإجابة.
ما أريده هو …….
“هل تريدينني أن أساعدكِ وأكشف للجميع أنكِ لستِ قديسة أستانيا الحقيقية؟ على الرغم من أنني تلقّيتُ اللقب المزعج من جلالة الإمبراطور، إلّا أن صوتي أعلى من الآخرين. اعتقدتُ أنه منصبٌ عديم الفائدة، لكن يبدو أنه قد يكون مفيدًا.”
“هذا …….”
“إذا أخبرتِني أن أخرس فقط، فسأفعل ذلك.”
أطلقت بيلادونا ضحكةً صغيرةً على كلمات إسكاليون الطبيعية.
عانقها إسكاليون بإحكامٍ أكبر. فتحت بيلادونا فمها ببطء، لا تزال ملفوفةً بجسده الدافئ.
“لم أفكّر فيما إذا كان يجب أن أكشف الحقيقة أو أُبقيها سرًّا. إذا تم الكشف عن هذه الحقيقة، فستتسبّب في فوضًى كبيرةٍ في إمبراطورية إليانوس.”
“هذا صحيحٌ أيضًا.”
“الآن، أحاول معرفة سبب ولادتي من جديدٍ كالقديسة بيلادونا. أعتقد أنه يجب أن أبدأ بهذا أولاً …. “
أوضحت بيلادونا بإيجازٍ آثار القديسة التي وجدتها، والمفاتيح، والسجلّات، والجرعة التي اعتقدت أنها منشّطٌ صحي. استمع إسكاليون ببساطةٍ إلى قصتها دون أن يقول أيّ شيء.
“لذا الآن، لم يتبقّ سوى مفتاحٍ واحد.”
“بيلّا، لأكون صادقًا، أنا …… “
إسكاليون، الذي كان جالسًا دون إجابةٍ حتى ذلك الحين، فتح فمه.
“أتمنّى أن تتوقّفي عن كلّ هذا التحقيق وتعودي إلى جريبلاتا معي. مع السُّم الذي شربتيه هذه المرّة والجروح على جسدكِ، أدركتُ أن هذا المكان لم يعد مكانًا آمنًا لكِ.”
رفعت بيلادونا رأسها بهدوء.
“لا يهمّني شكلكِ. سواء كنتِ القديسة أم لا، سواء كان بإمكانكِ استخدام تلك القوّة الملعونة أم لا، سواء كان بإمكاني سماع صوتكِ أم لا …… أريد فقط أن أعيدكِ إلى قلعتي، حيث مكانكِ بين ذراعي.”
“إسكاليون …….”
“بصراحة، من الصعب سماع الأشياء الخطيرة التي فعلتِها هنا. إذا حدث لكِ شيءٌ سيءٌ حقًا، فأنا …….”
تنهّد إسكاليون، وكأنه يكبح غضبه المغلي.
قبل أن يشرح مرّةً أخرى، تحدّثت بيلادونا بسرعة.
“أفهمك.”
“…….”
“أردتُ أن أتبعكَ إلى جريبلاتا أيضًا. أردتُ ذلك حقًا.”
خفض إسكاليون عينيه الذهبيتين بهدوءٍ لينظر إليها.
“هذه الحقيقة! ما زلتَ تشكّ في صدقي بعد أن أخبرتُكَ بكلّ شيء، أليس كذلك؟”
“لا، أصدّقك.”
رفع إحدى يديه ووضعها على رأسها، وبعثر شعرها بشدّة. أغمضت بيلادونا عينيها بإحكامٍ بينما تشابك شعرها.
سحبها إسكاليون بين ذراعيه وأطلق تأوّهًا منخفضًا.
“إذن فلنعد إلى منزلنا.”
أومأت بيلادونا برأسها وغاصت في ذراعيه بعمق.
سنعود، إلى منزلنا.
شعرت أن أستانيا ليست آمنةً لها بعد الآن.
لم تبدأ التحقيق في أمر القديسة إلّا لأنها شعرت أنها يجب أن تفعل شيئًا أثناء انتظار إسكاليون، ولكن الآن بعد أن عاد، كانت لديها رغبةٌ قويّةٌ في متابعته دون التفكير في أيّ شيء.
‘لكن …….’
في صدر إسكاليون العريض، قطّبت بيلادونا حاجبيها سرًّا.
لقد عاد الرجل الذي أرادته بشدّة، والآن كلّ ما تبقى هو العودة إلى جريبلاتا معه، ولكن من الغريب أنها شعرت بعدم الارتياح. ما هذا الشعور بعدم الارتياح؟
‘هل هذا لأنني لم أستطع إنهاء التحقيق بشكلٍ مثالي؟ أم لأنني فقدتُ قوّتي مرّةً أخرى …… ؟’
لم تستطع أن تحدّد بالضبط ما هو هذا الشعور، لكن بيلادونا هزّت رأسها بقوّة.
مع إسكاليون بجانبي، هذا كلّ ما يهمّ.
شدّدت بيلادونا قبضتها على الذراع التي تحتضنها.
في الوقت الحالي، هذا كلّ مل يهمّ … لقد انتهى الأمر.
* * *
في اليوم التالي، رمشت بيلادونا وهي تنظر حول الغرفة التي تم تنظيفها.
ماذا قال إسكاليون للبابا بحق خالق الأرض؟ لقد غادر لمقابلة البابا بمجرّد حلول الصباح، وعاد بوجهٍ هادئٍ وقال بلا مبالاة وكأنه لا شيء.
“فقط احزمي حقائبكِ. سنعود إلى جريبلاتا اليوم.”
وبعد ذلك، قامت الكاهنات اللاتي دخلن بعده بحزم حقائبها واحدةً تلو الأخرى ونقلها جميعًا إلى الخارج.
شعرت بيلادونا بالفراغ وسحبت كتفيها إلى أسفل.
‘مَن كان يعلم أن المغادرة ستكون بهذه السهولة؟’
في هذه المرحلة، شعرت أن كلّ الأيام التي حاولت فيها الهروب من هذا المكان بأنها عديمة الجدوى وعبثية. عبثت بيلادونا بحاشية ملابسها ونهضت من مقعدها.
لم تكن هناك حاجةٌ لتحيّة البابا بشكلٍ منفصل، أليس كذلك؟
بعد أن اكتشف إسكاليون آثار العنف على جسد بيلادونا، سيكون الأمر غير مريحٍ لكليهما، لذلك لم تشعر برغبةٍ في مقابلته.
علاوةً على ذلك، قد يمنعني من المغادرة بطريقةٍ ما … …. عليّ أن أهرب قبل أن يغيّر رأيه!
سارت بيلادونا بسرعةٍ نحو الحديقة حيث كان إسكاليون ينتظرها.
“قديسة!”
في تلك اللحظة، نادى عليها شخصٌ ما من الردهة.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1