Don't let your husband know! - 77
آه …… !
أردتُ أن أصرخ لأن المكان الذي أمسكتُ به كان يؤلمني بشدّة، لكن صوتي لم يخرج. بقيت بيلادونا ساكنة، وفمها مفتوحٌ يتحرك دون صوت.
“أين كنتِ ولم تعودي إلّا الآن؟”
انفجر صوت البابا الغاضب أمامها مباشرة. تحدّث بتركيزٍ على كلّ كلمةٍ وهزّ بعنفٍ الذراع التي كانت تُمسِك بشعر بيلادونا.
مدّت بيلادونا ذراعيها لتمسك بالحائط دون أن تفتح عينيها بشكلٍ صحيح، لكن لم يكن هناك شيءٌ لتتمسّك به.
“أخبريني أين كنتِ!”
صاح البابا ودفعها بقوّةٍ ضد الحائط. سقطت بيلادونا، التي اصطدمت بالحائط الصلب، على الأرض دون أن تتمكّن من الصراخ بكلمةٍ واحدة.
“…….”
تألّم كتفها وظهرها من الضربة القوية، لكنها كانت أكثر ذهولاً.
لم يكن لديها أيّ إحساسٍ بالواقع. لم تستطع أن تصدّق أن البابا الذي تظاهر باللّطف وتحدّث بهدوءٍ وكأنه مُسالِم، على الأقل أمامها، كان يرتكب العنف ضدّها بقسوة.
“لماذا بحق خالق الأرض…؟ مَن أعطاكِ الإذن بالخروج؟ أنتِ تعلمين عِلم اليقين أنه لا يمكنكِ الخروج من الفاتيكان بدون أمري، فكيف تجرؤين على ذلك؟”
“…….”
“بيلادونا، هل نسيتِ؟ أنتِ القديسة الوحيدة في الفاتيكان. أنتِ لستِ شخصًا يمكنه التجوّل هنا وهناك، كما يحلو لكِ، وقتما تشائين! أنتِ لوحة الفاتيكان الجميلة، وفي الوقت نفسه، سلّة مُهملاتٍ لمشاعر النبلاء الأثرياء. هل نسيتِ حقًا ما تكونين؟”
سار البابا بروناس، الذي كان يزفر وهو يلهث، ببطءٍ نحو بيلادونا، التي كانت جالسةً على الأرض. خوفًا من أن يصبّ جام غضبه مرّةً أخرى، كمشت بيلادونا كتفيها وتراجعت.
“لقد تزوّجتِ، وخرجتِ لرؤية العالم الخارجي، لذا يبدو أنكِ اكتسبتِ بعض الشجاعة؟ أو ربما أصبحتِ وقحة؟”
“……”
“هل علّمكِ زوجكِ الجاهل مثل هذه الأشياء؟”
بدا أن بروناس بريل فقد عقله عندما بصق تلك الكلمات. ارتجفت عضلات وجهه من الغضب، وانكمشت بعنف، وعيناه، اللتان انفتحتا على اتساعهما، لمعتا بشكلٍ رهيب.
“استيقظي.”
“……”
“أنتِ حقًا تعودين إلى عاداتكِ القديمة. عندما أحضرتُكِ إلى هنا عندما كنتِ صغيرةً وكانت قواكِ قد بدأت للتوّ في الظهور، كنتِ هكذا تمامًا في ذلك الوقت. لقد عصيتِ أوامري بتهوّر، وتصرّفتِ كما لو كان لديكِ الإرادة للتفكير والتصرّف بمفردكِ.”
كنتُ هكذا من قبل أيضًا …… ؟
عبست بيلادونا. كان من الصعب تصديق كلماته التي تعني أنا البابا كان يسيء معاملة القديسة منذ أن كانت طفلة.
“بيلادونا، أعرف كيف أتعامل مع أشخاصٍ مثلكِ. إذا لم أقتلع البراعم بشكلٍ صحيح في المراحل المبكّرة، فسوف تنمو بمعدّلٍ سريع.”
“……..”
“لا بد أنكِ أحضرتِ حقًا برعمًا غريبًا من ذلك المكان البعيد. إذن، هل أعاملكِ بتلك الطريقة؟”
بعد أن تحدّث، استدار البابا. مشى إلى مكتبٍ ما بخطواتٍ ثقيلةٍ وعاد بسوطٍ طويل.
خفضت بيلادونا رأسها عند النظرة الباردة التي اجتاحتها مرّةً أخرى.
“لا توجد طريقةٌ يمكنكِ بها الخروج ثم إخباري بما كنتِ تفعلينه، في الواقع، لستُ فضوليًّا البتٍة بشأن ذلك، بيلادونا.”
“…….”
“لكن هناك شيءٌ واحدٌ مُؤكّد. لقد كنتُ لطيفًا جدًا معكِ مؤخّرًا. برؤية أنكِ تُهملين والدكِ كثيرًا.”
مـ ما الذي تتحدّث عنه؟
رفعت بيلادونا رأسها بعيونٍ خائفةٍ ونظرت إلى السوط الذي كان يحمله. هل سيضربني بذلك حقًا …؟
“كلّ هذا من أجل مصلحتكِ، لذا لا تلومي والدكِ كثيرًا.”
رفع البابا، الذي كان ينظر إلى بيلادونا للحظة، طرف السوط في الهواء، وهو يتنفّس بخشونة.
* * *
غمرها شعورٌ بالبرودة في جسدها بالكامل. عبست بيلادونا وفتحت عينيها.
لم تستطع أن تعرف عدد الدقائق أو الساعات التي مرّت.
عندما استعادت وعيها أخيرًا، كان تنفّسها مختنقًا.
“سعال ……!”
أجبرت نفسها على السعال، وتدفّق الدم الذي كان يتجمّع في فمها. رأت علامةً حمراء طويلةً على الأرضية البنيّة للمكتب. عندما اختفى السائل الذي يسدّ حلقها، شعرت وكأنها تستطيع أخيرًا التنفّس بشكلٍ مُريح.
بعد أن استلقت بيلادونا لفترةٍ أطول قليلاً، رفعت الجزء العلوي من جسدها ببطءٍ ونظرت حولها.
لقد بَرَد مكتب البابا.
كان نفس المشهد قبل أن تفقد وعيها، لكن البابا لم يكن موجودًا في أيّ مكان. بدا أنه خرج بعد فقدانها للوعي.
“يمكنكِ أن تشفيها على أيّ حال. عالجيها دون أن تتركي أثراً.”
قبل أن تفقد وعيها، رنّ صوته خافتًا في أذنيها، وارتعش جسدها مرّةً أخرى. أطلقت بيلادونا نَفَسًا مرتجفًا وحاولت تحريك جسدها المتيبّس، متكئةً على الحائط.
‘أوه، كيف … كيف يمكن لشخصٍ مثل البابا استخدام العنف؟’
مع ازدياد صفاء ذهنها تدريجيًا، بدأت تشعر بوضوحٍ بالألم يضربها في كلّ مكان. انحنت بيلادونا قدر الإمكان وضمّت ركبتيها إلى الجزء العلوي من جسدها.
هيك … شهقت ومسحت جسدها المليء بالجروح.
ذراعيها وساقيها، ظهرها وكتفيها، وجهها وحتى أصابع قدميها. لم يبقَ مكانٌ واحدٌ دون أن يُصاب بأذًى.
“امرأةٌ وقحة، التقطتُ قطعةً من X لم أكن أعرف حتى من أين أتت …… !”
أرجح البابا سوطه نحو بيلادونا كالمجنون، هوى به على جسدها النحيل، ولكن في مرحلةٍ ما ألقاه بعيدًا وصفعها مباشرةً على وجهها بيديه وركلها بقدميه.
أغمضت بيلادونا عينيها بإحكامٍ وهي تتذكّر الموقف الرهيب. تدفّقت الدموع على عينيها المغلقتين بشدّة وسالت على خديها.
‘إنه مؤلم …..’
كان مؤلمًا.
كان الألم الجسدي فظيعًا، ولكن ما كان أفظع هو أن تتخيّل مدى صعوبة حياة القديسة الحقيقية.
كان من الصعب تصديق أن القديسة، التي كانت تبدو دائمًا أنيقةً وكريمة، كانت في الواقع محبوسةً في غرفةٍ في الفاتيكان، مُعرَّضةً للعنف ومُجبَرةً على استخدام قوّتها المقدّسة.
بعد أن فتحت عينيها كقديسة، لاحظت بالفعل أن البابا والقديسة لم يكونا على علاقةٍ مثاليةٍ ومُحِبّةٍ كالتي يجب أن تكون بين الأب وابنته وكما صوّرها للآخرين، لكنها لم تتخيّل أبدًا أن القديسة ستُستَغلُّ تمامًا بهذه الطريقة.
‘وعلاوةً على ذلك، كانت مسجونةً ولم تستطع حتى اتّخاذ خطوةٍ واحدةٍ خارج الفاتيكان …..’
كانت حياة القديسة مُهدَّدةً لدرجة أنه كان من الغريب ألّا تُصاب بالجنون.
‘لنعد إلى الغرفة أوّلاً ……’
ترنّحت بيلادونا وهي تستقيم على قدميها. في كلّ خطوةٍ خَطَتها وكلّ حركةٍ قامت بها شعرت وكأن كلّ خليّةٍ من جسدها تصرخ، لكنها ما زالت ترغب الخروج من هذا المكان الرهيب.
وصلت إلى باب المكتب، وتوقّفت وهي تدير مقبض الباب، ونظرت إلى نفسها.
“…..”
كان فستانها متّسخًا وممزّقًا هنا وهناك. كان وجهها ورقبتها وذراعيها المكشوفة مُغطاةٌ بجروحٍ خطيرة، واستمرّ الدم في التنقيط من الجروح غير المُعالَجة.
إذا خرجت هكذا، فسوف يفاجأ الكهنة ……
للحظة، فكّرت أنها يجب أن تُظهِر نفسها للكهنة وتُندِّد بالبابا لكونه مثل هذا الشخص، لكنها لم تعتقد أنها تستطيع التعامل مع العواقب.
إلى جانب ذلك، لم تستطع التحدّث الآن، لذلك لم تستطع التواصل بسلاسة، عندها سيصدّق الناس كلمات البابا البليغ أكثر ممّا سيصدقونها.
‘من حسن الحظ أنها لم تُجنَّ حتى الآن.’
تنهّدت بيلادونا وغرقت في مكانها.
دعنا على الأقل نداوي الجروح الواضحة جدًا للعيان …..
أغلقت عينيها ووضعت يدها على الجرح. وبينما كانت تركّز، تدفّق ضوءٌ أزرقٌ من أطراف أصابعها.
بعد لحظة، وقفت بيلادونا، التي كانت قد نظّفت جرحها تقريبًا، من مقعدها. شعرت بالتعب والدوار قليلاً، لكنها شعرت وكأنها تستطيع المشي إلى غرفتها.
شعرت بتحسّنٍ كبيرٍ عن ذي قبل وتلفّتت حولها، رأت ثوبًا جديدًا مطويًّا بدقّةٍ على مكتب البابا. أكّدت ذلك وأطلقت ضحكةً جوفاء.
‘تركتَني خلفكَ مع ملابس جديدة لعلاج جروحي وتغيير ملابسي؟’
كان الموقف برمّته يبدو طبيعيًا لدرجة أنكَ تستشعر من خلاله عن مدى العنف الذي عانت منه القديسة منذ زمن.
سارت بيلادونا نحو المكتب بوجهٍ مرير.
تساءلتُ كيف كانت تشعر القديسة، وما إذا كانت قد شعرت بنفس المشاعر التي أشعر بها الآن، عن مدى الوحدة والبؤس والصعوبة التي لابدّ أنها عانت منها. تألّم قلبي عندما فكّرتُ في ذلك.
“…….”
أمسكتُ بالفستان الجديد على المكتب بإحكامٍ وبالكاد تمكّنتُ من حبس دموعي.
* * *
منذ ذلك الحين، وحتى يوم عيد ميلاد جلالة الإمبراطور، لم تخرج بيلادونا من غرفتها ولو مرّةً واحدة.
نظرًا لأن عيد الميلاد كان على الأبواب، فقد توقّف البابا عن فتح غرفة الاعتراف، وكانت خائفةً ومرتعبة من المشي في أنحاء الفاتيكان ومواجهته، لذلك طلبت من روزي تناول جميع وجباتها في غرفتها.
نظرًا لأنها كانت محبوسةً في غرفتها ولا تتحرّك، فمن الطبيعي أنها لم تستطع التحقيق في أيّ دليلٍ من القديسة. فكّرت بيلادونا بالمفتاح الذي كان لا يزال في دُرج غرفتها، ثم استلقت على سريرها.
‘أشعر بالدوار …….’
منذ اليوم الذي اعتدى عليها البابا بالضرب وعالجت نفسها، شعرت بالتعب والغثيان حتى لو تحرّكت قليلاً.
ربما لأنني استنفذتُ من قوّة حياتي لاستخدام قوّتي المقدّسة …….
عبست بيلادونا وأغمضت عينيها. كان لا يزال الوقت فجرًا. إذا لم تنم الآن، شعرت وكأنها ستبقى مستيقظةً طوال الليل.
‘عندها قد لا أكون قادرةً على استخدام قوّتي الشفائية بشكلٍ صحيح.’
وإذا لم أستخدم قوّتي المقدّسة بشكلٍ صحيح ……
عندما تذكّرت عيني البابا الباردتين الحادّتين مرّةً أخرى، ارتجف جسدها ضدّ إرادتها.
عليّ فقط أن أتحمّل اليوم، اليوم فقط …….
لم يكن لديّ أيّ فكرةٍ عما إذا كان بإمكاني إخبار البابا بأنني يجب أن أعود إلى جريبلاتا، لكنني اعتقدتُ أنه يتعيّن عليّ إنهاء احتفال عيد الميلاد بأمان، وهو السبب الذي جعلني آتي إلى هنا.
‘إسكاليون، اشتقتُ إليك ……’
عندما فكّرت في إسكاليون، احمرّت عيناها وشعرت بألمٍ في أنفها. استنشقت بيلادونا ودفنت وجهها في وسادتها.
لقد اشتاقت إلى شهر العسل القصير المريح والسعيد الذي قضته معه في جريبلاتا.
قد تتعرّض للضرب مرّةً أخرى، وقد تتأذّى حقًا، لكنها كانت عازمةً على إخبار البابا والعودة إلى جريبلاتا بمجرّد انتهاء الحفل.
لم يهمّ إذا لم تستردّ صوتها على الفور. بغض النظر عمّا حدث، مهما كان، ومهما جرى.
‘لكن هل سأستطيع ……؟’
عندما فكّرت في السوط الحادّ الذي رفعه البابا، تيبّس جسدها بالكامل.
كما شعرت بالإحباط بشأن سجلّات القديسة، والتي لم تجد لها دليلاً بعد.
تناوب عليها الأمل واليأس. كانت بيلادونا منغمسةً في أفكارٍ لا نهاية لها تتوالى عليها تِباعًا، ولم تستطع النوم حتى غمضة عينٍ حتى طلوع الفجر.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1