Don't let your husband know! - 75
بعد حوالي ساعة، وصلت بيلادونا إلى فندق جايا وهي تلهث من التعب وتنظر إلى اللافتة القديمة.
لقد استغرق الأمر وقتًا أطول ممّا توقعت…!
سواء كان ذلك لأنها كانت بعيدة عن أستانيا لفترةٍ طويلة أو لأن ذاكرتها قد خانتها، فقد أمضت وقتًا طويلاً وهي تضيع في الطريق من الفاتيكان إلى هنا.
آه، أشعر بالتعب بالفعل. فابيّون هنا حقًا أليس كذلك؟
ابتلعت بيلادونا ريقها الجاف واقتربت من مكتب الاستقبال في فندق جايا.
“مرحبًا بكم.”
قال رجلٌّ مسنٌّ يقف عند مكتب الاستقبال دون أن يرفع نظره عن الدفتر الذي بين يديه. بدا وكأنه مالِك الفندق.
دون أن تجيب، قدّمت بيلادونا ورقةً كانت قد أعدّتها مسبقًا.
[أبحث عن ساحرٍ مسنٍّ من بين النزلاء.]
رفع الرجل رأسه أخيرًا بعدما قرأ الورقة التي قدّمتها. نظر إلى بيلادونا التي غطّت وجهها بقلنسوةٍ بإحكام، ثم تحدّث.
“هل أنتِ ساحرةٌ أيضًا؟”
آغ … إيماءة! أومأت بيلادونا برأسها على الفور. لم يكن هناك مجالٌ للرفض، فقد يبدو أنه لن يسمح لها بالدخول إذا قالت لا.
بدا الرجل مهتمًّا بعد أن ذكر كلمة ساحرة، فاقترب منها قليلاً بحركة جسده.
“ساحرٌ مُسِن؟ لدينا مجموعةٌ متنوّعةٌ من السحرة يقيمون هنا في الفندق. وكما تعلمين، نحن الأشخاص العاديون لا يمكننا أن نحكم بسهولةٍ على أعمار السحرة، حيث يمكن لبعضهم تغيير مظهرهم الخارجي. ولكن، هل تبحثين عن ساحرٍ يبدو مُسِنًا؟”
“….”
“امم، …. بالمناسبة، هل تستطيعين استخدام سحرٍ يغيّر المظهر الخارجي؟ تبدين شابّةً جدًا، فهل هذا هو مظهركِ الحقيقي؟”
“…..”
“
آه، رؤيتكِ بهذا الزي وأنتِ ترتدين قلنسوةً تذكّرني بوقتٍ كنتُ فيه في سوريت منذ سنوات. كنتُ في الثامنة والعشرين من عمري في ذلك الوقت حين ضللتُ طريقي في الغابة ووجدتُ ساحرًا …”
لقد وقعتُ في مكانٍ خاطئ …
ضغطت بيلادونا يدها بلطفٍ في قبضةٍ صغيرةٍ وهي تستمع إلى حديث الرجل. لقد سمعت أن مالِك فندق جايا ودودٌ مع السحرة، لكنه بدا وكأنه شغوفٌ جدًا بالسحر لدرجة الهوس، بالإضافة إلى أنه كان ثرثارًا للغاية..!
بدأ الرجل يسرد قصته عن الساحر الذي التقى به في سوريت، وسحره المفضّل.
“لذا في إحدى المرات، قمتُ بخطف تلك العصا و…”
لم تُظهِر قصص المالِك أيّ إشارةٍ على الانتهاء.
إذا استمرّ هذا، حكاياه لن تنتهي …!
لم تستطع بيلادونا تحمّل المزيد، فمدّت يدها وضربت الورقة على الطاولة بقوّةٍ التي كُتِبَ عليها ‘أبحث عن ساحرٍ مُسنٍّ بين النزلاء’.
تفاجأ الرجل بصوت الضربة وتوقّف عن الحديث أخيرًا.
“آسف، يبدو أنني انجرفتُ كثيرًا في الحديث. لا أستطيع التحكّم بنفسي عندما يتعلّق الأمر بالسحر… حسنًا، أعرف ساحرًا يبدو مسنًّا. سأحضره على الفور.”
تنفّست بيلادونا الصعداء عندما غادر الرجل. كادت تضيّع وقتها بلا طائل، لكنها شعرت بالارتياح لأن الأمر بدأ يتحرّك.
بعد قليل، ظهر فابيّون خلف الرجل الذي نزل السلالم الخشبية المهترئة. كادت بيلادونا، التي جلست تنتظره في الردهة، أن تقفز عند رؤيته وتخلع عباءتها لسعادتها.
اقترب فابيون منها بوجهٍ محتار.
“هل كنتِ تبحثين عنٍي؟”
تجنّبت بيلادونا نظرات الرجل، وأزاحت عباءتها قليلاً لتكشف عن وجهها لفابيون. بدأت عينا فابيّون، المحاطة بالتجاعيد، تتّسعان تدريجيًا مع إدراكه لهويتها.
“آه، لا، كـ كيف وصلتِ إلى هنا؟”
بطريقةٍ ما، بدا أن الأمر يسير بسلاسة، ابتسمت بيلادونا بخفّةٍ وأشارت للخارج. هذا المكان ليس مناسبًا نوعًا ما، هلّا خرجنا لنتحدّث؟
فهم فابيون مغزاها ووقف بسرعة.
“أوه، لنخرج من هنا أولاً.”
بينما غادرا، بدا صاحب الفندق، الذي كان يسترق السمع، وكأنه يشعر بخيبة أملٍ لفقدانه فرصة الاستماع للمزيد من الحديث، لكنه لم يستطع منعهم.
جلس الاثنان في أحد المطاعم القريبة في أعمق ركنٍ في المطعم. أخرجت بيلادونا، التي أخذت المقعد المخفيّ أكثر، دفترًا قديمًا كانت تخفيه تحت عباءتها، دون أن تخلعها.
“هذا ….”
ووضعت أمامه ورقةً مُرفَقة بالدفتر. أشارت إلى الورقة. كانت ملاحظةً كتبتها قبل وصولها.
[عثرتُ عليه في كنيسةٍ قديمة. لكنه مكتوبٌ بلغةٍ لا أستطيع قراءتها.]
أخذ فابيون الدفتر بسرعةٍ، بعد أن قرأ ملاحظة بيلادونا، وبدأ يقلّب الصفحات. بعد أن ألقى نظرةً سريعةً على محتوياته، قال.
“هذه لغةٌ قديمة. من الطبيعي أنكِ لا تستطيعين قراءتها.”
لغةٌ قديمة؟ هل كانت القديسة تجيد استخدام اللغة القديمة؟
“يبدو أنها كتبتها بلغةٍ غير مستخدمةٍ حاليًا لأنها كانت قلقةً من أن يكتشفها الآخرون. ومع ذلك، حتى مع خبرتي الواسعة في اللغات، لن أتمكّن من ترجمتها فورًا. سأحتاج إلى قاموسٍ لأترجمها كلمةً بكلمة.”
حتى لو استغرق الأمر وقتًا، على الأقل يمكنني معرفة محتواها.
أومأت بيلادونا وابتسمت، وهي تشعر بارتياحٍ صغيرٍ تجاه الإنجاز الذي حقَّقَته.
رغم أنها لم تكن تعرف بعد محتوى ما كُتب في الدفتر، إلّا أن وجود فابيون ومعرفته بكيفية حلّه جعلها واثقةً من أن الأمور ستُحَل بطريقةٍ ما.
أعتقد أنني أستطيع إيجاد الدليلين الآخرين بهذه الطريقة أيضًا؟
“كنتُ أزور الفاتيكان باستمرارٍ مؤخرًا، لكنني لم أستطع مقابلة القديسة، ربما بسبب انشغالكِ كثيرًا في الايام السابقة. حتى طلباتي لحجز موعدٍ في غرفة الاعتراف لم تُقبَل … “
لهذا السبب أتيتُ بنفسي!
ابتسم فابيون وكأنه يفهم شعورها، وهزّ رأسه موافقًا.
“لقد قمتِ بعملٍ رائع. بفضل حكمتكِ ودهائكِ لمساعدتي بهذه الطريقة، لن أشعر بالقلق الآن.”
بعد ذلك، تحدّثا من خلال الكتابة عن كيفية عثور بيلادونا على الدفتر القديم، وعن الأدلة الثلاثة المتعلّقة به، وكيف تمكّنت من الوصول إلى هنا.
أشاد فابيّون بذكاء بيلادونا وقدّم لها آرائه الخاصة حول الأماكن داخل الفاتيكان التي قد تكون القديسة قد زارتها أو أخفت شيئًا فيها.
‘كان يجب أن أسأله منذ البداية!’
تذكّرت بيلادونا كلّ المحاولات التي بذلتها خلال الأيام القليلة الماضية، وشعرت بالندم لأنها لم تطلب نصيحته مسبقًا ااذي بدا على معرفةٍ أكثر منها. لكنه حاول أن يواسيها.
“ليس الأمر كما لو أنكِ لم تحصلي على أيّ شيء. على الأقل، تأكّدتِ من عدم وجود أيّ أدلةٍ في الأماكن التي تفقّدتِها.”
لا يزال …
ومع ذلك، تنهّدت بيلادونا واتّكأت على كرسيها، لكنها سرعان ما انتبهت إلى الساعة المُعلَّقة على جدار المطعم وقامت بتقويم الجزء العلوي من جسدها في مفاجأة.
“!….”
أوه، متى مرّ …؟ لقد مرّ بالفعل نصف اليوم الذي وعدتُ به مع روزي.
أظن أنه عليّ العودة الآن …!
لاحظ فابيون أنها لم يتبقَّ لها الكثير من الوقت، وقال ذلك أثناء جمع متعلّقاته.
“آه، يبدو أن الوقت قد مرّ بسرعة. لنذهب الآن، لا تقلقي، كلّ شيءٍ سيكون على ما يرام.”
بالطبع، لا تقلق بشأني! بفضل تشجيع فابيون، ابتسمت بيلادونا قليلاً ونهضت من مقعدها.
وعندما نهضا واحدًا تلو الآخر وغادرا مدخل المطعم، اتّجه فابيون إلى اليسار وقال.
“سأذهب في هذا الاتجاه، إن استمررتُ بخطٍ مستقيم، سأجد مكتبة. من المحتمل أن أجد هناك قاموسًا للغة القديمة.”
أومأت بيلادونا برأسها مشيرةً إلى الاتجاه الآخر، سأذهب من هذا الاتجاه!
كان طريق الفاتيكان في الاتجاه المعاكس لطريقه.
“سأزور الفاتيكان يوميًا من الآن فصاعدًا، وسأتجوّل في الحديقة بعد وقت الغداء حتى نهاية جدول القديسة مساءً. إذا احتجتِ إليّ، يمكنكِ العثور عليّ هناك.”
ياللراحة ….
تنفّست بيلادونا الصعداء وشعرت براحةٍ أكبر. رؤية فابيون بانتظامٍ ستساعدها على مشاركة الأدلّة بشكلٍ أسرع، ممّا يعني تحقيق تقدّمٍ أكبر!
“آسف، لا يمكنني مرافقتكِ إلى الفاتيكان.”
أوه، لا. فابيون، يجب عليكَ الإسراع في إيجاد بعض التفسيرات القديمة هنا!
“إذًا، كوني حذرة!”
لوّحت له بيلادونا بيدها وهي تراقبه يستدير ويبتعد، ثم استدارت هي الأخرى لتعود في طريقها.
الآن، حان وقت العودة.
استغرق الأمر ساعةً للوصول إلى هنا، ولكن الآن بعد أن عرفتُ الطريق، فمن المؤكد أن الأمر سيستغرق وقتًا أقلّ للعودة.
ربما كان ذلك بسبب وجود الأمل، فقد شعرت بالارتياح. خطت بيلادونا خطوةً خفيفةً للأمام على ساقيها الثقيلتين اللتين كانتا تسيران لفترةٍ أطول ممّا كان متوقّعًا.
‘… هاه؟’
في تلك اللحظة، لفتت انتباهها شخصيةٌ ذو بنيةٍ كبيرةٍ وظهرٍ مألوفٍ للغاية.
‘للتوّ ….’
سرعان ما التفتت بيلادونا، التي كانت واقفةً هناك بلا تعبيرٍ للحظةٍ مندهشة، برأسها في ذلك الاتجاه. فتحت عينيها على اتساعهما ونظرت حولها.
شعرت بأن الشكل الضخم الذي مرّ بجانبها وتقدّم إلى الأمام مألوفٌ للغاية.
جسدٌ أكبر من الآخرين بظهرٍ عريض، وبشرةٌ داكنةٌ سمراء بسبب الشمس، يحمل على ظهره سيفًا كبيرًا ….
‘هل يمكن أن يكون …. إسكاليون؟’
بمجرد أن خطر اسمه في بالها، شعرت بأن قلبها يخفق بعنف. بدأت تمشي نحوه دون وعي، تبحث في الزحام في المكان الذي اختفى فيه.
‘أين ذهب؟ لقد كان هنا قبل قليل …’
كانت تسابق خطواتها، تلوح عيناها هنا وهناك وكأنه قد فقدت شيئًا.
هل هو إسكاليون حقًا؟ إذا كان هو حقًا، فماذا يفعل في أستانيا؟ هل غيّر رأيه بعد أن قال إنه لن يحضر حفل عيد الميلاد؟
هل يمكن ……. أنه جاء لرؤيتي؟
وبينما تدفع الناس في الشارع المزدحم، خطرت آلاف الأفكار في رأسها. بعضها أثار حماسها، وبعضها أحبَطها، ولكن أكثر من أيّ شيء، كانت تريد العثور على الرجل بسرعةٍ ورؤية وجهه.
‘لقد مرّ من هنا بالتأكيد ….!’
طنّت أنها فقدت الرجل بالفعل، لكن ظهر ظلّه الطويل مرّةً أخرى من بعيد. بفضل قامته الطويلة، استطاعت تمييزه بسهولة. حرّكت بيلادونا جسدها بسرعةٍ للحاق به
ربما لأن احتفال عيد الميلاد كان ثاب قوسين أو أدنى، كانت شوارع أستانيا مزدحمة. شقّت طريقها وسط حشدٍ من الناس يهرعون نحوها، وبالكاد تمكّنت من اللحاق بالرجل الضخم وأمسكت بذراعه.
‘إسكاليون!’
استدار الرجل ذو البُنية الضخمة الذي كان ينظر إلى المسافة أمامه نحوها، متفاجئًا من قبضتها الصغيرة.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1