Don't let your husband know! - 71
[لم أستيقظ فجأةً في جسد القدّيسة ذات يوم. لقد وُلِدتُ من جديدٍ في جسد القديسة بعد موتي.]
رفع فابيون رأسه لينظر إلى الكلمات التي كانت تكتبها بيلادونا، واتّسعت حدقتاه قليلاً. توقّف ليلتقط أنفاسه كما لو أنه اكتشف حقيقةً مُذهِلة، ثم فتح فمه ببطء.
“كما توقّعت، هذا هو الأمر إذن … إذا كان كذلك … فهذا يجعل ما توصّلتُ إليه من حقائق أكثر منطقيّة.”
وأشار فابيون إلى السجلّات القديمة. أومأت بيلادونا برأسها وبدأت تقرأه. كان السجلّ يحتوي على تدويناتٍ مفصّلةٍ عن أولئك الذين امتلكوا القوّة المقدّسة قبل بيلادونا.
‘إنهم متنوّعين للغاية.’
بينما كانت بيلادونا تركّز على الكلمات، قطّبت حاجبيها وعضّت شفتها السفلى.
لم يقتصر الأمر على فقدان الصوت فقط؛ بل كان هناك مَن فَقَد بصره أو سَمَعه، بل وحتى أجزاءًا من جسده. ولم تقتصر تكلفة القوّة المقدّسة على أجساد أصحابها فقط، بل إن البعض فقد أبناءه أو والديه أيضًا.
“بقدر تنوّع الثمن، تظهر القوّة المقدّسة لأصحابها بمستوياتٍ متفاوتة. لقد عُرِفت السيدة بيلادونا بأنها تتمتّع بقدرة شفاءٍ هائلة، بينما الآخرون …”
وأشار فابيون إلى الصفحة المفتوحة أمامها بدلًا من الشرح المُباشِر.
[حدود قوّة الشفاء متنوّعة. فهناك مَن يمتلك قدرةً ضعيفةً لدرجة أنه بالكاد يستطيع إزالة جرحٍ صغيرٍ بعد يومٍ كاملٍ من استخدام القوّة المقدّسة، وهناك من يستطيع علاج كسور العظام أو الإصابات الباطنية الخطيرة …]
استمرّت بيلادونا في قراءة السجلّ حتى توقّفت عند جملةٍ معيّنة. هذا …
[وبعض القِلّة من أصحاب القوّة المقدّسة امتلكوا قدرةً كافيةً لإعادة الأموات إلى الحياة.]
إعادة الأموات إلى الحياة بالقوّة المقدّسة …؟ كان الأمر يثير الحيرة. أليس ذلك من مجال القِوى الإلهية؟
“بالطبع، لا يوجد الكثير من السجلّات عن هؤلاء الأشخاص. فمن المحتمل أن حياتهم كانت قصيرةً بسبب استهلاكهم الكبير للطاقة اللازمة لذلك.”
تذكّرت بيلادونا اللحظة التي استخدمت فيها قوّتها الجديدة للشفاء قبل أيامٍ قليلة، عندما بصقت الدم وسقطت فاقدةً للوعي.
في الواقع، إذا كانت إزالة بضعة جروح تتطلّب ذلك الجهد، فكم ستكون كميّة الطاقة اللازمة لإحياء شخصٍ مَيْت …؟
‘لحظة، هذا مُحال …’
رفعت بيلادونا رأسها بعد أن كانت غارقةً في التفكير. وحين التقت أعينها بأعين فابيون، أومأ برأسه.
“في اعتقادي، حدث ذلك بسبب قوّة القديسة بيلادونا.”
“…..!”
“أعتقد أن القديسة بيلادونا هي مَن قامت بإنقاذ حياتكِ. رغم أننا لا نعرف بعد لماذا عُدتِ في جسدها تحديدًا وليس في جسدكِ الأصلي.”
إذن الآن … القدّيسة جعلتني أعود للحياة بوعيها؟
ارتعشت عينا بيلادونا باضطراب.
لكن لماذا …؟ لماذا اختارتني أنا تحديدًا؟
“هل كان لكِ أيّ علاقةٍ بالقديسة بيلادونا في حياتكِ السابقة؟”
هزّت بيلّا رأسها نافيةً بسرعة.
في حياتها السابقة، كانت مجرّد ابنةٍ فقيرةٍ لمزارعٍ في إحدى الأراضي البعيدة.
لم يكن يُسمح لها حتى بأن تحلم بالوقوف في نفس الطريق مع القدّيسة الرفيعة المكانة.
“هممم …”
فابيون أيضًا بدا وكأنه يجد صعوبةً في فهم الأمر، حيث عبس قليلًا.
أخيرًا، تحدّث مجددًا.
“أولاً، كلّ هذه مجرّد استنتاجاتٍ مني. سأعود لأبحث في تفاصيل حياتكِ السابقة. هلّا أعطيتِني بعض المعلومات الأساسية؟”
تردّدت بيلادونا للحظة، ثم أومأت برأسها.
لم يكن أمامها خيارٌ سوى الوثوق بفابيون.
في النهاية، هو يعرف الكثير، وكان الشخص الوحيد الذي يمكنه مساعدتها في هذا الوقت …
كانت محاولة البحث في ماضيها قد بدأت منذ اللحظة التي فتحت فيها عينيها في هذا الجسد، لكنها فشلت مرارًا أو تمّ تأجيلها.
كانت تشعر بالارتياح لأن فابيون، بصفته حُرًّا، يمكنه القيام بذلك بدلًا منها، إذ كانت مُقيّدةً في الفاتيكان.
“كما أن هناك أمورًا أخرى عليكِ القيام بها.”
ماذا يمكن أن تكون …؟
شعرت بيلادونا بأنفاسها تتباطأ قليلاً.
خفض فابيون صوته داخل غرفة الاعتراف الضيّقة التي كانا فيها.
“عليكِ أن تتجوّلي في الفاتيكان وتبحثي عن أيّ أثرٍ للقديسة بيلادونا. حتى وإن كان صغيرًا، سيكون مفيدًا. أيّ سجلّاتٍ متعلّقةٍ بها ستكون جيدة، وإذا كانت مرتبطةً بحياتكِ السابقة، فسيكون ذلك أفضل.”
“……”
“بعبارةٍ أخرى، ابحثي عن أيّ شيءٍ قد يكشف السبب وراء إحياء القديسة بيلادونا لكِ.”
ابتلعت بيلادونا ريقها بصعوبة.
كانت تشعر وكأن بصيصًا من الأمل قد أضاء في كهفٌ مظلم، وكأنها ترى الطريق أخيرًا.
إذا اكتشفت السبب الذي جعل القديسة تختارها لتعود للحياة، ولماذا أُخِذ منها صوتها، فقد تتمكّن من إعادة الأمور إلى نصابها والعودة إلى إسكاليون.
أومأت بيلادونا برأسها بحزمٍ تجاه فابيون، الذي ابتسم لرؤية تعبيرها المليء بالعزم.
“إذن، هذه نهاية حديثي لهذا اليوم.”
شعرت بيلادونا أن اهتمام فابيون بهذه المَهمّة ينبع من حبّه الحقيقي واحترامه للقديسة بيلادونا.
لا بدّ أن اختفاؤها المفاجئ قد أثار في نفسه القلق والفضول لمعرفة السبب.
“حسنًا، سأغادر الآن. سنجمع المعلومات كلٌّ من جهته، وسألتقي بكِ في أقرب وقتٍ ممكن. يجب أن نُنهي التحقيق قبل عودتكِ إلى جريبلاتا، لذا الوقت ضيّقٌ للغاية.”
قال فابيون ذلك وهو يُغلِق الكتاب الذي كان مفتوحًا أمامه. كان يبدو مقتنعًا تمامًا بأن بيلادونا ستعود إلى جريبلاتا بمجرّد انتهاء احتفال عيد ميلاد الإمبراطور.
لم تكن بيلادونا تمتلك الرغبة ولا القدرة على شرح تعقيدات وضعها، فاكتفت بالصمت وإيماءةٍ بسيطة.
أخذ فابيون الكتاب السميك ووضعه في حقيبته، ثم لفّ لحيته الطويلة حول عنقه ووقف. كان ذلك المنظر غريبًا بعض الشيء … التقط فابيون نظرة بيلادونا وعَلَّق بابتسامة.
“هكذا، أحصل على تدفئةٍ ممتازة. صحيحٌ أنّ تركها متدليةً تبدو جميلة، لكنها مزعجةٌ للغاية.”
ضحكت بيلادونا بصوتٍ خافتٍ رُغمًا عنها.
كانت أوّل مرةٍ تضحك فيها بصدقٍ منذ وصولها إلى أستانيا.
“إذن، سأغادر الآن …”
انحنى فابيون قليلًا مودِّعًا وغادر غرفة الاعتراف، بينما أطلَّ الكاهن الذي كان واقفًا بالخارج برأسه إلى الداخل.
“سيّدتي القديسة، المؤمن التالي ينتظركِ. هل أسمح له بالدخول؟”
بروحٍ أخفّ بكثيرٍ ممّا كانت عليه قبل قليل، أومأت بيلادونا بالموافقة.
***
عندما عادت بيلادونا إلى غرفتها بعد انتهاء أعمالها، لم تتوجّه إلى سريرها كما تفعل عادةً، بل مشت نحو الرّف المليء بالكتب المصفوفة بكثافة.
‘إذا كان هناك أيّ شيءٍ يمكن أن يكون دليلاً …’
بدأت تضيّق عينيها وتقرأ عناوين الكتب المكتوبة على غلافها واحدًا تلو الآخر.
فكّرت فجأة أنها لم تُلِقِ نظرةً واحدةً على هذه الرفوف منذ أن استقرّت هنا.
‘سيكون من الرائع إذا اكتشفتُ مذكّراتٍ للقديسة أو أيّ سجلّاتٍ أخرى …’
لكن على ما يبدو، لم يكن هناك شيءٌ من هذا القبيل.
على أيّ حال، مع وجود البابا والكاردينال نيكولاس تحت مراقبةٍ صارمة، لم يكن من الممكن أن يُعرَض شيءٌ من هذا القبيل بشكلٍ علني.
أخرجت بيلادونا كتابًا عشوائيًا وبدأت تقلّب صفحاته برفق.
‘معظم الكتب الموجودة هنا تتعلّق باللاهوت أو الفلسفة أو العبادة.’
كانت فقط كتبًا عاديةً جدًا، تكاد تكون نموذجيّةً لأيّ مكتبةٍ موجودةٍ بغرفة قديسة.
بدت لها فكرة العثور على دليلٍ خاصٍّ هنا صعبةً للغاية…
عندما كانت على وشك إعادة الكتاب إلى مكانه في الرّف، توقفت نظرتها على شيءٍ ما.
في الزاوية الداخلية الفارغة حيث كان الكتاب مُرتَّبًا، كان هناك شيءٌ لامعٌ يتدلّى.
وضعت بيلادونا الكتاب الذي كانت تحمله جانبًا وسحبت كل الكتب المحيطة به.
‘ما هذا ….؟’
مدّت بيلادونا يدها بعمقٍ وأخرجته للخارج.
كان مفتاحًا صغيرًا، أقدم وأصغر بكثيرٍ من المفاتيح التقليديّة المستخدمة لفتح الأبواب، يتدلّى منه خيطٌ بنيٌّ مهترئٌ وقديم، واستقرّ في كفّها.
لأيّ شيءٍ هذا المفتاح؟ إذا كان موضوعًا هنا، فمن المؤكد تقريبًا أنه مخفيٌّ بعيدًا عن الأنظار.
تأمّلت بيلادونا قليلًا، ثم نظرت مرّةً أخرى إلى الباب المُغلَق بإحكام.
في هذه الساعة، لا يمكن أن يجرؤ أحدٌ على اقتحام غرفة القديسة في الفاتيكان.
‘إذن …’
رفعت بيلادونا نظرها لتتفحّص رف الكتب العالي.
فكّرت أنه يجب عليها إخراج جميع الكتب الموجودة هناك وتفقّد الجهة الخلفية لكلٍّ منها.
هاه … هاه …
بعد بضع ساعات، كانت بيلادونا تجلس على الأرض تلهث، وقد أنهكها الجهد.
كانت القديسة تمتلك عددًا هائلًا من الكتب! إن إنزال الكتب السميكة واحدًا تلو الآخر إلى الأرض بدا وكأنه تمرينٌ شاقٌّ لعضلات الذراعين.
منذ أن أصبحت القديسة، لم تعتد على مثل هذا العمل البدني من قبل، لذا كان من الصعب التكيّف!
نظرت إلى الرف الفارغ تقريبًا الذي أخرجت منه الكتب.
‘ثلاثة مفاتيح…’
إلى جانب المفتاح الصغير الذي اكتشفته أولًا، كان هناك مفتاحان آخران مخفيّان خلف الرّف.
كان أحدهما أكبر بكثيرٍ من الآخرين، والآخر كان على شكل مستطيل.
كانت ثلاثة مفاتيح مختلفةً تمامًا عن بعضها البعض.
‘سأحتاج إلى الوقت لمعرفة ما الذي يمكن أن تفتحه هذه المفاتيح …’
لكن في الوقت الحالي، أحتاج إلى استراحة!
كانت بيلادونا مستلقيةً على الأرض، تنظر إلى السقف العالي، بينما كان صدرها يعلو ويهبط من التعب.
على الرغم من الإرهاق، لم يكن شعورها سيئًا تمامًا.
‘ربما أحتاج أحيانًا إلى مثل هذه التمارين. ومن الغد، سأبدأ في استكشاف الفاتيكان أكثر.’
بدأت بيلادونا في وضع خطّةٍ في ذهنها أثناء استعادة أنفاسها.
حتى الأسبوع المقبل، وقبل حلول احتفالات الميلاد، كان عليها أن تستجمع قواها وتظلّ تذهب وتعود بين غرفتها وغرفة الاعتراف.
لكن، يمكنها التحجّج باستعدادها لاستخدام قواها المقدّسة، ممّا سيتيح لها فرصة التجوّل في مختلف الأماكن.
البقاء في غرفة الاعتراف لن يفيدها سوى في زيادة التعب ولن يساعدها على استعادة قوّتها أبدًا!
بعد الحصول على إذن البابا، قرّرت بيلادونا أن تبدأ بزيارة الأماكن التي كانت القديسة تتردّد عليها بسهولة، مع التركيز على المخازن المخفيّة والأدراج والحقائب المنتشرة في تلك المناطق.
ربما كانت قد خبَّأت دليلًا هامًّا في مكانٍ غير متوقّع.
“…..”
شعرت بيلادونا بالإرهاق.
عندما هدأ عرقها واستعادت أنفاسها طبيعتها، بدأ النعاس يزحف إليها.
على أيّ حال، عليّ ترتيب هذه الفوضى قبل النوم …
كانت بحاجةٍ إلى النهوض وإعادة الكتب إلى مكانها، لكن جسدها المُرهَق لم يطاوعها.
ربما يمكنني أن أنام الآن وأستيقظ مبكّرًا في الصباح لترتيب كلّ شيء.
ليس لديّ أيّ مَهامٍ محدَّدةٍ صباح الغد، لذا …
نعم، أستطيع فعل ذلك …
أُغلقت جفون بيلادونا المُتعَبة ببطء، حتى أُغلقت تمامًا. استسلمت للنوم على الأرض دون أن تنهض حتى إلى سريرها.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: بلوفياس
تدقيق: مها
انستا: le.yona.1