Don't let your husband know! - 63
“سيدتي، هل أنتِ بخير؟”
أومأت بيلادونا برأسها قليلاً وأدخلت جسدها أعمق في الماء الساخن الذي يملأ حوض الاستحمام.
“أنا حقًا آسفة بشأن ما حدث البارحة. آه، لم أتذوّق نبيذًا لذيذًا مثل هذا من قبل، لذا شربتُ أكثر ممّا يجب دون أن أدرك. عندما استعدتُ وعيي، وجدتُ نفسي وحدي على الطاولة … هل أخفتُكِ كثيرًا؟”
هزّت بيلادونا رأسها نفيًا مرّةً أخرى. لم تكن الكلمات التي تقولها سيندي تصل إلى مسامعها بشكلٍ جيد.
بعد لحظة، نظرت سيندي بحذرٍ إلى بيلادونا قبل أن تتحدّث مجددًا.
“لكن، هل أنتِ متأكدةٌ أنكِ بخير؟ كيف وصلت الأمور إلى هذا الحد …؟”
بشعورٍ غير مبرّرٍ بالخجل، احمرّ وجه سيندي وهي تلتقط بعض الفقاعات الطافية على سطح الماء، وتفرك بها كتف بيلادونا المستدير. كانت تعلم أن العلاقة بين السيد وزوجته قوية، لكن رؤية مثل هذه الآثار الواضحة كانت مفاجئةً لها.
“….”
نظرت بيلادونا بشرودٍ إلى الفقاعات التي كانت تتصاعد برفق.
في الصباح الباكر، عندما فتحت جفنيها بصعوبة، وجدت نفسها مستلقيةً وحدها في السرير الواسع. يبدو أن إسكاليون قد غادر الفراش مع أوّل ضوءٍ للفجر، حيث شعرت ببرودةٍ واضحةٍ في مكانه.
مهما كان الأمر …
تحرّكت يدا بيلادونا ببطءٍ تحت الماء.
عادةً، بعد أن يقضيا الليل معًا، كان دائمًا يحتضنها حتى تستيقظ. كان يضحك قائلاً إنه لا يستطيع تنظيم حرارته، ثم يحيط جسدها البارد، الأكثر برودةً من جسده، بذراعيه الدافئتين. لكنه لم يفعل ذلك اليوم.
فكّرت في محاولتها الفاشلة للتحدّث معه ليلة أمس، فشعرت بالكآبة تتسلّل إليها. الآن، لم يعد لديها الكثير من الوقت حقًا …
“أوه، لقد خرج الكاردينال نيكولاس في الصباح الباكر ليتفقّد جريبلاتا.”
تذكّرت سيندي فجأةً ما أرادت قوله بينما كانت تغسل بيلادونا بعناية.
إذن، هل خرج إسكاليون معه؟
كان من واجبات اللورد سيد القلعة تقديم الإرشاد، لذا لم يكن من الغريب أن يرافق إسكاليون الكاردينال.
“لكن السيد لم يخرج معهم. يبدو أن السيد وولف وبعض الفرسان هم مَن رافقوه.”
آه، إذن لم يذهب معهم.
أومأت بيلادونا برأسها بخفّة.
إذن فهو إما يتدرّب في ساحة التدريب أو مشغولٌ في مكتبه بالعمل المتراكم. كل تلك الأمور كانت تسبقها في الأهمية بالنسبة له.
‘كم هو أمرٌ مرير …’
طرفت بيلادونا بعينيها ببطء.
حتى لو غادرت جريبلاتا الآن، سيستمرّ إسكاليون في العيش هنا وحماية ممتلكاته. وربما سيتزوّج امرأةً أخرى تحلّ محلّها.
مجرّد التفكير في وجود شخصٍ آخر بجانبه جعل قلبها ينبض بألم.
في البداية، كانت فكرة الانفصال عنه تأتيها بشكلٍ طبيعي، ممّا جعلها تبتعد عنه أكثر فأكثر. لكنها الآن، وجدت نفسها متعلّقةً به.
“لقد انتهيتُ تقريبًا، هل تفضّلين البقاء قليلًا إذا كان الماء ما زال دافئًا؟”
هزّت بيلادونا رأسها نفيًا.
“حسنًا، سأذهب لجلب المنشفة، انتظري لحظة!”
نهضت سيندي من مقعدها بجانب الحوض وغادرت الحمام.
بينما كانت تنتظر عودتها، استندت بيلادونا برأسها إلى حافّة الحوض، وحدّقت في السقف.
آه … أشعر بالاختناق …
“هاه؟ عليكِ أن تخرجي بالفعل!”
عندما خرجت بيلادونا من الحمام بعد أن جفّفت جسدها بالمنشفة التي أحضرتها سيندي، نظرت إلى حيث كانت سيندي تشير. على الطاولة الصغيرة، كانت هناك علبةٌ صغيرةٌ من المرهم.
دون أن تشعر، رفعت بيلادونا يدها لتلمس خدها.
الجروح الصغيرة على خدها كانت قد شُفيت تقريبًا … لقد أزلتُ الضمادات منذ أيام. هل ما زلتُ بحاجةٍ إلى استخدام الدواء؟
“دعيني أرى …”
أسرعت سيندي إلى الطاولة الصغيرة وأخذت علبة المرهم، ثم بدأت تقرأ التعليمات بعناية.
“يبدو أنه عليكِ وضع كميةٍ مناسبةٍ على البشرة النظيفة.”
ما هذا؟
مدّت بيلادونا عنقها لترى ما تقرأه سيندي.
“هذا مرهمٌ أحضره السيد بنفسه.”
مرهم؟ لكن وجهي قد شُفي بالفعل …
“لقد جاء إليّ هذا الصباح وطلب مني الاعتناء بكِ حتى عودته.”
“….؟”
“لقد كان قلقًا بشأن العلامات الحمراء على جسدكِ … هذا المرهم مخصّصٌ لتلك المناطق.”
احمرّ وجه سيندي وهي تتحدّث بطريقةٍ متردّدة.
العلامات الحمراء؟ نظرت بيلادونا أخيرًا إلى جسدها المتضرّر، واحمرّ وجهها بعد أن أدركت ما تعنيه سيندي.
هـ، هذه العلامات …؟
“ذهب السيد إلى الطبيب في الصباح الباكر. قال الطبيب إن تلك العلامات كلّما عالجتها بسرعة، كلما شُفيت أسرع.”
كانت سيندي تتحدّث بسرعةٍ بينما فتحت علبة المرهم وأخذت كميةً كبيرةً بأصابعها.
“لكن المنطقة واسعة … لا أعرف من أين أبدأ في وضع المرهم …”
نظرت بيلادونا إلى جسدها المتناثر بالعلامات الحمراء، وشعرت بمشاعر مختلطة.
إسكاليون … بحث عن مرهمٍ لي من الصباح؟
رغم أنها شعرت بالإهمال، إلّا أن رؤية المرهم الذي أحضره بنفسه جعلتها تشعر بشيءٍ من الراحة.
“إذا شعرتِ بالألم، أخبريني، حسنًا؟”
بينما كانت سيندي تتساءل من أين تبدأ، مدّت يدها لتضع المرهم.
أومأت بيلادونا برأسها ومدّت ذراعها نحوها. لم يكن الشعور بالمرهم البارد على بشرتها سيئًا.
* * *
جلست بيلادونا على السرير وهي تحرّك أطرافها المليئة بالمرهم، ثم رفعت رأسها.
هل يجب أن أشكر إسكاليون؟
كانت تحتاج لأيّ ذريعةٍ بسيطةٍ لتتمكّن من الحديث معه.
أن يُحضِر المرهم بنفسه … هل يعني ذلك أنه لا يكرهني تمامًا؟
في اليوم الواحد، كانت مشاعرها تتأرجح بين الأمل وخيبة الأمل مرّاتٍ عدّة، وكأنها تُرفَع وتتهاوى بحدّة.
‘همم …’
أثناء نظرها إلى آثار الاحمرار على فخذيها بابتسامةٍ خجلة، تذكّرت كيف دفن وجهه في أماكن متفرّقةً من جسدها الليلة الماضية، ممّا جعلها تشعر بالحرارة.
ألا يبدو الجو حارًّا بعض الشيء …؟ ربما أطلتُ في الحمام أكثر من اللازم.
بينما كانت تلمس بشرتها حيث وُضِع المرهم الذي أحضره إسكاليون، مرّرت يدها بلا وعيٍ على آثار الاحمرار على فخذيها.
وفجأة، لاحظت بريقًا خافتًا ينبعث من مكان ملامسة أصابعها.
‘هاه؟’
توقّفت بيلادونا، وما إن توقفت حتى اختفى الضوء الأزرق الباهت بسرعة.
هل كنتُ أتوهّم؟
فتحت عينيها على وسعهما، وأعادت محاولة لمس آثار الاحمرار ببطءٍ مرّةً أخرى.
وعندما حرّكت أصابعها ببطءٍ على الجلد، بدأ نفس الضوء الخافت يتلألأ من جديد.
‘ما هذا؟!’
صُدِمت بيلادونا وحرّكت ساقيها بعصبية. وبمجرّد أن رفعت يدها عن الجرح، اختفى الضوء الأزرق تمامًا.
ما هذا بحق خالق السماء؟! إنه مخيف!
نظرت بيلادونا عن كثبٍ إلى فخذها، ثم خفضت رأسها مجددًا.
‘لحظة، هذا …..’
هل هذه العلامات الحمراء قد خفّت مقارنةً بالسابق؟ أهذه مخيّلتي؟
أو …
نظرت إلى كفّها بتفكيرٍ عميق. هل يُعقَل …؟
بفكرةٍ مفاجئة، أسرعت بتعديل وضعها، ووضعت راحة يدها على فخذها مجددًا.
‘حسنًا، لنجرّب هذا مرّةً أخرى!’
تنفّست بعمق، وركّزت تفكيرها على أصابعها، ليبدأ الضوء الأزرق في الانبعاث من جديد.
كلّما زاد تركيزها على الجرح، كلّما أصبح الضوء أكثر سطوعًا.
وبعد لحظات، رفعت بيلادونا يدها عن فخذها.
“…..”
أها، الآن فهمت.
فتحت فمها قليلاً وهي تنظر إلى أسفل.
فخذها، الذي كان مليئًا بالعلامات الحمراء، قد عاد إلى لونه الطبيعي الناصع.
بقيت للحظةٍ وهي تحدّق في المشهد بدهشة، ثم استرخت، وأسندت جسدها على السرير.
الآن كلّ شيءٍ واضح.
فقدتُ صوتي، لكن في المقابل، استعدتُ القوّة المقدّسة.
* * *
في تلك الليلة، وقفت بيلادونا أمام المرآة، تتأمّل جسدها الذي تعافى تمامًا.
‘إنه حقيقي.’
كانت متأكدةً الآن، لقد استعادت بالفعل على القوّة المقدّسة للقديسة.
لم تكن تعلم ما إذا كان هذا الوضع مؤقتًا أو أنه سيستمرّ معها إلى الأبد، ولكن الأكيد هو أنها الآن قادرةٌ تمامًا على القيام بدور القديسة.
‘هل يجب أن أكون سعيدةً أم حزينة؟’
فقدان صوتها كان بالتأكيد أمرًا مُحزنًا، ولكن حصولها على هذه القوّة كان أمرًا مُربكًا.
هل مكتوبٌ لي حقًا أن أسير في طريق القديسة هكذا؟ بما أن هذا ما حدث، هل هو قَدَري أن أعيش حياتي في خدمة الآخرين؟
‘إذا كان هذا هو الحال، فأتمنى أن أتمكّن من فعل ذلك في جريبلاتا …’
وبينما كانت أفكارها تتشابك، سمعت طرقًا على الباب.
نظرت حولها فرأت سيندي تطلّ برأسها من خلال فتحة الباب.
“سيدتي! لقد عاد السيد.”
أوه، شكرًا لكِ سيندي!
ابتسمت بيلادونا لسيندي ثم استدارت بسرعة.
كنتُ أرغب في الركض نحو إسكاليون لأشكره على المرهم، ولكنني أردتُ أيضًا إخباره أن قوّتي المقدّسة قد عالجت كلّ شيءٍ بالفعل.
إذا أظهرتُ له قدرتي على استخدام هذه القوّة بُحريّة، فربما سيشعر أنه بحاجةٍ إلي؟
فقط كما استغل البابا القديسة في أستانيا، ألن يُدرك إسكاليون أنني شخصٌ قد يحتاجني في جريبلاتا؟
‘إسكاليون!’
خرجت بيلادونا إلى الممرّ ورأته يقف على الجانب الآخر، على وشك الدخول إلى غرفته.
هرعت إليه بُخطًى سريعة، وبمجرّد أن شعر بقدومها، استدار نحوها.
اقتربت منه بثقةٍ وفتحت رداءها قليلًا.
“ما الذي تفعلينه …؟”
أمسك إسكاليون بالرّداء بوجهٍ مُرتبك.
أوه، ربما هذا ليس المكان المناسب لذلك؟
فكّرت للحظة أنها قد تكون تسرّعت في الاندفاع نحوه بهذه الطريقة دون التفكير.
ابتسمت بتوتّرٍ وأظهرت له بلطفٍ جزءًا من رقبتها.
انظر! كان هناك أثرٌ أحمرٌ هنا، لكنه اختفى تمامًا!
راقبها إسكاليون بصمتٍ وهو يعقد حاجبيه.
“هل استخدمتِ القوّة الشفائية؟”
هزّت بيلادونا رأسها بحماس.
أنا أستخدمها ببراعة!
“ماذا؟! ما الذي كنتِ تفكّرين فيه …!”
تجمد وجه إسكاليون، وأمسك بذراعيها بقوّة.
رفع صوته نحو بيلادونا.
“ألم أُخبركِ ألّا تستخدمي هذه القوّة هنا؟!”
أوه؟ آه، ربما قلتَ شيئًا من هذا القبيل ….؟
لكن، وعلى الرغم من أنني استخدمتُ قوّتي المقدّسة طوال اليوم، إلّا أنني لم أشعر بأيّ إرهاق. ربما كنتُ أمتلكُ جسدًا أقوى ممّا كنتُ أتصوّر.
ارتسمت ابتسامةٌ على شفتي بيلادونا وهي ترفع زوايا فمها.
لا تكن هكذا، استمع إليّ قليلاً. أنا أفضل ممّا تعتقد …
“كح!”
في تلك اللحظة، خرج سعالٌ مفاجئٌ من أعماق جسدها.
غطّت بيلادونا فمها براحة يدها وهي تسعل بهدوء، ثم عادت لتبتسم مجددًا.
لكن كان هناك شيءٌ غير طبيعي. وجه إسكاليون، الذي كان ينظر إليها، بدأ يشحب شيئًا فشيئًا.
همم؟ لماذا…؟ نظرت بيلادونا إليه بوجهٍ مستغرب.
“أنتِ …”
تَبِعت بيلادونا بنظراتها المكان الذي كان إسكاليون ينظر إليه بقلق، ثم خفضت رأسها ببطء.
هاه …؟
نظرت بيلادونا إلى الأسفل لتجد أن كفّها كان مُغطًّى ببقعٍ واضحةٍ من الدم الأحمر.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
الكاتبة بتلعب بأعصاابييي
ترجمة: بلوفياس
تدقيق: مها