Don't let your husband know! - 62
مرَّ إسكاليون بجانب السرير الذي كانت تجلس عليه بيلادونا وفتح باب الخزانة.
بدأ بتقليب الملابس بهدوء، وعلى وجهه تعبيرٌ خالٍ من المشاعر، ثم قال.
“هذه المرّة استمرَّ الوضعُ لوقتٍ طويل.”
“…….”
“قد أنسى صوتَ زوجتي حقًا في هذه الحالة.”
أثناء تقليبه للملابس، وجد سروالًا مصنوعًا من قماشٍ ناعم، فأخذ السروال وخلع الروب الذي كان يرتديه ثم لبِس السروال.
كانت بيلادونا جالسةً على السرير، متيبّسةً بلا حراك، ولم تستطع حتى أن تلتفت لتنظر إليه وهو يبدّل ملابسه، ثم قال.
“الكاردينال نيكولاس يبدو أكثر بشاشةً ممّا توقعت.”
الآن وقد ارتدى ملابسه السفلية، اقترب من بيلادونا وهو يمسح شعره بمنشفة.
“سكبتُ له بعضَ النبيذ، وكلّما رددتُ على كلامه بعباراتٍ مناسبة، بدأ في التحدّث عن البابا بكلّ أريحية.”
“…….”
“بفضله، عرفتُ كم كانت الفاتيكان تخطّط لجني الأموال من هذا الحدث السنوي. هل كنتِ تعلمين أنكِ كنتِ تتلقّسن رشاوى من النبلاء مقابل إظهار قوّتكِ المقدّسة؟”
عقدت بيلادونا حاجبيها مستنكرة.
هل كان البابا يستغلّ القديسة لجني المال من الفعاليات الوطنية السنوية؟
“في كلّ فعاليةٍ وطنيةٍ تحدث سنويًا، كانت القديسة تختار الأشخاص الذين ستشفيهم، لكنهم لم يكونوا من العامة الفقراء بل من الأشخاص الذين يختارهم النبلاء بأنفسهم. وكان النبلاء يتلقّون أموالًا أو مقابِلًا آخر من هؤلاء الفقراء اليائسين.”
“……”
“لو كنتُ أعلم من قبل أن البابا مُغرَمٌ بالمال إلى هذا الحد، كنتُ سأدفع صَدَقةً كبيرة بدلاً من اتّخاذ زوجة.”
شعرت بيلادونا بألمٍ في صدرها.
بدأت تظن أن إسكاليون نادمٌ على زواجه بها.
“ما رأيكِ؟ هل ستفتحين فمكِ أخيرًا؟ يجب أن تخبريني بالمبلغ الذي تطالبين به كتعويضٍ حتى أتمكّن من التفاهم معكِ.”
بدلًا من الرّد، عضَّت بيلادونا شفتها السفلى.
سواء كان تحت تأثير الكحول أو لأنه يعبّر عن مشاعره الحقيقية، كان إسكاليون يتحدّث بحدّة.
“أوه، هل تظنّين أنكِ الأولى التي تطلب مني شيئَا كهذا؟ لا تقلقي، فمنذ أن حصلتُ على منصبٍ وإقطاعيةٍ من الإمبراطور، جاء إليّ الكثير من الناس يطالبونني بالمال مباشرة.”
“…..”
ظلَّت بيلادونا جالسةً بلا حراك، ولم تنبس ببنت شفة.
أخيرًا، نظر إسكاليون إلى وجهها بنفاذ صبرٍ وقال.
“لا يبدو أنكِ ترغبين في الحديث. إذا كنتِ مُصِرَّةً على التمسّك بالكبرياء، فغادري فقط.”
أدار جسده وسار نحو الطاولة بخطواتٍ ثقيلة.
فتح زجاجة النبيذ التي كانت موضوعةً هناك منذ بعض الوقت، وسكب لنفسه كأسًا وشربه دون تردّد.
نظرت إليه بيلادونا بقلق.
كان قد شرب كثيرًا من قبل، فهل من المناسب أن يشرب المزيد الآن ….؟ وضع الكأس الفارغ على الطاولة وقال بصوتٍ منخفض.
“الجميع يرغب في التحدّث إليّ، لكن الشخص الوحيد الذي أريد سماع صوته يرفض الكلام.”
“……”
“زوجتي تظلّ دائمًا جالسةً في صمت.”
اقترب إسكاليون بخطواتٍ ثقيلةٍ نحو بيلادونا، التي كانت لا تزال جالسةً على السرير بلا حراك.
أمسك بذقنها وأجبرها على رفع رأسها لتنظر إليه، وقال ببرود.
“أصبحتُ أشتاق قليلاً إلى سماع صوتكِ. ماذا عليّ أن أفعل لجعلكِ تتحدّثين؟ إن جعلتُ ليلتنا هذه ممتعة …. هل ستُسمعينني مرّةً أخرى أنينَ اللذة؟”
“……”
ظلَّت بيلادونا تحدّق به بصمت، دون أن تنطق بكلمة.
كان غريبًا ومخيفًا.
الرجل الذي كان يتحدّث إليها بهذه النظرات وبهذا الأسلوب لم يكن زوجها الذي تعرفه.
تذكّرت تلك اللحظة قبل أيام، عندما قبّلها بالقوّة وضغط بجسده عليها. لم يعد في عينيه الذهبيتين أيّ أثرٍ للرقّة.
نظر إسكاليون إلى عينيها الزرقاوتين المرتجفتين دون وجهة، فعبس بشدّة. نقر لسانه وهو يخفّف قبضته على ذقن بيلادونا، ثم استدار فجأة.
كان ظهره الضخم، وعضلاته البارزة، واضحين عندما ارتدى الروب الذي التقطه من على الأرض بشكلٍ عشوائي. بدا وكأنه كان على وشك مغادرة الغرفة.
“…. فواق.”
في تلك اللحظة، ارتفع صوتٌ صغيرٌ غير متناسبٍ مع الموقف بينهما.
أوه، لا … أغمضت بيلادونا عينيها بإحساسٍ بائِس.
كان يبدو أن القليل من النبيذ الذي شربته مع سيندي هو السبب في هذا الفواق غير المناسب.
أرجوك، أتمنى أنه لم يسمع ….
” ‘فواق’؟”
توقّف عن المشي.
سَمِع إذن … لقد انتهيتُ.
فقط أكمِل خُطاكَ وغادِر …. أرجوك، غادِر …
استدار إسكاليون ببطء، ونظراته المظلمة انغرست في بيلادونا.
“أأصدرتِ صوتًا للتوّ؟”
ارتفعت زاوية فمه بشكلٍ خطير، نظرت إليه بيلادونا بوجهٍ متوتّر. بعد لحظات، ضحك فجأةً بصوتٍ عالٍ.
“ها، أن تعبث بي القديسة هكذا …. حالتي مُضحكة.”
انحنى ليضع يده على جبهته، أخذ نَفَسًا عميقًا ثم قال بصوتٍ منخفضٍ جدًا.
“اخرجي.”
“…….”
“كما ترين، شربتُ الكثير من النبيذ، ومن الصعب أن أتمالك نفسي أكثر من ذلك.”
رغم أن صوته كان مختلفًا تمامًا عن المعتاد، إلّا أن بيلادونا لم تتحرّك.
كانت تشعر أنها إذا غادرت الغرفة الآن، فلن تراه مرّةً أخرى أبدًا. وأنه سيتركها، وينسى أمرها عندما تغادر مع نيكولاس إلى أستانيا.
بعد لحظات، رفع إسكاليون رأسه واستدار نحو الباب وفتحه على مصراعيه.
“هل عليّ فتح الباب لكِ لتخرجي؟”
ابتلعت بيلادونا ريقها بصعوبة، ثم هزّت رأسها ببطء، رافضةً الإشارة إلى الممر.
بمجرّد أن تأكّد من رفضها، عبس إسكاليون بشدّة.
“هل تمزحين معي؟”
“……”
“قلتُ لكِ أنني سأفعل ما تريدين. قلتُ أنني سأُنهي حياتكِ المقيتة في جريبلاتا بيدي، وأتحمّل كلّ المسؤولية، وأمنحكِ التعويض الذي كنتِ تتمنّينه.”
ارتفع صوته، وزادت سرعة تنفّسه.
“أليس هذا كافيًا؟ تبًّا، اذهبي إلى غرفتكِ واحزمي أمتعتكِ واستعدّي للرحيل إلى أستانيا!! لماذا تستمرّين في النظر إليّ بتلك العيون؟!!”
“……”
“إذا كان لديكِ شيءٌ لتقوليه، فقوليه. أرجوكِ.”
توقّف إسكاليون للحظةٍ ليلتقط أنفاسه، وساد الصمت الثقيل أرجاء الغرفة.
تنفّس بصعوبة، ثم أسدل رأسه ورفع يده ليغطّي عينيه. بعد لحظات، تحدّث بصوتٍ أكثر انخفاضًا.
“إذا لم تخرجي الآن، سأُجبركِ على الكلام. سواءً بخنقكِ بشدّة، أو بإحداث جروحٍ في جسدكِ النحيل، سأجعلُكِ تتحدّثين بأيّ طريقةٍ كانت.”
“……”
“لذا عليكِ الاختيار.”
لكن بيلادونا لم تتحرّك.
ليس لأنها كانت خائفةً منه لصراخه وحثّه لها بالخروج، بل كانت تتألّم لرؤيته بهذه الحالة.
بعد لحظات، سحب يده التي كان يغطّي بها وجهه، وأغلق الباب بقوّة. توجّه بخطواتٍ سريعةٍ نحو بيلادونا التي كانت جالسةً على السرير.
“لقد جلبتِ هذا لنفسكِ.”
أمسك بكتفيها بكلتا يديه وضغط عليهما، ثم عضَّ رقبتها.
عبس وجه بيلادونا، التي سُحِقت تحته في لحظة. شعرت بالألم من اللمسة الخشنة الغير مألوفة، لكن جسدها بدأ يشتعل في الوقت ذاته.
جذبها إسكاليون بيده إلى أعلى السرير، وسمعت صوت سقوط ملابسها على الأرض، ممزّقةً بعد أن سحبها بعنف.
أمسكت بيلادونا بكتفيه القويّين، ودفنت وجهها في الوسادة.
* * *
في صباح اليوم التالي، استيقظ إسكاليون على شعورٍ بالعطش الشديد. وهو مُغمَضُ العينين، مدّ يده ليبحث عن زجاجة ماءٍ على الطاولة الصغيرة بجانبه، لكنه فوجئ بإحساسٍ غريبٍ بالقرب منه، ممّا دفعه إلى فتح عينيه فجأة.
إلى جانبه، كانت امرأةً صغيرة الجسد، مستلقيةً على جانبها، عارية الظهر.
ما هذا ….. تصلّب وجه إسكاليون وهو يعبس ويحاول أن يتذكّر ما حدث.
لقد كان يشرب بكثرةٍ مع الكاردينال نيكولاس اللعين، ويبدو أن ذاكرته خانته في بعض الأجزاء.
“لقد جلبتِ هذا لنفسكِ.”
تذكّر كلماته التي قالها لبيلادونا الليلة الماضية على السرير، فأطلق تنهيدةً خفيفةً ومرّر يده على جبهته.
خطرت في ذهنه كلّ أنواع الشتائم الموجّهة لنفسه. وغدٌ لعين …
رفع إسكاليون، الذي كان يشعر بالذنب للحظة، بصره ببطء.
سُحقًا، أهذا ما فعلتُه؟
كان ظهر بيلادونا الأبيض وذراعيها النحيلتين مغطّيين بعلاماتٍ حمراء زاهية.
لم يستطع أن يتذكّر كلّ شيءٍ على وجه التحديد، لكنه كان متأكّدًا من أنه دفعها وضايقها كثيرًا. لم يستطع أن يحدّد ما إذا كان ذلك بسبب الكحول أو المشاعر التي كانت تتراكّم بداخله، لكنه كان بلا شك لم يكن في وعيه الليلة الماضية.
‘إذن، هل أخرجت صوتها أخيرًا؟’
سأل إسكاليون نفسه، وهو يعرف الجواب.
لم تُصدِر بيلادونا، وهي ترتجف تحته بلا حولٍ ولا قوّة وتتنفّس بصعوبة مع دموعها المُنهمِرة، أيّ صوت.
تذكّر وجهها المظلوم عندما كانت تدّعي أن صوتها لم يخرج.
‘فجـ . ــأة. صو . تي ….’
“نعم، صوتكِ لا يخرج.”
لقد تحدّثت معه من قبل بكلّ سلاسة، لذلك لم يكن هناك سببٌ ليجعل صوتها، المتدفّق بشكلٍ طبيعي، لا يخرج فجأة.
لكن إذا كانت تصرّ على إخفاء صوتها إلى هذا الحد …
توقّف نظر إسكاليون على جسد بيلادونا المتضرّر.
“…..”
كلّ تلك العلامات الحمراء …
دون أن يدرك، مدّ يده ولمس جسدها برفق. ارتجفت بيلادونا في نومها عند تلك اللمسة.
‘اللعنة …’
شعر بالغصّةٍ التي اجتاحته تضغط على نَفَسه. لستُ حتى وحشًا، ما الذي فعلتُه …
فكّر في الليلة الماضية، وكيف يمكن أن تكون قد مرّت بشكلٍ لا يُحتَمل على بيلادونا، وشعر بألمٍ يزداد داخله.
وفي تلك اللحظة، تقلّبت بيلادونا وهي نائمة، لتواجهه. صُدِم إسكاليون وسحب يده على الفور.
نظر إليها بعينين شاردتين، ثم تمتم لنفسه.
” …. أيها الأحمق.”
كان الوضع من الجهة الأمامية أسوأ بكثير. بالكاد كانت هناك منطقةٌ سليمةٌ في جسدها.
شعر إسكاليون برغبةٍ عارمةٍ في أن يصفع نفسه بقوّةٍ بينما ينهض من مكانه.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: بلوفياس
تدقيق: مها