Don't let your husband know! - 55
عندما سمع بالأمر لأوّل مرّة، اعتقد أن بيلادونا غادرت القلعة بمفردها لأنها لم تتمكّن من البقاء لآخر شهر. الآن بعد أن فهم ما تنوي فعله، أرادت العودة إلى أستانيا في أقرب وقتٍ ممكن.
لكن الهواجس المشؤومة التي ظلّت ترنّ في رأسه جعلت إسكاليون يهتزّ.
“منذ متى؟”
“لقد تأكّدتُ من ذهابها إلى لنوم الليلة الماضية، لكنني لم أرها منذ هذا الصباح. غير موجودةّ في أيّ مكانٍ في القلعة.”
“أيّ عربةٍ مفقودة؟”
“ليس هناك واحدة. ليس هناك عربةٌ واحدةٌ مفقودة.”
أجاب وولف بالدموع في عينيه.
شدّ إسكاليون فكّه السفلي.
“مـ …. ماذا إن تمّ اختطافها فجأةً أو تعرّضت لحادث ….”
“لا تتخيّل الأمور كما يحلو لك وقُل لي بشكلٍ صحيح. هل هناك سببٌ يجعلكَ تعتقد ذلك؟”
“أوه، لم يكن هناك ما يشير إلى أنها أخذت أيّ شيءٍ من الملابس أو الطعام إلى الأحذية، بل كانت البطانية في حالةٍ من الفوضى كما لو كانت قد نهضت للتوّ من السرير.”
استدار إسكاليون حوله على الفور.
لقد كان الجو باردًا بشكلٍ رهيب.
وإذا اختفت دون أن ترتدي ملابس مناسبة، فمن الواضح أن جسدها الضعيف لن يصمد طويلاً.
لماذا فعلتِ مثل هذا الشيء الغبي ……
لم يستطع أن يفهم سبب اختفائها فجأة، ولم يستطع حتى أن يخمّن غَرَضها. كان يظنّ أنه يعرف زوجته جيدًا، لكنه في الحقيقة لم يكن يعرف عنها شيئًا.
“ما هي الأماكن التي بحثتَ فيها حتى الآن؟”
اندفع وولف، الذي كان يجلس على الأرض، بسرعةٍ وطارده.
“لقد بحثتُ في كلّ شبرٍ من القلعة، حتى في تلك الأماكن التي لم تطأها قدمها من قبل قط.”
“ماذا عن خارج القلعة؟”
“الفرسان يستعدّون للبحث؛ ولكن بدون إذن السيد، لم نستطع التحرّك حسب الرغبة ….”
“أخبرهم أن يبدأوا في تفتيش القُرى والغابات المحيطة بها على الفور.”
“عُلِم! أنتَ هناك! أبلِغ السير جراهام بالأمر الآن!”
أدار وولف رأسه وصرخ، وأومأ الخدم من حوله وركضوا في اتجاهاتٍ مختلفة. بدا أنهم يركضون إلى الفرسان الذين يبحثون حول القلعة.
“أحضِر خادمة زوجتي.”
وبعد لحظات، ظهرت أمامه سيندي التي كانت مغطّاةً بالدموع أيضًا.
“سـ سيدي …..”
“متى كانت آخر مرّةٍ رأيتِ فيها زوجتي؟”
“في المساء …. ساعدتُها في الاستحمام مساء أمس وخرجتُ بعد أن رأيتُها تستلقي على السرير.”
“هل شعرتِ بأيّ شيءٍ بشكلٍ خاص؟”
“بدا تعبيرها مظلمًا بعض الشيء في ذلك اليوم، لكنني اعتقدتُ أن السبب هو أن اللورد لم يكن حاضرًا. كان يجب أن أعتني بها أكثر قليلًا …. أنا آسفة ….”
انحنت سيندي بعمقٍ وبكت.
تنهّد إسكاليون، الذي كان ينظر إليها، وهو يمشّط الشعر الذي كان يتدفّق على جبهته.
ما الذي …… هل هربت من المنزل لأنها كانت في مزاجٍ سيئ؟ لم أعتقد أبدًا أنها ستكون امرأةً لتفعل مثل هذا الشيء الغبي.
“سـ …. سيدي! لم أرَ إيمي!”
ثم سمع أحدهم يصرخ من بعيد.
صرخت الخادمة بصوتٍ عالٍ، واندفعت إلى المقدّمة أمام إسكاليون وأخذت نفسًا للحظة.
“مَن تلك؟”
“خادمةٌ تعمل في قلعة جريبلاتا منذ فترةٍ طويلة. ولم تأخذ يوم إجازةٍ حتى، لكن من الغريب أنني لم أرَ أنفها منذ هذا الصباح …. لقد قمتُ بالبحث للتوّ ولكن جميع الأمتعة المتعلقة بها قد اختفت ….”
“ما المهم الآن في أن خادمةً لم تُرَ؟”
صرخ إسكاليون بعصبية.
فتحت سيندي، التي وقفت واستمعت إلى محادثتهم، فمها بسرعة.
“مـ مفقودة …! لم أخبركَ على وجه الخصوص لأنني اعتقدتُ أن الأمر ليس مهمًّا جدًا للوضع الحالي، ولكن هذا الصباح وجدتُ أن بعضًا من مجوهرات سيدتي مفقودة.”
“ماذا؟”
“الكثير من المجوهرات التي أحضرتها سيدتي بشكلٍ منفصلٍ قد اختفت.”
أصبح تعبير إسكاليون وهو يستمع إلى قصة سيندي أكثر صلابة.
قذفت الخادمة التي تقف بجانبه بوجهٍ مشوّش.
“ماذا؟ هل سرقتهم إيمي؟ لحظة، لحظة، هل يعقل أنها اختطفت ….”
تبادلت الخادمة وسيندي العيون القلقة.
صرخ إسكاليون عندما اقترب من الحصان الذي كان يركبه لفترةٍ من الوقت.
“طارِدوا أثر الخادمة المفقودة.”
* * *
“سيدتي ….”
“سيدتي …! أين أنتِ؟”
استمرّ البحث عن بيلادونا طوال الليل.
قطع إسكاليون، الذي أعاد الخدم المُرهَقين من البرد أولاً وقاد فقط نخبة فرسان جريبلاتا لتسلّق الغابة، بعصبيةٍ فرعًا كان يحجب رؤيته.
“آثار الهارب تمتدّ إلى الغابة.”
وبناءً على الأدلّة مثل آثار الأقدام والظروف المختلفة، قيل إن هناك شريكًا آخر. كانت هناك أيضًا آثار سحبٍ على الأرض كما لو أنهم حرّكوا شيئًا ثقيلًا، لكني آمل فقط أنها ليست هي التي فقدت وعيها.
“في هذه الأثناء، تراكمت الثلوج، وليس من السهل العثور على آثار!”
“من الصعب أيضًا تأمين الرؤية ….”
كنتُ أسمع صراخ الفرسان هنا وهناك.
صحيحٌ أننا تَبِعنا آثار دخولهم هذه الغابة، لكن كان من الصعب العثور على آثار الهاربين بعد ذلك.
لو كنتُ أعلم أن هذا سيحدث، ندمتُ لأنني ذهبتُ إلى جبلٍ بعيدٍ لأجمع أفكاري ولم أبقَ هنا في القلعة.
اقترح جراهام وهازل اللذان اقتربا.
“إسكاليون، الجو مظلمٌ للغاية الآن. لماذا لا تبدأ البحث مرّةً أخرى عندما ينبلج الفجر؟”
“هذا صحيح، سيدي، لا يمكننا أن نفعل أيّ شيءٍ في هذه المرحلة، نحن فقط نُهدِر القوّة البدنية للفرسان. إذا فعلنا ذلك بشكلٍ خاطئ، فمن الممكن أن نتكبّد خسائر من جانبنا.”
نظر إسكاليون بصمتٍ إلى الغابة المظلمة.
كانت هناك رياحٌ باردةٌ قارسة. إذا كانت ترتدي تلك البيجامة المخملية التي تحبّ ارتدائها في الليلة الماضية ….
سرعان ما فتح فمه ببطء.
“خُذ الفرسان وعودوا.”
“سيدي …..”
“سأبحثُ أكثر.”
وعندما انتهى من الكلام، تقدّم مرّةً أخرى.
نظر جراهام وهازل إلى بعضهما البعض بوجهٍ مُرتبك، ثم تحرّكا مرّةً أخرى.
“دعنا نبحث بضع ساعاتٍ أخرى!”
“أكثر قليلاً!”
ركض إسكاليون وحده عبر طريق الغابة المظلمة تارِكًا وراءه صراخ الفرسان. لقد كانت حركةً خفيفةً وسريعةً بشكلٍ لا يُصدَّق لدرجة أنه لا يمكن أن يكون نفس الشخص الذي كان يتجوّل من مكانٍ إلى آخر دون أن ينام بشكلٍ صحيحٍ لمدّة يومٍ واحد.
على أيّ حال، كان من الصعب على الهاربين تحمّل البرد، وكان من الواضح أنه سيكون هناك مكانٌ للاختباء، مثل كهفٍ أو عشّ شجرةٍ كبيرة.
“هناك كهفٌ أمامنا!”
وبعد وقتٍ قصير، تم العثور على الكهف في مكانٍ غير بعيدٍ عن مكان البحث.
وقف جراهام على صخرةٍ كبيرةٍ ونظر حوله، وصرخ في وجههم.
“تعالوا إلى هنا!”
“نعم!”
استدار إسكاليون وأسرع إلى الكهف، يتبعه الفرسان الذين يركضون بسرعة.
“آرغه ….!”
“أيّ نوعٍ من الروائح هذه ….”
بمجرّد دخولهم، شعروا برائحةٍ كريهة. دخل إسكاليون إلى الداخل دون تردّد، وغطّى وجهه بذراعه المرفوعة.
عندما أضاء الفرسان مشاعلهم، ظهرت آثار حريقٍ تدلّ على وجود شخصٍ ما حتى ساعاتٍ قليلةٍ مضت.
“لابدّ أن شخصًا ما أتى إلى هنا!”
“أوه، هذا ….. بالمناسبة …….”
الفرسان، الذين وجدوا شيئًا، تلعثموا في كلماتهم وتوقّفوا عن المشي.
بجوار مسار النار، كانت هناك قطراتٌ من الدم يبدو أنها انسكبت للتوّ. ابتلعوا لعابهم الجاف للحظة، ثم نظروا حولهم مرّةً أخرى، فقدوا كلماتهم عند الأثر المشؤوم.
“هنا أيضًا …. هناك أيضًا أثر دب. يـ يبدو وكأنه كان يحمّل شيئًا بفمه ….”
“ماذا؟ تكون الدببة في سُباتها الآن.”
“هذا صحيح. لا أعرف ماذا حدث ….”
“هل أيقظ أحدهم دبًّا؟ ياللجنون ….”
واصل إسكاليون طريقه، الذي وقف ساكنًا ويراقب كلّ شيء، وهو يدفع بقوّةٍ الأشخاص المحيطين به.
“….”
كان الدم الأحمر يقطر بجوار كومةٍ من نيران الحطب الباردة. كما كان ملحوظًا أيضًا وجود قطع القماش التي سقطت بشكلٍ عشوائيٍّ وكأن أحدًا قطعها.
آثار أقدام الوحش المنحوتة على أرضية الكهف، وآثاره في عضّ شيءٍ ما وتحريكه، وبقع الدم التي تمتدّ على طول آثار الأقدام وتختفي في النهاية ….
أحكم إسكاليون قبضته المرتجفة.
“إسكاليون ….”
اقترب جراهام ووضع يده على كتفه.
من الناحية الموضوعية، كان من غير المرجّح أن يكون الشخص الذي يبحثون عنه على قيد الحياة على الإطلاق. كانت الغابة مليئةً بالحيوانات الجبلية التي تستهدفها، إلى جانب البرد الشديد، والهاربين الذين اختطفوها بإصرار.
لذا فهي على الأرجح ……
أصبح تنفّس إسكاليون، يقف ساكنًا وهو ينظر إلى الآثار، أكثر قسوة.
سرعان ما أدار جراهام، الذي وقف بجانبه وراقبه بهدوء، رأسه وقال للفرسان.
“دعونا ننظر إلى أبعد من هنا قليلاً ونعود لهذا اليوم! لنستأنف الباقي بمجرّد حلول صباح الغد!”
“عُلِم!”
“نعم، عُلِم!”
ما قصده هو استعادة الجثة إذا تمكّنوا من العثور عليها.
في ذلك الوقت، كان إسكاليون يقف بلا حراكٍ كما لو كان مُسمَّرًا في مكانه ويتنفّس بعنف، خرج من الكهف بعينيه الدامية.
أخرج سيفًا طويلًا من خصره وبدأ يقطع حوله بشكلٍ محموم.
“إسكاليون! اهدأ!”
“أ-أيّها القائد!”
أوقفه جراهام وهازل وصرخا.
“اتركاني.”
بصق إسكاليون، الذي أمسك الاثنين بذراعيه، بصوتٍ منخفض. شدّ فكّه السفلي كما لو كان يكبح الغضب المتصاعد.
“إسكاليون! استيقظ وانظر مباشرةً إلى الوضع الآن! هناك فرصةٌ ضئيلةٌ جدًا لبقائها على قيد الحياة!! أنتَ تعرف أفضل من أيّ شخصٍ آخر!”
“أيّها القائد! اهدأ…! سوف تتأذّى هكذا! عليكَ أن تفكّر بعقلانيةٍ في مثل هذه الأوقات!”
“قلتُ لكما أن تتركاني!”
أرجح إسكاليون ذراعيه وهو يصرخ بقوّة. سقط الرجلان العملاقان اللذان كانا يمسكان به بلا هوادةٍ وتدحرجا على الأرض.
“إذا كان هذا ما سيحدث ….”
غمغم إسكاليون وهو يصرّ على أسنانه.
رنّ ضحك بيلادونا المنخفض في أذنيه.
“اللعنة على هذا، إذا كان هذا ما سيحدث، لماذا تَبِعتِني إلى جريبلاتا!”
صرخ بصوتٍ متحشرجٍ وأرجح السيف الطويل حوله. انقطع الفرع الذي كان يحجب الرؤية وسقط على الثلج.
لم أستطع أن أصدّق ذلك. كان من الصعب أن أصدّق أنني لن أرى الجسد الصغير الذي كان بين ذراعيّ على سريري حتى أيامٍ قليلةٍ مضت.
مثل والدي عندما كنتُ طفلاً، فإن حقيقة أنني فقدتُها دون أن أفعل أيّ شيءٍ مرّةً أخرى كانت أيضًا غير واقعية.
نظر إسكاليون، الذي كان يتنفّس بصعوبة، حوله بعصبيةٍ ومضى قُدُمًا. تقود بقع الدم وآثار الأقدام القاتمة إلى هنا.
ووش.
في تلك اللحظة، سمع صوت شيءٍ يتحرّك في المسافة.
نظرًا لحساسيته لأدنى صوت، ركض إسكاليون إلى هناك بشكلّ أسرع من أيّ شخصٍ آخر.
وبينما كان يقطع الفروع التي تغطّي عينيه على عجل، تمكّن من رؤية ورك الدب المستدير يختفي بسرعةٍ أسفل المنحدر.
“….!”
توقّف إسكاليون عن مطاردته العاجلة على الفور.
كان ذلك بسبب شيءٍ ما التقطته عينيه من الأسفل.
أخذ نفسًا واحدًا وخفض رأسه ببطءٍ شديد. كان خائفًا جدًا ممّا سيراه قريبًا، لكنه لم يستطع التوقّف.
“…..”
سرعان ما ذهبت عيون إسكاليون الذهبية إلى مكانٍ ما على الأرض وتوقّفت. كان هناك جسدٌ صغيرٌ مُلقًى على حقلٍ من الثلج الأبيض.
استلقت بيلادونا على الثلج، مُلتفَّةً على جانبها، كما لو كانت ميتة.
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1