Don't let your husband know! - 37
أنا متأكدة من أنها قالت أنها ستسير من هذا الطريق ….
واصلت بيلادونا النظر حولها ومشت.
لم يكن من الصعب مواكبة سيندي الهادئة المعتادة، لكنها كانت تائهة لساعاتٍ وكانت في عجلةٍ من أمرها. يبدو أنها تحرّكت بسرعةٍ في مَهمّة اصطحاب بيلادونا إلى المكان الذي يُباع فيه مظاريف الرسائل.
‘إذا استمرّيتُ هكذا سأضيع حقًا بهذا المعدل …’
إذا لم ينجح الأمر، يمكنها ان تتمسّك بأيّ شخصٍ وتطلب المساعدة، ولكن حتى ذلك كان أكثر من اللازم بالنسبة لها التي لا تستطيع التحدّث.
‘هل يجب أن أبقى في مكاني فقط؟’
في العادة، بالنسبة لأولئك الذين أضاعوا طريقهم، كان الخيار الأفضل هو الوقوف ساكناً والانتظار في المكان الأصلي بدلاً من التجوّل بحثاً عن الشخص الذي جاء معهم.
في لحظةٍ ما ستلاحظ سيندي أنني لستُ هناك وستعود للبحث عني …. وبطرقٍ عديدة، بدا ذلك أفضل.
استدارت بيلادونا بسرعةٍ وذهبت إلى مفترق الطرق حيث كانت مع سيندي منذ فترةٍ قصيرة، ووقفت مقابل جدار الزاوية. إذا وقفتُ هنا، فستأتي وتأخذني معها، أليس كذلك؟
“….”
عندما تراجع قلقها ببطء، بدأت تلمح المناظر الطبيعية المحيطة بها. وقفت بيلادونا ساكنةً ونظرت إلى الشوارع المزدحمة في وسط مدينة سيرلينيا.
أولئك الذين انتقلوا بأحمالٍ كبيرةٍ تجاذبوا أطراف الحديث وساروا بجوار بيلادونا. بدا الأمر كما لو أن بيلادونا استشعرت حتى أن الهدوء والفرح الذي ملأ وجوههم.
“ضع كل الفواكه المجفّفة هنا!”
“أحتاج إلى شراء بعض القطن السميك لبطانيتي.”
“أحتاج إلى خيطٍ إضافي، لذا لا تنسَ!”
أعتقد أن الشتاء هو الشتاء.
في نظر بيلادونا، سار عامّة الناس المبتسمون بجد.
يبدو المشهد في منتصف الشتاء مألوفًا واعتياديًّا لها، لذا انزلقت زوايا فم بيلادونا.
‘اعتدتُ أن أكون مشغولةً للغاية في الشتاء ……’
ومع ذلك، ربما بسبب حصاد العديد من المحاصيل هذا الخريف، لم تكن تعبيرات عامّة الناس سيئة. وظلّت بيلادونا تراقبهم، معتقدةً أن ذلك كان أمرًا مريحًا.
“أوه!”
ثم قام شخصٌ ما بالنقر على كتف بيلادونا.
عندما نظرت إلى الوراء بذهول، كانت امرأةٌ تمشي وصندوقًا مرتفعًا يحجب رؤيتها. انحرفت بيلادونا عن طريقها في دهشة. هل تحتاج للمساعدة؟ يبدو أن هناك الكثير من الأمتعة ……
“أوه! أنا آسفة يا آنسة، لا أستطيع الرؤية جيدًا.”
كانت تمدّ ذراعيها بشكلٍ غامض، ولا تعرف ماذا تفعل، عندما قالت المرأة التي أخرجت وجهها من الجزء الخلفي للصندوق لبيلادونا بابتسامةٍ كبيرة.
أومأت بيلادونا برأسها وابتسمت كما لو كان الأمر على ما يرام.
ثم …… كما هو الحال دائمًا، اعتقدت أن نظرة الوَجْد أو المفاجأة ستستقبلها بعد رؤية ابتسامتها، لكن المرأة التي تواصلت بصريًا مع بيلادونا حرّكت نظرتها كما لو لم يكن هناك شيءٌ مهم وتركت طريقها دون أيّ ندم.
‘هاه؟ الآن فقط …….’
تُرِكت بيلادونا بمفردها، رمشت عينيها وأدارت رأسها ببطء. وضعت عينيها في مؤخرة رأس المرأة، وعينيها مفتوحتين على وسعهما.
هل ستغادر هكذا؟ أنا متأكّدة من أنها قامت بالتواصل البصري معي …؟
“….”
مرّ وقتٌ طويلٌ منذ أن رأيتُ ردّ الفعل هذا. لقد مرّ وقتٌ طويلٌ حقًا لدرجة أن هذا أربكني.
منذ استيقاظها كقديسة في أستانيا، كانت عيون الناس تجاهها دائمًا هي عيون عامّة الناس الذين يكنّون الإعجاب والحب والاحترام، أو الأرستقراطيين الذين يريدونها ولكنهم يتجاهلونها سرًا.
منذ ذلك الحين، حتى بعد الزواج من إسكاليون والانتقال إلى جريبلاتا، تمّت إضافة حذر الناس وحدودهم كزوجة اللورد فقط، ولم يتغيّروا كثيرًا.
معظم تلك النظرات كانت مُرهِقة وغير مريحة، وبعضها كريهٌ وحتى خانق. كان عددٌ كبيرٌ من الأشخاص غير المحدّدين الذين لم يكن لديها علمٌ بهم يعرفونها، وكان الجميع يراقبونها.
‘قبل بضعة أسابيع، استمتعتُ لفترةٍ وجيزةٍ بمهرجان جريبلاتا مع إسكاليون وأنا أرتدي زيّ العامّة، لكن بعض الأشخاص سريعي البديهة نظروا إليّ بنظراتٍ مريبة. لكن هذا رد الفعل الطبيعي تمامًا …. لقد مرّت فترةٌ طويلةٌ جدًا.’
أدارت بيلادونا رأسها ونظرت حولها وهي واقفةٌ في مكانها.
لم ينظر أيٌّ من المارّة إلى بيلادونا نظرةً طويلة. توقّف بعض الرجال ونظروا إلى الوراء وكأنهم تفاجأوا بجمالها، لكن ذلك لم يكن سوى لحظة.
‘آه ….. في سيرلينيا، ليس في أستانيا ولا جريبلاتا، هناك عددٌ قليلٌ جدًا من الأشخاص الذين يعرفون من أنا ….’
إذن هنا كانت بيلادونا شخصًا عاديًا تمامًا، ليست قديسةً ولا زوجة اللورد.
بمجرّد أن أدركت الحقيقة، نشأ في ذهنها إثارةٌ غير معروفة. كان قلب بيلادونا يرتجف بشكلٍ غريب، وكأنها أصبحت طائرًا محاصرًا يحدّق في باب قفصٍ مفتوحٍ على مصراعيه.
‘لا أحد يعرفني …..’
هنا، كان من الجيد ألّا يراها الناس كقديسةٍ وزوجة سيد جريبلاتا.
في الحرية التي تذوّقتها لأوّل مرّةٍ منذ أن فتحت عينيها وهي ‘بيلادونا’، بدأ قلبها ينبض.
“….”
ثم …!
دخلت بيلادونا ببطءٍ وسط الحشد، وهي تبتلع لعابها الجاف. كانت تشعر بالمارّة وهم ينظرون إليها وهي تعترض طريقهم، لكنها سرعان ما اختفت.
“لا تقفي في الطريق، سيدتي.”
“أنا آسفة ….”
ربما كانت مرتاحةً للغاية، خرج صوتها دون أن تدرك ذلك. مندهشة، رفعت بيلادونا إحدى يديها وأغلقت فمها.
أوه، مهما كانوا لا يعرفونني، هذا لا يمكن …..!
لكن الشخص الذي تحدّث إلى بيلادونا استدار ومرّ بجوارها دون أيّ ردّ فعلٍ يُذكَر. أزالت بيلادونا يدها من فمها ببطءٍ ونظرت إلى الناس. لم يكن أيٌّ من الأشخاص الذين كانوا يسيرون على هذا الطريق يهتمّون بها كثيرًا.
‘آه ….’
قامت بيلادونا بقبض راحتيها على الجانب.
كانت تعلم أنها كانت في حالة اندفاعٍ كبيرةٍ الآن، لكنها فكّرت أنها لا تريد تفويت هذه الفرصة.
لم أكن أرغب في الهروب من إسكاليون أو البابا، لكن فكرة أنني أريد الاستمتاع بالحريّة الممنوحة لي لفترةٍ من الوقت هيمنت على السبب غير المستقرّ.
“….”
أدارت بيلادونا رأسها ونظرت مرّةً أخرى إلى الزقاق الذي اختفت فيه سيندي. ولم تظهر أيّ علامةٍ على عودتها بعد.
كان العقل المتألّم وغير المعقّد يدفعها باستمرارٍ إلى اتخاذ قراراتٍ غير مألوفة.
‘لا بأس إذا كان لفترةٍ قصيرةٍ جدًا، لذا فقط للحظة ….’
في الوقت المناسب. أخذت بيلادونا، التي زفرت نفسًا صغيرًا، خطوة. أينما كان، أرادت أن تذهب.
ولو للحظةٍ واحدة، أرادت أن تنظّم أفكارها وحدها، وتتجنّب أعين الجميع.
* * *
” أيّها الطائر …. الجميل المهاجر ….”
جلست بيلادونا، التي وقفت ساكنةً ومتردّدةً على تلّةٍ صغيرةٍ بعيدةٍ قليلاً عن المدينة، بشكلٍ مضطرب. بينما كانت تتجوّل دون أن تقرّر وجهةً ما، بدا وكأنها تابعت الأغنية المألوفة مرّةً أخرى دون أن تدرك ذلك.
‘عندما خرجتُ من المكان المزدحم ذاك، وجدتُ نفسي في هذه المنطقة الفسيحة.’
نظرت بيلادونا إلى الطريق الذي سلكته، وسرعان ما جذبت ركبتيها ولفّت جسدها، ونظرت إلى المزارعين في الأسفل.
على الرغم من الطقس البارد، كان الأشخاص الذين يعانون من الحرارة والسخونة يحرّكون أجسادهم باستمرارٍ باجتهاد.
“أنشر جناحيك، كبيرة كالأيْك …. غنِّ الأمل، الذي يسكن مقلتيك ….”
ورغم الانشغال، استمرّت الأغنية.
راقبتهم بيلادونا وأسندت خديّها على ركبتيها. رفرفت الريح التي هبّت في الوقت المناسب شعرها بخفّة.
كنتُ محظوظةً لأن ارتديتُ ملابس دافئة والشكر لسيندي سيندي، لم يكن الجوّ بتلك البرودة وكانت شمس الشتاء تسطع جيدًا فوق الحديقة.
‘إنه مسالم.’
أغمضت بيلادونا عينيها بهدوءٍ على الحريّة والهدوء الذي شعرت به مع عدم وجود أحد.
“في أعلى السماء …. شمس المساء …. نزلت إلى الأرض، وجلست برخاء ….”
عندما أغمضتُ عينيّ واستمعتُ إلى أغاني العمّال، شعرتُ وكأنني عدتُ إلى حياتي السابقة. شعرتُ بأن هذه اللحظة جميلةٌ جدًا، كما لو كنتُ آخذ قسطًا من الراحة بعد العمل الجاد طوال اليوم.
في هذه اللحظة، الفاتيكان في أستانيا، البابا، سكارليت، وإسكاليون …… لا شيء عنهم أقلقني.
“….”
فتحت بيلادونا عينيها ببطء بعد أن ظلّت ساكنةً لفترةٍ طويلةٍ لتهدئة عقلها المعقّد.
‘على أيّ حال، قريبًا …..’
بعد الطلاق، لن أرى إسكاليون مرّةً أخرى. لذلك كان من الأفضل أن أترك هذه المشاعر المعقّدة والخرقاء والتي لا داعي لها التي هنا أو في جريبلاتا معه.
‘حتى لو كنتُ أحبّه ……’
بالتفكير في الأمر وحده، شعرتُ أن قلبي الذي كنتُ أحاول قمعه أصبح يتألّم مرّةً أخرى.
آه، لماذا كان عليّ أن أشعر بهذه الطريقة تجاه زوجي الذي سأطلّقه قريباً …..!
هزّت بيلادونا، مع عينيها مغلقة، رأسها بسرعة. دعنا ننسى، دعنا ننسى! سيعيش في سعادةٍ دائمةٍ مع عشيقته إذا اختفيتُ على أيّ حال! كلّما حدث هذا أكثر، كلّما خسرتُ أكثر!
“المكان بأكمله مملوءٌ بالطاقة الحمراء ….”
انتقلت أغاني العمل المستمرّة للمزارعين من بعيدٍ وتناثرت في أذنيها. نظرت بيلادونا إليهم للحظةٍ وفتحت شفتيها ببطء.
كان المزارعون يغنّون أغاني العمل ليس فقط للهروب من العمل الشاق، واستعادة القوّة، والعثور على مُتَعٍ صغيرة، ولكن أيضًا لتبديد الأفكار المتنوّعة غير المفيدة. لذا أنا أيضًا، ولو للحظة ….
سرعان ما تدفّقت همهمةٌ صغيرةٌ من خلال الشفاه المفتوحة.
“همم همم …. همم همم ..”
الطنين، الذي بدأ بالهمس، اكتسب تدريجياً صوته الخاص.
عندما ركّزتُ على الكلمات التالية التي لم أتمكّن من تذكّرها جيدًا، بدا أن أفكاري حول إسكاليون تتلاشى.
“همم همم … تواجهني … على وجهك …. وابتسامتك الفخورة التي لا تفارق وجنتيك ….”
خفّت تعابير بيلادونا تدريجياً، التي كانت تغنّي بصوتٍ منخفض. ومع مرور الوقت شعرت بتحسّن.
كانت أغنية العمل المفضلة لديها دائمًا بمثابة راحةٍ لها. لذلك، حتى في الفاتيكان، كانت تغنّي الأغاني سرًّا عندما لا يكون هناك أحد.
” …. في أيّ وقتٍ أنظر إليها …. آسرةٌ بهيّة ….”
ابتسمت بيلادونا بهدوءٍ بعد أن غنّت أغاني المزارعين لفترةٍ طويلةٍ ونطقت البيت الأخير بصراحة. بالتفكير في الأمر، عندما التقت بإسكاليون لأوّل مرّة ….
“طائرٌ صغيرٌ جميلٌ …. يطير نحـ … يا إلهي!”
في ذلك الوقت، ظننتُ أنه سمع صوتي حقًا، لكن أعتقد أنه كان مشغولاً بالنوم بصدق لأنه لم يقل شيئًا عن ذلك اليوم.
ظلّت بيلادونا ترمش بعينيها.
عندما انتهت الأغنية تمامًا، ساد صمتٌ قصير. كلّ ما استطاعت سماعه هو صوت الريح في أذنيها.
شوهد المزارعون الجالسون على الأرض وهم يرفعون أنفسهم واحدًا تلو الآخر وينظّمون أمتعتهم. كما نهضت بيلادونا، التي كانت تنظر إليهم، ببطءٍ من مقعدها.
عليّ أن أعود الآن. عليّ أن أعود وأبحث عن سيندي قبل أن يفوت الأوان.
قامت بيلادونا من مقعدها وحرّكت ذراعيها لنفض الأوساخ عن تنورتها. بقلبٍ أخفّ بكثيرٍ من ذي قبل، استدارت.
“…؟”
في تلك اللحظة، توقّفت بيلادونا عن التحرّك وتيبّست كما كانت. على بعد خطواتٍ قليلةٍ منها، وقف رجلٌ تعرفه جيدًا، منحنيًا ويداه في جيوبه.
” … آه؟”
خرج صوتٌ لا إراديٌّ من فمها.
وفي الوقت المناسب، فتح شفتيه.
“زوجتي لديها صوتٌ جميل.”
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1