Don't let your husband know! - 115
“ستبدأ المحاكمة الآن. بيلادونا ديتت، من فضلكِ تقدّمي.”
رنّ صوت القاضي في قاعة المحكمة الهادئة المليئة بالمتفرّجين.
نهضت بيلادونا، التي تمّ نداء اسمها، من الصف الطويل من المقاعد وسارت إلى المساحة المُعدَّة أمامها.
عندما اقتربت، فتح الفرسان الذين كانوا واقفين منتصبين الباب المنخفض الذي يصل إلى خصرها.
عندما مرّت من الباب بشكلٍ طبيعي، رأت الكهنة جالسين في صفٍّ واحدٍ ينظرون إليها في نفس الوقت. ذهبت بيلادونا إلى الطاولة المنخفضة الموضوعة في وسطهم.
كان الإمبراطور جالسًا على كرسيٍّ ذو ظهرٍ مرتفعٍ جدًا على مسافةٍ قصيرةٍ من الطاولة التي كانت تقف فيها بيلادونا. نظر إليها الإمبراطور العجوز بعينيه الرماديتين الغائمتين بتعبيرٍ غير قابلٍ للقراءة.
عندما جلست، تحدّث القاضي مرّةً أخرى.
“هل صحيحٌ أنكِ قتلتِ البابا بروناس بريل من أستانيا؟”
“نعم.”
أجابت بيلادونا بوضوح.
عند إجابتها، شهق الناس الذين ملأوا قاعة المحكمة أو تنهّدوا بدهشة. بدا الناس الذين تجمّعوا لمشاهدة المحاكمة أكثر دهشةً بصوتها السليم من إجابتها بأنها قتلت البابا.
عندما هدأت ضجّة الناس قليلاً، فتح القاضي فمه مجدّدًا وسأل.
“لماذا فعلتِ ذلك؟”
فكّرت بيلادونا للحظةٍ وقالت بهدوء.
“كان ذلك لحماية نفسي وزوجي وشعب الإمبراطورية.”
في كلّ مرّةٍ تحدّثت فيها، أصبح ضجيج المتفرّجين يعلو أكثر فأكثر. بدا أنهم غير قادرين على قبول حقيقة أن القديسة التي فقدت صوتها في مقابل قوّتها المقدسة يمكنها التحدّث.
هذا أمرٌ طبيعي …
وقفت بيلادونا أمام الطاولة بتعبيرٍ عاجز.
في تلك اللحظة، وقف شخصٌ ما وصاح.
“يا قديسة! كيف يمكنكِ التحدّث؟”
“صمتًا! نحن في المحاكمة الآن.”
فتح القاضي فمه وأوقفه بصوتٍ عالٍ، لكن شخصًا آخر وقف وصاح في مكانٍ آخر.
“ماذا حدث لقوّتكِ المقدّسة؟”
“ألا يمكنكِ شفائنا بعد الآن؟”
“هل تخلّى الإله عن القديسة؟”
في قاعة المحكمة، استمرّ الناس في طرح الأسئلة. نظر القاضي إلى الإمبراطور بوجهٍ مضطرب.
ومع ذلك، بدا الإمبراطور أيضًا فضوليًّا بشأن إجابة هذا السؤال، لذلك لم يتّخذ أيّ إجراءٍ مثل إيقاف الناس أو إعطاء الأوامر للقاضي.
“هل يمكنني أن أخبرهم بنفسي؟”
في خضمّ الضجة، سألت بيلادونا القاضي بصوتٍ خافت. أومأ القاضي برأسه عاجزًا.
ابتلعت لعابًا جافًّا وفتحت فمها.
“كما تعلمون جميعًا، فقدتُ صوتي في مقابل قوّتي المقدّسة الشفائية. كنتُ أصغر سنًّا بكثيرٍ ممّا أنا عليه الآن.”
ساد صمتٌ قصيرٌ في قاعة المحكمة عند صوت بيلادونا. نظرت حولها إلى محيطها الذين كانوا يركّزون عليها وتحدّثت بصوتٍ أعلى.
“والآن بعد أن عاد صوتي لسببٍ غير معروف، لا أستطيع استخدام قوّتي المقدّسة.”
حالما انتهت من الحديث، أصبحت قاعة المحكمة صاخبةً مرّةً أخرى.
بدأ الناس يتذمّرون من الحقيقة التي يصعب تصديقها. توفّي بابا أستانيا بين عشيّةٍ وضحاها، وحتى القديسة لم تستطع استخدام قواها. لم يتمكّنوا إلّا من الشعور بالارتباك الشديد والدوار.
وقفت بيلادونا ساكنةً للحظة، في انتظار أن تهدأ الضجة، ثم فتحت فمها مرّةً أخرى.
“لم تكن هناك حالةٌ من قبل حيث فقدت القديسة قواها في نفس الوقت مع استعادة ما خسرته من وظائف جسدية. لذلك، لا أعرف بالضبط ما حدث.”
“إذن أنتِ تقولين أنكِ لا تستطيع استخدام قواكِ الشفائية بعد الآن؟”
“نعم، هذا صحيح.”
أجابت بيلادونا على سؤال شخصٍ ما.
“هل سيتمّ إغلاق غرفة الاعتراف؟”
“أعتقد ذلك.”
عبس النبيل الذي سألها سؤالاً ولم يستطع إلّا أن يشعر بالندم.
عندما شاهدت ردود أفعال المتفرّجين، شعرت بيلادونا بالارتياح في داخلها. لم تكن اللحظة التي تم فيها الكشف عن السرّ الثقيل الذي ظلّ مخفيًّا لفترةٍ طويلةٍ مخيفةً ولا مهولة.
لقد شعرت فقط بالراحة والسكون.
“ألم يكن صوتكِ طبيعيًا منذ البداية لكنكِ خدعتِنا جميعًا؟”
في تلك اللحظة، طار سؤالٌ حادٌّ من مكانٍ ما. بدءًا من ذلك السؤال، تدفّقت أصواتٌ أخرى.
“هل لعبتِ بإيكاننا بالإله وخدعتِنا؟”
“ألم تتواطأ القديسة أيضًا مع البابا؟”
ماذا ……؟
تغيّر الجوّ في لحظة. رفعت بيلادونا رأسها، مرتبكةً من العداء الذي شعرت به مباشرة. كان الأشخاص الذين كانوا في حيرةٍ وارتباكٍ منذ لحظةٍ يغضبون الآن ويصرخون عليها.
أوقفهم القاضي متقدّمًا.
“صمتًا من فضلكم. انتهى وقت الأسئلة الخاصة. سنستأنف المحاكمة.”
على الرغم من أن القاضي تحدّث بصوتٍ عالٍ، إلّا أن الجوّ لم يهدأ بسهولة.
عضّت بيلادونا شفتها السفلية.
لم يكن الأمر أنها لم تتفهّم موقفهم. الآن بعد أن تم الكشف عن خطايا البابا العديدة، يمكن لشعب الإمبراطورية أن يعتقد أن البابا الذي وثقوا به وابنته القديسة، قد خدعوهم بنفس القدر.
عندما لم تُظهر المحكمة أيّ علامةٍ على التهدئة، واصل القاضي المحاكمة بقوّة.
“أنتِ تدّعين أن البابا أجرى تجارب بشريّةً على عامّة الناس. هل هناك أيّ دليلٍ على ذلك؟”
“يمكنكَ تأكيد ذلك من خلال الوثائق التي تم اكتشافها في الفاتيكان.”
حالما انتهت من التحدّث، خرج الفارس الذي يقف بجانبها ومعه حزمةٌ من الوثائق. ما كان يحمله كانت وثائق تم اكتشافها في قبو الفاتيكان.
نظرت بيلادونا إلى الأوراق التي سلّمها له الفارس بوجهٍ متوتّر.
‘أرجوك …….’
لقد دمّر البابا وأحرق الدليل الواضح على أنه حقن العقاقير وألحق الضرر بأجساد الأبرياء باسم صنع القديسين. كانت الأدلة التي قدّمها الفارس أدلّةً غير مُباشِرةٍ فقط.
ومع ذلك، كان هناك الكثير من الأدلّة الظرفية وغيؤ المباشِرة. لذا من فضلك ……
قام القاضي بتنظيم الأوراق التي تلقّاها من الفارس وأخذها إلى الإمبراطور. الإمبراطور، الذي تلقّى الوثائق منه، نظر إليها بعناية.
“هذا تقريرٌ يفصّل أنواع وكميّات الأدوية التي حقنها البابا في عامّة الناس، وكذلك توقيت الإدارة والنتائج.”
“هل هناك أيّ دليلٍ على أن البابا نفسه كتب هذا؟”
فتح الإمبراطور، الذي كان ينظر إلى الوثائق، فمه.
“يمكننا التحقّق من الوثائق والخط اليدوي الذي كتبه وهو على قيد الحياة.”
عبس الإمبراطور عند إجابة القاضي.
“هل هناك احتمالٌ أن تكون الوثائق نفسها قد تم العبث بها؟”
“لا أستطيع أن أقول أنه لا يمكن.”
تنفّست بيلادونا بعمقٍ عند ردّ الإمبراطور. كان قلقها يتزايد.
سلّم الإمبراطور الوثائق إلى القاضي بوجهٍ هادئٍ وقال.
“من الآن فصاعدًا، سننظُر في قضية تجارب البابا البشريّة وقضية قتل القديسة بيلادونا للبابا، قريبها المباشِر، كقضيّتين منفصلتين. سيتمّ معاقبة جريمة القديسة وفقًا للقانون الإمبراطوري.”
“جلالتك، ومع ذلك، فإن سبب القتل مرتبطٌ ارتباطًا وثيقًا بأفعال البابا، وبالنظر إلى الظروف، فمن المرجّح جدًا أن يكون ذلك دفاعًا عن النفس.”
“يجب أن يكون هناك دليلٌ واضحٌ على أن أفعال البابا حقيقية. ما لم يكن هناك دليل، سأعاقبها كما هي.”
آه …….
شدّت بيلادونا قبضتيها بإحكامٍ وخفضت رأسها.
إن حقيقة أن تجارب البابا البشرية وقضيّة القتل سيتم النظر فيها بشكلٍ منفصلٍ تعني أن بيلادونا ستعاقب بشدّة بتهمة القتل بغض النظر عن أفعال البابا.
“دَع القاضي يُصدِر الحُكم النهائي.”
عند كلمات الإمبراطور، التفتت بيلادونا برأسها ونظرت إلى القاضي. لم يكن قتل أحد أقاربها المباشِرين، وخاصّة البابا، جريمةً بسيطةً بأيّ حالٍ من الأحوال.
كان من الممكن سجنها مدى الحياة أو حتى إعدامها. عند التفكير في الأمر، بدأ رأسها يؤلمها أكثر.
بعد التفكير في الأمر للحظة، اقترب القاضي من الكهنة الجالسين في صفٍّ خلفها وتحدّث بصوتٍ منخفض.
نظرًا للقضية المطروحة، بدا الأمر وكأنه لا يستطيع اتّخاذ قرارٍ بمفرده. بعد بضع دقائق بدت وكأنها وقتٌ طويل، عاد القاضي وتحدّث.
“ثبتَ في المحكمة أن المتّهمة، بيلادونا ديتت، قتلت والدها، البابا بروناس بريل. على الرغم من أنها فعلت ذلك لحماية عائلتها وشعب الإمبراطورية، إلّا أنه كان من الخطأ أخلاقيًا أيضًا إيذاء الأب الذي ربّاها ورعاها.”
“……”
“لذا، من إمبراطورية إليانور العظيمة، سيتمّ نـ …… “
“انتظر لحظة!”
في تلك اللحظة، انفتح باب قاعة المحكمة على مصراعيه من الخلف وصاح أحدهم بصوتٍ عالٍ.
رفعت بيلادونا رأسها الذي كان منحنيًا. اقتربت هازل، التي اندفعت إلى قاعة المحكمة، من الفرسان الذين يحرسون باب قاعة المحكمة وتحدّثت بشيء.
استدار الفرسان الذين سمعوا ما كانت تقوله واقتربوا من القاضي. استمع القاضي إلى الفرسان بإذعان.
“ماذا تفعل الآن؟”
سأل الإمبراطور، الذي كان يريح ذقنه على ذراعه المثبّتة بمقبض الكرسي. فتح القاضي، الذي سمع كلّ ما كان لدى الفرسان ليقولوه، فمه.
“لقد جلب جانب القديسة أدلّةً جديدةً ومتينةً يمكن أن تُثبِت ذنب البابا.”
“أدلّةٌ جديدةٌ ومتينة …… “
رفع الإمبراطور حاجبيه باهتمامٍ وسأل.
“أين هي الآن؟”
“سيأتي قريبًا.”
بمجرّد أن انتهى القاضي من التحدّث، دخل عدّة أشخاصٍ من الباب المفتوح إلى قاعة المحكمة. بدأت أصوات المتفرّجون الذين أكّدوا ظهورهم ترتفع مرّةً أخرى وبدأوا في الهمس.
بدا كلّ مَن دخل من باب قاعة المحكمة أنه يملك إعاقةً ما.
من شخصٍ فقد ذراعه تمامًا، إلى شخصٍ كان ملفوفًا بقطعة قماشٍ بيضاء حول كلتا عينيه ويمشي على الأرض بعصًا طويلة، إلى شخصٍ كان ملفوفًا بضمادةٍ غير معروفةٍ حول وجهه، إلى شخصٍ فقد كلتا ساقيه وقد حمله جراهام …….
استمرّت همهمات الناس في الارتفاع عند رؤية مظهرهم غير الطبيعي.
“ماذا يفعلون الآن؟ منذ متى أصبحت المحكمة المقدّسة مكانًا لمَن هبّ ودَبّ؟”
عبس الإمبراطور وقال باستياء. قامت بيلادونا بتقويم ظهرها وفتحت فمها ردًّا على سؤاله.
“جلالتك، هذه هي الأدلّة.”
“حضرة القديسة، اشرحي ما تعنيه.”
“هؤلاء هم الأشخاص الذين نجوا بأعجوبةٍ من التجارب البشرية القاسية التي أجراها البابا. لقد احتفظ البابا بهم مختبئين في بلدة لابليسيرونا الصغيرة وأدار أمرهم سرًّا. مع أملٍ واهٍ باطلٍ في أن تتجلّى القوّة المقدّسة بهم.”
بعد شرح بيلادونا، نظر الإمبراطور بعنايةٍ إلى أجساد أولئك الذين دخلوا قاعة المحكمة. عندما رأى أن جميعهم مصابون بأماكن مختلفة من أجسادهم، شعر بالارتباك.
واصلت بيلادونا الحديث.
“بسبب دواء البابا، فقد هؤلاء الناس أجزاءً ثمينةً من أجسادهم. أولئك الذين رأوا ذلك بأعينهم وعانوا من الألم بأنفسهم هم الدليل المُباشِر على أفعال البابا المُشينة.”
⋄────∘ ° ❃ ° ∘────⋄
ترجمة: مها
انستا: le.yona.1