Doctor Resignation - 172
13
“همم…”
كانت أمي تنظر إلى وجهي بعناية، بينما تعقد حاجبيها.
“في سن السادسة، لا يُنصح بالقيام بتمارين تتطلب استخدامًا مفرطًا للعضلات، لأنها قد تؤثر سلبًا على النمو. لا أعترض على التعلم، ولكن عليكِ الانتباه حتى لا تبالغي.”
“لكنكِ لا تقولي لأخي ألا يُجهد نفسه.”
قلت ذلك وأنا أركل العشب بقدمي بضيق.
“أمي تحب أخي فقط لأنه يشبهها، أليس كذلك؟”
في الواقع، لم أشعر بذلك من قبل، لكن مشاعر الحزن التي كنت أحتفظ بها بدأت فجأة تفيض بداخلي.
اتسعت عينا عمتي الكبرى بدهشة، وقالت بنبرة تعجب:
“ريتشي، هل كنتِ تفضلين أحدهما؟ لا أعتقد أنكِ تفعلين ذلك.”
بدت أمي أيضًا مصدومة وهي تضمّني بين ذراعيها. لم تهتم حتى عندما اتسخ فستانها الجميل بالتراب.
“بالطبع لا، أنا أحب سيدريان ويوريا بنفس القدر. آه… يبدو أنني…”
بدت أمي منشغلة بأفكارها وهي تعقد حاجبيها وتهمس:
“عليّ قضاء المزيد من الوقت معكما. لقد انشغلت بالعمل كثيرًا. ربما لم يكن من الصواب ترك رعاية الأطفال بالكامل لإريان.”
رغم أنني كنت أرغب حقًا في قضاء المزيد من الوقت مع أمي، إلا أنني كنت أعلم أن هناك الكثير من الناس يعتمدون عليها.
أبي كان يخبرني بذلك دائمًا. كان يقول إنه أيضًا يرغب في أن يكون بجانب أمي طوال الوقت، لكن عملها مهم للغاية، لذا علينا أن نصبر. وأخبرني أن أمي تساعد الكثير من الناس على البقاء على قيد الحياة، حتى أنها تحصل على شهادات تقدير بفضل عملها.
لذا، هززت رأسي ونطقت بجديّة:
“لا بأس يا أمي. أنتِ طبيبة عظيمة تحصلين على شهادات تقدير لأنكِ تعملين بجد بدلاً من قضاء الوقت معي.”
“كما توقعت…”
تنهدت أمي بعمق وقالت:
“كل شهادة تقدير أحصل عليها لها ثمنها…”
“لا بأس، أبي دائمًا معي.” ثم أضفت وأنا أتشبث بحضنها:
“لكن… أشعر بالحزن لأنني لست عبقرية في الطب مثل أخي. الجميع يحبونه لأنه يشبهك.”
“صحيح أن الجميع يحبني، لكن يا يوريا…”
كانت أمي تُمشط شعري بلطف وهي تقول لي بصوت دافئ:
“الجميع لا يحبني فقط لأنني طبيبة. إنهم أيضًا يحبونكِ لأنكِ لطيفة وذكية، بالإضافة إلى أنكِ جذابة للغاية.”
“بالضبط. الطبيب الذي لا يتمتع بالجاذبية، مهما كان جيدًا، لن يصبح سوى مثل أرجان.”
قالت عمتي الكبرى بسرعة، بينما أمي طبعت قبلة على وجنتي وأكملت كلامها:
“لذا، لا داعي للشعور بالحزن لأنكِ لست عبقرية في الطب.”
“صحيح، انظري إلى أرجان. إنه عبقري في الطب، لكنه ليس جذابًا ولديه مزاج سيء، لذا لا أحد يحبه.”
لم أستطع الرد على كلامهما بسبب شعوري بالأسف تجاه جدي.
ولكن عندما نظرت أمي إلى وجهي، ابتسمت وربّتت على خدي بلطف.
“عزيزتي يوريا، يبدو أن حالتكِ النفسية قد تحسّنت. إذا كنتِ تشعرين بالقلق بشأن أي شيء، يمكنكِ دائمًا التحدث مع أمكِ. أنا هنا لأستمع إليكِ دائمًا.”
“حسنًا…”
“حسنًا، لنذهب معًا. جدتكِ اختارت خصيصًا لنا بروشات من الياقوت المتطابقة لنرتديها أنا وأنتِ كطقم واحد.”
أمسكت بيد أمي وعمتي الكبرى بسعادة، وبدأت أسير بخفة نحو قاعة الحفل.
—
كانت هذه المرة الأولى لي في حفل!
قاعة الحفل كانت غاية في الجمال، والناس المتأنقون ملأوا المكان. لدرجة أنني تمنيت لو كان الحفل يُقام يوميًا!
“إريان، أين سيدريان؟”
بمجرد أن لمحنا أبي، أتى إلينا بسرعة البرق، وسألت أمي وهي تنظر حولها. يبدو أن أمي كانت مكلفة بإحضاري، بينما أبي كان مكلفًا بإحضار أخي.
“والدكِ قرر أن يحضره بنفسه.”
“يا إلهي، هذا متوقّع.”
هزّت أمي رأسها بنوع من الضيق وهي تهمس:
“من المؤكد أنه أراد التحدث مع سيدريان عن علم الأعشاب، لذا بادر بنفسه لإحضاره. ومع ذلك، هذا يوم الحفل المقام في قلعة سيريوس، ومن المفترض أن يدخل الأب والابن معًا!”
“حسنًا…”
ابتسم أبي بلطف وأجاب.
“بما أنه لم يستطع الحديث معكِ عن الطب وأنتِ صغيرة، فلا بد أنه يرغب في التحدث عن ذلك مع سيدريان.”
“إذا قلتِها بهذه الطريقة، فلن أجد ما أقوله.”
في هذه اللحظة، كنت قد بدأت أنظر حولي هنا وهناك، ولم أكن أسمع بوضوح ما يقوله والداي.
فقد كان أولئك الأطفال النبلاء الذين لعبت معهم لعبة الاختباء والبحث بعد الظهر مجتمعين هناك. كنت متحمسة للذهاب إليهم واللعب مرة أخرى، بينما استمرت المحادثة بين أمي وأبي.
“إريان، أنت المربي الأساسي للأطفال، لكن لماذا يحبونني أكثر؟ رغم أنك تبذل الكثير من الجهد معهم.”
“الأمر بسيط جدًا، يا ريتشي.”
“بسيط؟ كيف ذلك؟”
“لأنكِ ألطف مني، وأكثر جمالًا وطيبة. من الطبيعي أن يحبكِ الجميع أكثر مني، أليس كذلك؟”
“أمم… صحيح، ولكن مع ذلك.”
“بالطبع، أشعر ببعض الحزن حيال ذلك، لكن حتى لو كنتُ مكانهم، سأفضّلكِ عليّ. إنها الحقيقة.”
عمتي الكبرى، التي كانت تمسك بيدي، أطلقت تنهيدة خفيفة وقالت:
“حقًا، زوج ابنة أخي يشبه إليزابيث كثيرًا.”
“إليزابيث؟ تقصدين الخنفساء؟”
“نعم، لقد بقيت كما هي حتى وفاتها. كانت تحب الطعام، ولا تتحدث. والدكِ أيضًا بسيط للغاية أمام ريتشي، تمامًا مثل الخنفساء.”
لقد شعرت بأن قراري بعدم أن أكون مثل أبي كان اختيارًا موفقًا.
“لكن لماذا أبي وسيدريان لم يصلا بعد؟”
قالت أمي وهي تميل رأسها قليلاً وتنظر إلى الساعة.
“لقد بدأ الحفل بالفعل… وقريبًا يجب أن ألقي كلمة الترحيب. أرجو ألّا يكون هناك أي مشكلة. على الأرجح، سأضطر إلى إرسال أحدهم.”
“سأذهب أنا!”
رفعتُ يدي عاليًا وصحتُ بحماس. كنت متحمسة للقاء سيدريان بسرعة والتباهي بسيفي الجديد.
“سأُحضِرهم جميعًا!”
“حقًا؟ إذا ذهبتِ الآن بسرعة، فربما تتمكنين من العودة في الوقت المناسب قبل كلمة الترحيب.”
ربتت أمي على رأسي مرة واحدة ونظرت حولها، كما لو أنها لا تريد أن تتركني أذهب وحدي.
ولحسن الحظ، كان هناك شخص قريب يمكننا الاعتماد عليه.
“آنستي، سآتي معكِ.”
قال ديل، الذي كان يرتدي اليوم ملابس أنيقة بشكل خاص، وهو يمد يده نحوي. وهكذا، انطلقتُ أنا وديل معًا من قاعة الحفل باتجاه غرفة سيدريان.
***
كانت غرفة سيدريان بعيدة إلى حد ما عن قاعة الحفل، مما استلزم منا المشي عبر ممر طويل.
“لكن، آنستي، ما هذا السيف الذي تحملينه؟”
“عمتي الكبرى أعطتني إياه!”
“…السيدة سِيرين؟”
رفعتُ السيف بفخر وأريته لِديل، ثم بدأتُ ألوّح به كما تعلمت.
مع كل حركة كان يصدر صوت حاد في الهواء، وكان ديل يرتجف قليلاً ويتراجع إلى الخلف.
“ما رأيك؟ ألا أبدو جيدة؟”
“أنتِ بارعة بشكل مقلق… ألا يمكنكِ وضع السيف في غمده الآن؟”
“حسنًا. لكن، ديل، أعتقد أنني أشبه عمتي الكبرى! يقولون إن لدي موهبة في المبارزة!”
عندما قلت ذلك بفخر، تنهد ديل تنهدًا خفيفًا وتمتم بصوت منخفض:
“يا لها من مأساة… إذا كنتِ تشبهينها حتى في الشخصية، فلا أعتقد أنني سأتمكن من العيش بهدوء معكِ لفترة طويلة.”
لم أستطع الرد على كلماته. لأنني فجأة رأيت امرأة صغيرة الحجم، ترتدي نظارات كبيرة ولها شعر أسود قاتم، قادمة من الطرف الآخر من الممر، وكانت ترافقها عدة خادمات.
“آه.”
بالطبع، كانت تلك المرأة شخصًا لم أره من قبل، لكن ديل، بمجرد أن رآها، ارتبك وأخذ وضعية احترام رسمي.
“أقــــدم تحياتي لصاحبة السمو، ولية عهد الإمبراطورية.”
ولية العهد؟ حسنًا، أظن أنني سمعت أمي وأبي يتحدثان عنها منذ وقت طويل.
***
“سمعت أن الأمير جايد سيتزوج قريبًا. يقال إن الإمبراطورة والسيدة جينسي قد دبرتا هذا الزواج السياسي بنفسيهما.”
“وأنا سمعت ذلك أيضًا. يقولون إنها العروس المثالية لرأسه المليء بالزهور. ركزوا فقط على الذكاء والوطنية عند اختيارها.”
“…إريان، لنستخدم كلمات لائقة وجميلة، حسنًا؟ ألم تتعهد بأن تكون شخصًا طيبًا؟”
***
“أوه، هل أنتما من خدم قلعة سيريوس؟ يبدو أنني ضللت طريقي… أين تقع قاعة الحفل؟”
“امضِ مباشرة من هنا، ثم انعطفِ يمينًا مرتين عند الزاوية.”
“أها، شكرًا جزيلاً لك.”
دفعت ولية العهد نظارتها قليلاً، وشكرتنا شخصيًا، بينما انحنى ديل باحترام حتى وصل رأسه إلى مستوى خصره.
كانت على وشك أن تتابع طريقها، لكنها توقفت عندما رأت وجهي، وابتسمت وكأنها وجدتني لطيفة.
“همم… هذه الطفلة… هل يمكن أن تكوني الآنسة الصغيرة لعائلة سيريوس؟”
“نعم.”
بصراحة، شعرتُ بدهشة كبيرة لدرجة أنني نسيت أن أؤدي التحية، على الرغم من أنني تعلمت ذلك مسبقًا. لو علمت مربيتي بالأمر لاحقًا، كانت ستغضب مني بالتأكيد.
سرعان ما أمسكتُ بطرف تنورتي وانحنيت احترامًا.
“أحيي صاحبة السمو، ولية عهد الإمبراطورية. أنا يُوريا سيريوس. أرحب بكِ بصدق في حفل القلعة.”
“أحسنتِ يا آنسة سيريوس. بما أن هذا الحفل هو للاحتفال بريتشي، التي أنقذت الإمبراطورية من وباء خطير، فمن الطبيعي أن تأتي العائلة الإمبراطورية لتقديم شكرها.”
انعكست عينا ولية العهد كالأقمار الهلالية خلف نظارتها.
“الأمير ولي العهد مشغول الآن بمطاردة قطاع الطرق في جبال أُوتو، لذا أتيت بنفسي.”
فكرتُ قليلاً قبل أن أجد الرد المناسب.
“آه… مطاردة قطاع الطرق؟ لا بد أن الأمر يسبب لكِ الكثير من القلق.”
كنت أقول ذلك لأنني رأيت كيف كان وجه أمي يتغير كلما خرج أبي شخصيًا لمطاردة اللصوص عند حدود الإقليم. على الرغم من أنها كانت تقول: “أشفق على اللصوص الذين يلتقون بإريان، فلا داعي للقلق أبدًا”، إلا أن القلق كان يبدو واضحًا عليها.
لكن ولية العهد ضحكت وكأن كلامي كان مسليًا.
“أوه؟ أنا التي أرسلته.”
“ماذا؟”
“ولي العهد هو أحد أعظم موارد الإمبراطورية. عدا عن رأسه… لكن لا تقلقي يا آنسة.”
لمعت عينا ولية العهد وهي تكمل حديثها.
“من الأفضل أن يكون لدينا ولي عهد فارغ الرأس بدلاً من واحد غبي، متهور، ومليء بالأفكار السخيفة. علاوة على ذلك، أنا ذكية جدًا ومليئة بالوطنية.”
كانت تتحدث بسرعة، لذا لم أفهم كل شيء، لكنني اكتفيت بهز رأسي.
“لذا لا تقلقي بشأن مستقبل الإمبراطورية يا آنسة. كلما رأيتُ أطفالًا صغارًا، أشعر أنني أريد طمأنتهم. الأطفال يجب أن يعيشوا بحلمٍ بمستقبل مشرق.”
طلبت ولية العهد من إحدى الخادمات خلفها أن تعطيني قطعة حلوى.
كانت شخصًا غريبًا بعض الشيء، لكنها بدت لطيفة على أية حال.
مع أنني في الآونة الأخيرة بدأت أقلق أكثر كلما كبرت، لكنني شعرت بالارتياح حين عرفت أن الإمبراطورية ليست شيئًا أحتاج إلى القلق بشأنه. رغم أنني لم أفكر يومًا في القلق عليها من الأساس.
المترجمة:«Яєяє✨»
تعليق ونجمة يشجعوني✨؟
حساب الواتباد: @rere57954