Doctor Resignation - 168
**الفصل الخاص 9**
في اليوم الذي زار فيه ويديريك، كانت ريتشي تجلس برفقة إريان، ونصحته فورًا بعدم الاستماع إلى حديث ويديريك. وأكدت له أن كل ما يقوله مجرد هراء، وأنه إذا كان يشعر بالوحدة، فهي مستعدة للبقاء بجواره لتسليته.
“سيد إريان، هل تنوي إفساد أولى تجاربي العملية؟ يجب أن تثق بي أولًا!”
بدت العلاقة وكأن الأدوار فيها قد تبدّلت، لكن مع ذلك، لم تكن ريتشي مخطئة أبدًا في كلامها. ورغم أن ويديريك يزور القصر أحيانًا، إلا أن ريتشي دائمًا قريبة، في غرفة مجاورة بنفس الطابق.
“دعنا نبذل قصارى جهدنا معًا، حسنًا؟ أشعر الآن بشعلة كبيرة من الحماس والمسؤولية! يقولون إن أول مريض يبقى في الذاكرة مدى الحياة.”
كلما استمع إريان لكلمات ريتشي، شعر وكأنه يزداد قوة. لذا قرر أن يلتزم بما تطلبه منه: تناول الطعام جيدًا، ممارسة التمارين بجد، والقراءة بانتظام.
‘بما أن أول مريض يبقى في الذاكرة مدى الحياة… أعتقد أن بذلي قصارى جهدي سيجعلها تشعر بالفخر أيضًا.’
كان هذا أول مرة يشعر فيها إريان أن هناك من يمنحه معنى خاصًا. وعندما يرى ابتسامة ريتشي وهي تقول إنه يتحسن مقارنة بالماضي، كان قلبه يمتلئ بالمشاعر. ولهذا السبب، شعر بشيء من الحزن عندما أخبرته ريتشي صباح اليوم أنها ستذهب لزيارة والديها بالتبني في قصر موليكين.
لكنه شعر بالارتياح عندما علم أنها ستعود غدًا…
حتى في “يوم الوالدين”، لم يتمكن من رؤية إيزابيل لأنها غادرت منذ الصباح الباكر لحضور محاكمة في المنطقة. ومع ذلك، كان غياب ريتشي أكثر وضوحًا وإحساسًا في القصر.
كان القصر يبدو فارغًا تمامًا بدون وجود ريتشي.
“هذه الحلوى يعطيني إياها أخي ويديريك كل يوم. هل تريدين أن تأخذيها لتتناوليها أثناء ركوب العربة؟ إنها تمنع آلام المعدة والصداع أيضًا.”
“حقًا؟ لا أعتقد أن هناك حلوى كهذه في العالم. حسنًا، أعطني إياها وسأجربها.”
ولأنها كانت أول مرة تغادر فيها ريتشي قلعة سيريوس، قدم لها إريان هدية قيمة. لكن رد فعلها لم يكن طبيعيًا، مما جعله يشعر بقلق أكبر.
“سأنظر في الأمر عن كثب عندما اعود غدًا.”
كانت الحلوى التي أكد ويديريك أنها ثمينة للغاية ونصح بعدم إعطائها لأي أحد…
لكن إذا بدت مريبة إلى هذا الحد، كان إريان يخطط ببساطة لاستعادتها.
“بسبب هذا، ربما أعود أسرع مما خططت له.”
ابتسم إريان بصمت وأرسل ريتشي. فكر أنه إذا كان بإمكانه رؤيتها أسرع بفضل هذه الحلوى، فإن قيمتها قد أصبحت مستحقة.
“ريتشي…. “
تمتم إريان بهدوء بينما كان يقرأ كتابًا.
“عُودي بسرعة…”
لم يكن ويديريك نفسه ينتظره بهذه اللهفة من قبل. ففي وقت ما، أصبحت تلك المساعدة الصغيرة تحتل جزءًا كبيرًا من قلبه.
—
في تلك الأثناء، لم يكن أرجان قادرًا على النوم أيضًا.
جلس بهدوء على الطاولة في غرفة ريتشي. تلك الغرفة التي أُعدت بعناية وكانت مفعمة بأجواء دافئة، كانت في الأصل قد أُنشئت من قبل إيزابيل داخل القصر من أجل ابنته المفقودة. لاحقًا، تم تخصيص الغرفة لـريتشي، التي صادف أنها مساعدة مفيدة.
أما بالنسبة لـ”يوم الوالدين”، فلم يعد ذلك اليوم يجلب الحزن لـأرجان. لم يكن لديه الوقت ليشعر بالغيرة من الآباء الذين يتلقون رسائل من أطفالهم. كان فقط يشعر بلهفة ملحة لإيجاد ابنته بأسرع وقت ممكن.
بينما كان ينظر إلى الغرفة المرتبة بدقة، ابتسم أرجان لنفسه.
‘هل هذه أول مرة تغادر فيها تلك الفتاة القصر؟’
ربما لأن ريتشي، تلك الفتاة النشيطة، ذهبت إلى قصر موليكين بدا القصر اليوم أكثر هدوءًا وخلوًا.
ورغم حالته الصحية السيئة، ظل إريان في غرفته ولم يخرج. وإيزابيل بدورها، لم تستدعِ أي شخص لشرب الشاي، وبدا عليها الانزعاج. أما أرجان، فشعر أيضًا بشيء غريب…
“الغرفة التي كانت دائمًا فارغة تبدو اليوم أوسع.”
في تلك اللحظة، انفتح الباب فجأة.
“أوه… سيدي البارون؟”
دخلت ريتشي الغرفة بلا تفكير، وتفاجأت بشدة عندما رأته، واتسعت عيناها بدهشة.
تفاجأ أرجان بدوره وسألها:
“ألم تقولي إنك ستقضين الليلة في قصر موليكين مع ديل؟”
“آه، تناولت العشاء فقط وعدت لوحدي.”
ابتسمت ريتشي ابتسامة عريضة ورفعت كتفيها بلا مبالاة.
ومع ذلك، لم تقل كلمات مثل “لماذا أنت في غرفتي؟”، لأنها كانت تعرف جيدًا من هو صاحب هذه الغرفة الحقيقي.
“لماذا؟”
“فقط… لأن هنا أكثر راحة وجمالاً.”
“حسنًا، هذا صحيح.”
مهما كان قصر موليكين جيدًا، فإنه في النهاية منزل عادي لعامة الشعب، ولم يكن ليضاهي راحة القصر الدوقي.
نهض أرجان من مكانه دون أن يقول الكثير.
“إذن، ارتاحي جيدًا في الغرفة المريحة والجميلة. حسنًا، سنشارك الإفطار غدًا. ليس لأنني سعيد برؤيتك، بالطبع.”
“حسنًا. آه، وأيضًا…”
أثناء مغادرته الغرفة بخطوات بطيئة، أمسكت ريتشي بطرف سترته بسرعة وأوقفت حركته. ثم قدمت له مظروفًا صغيرًا يحتوي على رسالة قصيرة.
اتسعت عينا أرجان بدهشة.
“ما هذا؟ هل يمكن أن تكون رسالة بمناسبة *يوم الوالدين*؟”
“بالطبع لا! لم أكتب مثل هذه الرسائل حتى عندما كنت أصغر بكثير. أنا لست طفلة…”
اعترضت ريتشي بقوة وهي تقفز لتأكيد موقفها.
“حسنًا، إنه أشبه بوثيقة تعهد… شيء من هذا القبيل.”
“حقًا؟ إذن، دعيني أرى هذا التعهد.”
مزق أرجان المظروف في الحال وأخرج الرسالة ليقرأها.
—
بعد قراءة الرسالة، وقف أرجان بصمت للحظات، ثم ابتسم بخفة وربّت على رأس ريتشي.
“بحث عن اختبار الحمض النووي… شكرًا لكِ. ستحتاجين إلى عينات، لذا يمكنكِ أخذ عينتي في أي وقت.”
“حسنًا، سأفعل ذلك.”
“على أي حال، أن أستلم رسالة في *يوم الوالدين*… يبدو أنه يجب أن أصبح والدًا روحيًا لكِ.”
“إنها وثيقة تعهد فقط.”
اعترضت ريتشي بخجل، ثم سارعت لتغيير الموضوع.
“وأيضًا… كان هناك شيء يشغل بالي، لذلك عدت مبكرًا. لم أعد فقط لتسليم وثيقة التعهد هذه اليوم.”
“يشغل بالك؟”
رد أرجان على كلمات ريتشي، فأخرجت كيسًا بلاستيكيًا مختومًا من درج قريب. كان يحتوي على قطعة حلوى عادية مغمورة بمحلول للحفظ.
“هذه هي الحلوى التي يعطيها السيد ويديريك باستمرار للسيد إريان. يقول إنها طعام معجزة يزيل الصداع وآلام البطن. هل كنت على علم بذلك؟”
رفع أرجان نظارته أحادية العدسة بوجه جاد، وتمتم بتذمر:
“طلبت منهم أن يقدموا لي تقريرًا عن كل ما يتناوله…”
“لقد أجريت تحليلًا بسيطًا، ولكن نظرًا لضيق الوقت، وجدت أن التركيبة تبدو غريبة بعض الشيء. هل يمكنك التحقق منها؟”
“حسنًا، سأفعل. سآخذ هذا معي.”
استلم أرجان الكيس بسرعة، وكأنه وجد تحديًا جديدًا، وغادر الغرفة دون أن يلقي تحية وداع.
—
في اليوم التالي، وُضعت رسالة ريتشي في وسط مكتب أرجان داخل مختبره. وبابتسامة مشرقة، لم يتوقف عن مضايقة إيزابيل قائلاً:
“هل حصلتِ على شيء كهذا في يوم الوالدين؟”
لكن إيزابيل كانت مشغولة جدًا للرد عليه.
بعد بضع ساعات، كان أرجان قد أنهى تحليل الحلوى التي أحضرها ويديريك، وقلب القصر الدوقي رأسًا على عقب.
أُرسل إريان إلى إيرفيا لتلقي العلاج الفوري. وأثناء التحقيق في القضية، اكتشفت إيزابيل أنها تناولت نفس المادة السامة، مما أدى إلى كشف خيانة داخل القصر والقبض على المتمردين.
غمرت إيزابيل مشاعر الذنب لأنها شعرت بأن إهمالها أضر بصحة إريان، وظلت تبكي بلا توقف. ولكن عندما علمت بحالة جايد، هدأت نفسها وقالت:
“الحمد لله أن ابني ما زال بخير.”
ثم احتضنت ريتشي وقالت لها:
“بفضل الله ثم انتِ، لم تُصب رأس إريان بمكروه. هل يمكنكِ البقاء في قصر سيريوس؟ لا أريد أن أفقدك.”
وافقت ريتشي بلا تردد.
لكن، مع غياب إريان وندرة المهام التي يمكنها القيام بها، كرست ريتشي وقتها للبحث في اختبار النسب تنفيذًا لوعدها.
بعد عام، أثناء استخدامها عينات شعر من أرجان ونفسها لإجراء التجارب، اكتشفت أنهما أب وابنة.
كانت تلك اللحظة بمثابة معجزة بالنسبة لـأرجان، الذي شعر بسعادة غامرة لدرجة أنه كاد يُغمى عليه. وقضى أيامه يشكر القدر ويستمتع بوقته مع ابنته، مرددًا:
“لم تعد هناك أحزان في حياتي بعد الآن.”
لكن هذه الكلمات لم تدم طويلًا؛ فبعد خمس سنوات، أصبح أرجان حزينًا مجددًا عندما عاد إريان من إيرفيا وتعافى، ليبدأ علاقة رومانسية هادئة مع ريتشي.
المترجمة:«Яєяє✨»
تعليق ونجمة يشجعوني✨؟
حساب الواتباد: @rere57954