Death Can’t Sleep - 112
ما إن دخلت القرية، حتى عمّ الصمت في قلب أماريون
أماري كانت مهجورة، كأنها عادت كما كانت، بنفس الألم والحرمان،
رغم أن فيكتور قد دفع الكثير من المهور
ظنت أن السقوف ستغطي البيوت بشموخ
لكن الشوارع ما زالت متهالكة، مليئة بالجروح.
لا، هذا لا يمكن أن يكون، لا يعقل أن رئيس القرية وقائد الفرسان، يأخذان المال ليهملوا المكان.
بخطى سريعة، دخلت قلب القرية
حيث النار الصغيرة تشتعل على الطريق
والنساء مجتمعات حول الأطفال في ضيق
طفل في أحضان امرأة يسعل بألم
فأسرعت وأخذت جلد الذئب من رنتها
وغلفت الطفل بالدفء والحلم.
“شكرًا… يا سيدة أماريون؟!”
صرخت المرأة بدهشة
فرفعت النساء رؤوسهن، في لحظة كان هناك همس
“يا سيدتي!”
“لقد عدتِ إلينا يا سيدتي!”
“أماريون؟ هل هذه هي؟”
خرج السكان النحيلون من بيوتهم ليشهدوا اللقاء
ملابس رقيقة، وجوه شاحبة، أجساد تتضور جوعًا وبلاء
كيف يمكن أن تبقى القرية على هذا الحال؟
عضت شفتها، وسألت بقلق يشتعل:
“أين الفرسان؟”
“ذهبوا لاصطياد الوحوش.”
“هل أكلتم؟ هل يكفيكم الطعام؟”
“نعم… القلعة أعطتنا ما يكفي ليومين.”
يومان؟ تكرر السؤال في داخلها،
ما يحدث في أمارى غريب، يعصف في خاطرها
كان المهر أكثر مما تتخيل، كافٍ ليغطي الشتاء الطويل
لكن لا شيء هنا يدل على التغيير
حتى الجدران لم تُكمل، كأن المال لم يصل
رغم الوحوش التي تهدد كل ليلة
لم يتحسن الوضع ولو قليلًا.
كتمت أماريون ضربات قلبها
وتذكرت ما مر به فيكتور في مورتي
إذا لم يُستخدم المال كما يجب
فهناك مكان يجب أن تراه في الحال
نظرت إلى فيكتور وقالت بهدوء:
“…علينا الذهاب إلى القلعة.”
“حسنًا.”
رد فيكتور بصوت واثق
رغم خوفها من كشف عائلتها أمامه
لكن مع فيكتور بجانبها، يمكنها مواجهة أي شيء.
ركبت رنتها مرة أخرى
والقلعة الصغيرة المتواضعة ظهرت في الأفق
*أماري، قلعة بُنيت على الطراز القديم،على التل عاشت عائلة السيد وحولها المنازل والمناجم تنتشر*
أمارايون نظرت حولها طوال الطريق
وكلما اقتربت، زاد في قلبها الضيق.
آثار حريق هنا وهناك، أسوار مكسورة
علامات الفوضى واضحة، كأنها بيوت مهجورة.
عضت شفتيها ودخلت القلعة في صمت
رأت وجهًا مألوفًا، فكان اللقاء ممتدًا
*”سوفي؟”
“يا سيدتي؟!”
سوفي وضعت الكيس الكبير برفق
هي ابنة رئيس القرية الوحيدة في القلعة
قالت بتردد، ثم رحبت قائلة: “أهلًا بعودتك”.
“كيف حالك؟”
سألت أمارايون بلطف
“بخير… شكرًا لاهتمامك، سيدتي.”
أماريون نزلت من رنتها بسرعة
وسألتها: “أين أمي وأبي؟”
لكن سوفي ترددت، ثم همست: “في القلعة.”
“آسفة، سأحادثك لاحقًا،” قالت
وأعطت لسوفي زمام الرنة
لكن حين رأت فيكتور، تراجعت مذعورة.
دخلت أمارايون القلعة، وخفقات قلبها تعلو
رأت الستائر الحمراء تغطي النوافذ
الخشب القديم والمفروشات الفاخرة
كانت هذه الرفاهية صدمة للقلب والذاكرة
“أين أمي؟”
“في الغرفة… يا سيدتي.”
صعدت الدرجات بخطوات سريعة
وفتحت الباب، وصوتها يغلي: “أمي!
جلست والدتها بقرب النافذة
بنظرات باردة، وحركات هادئة
“خطاكِ ضحلة يا أماريون.”
أمسكت أماريون بقبضتيها لتمنع الغضب
اقتربت من والدتها بوجه مليء بالعذاب.
“لماذا عدتِ؟ هل طردك زوجك؟”
“أحضرتِ ستائر.”
ابتسمت والدتها بازدراء
“نعم، اشتريتُها. وكأنك تفهمين ما هو الرفاه.”
“قلتُ لك أن تتركي المهر لرئيس القرية.”
“رئيس القرية مات.”
“ماذا؟”
نظرت إلى والدتها بصدمة، والجو مشحون
“مات بسبب الوحوش، والقرية أُحرقت.”
ثم بصوت بارد قالت: “والدك مات أيضًا.”
أمارايون ترددت للحظة ثم سقطت على الأرض.
هرعت صوفي نحوها وساعدتها، وتوسلت بدموع في عينيها، “سيدتي، من فضلك…”
“أظن أن الأمر لم يعد يهم فالجميع كان يكرهه على أي حال سمعت أن قائد الفرسان أقام جنازته، لكنني لا أعرف التفاصيل على أي حال، أنتِ الآن السيدة الرسمية لأماري.”
سحبت والدتها خاتم اللورد من جيبها وناولته لأمارايون، بدت مرتاحة وسعيدة.
“الآن أنتِ صاحبة هذه القلعة؛ تصرفي كما تشائين طرديني أو افعلي ما تريدين.”
“…”
نظرت أمارايون إلى الخاتم في كفها.
كانت رأسها يدوي، وكأنها تلقت ضربة قوية.
والدها مات؟ في تلك الفترة القصيرة؟
لم تفكر كثيرًا في الأمر.
شعرت برغبة في البكاء، لكنها لم تكن متأكدة من شيء.
أمسكَت بالخاتم ورفعت رأسها.
ثم تحدثت بنظرات فارغة، “من فضلك ابقي في غرفتك.”
“بالطبع، سيدتي.”
توجهت والدتها بعيدًا، وكأنها فقدت الاهتمام.
قبل أن تغادر إنغريد، لمحت أمارايون إطار التطريز الذي كانت والدتها تحمله، مزينًا بزهور دوار الشمس الملونة بكثرة.
***
عندما أغلقت أمارايون الباب وخرجت، شعرت بأن ساقيها قد ضعفتا، وسقطت على الأرض.
فيكتور، الذي كان في الانتظار، هرع لمساعدتها. “إماريون.”
“سيدتي!”
دمعت عيون صوفي، التي كانت تراقب المشهد بقلق وتعب.
سألتها أماريون بعد أن استجمعت أنفاسها، “أين دفنوا؟”
“في المقبرة خلف القلعة… سيدتي، هل أنتِ بخير؟”
“أنا بخير كنتِ تبدين مرهقة لا بد أنكِ عانيتِ أيضًا.”
أغمضت صوفي عينيها بقوة عند كلمات أمارايون، وظلت الدموع في زوايا عينيها.
سرعان ما فتحت عينيها وقالت لمولاتها، “سأعد لكِ شايًا دافئًا.”
“نعم، شكرًا.”
مسحت صوفي دموعها وركضت إلى المطبخ.
فيكتور دعم أمارايون دون أن يقول شيئًا.
سارت ببطء.
***
كانت المقبرة خلف القلعة مليئة بالقبور.
في الأصل، كانت مقبرة عائلية للكونت، ولكن مع ندرة المساحات لدفن الموتى، بدأ الناس في دفنهم هنا.
مرت أماريون عبر شواهد القبور القديمة وتوقفت أمام حجر قبر باسم مألوف.
كان قبر رئيس القرية.
أمام شاهد القبر كان هناك باقة من الزهور البرية والأغصان المنسوجة معًا.
قالت أماريون وكأنها في حلم، “… كان رئيس القرية شخصًا طيبًا منذ صغري، كان مسؤولاً عن شؤون القرية، وكان الجميع يحبونه لأنه كان يهتم بالناس على الرغم من أنه كان قليل اللباقة.”
“…”
“كان لديه توت العليق المخلل الحلو في مخزنه، وكان أحيانًا يأخذ واحدة ليعطيني إياها كطفلة كان ذلك ألذ شيء في العالم في ذلك الوقت…”
عضت أمارايون شفتيها حتى نزفت.
فيكتور لف ذراعيه حول كتفيها بهدوء.
وقفت أمام قبر آخر، تحاول جاهدة كبح دموعها.
على عكس الآخرين، كان هذا الشاهد من الحجر.
قرأت النقش ببطء.
[اللورد السابع عشر لأماري، الكونت جوهيم أماري، يرقد هنا
السماء ستقيّم حياته.]
“السماء ستقيّم حياته.”
كانت عبارة تناسب حياة والدها تمامًا.
ارتسمت على وجهها ابتسامة مريرة.
لمست أماريون ببطء الشاهد البارد.
“… كان والدي شخصًا غير كفء.”
تمتمت بصوت منخفض، “كان الابن الرابع لجدي ولم يكن له اهتمام أو موهبة في القتال فهرب إلى الجنوب دون أن يتلقى دروسًا في الفروسية وتزوج ابنة عائلة الكونت باتيل الثرية.”
ضحكت أماريون بمرارة، “ولكن بما أن جميع إخوته الكبار ماتوا، لم يكن أمام والدي خيار سوى أن يصبح سيد أماري طلبت والدتي الطلاق لكنها لم تتمكن بسبب حملها بي.”
“…”
“بعد ذلك، أصبح والدي أكثر غرابة كان يقضي كل يومه في مكتبه يقرأ الكتب، وعندما يخرج، كان يسكر ويشتم أهل القرية لم أستطع حتى تحمل رؤيته، ناهيك عن التحدث إليه.”
“لقد عاش حياة غير مسؤولة.”
قالت أمارايون ببرود، “أنا أكره الأشخاص غير المسؤولين.”
• نهـاية الفصل •
يتبع •••
حسـابي انستـا [ I.n.w.4@ ].