Brother ، my sun is back - 26
وبعد مدة من السير المتواصل ، تصل جيني ومن معها الى حقل واسع قريب من العاصمة وهي في دهشة من امرها فتسألها بانسي التي تمشي بجانبها وهي غاضبة : جيني ، ما الذي حل بكِ هناك ، لماذا كنتِ تصرُخين ؟
تنظر بانسي الى جيني لتجدها في حالة من الضياع ولم تصغي لإي كلمة قد قالتها فترفع صوتها قائلةً : جيني !؟
تنتبه جيني لبانسي بسبب صراخها وتقول : ما الأمر ؟
تتنهد بانسي قائلةً : من الواضح انكِ لم تصغي لِما قلته ، لقد سألتكِ عن السبب الذي جعلكِ في حالة من الضياع والفوضى قبل خروجنا من السوق
جيني بنبرة هادئة : ليس شيئاً مهماً
بانسي تتحدث الى نفسها وهي غاضبة : هل تمزح معي ؟؟
جيني تتحدث الى نفسها وهي غارقة في تفكيرها : يا لي من غبية ، لقد ظننتُ انهُ ” ليكاردو ” ، كيف يمكن ان يكون ” ليكاردو ” ؟ لا بد انني شبّهته له فأنا لم ارى وجههُ جيداً ، وربما عيونهُ لم تكن ذهبية من الأصل وإنما اشعة الشمس والضوء اثر على عليهما مما جعلني اراهما ذهبية اللون ، ولكن ماذا لو كانت عيونهُ ذهبية حقاً ؟؟ ولكن لا يوجد احد في المملكتين يملك عيوناً ذهبية غيري بعد وفاة والدتي والملكة ” كاثرين ” وابنها ” ليكاردو “
تدرك جيني شيئاً وتتحدث الى نفسها قائلةً : مملكتين ؟ ولكن ماذا لو كان ذلك الشخص من بلاد بعيدة ؟؟ وكان يمتلك عيوناً ذهبية حقاً ، فعلاً ربما يكون ذلك الشاب من مملكة اخرى غير ( فلنوريا ) و( مارسيليا ) وربما يكون من مكان بعيد في القارة وبحكم انهُ يبدو من عامة الناس اذاً فلا بد ان لا احد يعرفه ، هذا منطقي
جيني تتحدث الى نفسها : لكن لو نظرنا الى ما حدث مبارحة في السوق ، اه صحيح ، السوق ، لقد كان ذلك الشاب يرتدي العباءة نفسها التي كان يرتديها الشاب الذي اصطدمتُ به اليوم ، كما ان وبنية جسده كانت تدل على ذلك ايضاً ، هل يعقل ان يكون نفس الشخص ؟ ماذا لو كان الشخص نفسهُ حقاً ؟ ( تقصد الشخص الذي انقذها من المجرم في السوق ، اتذكرونه ؟ عد الى فصل 16 )
تصر على اسنانها وتقبض يدها وتتحدث الى نفسها وهي في حيرة من امرها : ولكن عيون ذهبية ، مهارات المبارزة تلك ، والشخص الآخر الذي ناداه بسيدي ، اااااااااه لماذا جميع الدلائل تشير الى ان ذلك الشخص الذي انقذني في السوق والشخص الذي اصطدمتُ به هو ” ليكاردو ” نفسه ؟ ، لو ان نبلاء ( مارسيليا ) لم يعترفوا ان الجثة التي رأوها كانت جثة ” ليكاردو ” لأستطعتُ القول ان هذا ” ليكاردو ” بلا ادنى شك
بانسي تسأل ماكس : اين سنقابل سائق العربة ؟
ماكس الذي يسير امام سيدته وبانسي : لقد اقتربنا من موقعه
بانسي : هذا جيد
ماكس بنبرة هادئة : اود طرح سؤال قبل وصولنا للعربة
بانسي : وما هو ؟
ماكس : لقد ناقشنا الكثير من الأمور تلك الليلة ، ولقد وجدتُ الكثير من الأجوبة عن الأسئلة التي كانت تدور في نفسي ، لكن السؤال الذي ما زال يحيرني هو سبب غزو ( مارسيليا ) ل( فلنوريا )
بانسي : الجواب واضح ، فكما تعلم فأن ( فلنوريا ) مشهورة بمناجم الذهب والألماس المنتشرة حول ( فلنوريا ) بأكملها ، لذلك فأن اي مملكة قد ترغب في احتلالها طمعاً في مواردها
ماكس : اجل ، كما توقعت
جيني تتحدث الى نفسها : طمع ؟
وبعدما قطعنا حقلاً كاملاً سيراً على الأقدام وصلنا للعربة التي ستقلنا الى دوقية ( مستري ) اراضي عمتي ” اوليفيا ” ، ومن حسن حظنا ان سائق العربة كان لطيفاً ، لقد كان رجلاً عجوزاً كبيراً بالسن
وشخصاً كثير الكلام لم نشعر بأننا في خطر وهو برفقتنا ، حتى انهُ لم يساورهُ الفضول عمن نكون او لماذا نخفي وجوهنا او اي شيء من هذا القبيل ، بل على العكس لقد كان يُجيبنا عن كل سؤال نسأله ففي اثناء رحلتنا
تنظر ” بانسي ” الى خارج العربة من النافذة فترى قصرا ابيض اللون يشع نوراً بأشعة الشمس يتربع على قمة جبل عالي يكاد يلامس غيوم السماء من علوه فتنهدش قائلةً بصوت مرتفع : يا لهُ من قصرٍ رائع ، انهُ يشع نوراً
وفجأة يُسمع صوت السائق العجوز وهو يقول بنبرة هادئة : بالرغم من انه شامخ مشع الا انه حزين كئيب فقد هجره اصحابه منذُ سنوات
ماكس الجالس بجانب السائق : هجره اصحابه ؟؟ من قد يفكر في هجر قصر رائع وخلاب مثل هذا ؟؟
السائق العجوز بنبرة هادئة : حتى لو كان صاحب هذا القصر نبيلاً فهذا لا يعني انهُ قد لا يتعرض للظلم
ماكس : ماذا تقصد ؟
السائق العجوز بنبرة هادئة وهو يقود العربة بهدوء : لقد كان هذا القصر قصر اقوى العائلات في ( مارسيليا ) ، لقد كان قصر عائلة ( آلمن )
تفتح جيني وبانسي عيناهما على مصرعيها وتتحدث بانسي بسرعة وبلهفة وتقول لسائق العربة الذي يجلس امامها ويفصل بينهما قطعة من القماش الرمادي القديم وهي تقول : عائلة ( آلمن ) ؟؟
جيني وبانسي تتحدث كلٌ منهما الى نفسها : الأن تذكرت اين سمعتُ اسم عائلة ( آلمن ) ، انها اكبر العائلات الداعمة لسموه ” ليكاردو ” وهي اسم عائلة ذلك الفارس المدعو ” ريتشارد ” الذي انقذنا في تلك الليلة
لقد كانت عائلة ( آلمن ) من اقوى واشجع وانبل العائلات النبيلة ، لقد كانت تخدم شعب ( مارسيليا ) بكل وفاء وإخلاص ، وقد كان رئيسها من اكبر الداعمين للملك ” كارلوس ” والأمير الراحل
” ليكاردو ” ، ولكن كان لهذه العائلة حظٌ عاثر حقاً ففور تولي الملك ” روبرت ” الحكم بعد وفاة اخيه الملك ” كارلوس ” قام بنفي العائلة من ( مارسيليا ) بأكملها تحت ذريعة ان العائلة قد اهملت حماية الأمير ” ليكاردو ” عندما كان في خطر مما تسبب في موته في ذلك اليوم وهم عائدين من ( فلنوريا ) قبل اربعة اعوام
ماكس يتحدث الى سائق العربة : اه ، تذكرت تلك العائلة الأن ، فقد انتشرت الشائعات عنها في جميع ممالك الإقلم قبل اربعة سنوات من الأن ، فتلك العائلة التي اقرت بخطئها ولم تحاول الدفاع عن نفسها حتى ، ونتيجةً لذلك خسرت لقبها وسمعتها وتم نفي افرادها الى إحدى الجُزر الموجودة في البحر القريب من ( مارسيليا ) ، ولكنهم تعرضوا لعاصفة في طريقهم الى هناك مما ادى الى تحطيم سفينتهم التي كانوا يركبونها وسقوطهم بين امواج البحر الهائجة ، لقد كانت حادثة كبيرة حيث تم مقتل عائلة نبيلة من ارقى وانبل العائلات في ( مارسيليا )
يتحدث سائق العربة بنبرة جادة : ولكن هناك بعض الشائعات التي تقول ان جثثهم لم تكن بالبحر بعد تحطم سفينتهم ، يا لها من نهاية بائسة فعلى ما يبدو فأن حيتان البحر العملاقة قامت بأفتراسهم
ماكس : وماذا بالنسبة لوريث العائلة ؟؟ بعض الشائعات كانت تقول انهُ لم يكن برفقتهم عندما تم نفيهم
الرجل العجوز بنبرة جادة : لا احد يعرف عنه شيئاً ، ولكنها تبقى مجرد شائعات ، فالأغلب انهُ مات برفقة عائلته ، فحتى لو كان حياً فلا يوجد هناك سبب قد يدفعه للعودة فلم يعد لديه عائلة اواصدقاء ليعتمد عليهم ، فحتى صديقه المقرب الذي كان سيكون عوناً لهُ في المستقبل قد مات ايضاً
ماكس : صديق مقرب ؟
يبتسم سائق العجوز إبتسامة حنونة ويقول : لقد كان وريث عائلة ( آلمن ) ” إيدن آلمن ” احد افضل اصدقاء الأمير ” ليكاردو ” ، لقد كانا يمضيان الوقت مع بعضهما كثيراً في الماضي ، فلطالما رأى الجميع مجموعة الأمير ” ليكاردو ” التي كانت تجوب العاصمة ليلاً ونهاراً من اجل سلامة الأخرين او لتسكع احياناً ، لقد كانت تلك المجموعة مكونة من حكّام اراضي ( مارسيليا ) المستقبليين
بانسي بنبرة جادة : هل كان احد افراد تلك العائلة يُدعى ” ريتشارد ” او ” ليندا ” ؟؟
سائق العربة العجوز : اجل ، لقد كان رئيس العائلة يُدعى ” ريتشارد ” وابنته كانت تُدعى ” ليندا “
تدرك بانسي وجيني امراً فتفتحا عيناها من دهشتهما وتتحدث جيني الى نفسها قائلاً : مهلاً لحظة ، إيدن ، ريتشارد ، ليندا ، هل يعقل ان تكون هذه محض مصادفة ؟ هل يعقل ان تكون تشابه اسماء افراد عائلة ( آلمن ) والأشخاص الذين انقذونا في تلك الليلة مجرد صدفة ؟؟
تضع جيني يدها على ذقنها وتشيح ببصرها نحو زواية العربة وتبدأ بالتفكير قائلةً : ايعقل ان ” إيدن ” مرافق اخي ” كلاوس ” هو نفسهُ ” إيدن آلمن ” ؟؟ ولكن لو كان هو حقاً اذاً فكيف نجى من الغرق برفقة عائلته في ذلك العام ؟؟ وحتى لو كان هو حقاً اذاً فلماذا هو بجانب اخي ” كلاوس ” ؟؟ ولكن عند التفكير بالأمر فأليس ” إيدن آلمن ” هو الشاب نفسه الذي كان برفقة ” ليكاردو ” قبل اربعة سنوات عندما قَدِموا الى ( فلنوريا ) وقد اصُيبَ ” إيدن ” في قدمه في ذلك الوقت بسبب هجوم عمي ” لويس ” على الوفد في طريق قدومهم ؟ لسوء الحظ لم يسبق لي وان رأيتُ وجهه
وتظهر على وجهها علامات التركيز الشديدة وتتحدث الى نفسها قائلةً : والم يكن اسم ذلك الفارس الذي انقذنا هو ” ريتشارد آلمن ” ؟؟ انا متأكدة انهُ ذكر اسم عائلة ( آلمن ) على لسانه وقد بيّن ان هناك إتصال بينه وبين ” إيدن ” مرافق اخي ” كلاوس ” وتلك الفارسة كانت تُدعى ” ليندا ” ، ولكن وجود تواصل بين مرافق اخي ” كلاوس” ” إيدن ” والذي هو فارس من ( فلنوريا ) وفارس غريب وعجوز من ( مارسيليا ) لهو امرٌ غريب ، إلا اذا كانا يعرفان بعضهما جيداً ، وذلك يدعم شكوكي بكون ثلاثتهم هم افراد عائلة ( آلمن ) نفسها
ولا ننسى ان ثلاثتهم نعتوني بولية العهد ، ولا احد يعرف ان الأمير ” ليكاردو ” قد اختارني لأكون ولية العهد سوى الأشخاص الذين كانوا مقربين من ” ليكاردو ” كثيراً مثل عمتي ” اوليفيا ” وابنها ” كيث ” ، وابن عائلة ( آلمن ) الذي كان مصاباً ، وقول ” ريتشارد ” ان ملكه الوحيد هو ” ليكاردو ” وما زال ” ليكاردو ” ، انهم عائلة دعمت ” ليكاردو ” بشدة وقد كان افرادها برفقته في اليوم الذي قُتل فيه ، وقد ارادوا انقاذنا بغض النظر عن سائقا العربة اللذان حاولا قتلنا ، وهناك ادلة تدل على ان ” إيدن ” مرافق اخي هو نفسه ” إيدن آلمن ” بدءاً من انضمامه الى قاعدة الفرسان في عمر العشرين اي قبل اربعة سنوات من الأن ، وذلك يُصادف الفترة التي قَدِمَ فيها وفد ( مارسيليا ) الى مملكتنا ( فلنوريا ) ، ومهارات المبارزة الخاصة به ليست عادية حيث انها كانت ستتجاوز مهارات اخي ” كلاوس ” صاحب لقب ( السيف الذهبي ) ، كل هذه الأدلة تؤكد انهم افراد عائلة ( آلمن ) ، ولو كانوا هم حقاً فاذاً اصبح هناك هدف من وراء إنقاذهم لي الا وهو انني كنت ولية العهد في يوم من الأيام ، ولكن هل هذا منطقي ؟؟
تضع يدها على رأسها وتصر على اسنانها وتتحدث الى نفسها قائلةً : اااه ، لماذا كل الأدلة تدل على ان ” ليكاردو ” حي ، لماذا ؟
وفجأة يُقاطع حبل افكارها صوت بانسي الهادئ وهي تقول : الا تعتقدين ان الأشخاص الذين انقذونا في تلك الليلة هم افراد عائلة ( آلمن ) حقاً ؟؟
جيني بنبرة هادئة : لا اعلم ، انا لم اعد اعلم شيئاً
جيني تتحدث الى نفسها : ولكن كيف يمكن ان يكون ” ليكاردو ” على قيد الحياة وقد رأى جميع نبلاء ( مارسيليا ) جثته ؟؟ ولو افترضنا انهُ قد نجى بإي طريقة من الطرق الم يكن ليخبرني انهُ حي الم يكن ليأتي ويراني ؟؟
********
وفي احد فنادق العاصمة ( فونتال ) يدخل شاب يرتدي العباءة السوداء ذاتها التي كان يرتديها الشخص الذي اصطدم بجيني ويدخل برفقته شابة ذات عيون بنية اللون وشعر بني قريب للسواد قصير يكاد لا يصل الى كتفيها وتضع عباءة تُغطي شعرها فقط ، ويوجد عليها شعار طير ابيض على الجانب الأيسر منها ، ويقفان عند مكتب إستقبال ذلك النُزل ويهمس الشاب ذو العباءة للشابة التي برفقته ويقول لها : اسألي انتِ يا ” ليندا ”
تقترب ليندا ذات العيون البنية والشعر البني القصير من مكتب الأستقبال وتقول بنبرة هادئة : هل سَبَقَ وان رأيتَ شابتين برفقة شاب دخلوا النزل في اليومين السابقيين ؟ الشابتان متوسطتا الطول وشاب بدا عليهِ انهُ فارس ، لقد كانوا يحاولون إخفاء وجوههم قدر الإمكان ، هل تذكر انك رأيتَ احداً يشبههم ؟
يهز موظف الإستقبال رأسه ويقول : كلا ، لا اذكر ان النُزل إستقبل ثلاثة اشخاص مرةً واحدة في هذه الفترة
يقترب الشاب الآخر الذي برفقة ” ليندا ” ويقف عند مكتب الإستقبال وهو يضع عباءته التي تُغطي وجهه بشكل كامل ويشير الى ليندا ويقول بنبرة هادئة : احداهن كانت بهذا الطول ، لقد بدت صغيرة جداً ونحيفة
يهز موظف الإستقبال رأسه ويقول : انا آسفٌ ، يبدو ان ضالتكَ ليس هنا
يتنهد الشاب الذي برفقة ” ليندا ” ويقول : هذه مشكلة
ليندا التي تُظهر وجهها : اذاً الى اين الأن يا سيدي ؟
يسير الشاب متجهاً نحو باب النُزل وهو يقول : دعينا نخرج من هنا اولاً
وقبل ان يخرجا تُحَاصر ” ليندا ” وسيدها من قِبل اربعة رجال بدت عليهم القوة ويحملون سيوفهم ويتحدث احدهم بفخر وهو يقول : انتما من مجموعة ( الإعدام القرمزي ) ، اليس كذلك ؟ لا بد انك الزعيم لأن عباءتكَ لا يوجد عليها شعار الطير الأبيض ذلك
يتنهد الشاب ذو العباءة ويضع يده على سيفه ويقول لليندا التي برفقته بنبرة هادئة ولامبالية : لا ارغب برؤية اي قطرة دماء
تسحب ليندا سيفها من غَمدها وتقول بنبرة جادة ونظرات حادة : كما تأمر سيدي
وبعد مدة قصيرة يخرجان من النُزل والرجال الأربعة الذين حاصروهم مطروحين ارضاً مغشيٌ عليهم ، ويبدآن بالسير بالساحة العامة والعباءات تُغطي وجهيهما بشكل كامل ، واثناء سيرهما تسأل ليندا
سيدها بنبرة هادئة ومنخفضة : ما العمل ؟ لقد كان ذلك النُزل الأخير في وسط العاصمة ولم نجد اي دليل قد يقودنا الى مكانها الأن
الشاب الذي برفقة ” ليندا ” بنبرة هادئة : الى اين تعتقدين انها قد ذهبت اذا كانت قد خرجت من العاصمة ؟؟
ليندا وهي حائرة : مممم ، لا اعتقد انهم سيتوجهون نحو دوقية السيدة ” اوليفيا ” لأنها بالتأكيد لا تريد تعريض حياة عمتها للخطر ، لذلك فهي ستبتعد عن دوقية ( مستري ) قدر الإمكان وبذلك يمكننا القول انها قد عادت الى ( فلنوريا ) او ….
يقاطعها الشاب الذي برفقتها وهو يقول بإبتسامة متكلفة تعلو وجهه : كلا ،انتِ مخطئة ، فهي ستتجه نحو دوقية ( مستري ) لأنها تعلم ان الأشخاص العاديين سيفكرون مثلكِ ، ولكني اعرف كيف تفكر ” جيني ” جيداً واكثر من اي شخص آخر ، لذلك فأن علّي نشر جنودي في اراضي دوقية ( مستري )
تبتسم ليندا إبتسامة هادئة وتقول : انتَ الذي تعرفها وتعرف افكارها على عكسي انا
وبعد سيرهما في الساحة العامة وبين احتفالات الناس يتجهان نحو نُزل صغير بدت حالته سيئة ودخلاه وفور دخولهما توجهت ” ليندا ” نحو مكتب الأستقبال واقتربت من موظف الإستقبال العجوز وقالت : اعطني المفتاح
يهمس الرجل العجوز الذي على الإستقبال لليندا ويقول لها : ان السيد هنا
تتفاجأ ليندا وتتحدث الى نفسها قائلةً : والدي هنا ؟
تقترب ليندا من الشاب الذي برفقتها وتهمس في اذنهِ قائلةً : سيدي ، يبدو ان والدي قد عاد من مهمته
يهز الشاب الذي برفقة ليندا رأسه ويتجه برفقتها نحو باب في النُزل قادهم الى زقاق صغير خلف النُزل وهناك وُجدَ بابٌ آخر ، قامت ليندا بفتحه ودخل كلاهما غرفة صغيرة المساحة ورثة ومتسخة وُجِدَ بها طاولة صغيرة حولها خمسة كراسي خشبية وعند النافذة الصغيرة وقف رجلٌ امامها ، لقد كان رجلاً كبيراً بالسن ذو عيون بنية وشعر بني بعضهُ ابيض دلالة على كبر سنه ، اتجهت ليندا نحوه واحتضنته وهي تقول بنبرة سعيدة : والدي ، لقد اتيتَ اخيراً ، هل تعرف كم كنتُ قلقةً عليك ؟
الرجل الكبير بالسن وهو ينظر الى الشاب الذي برفقة ” ليندا ” بنظرات جادة : انا اخاف على هذا الطفل اكثر مما اخاف على نفسي
يدخل الشاب الغرفة ويجلس على احد الكراسي ويقول : طفل ؟ هل تدرك من تُكلم يا سيد ” ريتشارد ” ؟
( هل تذكرون ” ريتشارد ” ؟؟؟ عد الى فصل 10 )
يبتعد ” ريتشارد ” عن ابنتهِ ” ليندا ” ويقترب من الشاب وهو يقول : انتَ تعلم كم نخاف عليكَ من تهورك
يضع الشاب يده اسفل ذقنه ويضع قدمهُ على الآخرى ويتحدث بنبرة هادئة : هل تم الأمر ؟
يجثو ” ريتشارد ” العجوز على الأرض ويتحدث بنظرات خاضعة : اجل وكما امرتَ سيدي
الشاب والذي هو سيد ” ريتشارد ” و” ليندا ” بنبرة هادئة ونظرات حادة : انها هنا بالعاصمة
يتفاجأ ريتشارد ويرفع رأسهُ قائلاً : ماذا ؟ هل وجدتها ؟
يقف السيد عن مقعدهِ قائلاً بنبرة هادئة : كلا ، لقد رأيتها وكانت بين يدي ولكن بعض الحشود فرقت بيننا ، واعتقد انها رأيت وجهي ، ولم يبدو عليها انها مصابة بأي إصابات ، وذلك يدل على انها استطاعت الهروب من سائقا العربة الخائنان بأمان
تتفاجأ ليندا وريتشارد وتصرخ ليندا قائلةً : انتَ لم تخبرني بهذا ؟ هل حقاً كانت بين يديك ؟
السيد بنبرة هادئة وهو يتجه نحو النافذة الصغيرة التي بالغرفة : اجل ، ولكني لم استطع ان اخبرها انهُ انا حقاً ، اعتقد انها سُتكذّب عيناها ، ولن تصدق الأمر
يقف ريتشارد عن الأرض قائلاً : اذاً ، هيا نباشر بالبحث عنها
سيد ” ريتشارد ” و ” ليندا ” بصوت هادئ : لقد بحثنا عنها انا و ” ليندا ” في كل نُزل في هذه المنطقة ، ولا اعتقد انها ما زالت بالعاصمة ، فلقد كانت تحاول الخروج منها عندما اصطدمت بي
يتفاجأ ” ريتشارد ” ويقول : خارج العاصمة ؟ هل من المعقول ان تذهب الى دوقية ( مستري ) ؟
يقف السيد عند النافذة الصغيرة ويضع يداه في جيبه ويقول : يبدو ان ذلك ما سيحدث ، ولذلك فأن تركيز اقرب الأشخاص في المجموعة سيكون في الدوقية مثلك انتَ وليندا وليو وحتى كايل
ريتشارد بنبرة خاضعة وهادئة : كما تشاء سيدي
يُفتح باب الغرفة فجأةً ويدخل شاب ضعيف البنية وذو بشرة شاحبة وعيون تشبه القطط ” ليو ” ويقول : هاه ؟ يبدو ان السيد ” ريتشارد ” قد عاد اخيراً
يبتسم ” ريتشارد ” وتتجه انظاره نحو ” ليو” ويقول له : انا اتسائل حقاً عن السبب الذي جعلني خائفاً على قطٍ مثلك
يدخل ليو الغرفة قائلاً بنبرة لامبالية : كما تعلم فأن القطط تملك سبعة ارواح كما يقولون
تبتسم ليندا إبتسامة متكلفة وتقول : وفوق كل هذا ، هو قط سيدنا المخلص
يرفع السيد صوته وهو يقول : ليو !
يقترب ليو من سيده بسرعة ويجثو امامهُ قائلاً بنبرة هادئة وخاضعة : انا تحت خدمتكَ سيدي
السيد بنبرة هادئة : قف واخبرني بآخر الأخبار التي جمعتها
يقف ليو عن الأرض وتظهر على وجهه نظرات جادة ويتحدث بنبرة هادئة : اولاً ، المجموعة بأكملها اصبحت في هذا النُزل في هذه اللحظة
السيد : هذا جيد
ليو : هل تأمر بشيء سيدي ؟
السيد بنبرة هادئة : اجل ، اكتب رسالة لسيدة ” اوليفيا ” اخبرها فيها ان ابنة اخاها بخير واننا سنجلبها لها مهما كلّف الأمر ، وانتَ تعلم كيف توصلها
تظهر إبتسامة متكلفة على وجه ” ليو ” ويقول : بالطبع سيدي ، فأنا اكثر الأشخاص الذين يعرفون ممرات القصر الملكي ، وكن على ثقة ان الرسالة ستصل الليلة
يبتسم السيد إبتسامة متكلفة ويقول : انا اعتمد عليكَ يا قطي الجميل والمؤدب
ينزعج ” ليو ” ولكنهُ يبقى صامتاً فيتحدث سيدهُ قائلاً : وعليكَ بإرسال رسالة الى ابنة السيدة ” اوليفيا ” تخبرها فيها ان عليها تعيين بعض الخادمات لتقصي الأخبار في الأماكن التي تزورها نساء الدوقية عادةً ، انتَ تفهم كلامي جيداً ، وابعث رسالة الى شقيقتي الصغيرة واخبرها انني بخير ، وانني سأزورها عما قريب
ليو بنبرة خاضعة : آمركَ سيدي
ريتشارد : وماذا بالنسبة للمجموعة ؟ هل تنوي إعادتها الى قرية ( باتلت ) ؟
السيد بنبرة هادئة : اجل ، ولكن لن تتوجه الى قرية ( باتلت ) ستبقى في النُزل الموجود في وسط الدوقية بحثاً عن الأميرة ” جيني ” وسنقوم ببعض التحقيقات بشأن البارون ” هاريسون ” فعلى ما يبدو فأنه المسؤول عن تجارة العبيد ب ( مارسيليا )
ريتشارد بنظرات متفاجئة : البارون ” هاريسون ” ؟
السيد بنبرة هادئة وهو يتجول بالغرفة ذهاباً واياباً : اجل ، فعلى ما يبدو فأنه المسؤول عن شبكة تجار العبيد في ( مارسيليا ) بأكملها ، فلقد امسكتُ بأحد اعضائها المبارحة وقد باح بكل شيء
ليندا : بعد خمسة اعوام من بحثك برفقة الملك ” كارلوس ” عن الرأس المدبر بالعاصمة يتضح ان الرأس المدبر ليس سوى البارون ” هاريسون ” في دوقية ( مستري )
ليو : حدث كل هذا فقط لأن جذور اولئك التجار لم تكن بالعاصمة ( فونتال ) إنما في دوقية ( مستري )
ريتشارد : اذاً فأنت تنوي التخلص منه بأقرب وقت
يتجه السيد نحو الكرسي ويجلس عليه قائلاً : كلا ، ليس تماماً ، لا بد ان ذلك البارون شخص سهل ، فلقد نجح في التخفي عن اعين السيدة ” اوليفيا ” وابنها ” كيث ” طوال الخمس سنوات الماضية لذلك علينا دراسة الأمر جيداً قبل القيام بأي حركة للقبض عليه
ليندا : اوافق هذا ايضاً
يقترب ليو من كرسي سيده ويقول بنبرة جادة : وهناك خبرٌ آخر عليكَ معرفته ، اعتقد انهُ خبر لا يجب علينا ان نغفل عنه
السيد بنبرة جادة : وما هو ؟
ليو : اثناء تجولي في شوارع العاصمة اليوم سمعت بعض الأمور السيئة عن الماركيز ( كاستل ) ، امور مثل تجارة العبيد والتجارة بالأعضاء واختلاس اموال الضرائب وما الى ذلك من الأمور السيئة
السيد بنبرة متسائلة : الماركيز ( كاستل ) ؟ من المستحيل ان يفعل هذا ، صحيحٌ انه يتأخر في دفع الضرائب الا انهُ من المستحيل ان يسرق اموال مواطنيه
ليو بنبرة جادة : لقد كنتُ افكر بالأمر نفسه ، فكما اذكر فهو من اطيب وانبل الأشخاص في ( مارسيليا )
ريتشارد : لا بد انها مجرد شائعات لا طائل منها
السيد وهو يفكر : ولكن لا ضرر من تقصي بعض الأخبار عنه ونحن هنا في العاصمة
ليندا : سيدي ، يمكنكَ ترك مهمة إيصال الرسائل لسيدة ” اوليفيا ” لي وجعل ” ليو ” يقوم بمراقبة الماركيز ( كاستل )
يصمت السيد لفترة ويقول : كلا ستكون مهمة إيصال الرسالة للسيدة ” اوليفيا ” في القصر الملكي من نصيب ” ليو ” ، واما إيصال الرسالة لأبنتها وشقيقتي الصغرى فأني سأرسلها بطائر والدتي ومهمة مراقبة الماركيز ستكون مهمة ” ليو ” ايضاً
ليو بنبرة خاضعة : كما تأمر سيدي
ريتشارد : اه فهمت ، انتَ تريد من ” ليو ” زيارة القصر الملكي من اجل جمع المعلومات من والدتهِ رئيسة الخدم
السيد بنبرة هادئة : اجل ، فلا بد ان رئيسة الخدم ستكون قَلِقة علينا بعد المهمة التي قمنا بها ، لذلك فأن على ” ليو ” الذهاب وطمئنتها وجعلها تخبرنا بجميع الأمور التي تحدث في القصر الملكي في الأونة الأخير ، فالأمر لم يعد سهلاً من الأن وصاعداً
تظهر نظرات جادة على وجه ثلاثتهم ويقولون معاً : اه
السيد بنبرة هادئة : اه صحيح ، ستقود الجموعة نحو اراضي مستري يا ” ريتشارد ” برفقة ابنتك وانا سأبقى برفقة ” ليو ” بالعاصمة الى ان يُنهي اعماله ومهماته
يتفاجأ ريتشارد قائلاً : ماذا ؟ انتظر ، لماذا ستبقى هنا ؟ لا تخبرني انك تريد البقاء هنا من اجل إيجاد سموها ” جيني ”
السيد بنبرة هادئة : اجل ، هذا احد الأسباب
ليندا وهي تتذمر : وما هي تلك الأسباب التي لديك ؟
ينظر السيد نحو ليندا ويتنهد قائلاً : انا احبها واريد حمايتها ، ولكن هذا لا يعني انهُ يجب علّي تجاهل وظيفتي هنا ، لذلك فأني سأستغل فترة بقاء في العاصمة في البحث عن معلومات عن مجموعة قطّاع طرق في الجنوب ، لذلك سأبقى هنا قريباً من الساحة الى ان يُنهي ” ليو ” مهماته
ريتشارد بنبرة غاضبة : مستحيل ان نترككَ هنا لوحدك ، انتَ تدرك انكَ من اهم الأشخاص بيننا ، ومهما كنتَ ذكياً ونبيهاً إلا ان هذا لا يعني انكَ لن تتعرض للخطر
يتنهد السيد قائلاً : الا ترى انك تبالغ في حمايتي ، انا لم اعد طفلاً
يزداد غضب ” ريتشارد ” ويقول : مهما يكن ، لقد قطعتُ وعداً على نفسي انني لن اسمح بأن يحدث لكَ مكروه الى ان تصل الى ما تريد ، لذلك لا تجادل في هذا الأمر اكثر من هذا
السيد بنبرة غاضبة : سيد ” ريتشارد ” انتَ تدرك مع من تتكلم الأن ، لذلك انصحك بأن تحترم نفسك وان تسيطر على غضبك
يهدأ ” ريتشارد ” قائلاً : سموك ، انتً تدرك كم نخاف عليك ، وانت تعرف ان بقائكَ بالعاصمة هنا بمرافق واحد سيكون خطراً عليك
تسرع ليندا وتقول : حسناً سيدي ، دعني ابقى الى جانبك الى ان نجد السيدة ” جيني ”
يتحدث ريتشارد ويُدلي برأيهِ بسرعة قائلاً : اجل ، اجل ، دع ابنتي ” ليندا ” تبقى الى جانبك
يتنهد السيد ويقول : حسناً ، حسناً
يتنهد ” ريتشارد ” ويضع يده في جيبه ويخرج منهُ ورقة ويقدمها لسيدهِ قائلاً : خذ اقرأ هذه واعرف كم ان العاصمة خطيرة عليك ، لقد التقتُ هذه الورقة من احد الأزقة وانا قادمٌ الى هنا ، اعتقد انكَ يجب ان تقرأها بتمعن
يأخذ سيده الورقة من يده ويفتحها ويقرأها بصوت مرتفع وإبتسامة متكلفة تعلو وجهه : ( بيان من جلالة الملك ” روبرت ” ملك ( مارسيليا ) الى شعب ( مارسيليا ) بأكمله ، اي شخص سيحضر لي قائد مجموعة ( الإعدام القرمزي ) حياً او ميتاً فأنهُ سيحصل على مكافأة قدرها ثلاثمئة قطعة ذهبية )
ليندا بنبرة لامبالية : ذلك الملك انهُ مجنونٌ بلا شك ، انهُ يسعى وراء شخص لا يريد شيئاً سوى تنظيف ( مارسيليا ) من الجماعات السيئة التي تنشر الفساد في بلاده
السيد بإبتسامة متكلفة خبيثة : انهُ ليس سوى جبان كبير يخاف على رأسه من مجموعة لم تظهر ولاءها له
تلمع عيون السيد الذهبية بضوء النهار الذي يدخل من النافذة ويقول بنبرة متعجرفة وإبتسامة متكلفة تعلو وجهه : انهُ يُطالب برأسي فقط لأنهُ خائفٌ مني