BATTLE DIVORCE! - 9
“ماذا؟ ماذا تقصد…؟”
“أعني العلاقة الزوجية.”
عندما سألت الدوقة السابقة بدهشة، أجابها ماكسيم محددًا الأمر بكلمة دقيقة.
“كوخ، كح، كوح، كح-.”
تسببت إجابته الصادمة في اختناق ديزي، واحمر وجهها من شدة الإحراج.
“ديزي، هل أنت بخير؟”
“أجـ، أجل، أنا…”
“لا داعي للعجلة في الأكل. امضغي جيدًا وبهدوء.”
كان الأمر وكأنه يعطي الداء والدواء معًا. مع أنه ماكسيم فون بالدك هو من قال هذا الكلام الفظيع، إلا أن الجميع كانوا يركزون النظر على ديزي وحدها.
الدوقة السابقة، وكذلك الخادمات، لم ينظروا إلا إليها.
تمنّت ديزي لو أنها تختفي.
“يا له من أحمق لا مثيل له. حقًا، ماذا يعجبك في هذا الشيء السخيف؟”
كانت الدوقة السابقة منزعجة لدرجة أنها تمتمت بذلك بينما كانت تزم شفتيها بتأفف.
“عزيزتي العمة.”
نظرت ديزي إلى ماكسيم وقد شعرت ببرود في نبرته، بينما تغيرت نظراته إلى حدٍّ خطير.
ماذا الآن؟ كان من الصعب توقع تصرفاته حتى في الظروف الطبيعية، والآن بدا أكثر خطورة مع عينيه الزائغتين قليلًا بسبب الكحول.
“ألم تُخبرك كارين؟”
“تخبرني بماذا، هذا؟”
“بعد ثلاثين عامًا من الخدمة، ولا تزالين تفتقدين حتى لأبسط الفطنة؟ يبدو أن هذه كفاءة متواضعة حقًا.”
بصوت ساخر، ازداد وجه الدوقة السابقة قتامة.
لكن، ماكسيم فون بالدك لم يكن يتراجع أبدًا عن قول ما يريد.
“يبدو أنك لم تتلقي الرسالة، لذا سأوضحها: لا تجرؤي على إهانة زوجتي.”
تجمد الجو في الغرفة على الفور.
“ما، ماكسيم… كيف تجرؤ… عليّ هكذا…؟”
“ولماذا لا أجرؤ؟”
تحداها بنظرة ساخرة، مواجهاً غضب الدوقة السابقة مباشرةً.
“إذا عاملتِ زوجتي بسوء، حتى وإن كنتِ أمي، سأعتبر نفسي ابنًا عاقًا.”
“…”
“لذا، هذه هي تحذيراتي المسبقة. هل تفهمين؟”
لم تجد الدوقة السابقة ردًا، وكانت على وشك فقدان النطق.
ديزي أيضًا كانت مذهولة، وشعرت بشيء من الامتنان، لكنها لم تكن متأكدة مما إذا كان الأمر يستدعي هذا القدر من العنف اللفظي.
ماكسيم كان قد تناول بعض الكحول، وبطبيعته كان متهورًا وسريع الغضب.
“بما أنني رب عائلة بالدك الآن، أرغب في أن أعاملك كأمٍّ لي، لذا أتمنى منك التعاون.”
ساد الصمت في غرفة الطعام كأن ماءً بارداً سُكب عليها.
وعندما غادرت الدوقة السابقة المكان غاضبةً بعد أن وضعت المنديل، نظر ماكسيم إلى ديزي وابتسم بفخر وكأنه قد أنجز شيئًا عظيمًا.
“ديزي فون بالدك.”
“نـ… نعم؟!”
لماذا يناديني باسمي الكامل فجأة وبشكل مريب؟ أصابها الارتباك ووقفت للحظة متجمدة.
“هل هناك شيء ترغبين في القيام به؟”
“شيء أود القيام به؟”
“أي شيء. إذا كان باستطاعتي تحقيقه، سأفعله، فقط اخبريني بوضوح.”
… هل أطلب منه الطلاق؟
من الواضح أن هذه الفكرة لن تلقى استجابة.
بعد تفكير قصير ومتحير، أجابت ديزي بتردد.
“إذاً… أرغب برؤية والدي بعد غياب طويل.”
كان عليها، قبل كل شيء، مواجهة تيريز ذلك اللعين الذي دفع بها إلى هذا الموقف السخيف.
—
“يشرفني أن أحيي البطل الوطني، دوق بالدك.”
قصر تيريز.
انحنى الكونت تيريز بكل احترام واضعًا يده على صدره.
كان رئيس ديزي في العمل، وزعيم المنظمة السرية “كلين”، والذي يلعب الآن دور والدها المزيف.
“أهنئك على هذا الانتصار العظيم. لقد ساهمت في حفظ مجد المملكة، دوق بالدك.”
“تقديرك محل اعتزازي.”
كلمات مجاملة معسولة.
رغم الكلمات البراقة، لم يبدِ ماكسيم فون بالدك أي ردة فعل تذكر، واكتفى بابتسامة باهتة.
كان الكونت لوكاس تيريز، دائمًا ما يظهر لطفًا أمام الآخرين، حريصًا في تعاملاته كأي نبيل رفيع، لكنه في الخفاء، كان يدير ثورة سرية.
لم يكن يتردد في التملق والخداع، حتى بعد القضاء على “الخونة”، فقد كان رجلًا أشبه بثعبان.
“ما سبب زيارتك هذه في وقت متأخر من الليل، دون موعد مسبق؟”
رغم دورها كابنة غير شرعية للكونت، وزوجة الآن، لم تكن الزيارة في هذا التوقيت بالأمر المعتاد.
– “لنذهب غدًا. لم نخطرك مسبقًا، وأنت قد تناولت النبيذ…”.
– “لهذا السبب علينا الذهاب الآن. للتخلص من تأثير النبيذ.”
لم يكن قصدي هذا تمامًا، ولكن كان من المستحيل أن أقنعه بخلاف ذلك.
– “لكن…”
– “لو اتجهت إلى غرفة النوم الآن، لن أستطيع التحكم في نفسي. هل يناسبك هذا؟”
– “…”
كان بارعًا حتى في التهديد.
حسنًا، بما أنني مضطرة لزيارة قصر تيريز مع هذا السلاح البشري، من الأفضل أن يكون في حالة سكر.
وبهذا السبب، وجدنا أنفسنا هنا.
“ديزي كانت تود رؤيتك، لهذا جئنا.”
“حقًا؟”
ابتسم الكونت تيريز بعيون ملؤها اللطف وهو ينظر نحو ديزي.
“لقد اشتقتِ إلى والدك، أليس كذلك، يا ابنتي؟”
تبتسم، حقًا؟
ألم تدرك مقدار المعاناة التي مررت بها بسببه؟
كان حديثه يثير الغضب.
ديزي لم تكن من النوع الذي يستخدم ألفاظًا حادة، لكن بسبب هذا “الرئيس القاسي” وجدت نفسها تغلي من الداخل.
رغبت في إطلاق العنان لغضبها، لكنها قاومت.
ومع ذلك، بما أنها طلبت القدوم، كان عليها أن تتصرف وفق المطلوب.
“نعم، أبي. اشتقت إليك كثيرًا.”
قالت ديزي بابتسامة مجبرة، وهي تقبض على أسنانها وتبدو وكأنها تتوق إلى دفء العائلة.
في الداخل، كانت تتآكل من الغضب، لكن مظهرها الخارجي أظهرها كفتاة تائقة إلى لم شملها العائلي.
عاد ماكسيم فون بالدك منتصرًا من الحرب، ومع هذا النصر تغيّرت نظرة الناس إلى الكونت تيريز.
تحوّل في نظر الجميع من والد بارد باع ابنته لجنود الموت إلى محظوظٍ أُعيدت له كرامته.
كل هذه الشائعات كانت مجرد أحاديث تثير التساؤلات بين العامة.
ديزي، وفي سعيها للحفاظ على تمثيليتها، أجابت بلطف، ثم سرقت نظرة خاطفة إلى زوجها.
‘لم يكن هذا ما توقعت حدوثه…’.
خشيت ديزي أن يعامل ماكسيم والدها كأحد عائلتها بتلك الطريقة المزعجة، ولكن بدا عليه التباعد والهدوء هذه المرة.
‘هل يشعر بالحذر؟’
رغم توسلاتها بالحضور بمفردها، أصرّ على مرافقتها.
لكن هذا الرجل الذي اعتاد على إزعاجها بدا الآن غير متفاعل، يراقب بصمت.
“هل نجلس؟ لقد جلبنا أوراق شاي من الشرق، رائحتها طيبة جدًا.”
“آسف، لست مهتمًا بالشاي.”
“هل أقدم لك شيئًا آخر؟”
“لا داعي.”
أجاب ببرود.
‘إنه حذر بالفعل.’
كلما استمرت اللحظات، زاد يقين ديزي في ذلك.
‘من الصعب حقًا فهمه.’
حتى بعد عودته، كان الأمر يبدو وكأنه مستحيل أن تفهم تمامًا شخصية هذا الرجل الغريب.
“…”
“…”
“…”
ساد الصمت الثقيل في الغرفة، ولم يُسمع سوى صوت المعني بتحضير الشاي.
‘أريد التحدث مع تيريز وحدي.’
كان حديث ديزي هذا اليوم لا يمكن أن يُقال بحضور زوجها.
أخذت تفكر للحظة ثم قررت مخاطبته بحذر.
“ماكس؟”
“نعم، ديزي.”
نادت عليه بلطف، ورأته يبتسم بسعادة.
“حديقة الورود هنا جميلة جدًا. هل تودّ التجول بها؟”
“حديقة الورود؟”
“نعم، إنها المفضلة لدي، وأرغب في أن تراها.”
قالت ديزي بلطف، ثم ألقت نظرة نحو الكونت تيريز.
“سيقوم هذا الشخص بإرشادك.”
انحنى الخادم مطيعًا لأوامر سيده.
“هل ستأتين معي؟”
أهو غافل أم يتظاهر بعدم الفهم؟
كان التلميح دائمًا هو لغة النبلاء، لكن ماكسيم يبدو أنه لا يفهم هذا النوع من التلميحات.
“لدي حديث خاص مع والدي. إنها المرة الأولى التي أراه فيها منذ الزواج.”
“حسنًا، إذن…”
“الخادم سيرافقك. تمتع بالنزهة.”
قطعت ديزي كلامه بحزم، ثم همست له بلطف ببعض الكلمات المطمئنة.
“…حبيبي.”
أخيرًا، ارتسمت على وجه ماكسيم فون بالدك الذي كان متجمدًا طوال الوقت، علامات من الانفعال والحمرة.
“سأذهب لاستكشاف المكان. أتمنى لكما وقتًا طيبًا معًا.”
نهض ماكسيم بسرعة استعدادًا للمغادرة، لكنه انحنى بجانب أذن ديزي ليهمس لها بكلمات جعلت وجهها يحمر بشدة.
“سأعود قريبًا، حبيبتي.”
كانت كلماته الأخيرة هي السبب في احمرار وجهها المفاجئ.
الانستغرام: zh_hima14