As Long As you Are Happy - 91
“آككك.”
لم تكن كلمات الرجل الأخيرة حتى كلامًا مفهوماً، بل كانت مجرد صوتِ تدفق الدم. و كانت تلك هي وصيته الأخيرة.
عندما سُحب السيف الذي كان يخترق صدر الرجل، انهار جسده وسقط.
“كآآآه!”
صرخ الرجل ذو اللحية بصوت عالٍ.
“ما هذا!!”
ثم تراجع إلى الخلف بجنون.
إيرينا، التي كان شعرها لايزال يُمسك بقسوة، أغمضت عينيها وكتمت صرختها في داخلها.
“ال-الباب. الباب مُغلق، أليس كذلك؟”
كانت كلمات الرجل ذي اللحية صحيحًا. كامت الباب الأخضر لا يزال مغلقًا و بقفلٍ عليه.
“إذاً، من أين؟”
لم يجد الرجل ذو اللحية الجواب أبدًا. لأنه في اللحظة التي حاول فيها إدارة رأسه مجددًا، اخترق السيف رقبته.
حتى الصوت الأخير الذي تركه رفيقه، لم يستطع هو نفسه تركه. فقط لفظ أنفاسه الأخيرة دون صوت.
تحررت اليد التي كانت تُمسك بشعر إيرينا بقسوة.
لكن إيرينا لم تستطع التحرك. لأن……الشيء الدافئ الذي يلمس يدها……هل هو دم؟
‘إنه دم، أليس كذلك؟’
استدارت غريزيًا بشكلٍ طبيعي. لكن قبل أن ترى شيئاً، كانت هناك يدٌ كبيرة تغطي عينيها.
“لا تنظري.”
و أتى بعدها صوتٌ دافئ همسَ في أذنها بلطف.
و في الوقت نفسه، سُمع صوت شيءٍ يرفرف.
شعرت إيرينا بشيءٍ يلامس مؤخرة رأسها، وفجأة وجدت نفسها بين ذراعي شخصٍ ما يحتضنها بإحكام.
لم تكن بحاجةٍ للسؤال عن هويته. فقد كان الشخص الذي لطالما اشتاقت إليه.
“……دوق.”
اهتز صوت إيرينا وهي تناديه.
“نعم، إنه أنا.”
انهمرت الدموع من تحت يد لوغان التي تغطي عينيها. و كانت يدها البيضاء المرتعشة موضوعةً على ذراعه التي تلف خصرها.
“ك-كنتُ خائفة……!”
كادت إيرينا أن تنفجر بالبكاء لكنها بصعوبة كتمت صرختها.
و كانت لديها رغبةٌ شديدة في البكاء كطفلة بين ذراعيه، لكن……
الآن، لم يكن ذلك أهم شيء.
“دوق.”
أبعدت إيرينا اليد التي كانت تغطي عينيها.
رغم خوفها من رؤية الجثث، فتحت عينيها بحذر، لكنها أدركت أن مخاوفها لم تكن في محلها.
‘هل دخلوا عبر النافذة؟’
تحت النافذة المفتوحة على مصراعيها كان هناك رجلانِ ممددان، وقد تحولا بالفعل إلى جثتين. و غُطيا بقطعة قماشٍ لا يُعرف من أين أتت.
“إنه هناك.”
أشارت إيرينا بسرعة إلى غرفة المخزن.
“إنه بتلك الغرفه.”
ضاقت عينا لوغان عند سماع كلماتها. و أمسك كتفها برفق ثم تركه.
كانت تلك إشارةً واضحة للبقاء في مكانها.
بينما كانت تنظر بقلق إلى ظهر لوغان، سُمعت فجأة أصواتٌ غريبة قادمة من مكان ما.
“كغوك……”
كانت تبدو وكأنها صوت أنفاسٍ محتضرة.
‘هل يُعقل أن الخاطفون لا يزالون على قيد الحياة؟’
أمسكت إيرينا بوعاءٍ كان موضوعًا على طاولة الطعام. و كانت تفكر في استخدامه كسلاحٍ إن لزم الأمر.
لكن الصوت كان يأتي من مكانٍ آخر.
‘تحت الطاولة؟’
عندما انحنت ونظرت الى ما تحت الطاولة، كان هناك شخصٌ مستلقٍ ومغطى بقطعة قماش.
“إنه والد الطفل!”
بسرعة، أزالت إيرينا القماش الذي كان يعيق تنفسه.
كان هناك رجلٌ في منتصف العمر ينزف من رأسه كما لو أنه ضُرب بشيء.
‘وجهه شاحبٌ للغاية.’
لم تعرف ما الذي يجب عليها فعله، لذا أجلسته مستندًا على الحائط وبدأت بمسح الدم.
في تلك اللحظة، عاد لوغان من الخارج.
“لقد هرب.”
“ماذا؟”
نهضت إيرينا بسرعة وركضت نحو غرفة المخزن، ولكنها توقفت وضحكت بمرارة.
‘لم يختر هذا المكان عبثًا……’
كان هناك بابٌ مخفي في مكانٍ لم يكن مرئيًا بوضوح بسبب تكدس الأغراض.
يبدو أن بِن أدرك الموقف أثناء قتل الرجلين وقام بإزاحة الأشياء وهرب عبر ذلك الباب.
‘لا يمكنني السماح له بالهرب بهذه السهولة.’
أخذت إيرينا نفسًا عميقًا.
“علينا أن نلاحقه فورًا!”
رأت إيرينا العصا الخشبية التي كان بِن يستخدمها في وقتٍ سابق. فالتقطتها وركضت نحو الباب المفتوح.
“……؟”
و فجأة، وجدت جسدها يرتفع في الهواء.
“الدوق!”
مد لوغان ذراعه وأحاط خصرها، ثم رفعها بين ذراعيه.
في لحظةٍ تغير مستوى نظرها. و أمسكت إيرينا بكتفه ونظرت إليه مندهشة.
“تخلصي من هذه الأشياء المخيفة.”
أخذ لوغان العصا من يدها برفق ورماها بعيدًا، ثم بدأ بالسير.
رغم أنه كان يحملها وكان من الممكن أن يصدر صوتاً في مشيته، إلا أنه بدا وكأنه يتحرك بثباتٍ ودون أي خطر.
مر بجانب الطاولة وأسقط كل الأطباق الموجودة عليها إلى الأرض، ثم أجلس إيرينا على الطاولة نفسها.
“إيرينا.”
مد يدهُ إليها.
كانت يده كبيرةً لدرجة أنها أمسكت بيدي إيرينا كلتيهما دفعةً واحدة.
“يداكِ باردتان.”
لسبب ما، شعرت إيرينا أن يد لوغان كانت دافئةً جدًا، بل تكاد تحرقها.
“ربما بسبب الصدمة.”
نفخ على يديها برفق، وكأن ذلك بدا غير كافٍ، إذ احتضن يديها بكلتا يديه بإحكام ليمنحهما الدفء.
“استريحي هنا قليلاً.”
ثم أخرج قطعةَ قماشِ من مكانٍ ما ووضعها على كتفي إيرينا.
“ستصل دلفيا قريبًا.”
“دوق!”
أمسكت إيرينا بطرف ردائه عندما كان على وشك المغادرة.
“ذلك……”
كانت عيناها، وهي تنظر إليه، ترتجفان دون استقرار.
لقد رأى تلك النظرة من قبل.
“يجب أن تقبضَ عليه بأي ثمن.”
عندما خرجت من ذلك الصندوق القذر، كانت تلك النظرة نفسها في عينيها موجهةً إليه.
“عليك أن تقبض عليه……مهما كان.”
بدأت الدموع تتجمع تحت عينيها الزرقاوين، ثم انهمرت واحدةً تلو الأخرى.
رغم أنه كان يعلم بأن عليه الذهاب و اللحاق ببِن بسرعة، إلا أنه لم يستطع تحريك قدميه بسهولة.
“إن لم تفعل……سيتكرر الأمر مع شخصٍ آخر مثلي……”
بدأت إيرينا تبكي بشدة، وكأنها لم تعد تستطيع كبح البكاء الذي كتمته سابقًا.
“لا تقلقي.”
بهدوء، وضع لوغان قبلةً خفيفة على خدها.
“سأقبض عليه حتمًا.”
نظرت إليه إيرينا وأومأت برأسها، ومع كل حركةٍ من رأسها، كانت دموعها تتساقط على الأرض، تاركةً بقعًا مبللة.
“لقد فتحته!”
وفي تلك اللحظة، فُتح الباب بقوةٍ ودخلت دلفيا.
كان شعرها متناثرًا في كل اتجاه، وكأنها واجهت صعوبةً كبيرة بسبب القفل.
“لقد فتحته! هل انتهيتَ من التعامل مع الأمر، سيدي؟”
“نعم. دلفيا، سأترك هذا الأمر لك.”
“أوه، بالطبع، سيدي! اعتمد عليّ!”
اندفعت ديلفيا بسرعة نحوهم، وبدأت إيرينا تبكي بهدوء مرة أخرى بين ذراعيها.
غادر لوغان، تاركًا خلفه صوت بكاء إيرينا، متجهًا نحو الباب السري المفتوح.
كما توقع، كان يؤدي إلى زقاقٍ خلفي في حيٍ مضطرب.
رغم تفرع الطرق إلى مساراتٍ عديدة، لم يُظهر لوغان أي علامةٍ على التردد.
“…….”
تفحص المنطقة بعينيه، ثم بدأ بالسير نحو اتجاهٍ بدا وكأنه واثقٌ منه. حتى عند تقاطع الطرق التالي، استمر في السير بثقة، وكأنه يتبع دليلاً غير مرئي.
سار بتلك الخطوات الطبيعية وكأن الطريق واضحٌ أمامه.
و بعد السير لبعض الوقت……
“سيدي.”
على أطراف العاصمة، تحت الجدار الذي يفصل بين المدينة والريف، كان ليتون يقف هناك.
كان هو من قاد لوغان إلى هنا.
“وأين هو؟”
“في الداخل.”
قال ليتون ذلك وأشار إلى مكانٍ تحت الجدار.
كان هناك فتحةٌ صغيرة يكاد يكون من الممكن الزحف عبرها. و كانت الأرض مغطاةً بخطوط أثرٍ من حفرها.
من داخل الممر كان يُسمع صوت حركاتٍ خفيفة، وكأن شخصًا ما لا يزال يزحف عبره.
“يبدو أنه ممرُّ تصريف مياه الأمطار القديم.”
“تِسك.”
نقر لوغان بأسنانه.
كان يجب على المسؤولين عن ترميم الجدار وتجديد ممرات تصريف المياه أن يغلقوا جميع المداخل، لكن يبدو أنهم تركوا واحدًا عن طريق الخطأ.
أو ربما تم تركه عن عمدٍ مقابل المال.
“أخرجه.”
“حاضر.”
أشار لوغان بذقنه، فمدَّ ليتون ذراعه إلى الداخل وأمسك بـبِن الذي كان لا يزال يزحف، ثم سحبه بالقوة.
“آغ، آاغ!”
حاول بِن المقاومة، لكنه لم يستطع مقاومة قوة ليتون. فقد كان مشهد سحبه له مؤلمًا للغاية.
ساقاه اللتان ضُربت من قبل إيرينا كانت متورمة، وكان رداءه مغطى بالطين والقمامة.
كانت الضمادات التي كانت تغطي جسده قد تمزقت تقريبًا، ليظهر اللحم المتعفن الذي بدأ ينتفتت.
“أهغ.”
حتى ليتون، الذي شاهد أسوأ الأوضاع في الحروب، لم يستطيع إخفاء تعبيراته القاسية. لكن لوغان كان هادئًا. فقط كان يؤدي مهمته بهدوء.
“هل كانت هذه التعليمات من عائلة فلورنس؟”
لم يرد بِن على سؤال لوغان فورًا. و بدلاً من ذلك، بدأ يلمح بعينيه بحثًا عن مكانٍ للهروب.
قبل أن يعطي لوغان إشارةً أخرى، شدَّ ليتون يده التي كانت ممسكة بـبِن.
“آآآك!”
انطلقت صرخته في أرجاء المكان. و كان يتقلب في الألم وهو يحاول الزحف على الأرض.
“هل يجب أن أسألكَ مرة أخرى؟”
“لا!”
لم يكن الجواب واضحاً بقدر ما كان يشبه همساتِ الهواء الذي يخرج بصعوبة من انبوبٍ مسدود.
وبينما كان بِن يختنق بالألم، نطق بالجواب التالي فورًا.
“هذه الحادثة، هي……”
“ماذا تفعلون هنا؟”
توجهت أنظار الرجال الثلاثة إلى نفس المكان. و كان من يقف هناك هو رجلٌ يرتدي زي الحراس.
“هذا مكانٌ مغلق الآن……”
ولكن كلام الحارس تلاشى عندما اقترب منهم. كان من الطبيعي أن يحدث ذلك، لأن اثنين من الرجال كانوا يثبتون شخصًا آخر في مكانٍ مغلق…….
“أرجوكَ سيدي، ساعدني!”
أمسك يِن بفرصته للبقاء على قيد الحياة وبدأ يقاوم.
“هؤلاء الأشخاص يريدون سرقة المال الذي كسبته من التسول! آهغ! أرجوكَ أنقذني!”
“كلاكما، افلتوا يديكم عنه وتراجعوا!”
تنهد ليتون وكأنه كان يريد قول شيءٍ ما، وفي نفس اللحظة، شعر بِن بيده التي كانت ممسكةً به تضعف قليلاً.
‘هذه فرصتي؟’
شعر بِن غريزيًا بأنها كانت آخر فرصةٍ له للبقاء على قيد الحياة. فبذل قصارى جهده ليقف على قدميه بقوةٍ لم يكن ليمتلكها في الظروف العادية.
كانت تلك القوة التي لا يمكن إلا لشخصٍ يواجه الموت أن يستخدمها، كانت قوةً كالمعجزة.
‘لقد نجحت!’
ركض بِن بعيدًا، عازمًا على الاندماج بين الناس. ثم سيختبئ في أكوام القمامة، وعندما يهدأ الوضع، سيخرج بهدوء.
‘تباً، كان يجب أن أستخلص المزيد من المال من تلك النبيلة قبل أن أهرب منها!’
كان لدى بِن خيارُ الاستمرار في البقاء مع سناير فلورنس. لكنّه لم يفعل ذلك، لأنه كان يعلم أن سناير ستستخدمه كأداةٍ ثم تتخلى عنه.
لذا قرر الهرب أولًا، وسرق بعض الأشياء التي كانت تخص النبيلة.
‘لو كنتُ قد بعتُ رات لشخصٍ آخر، لما كان لدي أي مشاكلَ في حياتي الآن!’
الحقيقة أن الرغبة في رات لم تكن مقتصرة على البارون بارودون. بل كان هناك العديد من النبلاء الأجانب الذين جاءوا إلى الأحياء الفقيرة لشراء النساء، وقد كانوا يرغبون بها.
و لقد قرر أخيرًا بيعها لأحدهم، لكن الأمور انتهت إلى هذا الوضع.
‘لا بأس……طالما أنني على قيد الحياة، سيكون كل شيء على ما يرام. طالما أنا حي، فإن وجودي وحده سيشكل مشكلة كبيرةً لها.’
‘يمكنني استخدام ذلك للحصول على المال منها، ربما!’
‘حتى وإن لم يكن منها، هناك الكثير من الأعداء الذين يكرهونها!’
كان الشارع الرئيسي قريبًا، وكان واسعًا بما يكفي لمرور العربات. حتى أنه كان يعج بالكثير من الناس.
‘لقد نجوتُ الآن!’
“ماذا؟”
قبل أن يتمكن من الالتفات، دُ فع بِن بقوة نحو الأمام وهو يركض بأقصى سرعته. وفجأة، نظر إلى الأمام و كانت هناك عربةٌ تقترب……
‘لما فجأة!’
“آآآه!”
“هناك شخصٌ صدمته العربة!”
صرخ الناس من الفزع. و في لحظة، امتلأ الشارع باللون الأحمر، وتحول الوضع الى فوضى.
“سيدي.”
توقف ليتون الذي كان يتبع الدوق، وأبطأ سرعته ليقف بجانب لوغان.
“لماذا……؟”
سأله بحذر.
“كنت تستطيع الإمساكَ به، فلماذا دفعته؟”
سحب لوغان يده التي كانت ممتدةً ببطء، وكانت عيناه الحمراء موجهة نحو ليتون.
“…….”
ابتلع ليتون ريقه.
‘لا بد من التحقق من ارتباط هذا الشخص بعائلة فلورنس قبل التخلص منه، صحيح؟’
“أحيانًا.”
أجابهُ لوغان وهو يرفع نظره.
“الجثة غالبًا ما تتحدث أكثر من الشخص الحي.”
“اوه.”
“خُذ الجثة.”
قبل أن يعود لوغان إلى الزقاق، نظر نظرةً سريعة إلى جثة بِن الذي فارق الحياة.
‘على أي حال، يبدو أن الموت هو الطريقة الوحيدة الذي سيجد فيها راحته.’
_____________________________
اوتش ماتوقعت يفطس بذا السرعه بس اهم شي ان لوغان هو الي قىٌله🥰
مدري شقصده ان الجثه تتحدث بس دامه لوغان ترا صح عليه🙂↕️
ها الحين رح لإيرينا وضمها لين ترقدون😘
Dana