As Long As you Are Happy - 90
‘أنا خائفة.’
بعد أن ساعدت إيرينا الطفل على الخروج من النافذة الصغيرة، انكمشت بأقصى ما يمكنها.
كانت خائفة.
كانت تظن بأن الخطة جيدة، وكانت واثقةً من أنها لن تكون سيئة.
لكن ما إن أرسلت الطفل وبقيت وحدها في الغرفة، لم يتملكها سوى الخوف والندم.
عضت إيرينا شفتيها بشدة.
من سوء الحظ أن الغرفة التي حُبست فيها بدت وكأنها مخزنٌ يشبه غرف مخازن نُزل الأحياء الفقيرة.
فظهر أمام عينيها بوضوح شكل الغرفةِ التي عاشت فيها لأكثر من عشرين عامًا، ليختلط المشهد القديم بالجديد في ذهنها.
‘لا، هذا ليس صحيحًا.’
انكمشت إيرينا على نفسها، ورفعت ركبتيها ودفنت وجهها بينهما.
‘هذا مكانٌ مختلف تمامًا.’
‘هذا المكان ليس حيّ الفقراء، بل منطقةً مزدحمة. وأنا لست رات، بل إيرينا.’
رغم أنها واصلت تكرار هذه الكلمات لنفسها، إلا أن شيئًا ما جعلها تشعر بأنه إذا فُتح الباب أمامها، ستُعاد كل أحداث الماضي.
“رات.”
سيُناديها باسمها الذي اختفى، ثم يبتسم كاشفًا عن أسنانه.
“هناك مكان عليكِ الذهاب إليه اليوم. مكانٌ جيد جدًا، لدرجة أنك ستندهشين من روعته.”
تمامًا كما في ذلك اليوم الذي حُبست فيه داخل الصندوق.
“آه……”
حبست إيرينا أنفاسها.
لسببٍ ما، كانت تجد صعوبةً في التنفس منذ لحظات.
بينما كانت تلهث، عمّت الضوضاء خارج الباب.
“أوه، مجددًا تلك الأوامر المزعجة للإنتقال في مكانٍ ما!”
كان ذلك صوت أحد الرجال الذين حاولت إقناعهم سابقًا.
‘ما الذي يحدث؟’
رفعت إيرينا رأسها بسرعة ونظرت نحو الباب.
“ماذا؟ ما الأمر؟ هل تريدُ مني أن أبحث عن العربة وأجلبها؟ لذا، لماذا لا تأخذهم مباشرةً إلى هناك بالعربة؟ لماذا هذا الإزعاج؟ هل أنا هنا لأقوم بمثل هذه المهام السخيفة؟”
“……هذا لأنه طُلب منكَ ذلك….ولكن….لا داعي لرفع صوتك……”
“سواء رفعت صوتي أم لا، ما الفرق الذي يحدثهُ ذلك؟!”
“إذا اكتشفنا الحرس….! على أي حال، يجب أن نخرج…….”
“يا له من عملٍ شاق! إذًا، إذا خرجنا جميعًا، فسيبقى أنتما الاثنان مع صاحب العمل فقط؟”
ارتفع صوت الرجل بشكلٍ مبالغ فيه لدرجة أن شخصًا آخر انفجر غاضبًا بسبب ذلك.
وكأنه كان يرفع صوته عمدًا ليُخبر أحدًا بما يجري……
‘آه، إنه يحاول إخباري بما يحدث في الخارج عن عمد.’
صوت إغلاق الباب العالي تردد في المكان. ثم عاد الهدوء خارج الغرفة ولم يعد هناك أي ضجيج.
ذلك الصمت القادم من الخارج كان يخنقها. فبدأت أنفاس إيرينا تتسارع.
لم يتبقَ أحدٌ يقف في صفها داخل هذا المكان. إذ بقيت هي وحدها تمامًا.
‘كان عليّ الخروج قبل قليل، أليس كذلك؟’
بدأ قلبها ينبض بشدة. و لم تعد تسمع شيئًا سوى صوت دقات قلبها في أذنيها.
عندما كانت تحاول شراء ولاء الرجال، كان عليها أن تختار بين التضحية بنفسها أو ترك الطفل ووالده للموت، أو حتى بيع أرواح الآخرين في المستقبل.
‘هل كان ينبغي عليّ التفكير في إنقاذ نفسي أولاً؟’
‘……لا.’
هزّت إيرينا رأسها.
مهما فكرت في الأمر، لم يكن ذلك هو الخيار الصحيح.
‘قد تكون فكرةً غبية.’
ربما لو سمعها أحد، لضحك وسخر منها بوصفها بالساذجة.
لكنها فقط تمنت ألا يتعرض أحد للأذى بعد الآن.
‘أتمنى أن يخرج الجميع من هذا الخطر بسلام، دون أن يُصاب أحد.’
كانت هذه هي مشاعر إيرينا الصادقة. ولهذا السبب، كان عليها أن تفعل شيئاً الآن.
“……هييك، آاه!”
قلدت إيرينا صوت بكاء الطفل بينما كانت تراقب محيطها.
الرجال الذين أقنعتهم مسبقًا خرجوا جميعًا على عجل، تحسّبًا لأي طارئ. و الآن، لم يبقَ أحد لحمايتها سوى نفسها.
شعرت بالندم لأنها لم تتعلم المبارزة مسبقًا، لكنها كانت على الأقل قد شاهدت الفرسان يتدربون في ساحة التدريب وهم يلوحون بسيوفهم بين الحين والآخر.
حتى لو لم أتمكن من التلويح بالسيف ببراعة مثل الفرسان، ألا يمكنني على الأقل تقليد حركاتهم؟
“هييك!”
أخذت إيرينا تمسح المكان بنظراتها بسرعة.
بدا أن المستودع المليء بالغبار قد أُفرغ منذ زمنٍ طويل، ولم يكن هناك أي شيء بارز للعين.
“آاه!”
‘ألا توجد أسلحة؟’
حتى لو كانت خنجرًا صدئًا، كان من الأفضل لو وجدَت شيئًا كهذا. أو أي شيءٍ حاد على الأقل.
بحسٍ قوي، بدأت إيرينا تبحث في أرجاء المستودع مرة بعد مرة. وأخيرًا، شعرت أطراف أصابعها بشيءٍ ما.
‘هذا يبدو مناسبًا.’
ما التقطته إيرينا كان عصا خشبية.
بدت وكأنها كانت تُستخدم كعكازٍ لأحدهم في الماضي، لكن نهايتها كانت مكسورة.
وضعت إيرينا العصا الخشبية بجانبها مباشرةً بحيث تكون في متناول يدها في أي لحظة.
لم تكن متأكدةً من الوقت الذي مضى، لكن بدا أن وقتًا ليس بالقليل قد مرّ منذ أن خرج الطفل من المنزل.
“هيك!”
‘سيحاول بِن قريبًا إلقاء نظرةً إلى الداخل.’
مهما حاولت إيرينا جاهدة، سيقوم بِن بفتح الباب ولو لمرة واحدة للتأكد.
كانت الخطة الأفضل أن يخرج الطفل فورًا ويذهب إلى الدوق ويأتي مسرعًا للمساعدة. لكن كان لا بد من الاستعداد لاحتمال فشل الخطة.
‘إذا فتح بِن الباب للتحقق، فسيكون كل شيءٍ قد انتهى.’
إذاً، يمكنها أن تستغل تلك اللحظة كفرصة.
‘فرصتي الأخيرة للهروب.’
قبضت إيرينا على يديها بقوة.
‘من تبقى الآن هما الرجلان و بِن فقط.’
بدأت تسمع أصوات ضحكٍ وضجيج قادم من الخارج. بدا وكأنهم يشربون الخمر، خاصة مع صوت ارتطام الكؤوس.
‘هل ينبغي عليّ التأكد؟ ربما إذا سمعتُ أصواتهم سأتمكن من معرفة مدى ثمالتهم.’
وبعد أن فكرت للحظة، تعمدت إيرينا رفع صوتها.
“هيك، آااه!”
بصوتٍ أعلى قليلاً.
“هيك، آآااه!”
“اصمت!”
جاء صوت ارتطامٍ قوي!
بدا وكأنهم ألقوا شيئًا نحو الباب، فاهتز الباب ودوى صوت ضجيج عالٍ.
“من أين يأتي هذا البكاء والضجيج؟ يا لك من مزعج!”
‘كما توقعت.’
يبدو أنهم قد شربوا بالفعل إلى حدٍ ما.
‘لكنهم لم يثملوا تمامًا بعد.’
تمنت لو أنهم شربوا المزيد. لو واصلوا الشرب وأضاعوا الوقت، لكان ذلك مفيدًا.
‘على الأقل حتى وصول الدوق.’
لكن الواقع دائمًا ما يخيب التوقعات.
بعد أن ضربوا الباب بشدة، توقفت أصوات الحديث فجأة. ثم اخترق الصمت صوتاً مألوفاً.
بدو وكأنهم يتبادلون الحديث، ثم فجأة ضرب أحدهم الباب بقوة مرة أخرى.
“هيه! أجبني أيها الوغد!”
“هوااه……”
أصدرت إيرينا صوت نحيبٍ متعمد وهي تتظاهر بالخوف، لكن يدها كانت تتحرك ببطء نحو العصا الخشبية الموضوعة بجانبها.
عندها فُتح الباب، وظهر بِن مع الرجال الآخرين.
نظرت إيرينا إليهم مباشرة وتوقفت عن إصدار صوت النحيب.
“هل تتحديني؟”
لم تكن تريد أن تُظهر أي ضعفٍ أمامهم، خاصة أمام ذلك الـبِن.
“نعم.”
أمسكت إيرينا بالعصا الخشبية بإحكامٍ ووقفت بثبات.
“سأواجهك الآن.”
عندما سمع بِن كلماتها، أطلق ضحكةً ساخرة.
كانت ضحكته في البداية هادئة، كنسيمٍ يتسرب، لكنها سرعان ما تحولت إلى ضحكةٍ عالية و صاخبة.
انحنى بِن من شدة الضحك وكأن ما سمعه كان نكتةً سخيفة للغاية.
“هل أنتِ مجنونة؟”
نظر إليها بِن بجدية، وكان الفارق بينهما مخيفًا لدرجة أن إيرينا حبست أنفاسها.
“هل تعنين أنكِ لم تعودي خائفةً مني؟”
“لماذا يجب أن أخاف منك؟”
تقدم بِن نحوها، فشدت إيرينا قبضتها حول العصا الخشبية.
“بينما أنتَ صغيرٌ و قبيحٌ الى هذا الحد.”
كان عليها أن تشدد صوتها لكي لا ترتجف.
“لقد أصبتَ بجروحٍ كبيرة، وأنا الآن بصحةٍ جيدة.”
راقبت إيرينا وجه بِن الذي كان يتشوه تدريجيًا.
في الماضي، كانت تختبئ كلما رأته، لأنه كان دائمًا يضربها. لكن لو أخبرت نفسها في ذلك الوقت بأنها ستكبر يومًا ما وتواجه هذا الرجل، هل كانت ستصدق ذلك؟
“أنا الآن أستطيع هزيمتك.”
وجهت إيرينا العصا نحو بِن بحزم.
“هاهاهاهاهاها.”
انفجر بِن ضاحكًا، ضحكةً مليئةً بالدهشة والاستخفاف.
“هل أصبحتِ حقًا مجنونة؟”
“هل أساعدكَ؟”
“لا.”
عندما حاول أحد الرجال الذين كانوا يقفون خلفه التقدم للأمام، منعه بِن.
“لا حاجة لعددٍ كبير من الناس لاصطياد فأرةٍ واحدة، أليس كذلك؟”
لحسن الحظ، كان كل شيءٍ يسير كما توقعَت إيرينا.
حبست إيرينا أنفاسها وهي تراقب بِن بينما ترفع عصاها.
كانت تعرف شخصيته، عندما تُمس كرامته، كان يخرج ليواجه الأمور بنفسه. فقد كان دائمًا هكذا.
“رات.”
أخذ بِن عصاً خشبية وضرب بها الأرض بقوة، ثم فتح عينيه على مصراعيها.
“لن أضربكِ حتى تموتين، لكنكِ ستندمين.”
قبل أن تنتهي كلماته، حلّقت العصا في الهواء وضربت المكان الذي كانت تقف فيه إيرينا.
“……!”
تجنبت إيرينا الضربةَ بصعوبة وأخذت نفسًا عميقًا.
لم تكن تعرف أنهُ سيستهدف رأسها منذ البداية.
‘هل كان غضبه حقًا قويًا بهذا الشكل؟’
تااك-!
الضربة الثانية تمكنت من صدها بالكاد باستخدام العصا التي كانت تحملها، وأغلقت عينيها بإحكام.
كان معصمها يؤلمها، و كادت أن تفلت العصا من يديها. و عندما أمسكت بها مرة أخرى بسرعة، انفجر الرجال في الضحك.
“يا آنسة، إذا حملتِ شيئًا خطيرًا كهذا، ستتأذين.”
“نعم! استسلمي بسرعة! حسناً؟ هكذا ستتعرضين للضرب القليل فقط وتُباعين. لكن إذا تضرر وجهك الجميل ولو قليلاً، سينخفض سعركِ.”
ضحك الرجال الذين اختبأوا بجانب الجدار وكأنهم يستمتعون بالعرض بينما كانت إيرينا تتجنب الضربات.
رفع بِن كتفيه مبتسمًا. ثم عاد ليضربها بالعصا مرة أخرى.
تجنبت إيرينا الضربة بصعوبة، ثم صدتها بالكاد، وتراجعت خطوةً بخطوة.
‘لا بأس.’
مع كل مرةٍ تصد فيها الضربة، كان معصمها يؤلمها وتضعف قوتها في يديها.
لكنها كانت بخير. بينما كان بِن الآن يستخف بها ويشعر بالاطمئنان.
‘عندما أكون في هذا الوضع، الفرص تظهر.’
كما قالت لنفسها دائمًا.
كانت إيرينا تحاول الصمود. وكان هذا هو أكثر شيءٍ تجيده في حياتها، وما كانت تفعله طوال حياتها.
“يا لكِ من حقيرة!”
صرخ بِن بغضب عندما لاحظ أن إيرينا تتجنب ضرباته وتصدها لوقتٍ طويل.
“بسببكِ دُمرت حياتي! هل تفهمين ما أقوله؟ انظري إلى حالتي! ماذا ستفعلين بها؟ هاه؟ ماذا ستفعلين؟!”
زاد عنف ضرباته. وفي النهاية، أصابت ذراعها الضربة.
عضت إيرينا على أسنانها، وحاولت كتم صراخها، ثم أمسكت بالعصا بإحكام أكثر وردت عليه.
“كيف أصبح ماحدث لكَ هو خطأي؟”
“ماذا؟”
“أنتَ من أخطأت. لأنكَ عاملتني بهذه الطريقة، لهذا استحققتَ العقاب الذي تلقيته!”
كان بِن ما دائمًا يلومها على كل شيء. لو كان النزل قذراً، كانت هي الملامة، وإذا قلّ عدد الزبائن، كانت هي الملامة، وإذا كان هناك يومٌ ممطر، كانت هي الملامة.
في الماضي، كانت تصدق تلك الكلمات. لكن الآن لم يعد الأمر كذلك.
“من أوصل إليه حالكَ الى ما هو عليه……”
رفعت إيرينا العصا بكل قوتها.
“إنه أنتَ!”
طخ-!
ضربت العصا ساق بِن مباشرة، فسقط على الأرض وهو يصرخ.
كان صراخه مرتفعًا ومؤلمًا لدرجة أن الرجال الذين كانوا يضحكون تراجعوا فجأة في دهشة.
شعرت إيرينا بنفس الشيء، لكنها استعادت وعيها بسرعة وبدأت في الهروب فورًا متجاوزةً بِن.
“امسكوا بها! امسكوا بتلك الل&ينة!”
“تعالي الى هنا!”
سمعت إيرينا أصوات الصراخ من خلفها. فمدّت يدها بسرعه نحو الباب الأخضر.
“أمسكتُ بها!”
لكن محاولتها لم تنجح. فقد تم القبض عليها في لحظة.
حاولت أن تضربه بالعصا التي كانت لا تزال في يدها، لكن ذلك كان بلا جدوى.
عندما هز الرجل يده، سقطت العصا من يد إيرينا واندفعت لتتدحرج على الأرض.
“آه، أآه……”
أصدرت إيرينا أنينًا مؤلمًا بينما كان الرجل يشد شعرها.
ابتسم الرجل ذو اللحية وهو يظهر أسنانه.
“بما انها حاولت الهرب، لنقم بكسر ساقها أولاً.”
مد يده، وكأنه يطلب عصا أو أي شيء آخر من الآخرين. لكن مهما انتظر، لم يكن هناك أي شيء يعود إليه.
“ما الأمر الآن……؟”
توقفت كلماته فجأة.
عندما أدار الرجل ذو اللحية رأسه، كان ما رآه هو أحد زملائه بوجهٍ مليءٍ بالدم.
_____________________________
ايرينا مب راعيه قتالات بنتي ماتتحمل 😔
المهم اخييراااااا لوغان جا رحبوا وهللوا قلولوللولوللووووووووش
لا أوصيك ضفها وطبطب عليها 🫂
Dana