As Long As you Are Happy - 86
“أوااااه!”
يبدو أنهُ كان بالكاد يتمالك دموعه حتى الآن، إذ بدأت قطراتٌ كبيرة من الدموع تنهمر من عيني الطفل.
“آه، آنسة……”
أمسك الطفل بيده الصغيرة طرف كم إيرينا بقوة.
“أرجوكِ، ساعديني……أوووه.”
شعرت إيرينا بالارتباك وهي تلتقط أنفاسها، ثم مسحت دموع الطفل برفق.
“ما الأمر؟ هل يمكنكَ أن تخبرني بما حدث؟”
عندما سألتهُ بحذر وهي تنظر في عينيه، أومأ الطفل برأسه بينما ما تزال دموعه تنهمر بغزارة.
“الأمر هو……”
كان يمسح دموعه بيديه الصغيرتين مرارًا وهو يكمل حديثه بصعوبة.
“والدي……سقط مغشيًا عليه……ولا أعرف ماذا أفعل……أووووه!”
عاد الطفل الذي يبيع الزهور الى البكاء وهو يخفض رأسه.
وبينما كانت إيرينا تربت على ظهره المنحني بلطف، سألتها سؤالًا آخر.
“حسنًا، أين هو والدكَ الآن؟”
“إنه في المنزل……”
شهق الطفل وهو يحاول كتم دموعه وأشار بإصبعه نحو مكانٍ ما.
كان ذلك داخل زقاقٍ متعرج، و مظلم بشكل لا يُصدق لدرجة أنه لا يبدو و كأنه في وضح النهار.
“هناك.”
في نهاية الزقاق، ظهرت عدة أبواب. و مدّ الطفل ذراعه بسرعة مشيراً إلى أحدها.
“ذلك الباب الأخضر.”
كان ما أشار إليه بإصبعه الصغير بابًا أخضر متهالكًا يقع عند منعطف الزقاق.
“آنسة، أرجوكِ ساعديني……أوووه……”
كان يجب أن تخبره ايرينا بالطبع أنها ستساعده، وأن يطمئن. لكن بطريقة ما، لم تستطع تحريك رأسها.
‘هل سأتمكن حقًا من مساعدته؟’
بدأت راحة يديها تتعرق.
‘هل ينبغي عليَّ إحضار شخص آخر؟’
‘ماذا لو دخلت وتبين أن الوضع ميؤوس منه بالفعل؟’
‘ماذا لو كان الزقاق مظلمًا وخطيرًا ووقعنا في مشكلة؟’
‘ماذا لو عاد الدوق قريبًا وبدأ يبحث عني؟ ماذا أفعل؟ ماذا يجب أن أفعل؟’
“ربما……”
‘أحضرُ شخصًا آخر بدلاً مني؟ لأنني لن أكون ذات فائدة…؟’
“آنسة!”
فتحت إيرينا عينيها على اتساعهما. و عندما توقفت عن أفكارها، رأت الطفل أمامها، غارقاً في الدموع وهو يتوسل إليها طلبًا للمساعدة.
“أرجوكِ، ساعديني……”
“أنقذيني!”
امتزج صوتُ الطفل الذي يطلب المساعدة بصوتها هي، وكأنها تسمع صدى صوتها من الماضي.
عندما كانت محبوسةً في ذلك الصندوق، تتوسل بشدة طلبًا للنجاة.
‘أنا……’
تراجعت إيرينا خطوةً إلى الوراء بتردد.
‘ما الذي أفكر به الآن؟’
شحب وجهها الذي كان مغطى جزئيًا بيدها، وسرعان ما اجتاحها الخوف.
ارتعشت يداها بقوة.
‘لقد نجوت أنا أيضًا بفضل مساعدة الدوق……’
ألم تكن هي أيضًا داخل ذلك الصندوق البالي، تتوسل بيأس للحصول على المساعدة؟
رغم أن الموقف مختلف، فإن مشاعر اليأس نفسها.
‘وأنا، التي تعرف ذلك أكثر من أي شخص آخر……كيف يمكنني……؟’
“…….”
عضّت إيرينا على شفتها السفلى بإحكام، ثم هزّت رأسها وكأنها تحاول استعادة تركيزها.
“لنذهب. سأساعدكَ.”
نظر الطفل إلى إيرينا لوهلة بنظرةٍ مترددة، ثم أومأ برأسه بقوة.
“من هذه الجهة!”
أمسك الطفل بيد إيرينا وقادها. وقبل أن تتبعه، مدت إيرينا يدها وأمسكت بطرف كم الرجل الذي كان يستند إلى الحائط ليستريح منذ فترة.
“معذرةً!”
“هـا- نعم؟”
تفاجأ الرجل الذي كان يرتدي قبعةً لدرجة أن قبعته انزلقت إلى الخلف من شدة دهشته.
وبينما كان يعيد ضبط قبعته، سألها.
“هل تقصدينني أنا؟”
“نعم، أعتذر، ولكن قريبًا سيأتي إلى هنا رجلٌ ما.”
شعرت بالأسف لأنها أخافته أكثر مما توقعت، لكن لم يكن لديها وقتٌ لتوضيح أو تقديم المزيد من الاعتذارات.
“إنه طويلٌ جدًا، ذو شعر أسود، و عيناه حمراوان، ووسيمٌ للغاية.”
“ماذا؟”
ظهرت على وجه الرجل، الذي كان نصفه مغطى بالقبعة، ملامح واضحة من الحيرة، وكأنه لا يفهم لماذا تقول له هذا الكلام.
أسرعت إيرينا بإكمال حديثها.
“هل يمكنك أن تخبره أنني ذهبت إلى هناك؟ هناك، في ذلك الاتجاه، بسبب أمرٍ عاجل.”
وأشارت بيدها إلى نفس المكان الذي أشارت إليه الطفلة قبل قليل، المنزل في الزقاق الذي بالباب الأخضر.
“أرجوكَ، أعتمد عليك.”
تحدثت إيرينا برجاء، فما كان من الرجل إلا أن أمسك بحافة قبعته بإحكام وأومأ برأسه.
“ن-نعم، سأفعل ذلك……”
ورغم أن طريقته المترددة في الكلام لم تكن موثوقةً تمامًا، إلا أن إيرينا لم تكن تملك الوقت لتتأكد.
“لنذهب.”
ركضت إيرينا مع الطفل. و واصلا التوغل في الزقاق لفترة، حتى تحدث الطفل.
“إنه هنا.”
وسط العديد من الأبواب، وصل الطفل بدقة إلى المنزل ذي الباب الأخضر.
وبينما كان يبكي، بدأ يبحث في أغراضه حتى أخرج مفتاحًا قديمًا.
وضع المفتاح في مقبض الباب الذي كان قديمًا بقدر المفتاح نفسه، وعندما أدار المفتاح، صدر صوت طقطقةٍ خفيفة وفتح الباب.
كيييييك-!
صدر صوتٌ مزعج من الباب أثناء فتحه، وكأنه لم يتم تزييته منذ فترةٍ طويلة.
“أ- ادخلي من فضلكِ.”
كانت عينا الطفل تتحركان بقلق في كل اتجاه، وكأنه لا يستطيع التوقف عن التفكير في حالة والده.
أمسكت إيرينا بيد الطفل بقوة.
“لا تقلق، والدكَ سيكون بخير.”
قالت ذلك فقط لتخفف ولو قليلاً من قلق الطفل.
“أ- أجل……”
لكن عيني الطفل ازدادتا قلقًا وتحركتا بشكلٍ أكثر اضطرابًا.
“لنذهب إلى والدكَ أولاً. أين هو؟”
أشار الطفل بيده المرتعشة نحو إحدى الغرف.
“هناك. تلك الغرفة هناك. إنها غرفة والدي.”
كانت الغرفة في أقصى المنزل. وبينما كانت إيرينا تحدد موقع الغرفة في ذهنها، تساءلت فجأة.
‘هذا غريب……’
فالمنزل المصنوع من الخشب كانت جدرانه رقيقةً للغاية، مما يجعله غير قادر على عزل البرد أو الحر بشكل جيد. لذلك عادةً ما تُترك الغرف الموجودة في أقصى الزوايا كمساحاتٍ صغيرة تُستخدم كمخازن أو مستودعات.
إيرينا كانت تعلم ذلك جيدًا لأنها عندما كانت تعيش في نزلٍ بحي الفقراء، كانت غرفتها في الأصل مستودعًا أُعيد استخدامه.
‘لكن كيف تكون تلك الغرفة هي غرفة والده؟’
“آنسة.”
قبل أن تتمكن من التفكير أكثر، جذبها الطفل بقلق، ممسكاً بيدها بشدة.
“ربما يكون والدي في خطر.”
انحنى الطفل برأسه وهو يضيف.
“أسرعي، بسرعة……”
“آه، نعم، لنذهب.”
‘ربما بسبب قلة الغرف، اضطروا لاستخدامها كغرفة……فالمنازل هنا متلاصقة……ربما لهذا السبب……’
حاولت إيرينا التخلص من شكوكها وأومأت برأسها، متبعةً الطفل الذي قادها عبر المطبخ الذي كان بمثابة غرفةِ معيشة أيضًا.
ومع خطواته، أثارت حافة فستانه الغبار المتراكم، والذي ارتفع في الهواء على شكل غمامة خفيفة قبل أن يهبط مجددًا.
‘هذا غريب للغاية.’
‘ألم يقل بأنه منزله؟ كيف يمكن لمنزلٍ يسكنه أناسٌ أن يكون مليئًا بالغبار بهذا الشكل؟’
فقط التجول في المكان لا يمكن أن يتسبب بتراكم هذا القدر من الغبار.
أخذت إيرينا تنظر بحذرٍ حولها.
كان الغبار يغطي الكراسي، وطاولة الطعام، بل وحتى الأطباق الموضوعة على الطاولة كانت مليئةً بالغبار تمامًا.
‘هل هذا منطقي؟’
لا، هذا هناك أمرٌ خاطئ.
شعرت بقشعريرةٍ تسري في جسدها.
‘يجب أن أخرج من هنا.’
سحبت يدها من قبضة الطفل فجأة.
نظر الطفل إليها بذهول، وكأنه مصدوم من أن يدهُ أصبحت فارغة.
أمسكت إيرينا بمعصمها و خطت خطوةً إلى الوراء، متراجعة بحذر.
“آسفة……ولكن يجب أن أذهب الآن. سأستدعي شخصًا آخر بدلاً مني.”
“آه، آنسة……”
بدا الطفل وكأنه لا يستطيع تركها تذهب، فتقدم خطوةً للأمام.
تراجعت إيرينا خطوةً أخرى إلى الوراء.
“سأجلب شخصًا قريبًا……”
في تلك اللحظة، شعرت بشيءٍ يلامس ظهرها. رغم أن المكان الذي كانت تقف فيه منذ لحظاتٍ خاليًا من أي شيء.
“أوه! إلى أين تظنين أنكِ ذاهبة؟”
قبل أن تتمكن من الالتفات لرؤية الشخص، طُرحت على الأرض.
“آه!”
شعرت بأن أحدهم يضغط على الجزء العلوي من جسدها.
ابتلعت إيرينا أنفاسها بصعوبة، ثم استطاعت أن تلف رأسها ببطء.
“مرحبًا.”
كان شخصًا غريبًا.
كان رجلاً فقد بعض أسنانه و يبتسم ابتسامةً متعجرفة عندما رآها.
“واو……أنتِ جميلةٌ جدًا.”
اقتربت يدٌ مغطاة بشيء غير واضح من وجه إيرينا.
الشعور باللمسة كان يحمل نيةً واضحة جعلت شعرها يقف.
“أنتِ جميلةٌ جدًا، الآن أفهم تمامًا لماذا كان ذلك الرجل لا يستطيع التخلي عنكِ ويبحث عنك بهذا الشكل.”
كان صوته مليئًا بالجشع.
“لو كنتُ أعلمُ بذلك من قبل، لكنت سأكون أنا من يأخذ المبادرة أولًا.”
كانت يده التي تلمس وجهها تبدأ في النزول تدريجيًا. فشعرت إيرينا بشعورٍ مفاجئ من البرودة يجتاح جسدها.
إن بقيَت هكذا، فالنهاية ستكون واضحة.
‘لا، لا يزال الوقت مبكرًا.’
سمع صوتُ ابتلاع الريق بوضوح في المكان الهادئ.
عضت إيرينا على شفتها، محاولًة لتجميع شجاعتها.
في صمت، تظاهرت بعدم القدرة على المقاومة، وكأن جسدها قد تجمد……
“دعينا نستمتع قليل-‘
لكن قبل أن يكمل الرجل كلماته، ركضت إيرينا بكل قوتها إلى الأمام وركلته في بطنه.
تدحرج الرجل بعنف، وهو يُمسك ببطنه ويتأرجح، وعيناه ملتهبتان بالنظرة الغاضبة وهو يحدق في إيرينا.
“أنتِ مجنونة!”
انقض الرجل عليها، لكن إيرينا كانت أسرع قليلاً.
أمسكت إيرينا بأحد الأطباق الموجودة على الطاولة وضربت به رأس الرجل.
طرنق!
صدر صوتٌ غريب بينما انكسر الطبق الخشبي القديم إلى نصفين.
دارت عيون الرجل في محيطها بسرعة، ثم دار جسده هو الآخر قبل أن يسقط على الأرض.
“هاه، ها……”
تنفست إيرينا بصعوبة.
‘هل……مات؟’
دفعته برفقٍ بقدمها، فتحرك جسده وهو يطلق فقاعاتٍ من فمه.
يبدو أنه أغشي عليه للحظة.
أخذت إيرينا نفسًا عميقًا من الارتياح، لكنها كانت تعرف أن الوقت ليس في صالحها.
كان عليها مغادرة المكان بسرعة.
“أيها الطفل!”
ألقت إيرينا بالطبق المكسور جانبًا وهي تبحث عن الطفل.
رغم شعورها بشيءٍ غريبٍ تجاهه، الا انها لم تستطع تركه في هذا المكان الخطير بمفرده.
“أين……؟”
بينما كانت إيرينا تدير جسدها بحثًا عن الطفل، ابتلعت ريقها.
“أوه، أبي”
لم يكذب الطفل بشأن والده.
“مرحبًا، لقد مر وقت طويل، أليس كذلك؟”
لكنه لم يخبرها بالحقيقة كاملة.
كان الرجل في منتصف العمر الذي بدا كأبِ الطفل ملقى فاقدًا الوعي تحت قدم شخص آخر.
“آه، أبيي……”
كان الطفل يمسك بيد والده ويبكي، لكنه كان يراقب الوضع بحذر.
والشخص الذي كان يضغط على والد الطفل كان شخصًا تعرفه إيرينا جيدًا.
شخصًا كانت متأكدةً بأنها لن تراه مرة أخرى أبداً.
“لماذا، لماذا لا تجيبين؟ هل تمزحين؟ هاه؟ لماذا لا تجيبينني، هاه؟”
كان بِن، الذي كان يرتدي عباءةً رمادية، واقفًا هناك.
‘ألم يمت؟’
تراجعت إيرينا خطوةً إلى الوراء.
كان بِن يضغط على والد الطفل وهو يخطو خطوةً للأمام.
“لماذا لا تجيبنني يا رات؟ نحن نلتقي بعد وقتٍ طويل، أليس كذلك؟ هل عضضتِ لسانكِ؟”
تراجعت إيرينا خطوةً أخرى.
“بالطبع، إذا كان لديكِ ضمير، فلن يكون لديك ما تقولينه!”
كان العرق يتصبب من عيني بِن التي كانت مليئةً بالشر، كما كان يبدو الغضب واضحًا فيه.
“امسكوا بها!”
ومع صراخه الذي دوى في الأذن، ركضت إيرينا بسرعةٍ مبتعدة.
_________________________________
لااااااااااااااا و الموعد جعلكم منب قايله
طيب ذاك الي وصته ايرينا يعلم لوغان ماعلمه؟ ولا هو مع بن بعد؟
الله ياخذ بن بس والحين وش السواة يمديها تطق؟😔
Dana