As Long As you Are Happy - 83
“كيف حال معدتكِ؟”
سألتها دلفيا بقلق بينما كانت تخفي خنجرًا تحت ملابسٍ شائعةِ الاستخدام في الشوارع اليوم.
“دواء السيد بارن فعالٌ جدًا، لكنه ليس شيئًا يحقق الشفاء في وقت قصير.”
“لا بأس.”
أجابت إيرينا بابتسامةٍ مشرقة بينما كانت تربط حزام عباءتها البنية، التي تُعد الأكثر شيوعًا في الشوارع.
“قبل قليل شعرت أنني على وشك التقيؤ، لكنني الآن أشعر بتحسنٍ كبير.”
بسبب إفراطها في تناول وجبة الإفطار، عانت إيرينا من وعكةٍ شديدة، لكنها تمكنت بالكاد من التعافي بفضل دواء السيد بارن.
مع ذلك، بدت دلفيا غير راضية وأخذت تتمتم بتذمر.
“مع ذلك، ألم يقل السيد بارن بأنه سيكون من الأفضل أن ترتاحي اليوم؟”
ألم يقترح السيد بارن أن تبقي في القصر اليوم للراحة؟ لأن أي دواء مهما كان فعّالًا لا يمكنه أن يشفيها فورًا.
“لكن……”
تجنبت إيرينا نظرات دلفيا القلقة بصمت.
“اليوم هو اليوم الأخير من المهرجان.”
وهذا كان السبب الذي جعل إيرينا غير قادرةٍ على التخلي عن عنادها.
في اليوم الأول أغمي عليها، ومنذ اليوم الثاني بدأت تضيّع الوقت بالتفكير العميق. وهكذا، انقضت الأيام حتى جاء اليوم الأخير من المهرجان.
“قال السيد بارن بأنه إذا امتنعت عن الطعام اليوم فقط، سيكون كل شيء على ما يرام.”
قالت إيرينا ذلك بابتسامةٍ وكأنها تبرر موقفها بحزن.
‘من المؤسف أنني لن أتمكن من تناول طعام المهرجان، ولكن ذلك أفضل من أن أفوّت كل شيء.’
“بالإضافة إلى ذلك، هناك فعالية إطلاق الفوانيس في السماء اليوم.”
ألم يذكر ولي العهد سابقًا بأنه في الليلة الأخيرة، سيتم إطلاق الفوانيس إلى السماء؟
‘كيف بالضبط يتم إطلاق الفوانيس إلى السماء؟’
مجرد فضولٍ لمعرفة ذلك جعلها ترغب بشدة في حضور المهرجان اليوم.
“هممم.”
يبدو أن دلفيا كانت تفكر بنفس الطريقة، إذ أومأت برأسها، لكنها بدت غير مقتنعةٍ تمامًا.
“إذا شعرتِ بالتعب أو المرض في أي وقت-“
“سأخبر الدوق الفور أو دلفيا أو السيد ريو، وسأعود إلى القصر.”
“وإذا شعرتِ بالإرهاق-“
“بالطبع سأخبركم. إذا شعرتُ بالإرهاق الشديد، فلن أصرّ على البقاء حتى الليل.”
“أما إطلاق الفوانيس-“
“يمكنني مشاهدته من القصر، أليس كذلك؟”
عندما رددت إيرينا كل ما كانت دلفيا تنوي قوله، ضاق نظر دلفيا وكأنها أدركت شيئًا فجأة، ثم صفقت بيدها بقوة.
“آه، هل أخبركِ سيدي بذلك؟”
ابتسمت إيرينا بتعبٍ وأومأت برأسها.
ما السبب الذي جعلها تتوقع كل ما ستقوله دلفيا؟
لقد كان ذلك لأنها استمعت لنفس الكلام مرارًا وتكرارًا منذ الصباح حتى الآن، لدرجة أن أذنيها كادت تنفجران.
“لو أن الدوق لم يذهب لتبديل ملابسه، لربما كنت لا أزال أسمع نفس الشيء حتى الآن.”
“آه……”
عندما خفضت إيرينا رأسها، نظرت إليها دلفيا بنظرة شفقة.
لكن تلك اللحظة لم تدم طويلًا. فقد ابتسمت دلفيا بخفة.
“ربما لن يعجبكِ هذا يا سيدة إيرينا، لكنني أجد الأمر لطيفًا بعض الشيء.”
“ماذا؟ ما الذي تقصدينه؟”
هل يُعقل أنها تقصد أنها تستمتع برؤيتي عالقةً وأتعرض للمضايقة؟
نظرت إيرينا إلى دلفيا بنظرةٍ مليئة بالشك، لكنها اكتفت بالابتسام فقط.
“هل تعلمين، يا سيدة إيرينا؟”
سألتها دلفيا فجأة وهي تحتفظ بابتسامةٍ مريحة على وجهها.
“سيدي الدوق لم يكن من النوع الذي يهتم بالآخرين أو يلتفت إلى التفاصيل الصغيرة كهذه.”
“الدوق؟”
نظرت إيرينا إلى دلفيا بعينين لا تصدقان.
كيف يعقل ذلك؟ فقد اعتنى الدوق وينفريد بها منذ اليوم الأول لقدومها إلى القصر.
بل إنه علّمها حتى كيف تتوقف عن الحازوقة عندما أصابتها فور لقائهم الأول.
“نعم، حتى لو كان هناك من يعاني طوال الليل بجانبه، فلن يرفّ له جفن.”
تابعت دلفيا حديثها بصوتٍ هادئ.
“وحتى إن وجد شخصًا منهارًا، كان سيمرّ بجانبه فحسب. بالطبع كان سيصدر الأوامر للمساعدة بصفته مسؤولًا، لكن……كيف أقولها؟ لم يكن هناك شعور ٌحقيقي منه. كأن الأمر مجرد شيء عليه أن يفعله لأنه واجبٌ عليه.”
رمشت إيرينا بعينيها، غير متأكدةٍ مما تسمعه.
“بل أن هناك شخصٌ دائمًا ما كان يردد، سأموت، سأموت، وكأنه يعلّق هذه الكلمات على لسانه. ربما كان يفعل ذلك على أمل أن يتلقى مواساةً من الآخرين أو تشجيعًا من سيدي. لكن هل تعلمين ماذا فعل الدوق به؟”
“……ماذا فعل؟”
“جعلهُ يقف في الصفوف الأمامية.”
قالت دلفيا ذلك وهي تهز كتفيها.
“ذلك الشخص كان مجرد مسؤول عن الإمدادات، لذا كان دائمًا في أماكن آمنة. لكن بمجرد أن وقف في المقدمة، توقف عن قول تلك الكلمات تمامًا.”
اتسعت عينا إيرينا بدهشة، بينما حكّت دلفيا عنقها وضحكت بخفة.
“على ما يبدو، الحرب تجعل الناس أقسى بكثير.”
ابتلعت ريقها بصوتٍ مسموع قبل أن تتابع الحديث.
“فقد قيل لي بأنه لم يكن كذلك عندما كان صغيرًا.”
“حقًا؟”
“نعم. عندما أتيتُ إلى قصر الدوق وينفريد لأشارك في الحرب، كان على هذا الحال. لكن والديّ قالا بأنه كان يبكي كثيرًا ويقلق بشأن كل شيءٍ عندما كان طفلًا.”
“كان يبكي؟”
بكاء الأطفال ليس أمرًا غريبًا. فالأطفال بطبيعتهم يضحكون بحركةٍ بسيطة ويبكون بمجرد نظرة.
لكن مجرد التفكير بأن الدوق قد بكى……
‘لا أستطيع تخيل ذلك.’
فالدوق يبدو وكأنه لم يبكِ حتى عند ولادته.
بالطبع، هذا ليس ممكنًا حقًا، لكنه شعورٌ غريب كان يرادوها منذ ان رأتهُ للمرة الأولى.
“في إحدى المرات، بينما كانت والدتي تتجول في قصر الدوق، تعثرت وسقطت. وقد رأى صاحب السمو ذلك المشهد.”
أصغت إيرينا باهتمامٍ لحديث دلفيا. ربما لأن الأمر يتعلق بحكايةٍ عن الدوق عندما كان طفلًا، وهو أمرٌ لم تسمع عنه من قبل.
شعرت بالقلق من أن تفوتها أي كلمة.
“عندما رأى سيدي الدوق والدتي تسقط أمامه، يبدو أنه صُدم بشدة، فبكى بحرقة وركض إلى مكانٍ ما. ثم عاد بعد فترةٍ ومعه ضمادات، وبدأ بلف الجرح.”
“آه.”
“بل وأكثر من ذلك، نفخ على الجرح قائلاً لا تؤلمها، لا تؤلمها.”
كم هذا لطيف. كادت هذه الكلمات ان تفلت من فم إيرينا، لكنها غطت فمها بسرعة. ومع ذلك، لم تستطع كبح فضولها.
“كم كان عمر الدوق حينها؟”
“أمم، ربما ثلاث سنوات؟ أو أربع تقريبًا.”
“…..!”
أن يبكي لوغان في عمر الثلاث سنوات، ويحضر الضمادات ليضعها على الجرح، بل وينفخ عليها قائلاً: لا تؤلمها، لا تؤلمها؟
“بالتأكيد كان لطيفًا للغاية……”
مجرد تخيل ذلك جعلهُ يبدو لطيفًا للغاية.
بدت دلفيا متفقة تمامًا مع إيرينا، حيث أومأت برأسها بالموافقة.
لكنها سرعان ما حكّت خدها بإحراج.
“حسنًا، الآن أصبح بعيدًا تمامًا عن كونه لطيفًا.”
طوله الذي يفوق الآخرين، والجسد المصقول بفعل سنواتٍ من التدريب على المبارزة، وتعبيراته الباردة جعلته أقرب إلى أن يكون صارمًا ومرعبًا أكثر من كونه لطيفًا.
“لا.”
بالنسبة لإيرينا، الأمر لم يكن كذلك على الإطلاق.
“إذا دققتِ النظر، ستجدين أن الدوق لا يزال لطيفاً بالفعل.”
“سيدي الدوق……لطيف؟”
تلعثمت دلفيا، وهو أمر غير معتادٍ منها.
‘لطيف؟ حقًا؟’
ربما كان الدوق لطيفًا عندما كان صغيرًا. ففي ذلك الوقت، لم يكن مختلفًا عن أي طفلٍ آخر.
لكن الآن……هو لطيف؟
‘هل يمكن أن يكون لدى السيدة إيرينا نظرٌ……ضعيفٌ جدًا؟’
ظهر الارتباك والشك بوضوحٍ على وجه دلفيا. أما إيرينا، فقد بدا على وجهها تعبيرٌ مظلوم.
“لا، إنه حقًا لطيف.”
“حقًا؟ كيف؟”
“عندما يتناول شيئًا غير لذيذ، تظهر تجاعيدٌ على جبينه!”
“ماذا؟”
بدت دلفيا في حيرةٍ كبيرة.
منذ أن انضمت إلى الحرب بعمر الرابعة عشرة، كانت دلفيا دائمًا إلى جانب الدوق وينفريد.
بمعنى أن دلفيا كانت إلى جانبه لأكثر من 10 سنوات.
ومع ذلك، كيف يمكن أن يكون لدى الدوق هذه العادة التي لاتعرف عنها؟
كان هذا شيءٌ لم تسمع به أو تراه في حياتها.
“إنه حقًا يفعل ذلك. و عندما يتناول شيئًا غير لذيذ، تظهر تجاعيدٌ دقيقة على جبينه.”
أجابت إيرينا، وقد ضمّت حاجبيها وأظهرت التجاعيد على وجهها.
“وعندما يأكل شيئًا لذيذًا مرة أخرى، تنخفض أطراف عينيه قليلاً، قليلاً جدًا.”
ضحكت إيرينا بابتسامةٍ عريضة.
“إنه لطيفٌ جدًا لدرجةٍ لا يمكن تصورها.”
فقدت دلفيا كلماتها.
“أوه، هكذا اذًا!”
لكن لم يكن من الممكن تجاهل الأمر دون الرد.
رغم أن دلفيا أجابت بشكلٍ مجبر، إلا أن نظرة إيرينا أصبحت شديدة.
“أنتِ لا تصدقينني، أليس كذلك؟”
“نعم.”
لم تستطع ديلفيا أن تكذب حتى لو كانت ستموت. لذا قررت أن تكون صادقة.
“لا أصدق شيئًا من هذا!”
“لكن ما أقولهُ لكِ صحيح!”
رفعت إيرينا صوتها وكأنها تشعر بالظلم.
“عادةً يبدو الدوق بلا تعبير، لكن لو دققتِ النظر، ستلاحظين أن تعبيراته تتغير تمامًا. وعندما تكتشفين ذلك، سيكون في نظركِ لطيفًا جدًا-“
لكن فجأة، انقطعت كلماتها. بالأحرى، تم سد فمها.
“سيدة إيرينا.”
في لحظة، ظهر لوغان خلفها، ليغلق فمها بيده.
“ألم يحن وقت الخروج؟”
كان صوت الدوق يرتعش بشكلٍ خفيف.
وبينما كانت إيرينا تلتفت بعيونٍ زرقاء مليئةً بشعور الظلم، كان وجهها مغطى تقريبًا بكفه الكبير.
أشار الدوق بإشارةٍ من ذقنه إلى الخلف.
عندما حولت إيرينا نظرها، وجدت أن السيد ريو والسيد ليتون كانا يقفان هناك، في حالةٍ من الصدمة.
“……!”
كانت إيرينا تبدو مظلومةً وهي تحرك ذراعيها في محاولةٍ منها قول شيءٍ آخر، لكن يد الدوق كانت قد أوقفت فمها وحجبت كلماتها.
“لنذهب إلى المهرجان بسرعة. إذا تأخرنا، ستُغلق المتاجر.”
بالرغم من أنه كان متأخرًا قليلًا، الا ان الشمس كانت لا تزال في وسط السماء.
وخاصة اليوم، بما أن هناك حدثُ إطلاق الفوانيس في الليل. لذا، كانت إيرينا تعلم أن المتاجر لن تغلق حتى وقتٍ متأخر من الليل.
لكن الدوق كان يحاول الهروب من هذا الوضع بتبريراتٍ غير منطقية.
“…….”
رفعت إيرينا حاجبها وكأنها غير راضية، لكنها توقفت عن التمرد من أجله.
استغل الدوق هذه الفرصة وركب حصانه برشاقة، و أجلس إيرينا على ظهر حصانه معه.
“اتبعونا من الخلف.”
لم ينتظر ردهم، بل انطلق على الحصان بسرعة.
لم يسمع أي صوتٍ يتبعهم، مما يعني أن الأمر قد تم تنفيذه كما أمر.
“سيدة إيرينا.”
رغم أنها أصبحت قادرةً على ركوب الحصان بمفردها، إلا أن إيرينا، التي لا تزال غير معتادةٍ على الحصان، التصقت بجسد لوغان قدر المستطاع وأجابته.
“آه؟ نعم؟”
توقفت إجابتها لفترة قصيرة ثم استمرت بصوتٍ متقطع بسبب حركة الحصان التي جعلت جسمها يتأرجح.
“لا داعي للإجابة. إذا أجبتِ بطريقة خاطئة، ستعضين لسانك.”
ألم يُنادى عليها لكي تجيب؟
نظرت إيرينا إليه بجانبي عينيها.
“هاه……”
تنهد لوغان بارتباك ثم همس بصوتٍ منخفض.
“أحبُ إعجابكِ بي، ولكن أن تصرخي بتلكَ الطريقة وتقولين بأنني لطيفٌ أمام الآخرين……إنه قليلاً……”
‘لكن حقًا، أنتَ لطيفٌ جدًا.’
شعرت إيرينا قليلاً بالظلم بسبب عدم اعتراف الآخرين بلطفه، فرفعت رأسها بفخر.
‘آه.’
لكن ما لفت انتباهها كان وجه لوغان الذي احمر بشدة.
كان وجهه محمرًا وكأنه يحترق بسبب شعوره بالخجل.
______________________________
لوغان الصغير نمنمممم🤏🏻
ولوغان الكبير يجننننن😭😭😭🤏🏻
دلفيا و ريو و ليتون ماتدرون هم تأخروا عشان لوغان يبيهم بعيدين ولا هم للحين مصدومين😭
Dana