As Long As you Are Happy - 75
“سيدة إيرينا”
التفتت إيرينا التي كانت تربت على إيرين، وكأنها تساءلت إن كان يحب الاسم الذي أطلقته عليه.
“هل تريدين العودة إلى مسقط رأسكِ، إلى قصر الكونت ليونيد؟”
“أمم.”
أومأت إيرينا بعد أن ترددت للحظة عند سؤال لوغان.
“أريد أن أزور المكان مرةً واحدة على الأقل. في الواقع، لا يزال البارون كيريك يرسل لي رسائلَ بين الحين والآخر.”
كان ذلك أمراً يعرفه لوغان أيضاً.
فعددٌ قليل من الأشخاص الذين يراسلون إيرينا كانوا معروفين تماماً لديه.
“البارون كيريك يرسل أحياناً بطاقاتٍ بريدية مرفقة برسائله. و بطاقاتٍ مرسومة لقصر الكونت ليونيد.”
كانت تشعر دائمًا بشعورٍ غريب كلما رأت قصر الكونت ليونيد المرسوم بعنايةٍ على ورقة صغيرة بحجم راحة اليد.
“لا أتذكر أي شيء عنه، لكنني أشعر بشوقٍ غريب إليه.”
لم تعش إيرينا في قصر الكونت ليونيد سوى بضعةِ أشهر.
وحتى أنها كانت مجرد طفلةٍ رضيعة لا تستطيع المشي ولا الكلام، فلا ذكريات لها ولا أي شيء باقٍ هناك.
كيف يمكن أن تشعر بهذا الشوق إذن؟
“وأيضاً، البارون كيريك يحدثني كثيرًا عن مقاطعة ليونيد. فأصبحت أشعر بالفضول.”
ذلك المكان الذي عاش فيه والداها، والذي كانا مستعدين للتضحية بحياتهما من أجل حمايته.
كم يبلغُ جمال ذلك المكان؟
“همم.”
اقترب لوغان وأسند ذقنه على كتف إيرينا.
ربما بسبب فرق الطول الكبير بينهما، لم يكن ثقيلًا، لكن المسافة بينهما تقلصت فجأة.
حدق لوغان في إيرينا بينما تدلت زوايا عينيه.
“……ألا تهتمين بقلعة وينفريد؟”
كان صوته يبدو وكأنه فاقدٌ للحيوية بشكل غريب.
تلك القوة الصلبة المعتادة في نبرته انهارت فجأة.
فتحت إيرينا عينيها على اتساعهما مندهشة.
“أريد منكِ أن تهتمِ أيضًا بمقاطعة وينفريد. إنها مكانٌ جميل جدًا أيضًا.”
بدت عينا لوغان تبتسمان وهو يقول ذلك.
“ما رأيكِ؟”
“بلا!”
خرجت الكلمات من فمها دون أن تمر عبر تفكيرها.
“أريد حقًا زيارةَ الدوقية……!”
غطت إيرينا فمها وهي مصدومة من صرختها، لكن مشاعرها الحقيقية قد أُفصحت بالفعل.
عندما رآها لوغان، اتسعت عيناه للحظة، ثم انفجر ضاحكًا بضحكةٍ منعشة.
“لم أتوقع أن تكون ردة فعلكِ حماسيةً بهذا الشكل. هذا جيد.”
لف لوغان ذراعه حول خصر إيرينا ورفعها بخفة.
فاجأت هذه الحركة إيرينا، مما دفعها لتلف ذراعيها حول عنقه.
“يجب أن نذهب معًا. في الواقع، هناك شيء أريد حقًا أن أريكِ إياه.”
“ما هو؟”
“حقول القمح.”
ابتسم لوغان.
“حقول القمح؟”
هل يقصد حقول القمح فعلياً وليس إطلالة القلعة أو البحيرة؟
أومأ لوغان برأسه بينما رفع إيرينا ووضعها على حافة السور.
ثم، وهو مستند بيديه على جانبيها، بدأ الحديث.
“أريد أن أريكِ الأرض الممتدة بلا نهاية المزينة بالقمح الناضج. فقد كان جدي كان يحدثني عن ذلك باستمرار.”
“بني، لوغان، يا حفيدي.”
حتى وهو على مشارف الموت، تحدث الدوق وينفريد الأكبر عن حقول القمح مع حفيده.
‘أنتِ لا تعرفين كيف كانت الحقول، التي امتلأت الآن بالجثث، في الماضي. ولا تعرفين كم كانت المياه نقية في البئر التي لا يُستخرج منهُ الآن سوى الدم.’
“عندما كانت المياه النقية تُستخرج وتُرش على حقول القمح، كانت الأرض الخصبة تنبت القمح، والرياح تحنو عليه، والشمس تحميه. وعندما يحين وقت حصاد القمح.”
تابع لوغان حديثه وهو ينظر الى عيني إيرينا.
“كانت سيقان القمح التي نمت بشكلٍ جيد تملأ الحقول حتى أنكِ لا تستطيعين رؤية الأفق.”
كان ذلك جميلًا، و كان مشهدًا مؤثرًا.
“لو كان بإمكاني فقط، ولو لمرةٍ واحدة، أن أرى ذلك مرة أخرى.”
ابتسم لوغان بعد أن قال ذلك، لكنها كانت ابتسامةً مختلفة عن اي ابتسامةٍ سابقةٍ له.
شعرت إيرينا وكأنه على وشك البكاء لكنه يكتم ذلك، فمسحت عند زاوية شفتيه برفق.
“لكن، ليس جدي فقط……”
كما فعلت إيرينا قبل قليل، وضع لوغان خده على راحة يد إيرينا.
“بل حتى والدي، و أمي، لكن لم يتمكن أي أحدٍ آخر تمكن من رؤية حقول القمح التي كان جدي يتحدث عنها. رغم أن الثلاثة كانوا يعتبرون رؤية تلك الحقول أمنية حياتهم.”
أغلق لوغان عينيه ببطء ثم فتحهما مجددًا.
“لكنني لم أكن كذلك.”
لم أفكر يومًا في أنني أريد رؤية حقول القمح أو أن أشتاق للسلام.
كل ما أردته هو أن أبقى على قيد الحياة غدًا، وبعد غدٍ أيضًا.
‘هذا فقط، لا أكثر ولا أقل.’
“لو قلتُ ما أفكر به، سيلومني الجميع بالطبع. لكن الحقيقة أنني لم أتمنَ يومًا بصدق انتهاء الحرب. أو بالأحرى، لم أفكر حتى في أن الأمر يهمني سواء انتهت أم لا.”
“ماذا؟”
لم تستطع إيرينا إلا أن تعيد السؤال.
“لماذا تفكر بهذه الطريقة؟”
ابتسم لوغان مرة أخرى ردًا على سؤالها.
“لأن الحرب كانت شيئًا طبيعيًا جدًا بالنسبة لي.”
بدأت الحرب في عهد الدوق وينفريد الأكبر السابق، لكنها لم تكن بهذا السوء في البداية.
كانت تبدأ باشتباكاتٍ صغيرة، يليها توترٌ طويل، ثم تعود إلى اشتباكات بسيطة أخرى.
“بعد الاشتباكات الصغيرة، احترقت حقول القمح التي كان جدي يحلم بها.”
ومع ذلك، كان العيش ممكنًا بطريقةٍ أو بأخرى.
“لكن عندما وُلدت، كانت الأوضاع مختلفة.”
وكأن البلاد كانت تعاني من لعنة، فقد عانت لوبرك من مجاعاتً متتالية لعدة سنوات.
لم يكن القمح ينمو، وأدت آفة البطاطس إلى القضاء على مخزون الطعام الذي كان يُستخدم لمواجهة المجاعات.
جاع أهل لوبرك وثاروا، بينما كانت العائلة الملكية بحاجة إلى وسيلة لتهدئة الناس وتأمين الطعام في الوقت نفسه.
وكانت الحرب هي تلك الوسيلة.
“بما أنه لم يكن هناك مكان للانسحاب، أصبح الهجوم أشد ضراوة، وتحولت أراضي وينفريد إلى جحيمٍ من النار في لحظة.”
وُلد لوغان في تلك الأثناء.
بينما كان الجميع يبكون، ويصرخون، ويموتون، جاء إلى هذا العالم وحده.
“وظل الأمر كذلك طوال الوقت.”
أصبح من المعتاد أن يكون الزميل الذي شاركَ معه الإفطار ممددًا تحت كفن أبيض من رأسه إلى قدميه وقت الغداء.
كان من المعتاد أن يُنقل أولئك الذين دخلوا الحرب بثقةٍ زائدة وهم في حالة من الجنون.
وكان السبب بسيطًا وراء الترقي السريع للجنود العاديين مثل لوغان.
لأن قادتهم كانوا يموتون.
“وفي خضم كل ذلك، انتهت الحرب فجأة.”
“لنحاول النجاة حتى الغد، فقط حتى الغد.”
بعد تكرار هذا الوعد لمئات أو آلاف المرات، انتهت الحرب فجأة، وأصبح لوغان بطلاً.
“لكن بعد انتهائها، لم أعد أعرف ماذا أفعل.”
وبشكلٍ أدق، لم يعد يعرف لماذا هو على قيد الحياة.
ألم يكن يجب أن يموت؟
شعر أن فائدته قد انتهت تقريبًا، فلما ما زال على قيد الحياة؟
بالنسبة لشخصٍ وُلد في ميدان الحرب ونشأ فيه طوال حياته، كان السلام شيئًا غريبًا ومؤلمًا، وكأنه شيءٌ لن يستطيع التكيف معه أبدًا.
“ثم التقيت بكِ.”
كانت وصية الكونت ليونيد وزوجته له هي المهمةُ الأخيرة.
“في ذلك اليوم الذي ذهبت فيه لتنفيذ أهم وأخر وصية، التقيت بكِ.”
الأحياء الفقيرة القذرة، الرائحة الكريهة التي تفوح من كل مكان، الأشخاص الذين كانوا يعيشون على أفعالٍ دنيئة كانوا يركلون صندوقًا……
‘ومن داخله خرجتِ أنتِ.’
“ربما بدأ الأمرُ من تلك اللحظة.”
ابتسم لوغان قليلاً بينما كان يزيح شعر إيرينا عن وجهها.
نظرت إليه إيرينا بعينين متسعتين، غير مدركةٍ لما يقصده.
لكنه لم يقدم لها إجابة، بل استمر في الحديث بصوته المريح.
“وأثناء قضاء الوقت معكِ، خطرت لي فكرةٌ فجأة.”
“أي فكرة؟”
“فكرةُ أنكِ ستُحبين رؤية حقول القمح.”
طبع لوغان قبلةً خفيفة على خدها ثم ابتعد.
“لما تحملين هذا التعبير على وجهكِ؟”
بعد سماع القصة، لم يكن وجه إيرينا مشرقًا.
كيف يمكن أن يكون مشرقًا بعد سماعها لذلك؟
“هل تشعرين بالشفقة عليّ؟”
لم تستطع إيرينا الإجابة فورًا على سؤال لوغان.
كانت أسيرة فكرة، ‘هل يحق لي التعاطف بسهولة مع أي شخص؟’
تحدث لوغان، و هو يدفن وجهه في عنقها.
“أشفقِ عليّ.”
‘أريدكِ أن تشفقِ علي، إيرينا.’
عندما التقت نظراتهما الحمراء، احتضنته إيرينا.
ويبدو أن ذلك كان كافيًا كإجابة، حيث سُمِع صوت ضحكٍ خافت من لوغان.
“إذن، ما رأيك في رؤية حقول القمح؟”
“سأذهب لرؤيتها!”
أجابت إيرينا بعينين متوهجتين.
“بالتأكيد، سأذهب!”
“حسنًا.”
وقبل أن ينهي لوغان كلامه، رفعها مرة أخرى بخفة.
على الرغم من أنها بالتأكيد ثقيلة، إلا أنهُ حملها بسهولة وكأنها بلا وزن، وسار بها نحو إيرين.
“بما أننا خرجنا، يجب أن تجربِ ركوب الخيل مرةً واحدة.”
“ه-هل سأركب الآن؟”
“بالطبع، هل تحتاجين إلى بعض الوقت للاستعداد النفسي؟”
أمسكت إيرينا بكتف لوغان وأومأت برأسها.
“حسنًا، إذاً خذي وقتكِ للاستعداد حتى نقوم بجولةٍ واحدة.”
“هذا وقتٌ قصير جدًا……ألا يمكن أن نؤجلها للغد؟”
لكن لوغان هز رأسه بحزم هذه المرة.
“حتى الآن نحن متأخرون. عندما يأتي الشتاء، سيكون ركوب الخيل صعبًا. على الأقل يجب أن تتدربي قبل انتهاء الخريف.”
“آه……”
تنهّدت إيرينا وهي تنظر باتجاه إيرين، يبدو أنها شعرت بالخوف فجأة من ركوب الحصان.
“لا بأس. الأمر ليس مخيفًا كما تتصورين.”
حاول لوغان تهدئتها.
“ركوب الخيل مهارةٌ مفيدة و ستساعدكِ ببطرقٍ عديدة إذا تعلمتها.”
كان يبدو أن في كلماته شيئًا أيقظ ذكرياتٍ ما لدى إيرينا.
استدارت إيرينا بسرعة لتنظر إلى لوغان من الأعلى.
“دوق، أريد أن أتعلم المبارزة.”
“المبارزة؟”
أومأت إيرينا برأسها.
“كنت أفكر في هذا منذ فترة. أعتقد أنه إذا تعلمت الأساسيات، فقد أتمكن من استخدامها في المواقف الطارئة. سمعت أن الآنسة ويلر أيضًا أرادت تعلم المبارزة.”
ثم مدت ذراعها وكأنها تلوح بسيف. ولكن بسبب اهتزاز جسدها، كاد قبضتها ان تلامس وجه لوغان.
اتسعت عينا إيرينا بدهشة، بينما كانت عينا لوغان تحملان ضحكةً خافتة.
“هذا مخيف. هل من الآمن السماح لكِ بالتعلم؟”
“لا تسخر مني……”
بعد أن استمر في ممازحتها قليلاً حتى احمر وجهها تمامًا، وافق لوغان أخيرًا.
“حسنًا، سأعلمكِ المبارزة.”
“حقًا……!”
“لكن، باستخدام الخناجر فقط. السيوف العادية ثقيلة، وسيكون من الصعب عليكِ حملها.”
كانت إيرينا ترغب في التلويح بالسيف بشكلٍ أنيق مثل الفرسان الآخرين، ولكنها شعرت بخيبةِ أمل طفيفة، فبرزت شفتاها بحزن.
“سأعلمكِ المبارزة بالسيف لاحقاً.”
وعلى الفور عادت شفتاها إلى مكانها.
“ألستَ مشغولاً؟”
“كما هو الحال دائمًا.”
أجاب لوغان بابتسامة، وهو ينظر إليها.
“لدي الكثير من الوقت لأجلكِ.”
سُرَّت إيرينا بكلامه الذي خصص فيه وقتًا لها، فابتسمت ابتسامةً مشرقة.
أما أفكارها عن وطنها، فقد اختفت منذ وقتٍ طويل.
وبينما كانت تسترخي في حضنه مبتسمة، بدت وكأنها تذكرت شيئًا فجأة.
“دوق، هل الزهرة بخير؟”
“آه……”
أومأ لوغان برأسه مؤكدًا.
“إنها بخير، باستثناء سقوط إحدى بتلاتها.”
_______________________________
لاحظتوا؟ لوغان صرف ايرينا عشان ينسيها سالفة بيتها 😭😭😭
المفروض يسوي دورات عن فن استغلال الفرص✨
الفصل يجنن مافيه ولا تكة ازعاج وبلا ايرينا ولوغان 🤏🏻
ولوغان يتدلع ويصير مهووس أكثر ✨🤏🏻✨🤏🏻✨
هاتاهاعااااا عاجبني كمل على ذا المنوال اهم شي براءة ايرينا 😘
Dana