As Long As you Are Happy - 72
“انها…….”
رمشت إيرينا بعينيها. نظرت إلى الاتجاه الذي أشار إليه كارل، ثم عادت لتنظر إليه مجددًا.
“زهور، أليس كذلك؟”
في الزقاق بين المحلات، كان هناك طفلٌ يبيع الزهور واقفًا وحيدًا أمامهما.
ربما لم يكن هناك الكثير من الزبائن لشراء الزهور اليوم، إذ كانت السلة مليئةً بالزهور المتبقية.
“نعم، صحيح.”
ضحكَ كارل.
“يمكن شراء زهرةٍ واحدة مقابل بضعةِ قطعٍ نحاسية فقط.”
هكذا إذًا.
كان أطفال الأحياء الفقيرة غالبًا ما يخرجون إلى الشوارع لبيع الزهور، لكن إيرينا لم تكن واحدةً منهم.
بالإضافة إلى ذلك، لم تفكر يومًا في شراء الزهور أو حتى في فكرة اقتنائها، لذا لم تخطر ببالها الأمر على الإطلاق.
ومع ذلك، كانت تعلم بأن زهرةٌ واحدة يمكن شراؤها ببضعة قطع نحاسية فقط.
“نعم! صحيح!”
ربما اعتقد الطفل أن هذه هي الفرصة الأخيرة لبيع الزهور قبل العودة إلى المنزل، لذا أظهر حماسًا واضحًا.
“إذا اشتريتِ الآن، سأعطيكم أجمل زهرةٍ وأكثرها تفتحًا، يا آنسة!”
وبسرعة، أخرج زهرةً من سلته ومدها نحوها.
“كما ترين، زهوري أكبر وأجمل من زهور الآخرين! إذا اشتريتها مني، سأختار لكِ أجمل زهرةٍ بنفسي!”
نظرت إيرينا إلى الزهرة الممدودة أمامها.
كانت الزهرة، التي تتداخل بتلاتها المتعددة، جميلةً بالفعل. لكن ألم تكن ترى حتى الآن زهورًا تنمو في حديقة قصر وينفريد؟
بالإضافة إلى ذلك، كان هناك أمر آخر يشغل بالها.
‘الدوق لا يبدو أنه يحب الزهور كثيرًا……صحيح؟’
عندما جاءت إلى القصر لأول مرة، وأبدت إعجابها بالنرجس و قالت بأنه جميل، لم يرد سوى ببرود بـ”حقًا؟”
هل ستكون مناسبةً كهدية؟
نظرت إيرينا إلى الزهرة بوجهٍ يكسوه القلق. لكن كارل لم يتركها تغرق في مخاوفها.
“حقًا؟”
نظر كارل إلى الطفل وأومأ برأسه.
“إذن، هل يمكنكَ اختيار أجمل زهرةٍ لنا؟”
“نعم!”
أشرق وجه الطفل على الفور.
“اعتمدوا علي! سأختار لكم الزهرة التي تدوم أطول وتكون الأجمل على الإطلاق!”
باندفاعٍ وحماس، وضع الطفل السلة على الأرض وبدأ يختار بجدية الزهرة التي سيهديها لإيرينا.
“ما اللون الذي تفضلانه؟”
سأل الطفل بينما نظر كارل إلى إيرينا.
“اللون، أممم……”
حركت إيرينا عينيها بتفكير.
اللون؟ ما هو اللون الذي يفضله الدوق؟
كانت ملابسه دائمًا باللونين الأسود أو الأبيض، كانت ألواناً محايدة تمامًا.
أما الزهور التي أمامها الآن فكانت بألوانٍ زاهية ومتنوعة.
“لنختر اللون الأصفر.”
عند إجابة كارل، هتف الطفل بحماس.
“اللون الأصفر!”
وبدأ في اختيار الزهور الصفراء.
أثناء ذلك، تسللت إيرينا لتسأل كارل بهدوء.
“هل يحب الدوق اللون الأصفر؟”
“اليس كذلك؟”
كانت إجابتهُ غامضة. لكن إيرينا شعرت بشيءٍ من الإحباط.
“لماذا لم أكن أعرف ذلك؟”
“قد يكون ذلك بسبب…….”
ابتسم كارل وهو ينظر إلى إيرينا.
“لأنه لم يمضِ وقتٌ طويل على إعجابِ لوغان بهذا اللون.”
“……؟”
كانت إجابته غامضةً مرة أخرى. فنظرت إيرينا إليه بحيرة للحظة قبل أن تطرح سؤالاً آخر.
“الأدميرال.”
كان صوتها هذه المرة أكثر انخفاضًا مما كان عليه عندما سألتهُ في البداية.
مال كارل نحوها ليستمع إليها.
“ألا يمكن شراء الزهور من متجر الزهور؟”
لم تكن تقصد أن زهور الطفل سيئة، لكنها كانت تعتقد أن النبلاء عادةً ما يشترون الزهور من المتاجر.
“شراء الزهور من المتاجر خيارٌ جيد، ولكن هذه الزهور أقرب إلى زهورٍ البرية، لذلك نادرًا ما تتوفر في متاجر الزهور في العاصمة.”
جلس كارل القرفصاء على الأرض بجانب الطفل، واستمر في اختيار الزهور من السلة وهو يتحدث.
“وأيضًا، يا آنسة ليونيد……”
يبدو أن كارل والطفل وجدا زهرةً مميزة، إذ أشرق وجهاهما في اللحظة نفسها.
رفع كارل الزهرة بالقرب من وجهه بحيث تتمكن إيرينا من رؤيتها جيدًا.
“هذه الزهرة هي زهرة ميلاد لوغان.”
ثم نظر إليها بابتسامة، وعينيه الذهبيتين تتألقان بالضحك والبريق.
“لوغان لديه نوعان من زهور الميلاد، لكنه دائمًا ما يتلقى النوع الآخر. مع ذلك، هو يحب هذه الزهرة أكثر.”
غمز بعينه.
“إنها معلومةٌ سرية لا يعرفها سوى أقرب الأصدقاء.”
وقف كارل على قدميه وقدم الزهرة لإيرينا.
أخذت الزهرة الصفراء بكل عناية في يدها.
“لذلك، إذا أهديتها له، سيشعر بسعادةٍ غامرة.”
بدأت تعابير وجه إيرينا تتغير مع كلمات كارل.
تحول وجهها الحزين إلى متسائل، ومن التساؤل إلى فرحٍ غامر.
اختفت كل شكوكها ومخاوفها، وأشرق وجهها بابتسامةٍ لا مثيل لها.
“شكرًا لك.”
كانت عيناها تلمعان بفرح، ووجنتاها متوردتين، وشفتيها متسعتين بابتسامةٍ مشرقة.
“لو لم تكن هنا، لكنتُ سأبقى حزينة. ولم أكن لأعرف أن هناك شيئًا جميلًا كهذه……”
كان وجهها غارقٌ في سعادةٍ غامرة لا تعرف كيف تتعامل معها.
“…….”
تحرك حلق كارل بصمت.
وفي تلك الأثناء، أخرجت إيرينا قطعتين نحاسيتين من جيبها.
لكنها شعرت أن إعطاءهما مباشرةً للطفل قد يكون غير لائقٍ، فبدأت بمسحهما جيدًا باستخدام طرف كمها.
“تفضل.”
مدت إيرينا القطعتين للطفل بابتسامةٍ مشرقة.
“شكرًا لأنكَ اخترتَ لي زهرةً جميلة بهذا الاهتمام.”
“على الرحب، يا آنسة!”
هز الطفل رأسه بسرعة.
“أتمنى أن تكونِ زبونةً دائمةً لي! ليس مع الآخرين، بل لي فقط! أنا دائمًا هنا من منتصف النهار وحتى غروب الشمس!”
“حسنًا، إذا احتجت إلى شراء الزهور في المستقبل، فسآتي إلى هنا بالتأكيد.”
قالت إيرينا ذلك بنبرةٍ تحمل بعض الاعتذار. و أشرق وجه الطفل الذي ضمن لنفسه زبونةً مستقبلية بسعادةٍ غامرة.
نظرت إيرينا إليه بحب، ثم التفتت نحو كارل.
“الأدميرال، لدي بعض النقود المتبقية، هل يمكنني شراء زهرة لك أيضًا؟”
ابتسم كارل عند كلماتها، لكن لم تكن ابتسامتهُ المعتادة. إذ بدت بطيئة بعض الشيء، وغريبةً نوعًا ما.
“”أوه، لا داعي لذلك.”
لكن سرعان ما طغت طبيعته المرحة على أي إحراج.
“لست فقيرًا لدرجة أن أطمع في قطعٍ نحاسية.”
لوح بيده مازحًا.
“احتفظي بالنقود المتبقية كصندوقٍ سري خاص بكِ، آنسة ليونيد.”
تجهمت عينا إيرينا قليلًا عند هذه المزحة، مما جعل كارل يضحك بصوتٍ عالٍ مرة أخرى.
“ولكن، أريد أن أقدم لك شيئًا بالفعل. ألا يوجد شيء ترغب فيه حقًا؟”
كانت إيرينا تمسك الزهرة الرخيصة بإحكام، تلك التي ستُهديها إلى لوغان، وكأنها جوهرة ثمينة عُثر عليها في حطام سفينةٍ غارقة في البحر.
“همم……”
نظر كارل إلى الزهرة وأصدر صوتًا خافتًا.
“إذاً، آنسة ليونيد……”
ثم سألها، وكأن السؤال خرج منه بشكل عفوي.
“هل يمكنني أن أناديكِ باسمكِ الأول أيضًا؟”
“باسمي؟”
اتسعت عينا إيرينا بدهشة.
“نعم. لاحظت في المرة السابقة أن معظم أفراد وينفريد ينادونكِ باسمكِ الأول.”
بدت إشارته إلى زيارته السابقة لقصر الدوق وينفريد لإحضار وثائق مهمة.
“واليوم، بما أننا أصبحنا أكثر قربًا، أليس من المناسب أن نفعل ذلك تعبيرًا عن صداقتنا؟”
مال كارل برأسه قليلاً إلى الجانب بينما طرح سؤاله بابتسامةٍ خفيفة.
“هل سيكون ذلك صعبًا؟”
قال كارل ذلك، مما جعل إيرينا تبتسم ابتسامةً واسعة.
“لا، ليس صعبًا. يمكنكَ مناداتي كما تشاء، الأدميرال.”
عندها عاد الابتسام إلى وجه كارل الذي كان مشدودًا في البداية.
“حسناً إذاً، آنسة إيرينا.”
قال اسمها مبتسمًا ابتسامةً كبيرة تكشف عن أسنانه.
“يمكنكِ مناداتي بكارل، فأنا أفضلُ ذلك.”
“ذلك……ليس ممكنًا. ليس لأنني لا أريد ذلك! لكنني حتى لم أنادي الدوق باسمه بعد.”
“أفهم.”
أومأ كارل برأسه بتفهم.
“إذاً، عندما تشعرين بأنكِ أكثر راحة، هل ستنادينني باسمي؟”
“بالطبع.”
أومأت إيرينا برأسها موافقة.
“حسنًا، هل نعود الآن؟ أعتقد أن ليتون قد……قد أنهى الطعام بالفعل. فقد طلبنا له كل الوجبات مرتين بعد كل شيء.”
بدت نبرة صوته وكأنها تحمل بعض الإحباط لضياع أمواله، مما جعل إيرينا تنفجر في الضحك.
أثناء تراجعه، قام كارل بهدوء بإعطاء الطفل أربع قطعٍ من النقود الفضية.
اتسع فم الطفل بشكلٍ غير متوقع.
“……!”
كان الطفل على وشك قول كلمةِ شكر، لكن كارل ابتسم برقة ورفع إصبعه على فمه كإشارةٍ للسكوت.
ابتسم الطفل بشدة، وأومأ برأسه عدة مرات ثم جرى نحو منزله.
وبعد عدة أيام……
“انا هنا، لوغان.”
زار كارل قصر وينفريد. و دخل إلى مكتب لوغان بسرعة.
“همم، لقد تم تجديد المكتب تمامًا، أليس كذلك؟”
“كان لدي أمر لأفعله.”
أجاب لوغان بإيجاز وهو يشير إلى الأريكة.
“اجلس قليلًا، سأعطيك الأوراق بعد لحظة.”
“خذ وقتك، لا بأس.”
جلس كارل على الأريكة وهو يلوح بيده بابتسامةٍ عريضة.
“في هذه الأثناء، سألهو مع إرن!”
“أرفض.”
رد إرن الذي كان يقدم الشاي والحلوى للضيف بوجه متجهمٍ فوراً.
“أنا خادمٌ كفء ومشغولٌ دائمًا.”
“لماذا تتصرفُ هكذا؟”
تغيرت ملامح كارل وأصبح وكأنه متأثر.
“لقد قضينا وقتًا رائعًا معًا في المرة الماضية، أليس كذلك……أوه!”
“توقف عن إزعاج خادمِ الآخرين.”
توقف كارل عن المزاح أخيرًا بعد تحذير لوغان الصارم، وتمكن إرن من مغادرة المكتب.
تناول كارل قطعةً من البسكويت وأخذ ينظر حوله.
“لقد غيرت كل الأثاث بالكامل. هل حدث شيء فعلاً؟”
“كانت هناك ظروف.”
من الواضح أنه لم يكن يعتزم الحديث عن الأمر الآن. لكن كارل كان واثقًا بأنه سيخبره لاحقًا إذا كانت هناك حاجة.
لفت انتباه كارل شيءً غريباً بين الأشياء الموضوعة في الغرفة.
كانت هناك زهرةٌ موضوعة على مكتب لوغان.
إناء الزهور كان تحفةً فنية فاخرة صنعها حرفيٌ ماهر، لكن الزهرة نفسها كانت مجرد زهرةٍ برية تباع في الشوارع.
“…….”
نهض كاي من الأريكة واقترب من المكتب.
لقد اختار هذه الزهرة بنفسه قبل أيام.
كان من الواضح أن لوغان اعتنى بها جيدًا، لأن الزهرة الصفراء ما زالت نضرةً للغاية.
‘حتى لو كانت الزهرةُ في مرحلة البراعم عندما اخترتها، لكنها حقًا بقيت لفترةٍ طويلة.’
بينما كان كارل يحدق بالزهرة للحظات، مد يده دون أن يدرك.
وما إن لمس أطرافها حتى سقطت إحدى بتلاتها برفقٍ إلى الأسفل.
انحنى كارل بحذر والتقط البتلة التي سقطت على المكتب.
“لوغان.”
نظر لوغان إلى كارل بعد ان انتهى من مراجعة آخر الأوراق.
“أريد الاحتفاظ بهذه.”
قال كارل ذلك وهو يحمل البتلة، ثم جلس على حافة المكتب.
“أعتقد أن لدي الحق في الاحتفاظ ببتلةٍ واحدة على الأقل.”
ابتسم كارل بابتسامةً ماكرة.
____________________________
يبدوا ان كارل وقع😔
ماكان ابيه يحبها يعني الحين شلون اشوفه زي اخوها
المهم ليه ماورنا كيف كانت ردة فعل لوغان يوم استلم الزهرة؟ غششش 😭😭
ابي اشوف كل شي لحظة بلحظة
Dana