As Long As you Are Happy - 65
يبدو أن النيران كانت أعنف مما توقعوا.
حتى وسط الأمطار الغزيرة، انتشرت قصة الحريق الذي ابتلع قصرًا بالكامل قبل أن يخمد سريعًا.
“يقال بأنه عقابٌ من السماء……”
بدأت الشائعات المثيرة تنتشر بصوت ٍمنخفض وهمس بين الناس.
كان الجميع يتحدثون عن قضية البارون بارودون.
أخذوا يناقشون كيف استغل انشغال الناس بالحرب ليتسبب في معاناتهم، وكيف استولى على أموالهم، وارتكب أفعالًا مروعة.
انتشرت الأخبار بسرعة كبيرة حتى وصلت إلى عائلة الكونت فلورنس.
“ماذا؟”
شحبَ وجه سناير، التي كانت تستمتع بوقت الشاي مع الضيوف الذين زاروا قصرهم.
“قصر البارون بارودون قد احترق؟”
“نعم.”
بدت الكونتيسة فلورنس، والدةُ سناير، بوجهها الهادئ، مملوءةً بالقلق.
“يقال بأن النيران كانت شديدةً للغاية. ورغم وجود أكثر من عشرين شخصًا يحاولون السيطرة عليها، إلا أنهم لم يتمكنوا من ذلك بسهولة.”
“مجرد سماع الشائعات يجعل الأمر مرعبًا.”
قالت إحدى السيدات وهي تضع فنجان الشاي على الطاولة وتُهزُّ رأسها.
كانت من الشخصيات ذات النفوذ الكبير في المجتمع.
“في الواقع، بدأ يُنشرُ الكثير من الكلام السيئ عن البارون.”
“صحيح.”
عقدت الكونتيسة حاجبيها برفق، معبرةً عن استيائها.
“حتى عدم تبرعه لصندوق الحرب كان كافيًا ليُظهر أنه شخصٌ سيئ.”
“وليس هذا فقط، بل يُقال بأنه أصرّ على فرض رسومِ مرورٍ قاسية حتى على اللاجئين.”
“يا إلهي.”
تصلّبت وجوه السيدات الجالسات حول الطاولة تمامًا.
وكانت الكونتيسة فلورنس أكثرهن إظهارًا للاشمئزاز.
“من المخيفُ حقًا بأن هناك أشخاصًا سيئين إلى هذا الحد.”
“حتى إن البعض يقول بأن هذا الحريقُ هو عقابٌ من السماء.”
“وليس ذلك فقط، فالبارون كان دائمًا……”
توقفت السيدة التي كانت على وشك إكمال حديثها عندما رأت سناير.
يبدو أنها شعرت أن الحديث غير مناسب لآنسةٍ شابة لم تتزوج بعد.
“هاها، على أي حال، آنسة فلورنس تبدين جميلةً جدًا اليوم.”
قالت إحدى السيدات وهي تلوّح بمروحتها، محاولةً تغيير موضوع الحديث.
“يُقال بأن زيارات الشباب قد ازدادت إلى قصركم هذا الموسم الاجتماعي، أليس كذلك؟”
خلال الموسم الاجتماعي، كان الرجال يزورون منازل النساء اللواتي يلفتن انتباههم، للتحدث في غرف الاستقبال وتحديد مواعيد للقاءات مستقبلية.
كان من المعتاد أنه إذا شعر أحدهم باليقين بعد عدة لقاءات، يقدم حينها عرض الزواج.
ولهذا السبب، خلال الموسم الاجتماعي، كان الجميع يراقبون بعناية القصور التي يزورها الشباب أكثر من غيرها.
وكانت المنافسة الخفية جزءًا من المشهد.
“هاها.”
جلست الكونتيسة مستقيمةَ الظهر، وارتسمت على وجهها ملامح فخر التي لم تستطع إخفاءها.
“كنت أحاول تجنب التباهي بابنتي.”
قالت ذلك وهي تنظر إلى السيدات حولها، وهن يحملقن فيها بنظراتٍ مليئة بالفضول والتوقع.
ثم ضحكت ضحكةً خفيفة وكأنها لا تملك خيارًا سوى أن تكشف ما لديها.
“في الواقع، كان عدد الزوار كبيرًا جدًا لدرجة أننا اضطررنا لرفض بعضهم. وما زلت أشعرُ بالأسف تجاههم.”
“يا إلهي، هل وصل الأمر إلى هذا الحد؟”
“نعم، لقد تلقينا الكثير من باقات الزهور لدرجةِ أننا كنا نغير المزهرية كل نص يومٍ تقريبًا.”
“لقد سمعتُ شيئًا عن ذلك أيضًا.”
تدخلت سيدةٌ أخرى في الحديث، وهي زوجة أحد أشهر تجار القوافل.
“يُقال بأنه خلال الموسم الاجتماعي نفذت الزهور من محلات العاصمة، أليس كذلك؟”
انفجرت ضحكاتٌ مرحة في الأجواء. و لوّحت الكونتيسة فلورنس بيدها وكأنها تحاول نفي الأمر، متظاهرةً بالخجل.
“هذه مبالغة.”
“مهما كانت مبالغة، لا بد أن يكون هناك بعض الحقيقة وراءها.”
ضحكت السيدة حتى سالت دموعها، ثم مسحتها ونظرت إلى ساينر.
“عندما ننظر إلى الآنسة فلورنس أمامي الآن، لا عجب أن تنتشر هذه الشائعات.”
أومأ الجميع برؤوسهم موافقين، واحمرت وجنتا سناير خجلًا.
“أنتنّ تُحسنّ الظن بي كثيرًا……هذا يشعرني بالخجل.”
بعد أن رمشت بعينيها مراتٍ قليلة، استدارت سناير لتنظر إلى والدتها الكونتيسة الجالسة بجانبها.
“ولكن، أمي، أنا قلقة من أن الكثير من الناس ربما أصيبوا في حريق قصر البارون. لقد كان حريقًا كبيرًا، أليس كذلك؟”
جمعت سناير يديها و كأنها قديسةٌ رحيمة.
“أريدُ أن أتبرع لدعم المصابين. هل يمكنني فعل ذلك؟”
“بالطبع.”
أومأت الكونتيسة برأسها موافقة، مما أثار إعجاب الحاضرين.
“كم أنتِ طيبة يا آنسة!”
قالت إحدى السيدات، وأومأ الجميع برؤوسهم تأييدًا.
“حقًا، رغم أنني أربي أولادي جيداً، لا أعتقد أنني سأتمكن من تربيتهم بهذا الشكل القويم والجميل.”
“وأنا كذلك. هدفي أن أربي أطفالي كما تفعل الكونتيسة فلورنس.”
“أنتم تبالغون في الثناء.”
رغم كلماتها المتواضعة، إلا أن ابتسامةَ الكونتيسة فلورنس أصبحت أعمق.
كانت ملامحها تعكس شعورًا بالرضا.
“بجمالها هذا وقلبها الطيب، تستحق أن تقف بجانب الدوق وينفريد.”
“هذا صحيحٌ تمامًا!”
تعالت أصوات الموافقة، مع هزّ الرؤوس تأييدًا.
“إذا لم تكن الآنسة فلورنس، فمن يمكنها أن تقف بجانبه؟”
شعرت سناير بغصةٍ غريبة في صدرها.
“العلم، الأدب، الذوق، والاتزان……حين ننظر إلى كل ذلك، لا نجد سوى الآنسة لتقف بجانب الدوق.”
“لا يمكن حتى تخيل امرأةٍ اخرى تأخذ هذا المكان.”
في الماضي، عندما كانت تسمع مثل هذه الكلمات، كانت تعتبرها أمرًا بديهيًا، كأنها من الحقائق الطبيعية، مثل شروق الشمس أو تدفق الماء إلى الأماكن المنخفضة.
لكن الآن……
“فقط الآنسة فلورنس!”
أصبحت هذه العبارات تشعرها بثقلٍ كبير، وكأنها تثقل كاهلها.
شعرت بشيءٍ يعتصر قلبها، فوضعت يدها على صدرها تحاول تهدئة نفسها.
أخذت تساورها مشاعر القلق التي لا تستطيع تفسيرها، وكأن هناك شيئًا يطاردها.
“صحيح، هل سمعتم عن تلك الشائعات؟”
غير أحدهم الموضوع فجأة.
“بما أننا نتحدث عن الدوق وينفريد، يُقال أن هناك شابةٌ تقيم حاليًا في قصره بالمدينة. هل هذا صحيح؟”
“هذا صحيح.”
أكملت سيدةٌ اخرى الحديث.
“يُقال بأنه حضر معها حفل التبرعات الذي نظمه الفيكونت بيرسي.”
“حقًا؟ ألم تسمعوا المزيد عنها؟”
“هممم……”
توقفت السيدة للحظة قبل أن تضيف.
“سمعت أنها جميلةٌ جدًا. ومن رآها قال بأنها أشبه بالجنيات.”
“لقد سمعت شيئًا أيضًا.”
رفعت سناير رأسها، تحاول التركيز على الحديث.
“قالت لي خادمتي بأنه خادمةً من قصر الدوق كانت تشتري رداءً نسائيًا داخليًا قبل فترة. ومن حجمه يبدو أن السيدة صغيرةُ الحجم ورفيعةٌ للغاية.”
ازداد اهتمام الحاضرين بالقصة أكثر فأكثر، بينما كان وجه الكونتيسة يزداد ظلمةً تدريجيًا.
“أتمنى لو أتمكن من رؤيتها يومًا ما.”
لم يكن ذلك مستغربًا، فالدوق وينفريد كان بالفعل أحد أكثر الشخصيات شهرةً في المجتمع الراقي.
مكانةٌ رفيعة، ثروةٌ هائلة، أراضٍ شاسعة، وجه وسيم وجسدٌ رياضي.
ورغم كل ذلك، لم يكن يظهر في النوادي ولا في المجتمع الراقي، مما جعل الشائعات عنه تتزايد باستمرار.
والآن، مع ظهور امرأةٍ شابة وجميلة فجأة، باتت الأحاديث أكثر إثارةً وتشويقًا للجميع.
“إنها الآنسة ليونيد.”
رفعت سناير صوتها، فتوجهت أنظار الحاضرين نحوها.
“إيرينا ليونيد.”
“هل تعرفينها؟”
ابتسمت سناير بلطف وأومأت برأسها.
“في الواقع، التقيت بها عندما ذهبت إلى قصر المدينة سابقًا.”
“حقًا؟”
تركزت أعين الجميع على سناير.
“إنها لطيفةٌ جدًا وجميلةٌ للغاية……هي أشبه بالجنيات حقًا! أعجبتُ بها كثيرًا، وأردتُ أن أكون صديقتها، لذا أرسلتُ لها دعوة……”
توقفت سناير عن الحديث فجأة، وابتسمت بشكلٍ مرتبك، وكأنها لا تريد إكمال كلامها.
كانت سناير تبدو وكأنها مُحبطة.
“لا يمكن أن يكون!”
لم يكن الحاضرين هنا ليفوتوا حتى أصغر الإشارات.
“ألم تتلقَي ردًا؟”
لم تجب سناير. و اكتفت بابتسامةً غامضة، مما جعلها تبدو وكأنها مترددة.
كانت هذه الابتسامة مثاليةً تمامًا لتوليد سوء الفهم.
قبل لحظةٍ فقط، كانت السيدات هنا يتحدثن عن إيرينا بكل اهتمام، لكن الآن أصبحت وجوههن أكثر جدية.
“يبدو أنها ليست شخصًا يهتم بالآداب.”
“لا ترد على الدعوة؟ لم اكن أتوقع مثل هذه الإهانة.”
عندما لاحظت ردود الأفعال الباردة من السيدات، تنفست سناير بارتياحٍ خفي.
كان الجميع هنا من أصحاب النفوذ، والآن يبدو أن تقييم إيرينا سينخفض بشكلٍ أكبر.
“ما هي هذه الأحاديث الممتعة التي تدور بينكن؟”
في تلك اللحظة، امسكت يدٌ كبيرة كتف سناير. و التفتت لترى الكونت فلورنس يقف خلفها.
“سيدي الكونت.”
قامت السيدات بتحيةٍ خفيفة، فرد الكونت بتحيةٍ مشابهة احترامًا.
“عزيزي، متى وصلت؟ لقد قلت بأنك ستأتي في وقت العشاء.”
“سنحت لي الفرصة فأتيتُ للتحية.”
ابتسم الكونت بابتسامةً ودية.
“لقد كنت أفتقد زوجتي وابنتي كثيرًا.”
أضاءت وجوه السيدات بتعبيرٍ منبهر عند سماع هذه الكلمات.
“كم هو لطيف!”
“ما زالت العلاقة بينكما جميلةً كما كانت.”
ضحكت الكونتيسة بينما تورد خديها بخجل.
“لكن، ما هو الحديث الذي كنتم تدورون حوله؟ فقد سمعت الضحك من وراء الحديقة.”
“كنا نتحدث عن الآنسة فلورنس.”
“هممم.”
توجهت عيون الكونت إلى سناير.
وبمجرد أن شعرت بنظرته، ابتلعت سناير ريقها في غير وعي.
“ما هي بالضبط الأحاديث التي دارت بينكم؟”
كنا نتحدث عن جمال وطيبة الآنسة فلورنس، وكيف بأن الشخص الوحيد الذي يجب أن يقف بجانب الدوق وينفريد هي الآنسة.”
“هاها.”
ضحك الكونت ضحكةً واسعة.
“إنه أمرٌ معروف للجميع، لكن سماعه مباشرة يجعلني أشعر بمزيدٍ من السرور.”
“…….”
“على الرغم من وجود وعودٍ بين أجدادنا، لكن بما أن ابنتي كانت تقول منذ فترةٍ طويلة بأنها معجبةٰ بالدوق، كنت أتمنى أن تتواصل مع الشخص الذي تحبه.”
تصلبت اليد التي كانت على كتف سناير.
“أليس كذلك، سناير؟”
“نعم.”
أومأت ساينر برأسها.
“أنا حقاً أحب الدوق كثيرًا.”
“يا للعجب! أنتِ حقًا ابنةٌ رائعة! بالطبع، الحب هو الأهم، أليس كذلك؟”
“صحيح!”
“نعم هذا صحيح.”
“في قصر الكونت فلورنس فقط يمكننا قول مثل هذه الكلمات. تعليم السيدة ممتاز، وقلب الكونت الذي يحب ابنته رائعٌ أيضًا!”
استمر الثناء في التدفق، لكن سناير لم تكن قادرة على التركيز على أي شيء.
كانت تشعر بالتوتر والقلق.
“يا إلهي، سناير؟”
أول من لاحظ حالة سناير كانت الكونتيسة فلورنس.
“لماذا وجهكِ شاحب هكذا؟”
“يا إلهي، ابنتي!”
“ألا تزالين تشعرين بتوعك، سناير؟”
أومأت سناير بصعوبة برأسها عند سؤال الكونت.
“اذهبي إلى الأعلى لترتاحي.”
“لكنني أشعرُ بالخجل……”
“نحن بخير، يا آنسة. إذا كنتِ مريضة، فهذا أمر لا مفر منه، أليس كذلك؟”
في النهاية، نهضت سناير من مكانها. و من وراءها، استمرت أصوات الناس في الانتشار.
“أن تكون ضعيفةً ليس أمرًا سيئًا. الرجال في هذه الأيام يحبون النساء الضعيفات، أليس كذلك؟ التمرين لا يتطلب أكثر من نزهةٍ خفيفة. بالرغم من أن النساء يمكنهن أن يصبحن فرساناً في هذا الزمان……”
تسارعت خطوات سناير. وعندما ابتعدت الأصوات الطويلة التي كانت تلاحقها، بدأت تمشي بسرعةٍ أكبر حتى دخلت إلى الغرفة.
“كانا!”
رنَّ صوتُ سناير الحاد الذي ملأ الغرفة.
________________________________
يعني سناير عندها ضغطين ضغط ابوها وتوقعات امها بس ذاه مب مبرر لخباثتها
يعني يمدحون البنت بس ماقالو انها تزوجت الدوق خليهم شقومس ؟🤡
كل ذاه غيره؟ وجعععع
فصلين وماطلعت ايرينا what happened ؟
Dana