As Long As you Are Happy - 50
“لا أريد اكمال ذلك….!”
ملأ صوتٌ حزين مليءٌ بالبكاء الزائف أرجاء المكتب.
“لم أعد أريد العمل بعد الآن……”
شهقة تلو شهقة.
كان رجلٌ ذو بشرةٍ سمراء، و عضلاتٍ بارزة، مستلقياً في وسط المكتب ويبكي.
“دوق، كيف تريد أن نتعامل مع هذا الأمر؟”
“يرجى مراجعة هذا الملف أيضاً.”
“يالكم من رائعين، لما لا يبدِ أحد أي اهتمامٍ بي؟.”
“هذا الملف انتهى من مراجعته، لذا قدمه مباشرةً لسمو الأمير، واطلب من الكونت ليد بعض المستندات لهذا.”
“سأقوم بإيصاله فوراً. بعدها، سأذهب مباشرةً إلى الكونت ليد.”
“لوووغاااان….”
“ومتى سيعود البارون الذي خرج لتفقد المنطقة؟”
“صديقيييي……”
“تلقينا برقيةً تفيد بأن البارون ريفيرين دخل إلى أراضي كافال. بهذه السرعة، من المتوقع أن يصل إلى القصر بعد غد.”
“لما لا تستمعُ الي~”
“مهما كان وقت وصوله، تأكد من أن يُطلب منه المجيء إلي مباشرةً. بمجرد عودة البارون، سنكون قد شارفنا على الانتهاء.”
“لوغان وينفرييييد!”
وأخيراً، اقترب كارل. و التفتت أنظار لوغان والجميع نحوه.
“كيف تترك صديقكَ يعاني بهذا الشكل!”
نظر كارل إلى لوغان بعينين ممتلئتين بالدموع.
أما صديقه.
“ما الملف التالي؟”
“آه، هنا…..”
تجاهله مرةً أخرى.
“لوغاااااان!”
لم يستطع كارل كتم شعوره بالبؤس و بدأ يتحرك بعصبية، وحينها تنهد وينفريد بعمقٍ ولوح بيده.
“سأتعامل مع البقية. يمكنكم الخروج الآن.”
“نعم، سيدي.”
و بنظراتٍ مشفقة على كارل، خرج الجميع من المكتب واحداً تلو الآخر.
“لوغاااان!”
“اصمت.”
“حاضر.”
حينما لم يبقَ أحد سواهما، سكت كارل بسرعة. لكنه لم ينهض عن الأرض.
“ما مشكلتكَ بالضبط؟”
سألهُ لوغان بينما يقلب الملفات المتكدسة أمامه واحدةً تلو الأخرى.
“لقد حصلتَ على إجازة، وتم توزيع العمل بشكلٍ معقول، أليس هذا كافياً؟”
رد كارل وهو يعقد حاجبيه ويشير إلى جهة ما.
“معقول؟ هل يبدو هذا لك معقولاً؟”
وكانت إصبعه تشير إلى مكتبه، الذي كان فوقه كومةٌ هائلة من الملفات تكاد تشبه العشرات من الكتب المتراكمة.
“……”
نظر لوغان إلى الأوراق المتراكمة على مكتب كارل، ثم بسط يديه ناحيته، ليظهر له مكتبه.
وكانت هناك كومة أوراق تعادل ثلاثة أضعاف ما لدى كارل.
“……آسف.”
“من الرائع بأنك تفهم.”
كان الصوت الوحيد في الغرفة هو صوت طرف القلم المحمّل بالحبر وهو يتحرك برشاقة على الورق الأبيض.
“لوغان.”
نادى كارل صديقه، الذي ما زال مستلقياً على الأرض ومتقلباً.
“متى ستشتري لي الشراب؟”
توقف صوت القلم الخفيف.
“قلتَ بأنكَ ستشتري لي شراباً ثميناً، صحيح؟”
“……كارل.”
“آه، على فكرة، دعني أوضح موقفي أولاً.”
ابتسم كارل وهو ينظر إلى لوغان.
“أنا الذي دفعتكَ لوعدكَ ذلك، نعم.”
عقد لوغان حاجبيه.
لكن كارل، غير مكترث بردة فعل صديقه، و التقط ورقةً سقطت و أخذ يقلبها بين يديه بينما واصل حديثه.
“السيدة ليونيد مشغولة، لكنك أنت أيضاً تتحمل جزءاً من المسؤولية، أليس كذلك؟ شعرت أنكما ستظلان مترددين حتى تشيخا وتموتا إن تركتكما على حالكما.”
أشار كارل بيده فجأة وكأنه تذكر شيئاً.
“على أي حال، السيدة ليونيد أفضل منك.”
ضحك كارل، وقد استدار مستلقياً على بطنه، عارضاً أسنانه البيضاء بابتسامة.
“على الأقل، هي لا تُنكر مشاعرها مثلك.”
تطايرت طائرةٌ ورقية بيضاء من يده لتحط على مكتب لوغان.
ألقى لوغان نظرة على الطائرة الورقية ثم فتح فمه ليتحدث.
“السيدة إيرينا……”
“يااااه، أتناديها باسمها؟”
“…….”
“آسف.”
جلس كارل على الأريكة وأغلق فمه بإحكام، مشيراً إلى أنه سيلتزم الصمت.
تنهد لوغان طويلاً وهو ينظر إلى كارل.
“لا يمكنني بدأُ أي شيءٍ معها.”
قال ذلك وهو يضغط على زوايا عينيه بإرهاق.
“السيدة إيرينا ليست ممن ينبغي لي أن أتورط معها.”
“لماذا؟ على الأقل أخبرني السبب.”
سأل كارل، وقد أسند ذقنه على يده.
“في حفلة التبرعات وكذلك في المرة السابقة، بدا واضحاً أن كلاً منكما يُحب الآخر، فلمَ لا يمكن ذلك؟”
“……”
وبعد لحظاتٍ من الصمت، فتح لوغان فمه ليتحدث.
“لأنني قتلت الكونت و الكونتيسة ليونيد.”
“ماذا؟”
تغيرت ملامح وجه كارل تماماً.
“أنت من قتلهما؟”
أومأ لوغان برأسه.
“أعني……هل تقصد أنهما ماتا أثناء حمايتك للوطن أو شيء من هذا القبيل؟”
هز رأسه نافياً.
“أم أن الكونت ليونيد وزوجته……خانوا البلاد، أو ربما فرّوا من المعركة وتم القبض عليهم؟”
مرة أخرى، هز رأسه نفياً.
“إذاً، ما السبب بالضبط؟”
“هل تعرف كيف كانت معركة فايدان؟”
تغير الموضوع فجأة.
ضيق كارل عينيه قليلاً لكنه أجاب.
“إلى حد ما. سمعت أنكَ كنت على وشك الموت حينها.”
أومأ لوغان برأسه.
لقد شارك في الحرب عندما كان في الثانية عشرةَ من عمره.
ورغم أن الفرسان الآخرين كانوا أيضاً صغاراً عند مشاركتهم في المعارك، إلا أن الحد الأدنى من الحماية كان متوفراً لهم.
لكن وضع لوغان كان مختلفاً تماماً.
“من يجلس في الأعلى عليه أن يعرف أوضاع من هم في الأسفل، أليس كذلك؟“
وفقاً لأوامر الدوق السابق من عائلة وينفريد، بدأ لوغان كجنديٍ عادي، لا كفارس، و واجه مراراً لحظاتٍ تهدد حياته.
وأشد هذه اللحظات خطورةً كانت أثناء معركة فايدان.
“كان هناك خائناً بيننا.”
حيث قام أعداؤهم من قوات لوبرك بتضييق الخناق على فرسان عائلة وينفريد بوحشية، و كأن شخصاً ما قد أفشى أسرارهم.
كانوا يلاحقونهم حتى لو هربوا، ويطاردونهم بلا هوادة حتى يستنزفوهم تماماً.
أصدقاءٌ كانوا يضحكون معهم بالأمس، يموتون اليوم. ومن قال للتو بأنهُ محظوظٌ لأنه عاد حياً، يُقتل في اليوم التالي.
ثم يأتي الغد، وقد يحين دورك.
حتى المحاربين المخضرمين، الذين اعتادوا أهوال الحرب، بدأت أعصابهم تتآكل.
بهذه الطريقة، عُزلت فرقة فرسان وينفريد تماماً في قرية فايدان.
“وكما هو متوقع، لم نكن وحدنا في القرية.”
كان هناك مدنيون أيضاً، أناسٌ انجرفوا في خضم الحرب، هربوا حتى استقر بهم الحال في هذا المكان.
“الدعم سيصل، لذا دعونا نصمد.”
في البداية، كان الوضع يحمل بصيصاً من الأمل. كان لديهم طعام جلبوه معهم، وتوفر ماء كافٍ.
ولكن بعد يوم، و يومين، و ثلاثة أيام، و أربعة، أسبوع، ثم شهر، لم تصل أي تعزيزات.
“وفي تلك الأثناء، نفذت إمدادات الطعام والماء.”
لم يبقَ لديهم سوى القليل، وكان المخرج الوحيد محاصراً بفرسان لوبرك.
“كان علينا بأي طريقة اختراق صفوفهم.”
وإلا فإن مصير الجميع كان الموت جوعاً على الطرقات.
“أتدري ما كان أسوأ ما في الأمر، كارل؟”
“……لا أعلم.”
“أن كلُّ من كان يمكنه تولي القيادة، قد مات.”
ابتسم لوغان بمرارة.
معظم من بقوا على قيد الحياة كانوا من الجنود، ولم يتبقَ سوى قلةٍ من الفرسان.
حتى أن بعضهم أُصيب أثناء محاولتهم صد هجمات جنود لوبرك.
“كان يتوجب علينا الاختيار هناك.”
شخصٌ يمتلك القوة الكافية لاختراق صفوفهم، شخصٌ حكيم، شخص قادر على قيادة الجنود حتى النهاية. وأيضاً،
“شخص مستعدٌ للموت.”
“…….”
“كان الذهاب إلى المقدمة مثل القفز في النار مع حطب مدهونٍ بالزيت.”
ضحك لوغان وهو يتحدث.
“لا، ربما كانت فرصة البقاء على قيد الحياه في النار أكبر.”
نظر كارل إلى صديقه بعيون مليئة بالهموم.
“كان علي اختيار من بين أولئك الذين نجوا بصعوبة، من يجب أن يكون الحطب.”
كان كل شخص تجمع حوله مألوفاً، و عزيزاً، و محبوباً.
لقد كانوا هم الذين وثق بهم حتى الأمس، ومن سلموا له ظهرهم قبل لحظات.
‘كان من الأفضل لو كنتُ أنا، كان من الأفضل لو متُّ أنا.’
لكن والدته و والده قد فارقا الحياة. و كذلك جميع الأقارب الذين يمكن اعتبارهم قادة، فقد سقطوا في ساحة المعركة.
في تلك الأثناء، إذا مات هو أيضاً.
“كان ذلك يعني الهزيمة.”
إذا مات، كان هناك خطر فقدان الحقول الزراعية للإمبراطورية.
“……لهذا لم أذهب.”
همس لوغان وهو يغمر وجهه بين يديه.
“أول من تقدم كان السيد أودلي.”
“إصابتي تتعفن. لن أعيش طويلاً.”
أمسك السيد أودلي، الذي أصيب بسهمٍ في ساقه، بيد الدوق وينفريد الصغير و هو يبتسم.
على الرغم من ملامح وجهه التي لا تزال تحمل براءةَ الطفولة، الا انه قد اصبح القائد على كل هؤلاءِ الجنود.
“أرجوك، ابقَ على قيد الحياة و حقق النصر.”
لقد انطلق المخلص الذي أقسم الولاء لعائلة وينفريد لفترةٍ طويلة، وجاهد بشجاعه، ثم رحل.
“عندما عادت جثة السيد أودلي، لم يرغب الجميع في الذهاب.”
كان الجميع يتراجعون وكأنهم يخافون من الموت.
“ثم جاء دور الكونتيسة لارا لتكون الثانية.”
كانت هي الشخص الذي ظل بجانب لوغان في صغره وقدمت له التعليمات.
تقدمت لارا ليونيد، وهي تربط شعرها الأحمر بقوة.
“يبدو أنه حان دوري! سأقضي على الجميع وأعود.”
“حاول الكونت آجين إيقافها، لكن الكونتيسة لارا لم تتراجع.”
ابتسم لوغان بحزن.
“بل أعطتني آخر واجب، و هو أن أبحث عن سببٍ للبقاء على قيد الحياة.”
“لوغان…..”
توقف كارل قليلاً، ثم سعل بشكلٍ خفيف.
بدا وكأنه يعاني من اختناق.
“لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن تكون تلك غلطتك. الكونتيسة لارا اختارت هذا بمحض إرادتها……”
“قبل أن تغادر الكونتيسة لارا، طلبت مني شيئاً.”
لم يبدو أن لوغان كان يستمع إلى صوت كارل الذي حاول منعه، واستمر في الحديث.
“لقد طلبت أن أنقذ الكونت آجين.”
“أرجوكَ، لدي طلبٌ واحد.”
قبل أن تتوجه إلى المعركة، التقت لارا بلوغان سراً و طلبت منه للمرة الأولى و هي تنحني برأسها.
“هل يمكنني أن أطلب منك، عندما أذهب، أن تُبقي زوجي على قيد الحياة؟“
كانت لارا، التي كانت تبتسم بحيوية حتى في أصعب المواقف، تضحك بصعوبة في تلك اللحظة.
“أعتقد أنه يجب أن أترك لابنتنا على الأقل أحد الوالدين……لذلك، أرجوكم، سيدي.”
“……أرجوكَ، أرجوكُ، سيدي.”
بصوتٍ مُتعب وبارد، بدأ لوغان يطرق أصابعه على الطاولة.
ثم نظر إلى كارل مبتسماً كما لو كان على وشك البكاء.
الآن لم تعد لارا هنا.
كان ذلك كافياً ليكون تكملةً للقصة.
“بعد ذلك، ذهب السيد غروبيور والسيد دايل، لكنهم لم يعودوا جميعاً.”
توقف صوت طرقاته على الطاولة، وساد الصمت بينهما.
“في النهاية، أرسلتُ الكونت آجين.”
كافح لوغان لإكمال آخر كلماته.
“أرسلتُ الكونت آجين للمخرَج الوحيد.”
___________________________
يمه يوجع وش ذكريات الطفولة هذي 💔
يعني خل نقول في الوقت الي ماتوا فيه اهل ايرينا تقريباً عمر لوغان ١٣-١٥ سنة و ايرينا كانت في الاحياء الفقيرة يمكن عمرها ٩-١١ سنه 🥲💔💔💔💔
حاليا ايرينا عمرها عشرين بس لوغان مدري
لوغان كان شبه غصب عليه عشان يحقق النصر ارسلهم كلهم هو مان بزر بس يوجع انه هو الي كان غصب عليه يأمر اهل ايرينا يروحون للموت برجليهم😔
الله ياخذ لوبرك ذولا
Dana