As Long As you Are Happy - 42
“سيدي الدوق.”
بدأ كل ذلك بسبب برقيةٍ واحدة أحضرها البارون.
“ما الأمر؟”
أو بالأحرى، كارل فريدريك، ذلك الصديق القديم المزعج، هو من بدأ هذا كله.
“الأدميرال كارل فريدريك أرسل برقية.”
“برقية؟”
لقد ذهب لجلب الوثائق من منزل وينفريد، ولم يعد، بل أرسل برقية؟
في تلك اللحظة فقط، رفع الدوق وينفريد نظره عن الوثائق التي كان يتفحصها، وراح يحدق في البارون.
كان تعبير وجه البارون، الذي قضى شهراً بأكمله في اجتماعات التفاوض، غامضاً. لم يكن قد اطلع على محتوى البرقية، لكن ملامحه توحي وكأنه يعرف ما الذي حدث. وهذا ما زاد من قلق الدوق.
“ها هي.”
عندما مدّ الدوق يده، سارع البارون بتقديم البرقية.
وقد كُتب في البرقية، التي أحضرها خادمٌ يمتطي حصاناً، سطرٌ واحد فقط.
<لوغان، عليك أن تشتري لي مشروباً باهظ الثمن.>
يا له من هراء.
أخذت التجاعيد تتعمق في جبين الدوق وينفريد بسبب هذا الكلام الفارغ الذي لا بداية له ولا نهاية.
“هل هرب….؟”
“يبدو أنهُ كذلك.”
تنهد الدوق بعمق وضغط بإصبعه على زاوية عينه.
أن يهرب بعد أسبوعين فقط من العمل….أو ربما صمود أسبوعين يُعتبر إنجازًا بالنسبة لشخص مثله؟
“ماذا علينا أن نفعل الآن، سيدي الدوق؟”
سألهُ البارون بتردد.
“هل أرسل أحداً آخر إلى قصر فريدريك؟”
هز الدوق وينفريد رأسه.
حتى لو أرسل شخصًا، فهذا الوغد قد هرب بالفعل.
كان دائمًا سريعاً في التحرك. و يمكن العثور عليه، لكن إجباره على العودة للعمل لا يبدو مثمرًا، خصوصاً بعد أن اتخذ قراره بالهرب.
بدأ وينفريد يضرب بأصابعه على الطاولة.
“بارون لاريك.”
“نعم، سيدي.”
“بما أن الأمور قد وصلت إلى هذا الحد، يمكنك أخذ استراحة قصيرة أيضاً، ايها البارون.”
“ماذا؟”
شخص يُدعى البارون لاريك نظر إلى الدوق وينفريد بعينين متفاجئتين.
“لقد راجعتُ الوثائق العاجلة، لذا يمكنك أن تأخذ نفساً.”
“حقاً؟!”
“لكن لا تُظهر الكثير من السعادة. سنبدأ من جديد مع بزوغ الفجر.”
كانت الساعة قد تجاوزت فترة بعد الظهر بالفعل.
لذلك، في أفضل الأحوال، كان لديه نصف يومٍ للراحة.
لكن بعد شهرٍ كامل في القصر، هذه كانت أول استراحةٍ رسمية يحصل عليها.
“بالطبع، سيدي الدوق!”
ابتسم البارون لاريك وبدأ بسرعة في ترتيب أغراضه.
“هل تخطط للعودة إلى القصر؟”
لم تكن عطلةً كاملة بل مجرد فترة استراحةٍ قصيرة. حتى لو كان قصر البارون لاريك قريباً، قد لا يكون الوقت كافياً للذهاب والإياب.
“نعم، نعم. أشعر بالراحة فقط في منزلي، لهذا سأذهب إلى هناك. ماذا عنك، سيدي الدوق؟”
سألهُ البارون بسعادة.
“لقد مضى أكثر من شهر منذ أن تركتَ قصر الدوق وينفريد شاغراً، أليس كذلك؟ لما لا ترتاح هناك أنت أيضاً الليلة؟”
“لا، سأكتفي بغفوةٍ هنا.”
في الحقيقة، كان ينوي مراجعة باقي الوثائق. لكنه لم يُرد أن يشعر البارون بأي عبء، لذا اختار أن يلفق إجابةً بسيطة.
“حسناً. إذاً سأعود مع بزوغ النجوم غداً فجراً. هل تريد مني إرسال شخص للبحث عن الأدميرال فريدريك؟”
“لا حاجة لذلك.”
هزّ وينفريد رأسه.
“سيعود هو الآخر مع الفجر. ليس غبياً تماماً.”
رغم طبيعته المازحة، كان يعرف متى يفرِّق بين العمل واللهو.
سيريح نفسه قليلاً ثم سيعود من تلقاء نفسه.
“حسناً، سأذهب الآن. إلى اللقاء غداً، سيدي. استرح جيداً.”
انحنى البارون بلطف قبل أن يغادر المكتب بسرعة.
‘هل مر شهرٌ بالفعل؟’
جلس لوغان متكئًا على ظهر الكرسي، ونظر عبر النافذة.
الحديقة التي كانت تفيض بجو الصيف المتأخر عند مغادرته للقصر بدأت الآن تتحضر لاستقبال الخريف شيئًا فشيئًا.
“……”
في الماضي، عندما كان يفكر في ثصر وينفريد، كانت مجرد صورة غامضة تتبادر إلى ذهنه. لكن الأمر تغيّر مؤخراً. صار يتذكر شخصًا محددًا.
شعر ذهبي، وعينان زرقاوان، وضحكةٌ صافية تُسِّرُّ سامعها.
كان يعتقد أن تفكيرهُ عنها سيتبدد بعد شهر.
لكن بدلًا من ذلك، أصبحت افكاره أكثر وأكثر يومًا بعد يوم.
‘أتمنى أن تكون سعيدة….’
كان يتمنى لها السعادة أكثر من أي شخص آخر.
لكنهُ لم يكت متأكدًا إن كان يجب أن يبقى بجانبها أم لا.
تذكر ما حدث على ضفاف البحيرة. اليد المتورمة، والسيف المسحوب نصفه.
تساءل كيف كانت الأمور ستختلف لو أن الشخص الذي خرج من هناك لم يكن طفلاً بريئاً وضعيفاً يجب حمايته، بل شاباً قوياً في سن مناسبٍ لارتداء الدروع والتلويح بالسيف في ساحة المعركة.
لو أظهر ذلك الشاب أدنى إشارة للخطر……
كانت مشاعر متناقضة تتصارع داخله.
لو كانت قراراته مائلة بشكل واضح لأحد الجوانب لكان الأمر أسهل، لكنه شعر بأن ضميره وطموحه يتجاذبانه بقوة متساوية.
بصوتٍ مكتوم، وضع وينفريد قلمه الريشي على الطاولة وأغمض عينيه.
كان ينوي أن يغفو قليلاً.
القصر، الذي منحتهُ له الإمبراطورة، يحتوي على غرفٍ فسيحة، ومساحة مخصصة للراحة، وحتى أريكة طويلة في مكتبه.
لكنهُ لم يشعر بالرغبة في الذهاب إلى أي مكان. ففي النهاية، سواء كان هناك أو هنا، لن يتمكن من النوم.
“……؟”
لم يعرف كم مرّ من الوقت منذ أن أغمض عينيه، لكنه بدأ يسمع أصواتاً تتحدث بهدوء مع اصواتِ الرياح.
‘من هنا؟’
عندما فتح عينيه، لاحظ أن الباب لم يكن مغلقاً بإحكام، على ما يبدو أن البارون لم يُحكم إغلاقه عند مغادرته المكتب.
حاول طرد النعاس من عينيه بضغطهما، وبدأت الأصوات تصبح أوضح.
‘انه واضح.’
كان هذا صوت ريو، الحارس الرئيسي الذي تركه ليشرف على القصر.
هل حدث شيءٌ في القصر؟
بدأ وينفريد بالنهوض، لكنه توقف فجأة.
“هل أخبرتكِ السيدة هيلبريترن بهذه القصة؟”
سمع ضحكةً تتبعها همساتٌ هادئة.
“نعم، رغم أن الأمر شائع جداً…..”
كان ذلك الصوت الذي داعب أذنيه للتو، ذكَّرهُ ببرقية كارل الذي يطلب منه شراء مشروب باهظ الثمن.
‘لا يمكن….!’
نهض وينفريد بسرعة وفتح الباب على مصراعيه.
وكما توقع، كان ريو قادماً من بعيد، برفقة إيرينا، التي كانت تحمل شيئاً مغطى بقطعة قماش.
‘ما الذي تحملهُ؟’
كانت تحمل هذا الشيء المغطى بعناية فائقة، وكأنّه ثمين للغاية.
تساءل وينفريد عن ماهية هذا الشيء، ولماذا كانت تحملهُ بكل ذلك الحذر، ولماذا كانا سعيدين إلى هذا الحد،
حتى أن ليو، الذي نادراً ما يبتسم، كان يضحك ويبدو مستمتعاً بالحديث.
كانت عينا إيرينا الزرقاوان مثبتتين على ريو، فظهرت تجاعيدٌ في جبين لوغان.
“…….”
وجد جسده يتحرك حتى قبل أن يفكر؛ و تقدم بخطواتٍ واسعة إلى الأمام.
أول من لاحظه كان أحد الخدم، ثم تلاه ريو، وأخيراً التفتت إيرينا نحوه.
كانت إيرينا آخر من لاحظ وجوده، لكنها في نفس اللحظة ابتسمت ابتسامةً عريضة.
“دوق!”
تقدمت نحوه وهي تبتسم كما كانت تفعل في قصر وينفريد، لكنها توقفت فجأة، و ألقت نظرة خاطفة على الخادم القريب، ثم اتخذت وضعيةً رسمية.
“الدوق وينفريد.”
حدق لوغان للحظة في إيرينا التي انحنت له باحترام.
“…….”
كانت هنالك العديد من الأسأله خطرت في باله تلك اللحظة.
وحين رفعت إيرينا عينيها لتراقب رد فعله، أومأ برأسه قليلاً للإجابة.
“السيدة ليونيد.”
ثم أخذ منها، دون تردد، الشيء المغطى بالقماش الذي كانت تحمله بعناية.
شعر بنظراتها المتفاجئة عليه، وسرعان ما لاحظ تراجع كتفيها بأسى.
رغم أنه كان هناك العديد من الأمور التي لم تعجبه قبل قليل، إلا أنه شعر وكأنه ارتكب خطأ بمجرد أن قابل عيني إيرينا.
“هل يمكنكَ إحضار الشاي والحلويات التي تحدثتُ عنها الآن؟”
“هل تعني الآن حقاً؟”
بدا الخادم متفاجئً للحظة، ثم أومأ برأسه.
“نعم، سأحضرها. و الى اين؟”
“إلى المكتب.”
“حسناً، سأقوم بذلك……”
“فقط أحضر فناجين الشاي الاثنين إلى المكتب، بينما يجب إعداد كل واحدة بشكلٍ منفصل.”
“نعم، سأقوم بذلك كما طلبت.”
“احمم.”
أصدر لوغان صوتاً خفيفاً، وغادر الخادم بعد أن احنى برأسه.
الآن جاء دور ريو.
“ريو آرت؟”
لاحظ أن ريو بدا متوتراً بشكلٍ غير عادي عند سماعِه لقبهِ الذي لا يُستخدم إلا نادراً.
“هل تستطيع السيدة إيرينا تحمل شيءٍ بهذا الثقل؟”
بصراحة، لم يكن الوزن كبيراً إلى هذا الحد. و ربما كان بوزن كتابٍ واحد فقط.
كان لوغان هو من يعرف ان إيرينا التي تتجول في الحديقة حاملة زجاجةً من الحليب، وشطيرة، وكتاب، بالإضافة إلى بطاطا حلوة في جيبها.
لذا، كان هذا مجرد جدالٍ بلا فائدة.
“كارل ذلك اللع-“
“دوق!”
قاطعتهُ إيرينا بحماس.
كانت عيناها الزرقاوتان موجهتين إليه بالكامل.
“لقد قلتُ لهُ بأنني سأحملها.”
“السيدة إيرينا؟”
“نعم، أردت أن أقدمها لكَ بنفسي.”
وفي تلك اللحظة، ألقت نظرة خفية على يديها، وكانت نظرتها تحمل الكثير من الإحباط.
كان يعرف جيدًا ما الذي قصدتهُ بنظرتها تلك.
“حقاً؟”
كيف يمكنها أن تكون واضحةً إلى هذا الحد؟
كانت مثل بحيرة صيفية شفافة يمكن رؤية قاعها بوضوح.
بينما كان هو نفسه غارقاً في مستنقع معقد من المشاعر المتشابكة والمتعفنة.
“لم يكن من السهل الوصول إلى هنا، لذا أنا ممتن جداً لكِ.”
انخفض صوته، وبدأت ملامح إيرينا تتصلب تدريجياً.
“لذلك، هل تودين تناول كوب من الشاي قبل أن تذهبى؟ سيكون من الرائع شربهُ معاً.”
على الأقل، يبدو أن رؤية بعضهم البعض بعد كل تلك الفترة ستكون للأفضل.
فقد كانوا بعيدين عن بعضهم البعض، لذا من الجيد أن يتناولوا كوباً من الشاي معاً.
“نعم!”
ابتسمت إيرينا بشكل واسع، فرد لوغان بالابتسامة أيضاً.
وعندما فتح باب المكتب، دخلت إيرينا بخطواتٍ نشيطة.
لكن عندما حاول ريو الدخول أيضاً.
“سأطلبُ منهم إعداد الشاي لكَ بشكلٍ منفصل.”
بعد قول لوغان لذلك أغلق الباب خلفه بإحكام.
نظر ريو إلى الباب البني المغلق وهو يرفع شعره.
“هاه.”
ما الذي فعلتُه؟
تجعد جبين ريو، وهو يشعر بالإحباط.
“سأدخل فقط إلى غرفة الاستقبال القريبة.”
تحرك ريو بعيداً عن الباب بلا تردد.
لكن ما كان يثير قلقه أكثر هو شعوره بأن هذه كانت فقط البداية لمواقف مشابهة و أكبر قد تأتي.
___________________________
المهم شفتوا لوغان وهو يقول انها واضحة؟ قصده عرف انها جات عشانه😭😭😭😭😭😭
لوغان كان مخطط ينادي ايرينا قبل لا يشوف انها محبطة🥰
احبهم يخوان ابي اضمهم واقول كينشانااااااا
Dana