As Long As you Are Happy - 151
“لكن يا دوق، إلى أين نحن ذاهبون؟”
طرحت إيرينا السؤال بعد أن انطلقت العربة. و عند سماعه السؤال، رفع لوغان عينيه عن الأوراق التي كان يراجعها ونظر إلى إيرينا التي كانت تجلس أمامه.
“إنه سرّ.”
ارتسمت على شفتي لوغان ابتسامةٌ ماكرة، وبدا على وجهه وكأنه يستمتع بالأمر.
فكرت إيرينا في طرح السؤال مجددًا، لكنها قررت التراجع وأسندت ظهرها إلى جدار العربة.
لم تكن هذه المرة الأولى التي يقوم فيها لوغان بتصرفاتٍ غريبة. ففي أحد الأيام، استأجر كاتدرائيةٍ بأكملها ليريها أجمل اللوحات الجدارية المرسومة فيها، وفي يومً آخر أخذها لتشاهد الزهور والأشجار التي تزدهر في دفيئةٍ ضخمة.
‘كانت حقًا تجربةً مدهشة.’
لم تكن تعلم من قبل أن الأشجار والزهور يمكن أن تزهر بهذا الشكل في الشتاء. و في الواقع، كانت تلك المرة الأولى التي ترى فيها دفيئةً بهذا الحجم على الإطلاق.
يا لها من تجربةٍ غامرة وساحرة.
عندما كانت إيرينا تنظر بدهشة، ابتسم لوغان بابتسامةٍ صغيرة عند طرف شفتيه.
“كنت أعلم أنك ستعجبين بذلك.”
قال لوغان تلك الكلمات بنبرةٍ سعيدة.
من المؤكد أن الأمر سيكون مشابهًا هذه المرة أيضًا. شيء تحبه هي، وتستمتع به، وشيء يجعل لوغان سعيدًا وهو يراها على هذا الحال.
لذا، لمَ لا تترك الأمور تسير دون أن تسأل؟ فهو دائمًا ما يقدم لها لحظاتٍ مليئة بالسعادة.
“سيستغرق الوصول بعض الوقت، لمَ لا تحاولين أخذ قيلولةٍ قصيرة؟”
بينما كانت إيرينا تغلق عينيها قليلاً، بدا أن لوغان عازمٌ على إنهاء جميع الأوراق التي بين يديه حتى يصلا.
“حسنًا، سأفعل.”
ردّت إيرينا موافقةً وهي تهز رأسها بخفة، لكنها لم تستطع النوم بسهولة.
عندما أسندت رأسها على النافذة، لفت انتباهها إحدى رقاقات الثلج وهي تتساقط من السماء.
“آه، الثلج.”
عبست إيرينا دون وعيٍ منها. فقد لا يدرك الآخرون ذلك، لكنها لم تكن من محبي الثلج، بل على العكس، كانت تكرهه.
وبصورةٍ أدق، كانت تكره فصل الشتاء بأكمله.
الربيع، الصيف، الخريف……والشتاء.
لكل فصلٍ متاعبه الخاصة، لكن بالنسبة لإيرينا، كان الشتاء هو الفصل الأكثر قسوةً على الإطلاق.
لا تزال ذكريات طفولتها في الأحياء الفقيرة حاضرةً في ذهنها، عندما كانت تعاني من الجوع والألم والمشقة، ليضاف إليها برد الشتاء الذي كان يُسقطها بلا رحمة.
في النزل القديم الذي يملكه بِن، كانت مصادر الدفء الوحيدة هي المدفأة الصغيرة في غرف النزلاء ومدفأةٌ واحدة في منتصف النزل.
لكن حتى تلك المدفأة لم تكن كافيةً لتدفئة غرفة الطعام بشكلٍ كامل، فكيف يمكنها أن توصل الدفء إلى الغرفة الصغيرة في نهاية النزل، التي كانت تُستخدم كمخزن، حيث كانت إيرينا تقيم فيها؟
لذلك، كان على إيرينا مواجهة الشتاء القاسي بجسدها العاري تقريبًا.
الميزة الوحيدة التي كانت تتمتع بها عن الخارج هي أنها لم تكن تتعرض للثلج مباشرة. لكن الرياح الباردة كانت تتسلل من بين النوافذ القديمة، و تصدر أصواتًا مرعبة أثناء مرورها، و لم يكن لديها سوى بطانية باليةٍ لتتدفأ بها.
في بعض الأحيان، كانت تسخّن حجرًا صغيرًا بوضعه بالقرب من المدفأة خلسة، لتحتضنه أثناء الليل وتنام. و لكن لم يكن الحظ يحالفها دائمًا لتجد حجرًا دافئًا.
لو تم اكتشاف الأمر مرةً واحدة، وبالنظر إلى شخصية بِن، لم تكن لتشعر بدفء كهذا مرة أخرى أبدًا.
لهذا، في الأيام التي لم تستطع فيها أخذ حجرٍ بسبب الخوف من أن تُكشف، كانت ترجو الحاكم كل ليلة.
تتوسل و ترجو فيها ألا تتجمد حتى الموت، وألا تُصاب بعضة الصقيع.
كانت ترجو أن تفتح عينيها في صباح اليوم التالي دون ألم، وأن يمر الغد بسلامً كما اليوم.
أمانيها، التي كانت تحمل كل اليأس والرجاء دون أن توجهها إلى أحدٍ معين، أصبحت أكثر حرارةً وإلحاحًا بعد أن سمعت قصةً من بِن عن شخص أصيب بعضة الصقيع وانتهى به الأمر بقطع أطرافه.
‘عندما أفكر في الأمر الآن، يبدو أن بِن قد اخترع القصة فقط ليخيفني.’
صحيح أن المناخ في العاصمة كان معتدلًا نسبيًا، وإن لم يكن بمستوى مقاطعة الكونت ليونيد.
لذلك، نادرًا ما سمعوا عن أشخاصٍ يموتون من البرد.
حتى من يُصاب بعضة الصقيع، لم يصل الأمر أبدًا إلى حد بتر الأطراف، كما ادعى بِن.
قبل كل شيء، لم يكن بن ليسمح بإصابة بضاعته، التي كانت فرصته الوحيدة للخروج من الفقر، بأذى جسيم.
لو حدث ذلك بالفعل، لكان وجد طريقةً لعلاجهِ بأي وسيلة.
“…….”
بعد أن أصبحت جزءًا من دوقية وينفريد، أدركت أنها، بطريقة ما، كانت آمنةً في الماضي. لكن هذا لا يعني أن القلق والخوف اللذين شعرت بهما في طفولتها قد اختفيا تمامًا.
‘كنت أعتقد أنني تخلصتُ من الكثير منه.’
لكن أن تتعكر حالتها المزاجية بسبب مجرد رقاقة ثلجٍ واحدة يعني أن أمامها طريقًا طويلًا قبل أن تتمكن من التحرر من برد الشتاء، بكل ما يحمله من ذكريات.
“هاه؟”
بينما كانت تسند نفسها على جدار العربة بلا طاقة، لفت انتباهها مشهدٌ مألوف عبر نافذة العربة.
مكان تعرفه جيدًا، إنه المكان الذي كانت تسترجع ذكرياتها عنه قبل لحظات.
كان ذلك هو أحد الأزقة في الأحياء الفقيرة.
“…….”
صادف أن العربة بدأت تخفف من سرعتها. فدفعت قدماها دون وعي لتقترب من النافذة، لترى المشهد بشكلٍ أوضح.
بفضل ذلك، تمكنت من رؤية الناس الذين يقفون في الأحياء الفقيرة بوضوح.
في هذا الشتاء القارس، كانوا يرتدون ملابس رقيقة وهم يتسولون أو يبيعون الزهور، بينما كان هناك رجل متكئ على زاوية ممسكًا بزجاجة خمر، وامرأةٍ منهكة تمامًا من الحياة والفقر.
وبجانبهم، أطفال ينظرون فقط إلى الأرض، وكأنهم لا يجرؤون على رفع أنظارهم إلى العالم.
كل تلك المشاهد كانت تظهر بوضوحٍ شديد أمام عينيها.
“إيرينا؟”
أدار لوغان رأسه نحوها بعد أن كان يراجع الأوراق، وسرعان ما ظهرت التجاعيد على جبينه.
طَرق-!
طرق لوغان على جدار العربة ناحية السائق.
“زِد السرعة. وإن لم يكن ممكنًا، اسلك طريقًا آخر.”
بدا أنه اعتقد أن رؤية إيرينا للأحياء الفقيرة أعاد لها ذكرياتٍ سيئة.
“لا، لا بأس، أنا بخير.”
هزّت إيرينا رأسها محاولةً لتهدئته، ثم أعادت نظرها مرةً أخرى إلى زقاق الأحياء الفقيرة.
راقبها لوغان وهي تفعل ذلك بصمت.
“دوق.”
بعد لحظاتٍ من الصمت، فتحت إيرينا شفتيها أخيرًا.
“هل هناك طريقةٌ لمساعدة هؤلاء الناس؟”
“هناك الكثير من الطرق. من توزيع الطعام عليهم إلى توفير الحطب والملابس في فصل الشتاء. الخيارات متعددة.”
أجابها لوغان وهو يدير رأسه أيضًا نحو النافذة لينظر إلى الخارج.
“في السنوات الأخيرة، تم توجيه معظم الدعم إلى المناطق الشرقية بسبب الحرب، لكن الحرب انتهت الآن. لذا، سيبدأ هؤلاء بالحصول على المزيد من الدعم.”
“هكذا إذاً.”
“ولا داعي للتفكير كثيراً. البارون بيرسي ينظم مشاريع خيريةٍ كبيرة في الأحياء الفقيرة مع كل تغيير في الفصول. هل ترغبين في المشاركة في واحدة منها؟”
‘المشاريع الخيرية……’
كان من الواضح أن تلك المشاريع تعني توزيع الحطب، والملابس، وربما الخبز، تمامًا كما ذكر لوغان.
“هممم……”
ظلت إيرينا تحدق من النافذة، ثم هزت رأسها.
“لا.”
تحركت العربة مجددًا، وبدأ زقاق الأحياء الفقيرة يختفي تدريجيًا عن أنظارها. ومع ذلك، لم تستطع إيرينا أن تزيح عينيها عنه وأعادت الإجابة مرة أخرى.
“لا، ليس هذا ما أريده……”
***
“إذاً، هذا هو السبب وراء كل ذلك الغموض حول وجهتنا.”
نظرت إيرينا للحظاتٍ إلى المشهد الممتد أمام عينيها، ثم أدارت رأسها نحو لوغان الواقف بجانبها.
“إنها بحيرة، أليس كذلك؟”
كان المشهد يذكرها بالبحيرة التي زارتها مع لوغان في الصيف، لكنه كان مختلفًا قليلاً. فهذه البحيرة كانت أكبر، وخاليةً تمامًا من الناس.
ربما كان ذلك بسبب الطقس البارد، أو لأن البحيرة كانت متجمدةً بالكامل، مما جعلها خاليةً من أي شيء يثير الاهتمام.
‘لماذا جئنا إلى هنا؟’
فكرت إيرينا في ذلك وهي تدير رأسها لتنظر إلى العربة التي وصلا بها.
كانت عربةً عادية، مختلفة عن العربة التي اعتادا ركوبها، بلا ختمٍ أو شارة تدل على هويتها.
لم يكن معهم طعامٌ أو أمتعةٌ إضافية، فقط هما الاثنان وعددٌ قليل من الأشخاص اللازمين.
“لا يبدو أنكِ مرتاحة.”
“ليس تماماً……”
أجابت إيرينا وهي تحني عنقها قليلاً بخجل.
“أنا فقط لا أعرف لماذا جئنا إلى هنا.”
“ستعرفين قريبًا.”
“لكن الجو بارد جدًا……”
خرج صوت إيرينا متذمرًا بشكلٍ طبيعي.
بصراحة، كانت تود أن تعود وتستلقي على سريرها الدافئ. أو ربما تجلس أمام المدفأة في المكتبة، و تكمل قراءة الكتاب الذي بدأت به بالأمس، بينما تتناول الشاي الساخن وبعض الكعك.
“البرد……”
مد لوغان يده وأمسك بيدها بإحكام. و كان الدفء المتدفق من يده وكأنه يذيب تجمدها.
“يمكن حله هكذا.”
“…….”
“هلا ذهبنا؟”
رفعت إيرينا وشاحها قليلاً لتخفي وجهها الذي احمر خجلًا، ثم أومأت برأسها بخفة.
مع يد لوغان التي تمسك يدها بإحكام، شعرت أن التنزه في الشتاء قد لا يكون سيئًا.
بدأ الاثنان بالسير ببطء على طريق المشي وسط غابة الشتاء.
كانت تظن أن السير سيكون صعبًا بسبب الثلوج التي تساقطت الليلة الماضية، لكن……
‘الثلج قد أُزيل بالكامل.’
كانت ممرات المشي مُنظمةً بشكلٍ أفضل مما توقعت، مما سمح لهما بالسير بسهولة والاستمتاع بمشاهدة المناظر الطبيعية المحيطة.
كانت أشعة الشمس تسقط على الثلوج المتراكمة بلطفٍ فوق أغصان الأشجار، مما جعلها تتلألأ وكأنها جواهر صغيرة. وعندما هبت الرياح، تساقطت الثلوج إلى الأسفل، عاكسةً الضوء في تلك اللحظة وكأن شلالًا من الضوء يتدفق بلطف.
‘حتى الشتاء القاسي يمكن أن يبدو هكذا……’
كان هذا اكتشافًا جديدًا لإيرينا، لم تدركه من قبل.
“إنه جميل……”
تمتمت إيرينا بصوتٍ منخفض دون أن تشعر.
“حقًا؟ أنا سعيدٌ لأنه أعجبكِ.”
رفعت إيرينا رأسها لتنظر إلى لوغان.
“إذا تقدمنا أكثر، ستجدين مشهدًا أكثر جمالًا. التقاء الثلوج البيضاء مع أشجار البتولا* يشكل منظرًا مذهلًا. عندما رأيته لأول مرة وأنا صغير، شعرت بأنه مذهلٌ جدًا. حتى عندما كنت في ساحات الحرب، كنت أفكر فيه أحيانًا.”
*آخر الفصل
التفت نحوها ونظر إليها مباشرة.
“لذلك أردتُ بشدة أن أريكِ هذا المكان. كان هذا المشهد مصدر قوةٍ لي، واعتقدت أنه قد يمنحكِ القوة أيضًا.”
ابتسم لوغان بخفة.
“هل أعجبكِ؟”
كيف يمكنها ألا تعجب بشيءٍ كهذا؟
“نعم.”
ابتسمت إيرينا أيضاً.
“أعجبني.”
“أنا سعيدٌ بذلك.”
شدَّ لوغان قبضتهُ على يدها بإحكام.
“لكن الأهم اليوم هو هناك.”
“……؟”
دارت إيرينا رأسها بشكلٍ طبيعي نحو المكان الذي كان يشير إليه لوغان. و كان هناك كوخٌ صغير مختبئ بين الأشجار.
من الظاهر، كان يبدو مثل أي كوخٍ عادي، لكن كان هناك شيء واحد مختلف.
‘أهو مرتبطٌ بالبحيرة؟’
كان هناك ممر خشبي يشبه رصيف القوارب يمتد من الكوخ إلى البحيرة.
‘ما هذا المكان؟’
بينما كانت إيرينا يغمرها الفضول، سألها لوغان.
“هل ترغبين في الدخول؟”
____________________________
دخلوني معكم مدري ليه جاني البرد وانا اشوف وصف الجو
لوغان من يوم خطبها وهو بس يبي يشوفها مستانسه عشان يستانس 😔
ياناس يجننننننننننن
ماودي كان يحكون عن الاحياء الفقيره خلاص هذي فصول اضافيه ابي نياق في بطني ماعاد تكفي الفراشات🥰
المهم هدي شجرة البتولا :
هي اشجار مشهوره لتزيين الطرق لأن لها شكل حلو وثابت
خشبها يستعمل للأرضيات وبعض الاثاث ولها زيت بعد
لها أزهار بيضا صغنونه
Dana