As Long As you Are Happy - 147
“كُح، كُح.”
ما إن صعدت إلى العربة حتى بدأت إيرينا بالسعال الخفيف.
لم يكن ذلك السعال العادي الذي يظهر عادةً في فصل الشتاء، بل كان سعالًا جافًا ينبع من الأعماق.
“كُح، كُح.”
بدا أن جسد إيرينا قد مال إلى الأمام وكأن مجرد مرتين أو ثلاث من السعال أجهدها.
“السيدة إيرينا.”
توقفت دلفيا، التي رافقتها كحارس، عن إغلاق باب العربة ونادت عليها بقلق.
“هل أنتِ بخيرٍ حقاً؟”
“نعم.”
أدارت إيرينا رأسها قليلاً وابتسمت.
“أنا بخير، كان حلقي يؤلمني قليلًا فقط.”
“همم.”
رغم إجابة إيرينا، لم تتحسن ملامح دلفيا، بل ازدادت قتامةً مقارنة بما كانت عليه.
“كان المكان مليئًا بالغبار قبل قليل، هذا هو السبب.”
السجن تحت الأرض الذي عادت منه للتو كان مليئًا بالغبار بالفعل، ولكنه كان شديد البرودة لدرجة أن الغبار لم يكن ليتطاير فيه.
لذلك، كان من الأفضل أن تقول أن السبب هو شدة البرد ليبدو الأمر أكثر تصديقًا.
“……وكان الجو باردًا بعض الشيء أيضًا.”
كما لو أنها قرأت أفكار دلفيا، أضافت إيرينا عذرًا صغيرًا بصوتٍ خافت.
ضحكت دلفيا كما لو أنها استسلمت، لكنها لم تنس أن تخرج بطانيةً من الفرو الأبيض من خلف العربة لتلفها حول إيرينا.
“سنصل قريبًا.”
أمسكت إيرينا ببطانية الفرو بيدها وهي تبتسم بابتسامةٍ خجولة.
المسافة من القصر الإمبراطوري إلى قصر وينفريد في العاصمة لم تكن تستغرق سوى ساعةٍ واحدة تقريبًا بالعربة. لن تتدهور حالتها الصحية خلال هذه الفترة القصيرة.
“لكن لا يمكننا أن نكون متأكدين.”
قالت دلفيا ذلك وهي تبرز شفتيها قليلاً، ثم أخرجت مدفأةً صغيرة يمكن وضعها داخل العربة، و لا أحد يعلم متى جلبتها.
“مهما شعرتِ بالحر، لا تخلعيها حتى نصل. عليكِ أن تبقي دافئةً طوال الوقت.”
“حسنًا.”
أومأت إيرينا عدة مراتٍ برأسها، وعندها فقط أغلقت دلفيا باب العربة.
سُمع صوت حديثٍ قصير في الخارج، ثم بدأت العربة تتحرك.
بينما كانت العربة تتحرك ببطءٍ نحو قصر وينفريد، التزمت إيرينا بنصيحةِ ديلفيا. ورغم أنها شعرت بالحر قليلاً، فإنها ظلت ملتفةً بإحكامٍ ببطانية الفرو.
كانت تعرف أن حالتها الصحية ليست على ما يرام.
“…….”
لطالما كانت حالتها الصحية سيئةً منذ البداية. لكنها بدأت تتحسن تدريجيًا منذ دخولها قصر وينفريد.
من كان يتوقع أن السم سيجعل جسدها في حالةٍ سيئة للغاية؟
بعد الحادثة التي وقعت في القصر الإمبراطوري، عندما فتحت إيرينا عينيها مرة أخرى، كان قد مر أكثر من عشرة أيام.
وعندما استيقظت وسُردت لها تفاصيل الوضع، شعرت بارتباكٍ شديد.
فقد تغيرت أشياءٌ كثيرةٌ جدًا.
انهار منزل البارون فينترين، وتم القبض على عائلة الكونت فلورنس بأكملها بتهمة الخيانة، مما جعل استمرارية الأسرة في خطرٍ كبير.
من بين كل تلك الشائعات، ما جعلها تشك في أذنيها كان خبر انتحار فينترين.
‘هل حقًا شرب السم بنفسه؟’
رغم رؤيتها له في خضم رؤيتها المشوشة يشرب شيئًا ويسقط، لم تكن تعتقد أن ما شربه هو السم الذي عرضه عليها. كانت تعتقد أنه مجرد تمثيلٍ متكلف للخروج من هذا الموقف.
لكن، أن يكون قد شرب السم بالفعل……
هل فعل ذلك بدافع الخوف من الدوق، ومن العواقب المستقبلية؟ اختار أن يُنهي حياته لمجرد هذا السبب التافه؟
حتى أن دلفيا أخبرتها أن فينترين لو كان على قيد الحياة، لكان الضرر الواقع على أسرته قد خف قليلاً.
لكن ذلك الرجل الضعيف و الجبان لم يكترث لأي شيء كهذا، وكأنه أراد فقط موتًا هادئًا لنفسه.
‘لا، لم تكن موتةً مريحة، أليس كذلك؟ لقد نجوتُ بينما مات فينترين، أليس كذلك؟’
ربما مات بطريقةٍ مؤلمة بعد فوات وقت العلاج.
حتى هي تمكنت من البقاء على قيد الحياة، ومع ذلك هو مات من سمٍ ضعيف كهذا.
‘هل كان موته مؤلمًا بعض الشيء في النهاية؟’
مهما كانت نهاية فينترين، فإن اختياره لطريقه المريح وحده كان حقيقةً لا يمكن إنكارها.
سناير فلورنس أيضاً اختارت طريقها بنفسها.
‘بصدق، اعتقدتُ أنها في النهاية، و في آخر لحظة، ستعتذر لي.’
اعتقدت إيرينا بأن سناير ستعتذر على كل ما فعله في البداية، على قسوتها، و ربما على إعطائها السم، حتى لو شعر ببعض الندم.
‘ظننتُ بأنها ستقول ذلك، على الأقل لمحاولة تجنب الإعدام.’
لكن لا.
بدلًا من ذلك، تصرفت و كأنها لم ترتكب أي خطأ، وصرخت على إيرينا لتعتذر لها.
‘بالكاد تمالكتُ من الضحك في تلك اللحظة.’
على الرغم من أنها توقعت منها تصرفًا كهذا قبل أن تذهب.
و الآن هي ذاهبةٌ لرؤية الدوق.
‘الدوق……’
عضت إيرينا على شفتيها بقوة.
“…….”
رغم وجود المدفأة الدافئة ولف نفسها ببطانيةٍ الفرو السميكة بإحكام، شعرت إيرينا بالبرد. فضمّت جسدها أكثر لتتدفأ.
في تلك الأثناء، توقفت العربة أمام قصر وينفريد. و أمسكت إيرينا بيد دلفيا و نزلت بحذر من على درج العربة.
كان إرن، كبير الخدم لقصر وينفريد، قد خرج لاستقبالها أمام الباب.
“هل الدوق موجودٌ بالداخل؟”
رغم أنها كانت تعرف الجواب، إلا أنها سألت مجددًا.
فالدوق وينفريد، الذي كان قد حظي ببعض الراحة مؤخرًا، عاد إلى الانشغال مجددًا، لذا سألت بحذرٍ تحسبًا لأي احتمال.
ابتسم إرن وأومأ برأسه.
“نعم، إنه في المكتب وينتظر حضوركِ، سيدة.”
عند سماع ذلك، رفعت إيرينا رأسها لتنظر نحو نافذة المكتب.
وبمجرد أن وقع بصرها عليها، أُغلقت ستارةٌ قماشية وردية اللون على النافذة بصوتٍ خافت.
“…….”
أظلم وجه إيرينا، وانخفض رأسها.
‘هل يجدر بي الذهاب إليه؟’
‘يجب أن أذهب. يجب أن أذهب وأعتذر له.’
بدأت إيرينا تمسك بطرف ثوبها دون سبب وهي تسير خلف إرن.
“سيدي، لقد أحضرتُ السيدة ليونيد كما طلبت.”
“دعها تدخل.”
خرج صوتٌ لم تسمعه منذ ما يزيد عن أسبوعٍ من داخل المكتب.
فتح إرن الباب بحذرٍ حتى لا يصدر صوتًا، وأمسكه مشيرًا لها بالدخول.
أومأت إيرينا بخفة برأسها وخطت بحذرٍ إلى داخل المكتبة.
كان الدوق يقف أمام النافذة الكبيرة المواجهة لها. و رغم أنه يعلم بأنها هنا، الا أنه ظل واقفًا دون أن يلتفت نحوها.
حتى أن الستائر كانت مغلقةً، حيثُ لم يتمكن من رؤية الحديقة في الخارج.
‘هل يكره رؤيتي إلى هذه الدرجة؟’
‘حسنًا، حتى لو كنتُ مكانه، لشعرتُ بالأمر نفسه.’
الشخص الذي تآمر مع الأعداء وقتل والديها لم يكن هو، ومع ذلك شكت في الدوق و كانت حذرةً منه رغم كل ما فعله من أجلها.
حتى أنها دون إخباره، بدأت تستعد للعودة إلى قصر الكونت ليونيد بدعوى رغبتها في معرفة الحقيقة.
‘……كيف كانت مشاعر الدوق آنذاك؟’
في القصر الإمبراطوري، أقامت جلالة الإمبراطورة حفلة الظهور الأول لها، و لم يكن من السهل التحضير لمثل هذا الحدث.
في ذلك المكان، وفي يومٍ كان قد جهز كل شيءٍ فيه لأجلها بأقصى ما يستطيع، هي من دفعته إلى هذا الحد.
بل وأكثر من ذلك، في تلك اللحظة، كذبَ الدوق كذبةً بيضاء فقط من أجلها، بصدقٍ كامل.
كل ذلك كان من أجل مصلحتها وحدها.
‘وهذه……خيانة.’
توقفت خطوات إيرينا، التي كانت تسير بحذرٍ نحو لوغان، فجأة.
‘ما فعلته كان أشبه بخيانةِ للدوق.’
“….…”
قبل المجيء من القصر الإمبراطوري إلى هنا، كانت قد عاهدت نفسها.
لا، خلال كل تلك الفترة الماضية التي لم يطلب الدوق لقاءها، كنت تستجمع قواها.
إذا دخل فجأة وغضب، لن تبكي. وإذا صرخ في وجهها و طلب منها الخروج، لن تشعر بالحزن.
لأن هذا كله خطؤها.
‘كل شيء، خطئي أنا……’
“…….”
انهمرت الدموع فجأة. و حاولت إيرينا جاهدةً أن توقف دموعها، لكنها اكتفت بمنع نفسها من إصدار أي صوت.
‘ها أنا ذا أُظهر مظهري البائس حتى النهاية.’
بينما كانت تمسح دموعها المتجمعة عند طرف ذقنها، سمعت صوتًا منخفضًا.
“أنا آسف.”
في البداية، لم تستوعب ما الذي سمعته.
كلمةٌ واحدة فقط.
لكن، كما لو كانت طفلةً قد بدأت للتو تعلم القراءة، فهمت ببطءٍ شديد ما تعنيه تلك الكلمة.
“ماذا قلتَ الآن……؟”
“قلتُ أنا آسف.”
أجاب لوغان بصوتٍ منخفض، دون أن يلتفت إليها، مستمرًا في إعطائها ظهرهُ فقط.
“لقد كنتُ مخطئًا.”
في البداية، اعتقدت إيرينا أن ارتجاف صوتها نابع من ارتجاف جسدها.
“كان يجب أن أخبركِ منذ البداية، دون إخفاء أي شيء.”
ظنت أن ما تسمعه ليس سوى أوهامٍ بسبب رغبتها الشديدة في سماع ذلك.
“لكنني كنتُ جبانًا.”
توقف عن الحديث فجأة، وتبعه صوت ابتلاع أنفاسه بصعوبة.
“عندما رأيتكِ لأول مرة، كنتِ جميلةً جدًا.”
التفت إليها ببطء.
عندها فقط، فهمت إيرينا لماذا كان لوغان يتجنب النظر إليها، موجهًا نظره نحو النافذة طوال الوقت.
“لقد وقعتُ في حبكِ منذ ذلك الحين.”
كانت عيناه محمرتين كما لو أنه على وشك البكاء، لكن نظراته الموجهة نحو الأرض بدت جافةً تمامًا.
“لذلك لم أتمكن من قول الحقيقة بصراحة.”
ابتلع لوغان أنفاسه مرة أخرى وسألها.
“هل يمكنكِ أن تسامحينني؟”
كما لو أنه استجمع شجاعته بعد إعلانه عن مشاعره، بدأ نظره الذي كان موجهًا للأسفل يرتفع ببطء إلى الأعلى.
توسعت حدقتا عينيهِ بعد أن ابتلع أنفاسه مجددًا.
“لماذا……”
بدت ملامحه مرتبكةٌ وهو يقترب منها بسرعة، و كأنه يريد مسح دموعها بيده.
لكن سرعان ما قبض يده بقبضةٍ مشدودة وسحبها إلى الوراء.
“لا أعرف لماذا تبكين، لكن إذا كنتِ تريدين الرحيل، سأعد لكِ كل شيء. سأقدم تعويضًا كافيًا أيضًا لعائلة الكونت ليونيد.”
ابتعدت عيناه الجافتان عن إيرينا، ولفّ رأسه ليخفي وجهه.
“سأفعل كل ما تريدين، سأفعل ذلك، أرجوكِ……”
لمراتٍ عدة مسح لوغان وجهه وكأنهُ يحاول مسح آثار ما يشعر به، ثم، كما لو كان على وشك الاستسلام، أدار رأسه بعيدًا.
“أنا آسف. إذا كنتِ بحاجةٍ للتفكير، سأترك الغرفة لك.”
قال ذلك ثم بدأ بالدوران واتجه نحو مدخل المكتبة.
بينما كان يمر بجانبها، بقيت إيرينا واقفةً في مكانها. كان فضولها حول ما كان سيقوله لوغان غير مكتمل.
ما الشيء الذي طلب منها أن لا تفعله؟
هل كان يريدها ألا تبكي، أم أنه كان يطلب منها أن لا تتركه؟
مهما كان ما قاله، كان بإمكانها أن تجد طريقةً لجعله كما تريد.
“دوق.”
استدارت إيرينا وأمسكت بيده التي كانت على وشك مغادرة المكتبة.
ثم ضغطت على خدها بيدها الأخرى وهي تمسحُ دموعها.
“أنا آسفة.”
أغلقت إيرينا عينيها بإحكام وبدأت بالكلام بسرعة.
“حتى لو لم تكن هذه هي الحقيقة، أنا من دفعتكَ لذلك.”
‘أرجوكِ، يجب أن لا ترتجفِ.’
“لقد فهمتُكَ خطأً وكنت على وشك خيانة الدوق.”
‘كان يجب أن لا أبكي.’
“كان يجب عليّ أن أتحقق أكثر، كان يجب أن لا أنخدع.”
‘آه، يبدو أن ذلك غير ممكن الآن.’
كانت كلماتها ترتجف، وكأنها كانت طفلةً لأول مرة تنطق بكلماتها، وعينيها كانت مليئةً بالدموع حتى أنها لم تعد ترى وجه لوغان.
“لو كنتُ أكثر ذكاءً……”
لو كنتُ لم أنخدع كالحمقاء، لما انتهى بنا الأمر هكذا……
“لا.”
أمسك لوغان برأس إيرينا التي كانت تنحني إلى الأسفل، ورفعه.
“الآن……لما تقولين بأن هذا ليس خطأي؟”
أمسكت إيرينا بيد لوغان التي كانت على وجهها، ونظرت إليه.
“نعم صحيح، دوق. أنت لم تخطئ.”
______________________________
نعانيهتيعيهيتاينسوستسنستااااااااا
ايه ياخي كفايه كوابيس ذي مب غلطتك😔💔
عيونه حمر قدهو يبكي ياخي ابك سو الي تبي
ايرينا ياعمري هي بعد ادري انها غبيه بس احبها خلاص لاتبكين دور لوغان😭
Dana