As Long As you Are Happy - 146
‘كيف وصلتُ إلى هذا الحال؟’
انكمشت سناير بجسدها قدر الإمكان تحت وطأة البرد القارس الذي اجتاحها.
ورغم أنها وضعت على جسدها بطانيةً كانت قد أقسمت عند دخولها إلى هناب أنها لن تلمس جسدها أبدًا، إلا أن تجنب برودة سجنٍ في منتصف الشتاء كان أمرًا مستحيلًا.
كان البرد يتسلل حتى إلى العظام.
لو أن تلك النافذة ذات القضبان كانت مغلقة، لكانت الرياح الباردة في ساعات الفجر تدخل أقل.
“آه……آوه….”
مهما مدّت سناير يدها، لم يكن بإمكانها الوصول إلى النافذة.
بما أنها في ذلك الموقع، لما استطاع حتى والدها، الذي اقتيد بسرعةٍ من قاعة المحكمة، أن يصل إليها.
حتى الأشخاص الأطول قامةً سيجدون صعوبةً في ذلك.
كان هناك شخصٌ واحد فقط في ذهن سناير يمكن أن تصل يده إلى تلك النافذة.
إنه الدوق وينفريد.
“….…”
عضّت سناير على شفتيها حتى سال الدم منها.
‘كيف يمكنهُ أن يفعل هذا بي؟’
في الحقيقة، كانت سناير تحمل الأمل لفترة طويلة.
حتى بعد أن سُجنت، كانت تؤمن بأنها ستتمكن من الخروج.
فلوغان الذي تعرفه، رغم بروده الظاهر، كان دائمًا يعتني بها بطريقةٍ غير مباشرة.
عندما كانت ترتجف خوفًا من السلالم العالية، كان يمد يده لها. وعندما يُقدم لها طعامٌ لا تستطيع أكله، كان يبدله بصحنه خفية.
حتى أثناء التنزه، كان يفعل الشيء نفسه.
‘قال أن أشعة شمس الشتاء حادة، وقد تكون مؤذيةً لي. و كان يسير في الجانب الذي تسطع عليه الشمس ليظللني بظله.’
“سيأتي لإنقاذي.”
دفنت سناير وجهها بين ركبتيها.
“أنا متأكدةٌ من ذلك.”
بالطبع، بما أنها ارتكبت ما ارتكبته، فلن يغفر لها تمامًا.
‘لكن ربما سيساعدني على تجنب الإعدام.’
‘فأنا ووالدي لم نرتكب جريمة خيانةٍ حقيقية.’
‘ربما يكتفي بنفيي فقط؟’
“.……”
لكن سناير كانت تعلم بالفعل.
أن اللطف الذي أظهره لوغان في صغره كان بسبب ضعف جسدها فقط، وأن الحنان الذي أبداه كان بدافع العلاقات بين والديهما.
لذا، هذه المرة، لن يُظهر لها أي لطف، أو حنان، أو تسامح.
كانت تعلم ذلك جيدًا بالفعل.
“…….”
‘بسببي وُجهت تهمة الخيانة إلى والدي.’
‘بسببي، تعرض أخي الأكبر وأمي، اللذان بقيا دائمًا في صفي، للمتاعب.”
ومن المؤكد أن الأشخاص الآخرين المرتبطين بها سيجدون أنفسهم في مأزقٍ واحدًا تلو الآخر.
‘كل هذا بسببي……’
“لا، ليس كذلك.”
صدر صوت صريرِ أسنانه و هي تطحنها، ليملأ الصمت في السجن.
“لم أفعل أي شيءٍ خاطئ.”
صرير-
لم تستطع سناير التغلب على شعور الذنب الذي كان يعصف بعقلها وقلبها باستمرار، فبدأت توجه اللوم إلى الآخرين.
“ما الخطأ الذي فعلته؟”
‘لو أن والدي لم يحاول إرسالي إلى ملك آرلون، هل كنت سأخونه؟’
‘بالطبع لا. كان هذا خطأ والدي بالتأكيد.’
‘لو لم تكن كانا قد أغوتني، لما تفوهتُ بذلك الكلام الغبي. إذًا، فمن الواضح أن الخطأ يقع أولًا على كانا، التي خدعتني بلسانها الطويل.’
كل هذا بسبب أخطاء الآخرين.
‘لم أرتكب أي خطأ. وإن كان لا بد من الاعتراف بخطأ، فهو أنني كنتُ ساذجةً للغاية.’
كان يجب أن تشكك في كلام الآخرين و تعيد التفكير فيه، لكنها لم تفعل.
كان يجب أن تعترض على والدها و ترفض، لكنها هزت رأسها موافقةً بسهولة.
نعم.
‘خطئي الوحيد كان سذاجتي المفرطة.’
“لذلك، ما حدث كان نتيجةً لأفعال والدي و كانا. أليس كذلك؟”
لكن السبب الجذري الحقيقي لا يكمن في هذين الاثنين فقط……
رفعت سناير رأسها الذي كان مدفونًا بين ركبتيها. فقد بدأ يزعجها ذلك الظل الذي كان يخيّم عليها منذ قليل.
“لماذا أتيتِ؟”
“…….”
“قلتُ لماذا أتيتِ؟!”
لم يكن هناك أي إجابةٍ من الطرف الآخر. و كانت تنظر إليها بصمتٍ فقط.
“ألا تسمعينني؟! لماذا أتيتِ!”
تششق-!
انطلقت سناير نحو القضبان الحديدية غاضبة، ممسكةً بها و هي تهزها بعنف، ثم مدت يدها من بينها.
‘شعرها الذهبي……لو تمكنتُ من اقتلاعه بالكامل، ربما يخفف ذلك قليلًا من غضبي.’
“آه……!”
مدّت يدها بكل قوتها، لكنه للأسف لم تتمكن حتى من لمس طرف أصابعها.
“……آنسة سناير فلورنس.”
تحدثت إيرينا أخيرًا، وهي تنظر إلى اليد التي كانت تلوح في الهواء. مع زفيرها الذي يتلاشى كبخار أبيض في الهواء.
“لقد أتيتُ لأحصل على اعتذار.”
“اعتذار؟”
ضحكت سناير بسخرية وكأنها لا تصدق ما تسمعه.
“أتيتِ لتحصلي على اعتذارٍ مني؟”
تششق-!
اصطدم جسد سناير بعنف بالقضبان الحديدية، وكأنها تحاول جاهدةً الاقتراب أكثر من إيرينا.
“أنتِ من يجب أن تعتذر لي!”
“أنا أعتذر لكِ؟”
“نعم!”
ملأ صوتها الغاضب أرجاء الممر الهادئ.
لو كان هناك شخصٌ آخر لانزعج وأغلق أذنيه بسبب الصراخ المزعج.
لكن إيرينا لم تفعل ذلك. و كانت تراقبها بهدوءٍ و سكينة، دون أن تُظهر أي ترددٍ أو انزعاج.
“إنه بسببكِ! أنتِ السبب في أن حياتي أصبحت هكذا! اعتذري، بسرعة، اعتذري لي!”
“الآنسة سناير فلورنس.”
“لو أنكِ ابتعدتِ خطوةً واحدةً فقط، لما حدث أيٌ من هذا. لما وصلتُ إلى هذا الوضع المأساوي!”
“…….”
“بسببكِ، عائلتي كلها على وشك الانهيار، هل تفهمين؟ أنتِ السبب في موت أفراد عائلتي، وحتى الخدم أيضًا. أنتِ قاتلة!”
“….…”
“اعتذري لي حالًا……!”
“يا للوضاعة.”
“ماذا؟”
توقفت سناير عن الصراخ.
‘ما الذي سمعتهُ الآن؟’
رفعت رأسها ورأت إيرينا تقترب أكثر نحو القضبان الحديدية.
“هل سبق وقرأتِ كتاب قواعد السلوك الأساسية؟ هناك فقرة تقول، حافظ على الكرامة واللياقة في كل مكان، واجعل ذلك أساسًا لجميع أفعالك.”
“هاها!”
أطلق سناير ضحكةً ساخرة مرة أخرى، ثم تابعت بتعليقٍ بملؤه السخرية.
‘كتاب قواعد السلوك الأساسية؟ إنه ذلك الكتاب السطحي الذي حفظته عن ظهر قلب عندما كنتُ صغيرة، لدرجة أنني لا أذكر حتى متى قرأته آخر مرة!’
“هل تحاولين الآن أن تعلّميني؟ بكتاب قواعد السلوك الذي يقرؤه الأطفال الصغار بعمر ثلاث أو أربع سنواتٍ فقط؟”
“….…”
“لقد تلقيت دروسًا في الإتيكيت منذ ما قبل أن أتعلم المشي! والآن شخصٌ بالكاد تعلم لبضعة أشهر يجرؤ على أن-”
“نعم، أنا أحاول أن أعلمكِ الآن.”
قطعت إيرينا حديث ساينر فجأة. فنظرت إليها سناير بعينين مذهولتين.
“عندما رأيتِني لأول مرة، كنتِ تعاملينني علنًا وكأنني مجرد عاهرة.”
قالت إيرينا ذلك وهي تمسح شعرها وتعيده خلف أذنها.
“وعندما عرفتِ أصلي، نظرتِ إليّ بنظرةٍ مليئة بالاحتقار وكأنني شخصٌ يفتقر إلى التعليم.”
انخفضت نظرتها الزرقاء الهادئة للحظة إلى الجانب، قبل أن تعود إلى النظر إليها مباشرة.
كانت عيناها الزرقاوان، الهادئتان كالبحيرة، تعكسان صورة سناير فلورنس المحبوسة في السجن.
“لكن حالتكِ الآن أسوأ من حالتي آنذاك.”
‘آه……’
لأول مرة، أدركت سناير حالها البائس.
كانت في حالةٍ يرثى لها.
فستانها الذي لم تغيّره منذ أيام كان متسخًا، و شعرها متشابك، و بشرتها باهتةٌ وغير مُعتنى بها.
أظافرها كانت مكسورةٌ من كثرة خدش الأرض، و كانت الرائحة الكريهة تفوح من جسدها.
أما إيرينا، فكانت مختلفةً تمامًا.
وقفتها، نظراتها، وكل حركةٍ صغيرة تقوم بها كانت تنضح بالثقة والرقي.
كل ما فقدته سناير كان حاضرًا هناك، أمامها.
“آه……”
انهارت ساينر على ركبتيها وجلست على الأرض منكمشةً على نفسها.
‘يجب أن أخفي هذا. يجب أن أخفي هذا القبح وهذه القذارة بأي طريقة.’
نظرت إيرينا إليها للحظة قبل أن تتنهد بهدوء.
“يبدو أن طلب اعتذارٍ من شابةٍ نبيلة لا تستطيع حتى تطبيق ما يتعلمه الأطفال الصغار في سن الثالثة أو الرابعة كان طموحًا مفرطًا من جهتي.”
بدأت كلمات إيرينا تخنق سناير. فأخذت نفسًا مضطربًا وهي تحاول استعادة أنفاسها.
“اعتني بنفسكِ، آنسة سناير فلورنس.”
توقف إيرينا فجأة كما لو أنه لن يكون هناك لقاءٌ آخر بينهما. و تنهدت بصوت خافت، ثم استدارت لتواجه سناير التي كانت لا تزال على الأرض، منحنيّةً على نفسها.
“لن نلتقي مجددًا.”
ثم استدارت لتغادر، لكن في اللحظة التي كانت تدير فيها وجهها، نظرت إليها بنظرةٍ مليئة بالشفقة.
كانت تلك النظرة هي ما مزقت آخر ما تبقى لكرامة سناير.
“آآآآآه!”
ملأ صراخها الذي كان يبدو كصوتِ حيوانٍ مفجوع، ممر السجن.
كانت دلفيا، التي كانت تنتظرها قرب المدخل بناءً على طلب إيرينا، تهز رأسها بدهشة.
“يا ريو.”
نداء دلفيا جعل ريو، الذي كان يقف بجانبها، يحرك نظره فقط نحو رفيقه.
“بصراحة، كنتُ أظن أن السيدة إيرينا ستشعر ببعض التردد.”
بالتأكيد، كانت جريمة سناير فلورنس جريمةً تستحق الإعدام. وكان من الصحيح أن إيرينا أصبحت أكثر برودةً مما كانت عليه في البداية.
لكن أليست إيرينا ليونيد هي نفسها إيرينا ليونيد؟
وفي المقابل، كانت سناير قد تدربت لفترةٍ طويلة على الدفاع عن نفسها بالكذب والأعذار.
لذا، كانت تعتقد أنه بعد سماع كلمات سناير، ربما ستبدأ إيرينا في التفكير: ‘هل كان خطئي؟ هل يجب أن أعتذر؟’
كانت تظن على الأقل بأنها ستشعر بالتردد.
‘إنها قاسيةْ جدًا.’
لم يكن هناك أي علامة على الندم في وجه إيرينا التي كانت تتجه نحوهم.
“هل كانت هكذا دائمًا؟”
تحدث ريو بينما كان يراقب إيرينا دون أن يحرك رأسه.
“إنها شخصٌ عازم وصلب.”
“نعم، هذا صحيح.”
أجابت دلفيا و هي تبتسم بابتسامةٍ خفيفة. و في تلك اللحظة، وصلت إيرينا إليهم، وسألت بنبرةٍ فضولية.
“ما الذي كنتم تتحدثون عنه؟”
“لا شيء مهم.”
ردت دلفيا بينما كانت تضع الشال الذي أحضرته على معطف إيرينا الفروي.
“في الحقيقة، كنت أعتقد أن السيدة إيرينا ستشعر ببعض التردد بعد سماع كلمات سناير فلورنس.”
“همم.”
أغلقت إيرينا مقدمة الشال حول عنقها وكأنها كانت تفكر للحظة، ثم فتحت فمها.
“بصراحة، فكرت في ذلك. هل كان من الممكن ألا يموت الآخرون لو أنني أغضضتُ الطرف مرةً واحدة فقط؟”
أغمضت إيرينا عينيها ببطء ثم فتحتها مجددًا. و نظرت إلى ريو و دلفيا وعينيها مليئتان بالابتسامة.
“لكن، ماذا يمكنني أن أفعل؟ الشخص الذي جلب كل هذا هي الآنسة فلورنس نفسها.”
“….…”
“حتى وإن كان هناك خطأٌ من جانبي، ذلك لا يعني أن أخطاء الآنسة فلورنس تختفي، لذا يجب أن تتلقى العقاب، أليس كذلك؟”
ابتسمت إيرينا وهي تسأل، فردّ الاثنان بابتسامةٍ وهزّا رأسيهما بالموافقة.
بينما كانت إيرينا تخرج من السجن بسهولة، لم يكن هناك أي صوتٍ قادم خلفها.
“السيدة إيرينا.”
عندما صعدت إيرينا إلى العربة المزخرفة برمز الطائر الأزرق، كان ريو يرافقها، وتواجه عينيه عينيها.
“متى ستتدخلين بشأن مسألة الدوق؟”
في سؤال ريو الحذر، الذي كان غير معتادٍ منه، نظرت إيرينا إليه للحظة ثم ابتسمت.
“هل أذهب لزيارته اليوم؟”
‘لا.’
هزّت إيرينا رأسها قليلًا.
“نعم، سنذهب اليوم.”
كانت هذه هي اللحظة التي حان فيها الوقت لفك العقدة الأخيرة.
___________________________
ايه تكفين روحي له ولدييييييييي
المؤلفه ذي بيني و بينها المحاكم يعني قربت النهايه وحاطه فصلين ورا بعض لسناير ليه؟ لاتكون البطله وانا مدري؟
المهم اشوا ان ريو تكلم ولا كان بنشوف المشكله تنحل في الفصول الإضافيه😭
Dana