As Long As you Are Happy - 145
“أنا……أنا أطعتُ أوامر والدي.”
تردد صوتٌ ضعيف ومثيرٌ للشفقة، يملؤه الخوف بشكل يبعث على الأسى.
“قال لي بأنني إن لم أُطِعه، فسيرسلني إلى ملك آرلون……هذا ما قاله.”
كانت كلماتها تتخللها نوباتُ بكاءٍ متقطعة، لكنها لم تعق فهم مضمون حديثها.
بل على العكس، زادت من إحساس المستمعين بالشفقة عليها.
“والدتي وأخي ليسا مذنبين. والدتي……لم تكن تعرف شيئًا. أما أخي، فقد علم بالأمر متأخرًا، وحاول حمايتي من والدي، لكن……اهيء!”
لم تستطع سناير إكمال حديثها وانفجرت بالبكاء. وعندما حاول الفارس الذي كان بجانبها تهدئتها قليلًا، استجمعت نفسها بصعوبة، وبوجه احمرّ من الانفعال تابعت حديثها بتردد.
“صحيح أنني كنت أكره الآنسة ليونيد. فقد نشأتُ منذ صغري وأنا أؤمن دون شك بأنني سأصبح خطيبة الدوق وينفريد.”
أغمضت سناير عينيها بإحكام ورفعت صوتها.
“لكنني لم أرغب في قتلها! صحيح أنني شعرت بمشاعر بالكراهية تجاهها، لكنني لم أتخيل يومًا القيام بشيءٍ فظيع إلى هذا الحد!”
بدأت يداها المرتجفتان تظهران هذا الاضطراب بوضوح.
“قال لي والدي أنني يجب أن أفعل ذلك. قال إن الدوق وينفريد سيعود إلي، و أنني سأصبح دوقة وينفريد وسأسيطر على مجتمع النبلاء! ظل يحثني باستمرار، وحبسني في الغرفة قائلًا أنه لن يسمح لي بالخروج حتى أوافق على ذلك.”
بدأ الحضور يتحدثون بصوتٍ منخفض متسائلين إن كان هذا هو السبب وراء غيابها مؤخرًا.
كان كل من في قاعة المحكمة يستمعون بجدية إلى صوت سناير المرتجف.
“حبسني في الغرفة، واستمر في معاقبتي باستمرار، و للأسف……حتى أنني لم أتمكن من تناول الطعام بشكلٍ صحيح.”
أغلقت سناير شفتيها بإحكام قبل أن تستجمع شجاعتها وتواصل الحديث بصعوبة.
“……في النهاية، استسلمتُ للجوع.”
بدأت دموعها التي توقفت بالكاد تسيل مجددًا، وهي تتحدث بصوت مرتعش.
“أبي……أحضر لي السم وكل الأدوات اللازمة لتنفيذ الخطة. قال لي إذا أعطيتُ السم للآنسة ليونيد، فسيرسل شخصًا للتخلص من الجثة، ومن ثم يمكنني الهرب معه من القصر الإمبراطوري……”
كانت تتحدث بهدوء لكن هناك صرخةٌ جاءت فجأة.
“كل هذا كذب، يا جلالة الإمبراطور!”
بوم-!
ضرب الكونت فلورنس الطاولة بعنف، وصرخ بجزع، و وجهه شاحبٌ كالأموات.
“أنا بريء! سناير، ابنتي……إنها مختلةُ العقل، إنها لا تدرك ما تقول!”
كان وجهه الشاحب يعلوه ابتسامةٌ مزيفة، لكنها أظهرت ذعره الشديد، مما أضفى على اعتراف سناير مزيدًا من المصداقية.
“هذا هو السبب وراء اختفاء ابنتي مؤخرًا. لم أفعل شيئًا كهذا أبدًا، لم أطلب منها شيئًا كهذا!”
“……..”
رغم دفاعه المستميت، كانت عينا الإمبراطور الباردتان خلف نظارته تشعّان ببرودٍ شديد.
“كفاك ضجيجًا، أيها الكونت فلورنس!”
كانت الإمبراطورة، التي نادرًا ما تشارك في المحاكمات، تغمرها موجةٌ من الغضب.
“إيرينا ليونيد، الآنسة التي أعزّها لدرجة أنني خصصت لها القصر الإمبراطوري من أجل حفل تقديمها للمجتمع! كيف تجرؤون على محاولة إيذاء فتاةٍ كهذه داخل قصري؟!”
كانت كلمة “قصري” مفعمةً بالتأكيد، لكن لم يجرؤ أحد على التعليق عليها.
صرخت الإمبراطورة مجددا.
“يا جلالة الإمبراطور!”
استدارت لتحدّق في الإمبراطور بعينين متوهجتين، بينما زادت تقاسيم وجه الإمبراطور عبوسًا.
“حتى وإن كانت عائلة الكونت فلورنس خدمًا أوفياء للإمبراطورية منذ زمنٍ طويل، يجب أن يُعاقبوا هذه المرة!”
“…….”
ازداد العبوس على جبين الإمبراطور، وغاص في صمتٍ عميق، وكأنه غارقٌ في التفكير.
لا بد أنه يفكر الآن في طريقةٍ ليتجنب هذه الأزمة بدهاء، و يحاول إيجاد مخرجٍ بأي طريقةٍ كانت.
رغم وضوح الجريمة، وغضب الإمبراطورة الذي دفعها للإصرار على العقوبة، فإن الإمبراطور لم يتمكن من اتخاذ قرارٍ حاسم بسهولة.
وكان السبب واضحًا، عائلة الكونت فلورنس كانت على مدى أجيال من أقرب الموالين للعرش الإمبراطوري.
خصوصًا أن الإمبراطور الحالي تلقى دعمًا كبيرًا من عائلة الكونت فلورنس وعددٌ من العائلات الأخرى عند صعوده إلى العرش.
ولهذا، حتى لو أراد أن يبعدهم لإنهاء الأمر بطريقةٍ حاسمة، فإنه لا يستطيع ذلك بسهولة.
على الأقل، حتى الآن.
ارتسمت ابتسامةٌ عميقة على شفتي لوغان، وكان كارل يشاركه نفس التعبير.
“كانا.”
“نعم، سيدي الأدميرال.”
ما إن ناداها حتى وقفت بجانبه فورًا. و كان وجهها محمرًا قليلاً، ونظراتها وهي تحدق في كارل كانت تتلألأ بشكلٍ واضح.
“يبدو أن الوقت قد حان لتتدخلي الآن.”
تجاهل كارل عمدًا النظرات ذات المعنى الواضح التي وجهتها له، مستندًا على كفه وهو يحدق إليها.
“فعلتِ ما طلبتهُ منكِ، أليس كذلك؟”
“بالطبع!”
هزّت كانا رأسها بعنف، لدرجة بدا وكأن وميض عينيها قد يتساقط من شدة حماسها.
“سأنفذ ما أمرتني به، سدي الأدميرال!”
“فتاةٌ مطيعة.”
ابتسم كارل، ويبدو أن ذلك كان كافيًا ليكون مكافأةً مرضية لـكانا، حيث ارتسمت السعادة بوضوحٍ على وجهها.
“لكن، سيدي الأدميرال……”
كانت كانا على وشك أن تمشي بخطى واثقة، لكنها توقفت بتردد، ثم استدارت بحذر لتنظر إلى كارل و لوغان.
“أنتَ حقًا……ستُخرجونني من هذا، صحيح؟”
“همم؟”
تحدثت كانا بصوتٍ متوتر.
“لقد أخبرتموني بأنني إذا قدمتُ شهادتي هنا فقط، فسوف تُبعدونني عن الأمر.”
عندما تظاهر كارل بعدم الفهم وأمال رأسه ببراءة، بدا القلق واضحًا على وجه كانا.
تابعت بصوتٍ منخفض، واحمرار يكسو وجنتيها.
“وأيضًا……أنا وأنت……”
“آه، فهمت.”
ابتسم كارل أخيرًا وكأنه تذكر فجأةً ما كانت تشير إليه، وأومأ برأسه موافقًا، بينما كانت نظراتها تحمل بريقًا واضحًا مليئًا بالتوقعات.
“بالطبع.”
ضحكةٌ واثقة ومليئة بالحيوية خرجت من كارل، ومن خلالها استعادت كانا ثقتها بنفسها تمامًا. ثم بدأت بالنزول على الدرج بخطواتٍ ثابتة.
“ما الذي وعدتها به؟”
سألهُ لوغان وهو مكتفٍ ذراعيه، لكنه حوّل عينيه فقط نحو صديقه.
“نظراتها كانت مليئةً بالتوقع والحماس.”
“همم.”
أجاب كارل بينما كان يسند وجهه على كفه، محركًا عينيه فقط للنظر إلى لوغان.
“لم أقل شيئًا على الإطلاق، إذا كانت تسيء الفهم وتتوقع أشياء لوحدها، فهذا ليس خطئي.”
ارتسمت على عينيه نظرةٌ تحمل ابتسامةً ساخرة.
“أليس كذلك؟”
ضحك لوغان بخفة، وكأنه لا يصدق الأمر.
وفي تلك الأثناء، كانت كانا تتقدم بثبات نحو سناير، مستعدةً لاتخاذ خطوتها التالية.
“…….”
بنظراتٍ باردة، تابعت سناير اقتراب كانا، ثم مسحت وجهها مرة قبل أن تبدأ دموعها في الانهمار مجددًا.
“في الحقيقة، جرائم والدي لا تتوقف عند هذا الحد.”
“……!؟”
نظر الكونت فلورنس إلى ابنته بوجهٍ شاحب للغاية، وكأن صدمته واضحة.
بدا وكأنه يرغب في الاندفاع فورًا لإسكاتها وإيقافها عن الكلام، لكن مشاعره كانت مكشوفةً تمامًا للجميع.
صرخت سناير وهي تعض شفتيها بشدة، وكأنها تتألم.
“والدي……والدي تحالف مع البارون كوبين فينترين الذي تواطأ مع جيش لوبرك!”
“……!”
قبل فترةٍ وجيزة، تم الكشف عن جميع جرائم البارون كوبين فينترين.
كان كوبين فينترين يطمع في لقب الكونت ليونيد، وتحالف مع جيش لوبرك لتحقيق ذلك. و استغل عاطفة أخيه تجاه ابنته للحصول على معلوماتٍ عن الحرب، وقام بتسريب تلك المعلومات بالكامل إلى جيش لوبرك.
بقسوةٍ لا مثيل لها، استعان بأيدي جيش لوبرك لقتل أخيه، الكونت ليونيد، وزوجته الكونتيسة. ولم يكتفِ بذلك، بل حاول قتل ابنة أخيه الصغيرة أيضًا.
جريمة قتل الأقارب و الخيانة العظمى، هما من أعظم الجرائم، قد عُلقتا على رقبة البارون كوبين فينترين. وقد تم إعدام جميع المتورطين الذين ساعدوه واحدًا تلو الآخر على المقصلة.
حتى الآن، لا تزال الغربان تتجمع بأعداد كبيرة خارج أسوار العاصمة، سوداء اللون، لتلتهم جثثهم.
في الأصل، كان من المفترض أن تُلقى جثة البارون كوبين فينترين الذي ارتكب جريمةَ التمرد خارج المدينة أيضًا. ولكن بفضل رحمة الدوق وينفريد، استطاع الإفلات من هذا المصير.
بدا أن الأمر قد انتهى عند هذا الحد، ولكن تساؤلًا واحدًا ظل يتردد بين الناس.
هل كان من الممكن أن يتحرك البارون كوبين فينترين بمفرده؟ هل كان هناك من يساعده من خلف الستار؟
كيف لشخصٍ ضعيف النفوذ مثل كوبين فينترين أن يتواصل مع جيش لوبرك؟
وكيف استطاع تمرير المعلومات طوال هذه المدة دون أن يُكتشف أمره؟
لابد أن هناك شخصًا ما ساعده ودعمه!
في الواقع، بدأت هذه التساؤلات من أفواه بعض النبلاء الذين أرادوا التخلص من خصومهم السياسيين أو من القوى المعارضة لهم.
حتى لو كان مجرد اتهامٍ بالخيانة العظمى، فقد كان ذلك كافيًا للتخلص بسهولة من الخصوم المزعجين.
وبفضل لوغان و كارل اللذين واصلا إثارة الشكوك، أصبحت الشفرة الحادة موجهة نحو الكونت فلورنس.
“والدي……والدي استغل خادمتي ليتواصل باستمرار مع البارون كوبين فينترين وجيش لوبرك. كما تعلمون، كنت أرتدي الفساتين المصنوعة من الأقمشة المستوردة من بلدانٍ أخرى، وقد استغل ذلك للتواصل مع جيش لوبرك.”
كانت هناك أحاديث إضافية عن إخفاء الرسائل بين طيات الأقمشة وتمريرها بهذه الطريقة. فصرخ الكونت فلورنس بيأس.
“لماذا قد أفعل شيئًا كهذا؟! جلالة الإمبراطور، أرجوك أن تنظر في إخلاصي الذي امتد عبر الأجيال!”
“همم……”
عدل الإمبراطور نظارته بينما كان يحدق في سناير بعينين باردتين.
“سناير فلورنس، هل لديكِ دليلٌ على ذلك؟”
“نعم……نعم لدي.”
ابتلعت سناير ريقها بصعوبة، ثم حولت نظرها إلى كانا التي كانت تقف خلفها.
‘لا بأس، سأكون بخير’
عضت كانا شفتيها. إذا تجاوزت هذه اللحظة، فسيكون بإمكانها أن تشغل المقعد بجانب ذلك الأدميرال الوسيم فيدريك.
بالطبع، لم تكن تحلم بأن تصبح الزوجة الأولى، لكنها كانت راضيةً تمامًا بكونها العشيقة المخفية في فيلا ذات مناظر جميلة.
فمهما قال الناس، فهي كانت واثقةً بأن الأدميرال يحبها أكثر من أي شخصٍ آخر.
‘هذه المحنة……سأنتصر عليها بالحب!’
ترددت كانا للحظة، لكنها سرعان ما تقدمت للأمام وصاحت.
“نعم، كنتُ شبكة الاتصالات الخاصة بالكونت فلورنس!”
خفضت كانا رأسها مباشرة.
“لم أرد أبدًا أن أفعل ذلك……ولكن الكونت احتجز عائلتي كرهائن……”
تسارعت ضربات قلبها وأصبح جسدها يرتعش من الخوف.
“كنت أستلم الرسائل تحت ستار جلب أقمشة فساتين السيدة وأوصّلها!”
“هل لديكِ دليلٌ على ذلك؟”
“نعم، نعم.”
عندما تحدث الإمبراطور، قامت كانا بالوقوف وأعطت الخادم رسالةً واحدة. كانت يدها ترتجف لدرجة أن الخادم كاد أن يُسقط الرسالة عدة مرات.
“جلالة الإمبراطور.”
فتح الإمبراطور الرسالة التي أحضرها الخادم بيده الخشنة، وتصلب وجهه فورًا.
كلما قلب صفحة، كان يبتسم ابتسامةً ساخرة، ولكن مع الصفحة الأخيرة، اختفى كل شيء ليحل محله الغضب.
“لقد كنت تتقن نقل المعلومات، كونت فلورنس؟”
“لا، لا جلالة الإمبراطور، أنا لم أفعل!”
“هل ستكذب حتى بعد رؤية هذا؟!”
ضرب الإمبراطور الرسالة بعنف على الطاولة، و صرخ بوجهه العابس.
حتى الامبراطورة، التي نظرت إلى الرسالة سريعًا، كانت مصدومةً للغاية.
“لقد دخل هذا المجرم إلى قاعة المحكمة! يجب على فرقة الفرسان أن يأخذوا الجاني إلى السجن!”
“لا، لا جلالة الإمبراطور. أرجوكَ!”
صرخ الكونت فلورنس وهو يُجرُّ إلى الخارج.
من خلال ذلك، تنهدت سناير بارتياح.
كان حزنها عميقًا على ما حدث لوالدها، وكان مؤلمًا. ولكن الشعور بالارتياح لعدم اضطرارها للزواج من ملك آرلون كان لا يُوصف.
‘إذا اعترفتِ بهذا الذنب، فسيتم تخفيف العقوبة بإرسالي إلى الدير.’
كان هذا جزءًا من القانون، حتى مع جهلها بالقانون، كانت تعرف أن من يعترف أولًا سيتم تخفيف عقوبته.
لذا ستذهب إلى الدير، أما والدتها وأخوها فليس لهم علاقة بالأمر، لذا لن يتأثرا.
حتى كانا ستتلقى عقابًا، لكنهُ ليس عقابًا كبيرًا جدًا.
عندما نظرت سناير إلى كانا التي كانت لا تزال جاثيةً أمامها، تبادلت معها نظراتٍ خفيفة ثم أومأت برأسها.
على وجهيهما ظهرت ابتسامةٌ صغيرة جدًا.
“ماذا تفعلون؟ هناك المزيد من المذنبين هنا!”
ولكن لم يكن هذا سوى لحظةٍ قصيرة، إذ بدأ الإمبراطور يصدر أوامره الغاضبة.
“خذوا تلك الخادمة التي تعاونت مع هذه الفتاة! وأرسلوا الفرسان إلى منزل الكونت فلورنس وأحضروا الجميع!”
“……!”
تغير وجه سناير و كانا إلى اللون الأبيض في لحظة.
كانت سينا تنظر إلى كانا، بينما كانت كانا تنظر إلى الشخص الذي جعلها تحلم بمستقبلٍ وردي.
“……؟”
رفع كارل كتفيه لكانا وكأنه لا يفهم شيئًا، مبتسمًا ببراءة.
________________________________
سناير خانت ابوها ذاه آخر شي توقعته عسا فيهم
بس كارل يا إنه لعب على كانا لعب 😭
مستقبل وردي ؟ هاه؟
بعد كذا خلصنا صححح؟
Dana