As Long As you Are Happy - 140
‘ماذا أفعل الآن؟’
تق- تق- تق-.
‘ماذا سيحدث لي الآن؟’
كانت الأخشاب تشتعل بحرارةِ في الموقد بلا تردد، والستائر السميكة المثبتة على النوافذ لم تسمح ولو بأقل نسمةِ هواء بالمرور.
غرفةٌ يمكن لأي شخصٍ دخولها، و داخل تلك الغرفة، كان سناير ترتجف كأنها تواجه بردًا قارسًا بجسد عارٍ تمامًا.
تق- تق- تق-.
تحركت نظراتها بقلقٍ هنا وهناك. و أصدرت أسنانها صوتًا مزعجًا حتى لأذنيها.
كانت تعلم جيدًا، أكثر من أي شخصٍ آخر، أن إظهار هذه المشاعر سيضعها في موقف غير مؤاتٍ، وأن التصرف بهذه الطريقة لن يبدو أبدًا أنيقًا.
تق- تق- تق-.
لكنها لم تستطع التوقف على الإطلاق. كان عقله مزدحمًا بآلاف، بل ملايين التصورات.
لكن من بين كل تلك التصورات، لم يكن هناك أي مستقبلٍ إيجابي واحد.
‘سيطردونني بالتأكيد!’
لم يكن الأمر يتعلق بـلوغان، ولا بـالدوق وينفريد، بل كان عن والدها، الكونت فلورنس.
فمن المعروف مسبقًا أن الدوق وينفريد لن يتركها و شأنها.
الآن، الشيء المهم بالنسبة لـسناير هو ما إذا كان والدها سيطردها أم سيحميها.
“ماذا أفعل؟”
كانت سناير ترتجف بشدةٍ و هي تضغط يديها معًا بقوة.
كانت واثقةً أن والدها سيعاملها ببرودٍ ويطردها. وفي تلك الحالة، لن يكون هناك أحدٌ ليحميها.
‘……سيكون حكمًا بالإعدام، أليس كذلك؟’
سوف تُعلَّق، أليس كذلك؟ مثل اللصوص الذين شاهدهم في صغرها، حين تُقام منصة الإعدام في الساحة، و تُعلق أعناقهم هناك.
“لا أريد ذلك!”
أمسك سناير عنقها بكلتا يديها وأغمضت عينيها بقوة. و الدموع التي كانت متجمعةً عند زاويتي عينيه بدأت تنهمر على خديها.
‘لا أريد أن أموت بهذه الطريقة’
‘لماذا يجب أن أموت؟ لماذا أنا؟!’
كل ما فعلته كان معاقبة لصةٍ جاهلة بحدودها تمادت كثيرًا. هذا كل شيء، لا أكثر.
‘لماذا يجب أن أموت من أجل ذلك؟!’
“كان من المفترض أن يُشادَ بي، أليس كذلك؟!”
لم يستطع الآخرون فعل شيء سوى مراقبة مزاج الدوق وينفريد بابتساماتٍ مصطنعة، بينما هي من واجهت الأمر بشجاعةٍ وأنجزته.
بالطبع، كان هناك بعض الدوافع الشخصية وراء ذلك، لكن هدفها النهائي كان أسمى بكثير.
كانت تريد أن تمنع تلك اللصة من الإقتراب من الدوق. و كانت تتحرك فقط بدافع الأمل في ألا يظهر مجددًا شخصٌ متعجرف مثلها.
“هذا ظلم……”
ازدادت الدموع انسيابًا على خدي سناير.
“هذا ظلمٌ فظيع……”
لقد آذت إيرينا من أجل الآخرين.
تفكيرها كان سخيفاً لدرجة أن سناير المعتادة كانت لتسخر منها لو سمعتها. لكن سناير الآن كانت تؤمن بشكلٍ أعمى بأنها تحركت حقًا من أجل الآخرين.
لأنه لم يكن لديها طريقٌ آخر لتهرب أفكارها اليه.
لأنه لم تكن هناك وسيلةٌ للنجاة إلا بهذا الشكل.
“هههك……”
رغم بكاء سناير بحزنٍ شديد، الا أن الفارس الموجود في الغرفة لم يُظهر أي تعاطفٍ معها.
وهذا جعل الأمر أكثر إيلامًا لها.
ففي العادة، كانت مجرد دمعةٍ واحدة منها كافيةٌ لجعل الجميع يمدون أيديهم لمساعدتها،
و يسألونها بلطف عما حدث، ويقسمون بأنهم سيساعدونها.
لكن الآن، هذا الشعور بالخذلان جعلها تبكي بحرقةٍ أكبر.
“هاه……”
عند سماع الصوت، اتجهت عينا سناير إليهِ بنظرةٍ مليئة بالغضب.
“أتضحك الآن؟ أنا أعاني بهذا الشكل، وأنت تضحكُ الآن؟”
رغم أن الصوت كان أقرب إلى تنهيدةٍ تعبر عن الدهشة أكثر من كونها ضحكًا، إلا أن أذني سناير التقطتها بشكلٍ مختلف.
سُمع صريرٌ طفيف للأسنان بينما كان أحدهم يطرق الباب.
“عذرًا على الإزعاج.”
عندها فتح الفارس الباب قليلًا، بحيث لا تتمكن سناير من رؤية ما يحدث، وبدأ يتحدث مع الشخص الذي خلف الباب.
‘……من هذا؟’
بطبيعة الحال، تحول انتباه سناير بالكامل نحو ذلك الاتجاه.
‘من جاء لرؤيتي؟’
لم يستغرق الأمر وقتًا طويلًا للحصول على الإجابة.
أنهى الفارس حديثه، وبدا عليه الحيرةُ للحظة، ثم غادر الغرفة. وفي المقابل، دخل شخصٌ تعرفه جيدًا.
“سناير.”
“أبي!”
لقد كان الكونت فلورنس، الذي هرع بمجرد سماعه الأخبار.
ولم يأتِ الكونت بمفرده.
“أختي الصغيرة، ما الذي يحدث هنا؟!”
حتى السيد فلورنس، الذي يكن لها محبةً عميقة، جاء أيضًا.
كانت متأكدةً أن كليهما قد تحدثا في وقتٍ سابق عن وجود أمور مهمة مرتبطةٍ بأعمالهما اليوم.
ومع ذلك، فقد أتيا مسرعين إلى هنا.
‘هل هذا يعني أنهم لم يتخلوا عني؟’
لمعت شرارةُ أملٍ في قلب سناير. و ركضت مباشرةً إلى أحضان أخيها، الذي فتح ذراعيه مرحبًا بها.
“أوه، أخييييي……”
وانفجرت بالبكاء تلقائيًا.
وبينما كانت تبكي كطفلةٍ صغيرة بين ذراعيه، كان شقيقها في حالةٍ من الارتباك، مكتفيًا بالتربيت على ظهرها بلطف.
“سأنتظر عند الباب كما وعدت.”
“شكرًا لكَ.”
أعرب الكونت عن شكره وهو يقدم شيئًا ما للخادم الذي رافقه إلى هنا.
أدار الخادم عينيه قليلًا، ثم وضع الشيء في جيبه بحذر.
“أنهوا الأمر بسرعة، ولا تفكروا في أي حماقات.”
“لا داعي لذلك الكلام.”
ثم أُغلق الباب بإحكام. و الآن، لم يبقَ في الغرفة سوى ثلاثةِ أشخاصٍ فقط.
“إذاً……”
عندما هدأت سناير أخيرًا وتوقفت عن البكاء قليلًا، بدأ الكونت فلورنس الحديث وهو يجلسُ على الأريكة المقابلة.
“ما الذي حدث؟ هل تعلمين كم صُدمت عندما سمعت الخبر؟”
“……أين أمي؟”
حاولت سناير بشتى الطرق تجنب الحديث عن الأمر ولو لثانيةٍ واحدة، فسألت عن والدتها. و عندها، ازدادت التجاعيد في جبين الكونت.
“عندما سمعت بما حدث لك، أغميَ عليها.”
زفر الكونت بعمق، ثم نظر إلى سناير بنظرةٍ صارمة.
“تكلمي بصدق، سناير فلورنس. سمعتُ معظم التفاصيل، لذا لا تحاولي الكذب.”
خفضت سناير رأسها. وفي النهاية، اعترفت بكل ما فعلته.
أخبرتهم كيف كانت تكره إيرينا ليونيد بشدة، شدةٌ لا توصف. وكيف حاولت التفاهم معها بطريقةٍ جيدة، لكنها ظلت تتظاهر بأنها بريئةٌ بينما تستمر في مضايقتها.
وكيف كانت تتفاخر علنًا بعلاقتها مع الدوق وينفريد لتُشعر سناير بالضعف والإحباط.
ثم……
“……لذلك وضعت السم لها.”
“سم؟ أي سم؟”
“نعم، ذاك……وجدته في المنزل. جربته على طائرٍ كنا نربيه، وعندما مات، استخدمت نفس الشيء عليها……”
“……همم.”
ضغط الكونت على صدغيه وكأنه يشعر بصداع، ثم حول نظره إلى الجانب.
وبعد لحظةٍ من التفكير، زفر بعمق.
“أحسنتِ.”
“……؟”
كانت الكلمات صادمةً لدرجة أن سناير و السيد فلورنس حدقا في الكونت بعيونٍ متفاجئة.
“والدي!”
“اصمت!”
بدا أن شقيقها شعر بأن هذا ليس صحيحًا، فحاول الاعتراض، لكنه قوبل بتوبيخٍ مباشر من الكونت. و على الفور، أشرق وجه سناير بالفرح.
“لا أعني أن وضع السم كان جيدًا، سناير فلورنس. ولكن تعليم من يتجاوز حدوده درسًا هو جزءٌ من مسؤوليات أصحاب المناصب العالية.”
ظل الكونت يتحدث، ضاغطًا على صدغه بإصبعه.
“مع ذلك، إذا حدثت أمور مشابهةٌ في المستقبل، فلا تفعلي ذلك بنفسكِ. استخدمي الأشخاص العاملين تحت إمرتكِ للقيام بهذه الأمور، هل فهمتِ؟”
“نعم! سألتزم بكلامك يا أبي!”
هزّت سناير رأسها بحماس، فأومأ الكونت برأسه بخفة.
ثم تمتم بصوتٍ منخفض وكأنه يرتب أفكاره.
“لو كانت الخطة قد نجحت لكانت الأمور أكثر ترتيبًا……يا للأسف. لا، ربما من الجيد أنها توقفت عند هذا الحد.”
ثم عاد نظرهُ الذي كان مشتتًا نحو سناير مجددًا.
“بعد بضعة أيام، ستُعقد المحاكمة.”
عند كلماته، قبضت سناير على طرف فستانها بتوتر.
“هناك، ستدّعين أن ما قدمته لإيرينا ليونيد لم يكن سمًا.”
“ماذا؟ لكنني قلتُ بالفعل بأنني أعطيتها السم……”
تذكرت سناير كيف أُلقيَ القبض عليها بينما كانت تحاول حرق جثة إيرينا في أحد الأزقة الخلفية، وكيف اعترفت بكل شيءٍ وقتها.
“لقد قلتُ كل شيء بالفعل، ولن يصدقني أحد إن أنكرتُ الآن.”
“لكنها لم تمت، أليس كذلك؟”
رد الكونت ببرود على كلام سناير، وكأن الأمر لم يكن ذا أهمية.
“لقد نهضت فورًا ولم تمت. سمعتُ أن حالتها الصحية ليست سيئة، إذاً فهذا ليس سمًا.”
“….…”
“على أي حال، في المحاكمة، ادعي أنكِ قدمتِ لها شيئًا غير السم. ربما يكون من المناسب أن تقولي أنه كان منوّمًا. فإذا أنكرتِ كل شيء، لن يصدقوك، قولِ أنّكِ فعلتِ ذلك لأنك كنتِ غاضبةً جدًا.”
“……لكن إذا فعلتُ ذلك، فسيؤثر ذلك على سمعتي……”
“أنتِ غبية.”
ضيق الكونت عينيه وهو ينظر إلى ابنته.
“لو كنتِ مهتمةً بسمعتكِ حقًا، لكان عليكِ أن تتحركي بحكمةٍ أكبر!”
“…….”
“على أي حال، الجميع يعلم أنكِ مجنونةٌ بالدوق وينفريد. سيكون من الأسهل اختلاق قصة لتقنعهم بذلك.”
قبضت سناير على طرف فستانها بقوة، وأصبحت مفاصل أصابعها بارزة.
“على أي حال، كنتِ تكرهين إيرينا ليونيد. فقد كانت تحاول أن تحل مكانكِ بجانب الدوق وينفريد، لذا قدمتِ لها منوّمًا. اعترفي بذلك، لكن أنكري أنكِ قدمتِ سمًا.”
كانت هذه هي النصيحة.
من البديهي أن العقوبة على القتل كانت أشد من تلك التي على الخطف، وكان الكونت يسعى لتخفيف الحكم. لذا، كان هذا الجزء مفهومًا.
“أنا وأخوكِ سنقول بأنكِ كنتِ تعانين من مشاكل عقلية، وأن غيابكِ في الآونة الأخيرة كان بسبب ذلك.”
“ماذا!؟”
لكن هذا لم يكن كل شيء. و أصبح وجه سناير شاحبًا.
“إذا حدث ذلك، فسيكون ذلك نهايةً لي، أبي!”
“إذاً، لم يكن عليكِ أن تَقعي في هذا الخطأ!”
رفع الكونت صوته ليضغط على سناير أكثر، وعيناه كانتا مليئتين بالغضب.
“لقد فعلتِ شيئًا غبيًا، والآن تم اكتشافه! هل تعتقدين أن رأسكِ سيظل على كتفيكِ إذا لم نفعل هذا؟”
“أبي، أنتَ متوترٌ جدًا. سناير كانت فقط……”
“اصمت! ألن تفهم؟ لو لم تُدلّلها طوال الوقت، لما كانت وصلت إلى هذا الحال من الغباء!”
خفض السيد فلورنس رأسه تحت التوبيخ القاسي من الكونت.
ثم، عاد الصوت الحاد ليتجه نحو سناير.
“حتى لو كان لدينا القوة و العلاقات، إذا تحرك الدوق وينفريد ضدكِ، فلن نتمكن من حمايتكِ! ألا تدركين أن هذه هي الطريقة الوحيدة التي ستنجين بها؟!”
“….…”
“قولي بأنكِ ستتبعين كلامي، سناير فلورنس.”
‘لكن……لكن.’
بصعوبة، ابتلعت الكلمات التي كانت على وشك الخروج من فمها.
“……نعم، سأفعل ما قلتَ، أبي.”
أومأت سناير برأسها.
“حسنًا.”
أصبح الكونت أكثر هدوءًا قليلاً، ثم ضغط على صدغيه مجددًا.
“ستسير المحاكمة على هذا النحو. لقد قمتِ بشيءٍ كهذا في القصر الإمبراطوري، لكن بما أنكِ مريضة، فلا بأس. ستنجين بحياتكِ. أما أنتِ……”
ماذا سيحدث لها؟ ابتلعت سناير ريقها.
كيف سيكون مصيرها وهي الآن مهملةٌ اجتماعيًا في الدوائر الاجتماعية؟
‘هل سيكون الدير هو النهاية؟’
كما قرأت في الكتب، كما سمعت في الإشاعات، هل سيكون مصيرها أن تموت في قفصٍ حديدي؟
كانت سناير ترتعش من الخوف، وفوق رأسها كان هناك صوتٌ يشبه حكم الإعدام.
“تزوجي ملك أرلون.”
“……!”
صرخت سناير بصمت. و شعرت و كأن حلقها قد ضاق تمامًا.
أرلون كان بلدًا بعيدًا وراء القارة، لكن سناير كانت تعرفه جيدًا.
“أليس هو……؟”
لقد كان مشهورًا جدًا.
“أليس هو الملك الهمجي الذي يشتهر بأخذ الفتيات الصغيرات وقتلهن؟ يا والدي!”
صرخت سناير بما يشبه الهمسات المتشققه، وكان الصوت الأعلا الذي خرج هو من فم السيد فلورنس.
___________________________
سناير محظوظه بأخوها ذاه للحين يحبها ويدافه عنها مع انها حاولت تقىّل
لو انها هاجده وعايشه بسلام معه كان أبرك لها الغبيه
اما ابوها مجنووووون
بعدين عسا ماشر فصل كامل لسنار ليه؟ لاتكون محور الكون وانا مدري؟
Dana