As Long As you Are Happy - 135
‘كان التوقف عن الحديث الآن هو الخيار الصائب بالفعل.’
تنفست إيرينا الصعداء داخليًا وهي تضع المعطف الذي قدمه لها السيد نورمان على كتفيها.
المظهر الذي أظهرته في قاعة الحفل كان نتيجةَ التدريب الذي قامت به في قصر الدوق وينفريد.
حرصت على ألا تحني ظهرها، وتأكدت مرة أخرى من عدم انكماش كتفيها، وأخذت وقتها في الحديث ببطءٍ لتجنب الارتباك أو التلعثم.
أمام المرآة، كررت التدرب على استقبال الضيوف عشرات، بل مئات المرات، ولحسن الحظ تمكنت من الظهور بمظهرٍ جيد.
لكن الأمر لم يكن كذلك الآن. كان الموقف مفاجئًا، ولم يكن هناك وقت للتدريب. و كان الألم يعمّ جسدها، ورغبت باستمرار في أن تنحني، بينما كان جسدها يرتعش تلقائيًا.
‘وفوق ذلك، لم أكن بارعةً في الحديث.’
بالطبع، السيد نورمان، الذي عاش لعقودٍ في مجتمع النبلاء، كان أفضل منها بكثير.
لهذا السبب، فضلت الصمت الآن.
كانت تركز كل جهدها على الحفاظ على وضعيتها، كي لا ينحني جسدها كثيرًا أو تبدو مثيرةً للشفقة بسبب الارتجاف المفرط.
‘على أي حال، لقد خسر السيد نورمان ثقته في فينترين بسبب ما حدث للتو.’
ما فعلته بصمتها كان مجرد دفع قلبٍ مائل قليلًا ليزداد انحرافه. ثم، لجعل الأمر أكثر تأثيرًا ودفعًا، ولتعميق الصورة الإيجابية التي تخصها.
كل ما فعلته إيرينا هو رسم ابتسامةٍ بسيطة. وكان هذا وحده كافيًا لجعل شخص ما يستسلم تمامًا.
“سيد نورمان، هل يمكنكَ استدعاء شخصٍ ما؟”
“كيف لي أن أترككِ هنا وحدكِ، آنستي؟”
ورغم أن لقبي قد عاد من “الكونتيسة” إلى “الآنسة”، إلا أن موقف نورمان لم يتغير على الإطلاق.
نورمان، الذي غيّر اتجاهه مرة، سيمضي الآن قدمًا وفق طبيعته وشخصيته التي عاش بها طوال حياته.
“إذا كنتِ لا تستطيعين المشي بسبب ألم قدميكِ، فسأحملكِ بنفسي.”
هزّت إيرينا رأسها نافية.
“اليوم هو يوم حفل تقديمي، وهذا المكان هو القصر الإمبراطوري. لا أريد أن أُفزع صاحبة الجلالة الإمبراطورة التي منحتني لطفها. أرجوكَ، استدعِ شخصًا يساعدنا بهدوءٍ في إنهاء هذا الأمر.”
عندها فقط، بدا أن نورمان فهم مقصدها، وأومأ برأسه موافقًا. فقد كان يعلم أنه في حال شوهد وهو يحملها من قبل أحدهم، فلن يكون لديه القدرة على تغطية الأمر.
“فهمتُ مقصدكِ. لكن……أنا قلق، آنستي. ألم يكن ما مررتِ به ليس بالأمر السهل؟”
“أنتَ تصدّق كلام عمي إذاً؟”
“ليس هناك سبب يدعوني لعدم تصديقه…..”
توقف للحظة ثم تابع حديثه.
“السيد الشاب، لا، البارون فينترين، بدا سعيدًا بصدقٍ عندما تحدث عن موتكِ.”
عندما قال بأن ايرينا قد ماتت، و أنه ساعدَ في إخفاء ذلك الموت. المشاعر الوحيدة التي استطاع نورمان قراءتها على وجه فينترين أثناء حديثه كانت واحدة.
‘الفرح.’
فرحٌ نقي تمامًا، دون أي شائبة أو مزيج، مجردُ سعادةٍ خالصة.
“حينها أدركت أنني اتخذت القرار الخاطئ.”
قال السيد نورمان ذلك وهو يبتسم بسخريةٍ خفيفة، واضعًا يده على فمه.
“لقد خرجتُ عن الموضوع. على أي حال، كان البارون فينترين مقتنعًا تمامًا بأنكِ قد متِّ بالفعل، لذا لم يكن لدي خيارٌ سوى تصديق ذلك أيضًا. لذا، آنستي، أرجوكِ، ماذا لو رافقتِني للذهاب إلى طبيب القصر الإمبراطوري؟”
كان صوته مليئًا بالقلق الصادق تجاهها. ومع ذلك، هزّت إيرينا رأسها نافية.
“فقط أرجوكَ، استدعِ بهدوء الأشخاص الذين يمكنهم مساعدتي، سيد.”
“……حسنًا، فهمت.”
بدا أنه أدرك أنها لن تتراجع عن موقفها، لذا في النهاية انحنى نورمان قليلًا.
“لكن، من فضلكِ، لا تبتعدي عن هذا المكان. الجو بارد، لذا اجلسي هنا واستريحي.”
“سأفعل. أعتقد أنه لا داعي لأن تقلق كثيرًا بشأن ذلك.”
رفعت إيرينا معطف نورمان الذي كانت تغطي به كتفيها قليلاً وأظهرت جزءًا منه.
“إنه دافئٌ جدًا.”
“لم أشعر قط بالسعادة لأنني أعاني من البرد في شيخوختي كما أشعر الآن.”
ابتسم نورمان ابتسامةً خفيفة، وكأنه قد شعر ببعض الراحة أخيرًا.
“إذاً، أرجوكِ ابقي هنا. حسناً؟”
أومأت إيرينا برأسها. ثم غادر نورمان دون أن يلتفت خلفه.
يبدو أنه أدرك أن التوقف والنظر خلفه بدافع القلق لن يؤدي إلا لإضاعة الوقت، مما قد يؤخر حصول إيرينا على العلاج.
“صاحب السمو ولي العهد.”
بعد أن ابتعد نورمان بما يكفي، نادت إيرينا ولي العهد الذي كان لا يزال يختبئ خلف الشجرة.
“يمكنكَ الخروج الآن.”
خرج ولي العهد من خلف الشجرة، و نظرَ إلى إيرينا بإعجابٍ صادق.
“أنتِ مذهلةٌ حقًا، الآنسة ليونيد. لم أكن أتوقع أنكِ ستتعاملين مع الموقف بهذه الروعة. يبدو أنني لم أكن بحاجةٍ لمساعدتكِ بعد كل شيء. قلقي كان بلا جدوى.”
بصوتٍ خجول، ابتسمت إيرينا ابتسامةً صغيرة.
“لم أقل أبدًا إنني لستُ بحاجةٍ إلى المساعدة.”
“ماذا؟”
“أرجوكَ ساعدني، يا صاحب السمو.”
“……؟”
“لكنني أود أن تساعدني بطريقة لا تجرّنا إلى فضائح أو شائعات.”
ابتسمت إيرينا مرةً أخرى وهي تنظر إلى ولي العهد، الذي بدا وكأنه فقد الكلمات للحظات وظل يحدق بها في ذهول.
“وبالمقابل، سأبذل جهدي لمساعدتكَ أيضًا، يا صاحب السمو.”
“همم.”
سرعان ما استعاد ولي العهد رباطة جأشه، وارتسمت على شفتيه ابتسامةٌ لطيفة.
“يبدو أننا سنكون حليفين جيدين، الآنسة ليونيد.”
“إنه لشرفٌ لي.”
ردّت إيرينا على تحيته الرسمية بانحناءةٍ رسمية أيضًا.
ضحك ولي العهد بخفة، وكأنه لم يستطع كتم ابتسامته.
كانت الابتسامة التي ارتسمت على وجه ولي العهد مختلفةً عن الابتسامات المتصلبة أو الخجولة التي ظهرت سابقًا. كانت ابتسامة نابعة من ارتياحٍ حقيقي وضحك صادق.
“في الواقع، لقد تفاجأت قليلًا، الآنسة ليونيد.”
“بماذا تقصد، يا صاحب السمو؟”
“سمعتُ بعض الشائعات عنكِ من قبل.”
على الرغم من أن إيرينا نادرًا ما غادرت قصر وينفريد، إلا أن الشائعات انتشرت بسرعةٍ حتى من خلال زياراتها القليلة. و بدا أن ولي العهد قد سمع واحدةً من تلك الشائعات، أو ربما كلها.
“وكيف كانت تلك الشائعات عني؟”
“همم، بصراحة، بعضها كان صحيحًا. جمالكِ، هدوؤكِ، و عمق تفكيركِ كانت أمورًا صحيحة. ولكن، الشائعات التي قالت بأنكِ ضعيفة، و مترددة، و تفتقرين للتهذيب، و غيرُ متعلمة، تبدو غير صحيحة.”
“……”
“لقد أظهرتِ أداءً رائعًا.”
“أنا سعيدةٌ للغاية برؤية نظرتكَ الإيجابية تجاهي، يا صاحب السمو.”
عندما ابتسمت إيرينا ردًا على مجاملته، امتلأ وجه ولي العهد بابتسامةٍ لطيفة أيضًا. ثم اعتدل في وقفته، وكأنه يحاول إخفاء ارتباكه بعد أن كان منحنياً قليلًا.
“إذاً، سأذهب الآن لتنفيذ أول طلب تقدمتِ به، يا آنسة ليونيد.”
عندما نظرت إيرينا إلى ولي العهد، ابتسم وكأنه يعلم كل شيء.
“أليس هذا ما كنتِ ترغبين فيه؟ أن أكون أنا الشخص الذي سيطلب السيد نورمان المساعده منه؟”
“كيف عرفتَ ذلك؟”
اتسعت عينا إيرينا في دهشة. في الحقيقة، كانت قد فكرت في الأمر.
إذا كان ولي العهد هو الشخص الذي سيقدم المساعدة ويعود إلى هنا مع السيد نورمان، فلن تنتشر هذه القصة بين الناس كفضيحه. بالإضافة إلى ذلك، قد تصبح هذه الورقة مفيدةً لاحقًا.
“لكنني شعرت أن الاعتماد على فرد من العائلة الإمبراطورية لهذه الدرجة قد يكون استغلالًا كبيرًا، لذا احتفظت بالفكرة لنفسي فقط.”
هل كانت أفكارها تظهر على وجهها بهذه السهولة؟
بينما كانت تلمس خدها بخجل، أطلق ولي العهد ضحكةً صغيرة.
“مع أنني قد لا أبدو كذلك، الا أنني قد نجوت من الصراعات السياسية منذ صغري وحتى الآن. القصر الإمبراطوري، يا آنسة ليونيد، هو مكان مليءٌ بالأشخاص الذين سيستغلون أي خطأ يرتكبه طفلٌ في الخامسة من عمره ليحوله إلى نقطة ضعفٍ و يسحبونه بها حتى الموت.”
وكان من حسن الحظ أن تكون مجرد نقطة ضعفٍ فقط.
لم تكن الأرواح تُزهق بالسيوف الحادة فقط. فالألسنة والأقلام المغموسة بالحبر كانت كافية لقتل الناس، بل وحتى حفر قبورهم.
والأسلحة لم تكن تفرقُ بين نبل الدماء أو وضاعتها.
“لكن، مع مرور الوقت والتعرض لكل تلك المكائد، اكتسبت حسًا في قراءة الناس ومعرفة نواياهم. مهما بدى الشخص طيبًا، أستطيع أن أميز إن كان سيطعنني في ظهري أم لا.”
وكأنه شعر أن الأجواء أصبحت ثقيلة، ابتسم ولي العهد ابتسامةً مشرقة.
“ومن هذه الناحية، أعتقد أنكِ ستكونين حليفةً رائعة، يا آنسة ليونيد. يبدو أنني حصلت على علاقةٍ جيدة اليوم.”
وكأنه تذكر شيئًا فجأة، فأضاف،
“صحيح أنني قررتُ مساعدتكِ بسهولة لأنني أكن بعض الإعجاب للدوق وينفريد، لكنني أيضًا أعتقد أنكِ شخصٌ رائع بحق.”
يبدو أن مكانتها ارتفعت في نظر ولي العهد بما أظهرته للتو
لم تعد مجرد خطيبةِ الدوق وينفريد المتوقعه، وابنة الكونت والكونتيسة ليونيد، والآنسة التي شاركت في حفل تقديمها اليوم.
بل أصبحت تُرى كـ “إيرينا ليونيد”، كذاتها الخاصه.
شعرت إيرينا أنها بحاجةَ لقول شيء، لكنها لم تستطع الإجابة فورًا.
“وأنا أيضًا……”
بعد مرور بعض الوقت، لم تستطع إيرينا إلا أن ترد بإجابةٍ قصيرة.
“أنا أيضًا أعتقد ذلك، يا صاحب السمو.”
عند سماع ردها، ارتسمت على وجه ولي العهد تعابير رضا.
“إذاً، سأركض عبر الطريق المختصر وأعود مع السيد نورمان.”
“شكرًا جزيلًا، يا صاحب السمو.”
غادر ولي العهد أيضًا، تاركًا إيرينا وحدها تمامًا.
‘أنا أتألم……’
أتألم، وأشعر بالبرد، ومتعبة، ومنهكة.
‘إنه أمر شاق جدًا.’
تخلّت ساقاها المنهكتان عن دعمها أخيرًا، فسقطت جالسةً على الأرض الموحلة.
رفعت إيرينا ركبتيها ودفنت وجهها بينهما.
حتى الدفء البسيط الذي شعرت به على خدها بدا وكأنه كافٍ، مما جعلها تشعر بالنعاس الشديد.
‘لا يجب أن أنام……’
كان عليها أن ترتب أفكارها حول ما يجب أن تفعله بعد ذلك.
لماذا كانا سناير و فينترين متأكدين من موتها؟ وإذا كانت قد تناولت السم حقًا، كيف نجت من الموت؟
كيف يمكن إثبات جريمة سناير و فينترين؟
‘آه، يجب عليَّ التحقق في غرفة الانتظار التي كنتُ فيها فور عودتي.’
حتى وإن ساعدها فينترين سرًا من وراء الكواليس، لم يكن الوقت قد مر من بعد سقوطها. و إذا بحثت في ذلك المكان بعناية، يمكنها العثور على أدلةٍ مفيدة.
ثم عليها الاعتذار للامبراطورة و البارون كيريك، اللذين فزعا عندما اختفت فجأة، وبعد ذلك……
‘أنا متعبة……’
كان هناك الكثير من الأمور التي حدثت، وكانت مرهقةً جدًا، لكن الأمان الذي شعرت به أخيرًا كان حلوًا جدًا.
رغم كل ذلك، لا يجب عليها أن تنام الآن.
كانت أفكارها تتراكم، وفجأة سقطت في النوم دون أن تشعر.
_____________________________
ثم اذا قامت تشوف الدوق قدامها صح؟😔
ولي العهد مسكين مدري ليه بس احسه يبي له زوجة حنووووووووونه 😭
Dana