As Long As you Are Happy - 131
‘أشعرُ بالدوار.’
رمشت إيرينا ببطء. لا، لقد حاولت أن ترمش. ولكن، حتى جفناها، اللذان كانا خفيفين للغاية عادةً، بدوا الآن وكأنهما صخورٌ ضخمة، غير قادرةٍ على تحريكها بإرادتها.
‘أشعر بألمٍ في معدتي.’
كان شعورًا وكأنها تناولت شيئًا لا ينبغي أن تتناوله، مما تسبب في إحساسٍ بالاختناق داخلها.
عندما كانت تعيش في الأحياء الفقيرة، حدثت لها أمورٌ كهذه عندما كانت تشعر بجوعٍ شديد وتأكل أي شيءٍ يقع بين يديها.
‘ما الذي أكلته حينها؟’
سصص… سصص…
كان هناك صوتٌ مستمر وكأن شيئًا يتم جره بالقرب من أذنيها، صوتٌ ثقيل يزحف على الأرض.
لم يستغرق الأمر طويلًا حتى تدرك أن ذلك الشيء هو جسدها.
“ماذا تفعلين؟ ألن تأتي بسرعة؟”
لامس أذنيها صوتٌ مقطع إلى آلاف الشظايا، صوتٰ مؤلم إلى حد لا يطاق.
‘من يكون؟’
ومن صاحب هذا الصوت الذي يبدو موجعًا لهذه الدرجة؟
‘ما الذي يجري بالضبط؟’
حاولت إيرينا، رغم جرها، أن تستجمع ذاكرتها لتفهم الموقف. لكن ربما بسبب الدوار الذي تعاني منه، لم تستطع تذكر سبب وجودها هنا، أو ما كانت تفعله قبل أن تسقط.
كانت متأكدةً من أنها دخلت غرفة الانتظار، لكن لماذا دخلت الى هناك؟
خرجت من قاعة الرقص،
‘صحيح، لقد فعلتُ ذلك. لكن ما الذي كنتُ انوي فعله بعد الخروج؟’
‘قبل ذلك، لماذا أتيتُ إلى قاعة الرقص هذه أصلاً؟’
شعرت وكأن رأسها على وشك الانفجار.
كانت الأفكار التي تراود إيرينا متناثرةٌ ومختلطةٌ تمامًا، كانت مجرد شظايا من ذكرياتٍ متناقضة.
دخلت غرفة الانتظار، ثم غادرت قاعة الرقص، ثم عادت مجددًا……لماذا أصبحت على هذا الحال؟
كانت أفكارها تدور في دائرةٍ مغلقة، دون أي تقدم، بينما اجتاحها شعورٌ هائل بالإرهاق.
‘ربما لن يكون هناك ضرر لو أغلقت عيني للحظة فقط.’
شعرت وكأن إغلاق عينيها سيجلب لها الراحة.
نعم، تمامًا مثل ذلك الشعور عندما استلقت للمرة الأولى على أغطيةٍ ناعمة ودافئة في قصر الدوق وينفريد، حيث استطاعت أخيرًا أن تغفو بطمأنينة.
ذلك الإحساس بالسعادة، وكأن كل شيءٍ سيكون على ما يرام، وكأن مجرد إغلاق عينيها سيمنحها الراحة والسلام.
“إيرينا.”
وفي تلك اللحظة، وبينما كان وعيها يغرق تدريجيًا في الظلام، سمعت صوتًا خافتًا يناديها.
في الوقت نفسه، ظهر أمام عينيها صورةٌ لرجلٍ يتألم بشدة وهو يتنفسُ بصعوبة.
“نعم، أنا من ضحيتُ بهم.”
“……!”
في تلك اللحظة، استعاد عقلها فجأةً الإجابة التي كانت تبحث عنها منذ زمنٍ طويل، مما جعل ذهنها صافياً. و في الوقت ذاته، بدأ كل ما يحدث الآن يبدو لها وكأنه حقيقةٌ واقعية.
“اتبعيني بسرعة.”
كان ذلك صوت سناير. وبمجرد أن أدركت ذلك، أصاب جسدها قشعريرةً قوية.
نعم، بعد أن انتهت من الحديث مع الدوق ودخلت غرفة الانتظار، قابلت سناير.
‘و لقد جعلتني أتناول شيئًا.’
تلك المياه ذات الطعم الغريب، أليست هي من صبتها في فمها مباشرة؟
رغم أنها قاومت ورفضت أن تشرب، إلا أنها ابتلعت في النهاية بضع رشفاتٍ ثم فقدت الوعي تمامًا.
‘إذًا، الآن……إلى أين أنا ذاهبة؟’
أدركت إيرينا بشكلٍ غريزي أنه ليس من الجيد أن تُظهر أنها استعادت وعيها.
فتحت إيرينا عينيها بصعوبة، و كأنها تحاول إخفاء ذلك. و ما رأته كان سماء الليل الممتدة أمامها، مع أشجارٍ وشجيرات مشذبة بعناية تحيط بها.
سسصص……
شعرت بجسدها يُجرُّ بلا حول ولا قوة إلى الأمام مجددًا. نظرت للأسفل قليلًا، لترى نفسها موضوعةً على قطعة قماشٍ طويلة تُسحب إلى مكانٍ ما.
“تعالي إلى هنا بسرعة!”
“ل-لحظةً فقط. الأرض موحلةٌ جدًا ومن الصعب التقدم!”
رد صوتٌ آخر على سناير. و كان صوتًا متقطعًا يتخلله التنهد.
رفعت إيرينا عينيها ببطءٍ لتلقي نظرةً على مصدر الصوت.
‘اثنتان من سناير؟’
للحظة، اعتقدت ذلك.
الفتاة التي كانت يسير في المقدمة، و تدوس الأرض بنعلِ حذائها، كانت بلا شك سناير التي رأتها قبل أن تفقد الوعي.
لكن الفتاة التي كانت تجرُّها كانت أيضًا ترتدي فستانًا خاصًا بسناير.
ذلك الفستان الأبيض المزخرف بالأحمر، الذي كان معروفًا جدًا حتى أن إيرينا تعرفُ بأنه لسناير.
سمعت ذات مرة أن هذا الفستان صنعه مصممٌ من قارةٍ بعيدة خصيصًا لسناير وحدها. و بفضل ذلك الفستان، كان من السهل على أي شخصٍ أن يخمن أن من يرتديه لا بد أن تكون سناير.
“أنتِ! احرصي على ألا يتسخ الفستان بالطين. هل تعرفين كم يساوي هذا الفستان؟”
“نعم، نعم.”
ردت المرأة التي ترتدي فستان سناير بلامبالاة، بينما استمرت في جرّ إيرينا على الأرض.
لا تعرف كم من الوقت مر وهي تُجرّ بهذه الطريقة. حتى أن جسدها بدأ يكتسب كدماتٍ بسبب الأحجار والجذور التي تعترض طريقها هنا وهناك. و في النهاية، توقفت المرأتان.
“كان من المفترض أن يكون هنا……انتظري قليلًا.”
قالت سناير ذلك قبل أن تبتعد عن المكان.
“يا لها من وقاحة.”
تمتمت المرأة الأخرى وهي تهز رأسها وكأنها كانت تنتظر هذه الفرصة للحديث.
أغلقت إيرينا عينيها بسرعةٍ بعد أن فتحتها قليلاً لتتفقد الوضع.
“لقد عملتُ مع النبلاء من قبل، لكن هذه الوقاحة جديدةٌ حتى بالنسبة لي. من التي تتعرق في الشتاء؟ لم أتمكن حتى من تناول شيءٍ منذ أن كنتُ في قاعة الرقص. سأموت من الجوع!”
بدا واضحًا أن المرأة كانت تضمرُ الكثير من الاستياء تجاه سناير. و كانت تتحدث مع نفسها باستمرار، و تلوّح بيدها وكأنها تحاول تهدئة نفسها.
“أضف إلى ذلك أنها استدعت أشخاصًا من نقابةٍ أخرى؟ بل حتى من نقابةٍ منافسة؟ ها! هل تعتقد أنها بذلك تضمن أننا لن نخونها؟”
نقرت المرأة لسانها بشدةٍ تعبيرًا عن استيائها.
“انظروا إليها الآن، تذهب بمفردها ولا تخبرني بأي شيء. من الواضح أنها تفعل ذلك عمدًا لتبقي كل شيء عني في الظلام.”
رغم الشكوى الطويلة، استطاعت إيرينا أن تلتقط بعض الكلمات المهمة. ومن بينها كلمة “نقابة منافسة”.
بدت سناير فلورنس وكأنها أعدّت نوعًا من وسائل الحماية الخاصة بها. لكن، في الوقت نفسه، قد تكون هذه الوسائل هي الفرصة التي تحتاجها إيرينا للهروب.
‘هل أستطيع الحركة الآن؟’
لم تكن تعرف موقعها بالضبط، لكنها كانت تشعر أن المكان ليس بعيدًا جدًا عن قاعة الرقص.
فحتى سنتير وتلك المرأة كانتا ترتديان فساتين ملفتةٍ وغير مريحة، مما يعني أنهما لم تبتعدا كثيرًا عن مكان الحفل.
لذلك، إذا استغلت فرصةَ غفلةٍ منهما ونهضت وركضت بسرعة لتختبئ أو تطلب المساعدة من الآخرين، فقد تتمكن من إنهاء هذا الموقف.
لكن……
‘جسدي……هل سيتحرك كما أريد؟’
بدأ قلبها ينبض بشدة. و كان صوت النبضات عاليًا لدرجة أنها شعرت وكأن المرأة قد تسمعه في أي لحظة.
‘هل سيكون كل شيء على ما يرام؟’
ابتلعت إيرينا ريقها بسرعة.
كانت تعرف جيدًا الطرق المعتادةَ للتخلص من الجثث في العاصمة. إما إلقاؤها في النهر عند أطراف العاصمة، أو إخراجها عبر مكب النفايات إلى خارج الأسوار.
ولكن الآن كان فصل الشتاء في منتصفه. فالنهر كان على الأرجح متجمدًا، وكسر الجليد سيكون مزعجًا وقد يترك آثارًا واضحة.
لذلك، كانوا على الأرجح سيختارون استخدام طريقِ مكب النفايات.
‘سأنتظر تلك اللحظة.’
وإذا لم يكن ذلك ممكنًا، يمكنها استخدام الطريقة التي لجأت إليها في المرة السابقة عندما اختُطفت.
‘ستكون هناك فرصةٌ بالتأكيد.’
بإظهار أنها تمتلك ورقةً رابحة، وبإقناعهم بأنها يمكن أن تقدم لهم مكافأةً أفضل، قد تتمكن من استغلال تلك اللحظة.
وكلما استمرت في زعزعة ثقتهم، ستتسع الفجوة بينهم، لتخلق لنفسها فرصةً للهرب.
وإذا لم يكن ذلك كافيًا، يمكنها ببساطةٍ النهوض والركض بكل ما أوتيت من قوة.
‘هاه……’
تنهدت إيرينا في داخلها بينما كانت تتابع التفكير بعمق.
سواء في المرة السابقة أو هذه المرة، كانت تتعرض لأحداث لا يمر بها الآخرون حتى مرةً واحدة في حياتهم، بينما هي تعيشها واحدةٍ تلو الأخرى.
‘هل يمكن أن يكون هذا عقابًا؟’
في تلك اللحظة، خطر لها سؤالٌ فجأة كان يطفو على سطح أفكارها.
‘هل هذا عقاب؟’
لأنها أصبحت حبيبةً للرجل الذي قتل والديها؟
لأنها، دون أن تعرف شيئًا، اعترفت بحبها له وكأنها مسحورة؟
هل والداها، اللذان في السماء الآن، غاضبانِ منها؟
‘مستحيل……’
ابتسمت إيرينا بسخريةٍ داخلية.
‘لا يمكن أن يكون ذلك صحيحًا.’
رغم أنها لم تقابل والديها قط، إلا أنها كانت تعرف في قرارةِ نفسها أنهما ليسا من هذا النوع. مهما قال الآخرون، هما والداها، وهي تثق بهما أكثر من أي شخصٍ آخر.
هُم أشخاصٌ طيبون ولطيفون إلى أبعد الحدود.
‘لا شك أنهم كانوا سيهنئونني،’
‘لو علموا أنني وقعت في حب الدوق، لكانوا سيقولون لي: “مباركٌ لكِ، هذا رائع، يجب أن تكوني سعيدةً دائمًا.”.’
لن يُنزلوا عليها عقابًا أو يلقوا عليها باللعنات.
كانت تعرف ذلك جيدًا، ولهذا السبب شعرت بحزنٍ أكبر. لأنها شعرت أن المشكلة تكمن فيها وحدها.
“تعالي إلى هنا!”
“……!”
تفاجأت إيرينا بصوت سناير المفاجئ وكادت أن ترد فعلًا. و سرعان ما حبست أنفاسها، لكن الوقت كان قد فات.
“……ما هذا؟”
كانت المرأة تنظر إليها بعينينِ مليئتين بالشكوك.
“ما الأمر؟”
“لا، فقط……هذه المرأة، شعرتُ وكأنها تحركت للتو.”
“ماذا؟ هاهاها!”
عندما انفجرت سناير في الضحك، تراجعت نظرةُ الشك التي كانت تتجه نحو إيرينا من المرأة.
“مستحيل. لقد تأكدتُ عدة مراتٍ من أن نبضها توقف.”
“….…”
“كُفي عن الثرثرة وتابعي عملكِ.”
كان صوت خطواتِ سناير يسبقها في الحركة.
همست المرأة بكلماتٍ نابية قبل أن تبدأ في سحب إيرينا مجددًا.
حاولت إيرينا أن تكبح نفسها عن التنفس. و كانت تشعر بالحزن لفقدان الفرصة التي فاتتها، لكنها كانت على يقينٍ أن فرصةً أخرى ستأتي.
“أوي! هنا!”
من مكانٍ بعيد، سُمع صوتٌ غريب.
“أين الشخص الآخر؟”
“عندما يكون هناك شخصان هنا، لابد أن يلاحظنا الجميع. لقد ذهب للتحقق من فتحةٍ في الجدار. سيعود قريبًا وسيتبادل الأماكن معي.”
“……حسنًا.”
كان الصوت مليئًا بالتعبير عن الاستياء.
“تحرك كما قلت لكَ، فهمتِ؟”
“نعم، نعم.”
سمعت إيرينا ردًا سريعًا، ثم شعرت بجسدها يرتفعُ في الهواء.
“أوه، إنها جميلةٌ حقًا؟ يبدو أنه من العار أن نتخلص منها……”
“لا تفكر في الأمور السخيفة.”
جاء صوت سناير البارد حاسمًا.
“كما قلت، عليكَ أن تحضر هذا إليّ من الخارج.”
“بالطبع، بالطبع.”
رد الرجل، بينما غطى شيءٌ ما الجسد. و أصبحت رؤيةُ إيرينا محجوبة، ولكن لحسن الحظ، استطاعت أن تسمع الأصوات.
“ألم تقولِ أنكِ ستُشرفين على حرقها بنفسك؟”
“نعم.”
كان صوت سناير محبوسًا، و كأنهُ مكبوتٌ بشدة.
حتى مع عينيها المغلقتين، شعرت إيرينا بنظرةِ سناير تجاهها، وكأنها تستطيع أن تشعر بكيفية نظرتها لها.
“إنها مثل الأعشاب الضارة، سأشاهدها تحترق وتذبل أمام عيني.”
مرّت يد سناير على وجه إيرينا.
“لابد من ذلك.”
كان صوت طي المروحة مسموعًا.
يبدو أنها كانت تحمل المروحة لتظل محافظة على كرامتها حتى في مثل هذه الأماكن.
“إذاً، نفذ الأمرَ كما قُلت لكَ.”
“نعم، آنسة. سأفعل كما أمرتِ. بالمناسبة……”
توقف حديثه للحظة قبل أن يتابع بنبرةٍ مليئة بالسخرية.
“لماذا قمتِ بتوظيف مثل تلك العصابات منخفضة المستوى؟ كان من الأفضل لكِ أن توظفي المزيد من رجالنا.”
“……”
“لا تثِر الضجيج.”
بدا وكأن الجميع صمتوا بعد سماع الصوت الحاد لسناير.
“أنتَ، تأكد من توصيل الأمر جيدًا. وأنتِ، اخلعي هذا الفستان فورًا.”
سُمعت بعض الضوضاء، و تلاها ضحكٌ خبيث ومقرف من فوق رأسها.
“اتركِ لي الأمر فقط. سأوصلها لكِ حتى خارج القصر الإمبراطوري.”
سمعت صوت خطواتٍ تتباعد بعيدًا.
الآن، حان الوقت المناسب.
“لماذا لم يعد؟”
رفعت إيرينا جسدها بهدوء ورفعت القماش.
كان الرجل منحنيَ الظهر يضرب ظهره بيديه ويبحث حوله.
“إن لم يعد بسرعه، فهذا يعني أن أمراً ما قد حدث له.”
مدت يدها وأمسكت بعصا كانت تحت عجلةِ العربة.
كان عليها أن تتبع ما تعلمته. كما علمها الدوق، كما أراها الخدم!
“آغك!”
ضربت إيرينا عنق الرجل من الخلف.
ضربة-!
______________________________
الحين يشرحون شلون هجت ايرينا
بس لو انها قاعده مكانها كان لقاها لوغان وخلصنا😭😭😭😭😭😭
Dana