As Long As you Are Happy - 130
كان الأمر غريبًا.
فكَّر كارل بذلك وهو يمر بجانب سناير.
لم يكن الأمر متعلقًا فقط بالفستان الآخر الذي يظهر تحت الفستان الأساسي، بل ما لفت انتباهه أكثر من أي شيءٍ آخر كان الحذاء.
كان هذا هو القصر الإمبراطوري. حتى داخل الحديقة، كانت هناك ممراتٌ حجرية مخصصة لأصحاب المكان والزوار.
ولكن، ألم تكن هناك بقعٌ من التراب على حذاء سناير الذي يظهر من الفستان؟
كانت مغطاةً بالطين الرطب الذي لم يجف بعد.
‘لم يكن هناك مطرٌ أو ثلج مؤخرًا.’
رغم ذلك، فإن وجود هذا القدر من الطين على الحذاء يعني أن سناير سارت في أماكن غير ممهدة، بعيدًا عن الطريق،
خصوصًا بين الأشجار. فعندما تُسقى الأشجار بكثافة، لا يجف التراب بسهولة.
ما الذي يدفع شخصًا جاء إلى حفلة القصر الامبراطوري للتجول في أماكن معزولة كهذه؟
ولماذا ترتدي فستانًا إضافيًا فوق فستانها كما لو كانت تخفي شيئًا؟
‘إنها مشبوهة.’
لم يكن هناك دليل ماديٌ قاطع، لكن إذا كانت سناير بالفعل الفاعلة، فلديها دافع كافٍ، ولم يكن كارل غبيًا ليترك شخصًا يثير هذا الكم من الشبهات يغادر المكان بسهولة.
‘على ما يبدو، سأضطر لمرافقتها حتى عربة النقل.’
ولهذا، قرر كسب الوقت حتى يعود لوغان بعد أن يلاحظ الأمر الغريب.
و ثم،
“آه!”
أُسقط صندوق الأمتعة عمدًا.
أما سناير، فقد كانت عيناها تدوران، ويبدو أنها أدركت أن سقوط الصندوق كان لتفقد إن كانت ليونيد بداخله أم لا.
‘هي تعرف شيئًا وتجهل شيئاً آخر.’
في الواقع، كان الهدف الأساسي من ذلك هو كسب الوقت. لإعطاء الفرصة للوغان والفرسان الموجودين في قاعة الحفل لقيادة الخيول وإحضارها.
‘وهكذا وصلنا إلى هنا.’
عند نزوله من الحصان، رفع كارل كتفيه بابتسامةٍ خفيفة، ثم أطلق ضحكةً صغيرة.
“آه، بدا أنكِ تتساءلين، الأمر واضح على وجهكِ.”
“……!”
“بمعنى آخر، لقد كشفَ أمركِ بالكامل.”
ضحك كارل ضحكةً صغيرة، لكنها لم تكن مثل ضحكته الودية السابقة.
كانت ضحكةً تحمل برودة غريبة.
“إذاً، سناير فلورنس.”
تقدم لوغان خطوةً إلى الأمام، متجاهلًا حديث الشخصين وكأنه لا يهتم بهما.
أما الشخص الذي كان يرتدي عباءةً وقناعًا، فتراجع خطوةً للخلف وكأنه يسد مدخل الزقاق.
“أين إيرينا؟ إذا كنتِ ستقولين الحقيقة الآن……”
توقف عن الكلام للحظةٍ قصيرة. و في تلك اللحظة، تدفقت في عقل سناير مئات بل آلاف الأفكار.
وأول ما خطر في بالها كان،
‘هل سيسامحني؟’
‘هل سيغفر لي هذه المرة فقط؟ هل سيتظاهر بعدم معرفة ما حدث؟’
‘إذا كان الأمر يتعلق بأخي لوغان، ربما يستطيع فعل ذلك، أليس كذلك؟’
تم اختطاف شخص من داخل القصر الإمبراطوري. كان حدثًا خطيراً، لكنه في الوقت نفسه شيء يمكن التستر عليه.
و لوغان كان أحد الأشخاص القلائل الذين يمكنهم جعل المستحيل ممكنًا.
‘إذا سامحني.’
لو سامحني هذه المرة فقط، أو تغاضى عن الأمر، إذا حدث ذلك……
‘أنا……’
“لن تُفرض عليكِ عقوبةٌ قاسية.”
‘عقوبة قاسية؟’
“حتى العقوبة التي ستُفرض على عائلة الكونت فلورنس ستتوقف عند حدٍ معقول.”
“….…”
دون أن تشعر، كانت يداها مشدودتين وترتجفان. عندها، لاحظ لوغان ذلك، وعبس وجهه مستنكرًا.
‘لماذا؟’
عندما كانت صغيرة، كان لوغان يتعامل بلطفٍ مع سناير في أوقاتٍ نادرة.
عندما كانت تسقط وتبكي بشدة، أو عندما تصر على تسلق الشجرة التي تسلقها لوغان و كارل، كان يخاطبها أحيانًا بصوتٍ لطيف، ويحادثها بلطف.
“هل كنتِ تعتقدين أنني سأغض الطرف وأتستر على الأمر؟”
صوت لوغان الآن كان مشابهًا تمامًا لصوته في تلك الأوقات.
“هل تأذيتِ؟ هل تريدين الصعود؟ إذن سأساعدكِ، أمسكي بيدي……”
“لكن هذه المرة، لقد تجاوزتِ الحدود يا سناير.”
بنفس ذلك الصوت……
“يجب أن تنالي عقابكِ.”
“لا تقل مثل هذا الكلام!”
صرخت سناير بصوتٍ عالٍ، وكأنها تطلق صيحةَ غضب، مما جعل الخادمة الواقفة خلفها ترتجف خوفًا وتغطي أذنيها وهي تتراجع للخلف.
“هل قلتُ أنني أنا من فعلتها؟”
كانت تمسك عنقها بشدة حتى شعرت بطعم الدم في حلقها، بينما كانت تحدق بلوغان وبقية الحاضرين بنظرةٍ مليئةٍ بالغضب.
“هل اعترفتُ بأنني أنا من اختطفتُ الآنسة ليونيد؟ أنا أسألكم!”
لم يُجب أحد.
‘بالطبع!’
“كل ما في الأمر أنني شعرتُ بالصداع وأردتُ أن أرتاح قليلًا!”
“……سناير.”
لم تدرك سناير إلا في تلك اللحظة كم تكره سماع اسمها يُنطق بتنهيدةٍ ممزوجة بالحسرة.
“سناير فلورنس.”
“لا تنادني هكذا!”
صرخت سناير مجددًا، وهذه المرة كاد الدم أن يخرجَ من فمها.
“لا تنادني! لا تنادني! طالما أنكَ لن تكون في صفي، فلا تنادني!”
كان واضحًا أن سناير في حالةٍ غير مستقرةٍ تمامًا.
بدت وكأنها على وشك الانفجار بأي لحظةٍ إذا أُثيرت مشاعرها بالطريقة الخاطئة.
“….…”
تجهم وجه لوغان بسبب صراخ سناير، بينما أطلق فيدريك ضحكةً ساخرة.
“الآنسة فلورنس.”
تقدمت دلفيا من الخلف بما أنها لم تستطع التحمل أكثر.
“هدئي من روعكِ أولًا، حسنًا؟”
“أهدأ؟ يا للسخرية.”
بعيونٍ حمراء متفجرة الشعيرات الدموية، حدقت سناير في دلفيا بغضب.
“هل كنتِ ستستطيعين الهدوء؟ عندما تُتَّهمين بجريمةٍ لم ترتكبيها؟”
ثم التفتت سناير فجأة نحو لوغان و كارل وهي تصرخ.
“نعم، أعترف. أنا أكره الآنسة ليونيد كثيرًا.”
رفعت سناير رأسها بتحدٍّ.
“لكن و لأنني أكرهها فقط، يتم إدانتي هكذا؟ أليس هذا مبالغًا فيه، أخي لوغان؟”
“……”
“سترون ما سيحدث. سأخبر والدي، وسأطلب محاكمةً رسمية بشأن هذا الأمر! مهما كان نفوذ دوقية وينفريد، لن تنجوا بسهولةٍ من هذه الفضيحة!”
“هاه……”
ما جعل سناير تصمت بعد صراخها كان جملةً واحدة ممزوجةً بتنهيدة.
“……هل تعتقدين حقًا أنه لا يوجد أي دليل؟”
كانت عينا لوغان تحملان بعضًا من الضيق وهو ينظر إليها.
“ما أسألكِ عنه هو، هل تظنين حقًا أنني سأتصرف بهذا الشكل دون أي دليل؟”
“هذا……”
تراجعت سناير خطوةً إلى الخلف بتردد.
“هذا……”
لوغان الذي عرفته طوال الوقت لم يكن شخصًا يتصرف دون تفكير.
ربما كان كذلك في البداية، لكنه تغير تدريجيًا، من جنديٍ عادي إلى فارس، ثم من فارسٍ عادي إلى قائد. ومع كل خطوةٍ صعد فيها، أصبح أكثر حذرًا.
بعد أن أدرك أن خطأً واحدًا قد يؤدي إلى فقدان عشرات الأرواح، صار أكثر حرصًا في كل قراراته.
وكانت سناير قد شهدت هذا التحول فيه منذ البداية وحتى الآن.
“……لا، لكنه……”
“سناير فلورنس.”
مسح لوغان وجهه بيده، وظهر على ملامحه ضيقٌ وإرهاق.
“سناير فلورنس، سأسألكِ للمرة الأخيرة. أين إيرينا؟”
ارتعشت كتفا سناير بشكلٍ واضح عند هذا السؤال.
“أنا……أنا لم أفعل.”
بدأت دموعٌ كبيرة تتساقط من عينيها.
“حقًا، لم أفعل ذلك.”
ربما لأنها كانت تصرخ منذ البداية بأنها بريئة، شعرت فجأة بظلمٍ شديد.
“قلت أنني لم أفعل!”
“حسنًا.”
أجاب لوغزن بخفة وهو يوجه نظرهُ إلى ما وراء سناير.
كانت نظرات الجميع تتبع نظراته.
“سواء كنتِ الفاعلة أم لا، فلنترك هذا لمن يقف هناك ليخبرنا.”
مستحيل……
أدارت سناير رأسها، وفي الجهة المقابلة من الزقاق كان هناك رجلٌ يقف بطريقةٍ غير مرتاحة.
“أحضرت ما طلبتَ……”
خلف الرجل كان هناك عربةٌ يدوية، على العربة التي كانت بحجم يكفي لشخص واحد فقط، كانت هناك قطعة قماشٍ تغطي شكل شخص.
“لا، لا تذهب!”
ركضت سناير بسرعة لتوقف لوغان، لكن تم دفعها بعيدًا ببرودة.
“…….”
ثم تبعَ ذلك النظرة الباردة، وهي التي ظنت أنها لن ترى مثل تلك النظرة من لوغان أبدًا.
كم مرة كان عليها أن ترى تلك النظرة بسبب إيرينا ليونيد؟
“آنستي!”
انهار جسد سناير بلا قوة، وتمكنت الخادمة من الإمساك بها بسرعة.
“آنستي، انتبهي!”
“هل يمكنني التحدث معكِ؟”
“آه……”
“سأكون لطيفةً معكِ، إذا قلتِ لي الحقيقة فقط.”
نظرت الخادمة إلى دلفيا بعينين مليئتين بالتردد.
‘ماذا يجب أن أفعل؟ أي طريقٍ يجب أن أختار؟’
كان من الواضح أن سناير التي كانت تتابعها الخادمة هي الضعيفة والمذنبة، وكانت هذه معركةٌ لا يمكن كسبها.
“….…”
بينما كانت الخادمة في حيرة، تمتمت دلفيا و كأنها تحدث نفسها وهي تمسح زاوية فمها.
“حتى من خلال يديها، تبدو وكأنها ليست خادمة، بل مثل عضوٍ في نقابةٍ تتعامل مع هذه الأمور……”
دهشت الخادمة عندما سمعت كلام دلفيا وغطت يديها بسرعة.
“إذا عادت الآن، ألن تتعرضَ للعقاب من قبل النقابة؟”
“…….”
“و من الطبيعي أن تتعرض للانتقام من عائلة فلورنس في المستقبل. آه، ربما يتم تصفيتها لتصمت. أليس كذلك؟”
“…….”
“لكن إذا اخترتِ جانبنا، يمكننا أن نتخلص من هذه المخاوف.”
“……ماذا يعني ذلك؟”
سألتها الخادمة بنبرةٍ حادة.
“هل تعرفين من أي نقابة انتمي؟”
‘كما توقعت.’
كانت شكوكها في محلها. لم يكن من المفاجئ أن يتم سحب النقابة إلى الأمر.
“مهما كانت النقابة، فلن تكون مشكلةً بالنسبة لنا. على سبيل المثال……”
بينما كانت دلفيا تطيل كلامها، ابتسمت ابتسامةً خفيفة.
“كونكِ مجرد ضحيةٍ طيبة وشاهدة، وليتِ الجاني المشاركة في الجريمة. إذا كان الأمر كذلك، فلن تتمكن لا النقابة ولا عائلة فلورنس من إيذائكِ.”
“هل هذا كل شيء؟”
“بالطبع، سنساعدكِ في الانتقال إلى منطقةٍ أخرى والبدء من جديد!”
لكن الحقيقة كانت مختلفة.
ابتسمت دلفيا ابتسامةً هادئة بينما كانت تراقب المرأة المترددة.
“فقط ثقِ بنا.”
“…….”
“سنفعل كل ما في وسعنا من أجلكِ.”
تحركت نظرات المرأة بسرعة، ثم أخرجت شيئًا من جيبها وأدخلته بسرعة.
كان زجاجةً صغيرة ما زالت تحتوي على بعض السائل المتبقي.
أدخلتها في جيبها بينما سألت دلفيا.
“ما عن شهادتكِ؟”
“إذا أخذتموني إلى مكانٍ آمن……”
“حسنًا، حسنًا.”
ابتسمت دلفيا ابتسامةً خفيفة.
“إذاً، هل ننتظر قليلاً حتى يتم حل الأمر هناك؟ هل أنتم من نفس النقابة؟”
أشارت إلى الرجل الذي كان يقود العربة اليدوية وسألت، لكن المرأة هزت رأسها.
“تلك المرأة.”
نظرت الخادمة إلى حيث كانت سناير.
“يبدو أنها المرة الأولى التي تتعاملُ فيها مع النقابة……و لقد وضعت العديد من وسائل الأمان.”
على الرغم من أن الفاعل لم يُذكر، إلا أن نظرة المرأة المتجهةِ نحو سناير أخبرت الجميع بمن كانت تشير إليه.
“لقد استعانت بعدة نقاباتٍ هذه المرة أيضًا. يبدو أنها اعتقدت أنه إذا تم اكتشاف شخصٍ واحد، فلن يكون هناك مشكلة.”
“أه، فهمت.”
بينما كانت دلفيا تحاول استخراج المزيد من المعلومات من المرأة بشكلٍ غير مباشر، كانت المسافة بينهم وبين الرجل القادم تضيق تدريجيًا.
“لقد جلبتُ ما طلبتِه……”
نظر الرجل حوله بحذر. و كان يبدو بأنه قد انتهى من فهم الوضع بالفعل وكان يحسب ما إذا كان بإمكانه الهروب أم لا.
“ما الذي طلبته؟”
سألهُ لوغان وهو يسحب سيفه من غمده بشكلٍ طبيعي.
“هاها. تعال وشاهد بنفسك!”
ألقى الرجل بشيءٍ كان على العربة اليدوية فجأة.
“…….”
دوى صوتٌ عالٍ.
تشينكانغ-!
ترك لوغان سيفه ملقيًا على الأرض قبل أن يلتقطه في اللحظة الأخيرة.
“امسك به!”
بينما كان الرجل يهرب، بدأ كارل بملاحقته. وقد حاصروه.
أمسك لوغان بشكلٍ محكم بالشخص الذي كان مغطى بالقماش على العربه، ثم بدأ بحذرٍ في إزالة القماش عن وجهه، وتجمّدت ملامحه على الفور.
تحت القماش، كان يظهر وجه رجلٍ فاقدٍ للوعي.
_________________________________
وين إيرينا؟؟؟؟؟ ياهووووووووه!
ليه احسهم باردين في ذا الفصل😭
Dana