As Long As you Are Happy - 126
‘من تكون؟’
تقدمت إيرينا بحذرٍ إلى داخل غرفةِ الانتظار وهي تراقب الوضع بعناية.
كما قال كارل، كانت غرفةُ الانتظار الواسعة خاليةً تمامًا. فلم يكن هناك أحدٌ أمام المرآة، ولا على الأريكة الواسعة.
لكن، عند الموقد الذي يقع في الجهة الأمامية، كانت هناك امرأةٌ تجلس وظهرها إليها، بشعرٍ أشقر فاتح يشبه لون شعر إيرينا.
“……”
كانت المرأة، التي تنظر إلى النيران، تبدو غير واعيةٍ لدخول إيرينا.
“هل هي نائمة؟”
بما أن الحفل التنكري يبدأ في وقت متأخر، فمن الطبيعي أن يكون هناك من يغفو قرب نهاية الحفل، ألم تخبرها السيدة فرانسيس بذلك قبل قليل؟
‘سأجلس هنا قليلاً ثم أعود.’
لقد تركت إيرينا مكانها بعد أن أخبرت السيدة فرانسيس بأنها ستجري حديثًا قصيرًا وتعود.
وبما أنها رافقت الدوق عند مغادرتها، لم يكن هناك ما يدعو للقلق الكبير، لكنها مع ذلك شعرت بالقلق.
‘سأعود إلى قاعة الحفل بمجرد أن أهدأ قليلاً.’
عندما نظرت إلى المرآة الموضوعة في زاوية الغرفة، وجدت أن وجهها كان في حالةٍ مزرية.
كانت عيناها محمرتين من البكاء، وبدا أن هناك تورمًا طفيفًا فيهما. و بالإضافة إلى ذلك، شعرت بالبرودة، فاقتربت بحذرٍ من الأريكة القريبة من الموقد وجلست.
“الجو بارد جدًا في الخارج، أليس كذلك؟”
في تلك اللحظة، تحدثت المرأة التي كانت تواجهها بظهرها الى إيرينا فجأة.
“آه، نعم.”
ردت إيرينا بإيماءةٍ خفيفة وهي في وضعية مترددة.
“نعم، الجو باردٌ جداً.”
“أليس كذلك؟ يبدو أن اليوم كان باردًا بشكلٍ خاص.”
هل مرت تلك المرأة أيضًا بظرفٍ ما؟ فقد كان صوتها، الذي لامس أذني إيرينا، يبدو متعبًا.
كأنه صوت شخصٍ ظل يصرخ لعدة أيام متواصلة.
“ولكن ربما لأن الفجر يقترب، يبدو أن العثور على الطريق أصبح أسهل بضوء القمر.”
“نعم.”
الطريق؟ (نطقتها بلهجة غير لهجة العاصمة)
فجأة، تساءلت إيرينا إذا كانت المرأة من المناطق الريفية أو قد أتت من بعيد. وأمالت رأسها بتساؤل.
“هل هناك مشروبٌ على الطاولة؟”
ولكن قبل أن تفكر في أي شيء، طرحت المرأة سؤالًا آخر.
“على الطاولة.”
كان كلامها صحيحًا. على الطاولة المنخفضة أمام الأريكة التي جلست عليها إيرينا، كان هناك كوبٌ من مشروبٍ دافئ يبدو لذيذًا موضوعٌ على صينيةٍ فضية.
“هل تودين شربه؟”
ضحكت المرأة، لكن صوتها، الذي بدا وكأنه يتقطعُ إلى آلاف النغمات، حمل في طياته شيئًا مريبًا جعل إيرينا تشعر بالقشعريرة.
“في الحقيقة، لقد طلبتُ من الخادمة أن تجلب لي هذا الشاي من المطبخ. لكن يبدو أنني شربت ثلاث أكوابٍ منه، ولم أعد أستطيع شرب المزيد.”
أدارت المرأة رأسها قليلاً.
ولكن بسبب انطفاء بعض الشموع في غرفة الانتظار، كانت الإضاءة خافتة. و في المقابل، كان ضوء الموقد قويًا، مما جعل ملامح وجه المرأة غير واضحة.
“أرى أن أطراف أصابعكِ محمرة. يبدو أنكِ كنتِ في الخارج لفترةٍ طويلة. تفضلي، اشربيه.”
كانت ابتسامةُ المرأة بالكاد مرئية.
“إذا برد أكثر، سيصبح الشاي مرًّا.”
“شكرًا.”
رفعت إيرينا فنجان الشاي بحذرٍ بكلتا يديها. و كان الشاي بدرجة حرارةٍ مناسبة تمامًا للشرب.
بالإضافة إلى ذلك، بدت كلماتُ المرأة صحيحة تمامًا، إذ كان هناك ثلاث أكوابٍ فارغة موضوعةٍ على الطاولة، وكأنها لم تُنظف بعد.
“شكرًا.”
ابتسمت إيرينا بخفةٍ بعد أن خف توترها.
“سأستمتع بشربه، يا آنسة.”
أومأت المرأة برأسها بخفة وكأنها تشير إلى أنه لا بأس، ثم أدارت رأسها مجددًا نحو النار وبدأت تحدق فيها.
‘إنه دافئ.’
بعد أن كانت في مكان بارد تبكي بحرقة وحدها حتى استنزفت قواها، جعلها التواجد في مكانٍ دافئ وهي تحمل مشروبًا ساخنًا تشعر براحةٍ تخفف من حدة التوتر الذي سيطر على قلبها.
ما زاد الأمر جمالاً هو الكلمات التي قالها لها الأدميرال فيدريك قبل قليلٍ ليخفف عنها ويجعلها تشعر بتحسن.
‘إنه شخصٌ طيب.’
حين تذكرت الحديث عن الساندويتش، عادت الابتسامةُ إلى شفتيها.
لقد جعلها ذلك الحديث البسيط تشعر بالسعادة الكبيرة لدرجة أنها ضحكت دون أن تشعر.
‘يجب أن أشكره لاحقًا.’
مع دفء المكان، بدأت أفكارها تتجول هنا وهناك، لكنها توقفت عند شخصٍ واحد فقط، الدوق لوغان وينفريد.
الشخص الذي أنقذها، و حبيبها.
“……”
مسحت إيرينا حافة فنجان الشاي بأصابعها بصمت.
‘أي تعبيرٍ كان يضعه؟’
عندما تركت الدوق وغادرت، كيف كان ينظر إليها؟
كانت صورته، وهو يتوسل إليها حينها، محفورةٌ بوضوح في زاويةٍ من عقلها.
‘……رأسي يؤلمني.’
مع استمرار المشاعر والأفكار المتناقضة، بدأ رأسها ينبض بألمٍ من جديد.
عندما تتذكر مظهره الأخير، كانت تريد أن تسرع إليه وتعانقه بشدة، لكنها كانت تريد أيضًا أن تغضب منه وتسأله لماذا خدعها.
‘كنت أعلم أن الأمور ستسير بهذا الشكل.’
في البداية، كانت واثقةً بنفسها. لقد توقعت معظم ما سيحدث واستعدت نفسيًا لذلك.
لذا، اعتقدت أنها لن تهتز، وأنها ستسلك الطريق الصحيح مباشرةً دون تردد.
‘لكن……هل كان ذلك مجرد وهم؟’
لم يكن الأمر كذلك. بل على العكس، وجدت نفسها محاطةً بمشاعرَ معقدة تسيطر عليها، وفي النهاية هربت تاركةً الدوق خلفها.
انهمرت دموعها مجددًا، ونزلت واحدةٌ منها من خدها لتسقط في فنجان الشاي الذي بين يديها.
قال لها الأدميرال فيدريك سابقًا أن تطلق العنان لمشاعرها وتترك ما تبقى ليتدفق بعيدًا.
ولكن، هل يمكن حقًا التخلص من هذه المشاعر المؤلمة بالكامل؟
هل يمكن أن تنتهي؟
‘إنها ثقيلةٌ جدًا……’
دون طاقة، أراحت إيرينا رأسها على ظهر الأريكة واستسلمت للبكاء بصمت.
“ألن تشربيه؟”
قطعت المرأة أفكارها المتوالية فجأة. و التفتت إيرينا بسرعةٍ نحوها، فغطت المرأة وجهها بسرعة.
بالأحرى، كانت تمسح عينيها بذراعها كما لو أنها تخفي دموعها.
“هل أخفتكِ؟ أنا آسفة. لكن يبدو أن يومكِ كان حزينًا أيضًا، مثل يومي. فلم أستطع أن أتجاهلكِ.”
“هل حدث لكِ أمرٌ ما؟”
أومأت المرأة برأسها ببطء.
“خطيبي……كان يخونني.”
آه، إذاً هذا هو سبب تشقق صوتها.
“كان يقول منذ طفولتنا بأنه يحبني وحدي، و كان يقسم أن هذا سيستمر إلى الأبد. لكنه خانني، وخان عهوده.”
“…….”
“بل و الأسوأ، بدأت تلك المرأة تأخذ مكاني في المجتمع تدريجيًا، مستغلةً نفوذ خطيبي.”
حتى إيرينا، التي كانت مجرد غريبة، شعرت بالغضب من تلك القصة، لكن المرأة نفسها بدت هادئةً بشكلٍ مدهش.
“هل……أنتِ بخير؟”
سألتها إيرينا بحذر. كانت الآن تعاني من وضعها الخاص. لكن، لم تبدُ حالة المرأة جيدةً أيضًا.
“أنا بخير.”
ردت المرأة ببرود.
“لأنه سيعود إليّ قريبًا. و سأجعلهُ يفعل ذلك.”
“حتى بعد أن خانكِ؟”
“ههه.”
ضحكت المرأة بخفة.
“أبدو غريبةً، أليس كذلك؟ أن أقبله رغم أنه خان عهوده وخانني؟ حتى أنا لم أفهم نفسي في البداية.”
ولكن بعد أيامٍ قضتها في البكاء، وأيامٍ أخرى في العذاب، وأيامٍ في الغضب والإنكار، والتمرد على الواقع، ثم المزيد من التمرد.
“لم يتغير قلبي تجاهه. ولهذا تأكدت.”
ابتسمت المرأة فجأة، رغم أن ملامحها لم تكن واضحةً تمامًا، لكن ابتسامتها حملت شيئًا مرعبًا جعل إيرينا تشعر بالقشعريرة.
“آه! هذا هو الحب!”
في تلك اللحظة، حبست إيرينا أنفاسها. و شعرت فجأة بأنها بحاجة إلى الهروب من هنا.
“أفهم ذلك.”
لكنها تذكرت أن الأدميرال فيدريك سيأتي إلى هنا قريبًا. إلى جانب ذلك، كانت المرأة قد أدارت رأسها مجددًا لتنظر إلى ألسنة اللهب في الموقد.
“هذا الشاي من الأعشاب، حضرتهُ لتهدئة أعصابي. عليكِ أن تشربيه. سيكون مفيدًا لكِ أيضًا يا آنسة ليونيد.”
“……شكرًا.”
رغم ترددها، لم يكن هناك طريقةٌ لتجنب الأمر بسبب إصرارها.
قرَّبت إيرينا الفنجان إلى فمها بتردد، وعندما أخذت رشفة، رمت الفنجان بعيدًا كما لو كان شيئًا غير مرغوبٍ فيه.
‘آه.’
كان الطعم غريبًا جدًا!
لم يكن مجرد طعمٌ مرٌ كالأعشاب المفيدة للجسم، بل كان شعورًا وكأنها تشرب ماءً فاسدًا. فلم تستطع أن تبتلعه بأي حال.
“كح……آنسة……طعمهُ غريب……”
كانت تسعل وتمسح فمها عندها فجأة امسكت المرأة بشعرِ إيرينا من الخلف و شدتهُ بقوةٍ حتى تراجع رأسها الى الوراء.
“هل الطعم غير مستساغ؟ يبدو كذلك. لهذا لم أشربه.”
عند هذه اللحظة، تمكنت إيرينا من رؤية وجه المرأة بشكلٍ واضح. فالباروكة التي كانت ترتديها قد سقطت فجأةً لتكشف شعرها الأسود.
سناير فلورنس.
“لكن عليكِ أن تشربيه.”
ضحكت سناير مرة أخرى، وكان ضحكها يبدو وكأنها فقدت عقلها.
“أنتِ التي تسرقين الرجال يجب أن تشربي هذا!”
“آه!”
امسكت بشعر إيرينا أقوى. وعندما فتحت فمها بسبب الألم، دخل السائل الذي كانت قد شربته للتو إلى فمها مجددًا.
“اشربي! اشربي!”
صرخت سناير بينما كانت تصب ما في الكأس الذي كانت تحملهُ في فم إيرينا.
“……!”
هزّت إيرينا ذراعيها بقوة. و ربما أصابت سناير، فتهاوت للوراء وأفلتت شعر إيرينا م يدها أخيراً.
“آه، كح!”
سقطت إيرينا على الأريكة، وسالت محتويات فمها على السجادة الفاخرة.
رغم أنها بصقت ما في فمها، الا أن الوقت قد تأخر. فقد ابتلعت جزءًا كبيرًا بالفعل.
“ماذا، ما الذي……جعلتني أشربه؟”
نظرت إيرينا إلى سناير التي كانت تجلسُ على الأرض بجانبها، وعينيها مليئةٌ بالغضب.
“ما الذي جعلتني أشربه؟”
“إنه شيءٌ جيد.”
عندما التقت أنظارهم، ابتسمت سناير مجددًا بابتسامةٍ شيطانية.
“إنه جيدٌ جدًا.”
نهضت سناير بتمايل، كما لو كانت على وشك السقوط.
“إنه دواءٌ رائع سيعيدكِ إلى مكانكِ الصحيح.”
“كح!”
قبل أن تنتهي كلمات سناير، سعلت إيرينا بشدة. و شعرت كما لو أن معدتها قد انقلبت، بينما كان رأسها يدور.
كان هناك شعورٌ كما لو أنه لو أغمضت عينيها لثانيةٍ واحدة، ستنام إلى الأبد.
“لقد وقعتِ في مشكلة، آنسة فلورنس.”
عضّت إيرينا على أسنانها. يجب أن تبقى واعية.
“هذه القاعة هي قاعةُ القصر الإمبراطوري. وأنا اليوم قد بدأتُ مشواري الرسمي في المجتمع. أينما ذهبتِ، سيكون هناك أشخاصٌ في الخارج، والجميع سيعرفون من تكونين و ماذا فعلتي.”
“أعرف.”
أجابت سناير بابتسامةٍ خفيفة، وهي تعيد ترتيب شعرها المبعثر بسبب الباروكة.
“أينما ذهبتُ، سيكون هناك أشخاص يتعرفون علينا، وأنتِ اليوم بدأتِ مشواركِ الرسمي في المجتمع. ولو أخطأتُ قليلاً، سأكون في خطرٍ كبير.”
“…….”
“وأيضًا، أعرف أنكِ سرقتِ قلب الدوق. أنا أعرف كل شيء.”
كانت نظراتها مليئةً بعزمٍ قوي، وكأنها لا تفكر في أي خطرٍ يهددها، بل كانت تفكر فقط في إبعاد إيرينا بأي ثمن.
شعرت بشيءٍ ثقيل في داخلها، وبدأ الدوار يشتد.
“أنتِ مجنونة……”
“نعم، وأنا أعرف ذلك أيضًا.”
اقتربت سناير من إيرينا وأمسكت برقبتها، ثم ضحكت مرة أخرى. بينما كانت تضغطُ على رقبتها، و أصبح من المستحيل على إيرينا المقاومة بعد الآن بسبب الدوار الشديد.
“تصبحين على خير، آنسة، الآن كل شيءٍ سيعود إلى وضعه الطبيعي، فلا داعي للقلق. أخيرًا.”
بدأت رؤيةُ إيرينا تتلاشى.
_____________________________
هيه؟ بنتيييييي!
وش وين لوغان كارل دلفيا ريو فرانسيس هالي ؟!
وينكم ياعالم ياهوه بنتي تفطس!
Dana