As Long As you Are Happy - 125
“……الأدميرال فيدريك.”
قيل أنهُ يومٌ بارد على نحوٍ غير معتاد، لكنه أيضًا يوم مضيءٌ بشكلٍ غير مألوف.
هذا يعني، سواء أراد كارل ذلك أم لا، فإن رؤية إيرينا وهي تبكي كانت واضحةً جدًا.
“الأمر هو……”
كلما تحركت رموشها الطويلة، كانت الدموع الشفافة تنساب على خديها. و لم يكن هناك أي لون في وجهها الشاحب سوى عينيها المحمرتين من البكاء وشفتيها المصبوغتين.
“الأمر هو……”
بدت إيرينا وكأنها تحاول تقديم عذرٍ ما، لكنها حركت شفتيها دون صوت، ثم أمالت رأسها بضعف.
كانت دموعها تتساقط على الأرض، غزيرة بما يكفي ليتمكن كارل من رؤيتها.
“الأمر هو……”
“في الوقت الحالي، من الأفضل أن ترتدي هذا على الأقل.”
بسرعة، خلع كارل معطفه ووضعه على كتفي إيرينا.
في مثل هذا الطقس البارد، كم من الوقت كانت ترتدي ذلك الفستان الرقيقَ فحسب؟
رغم شحوب وجهها، إلا أن أطراف أصابعها وقدميها وكل الأجزاء المكشوفة كانت حمراءَ بالكامل.
“آنسة ليونيد.”
ركع كارل بسرعة على إحدى ركبتيه.
ثم قام بربط شريط الزينة الموجود عند عنقها لتثبيت المعطف وسألها.
“هل أنتِ بحاجةٍ إلى مساعدة؟”
كان يتساءل عما إذا كانت قد تعرضت لشيءٍ ما.
نظرت إيرينا إلى كارل للحظة، ثم هزت رأسها ببطء.
‘لا يبدو أنها تعرضت لأي أمر.’
إذاً لماذا تكون البطلة التي كان يجب أن تكون محط الأنظار في الحفل اليوم جالسةٌ هنا و تبكي في زاويةٍ مظلمة من الحديقة؟
‘لحظة؟’
ضاقت عينا كارل قليلاً.
الآن وقد فكر في الأمر، أليس من الغريب أن لوغان أيضًا لم يظهر؟
نظرًا لأن الحفل كان فخمًا للغاية ومزدحمًا بالحضور، لم يكن من السهل ملاحظة غياب شخصٍ أو اثنين، ولهذا تأخر في إدراك غياب كلٍ من إيرينا و لوغان.
‘آه، هل يمكن أنه……’
عبس كارل.
“هل تحدثتِ مع لوغان؟”
“….…”
لم يسمع إجابة، لكن الصمت كان جوابًا أوضحَ من أي كلمة.
‘إذاً أخيرًا أخبرها؟’
عبث كارل بشعره بعصبية.
إذا كان مجردَ طرفٍ ثالث مثل كارل يشعر بهذا القدر من الانزعاج، فلا بد أن الوضع كان أصعب بكثير على المعنيين بالأمر.
“….…”
‘ماذا علي أن أفعل؟’
تردد كارل للحظة.
لم يكن من الممكن أن يأخذها إلى لوغان الآن، كما أن اصطحابها معه والعودة إلى قاعة الحفل قد يجذب الانتباه بلا داعٍ.
لم يكن هناك خيارٌ آخر.
في النهاية، جلس كارل بجانب إيرينا دون مقدمات.
رفعت إيرينا رأسها ونظرت إليه.
و من دون أن يقول شيئًا، رفع كتفيه بلا مبالاة ثم حول نظره إلى السماء.
“القمر مضيءٌ جدًا الليلة. كنت قلقًا خلال الأيام الماضية من احتمال هطول المطر أو الثلج بسبب الغيوم، لكن يبدو أن السماء صافيةٌ اليوم.”
كان ذلك تلميحًا صامتًا بأنه لن يذكر أي شيءٍ حتى تبدأ هي بالكلام أولًا.
“هل تعلمين؟ سمعتُ أن رؤية قمرٍ مضيء كهذا في العاصمة في مثل هذا الوقت من العام أمرٌ نادر جدًا. يُقال أن الأجواء غالبًا ما تكون غائمة. لم أكن أعلم ذلك، لكن شخصًا ما أخبرني بذلك اليوم.”
“…….”
“آنسة إيرينا، مع ظهوركِ الأول في الحفل تحت بركة هذا القمر المضيء، فلا بد أن أيامكِ القادمة ستكون مليئةً بكل ما هو جميل.”
في الواقع، الشخص الذي تحدث معه قبل قليل لم يقل سوى أن الأجواء تكون غائمةً عادة في هذا الوقت من العام.
الجملة الأخيرة كانت إضافةً من كارل.
“هل تعتقدُ أن ذلك صحيحٌ حقًا؟”
كان صوتها مبحوحًا تمامًا، ربما بسبب كثرة البكاء.
“سيكون كذلك.”
رفع كارل كتفيه بابتسامةٍ مازحة.
“لأن الآنسة إيرينا شخصيةٌ قوية الإرادة.”
“شخصٌ قوي الإرادة……”
رددت إيرينا كلمات كارل بصوتٍ منخفض.
“لو كنتُ كذلك حقًا، لما كنتُ سأواجه هذا النوع من التردد.”
تمتمت إيرينا و كأنها تحدث نفسها، ثم التفتت لتنظر إلى كارل.
“هل كان الأدميرال فيدريك يعرف؟”
رغم أن سؤالها لم يكن يحتوي على معنى واضح، الا انه من السهل فهم ما تعنيه.
ماذا يمكن أن تسأل إيرينا عنه سوى هذا؟
حك كارل مؤخرة عنقه بارتباك.
“بصراحة……نعم، كنتُ أعرف.”
رغم أنه لم يسمع التفاصيل، إلا أن الكلمات القليلة التي قالها لوغان في مكتب الإمبراطورية كانت كافيةً لفهم الموقف.
صمتت إيرينا مجددًا لفترةٍ طويلة. و انتظر كارل بصبر مرة أخرى.
“هل يحدث هذا كثيرًا؟”
بدت كلماتها متقطعةً وكأنها تحاول جاهدةً كبح دموعها.
“مثل هذا الموقف……في ساحة المعركة……هل كثيرٌ ما يضحي أحدهم لينجو الآخر؟”
“ليس أمرًا يحدث كثيرًا، لكنه يتكرر أحيانًا.”
في الواقع، كانت تلك الأحداث تحدثُ كل يومٍ وكل ساعة في ساحات القتال.
البقاء على قيد الحياة على حساب موتِ شخصٍ آخر كان أمرًا واجههُ كارل بنفسه عدة مرات.
“إذاً……”
جاء صوتها مجددًا، غارقًا في البكاء.
“هذا يعني أن الدوق لم يرتكب أي خطأ.”
عادت الدموع لتنساب مجددًا رغم أنها بالكاد توقفت، وبكت إيرينا أكثر.
“والداي أيضًا……و الدوق……لم يرتكب أي منهم خطأ، أليس كذلك؟”
تساءلت عن ذلك، لكن السؤال بدا وكأنه موجهٌ إلى نفسها.
“بما أن لا أحد ارتكب خطأ، فهذا يعني أن كل ما علي فعله هو تقبل الأمر، أليس كذلك؟”
كان كلامها موجهًا إلى نفسها، و تقنع نفسها بأن ما حدث لم يكن سوى حادثةٍ سيئة الحظ، وأن عليها تجاوزه.
“أليس كذلك؟”
“أجل.”
أومأ كارل برأسه بخفة.
“لكن ذلك لا يعني أن عليكِ أن تتجاهلي معاناتكِ أو تتخطي الأمر بسهولة.”
رفعت إيرينا رأسها لتنظر إلى كارل.
“بصراحة، لا أعتقد أن لوغان كان مخطئًا.”
إن كان التضحية بشخصٍ أو اثنين يمكن أن تنقذ العديد من الأرواح، أو تضمن النصر في الحرب، لكان كارل سيفعل الشيء نفسه دون تردد.
لأن هذا هو عملهم.
“لكن، هذا لا يعني أن الجروح ستختفي.”
لم يكن هناك قبرٌ بلا سبب.
لكل شخص أسبابه ودوافعه التي تجعله يتصرف بهذه الطريقة.
لكن حتى لو كانوا جميعًا أبرياء، فإن الجروح العميقة التي خلفها الأمر لن تختفي بسهولة.
“ألمكِ، يا آنسة إيرينا، هو ألمٌ حقيقي. ولا حاجة للتظاهر بأنكِ بخيرٍ أو تجاهله.”
لأن الألم يحتاج إلى أن يُستنزفَ بالكامل ليتمكن الجرحُ من الشفاء.
محاولةُ تجاهله أو التظاهر بعدم وجوده، كأن تغطي الجرح بالتراب وتغلق عينيكِ، ستجعله يتفاقم.
“اكرهي بقدرِ ما تحتاجين إلى الكراهية. وإذا ظل شعور الكراهية موجودًا، فلا بأس بذلك. وإذا بقيت مشاعرَ أخرى، فاتبعيها. هذا هو الجواب الصحيح.”
نهض كارل ومد يده إلى إيرينا.
“لوغان سيرغب بذلك أيضًا.”
وأومأ برأسه كما لو كان يقول لها أن تمسك بيده.
“وأيضًا، هو ليس شخصًا صغيرَ النفس ليعجز عن الانتظار.”
نظرت إيرينا إلى كارل للحظة، ثم إلى اليد الممدودة نحوها، ووضعت يدها فوقها في النهاية.
‘يدها متجمدةٌ تمامًا.’
لعن كارل في داخله.
كم من الوقت قضت مختبئةً هنا بينما تبكي؟
“آنسة إيرينا.”
تحدث كارل وهو يرافقها عائدين نحو قاعة الحفل بطريقةٍ طبيعية.
“تأكدي من أن تطلبي اعتذارًا من لوغان. قد لا يكون إصدار مثل ذلك الأمر خطأ، لكن إخفاءه كان خطأً.”
ضحكت إيرينا بصوتٍ خافت، وكأن شيئًا في كلامه أثار ابتسامتها.
“إذا كان الأمر كذلك، فالأدميرال فيدريك عليه أيضًا أن يعتذر لي.”
كان حديثها أقرب إلى مزاحٍ بسيط، خالٍ من أي لومٍ حقيقي، لكنه جعل كارل يشعر ببعض الوخز في ضميره.
“أمم……هذا صحيح.”
انحنى كارل برأسه عميقًا وهو ينظر إلى إيرينا.
“أعتذر لإخفاء الأمر عنكِ، آنسة إيرينا.”
تابع كارل حديثه بهدوء. و لم يخفف صوته وكأنهُ لا يجدُ مشكلةً في أن يسمعه الآخرون.
“إذا كنتِ قد فكرتِ وترددتِ، ولم تتمكني من مسامحة لوغان……”
تلاقت عينا كارل الذهبية مع عيون إيرينا الزرقاء.
كانت عينيه التي دائمًا ما تحملان خفةً ولعبًا، تبدو الآن جادّتين إلى حدٍ بعيد، وكأنهما تخبرانها بشيءٍ لم يكن متوقعًا.
“سأساعدكِ في أن تتركي لوغان إذا كان هذا ما تريدينه.”
تلاقت نظرات إيرينا المفاجئة معه.
شعر كارل بشيء غريب من هذه النظرة، وكأنها تلسعه، فدارت عينيه بعيدًا على الفور.
من الطبيعي أن تكون مذهولة.
لقد كان هو أقرب صديقٍ إلى لوغان، وكان حتى وقتٍ قريب جدًا من أكبر داعميه.
لكن……
“…….”
أغمض كارل عينيه ومرر يده على مؤخرة عنقه.
لم يكن متأكدًا إذا كان هذا هو الصواب، لكنه كان يشعر فقط أنه لا بد له من القيام بذلك. ثم اتسعتا عينيه فجأة عندما تحدثت إيرينا.
“لا داعي.”
“ماذا؟”
“لا داعي لمساعدتي. ولا حاجةَ للاعتذار.”
ابتسمت إيرينا ابتسامةً باهتة بينما كان وجهها شاحبًا.
“الأدميرال فيدريك لم يرتكب أي خطأ في الحقيقة. لو أخبرني الأدميرال، لما كنتُ صدقته على الأرجح. ربما كنتُ سأغضب منه وألومه على إخباري بأشياءَ لا أريد معرفتها.”
استمرت إيرينا في حديثها بينما كانت تحتفظ بابتسامتها الباهتة، كما لو كانت ستختفي في أي لحظة.
“وإذا اختفى كلٌ من الأدميرال فيدريك وأنا، هل سيظن الجميع في المجتمع الراقي أننا هربنا معاً؟”
كان هذا تعليقًا خفيفًا لإضفاء جوٍ من المرح على الأجواء الثقيلة، تمامًا كما فعل كارل في وقتٍ سابق.
ابتسم كارل ابتسامةً ضيقة.
“حسنًا، هذا ليس سيئًا أيضًا، أليس كذلك؟ ألا يُشاع أنني أفضل عريسٍ في العاصمة؟”
“ههه.”
“ماذا؟ لماذا تضحكين؟ أنا جاد. أنا وسيم، وأشغل منصب الأدميرال، وأنا من عائلة الماركيز فيدريك، وأيضًا أجيدُ إعداد الساندويتشات.”
“الساندويتشات؟”
أثارت المبالغة المفاجئة في التفاخر بالساندويتشات بعض الحيوية في صوتِ إيرينا، ولو للحظة.
كان لا بد أن يستغل هذه الفرصة.
“نعم، الساندويتشات. خصوصًا تلك التي تحتوي على السلمون، فأنا أصنعها ببراعة.”
بدأ كارل يتحدث بثقةٍ مبتسمًا.
“هل تظنين أن إعداد الساندويتشات أمرٌ بسيط؟ ليس كذلك. التوازن بين الخبز والخضروات واللحوم أو الأسماك مهمٌ جدًا، وكذلك الصلصة. أوه، بالمناسبة، لم أخبر حتى لوغان بهذا.”
ثم ألقى كارل نظرةً متفحصة حوله، وخفض صوته عمدًا.
“لدينا صلصةٌ سرية لا يمكن لأحد إعدادها سوى مربيتنا. إنها صلصةٌ خاصة تحتوي على الفراولة. إذا أردتِ، يمكنني أن أخبر الآنسة إيرينا فقط بسرها.”
كانت إيرينا قد انفجرت ضاحكةً في النهاية بسبب الجدية المفرطة التي أظهرها كارل وكأنه يكشف عن سرٍ بالغ الأهمية بينما كان الحديث يدور فقط حول صلصة ساندويتش.
نظر كارل إلى إيرينا وهي تضحك وابتسم مرة أخرى.
“ضحكتكِ جميلة جدًا. حسنًا، لقد وصلنا يا آنسة.”
“أين نحن؟ لا يبدو أن هذا هو مدخل قاعة الحفل.”
“إنه أحد المداخل التي يستخدمها الخدم.”
رفع كارل كتفيه بلا مبالاة.
“إذا دخلتِ من المدخل الرئيسي الآن، فسيتجمع الجميع حولك.”
“لهذا السبب أحضرتني إلى هنا عمدًا.”
“بالضبط.”
غمز كارل بعينه بينما فتح الباب ودخل إلى الممر.
توقف كارل في غرفةٍ تُستخدم عادةً كغرفة انتظارٍ للنساء.
“هذا المكان بعيدٌ عن قاعة الحفل، لذا على الأرجح لن يكون هناك أحد.”
كان وقت الحفل يقترب من نهايته. و في هذه المرحلة، كان من يغادر قد بدأ بالفعل في الرحيل.
لذا، من المستبعد أن يصل أحدٌ إلى هذا المكان الموجود في نهاية القاعة، إلا لو كان قريبًا جدًا من قاعة الحفل.
“إذا استرحتِ هنا قليلًا، سأجلب لكِ بطانيةً وبعض المشروبات الدافئة.”
“……شكرًا لكَ، أيها الأدميرال.”
حينما شكرته إيرينا بخفة، ابتسم كارل بمزاحٍ ثم غادر المكان.
“الجو لايزال بارداً.”
فتحت إيرينا بهدوء باب غرفة الانتظار، منكمشةً من البرد. و كان الهواء الدافئ داخل الغرفة يلسع بشرتها، مما جعلها تدرك كم بقيت لفترةٍ طويلة في الخارج.
دخلت إيرينا إلى الداخل وهي تفرك يديها المتجمدتين.
“هاه؟”
توقفت فجأة.
كان من المفترض أن تكون غرفةُ الانتظار فارغة، لكنها وجدت شخصًا ما يجلس هناك وظهره إليها.
________________________________
لوغان؟ قولوا ايه تعبت
المهم زين انها استوعبت باقي بس تروح تضم لوغان وهي بعد يطبطب عليها🫂
كارل هنا وضح انه طرف ثالث بس شكله بيسحب نفسه المسكين😭
اشوا لوغان ماشافهم سوا يضحكون كان بيهج زي سندريلا
Dana