As Long As you Are Happy - 124
“أيتها الحمقاء.”
كانت هذه أول كلمةٍ سمعتها إيرينا عندما طلبت الحقيقة من فيينترين.
“بصراحة، ليس لدي ذرةُ شفقة تجاهكِ، لكن مع ذلك، هناك دمٌ يجمعنا. حسناً! بصفتي بالغاً، سأخبركِ بالحقيقة.”
ما زال أسلوب حديثه يوحي ضمناً بأنه في موقفٍ أعلى. لكن إيرينا لم يكن لديها وقتٌ للالتفات إلى ذلك.
“والدكِ، أخي، كان فارساً بارزاً. كان رجلاً يتجاوز الأخطار العديدة بكل سهولة. كنتُ أكرهه حد الموت، لكن لم أستطع إنكار مهارته. من يمكن أن يقتلَ شخصاً كهذا؟ من يمكن أن يتمكن من قتله؟ جيشُ لوبرك؟ هاهاها! لا تفكرِ بأفكارٍ سخيفة كهذه، يا ابنة أخي. هؤلاء كانوا أناساً شنوا الحرب لأنهم لم يكن لديهم المال لشراء القمح حتى. هل كانوا يمتلكون أسلحةً مناسبة في وضعهم هذا؟ كل ما كان يمكن لهؤلاء الهمج فعله هو إطالة أمد الحرب لا أكثر!”
“…….”
“إذن، لماذا قُتل؟”
ابتسم فينترين كاشفاً عن أسنانه.
“العدو كان مختبئاً في الداخل.”
“……عدوٌ من الداخل؟”
‘نعم، سأعطيكِ مثالاً. لنرى……خاضوا معركةً ضد عددٍ هائل من الأعداء. وهناك، تم تكليفهُ بدور التضحية. لماذا قَبِلَ هذا الدور؟ بسبب روح التضحية النبيلة؟ بالطبع لا! فكّرِ قليلاً، فكّرِ. لقد استمرت الحرب لمئة عام……استمرار الحرب. هل تعرفين ما يعنيه ذلك؟ إنه الوقت الكافي لتبدأ القوى الخارجية، التي كانت تدعم الحرب في البداية، بالانسحاب تدريجياً واحدةً تلو الأخرى.”
“أهل الشرق ظلوا يعتمدون على أنفسهم لمدة مئةِ عامٍ تقريباً. ثم فجأة، دخل والداكِ إلى الصورة.
في البداية؟ بالطبع لم تكن هناك أي مشكلة. بل ربما كانوا يمجدون والديكِ. فكم من الزمن مر منذ أن حصلوا على دعمٍ من قوى خارجية؟ كم من الزمن مر منذ أن تلقوا مساعدةً حقيقية؟”
ولكن……
“ما الذي تعتقدين بأنه سيحدث إذا واجهوا خطراً؟”
“…….”
“إذا كان بقاء الجميع يعتمد على موت شخصٍ واحد، فما القرار الذي تعتقدين أنهم سيتخذونه؟ هل سيبيعون رفيقاً كان معهم منذ الطفولة، وقد اجتازوا معاً عشرات المواقف الصعبة؟ أم أنهم سيضحون بشخصٍ غريب ظهر فجأة من الخارج؟”
“في ظل هذه الأجواء، من تعتقدين أنه قرر أن يُقتل والداكِ؟ ومن تعتقدين أنه نجا بمفرده على حساب حياتهما؟”
عضّت إيرينا شفتيها السفلى بقوة. دون أن تدرك، و كانت يداها المرتجفتان مشدودتين.
“……تكلم بوضوح.”
خرج صوتٌ مكبوت من بين شفتيها، كما لو كانت تحاول السيطرة عليه.
“إذاً……ماذا حدث؟ هل……كان كل ذلك من فعلِ الدوق؟”
كان حديثها متقطعاً كما لو أن الكلام نفسه بات صعباً عليها.
لم يُجب فينترين. بل اكتفى بجعل الابتسامة على شفتيه أكثر وضوحاً.
“هذا أمرٌ عليكِ التحققُ منه بنفسكِ. على أي حال، قد يكون من الصعب عليكِ تصديق كلماتي.
لكن مع ذلك، ربما كل ما يشعر به ذلك الشخص تجاهكِ هو الشعور بالذنب. أنتِ فقط تقفين هنا على أساس شعور الذنب الذي يعتريهِ من قتل والديكِ. والسؤال هو، كم من الوقت سيستمر هذا الشعور التافه بالذنب؟”
ثم أخرج شيئاً من صدره ورماه نحو إيرينا.
كانت مجموعةً من الأوراق ملفوفة بعنايةٍ ومربوطةٍ بشريط أحمر.
“ما هذا……؟”
“لقد أحضرتها لعقد صفقة.”
ضحك فينترين ضحكةً غريبة بينما أومأ برأسه باتجاه الأوراق.
“افتحيها. وتحققي بنفسكِ. ما الذي كُتب فيها؟ وما الذي تحتويه؟ بعينيكِ، شاهدي بنفسكِ ما محتواها.”
“…….”
تذكرت إيرينا ما خرج من تلك الأوراق، وشعرت بأنفاسها تتقطع.
“أرجوكَ، تكلم بوضوح.”
كان صوتها يرتجف بشكلٍ واضح لدرجة أنها شعرت بالحرج منه.
“هل كان الدوق……هو من قد ضحى بوالديّ؟”
‘لا تبكي. لا ترتجفي كثيراً.’
‘لا تُظهري ضعفكِ، حتى لا يبدو الأمر مثيراً للشفقة.’
انهارت كل الوعود التي قطعتها لنفسها هذا الصباح عشرات، بل مئات المرات، دون جدوى.
“أرجوكَ، أخبرني.”
غمرت الدموع رؤيتها، فأصبحت ضبابية. و أمسكت إيرينا بذراع لوغان بقوة.
“أرجوكَ……”
عندما أغمضت عينيها، سالت الدموع المتجمعة، مما جعل رؤيتها أكثر وضوحاً للحظات.
و وراء تلك الرؤية الواضحة……
“…….”
كان وجه لوغان مليئاً بالألم.
الخطوط التي كانت دائماً مستقيمةً قد انهارت، وشفاهه، التي بدت وكأنها تقاوم الألم، كانت ملتوية.
“……أنا.”
بعد أن تمتم بهذه الكلمةِ بصعوبة، أغلق شفتيه مجدداً. و أخفت جفونه عينيه المعذبتين.
لم تدم اللحظة طويلاً. فسرعان ما فتح لوغان عينيه وكأنه قد اتخذ قراره.
“نعم.”
خرجت الحقيقة التي كانت إيرينا تتوق لسماعها، وفي نفس الوقت لا تريدها.
“أنا من ضحى بوالديكِ، الكونت و الكونتيسة ليونيد.”
حبست إيرينا أنفاسها. ومع ذلك، واصل لوغان الحديث ببطء، وكأنه يعترف بشيءٍ ثقيل.
“……كنا محاصرين في معركة فيدان. لم يكن هناك أمل، وكان كل فردٍ يضحي بنفسه لاختراق خطوط جيش لوبرك. وكان والداكِ، الكونت و الكونتيسة ليونيد، من بين هؤلاء.”
رؤيتها المرتفعة نحوه أصبحت ضبابيةً من جديد.
لم ترمش، ومع ذلك، سقطت دموعٌ كبيرة كثيفة على وجنتيها.
“…….”
أرادت أن تسأله لماذا فعل ذلك.
أرادت أن تسأله ألم يكن هناك أي طريقةٍ أخرى غير التضحية بوالديها؟
وفي نفس الوقت، شعرت برغبةٍ غريبة وغير منطقية في الصراخ عليه، لماذا لم تخفِ ذلك حتى النهاية؟ لماذا لم تواصل التظاهر بعدم معرفتكَ، مهما سألتك؟
“.……”
رغم أنها كانت مستعدة، إلا أن الألم كان لا يزال حاضراً.
“……لن أقدمَ أي أعذار.”
ومع ذلك، استمر اعتراف لوغان.
“بفضل تضحيتهم، نجوت.”
“إذاً……”
غصّت بالبكاء الذي وصل إلى حنجرتها، واضطرت إيرينا إلى أن تبتلع أنفاسها لتتمالك نفسها.
“إذاً……هل هذا سبب مجيئكَ للبحث عني؟ حتى في الأحياء الفقيرة التي تركني فيها البارون فينترين؟ هل أتيتَ لتبحث عني هناك؟”
رغم أنها كتمت بكاءها، إلا أن حدةَ كلماتها لم تخفِ ألمها.
“هل كان ذلك من أجل التكفير عن ذنبكَ تجاه والديّ؟”
“……إيرينا.”
“كل شيءٍ كان شفقة، أليس كذلك؟ إذاً، هل كل ما فعلته من أجلي كان مجرد……”
‘لأنكَ شعرت بالأسف نحوي؟’
‘لأنك أردت التكفير عن ذنبك تجاه والديَّ اللذين ضحيتَ بهما بيديكَ. هل كان هذا هو السبب؟’
سقط رأسها دون قوة، وبدأت الدموع تلطخ أطراف حذائها شيئاً فشيئاً.
“لا.”
تغيرت نبرةُ الصوت التي كانت هادئة حتى أثناء الاعتراف بالحقيقة المؤلمة.
“لا، ليس كذلك.”
تدفقت كلمات لوغان المنكرةُ من فوق رأسها.
“صحيح أنني ضحيتُ بهم في معركة فيدان للنجاة. وصحيح أنني بحثت عنكِ بسبب شعوري بالذنب.”
تُركت يده الكبيرة لتلامس خدها برقة، و تدفعها للنظر إلى الأعلى. وعندما التقت عيونهم، دخلت في رؤيتها عيون لوغان التي كانت تبدو أكثر ألماً من أي وقتٍ مضى.
“لكن، المشاعرُ التي أشعرُ بها تجاهكِ ليست مشاعرَ شفقة، بل مشاعرَ عاطفية.”
عضت إيرينا شفتيها.
كانت ترغب في قول شيء، لكن عقلها كان ضبابياً جداً.
‘ثقِ بي من فضلكِ.”
‘الدوق وينفريد، الرجل الذي ظننتِ أنه كان حبيبكِ، إلى متى كان يخطط لإخفاء هذه الحقيقة؟’
إلى الأبد؟
‘لا تَكشف عن ذلك، استمر في الإنكار حتى النهاية!’
‘إلى متى كان يخطط لإخفاء هذه الحقيقة المهمة عنها؟ إلى متى؟’
كانت الأفكار المتضادة تتوالى في رأسها. و شعرت كأن رأسها سينفجر من شدة الألم، فعبست إيرينا وهزت رأسها.
تراخت يدها. يدها التي كانت قد عاهدت نفسها بأنها لن تتركه أولاً، هي التي سقطت أولاً.
بدت وكأنها تحتاج للهروب من هنا بأي ثمن.
رغم أنها كانت قد عزمت وقررت، شعرت وكأن هناك مسماراً في قلبها، وكأن رأسها يُضرب بمطرقة. و حتى التنفس أصبح مؤلماً.
عضت إيرينا على أسنانها.
“إيرينا.”
كان الصوت، وكأنه يتقطع من الألم، ينادي اسمها برقة.
“إيرينا.”
لكن الصوت لم يعد كما هو في العادة. بدلاً من ذلك، بدا لها أنهُ مرعب.
‘هل كان……صوتهُ هكذا؟’
‘هل كان هو نفسه الذي أصدر الأمر بقتل والديّ باستخدام هذا الصوت؟’
“.….!”
غطت إيرينا فمها.
لا، لا يمكن أن يكون هذا صحيحاً.
“لا أعرف.”
هزت إيرينا رأسها. لم تعرف. لم تكن تعرف ما هو الصحيح.
“لا أستطيع أن أقول الآن……”
لا أستطيع أن أعرف.
مدت ذراعيها، فسقطت العباءة التي كانت على كتفيها على الأرض. ثم خرجت إيرينا من الدفيئة.
خطواتها كانت بطيئةً جداً لدرجة أن حتى الطفل يمكنه اللحاق بها، ولكن لم يكن هناك أحد ليمسكَ بها.
“أمي.”
سقطت دمعة. فدمعة، ورسمت خطوطاً على الطريق.
“أبي……”
كاد أن يختنق حلقها. ولكن لم تستطع أن تتحمل بدون أن تنادي.
“أمي، أبي……”
‘لماذا تركتموني وحدي؟ لماذا؟’
‘لو أنكم أخذتموني معكم!’
‘حتى لو كان يجب عليَّ أن أموت معكم، كنت سأكون بجانبكم.’
“فقط لبضع سنوات……ألا يمكنكم البقاء معي؟”
‘إذا كنتُ مع أمي وأبي، مهما كان المكان خطيراً. لكنتُ سأُصبحُ سعيدة……’
لم يكن لديها أي فكرةٍ في أنها يجب تكره هذا الشخص الذي أحببته، أو أن تغفر له.
لم يكن لديها أي تساؤلات.
“هييك.”
بالتأكيد كانت تبكي، ولكن كلما بكت، كلما زاد الاحتشاد في صدرها.
كانت إيرينا تمشي وحدها في الحديقة المظلمة، و تبكي بلا توقف.
***
“آه، رأسي……”
كان كارل، الذي كان في حالةِ سكرٍ تام بسبب الجو والمشروبات، يسير ببطءٍ نحو الحديقة وهو يشد على رباط عنقه.
مع الضجيج خلفه، اندفعت أنغامُ الموسيقى الخفيفة.
“الجميع في يشعرُ بالحماس.”
بعد انتهاء الحرب الطويلة، كان الناس في حالةٍ من البهجة والأمل. و كان الجميع يتحدثون عن كيف سيكون العام المقبل أفضل من هذا العام، وكيف سيكون العام الذي يليه أفضل بكثير، وكانوا يتحدثون بحماسٍ عن الأمل.
بالإضافة إلى ذلك، كانت ولادة ثنائيٍ يبدو مثاليًا من العشاق تثير انتباه الجميع بشكل كبير.
“يبدو أن الجميع يحبون هذا النوع من القصص.”
الفتاة الجميلة التي فقدت والديها في الحرب ونشأت في فقر، ودوقٍ محطم بسبب الحرب، هو مزيج قديم من القصص التي تجذب انتباه الناس منذ العصور القديمة وحتى الآن.
ضحك كارل قليلاً ثم اتجهت خطواته نحو الحديقة.
كان الجو باردًا، لكنه كان أفضل من الداخل. فالناس هناك كانوا مشغولين جدًا بشرب الخمر ومرتاحين للغاية.
“إذا شربت أكثر هنا، قد أسقطُ في الشارع وأغفو، أليس كذلك؟”
لم يكن يرغب في رؤية مثل هذا المنظر.
ربما بسبب السنوات الطويلة التي أمضاها في التأهب لمواجهة المواقف الصعبة، أصبح دائمًا مستعدًا بسرعة.
“على الأرجح، الشعور بالدوار ناتجٌ عن مشاعر غير مريحة.”
لهذا السبب، خرج لتجنب الأشخاص الذين كانوا يحاولون إقحامه في الشرب ولإيقاظ نفسه من تأثير الكحول.
مشط كارل شعره بيده وهو يمشي أكثر نحو الحديقة. و ابتعدَ من المدخل لأنه كان عرضةً لأن يُمسك به من قبل المعارف ويُعاد إلى الداخل.
“هاه.”
كلما فتحَ فمه، كان الهواء الأبيض يخرج من فمه.
“الجو بارد.”
كان يومًا باردًا بالفعل. بالتأكيد، لم يكن الجو هكذا البارحة.
“هل أعود؟”
‘إذا جلستُ في مكانٍ فارغ، يمكنني تجنب الأنظار و سأكون بخير.’
بينما كان يفكر في هذا،
“هييك.”
سمع صوتَ بكاء من مكانٍ ما. فعبس كارل.
‘هنا؟’
كان من المعتاد أن يختبئ العشاق الذين وقعوا في حب بعضهم البعض في الحديقة لتجنب أنظار الناس أثناء الحفل.
وفي الوقت نفسه، لم يكن هناك مكانٌ أفضل للأزواج المتشاجرين من حديقة الليل.
لكن، مع ذلك، يجب على المرء أن يراعي الوقت والمكان، أليس كذلك؟ فاليوم كان حفلاً راقصًا بإشراف الإمبراطورة، والمكان كان القصر الإمبراطوري.
إذا تم اكتشافهم، سيكون من الصعب التعامل مع العواقب.
“إنهم حقًا عشاقٌ جريئون.”
“تسك”
كان كارل يطقُّ لسانه لكنه و سرعان ما سار نحو مصدر البكاء بحذر.
مهما كان الأمر، إذا كانت هناك سيدةٌ بحاجةٍ للمساعدة، فليس من اللائق أن يتجاهلها.
“هيك.”
كان الصوت المكبوت للبكاءِ يأتي من خلف نافورة.
“أعذريني، هل تحتاجين إلى مساعدة……؟”
لكن كلمات كارل توقفت فجأة عندما اكتشف من كانت.
“……آنسة ليونيد؟”
كان الشخص الذي يبكي وحده خلف النافورة هي بطلةُ اليوم.
________________________________
أحزان
ليه شرح لها كذا؟ يقول انا الي ضحيت بهم! يارجال اشرح لها زي ماشرحت لكارل ليه كذاااا
المهم كارل لقاها عساه يشرح لها صدق 😭
لوغان يحزنننن
Dana