As Long As you Are Happy - 122
‘جميلة.’
كانت باستن تتجول ببطء في قاعة الحفل، مبتعدة عن أفراد عائلتها، وترشف الشامبانيا بهدوء.
كانت حفلةُ ظهورها الأول في المجتمع لا بأس بها. و على الرغم من أنها خفتت أمام سناير فلورنس، إلا أنها تمكنت أيضًا من الخروج مع رجال جيدين عدة مرات وتلقت العديد من عروض الزواج منهم.
لكن لا يمكن مقارنةُ ذلك مع حفلة ظهورٍ مثل هذه.
رفعت باستين شفتيها إلى الأمام بامتعاض.
حفلة ظهورٍ أول في المجتمع تُقام في قاعة الرقص الملكية التي تعتز بها جلالة الإمبراطورة،
و بطلة الحفل واحدةٌ فقط، مما جعل جميع الأنظار تتجه إليها بشكلٍ طبيعي.
‘الآنسة ليونيد كانت مشهورةً بين الناس منذ فترةٍ طويلة.’
قبل حتى إقامة حفلة الظهور، وتحديدًا منذ انتشار الشائعات حول أن الدوق وينفريد يرعى فتاةً ما، أصبحت إيرينا ليونيد محط فضول الجميع في العاصمة.
وبالتالي، كان من الطبيعي أن تكون حفلةُ الظهور هذه محط الأنظار بشكل استثنائي.
ومع ذلك، السبب الذي جعل مشاعر الغيرة أو الحسد نحو الآنسة ليونيد غير موجودة على الإطلاق كان بسيطًا جدًا.
‘لأنها جميلة!’
أحكمت باستن قبضتها على كأس الشامبانيا دون أن تشعر.
نعم، إيرينا ليونيد كانت جميلة.
الغيرة أو الحسد؟ لم يكن هناك أي أثرٍ لتلك المشاعر إطلاقًا.
‘لو كنتُ رجلاً، كنتُ سأطلب يد الآنسة ليونيد للزواج.’
كان هناك بعض الرجال السذج الذين يعتقدون أن النساء يشعرن بالغيرة من الجميلات، لكن ذلك لم يكن صحيحًا.
أليس من الطبيعي أن يشعر كل من النساء والرجال بالرغبة في تمجيد ما هو جميل عندما يرونه؟
وفوق ذلك، كانت طيبةَ القلب.
تذكرت باستن جلسةَ إلقاء الشعر التي عُقدت في قصرها سابقًا.
ورغم أن سناير فلورنس تدخلت فجأة، مما حال دون تبادل حديث كافٍ، إلا أن باستن استطاعت أن تدرك شيئًا واحدًا.
‘أنها إنسانةٌ صالحة. أود أن أكون صديقةً لها.’
تمتمت باستن في نفسها بامتعاض.
‘حتى الآنسة ويلر! لو كانت قد أخبرتني مسبقًا أن الآنسة ليونيد نشأت مع عامة الناس في منطقة مورين، لكان ذلك أفضل.’
كانت تعرف منذ وقت طويل أن الآنسة ليونيد مهتمةٌ بالأعمال الخيرية والخدمة المجتمعية، لكنها لم تكن تعلم أنها كانت قريبة جدًا من عامة الناس.
‘لو كنت أعلم بذلك، لما ذكرت حتى أوضاع الفقراء في الأحياء العشوائية. بل كنتُ سأطرح هذا الموضوع بعيدًا حتى لا أزعج الآنسة ليونيد بأي شكلٍ من الأشكال.’
بالتأكيد، من وجهة نظر الآنسة ليونيد، كان الحديث عن هذا الموضوع مستفزًا ومزعجًا.
وفوق ذلك، بعدما ناقشت موضوع الأحياء العشوائية عدةَ مرات مع الآنسة ويلر بعد ذلك، شعرت بالحرج من تصرفاتها السابقة حين تفكرت فيها.
ولهذا السبب، عندما اقترح والدها منذ فترةٍ قصيرة الذهاب مجددًا لرؤية الأحياء الفقيرة بحجة أن شقيقها أصبح متهاونًا، تجاهلت الأمر بلباقة.
‘لو كنتُ قد تصرفت بشكلٍ صحيح من البداية، لكنت الآن أحتسي الشاي مع الآنسة ليونيد……’
‘آه، متى سأتوقف عن ارتكاب الأخطاء في الحديث؟’
عبرت باستن عن ندمها وأخذت تعاتب نفسها وهي تعقد حاجبيها.
‘على أي حال……’
وصلت أفكارها إلى نقطةٍ محددة.
‘لم أسمع شيئًا عن الآنسة فلورنس مؤخرًا.’
كان الاثنان على علاقة عداء. لم تكن تعرف ما إذا كانت سناير فلورنس ترى الأمر بنفس الطريقة،
لكن باستن كانت واثقةً تمامًا من أنهما ليستا على وفاق، وكانت تجد نفسها دون وعي تتابع كل ما يتعلق بها.
سناير فلورنس، باعتبارها زهرةَ المجتمع الراقي، تحضر العديد من الحفلات الراقصة وحفلات الشاي، وكانت مصدرًا للعديد من الشائعات.
ولكن……
‘لم أسمع أي خبرٍ عنها مؤخرًا!’
آخر ما سمعته كان أنها مريضة ولم تتمكن من مغادرة قصرها.
عندما سمعت بذلك لأول مرة، اعتقدت أنها مجرد حجة، وأنها تتظاهر بالمرض بعدما وبخها والدها لتجد عذرًا للتوقف عن الظهور.
لكن يبدو أنها حقًا مريضة، خاصةً أنه لم تصل أي أخبارٍ عنها حتى الآن.
‘هل يجب أن أزورها للاطمئنان عليها؟’
تذكرت باستين الذكريات الجيدة التي جمعتها مع سناير فلورنس في الماضي، وبدأت تفكر بجدية.
‘إذا كانت مريضة، قد أزورها ببعض الزهور والكتب المفضلة لديها. على الرغم من أنني لا أحبها، لكنها مريضةٌ على أي حال، لذا فهي تحتاجُ الى اللطف.’
“آه!”
فجأة، أطلقت باستن صرخةً قصيرة واهتزت بشدة.
لقد صدمها أحدهم من الخلف بقوة بينما كانت غارقةً في أفكارها. عندها أفلتت كأس الشامبانيا من يدها، مما تسبب في بقعٍ على طرف فستانها وحذائها الأبيض المفضل.
“ما الذي تفعله؟!”
صرخت باستن وهي تدير رأسها بغضب، لكنها توقفت فجأة بدهشة.
كان الشخص الذي يقف أمامها غير متوقعٍ تمامًا.
“……الآنسة فلورنس؟”
كان سبب تلعثم باستن واضحًا رغم أنها واثقةٌ تمامًا بأنها يمكن أن تميز سناير فلورنس حتى لو كانت تقف في أقصى شارعٍ مزدحم.
سناير فلورنس كانت أمامها، لكنها لم تبدُ كعادتها.
في ذاكرة باستن، سناير كانت دائمًا مثالية بشكل يثير الغيظ.
بابتسامةٌ خفيفة ترتسم على شفتيها، و بشرةٍ وأظافر تعكس اهتمامًا دائمًا، وشعرٍ مصقول بعناية يعكس الاهتمام الكبير بمظهرها.
إضافةً إلى ذلك، كانت هادئةً ومتحكمة دائمًا.
لكن سناير اليوم كانت مختلفة.
مظهرها كان مشابهاً لما في الماضي، لكن……
‘لماذا تبدو تعابيرُ وجهها مخيفةً بهذا الشكل؟’
هل يعقل أن السبب هو وجود الدوق وينفريد مع الآنسة ليونيد؟
‘لا، لماذا أخافُ منها أنا؟’
من الواضح أن المخطئة هنا هي سناير!
‘انظري إليها الآن! إنها تحاول المغادرة دون حتى الاعتذار!’
“الآنسة فلورنس!”
مدت باستن يدها محاولةً إيقاف سناير.
“ألا يجب عليكِ أن تعتذري على الأقل لمن اصطدمتِ بها؟ يجب أن تقولي شيئًا على الأقل……”
لكن كلماتها لم تكتمل. بمجرد أن التقت عينيها بنظرة فلورنس الباردة، تجمدت كلماتها في حلقها.
“…….”
تحركت نظراتها بعيداً، ارتعشت باستن وأسقطت يدها التي كانت تحاول الإمساك بسناير.
أعادت سناير نظرها إلى الأمام، وهمست بصوت منخفض وكأنها تتحسر.
“لقد فات الأوان……”
“ماذا؟”
لم تجد باستين الوقت لتسأل أو تستفسر. فقد مرّت سناير بجانبها واختفت بين الحشود.
“ما هذا؟”
استعادت باستين وعيها بعد فترة طويلة من اختفاء سناير.
‘ما خطب تلك المرأة؟!’
هل كنت للتو على وشك زيارة شخص وقحٍ مثلها للاطمئنان عليها؟!
لقد جننتِ تمامًا، يا باستن!
‘لن أذهب أبدًا!’
حتى لو سمعت أنها مريضة مرة أخرى، سأهمل الأمر تمامًا. بل وأكثر من ذلك، سأخبر الجميع بما حدث!
“هُــم!”
دارت باستن بجسدها بعنف لتنظف فستانها وحذاءها المتسخين، لكنها توقفت فجأة وأدارت رأسها مجددًا.
‘لكن، ماذا كانت تعني بقولها بأن الوقت قد فات؟’
وتلك التعبيرات على وجهها، وكأنها مستعدةٌ لقتل شخص!
‘هممم……’
تحركت باستن نحو غرفة الانتظار، مع شعور بالانزعاج يسيطر عليها.
***
‘هل انتهى كل شيءٍ تقريبًا؟’
أطلقت إيرينا زفرةً صغيرة بالكاد يمكن للآخرين ملاحظتها. و كانت أنفاسها خفيفةً للغاية.
استيقظت منذ الصباح الباكر لتبدأ الاستعدادات والتزيين، ثم جاءت إلى القصر الإمبراطوري لتنتظر، ومن ثم وجدت نفسها محاطة بعشرات الأشخاص الذين لم تلتق بهم من قبل، تتبادل معهم الأحاديث.
وفوق ذلك، كان هناك التوتر الخفي بينها وبين الدوق.
“….…”
بدأت إيرينا تحرك أصابعها المتشابكة بتوتر. و شعرت بضيق في صدرها وكأن هناك شيئًا ثقيلاً يضغط عليه.
‘لا أحب هذا الشعور بالضيق.’
كانت ترغب بشدة منذ ذلك اليوم الذي سمعت فيه كلمات الفيكونت فينترين أن تهرع إلى الدوق وتسأله مباشرةً عن الحقيقة.
‘هل ما قيل صحيح؟ هل هذا ما حدث حقًا؟’
أرادت أن تتحدث بوضوحٍ وتنهي كل شيء بسرعة. لكنها كانت تعلم أنها لا تستطيع فعل ذلك.
رفعت إيرينا رأسها الذي كان قد انخفض دون أن تشعر، واعتدلت في جلستها، مستقيمة الظهر ومفرودة الكتفين اللذين كانا على وشك الانحناء.
‘لو فعلت ذلك، سيحاول الدوق مجددًا إخفاء الحقيقة.’
كان الشعور بالضيق مزعجاً، لكن كان هذا هو الوقت الذي تحتاجه.
كانت بحاجةٍ إلى وقتٍ لتكون مستعدةً لسماع الحقيقة، وكان الدوق بحاجة إلى……
“…….”
تلاقت أنظارهم.
كان لوغان يراقب إيرينا التي كانت بين الحشد، بينما كانت إيرينا تنظر إلى لوغان الذي كان يتحدث مع الآخرين.
وكانت أول من أبعد نظرها، فالشخص الذي كانت تنتظره قد وصل.
“سيدتي.”
كانا البارون كيريك وزوجته.
“مبروكٌ لكِ، سيدتي. إنهُ حقًا حفلُ ظهورٍ رائع.”
يبدو أنه حتى لو كانت ابنته أو حفيدته هي التي تقيم حفل ظهورها، لما كان قد تأثر بهذا القدر.
“لم أكن أتوقع أن تكبري هكذا، حتى لو مت الآن، لن يكون لدي أي ندم.”
كان البارون كيريك يكاد يذرف الدموع. و حبس أنفاسه بعد أن انفجر في بكاءٍ خفيف، ثم خفض صوته بهدوء.
“وأيضًا، سيدتي. جلبت الأشخاص الذين أردتِ مقابلتهم.”
ثم أدار البارون كيريك عينيه بحذر. و كان هناك أشخاصٌ يقفون خلفه كما لو أنهم تابعين له.
“هؤلاء هم من عائلة الكونت ليونيد، خدمهم وأتباعهم، الذين لم يحددوا بعد إلى أين سيتوجهون.”
كان بعضهم يحمل تعابير وجهٍ متأثرة تمامًا مثل البارون كيريك، بينما كان البعض الآخر ينظر إلى إيرينا بتقييم، وآخرون كانت أعينهم مليئةً بالريبة والشك.
وأخيرًا.
ابتسمت إيرينا لهم.
كانت الابتسامة مختلفةٌ تمامًا عن تلك التي ظهرت عليها سابقًا.
“مرحبًا بكم. أنا إيرينا ليونيد.”
“مرحبًا، آنستي.”
لم تنتهِ كلمات إيرينا حتى انحنى الجميع بأدب. لم يكن ذلك تحيةً عادية يمكن رؤيتها في حفلات الظهور، بل كانت تحيةً تعبر عن الاحترام العميق.
كان تحيةً قد يبادلها الخدم مع أسيادهم.
“شكرًا لكم جميعًا على قدومكم من أماكنَ بعيدة. إذًا، كيف كانت انطباعاتكم عن تقييمي اليوم؟ كيف ترونني بحسب تقييمكم؟”
أغمضت إيرينا عينيها ببطء ثم فتحتهما مجددًا.
“هل تعتقدون أنني أستحق الجلوس في مكان عمي بدلاً منه في عائلة الكونت ليونيد؟”
“هممم……”
عند كلمات إيرينا، بدأ بعض الحاضرين يلتفتون بحرج.
“سيدتي، أعتقد أن حديثكِ مباشرٌ جدًا.”
“في مثل هذه الحالة، ما الحاجة إلى التلميح غير المباشر؟”
أجابت إيرينا بسرعة.
“أم أنكم تعتقدون أن لدينا وقتًا كافيًا؟”
“…….”
كانت كلمات إيرينا حقيقية. صحيح أن فينترين قد انهار، لكنه لم يكن قد اختفى بالكامل.
لا يزال نفوذه كبيرًا في عائلة ليونيد، وكان بعض الخدم قد تحولوا تمامًا، مطالبين بأن يتسلم هو اللقب، أو على الأقل أن يعود أبناؤه إلى العائلة.
“صحيح أن تأثير عمي قد ضعف بسبب هذه الحوادث، لكنه لم يختفِ بالكامل.”
انتشرت كلمات إيرينا الناعمة بين الحضور. لكن المحتوى كان، على عكس صوتها، بعيدًا عن اللطف.
“في أي وقت، يمكن لعمي العودة والجلس على كرسي الكونت ليونيد. وإذا لم يفعل، فسيجلس شخصٌ آخر.”
همس البعض بتعبيراتٍ غاضبة. فقد كانت كلمات إيرينا صحيحةً تمامًا.
كان لابد أن يصبح أحدهم الكونت ليونيد. وكان السؤال هو من سيكون هذا الشخص.
لطالما كان فينترين هو المرشح الأقوى، لكن مع ضعف نفوذه، بدأ البعض من غير المؤهلين يتطلعون إلى اللقب.
كان الأمر أشبه بمحاولةِ تذوق ثمرةٍ غير ناضجة.
إذا استمر الوضع على هذا النحو، فإن هيبة عائلة الكونت ليونيد ستتدهور تمامًا كما لو أن بصمة إصبع قد تُركت على ثمرة لم تُؤكل بعد.
“…….”
وكان أولئك الذين جمعهم البارون كيريك بناءً على طلب إيرينا، هم أولئك الذين كانوا يأملون ألا تنهار عائلة الكونت ليونيد.
“يجب عليكم اتخاذ القرار قبل فوات الأوان. يجب أن تختاروا الشخص الذي يجب أن ترفعوه ليصبح الكونت ليونيد.”
وعندما أدارت إيرينا رأسها، التقت عيناها مجددًا مع لوغان.
يبدو أن لوغان لم يلتفت منذ أن التقت عيونهما في المرة السابقة.
“وبالنسبة لي، فقد انتهيت من الاستعداد للجلوس على كرسي الكونت ليونيد.”
“……”
وبمجرد أن انتهت كلماتها، تغيرت ملامح وجه لوغان على الفور.
_____________________________
ليه يختي وش زين كرسي الدوقة واخذي ادارة الكونت ليونيد بالمره غيرس قد سواها
ليه لازم تقولينها قدام لوغان 😔
كل ماتقدمت في الفصول كل ما آجعني راسي😭
Dana