As Long As you Are Happy - 120
“يا لها من فخامةٍ مبالغٍ فيها.”
تأمل رجلٌ وهو يحتسي النبيذ من كأسٍ في يده، قاعة الحفل.
كان هذا المكان، الذي يُفتح في كل مرة تنظم فيها الإمبراطورة حفلاً راقصاً مهماً، و دائماً ما يبهر الأنظار بفخامته، بل ويضفي شعوراً بالرهبة العظيمة.
أن يُقام حفل ظهورٍ أول في مثل هذا المكان؟
“ألا يبدو أنها مجرد فتاة قادمة من منطقة نائية، ثم وجدت الرجل المناسب لتعيش رفاهيةً لا تستحقها؟”
نقر الرجل لسانه بحنق، واحتسى رشفةً أخرى من النبيذ دفعةً واحدة.
كانت ملامح وجهه تعكس بوضوحٍ استياءه الشديد.
على الرغم من كرهه الشديد لهذه الأجواء، كان سبب حضور الرجل الحفل الراقص بسيطاً للغاية.
“قالوا أنها جميلة، أليس كذلك؟”
بحسب ما سمعه من الشائعات، فهي تُوصف بأنها جميلةٌ بشكل يفوق الوصف.
ورغم أنها ظهرت بشكلٍ رسمي مرتين فقط، إلا أن المدح حول إيرينا كان يتردد بين الناس بالفعل.
بالطبع، كانت هناك شائعاتٌ أخرى متنوعة، لكن أكثر ما أثار اهتمام الرجل هو الحديث عن جمالها.
بل إن بعض الفضوليين، الذين لم يتمكنوا من كبح فضولهم، ظلوا يراقبون الأماكن التي يُقال إنها تتردد عليها في المدينة، ليُتهموا بأنهم مشبوهون، حتى أصبح الأمر حديثاً معتاداً بين الناس.
“أغبياء.”
ابتسم الرجل بسخريةٍ بينما استحضر في ذهنه أولئك الذين تم اتهامهم.
‘أن تقضي أياماً في الشوارع بهذه الطريقة؟ من الطبيعي أن يُبلغ عنكَ. كان عليهم أن يستخدموا عقولهم مثلي.’
صحيح أن الحصول على دعوةٍ لحفلٍ راقص تستضيفه صاحبة الجلالة الإمبراطورة لم يكن سهلاً، لكنه اعتبر هذه المعاناة ثمناً صغيراً مقابل إشباع فضوله الذي احتفظ به طويلاً.
‘يُقال أن دوق وينفريد وقع في حبها من النظرة الأولى، لذا لا بد أن جمالها ليس عادياً.’
بدأ يشعر بالإثارة منذ الآن، متحمساً لرؤية هذا المنظر النادر.
بالإضافة إلى ذلك، بمجرد عودته ورواية ما شاهده لأولئك الحمقى الذين فشلوا، سيجعلهم ينظرون إليه بإعجاب.
فقد نجح فيما فشلوا فيه، أليس كذلك؟
“حضرة البارون، لم نرك منذ وقتٍ طويل.”
بادره بعض الوجوه المألوفة بتحيةٍ ودية. كان يشعر بالملل، لذا رحب بهذا التفاعل.
قرر الرجل أن يمنحهم بعضاً من وقته بسرور.
بعد تبادلٍ بسيط لبعض كلمات المجاملة، بدأ الحديث الجدي.
“على أي حال، لماذا يتأخرون هكذا؟ كان من الأفضل أن تظهر بسرعة.”
“هذا ما كنت أقوله.”
قال أحد الذين تعرفوا على البارون وهو يعبّر عن استيائه ملوّحاً بعينيه.
“حتى صاحبة الجلالة الإمبراطورة حضرت بنفسها، ومع ذلك يتأخرون بهذه الطريقة. أعتقد أن التربية يجب أن تكون في العاصمة. فحتى لو كانت جميلة، فإن التصرفات غير الناضجة تقلل من جاذبيتها، أليس كذلك؟”
“أما أنا فأشعر بالفضول حول لهجتها. هل يا ترى سيتمكن شخصٌ من الأرياف من التحدث بلهجةِ العاصمة الرقيقة؟ آه! لكن بالطبع، لا أعني أنني أكره لهجات المناطق الأخرى! فأنا لست متحيزاً لهذه الدرجة!”
“هاهاها!”
انفجر الحاضرون ضاحكين.
يبدو أن الجميع هنا جاؤوا لمشاهدة تلك المرأة التي تتحدث عنها الشائعات.
أدار البارون كأس النبيذ بين يديه وبدأ الحديث.
“لا تكونوا قاسين جداً في أحكامكم. طالما أن الدوق وينفريد بجانبها، و هي من تقيم حفل ظهورها في مكان كهذا، فمن الطبيعي أن تشعر بالرهبة، أليس كذلك؟”
ارتسمت على وجه البارون ابتسامةٌ ودودة وكأنها تحمل طابع الشخص الطيب.
“بما أنها تجرب هذا النوع من الرفاهية لأول مرة، فلنكن كرماء ونتفهم أي أخطاء قد تصدر منها.”
“هذا صحيح.”
ردّ عليه شخص آخر مباشرة.
“فهذا الحفل قد يكون أول وآخر رفاهيةٍ في حياتها. من الأفضل لها أن تحافظ على جمالها الساحر لتحظى دائماً بقلب الدوق. وإلا، فقد تجد نفسها تعود إلى الريف بلا شيء.”
“يا رجل، ما هذه القسوة في كلامك؟”
لوّح شخص آخر بيده نافياً وأضاف.
“حين تعود، ستملأ يديها بالجواهر والذهب، كما كان مخططاً لها منذ البداية.”
كان بذلك يشير بشكلٍ غير مباشر إلى الشائعات التي تقول أن تلك المرأة اقتربت من الدوق بدافع الطمع في المال منذ البداية.
“يُقال أيضاً أن شخصيتها سيئة. ألم يسمع أحدكم شيئاً عن ذلك؟”
“أنا لم أسمع شيئاً، لكن يمكنني أن أفهم الأمر بسهولة. شخصيتها سيئة، ولهذا السبب لم تشارك في المجتمع الراقي بالرغم من وجودها في العاصمة منذ أكثر من عام، أليس كذلك؟”
“المرأة يجب أن تكون فيها بعض الحدة، أليس كذلك؟”
“هاهاها.”
في النهاية، انفجر أحدهم ضاحكاً بتهور، لكن لم يوبخه أحدٌ من الحاضرين.
فالجميع كانوا يفكرون بنفس الطريقة.
مجرد فتاةٍ ريفية لا تعرف شيئاً، تستخدم جمالها فقط لإغراء الرجال وجني المال منهم.
كانت هذه الفكرة، إلى جانب شائعاتٍ أخرى مشوهة ومليئة بالخبث، تحوم حول الناس في هذا المكان.
“على أي حال، لنكن أقل قسوة في أحكامنا.”
رفع الشخص الذي ضحك كتفيه بلا مبالاة وأضاف.
“من يدري؟ قد يكون الدوق التالي أحدنا!”
“هاهاها!”
انفجر الأشخاص الذين كانوا يتبادلون الحديث بالضحك، وابتسم البارون بدوره بينما كان يحمل كأس النبيذ.
شعر بأن الشخص الجالس على الأريكة المجاورة ينظر إليه بلمحةٍ سريعة، لكنه لم يكترث.
‘فليستمع إن أراد. ليس الأمر وكأنني الوحيد الذي يفكر بهذه الطريقة، فما المشكلة؟’
“أتمنى أن أرى ما جئت من أجله وأعود سريعاً. في الحقيقة، كنت قد اتفقت مع أحد أصدقائي على لعب الورق……”
كان الشخص الذي يتحدث يمسح دموع الضحك من زاوية عينيه بينما يتمتم بكلامه، لكنه فجأة قطع جملته.
اتسعت حدقتا عينيه تدريجياً، وبدأ فمه ينفتح شيئاً فشيئاً بدهشة.
ما هذا؟ ما بالُ هذا التعبير الغبي؟
ما الذي رآه ليبدو بهذا الشكل؟
لم يستطع البارون كبح فضوله، فالتفت لينظر خلفه. وما إن فعل، حتى اتخذت ملامح وجهه التعبير نفسه الذي وصفه للتو بالغبي.
على الطابق الثاني، عند البوابة المقوسة العاجية، كان شخصان يسيران ببطءٍ نحو الخارج.
كان أحدهما هو الدوق وينفريد، الذي دائماً ما يفيض حضوره بهيبةٍ لا مثيل لها. أما الشخص الذي كان يرافقه، فقد كان……
“……واو.”
كانت هي، المرأة نفسها التي كانوا يتحدثون عنها قبل لحظات.
إيرينا ليونيد.
الفتاة الريفية، المرأة التي تسعى وراء المال، جميلة المظهر فقط، التي لم تتلقَ أي تعليمٍ أو تدريب على السلوكيات……
لم تتلقَ التعليم……؟
تلك؟
“إنها……مثالية!”
شعرها الذهبي الناعم كان يتألق تحت ضوء الثريا وكأنه ذهبٌ خالص، وعيناها الزرقاوان تحت أهدابها الطويلة كانتا تخطفان الأنفاس إلى درجة جعلت الجميع يتوقون لرؤيتها ولو لمرة واحدة.
إضافةً إلى بشرتها البيضاء وشفتيها الوردية التي أضافت لمسةً من السحر.
كانت الشائعات أقل بكثير من أن تصف جمالها، بل يمكن القول أنها كانت مجحفة*.
*يعني ظالمتها ولا عطتها حقها
هل كان الشخص الذي أطلق الشائعات أخرس؟
كيف استطاع رؤية هذا الجمال الباهر ولم يقل سوى هذه الكلمات القليلة؟
لكن ما أدهش البارون لم يكن مظهرها الخارجي فقط، فقد سمع عنه من الشائعات وجاء متوقعاً شيئاً كهذا، لذا لم يكن ذلك ما أذهله تماماً……
‘ألم يقولوا أنها غير متعلمة؟’
كان يتوقع أن تظهر عليها علاماتُ نقص التعليم والتنشئة الريفية.
لكن الأمر لم يكن كذلك.
وضعية وقوفها، خطواتها، حركاتها، وحتى أدق التفاصيل، كإيماءات يديها أو رمشات عينيها، لم يكن فيها ما يمكن أن يُنتقد.
“لا، هذا غير معقول.”
ظل البارون يحدق بإيرينا وكأنه مسحور، وهي تتجه نحو الإمبراطورة، غير قادر حتى على أن يرمش بعينيه، قبل أن يتمكن أخيراً من صرف نظره عنها.
‘حسناً، ربما مظهرها وطريقتها في السير يستحقان الإعجاب، لكن ماذا عن لهجتها؟’
على الرغم من أن اللغة واحدة، إلا أن لكل منطقة لهجتها المميزة.
وكانت منطقة مورين، التي يُقال إن إيرينا تنحدر منها، مشهورةٌ بلهجتها الواضحة والحادة.
“لا بد أنها ستتحدث بلكنةٍ ثقيلة إلى درجة يصعب فهمها……”
“يا صاحبة الجلالة الإمبراطورة.”
صدح في المكان صوتٌ ناعم وواضح.
لم تكن اللهجة التي سخروا منها، بل كانت بلكنةِ النبلاء المركزيين في العاصمة المميزة.
“أنا إيرينا ليونيد، من عائلة الكونت ليونيد.”
رفعت إيرينا رأسها بعد أن انحنت برشاقة.
“يشرفني للغاية أن ألتقي بقمر الإمبراطورية في مكانٍ مثالي كهذا.”
انتشرت على شفتيها المغلقتين ابتسامةٌ خفيفة، وكأنها تخفي توترها.
وفي اللحظة نفسها، سُمعت أصوات الإعجاب بين الحاضرين.
بل إن ذلك الإعجاب اشتد مع كل رمشةِ عين منها، حيث كان أحد الواقفين بجانب البارون يتنهد كلما اختفت عيناها الزرقاوان للحظة.
بدا وكأنه يشعر بالأسى كلما غاب بريقهما.
“همم، همم.”
تظاهر الرجل الذي كان يتنهد بالاعتدال وسعل بخفة ليخفي إحراجه.
“إنها……تستحق الإعجاب، لا بأس بها.”
“هذا صحيح تماماً.”
“هاهاها. ربما قام الدوق الموقر بتعيين معلم مناسب لها، أليس كذلك؟”
“يبدو أن الدوق يملك عيناً ثاقبة في اختيار المعلمين.”
بدا أنهم لا يرغبون في تقديم الثناء مباشرةً لإيرينا التي كانوا يهينونها منذ لحظات.
وبدلاً من ذلك، اختاروا مدح دوق وينفريد بينما يديرون أعينهم.
اكتفى البارون بهز رأسه بلا مبالاة وهو يدير أفكاره إلى أمرٍ آخر.
‘دعني أفكر……هل لدي قصرٌ مناسب من بين ممتلكاتي؟’
شعر أنه يمكنه استقبال هذه المرأة إذا طُردت من جانب الدوق وينفريد.
قصر واحد وبعض المال سيكفيان لرعايتها.
ولم يكن البارون الوحيد الذي خطرت له هذه الفكرة. فالجميع ممن كانوا يشاركونه الحديث قبل قليل تبادلوا نظرات حادة.
“هممم.”
“آههم.”
التفتوا بعيداً في الوقت نفسه، لكن عيونهم كانت لا تزال تتحرك بخبثٍ واضح.
لا، هذا لن يكون جيداً.
سيُؤخذ زمام المبادرة إن بقي الوضع على هذا الحال.
و لحسن الحظ، انتهى لقاء إيرينا مع الإمبراطورة.
“دوق وينفريد، هل لي أن أتحدث معكَ للحظة؟”
لحسن الحظ، قامت الإمبراطورة باستدعاء الدوق، مما ترك إيرينا بمفردها.
كانت هذه هي الفرصة المناسبة.
“أهنئكِ على حفل ظهورك الأول.”
على الرغم من أنه كان يسخر من المشي السريع عادةً، معتبراً أنه تصرف ينم عن الطبقات الدونية، إلا أن البارون كان الأسرع هذه المرة في الاقتراب من إيرينا والتحدث إليها.
كان هناك شخصٌ آخر على وشك التحدث معها، لكن ما شأنه بذلك؟
“لابد أن هذا شعورٌ رائع بالنسبة لكِ أن تقيمي ظهوركِ الأول في مكانٍ جميل كهذا.”
استدارت إيرينا ببطء نحوه. وعندما التقت عيناه بعينيها الزرقاوين، شعر بشيء أشبه بارتعاشٍ داخلي.
حاول جاهداً أن يسيطر على تعابير وجهه المتساقطة، وضغط بإصبعه على شفتيه ليمنع نفسه من الابتسام بلا وعيٍ، ثم تابع حديثه.
“آه! يبدو أنني تأخرت في تقديم نفسي. أنا……”
“عذرًا.”
تحدثت إيرينا قبل أن يتمكن من تقديم نفسه.
“من أي منطقةٍ أتيت؟ هل أنتَ من الجنوب؟”
“……عائلتنا من أصول العائلات المركزية في العاصمة منذ الأزل.”
تمكن بالكاد من كبت غضبه.
‘حسناً، ربما لم تتلقَ التعليم الكافي لتعرف هذا.’
“آه.”
رمشت عيناها ببطء، ثم ارتفع حاجباها قليلاً بإيماءةٍ ناعمة.
“يبدو أنني أخطأتُ بسبب تشابه لكنتكَ مع لهجة الجنوب.”
‘……هل هذه المرأة تنتقد لهجتي الآن؟’
امرأة من منطقة مورين؟
“يبدو أنني ارتكبتُ إساءةً بسبب اعتيادي على الحديث مع الدوق باستمرار.”
حتى بين النبلاء المركزيين، هناك فروق بين الطبقات.
و كانت هذه المرأة تقارن نفسها به علانية، مستندةً إلى علاقتها بأحد أعلى طبقات النبلاء، الدوق.
“على ما يبدو، بما أن الدوق يتحدث كثيرًا مع ولي العهد والإمبراطورة.”
في العاصمة، كانت العائلة الملكية هي من تحدد المعايير.
ببساطة، كان هذا يعني أنك بعيدٌ جدًا عن المعايير.
“يبدو أنني أخطأت.”
“…….”
“أنا أيضًا من الجنوب، ولهذا السبب كنت سعيدةً بلقائكَ، لذا أرجو أن تتفهم.”
بتعبيرِ وجهٍ خالي من أي نيةٍ سيئة، ابتسمت إيرينا ابتسامةً مشرقة، و كأنها تقول: “أنتَ لستَ مثل النبلاء المركزيين”.
________________________
ايرينا تقصف ولا تبالي 😭😭
يعني سمعتهم ويعني اكيد الدوق سمعهم ها يا لوغان تعشى عليهم
اضرب بالخمس 👌🏻
Dana