As Long As you Are Happy - 119
“لم أتأخر، صحيح؟”
فُتح الباب فجأة، واندفعت هالي إلى الداخل وكأنها تطير. بدا واضحًا أنها ركضت كثيرًا، حيث كانت حبات العرق تتلألأ على جبينها رغم الطقس البارد الذي يتساقط فيه الثلج.
إيرينا، التي كانت تراقبها بصمت، انفجرت ضاحكة.
“صحيح، لم تتأخري.”
“هيهي!”
ضحكت هالي بمرحٍ وكأنها حققت إنجازًا.
كانت هذه الضحكة من النوع الذي لا تظهره إلا للعائلة وبعض الأشخاص المقربين.
“لا تعرفين يا إيرينا كم ركضتُ، ولا كم هو ماهرٌ خطيبي في ركوب الخيل. سأروي لكِ بعد قليل قصةً بطولية مذهلة……”
انقطعت فجأة ثرثرة هالي التي كانت تملأ المكان. و عندما أمالت إيرينا رأسها مستغربة، وأتبعت نظراتها إلى الخلف، رأت الدوق وينفريد يقف بجانب المدفأة ويرفع كتفيه بلا مبالاة.
آه، لقد لاحظته الآن.
شخصٌ مثل هذا من الصعب عدم الانتباه إلى وجوده. كان واضحًا أن هالي ركضت إلى الغرفة وهي تركز فقط على إيرينا.
“……!”
في غضون ثوانٍ قليلة، تحول وجه هالي وعنقها بالكامل إلى اللون الأحمر. و حاولت تدارك الموقف بالسعال.
“كح، كح.”
بعد عدة سعلات، ارتسمت ابتسامةٌ مشرقة على وجهها.
“تحياتي، الدوق وينفريد المبجل.”
خرج صوتها بنعومةٍ ورقة.
“أنا هالي ويلر. لا يسعني سوى أن أعرب عن امتناني لدعوتكَ الكريمة إلى هذا الحفل.”
وكأن شيئًا لم يحدث قبل قليل، بدأت هالي تتصرف بأناقةٍ وهي تلوح بمروحتها برشاقة.
وكأنها تحاول خفض حرارة وجهها المتورد بمهارة.
“أنا لوغان وينفريد. أشكركِ على قدومكِ.”
ضحكت هالي بخجل، ثم نظرت حولها محاولِةً إخفاء توترها قبل أن تتابع الحديث.
في الواقع، كان الجو محرجاً بعض الشيء.
“رأيت لمحةً أثناء قدومي، ويبدو حقًا أن حفل البلاط الإمبراطوري هذا أكثر إتقانًا من غيره. سمعت أن ذوقكَ الرفيع لعب دورًا كبيرًا في ذلك، هل هذا صحيح؟”
“إن الفضل يعود إلى صاحبة الجلالة الإمبراطورة ذات الذوق الرفيع.”
“كما توقعت، أنتَ متواضعٌ كما يُقال عنك. لا عجب أنك تُلقب ببطل الحرب. في الواقع، كنت أشعر ببعض الأسف لأننا لم نتحدث كثيرًا خلال حفل التبرعات الذي أقامه الفيكونت بيرسي في المرة السابقة.”
‘انها ابنةُ عائلةٍ نبيلة بحق.’
إيرينا كانت تراقب هالي وهي تتحادث بأدبٍ مع لوغان.
لقد أصبحت هالي أكثر عفويةٍ في كلماتها وتصرفاتها بعد أن تعرّفت جيدًا على الأشخاص المحيطين بها، لذا كان من المثير للاهتمام رؤيتها وهي تتصرف بهذه الرسمية.
“على ذكر ذلك، آنسة ليونيد……”
فجأة تحوّل موضوع الحديث نحو إيرينا التي كانت تجلسُ بصمت.
“خطيبي في الخارج الآن.”
بدت هالي وكأنها استعادت هدوءها تمامًا، ولوّحت بمروحتها برشاقة وهي تبتسم ابتسامةً مشرقة.
“سأعرّفه عليكم لاحقًا عندما يحين وقت التحية للجميع.”
ثم مالت برأسها قليلاً بحيث لا تستطيع سوى إيرينا رؤيتها، وأغمضت عينًا بخفة من خلف المروحة، وكانت شفتيها ترتسمان عليها ابتسامةٌ مليئة بالمزاح.
ارتسمت ابتسامةٌ مماثلة على وجه إيرينا.
“حسناً.”
“هاها، يا للدهشة.”
عندما هدأ الحديث إلى حدٍ ما، عادت الكونتيسة فرانسيس إلى الغرفة.
يبدو أن الوقت الذي استغرقته لشرب الشاي كان أطول من المعتاد، مما أعطى انطباعًا بأنها تعمدت ذلك لتمنح لوغان وإيرينا فرصةً للحديث بعمق.
“ها قد عدتُ بعد شرب الشاي، وأرى أن لدينا زائرة.”
“آه، ربما تكونين التشايبرون……”
تغيّرت ملامح هالي تدريجيًا عندما التقت عيناها بعيني الكونتيسة فرانسيس.
اتسعت عيناها شيئًا فشيئًا، ومعهما فمها، ثم ألقت نظرةً خاطفة على الكونتيسة فرانسيس ونظرةً أخرى على إيرينا، لكن هذه المرة بنوعٍ من اللوم.
“لم تخبريني عن التشايبرون……؟”
“آه، لم يكن هناك وقتٌ لذلك.”
كان قد تم تأكيد الكونتيسة فرانسيس كتشايبرون منذ أيامٍ قليلة فقط قبل حفل تقديمها الأول في المجتمع.
لم يكن هناك وقتٌ كافٍ لإرسال رسالة، كما أن إرسال برقيةٍ كان يبدو مبالغة لهذا الأمر، لذا تم تجاهله ببساطة.
“مرحبًا، أنا بيلا فرانسيس.”
“……!”
يبدو أن هذا لم يكن أمرًا يمكن تجاهله.
“آه، مرحبًا، الكونتيسة فرانسيس. أنا هالي……هيلر، لا، أقصد هالي ويلر.”
بدأت حتى تتلعثم في نطق اسمها.
“لقد سمعتُ الكثير عنكِ يا سيدتي.”
ازداد احمرار وجه هالي أكثر من ذي قبل، لدرجة أنها لم تستطع حتى أن تنظر إلى الكونتيسة مباشرة.
“سمعتُ عن تبرعكِ بكل ثروتكِ لمساعدة المحتاجين والأطفال، خاصةً في منطقة بيرسي، لقد كانت قصةً مؤثرة حقًا، سيدتي……!”
إنها إحدى المعجبات. بل من الواضح أنها معجبةٌ متحمسة جدًا.
‘الآن وقد فكرتُ في الأمر، فهي دائمًا ما كانت مهتمةٌ بالتبرعات والأعمال الخيرية.’
أول لقاء بينهما كان في حفل تبرعات الفيكونت بيرسي، وحتى بعدها كانت المواضيع التي تجمعهما تتعلق بالأعمال الخيرية والمبادرات الإنسانية.
“لقد وعدني خطيبي بشيءٍ واحد! قال إنه إذا نجحت مشاريعه، فسيبني مدرسةً للأطفال الفقراء.”
“هذا أمرٌ رائع.”
“أليس كذلك؟ المدارس لا تُظهر نتائج فورية، لذلك من الصعب الحصول على دعمٍ أو تبرعاتٍ لها. لهذا السبب أريد بناء مدرسة.”
“…ء…”
“إذا اخترتُ هذا الطريق الصعب، ربما يتبعني الآخرون، أليس كذلك؟”
صحيح، هكذا كانت هالي دائمًا.
كانت تشتعل شغفًا لفكرة مساعدة الآخرين، وفي قمة ذلك الإعجاب كانت الكونتيسة فرانسيس.
“أريد أن أعيش حياةً رائعة كهذه أيضًا، حياة أكون فيها ذات فائدةٍ للآخرين.”
ظهرت ابتسامةٌ لطيفة على شفتي الكونتيسة فرانسيس المتجعدتين وهي تستمع لحديث هالي الطويل.
“أنتِ شخصٌ لطيف حقًا. لكنني أعتقد أنكِ صغيرةٌ جدًا لتقرري طريقكِ الآن.”
“أنا؟”
رمشت هالي بعينيها عدةَ مرات قبل أن ترتسم ابتسامةٌ على شفتيها.
“سأتزوج قريبًا، لقد جئتُ إلى هنا مع خطيبي.”
حاولت أن توصل رسالةً غير مباشرة بأنها ليست صغيرة كما تعتقد الكونتيسة، لكن الكونتيسة هزّت رأسها بنعومة.
“لم أكن أتحدث عن الزواج أو أمورٍ كهذه. معذرةً، لكن كم عمركِ يا آنسة؟”
“أشعر بالخجل من قول ذلك، لكنني في عمرٍ مليء بالمسؤوليات حتى أن لدي إخوةً أصغر مني……”
همست هالي وهي تدير عينيها. فأطلقت الكونتيسة فرانسيس ضحكةً صغيرة عند سماعها لعمرها.
“لقد عشت ثلاثةَ أضعاف عمر الآنسة تمامًا. وأعتقد أنني سأعيش أكثر من ذلك أيضًا.”
مررت الكونتيسة يدها بلطف على خد هالي.
“لكن، يا عزيزتي، كم من الوقت ستعيشين بعد ذلك؟ في هذه الأيام، أصبح الطب أفضل. بالتأكيد ستعيشين عمري وربما أكثر.”
كان صوتها الناعم يدفع المستمع للتركيز دون وعي.
“لذا، لا تتعجلي في تحديد مساركِ. شاهدي وتعلمي الكثير، ثم اتخذي قراركِ. بهذه الطريقة لن تندمي أبدًا. و لقد فعلتُ الشيء نفسه.”
ابتسمت الكونتيسة وأغمضت عينيها بابتسامةٍ مرحة، ثم انتقل نظرها إلى الدوق وينفريد.
“مع أن ذلك لا ينطبق على الجميع.”
ثم أضافت بصوت منخفض.
“وليس عليكِ بالضرورة أن تضعي حياتي كهدفٍ لكِ. أنتِ ستعيشين حياةً أروع بكثير.”
“…..!”
فجأة، امتلأت عينا هالي بدموعِ التأثر.
“سيّدة……كلماتكِ التي قلتها……سأنقشها في قلبي، لا، بل في عظامي!”
“دوق، دوق……”
قامت إيرينا بلمس لوغان الذي يقف بجانبها برفق. نظرت إلى وجهه، فوجدت تعبيرًا جادًا للغاية.
انحنى لوغان بشكلٍ طبيعي ليقترب بأذنه منها، وعندما فعل ذلك، همست إيرينا وكأنها كانت تنتظر هذه اللحظة.
“ألا تعتقد أن الآنسة هالي قد وقعت في حب الكونتيسة فرانسيس؟”
تساءل لوغان عمّا كانت تقوله، ثم ابتسم بخفة.
“ربما.”
“أليس كذلك؟”
هزّت إيرينا رأسها بحزم وكأن تأييد لوغان أكّد صحة رأيها.
ظل لوغان ينظر إلى جانب وجه إيرينا وهي تراقب الكونتيسة وهالي.
“أوه، يبدو أننا استمتعنا بالحديث كثيرًا حتى حان وقت الدخول.”
لوّحت الكونتيسة فرانسيس بيدها.
“هل نذهب؟”
أخيرًا.
ابتلعت إيرينا أنفاسها برفق. ثم أومأت برأسها ونهضت، لكن عيناها اصطدمتا بشيءٍ إلى جانبها.
كانت يد لوغان.
رفعت إيرينا عينيها ونظرت إلى لوغان، فهزّ رأسه مرة أخرى. و كأنه يقول لها: “لماذا لا تمسكين بها؟”
“يجب أن نذهب الآن. يُقال أن جلالة الإمبراطورة قد دخلت أيضًا.”
حثّتهم الكونتيسة برفق.
في العادة، كان الوصول متأخرًا عن أفراد العائلة المالكة يعتبر أمرًا غير لائق، وفي بعض الأحيان قد يُعتبر تصرفًا غير مهذب.
لكن السبب في السماح لإيرينا بهذا كان بسيطًا. فاليوم كان يوم ظهورها الأول في المجتمع.
وكان الدوق وينفريد هو من قام بتحضير كل هذا.
‘لم يكن من السهل التحضير لهذا.’
عندما سمعت القصة لأول مرة، لم تستطيع تصور الأمر.
و كأنها قصةٌ من بلدٍ بعيد، و لم تستطع أن تصدق أنه شيءٌ حقيقي سيحدث لها.
كلما عرفت أكثر عن حياة النبلاء، بدأت تقترب أكثر من تصور كم كان الدوق وينفريد قد تعب ليجعل هذا اليوم هديةً لها.
‘ما زلت لا أستطيع تصوره بشكل كامل، رغم ضخامته.’
ابتسمت إيرينا في سرها، ثم مدت يدها ووضعتهما فوق يد لوغان.
كانت يده الكبيرة تمسك يدها بشدة.
“لنذهب.”
بينما كانت إيرينا تخرج من الغرفة برفقة الدوق وينفريد، سارت عبر الممر القصير.
تبعتهم الكونتيسة فرانسيس، التي كانت ترافق هالي.
كلما اقتربوا من المدخل المعقود في نهاية الممر، ازدادت الأصوات من حولهم. و كان من الصعب تقدير عدد الأشخاص، حيث كانت الأصوات المتنوعة تملأ المكان.
فجأة، تذكرت ايرينا يوم حضورها لحفل تبرعات البارون بيرسي. حينها كانت تشعر بالتوتر والخوف من الظهور أمام الناس، لدرجة أنها أسقطت قبعتها وارتجفت.
“هل تشعرين بالتوتر؟”
همس لوغان بجانبها بصوتٍ منخفض. بدا أنه استذكر نفس الذكرى أيضًا.
“لا.”
ابتسمت إيرينا ابتسامةً صغيرة.
“لستُ خائفة، ولا أشعر بالتوتر.”
لم يعد الظهور أمام الناس أمرًا مخيفًا أو مرعبًا بالنسبة لإيرينا.
لكن أكثر ما كانت تخشاه الآن هو……
‘هل سنظل نُمسك بأيدينا بعد مرور هذه الليلة؟’
“…….”
في الحقيقة، كانت لا تزال تشعر برغبةٍ في الهروب. كانت تريد أن تغلق عينيها وتغرق في هذه الهدوء كما لو لم يحدث أي شيء.
لكنها كانت تعلم أنها لا تستطيع فعل ذلك. بل لم يكن يجب عليها أن تفعل ذلك.
أغمضت إيرينا عينيها ببطء ثم فتحتها مرة أخرى. ورسمت شفتيها منحنىً هادئًا.
“دوق، لنذهب.”
مهما كانت النتيجة، دعنا نذهب لنرى النهاية.
معاً.
__________________________________
ياخوفي من ذا النهاية
هالي تجنن لها كم شخصيه 😭🤏🏻
لوغان هنا رجع لوغان الطبيعي حركاته مع ايرينا نفسها بس بليز لاتفك يدها😔
Dana